|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إيماننا الحي - إعادة فحص، المعنى الأول،معنى المخافة وتخصيصها ليهوه كنتيجة للإيمان الجزء الثالث عشر
إيماننا الحي - إعادة فحص مفهوم الإيمان الصحيح وكيف نعيشه المعنى الأول للإيمان في الكتاب المقدس + الثقة - בָטָח - Πιστεύω +
تابع 2 – الثقة والإيمان بالله: [bâṭach – בּטַח]
(معنى الكلمة - المخافة - وتخصيصها ليهوه كنتيجة للإيمان) في الحقيقة لو عدنا للآية التي ذكرناها في الأمثال (بدء الحكمة مخافة الرب יִרְאַ֣ת יְהוָ֑ה ومعرفة القدوس فهم) نجد أن المخافة هنا تلازمها وترتبط بها كلمة יְהוָ֑ה (يهوه) فتُرجمت مخافة الرب، أي المخافة المختصة بيهوه ولا يشترك معه فيها أحد إطلاقاً، وهذا يعني أنها ليست بالمخافة العادية، بل مخافة مُحدده تخص الرب الإله وحده، لذلك دائماً ما ترتبط بالحكمة والفطنة والعدل واستقامة الحياة والابتعاد عن الشرّ، لذلك الذي ليس عنده مخافة الرب الإله في قلبه، فأنه يعبث ويحيا في الشرّ بإهمال وسهولة تامة ، وهذا يدل على عدم الإيمان والثقة في شخصه العظيم القدوس، لأن المخافة تولِّد الإيمان الحي وتحفظ الحياة مستقيمة في البرّ، أي برّ الإيمان، لأن التقوى تُلازم الإيمان الحقيقي ولا تنفصل عنه قط: + ورأى إسرائيل الفعل العظيم الذي صنعه الرب بالمصريين، فخاف الشعب الرب (وقره وهابه = التقوى) (والنتيجة) وآمنوا بالرب وبعبده موسى. (خروج 14: 31)عموماً معنى الكلمة العبري بالنسبة لاختصاصها بيهوه יראת = fear of God, respect, reverence, piety، وهي تعني [الاحترام، التقديس، التقوى، الورعٍ، المهابة]، وأيضاً تحمل معنى مهم وهو awesome الذي يعني بالنسبة للتقوى: شيء مدهش مهيب أو رائع أو بديع، وللكلمة الإنجليزية الأخيرة معاني أخرى لكنها لا تختص بموضوع التقوى هنا، لأنه ينبغي علينا – كما سبق وشرحنا – أن ننظر للقرينة داخل النص نفسه قبل أن نضع أي ترجمة للكلمات لكي نفهم القصد الإلهي بكل دقة وتدقيق، لأن المعنى هنا يختلف عن معنى الخوف الذي وقع على موسى عندما تكلم الله معه من خلال العُليقة: (خروج 3: 6) فالخوف هنا – في حالة موسى النبي – مرتبط بالموت وهو حالة مؤقتة غير مستمرة، أي الخوف من الموت عند رؤية عظيمة فائقة لا يحتملها الإنسان حسب طبيعة ضعفه، والتي متى انتهت يُرفع هذا الخوف المؤقت، مع ملاحظة أنه بالرغم من انه خوف من الموت لكنه يحمل أيضاً (في نفس ذات الوقت) نوع من أنواع المهابة الشديدة والورع، لأن ظهور الرب نفسه يحمل مهابة خاصة مرتبطة بمجده وبره الخاص وقداسة ذاته المُشعة التي تنعكس على الرائي، لأنه في مواجهة شخصية مع ما هو أعظم بما لا يُقاس من كل مجد عرفه الإنسان أو رآه في الخليقة كلها، لذلك في موقف موسى أمام العليقة مكتوب: لذلك لا يستطيع أحد أن لا يرتعد ويهاب الموقف نفسه ويهابه جداً مهما ما كان نوع قلبه سواء كان باراً تقياً أم شريراً أو حتى كان ملاكاً أو حتى إنسان مملوء من كل قسوة، لأن كل واحد في تلك الحالة حسب حالته سيقع عليه مخافة الله، يا اما للمسرة مع مهابة قوية شديدة واحترام فائق الذي يصل للسجود والانطراح على الوجه من شدة عظمة مجد البهاء الإلهي الفائق، أو للدينونة مع خوف مرعب، مع أن ظهور الله واحد للجميع أي أنه لن يظهر بمظهر مختلف، مثلاً بظهور علامات غضب أو علامات هدوء مثل الإنسان، بل الظهور دائماً ما يكون حسب طبيعته الصالحة المُنيرة الفائقة للغايةَ، لكن المشكلة ليست عند الله على وجه الإطلاق بل في الرائي نفسه من جهة هل انه مؤمن بار وقلبه مملوء من كل تقوى، أم أنه غير مؤمن وقلبه شرير ويحيا في حالة قُبح الخطية المشوه للنفس ومُدمر كل صلاح إلهي فيها فيُصيبها بالتحجر وقساوة القلب، مع أن عند رؤية الله – عموماً – والإنسان لا زال في الجسد اللحمي هذا، فأنه سيسقط (طبيعياً) على وجهه منطرحاً أمامه (مهما ما كان باراً وتقي جداً) لأن من هوَّ الذي يحتمل هذا المجد الفائق للطبيعة والذي يشع بالقداسة الفائقة للغاية والتي لا يقدر أن يستوعبها أحدٌ قط من كل الخليقة سواء ملائكة أو بشر.+ فَلَمَّا رَأَى الرَّبُّ أَنَّهُ مَالَ لِيَنْظُرَ، نَادَاهُ اللهُ مِنْ وَسَطِ الْعُلَّيْقَةِ وَقَالَ: «مُوسَى، مُوسَى». فَقَالَ: «هَئَنَذَا». فَقَالَ: «لاَ تَقْتَرِبْ إِلَى هَهُنَا. اخْلَعْ حِذَاءَكَ مِنْ رِجْلَيْكَ لأَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ أَرْضٌ مُقَدَّسَةٌ»، ثُمَّ قَالَ: «أَنَا إِلَهُ أَبِيكَ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ». فَغَطَّى مُوسَى وَجْهَهُ لأَنَّهُ خَافَ יָרֵ֔א أَنْ يَنْظُرَ إِلَى اللهِ. (خروج 3: 4 – 5) + رَأَيْتُ السَّيِّدَ جَالِساً عَلَى كُرْسِيٍّ عَالٍ وَمُرْتَفِعٍ وَأَذْيَالُهُ تَمْلَأُ الْهَيْكَلَ. السَّرَافِيمُ وَاقِفُونَ فَوْقَهُ، لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةُ أَجْنِحَةٍ، بِاثْنَيْنِ يُغَطِّي وَجْهَهُ وَبِاثْنَيْنِ يُغَطِّي رِجْلَيْهِ وَبَاثْنَيْنِ يَطِيرُ. وَهَذَا نَادَى ذَاكَ: «قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، رَبُّ الْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ». فَاهْتَزَّتْ أَسَاسَاتُ الْعَتَبِ مِنْ صَوْتِ الصَّارِخِ وَامْتَلَأَ الْبَيْتُ دُخَاناً. فَقُلْتُ: «وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ لأَنِّي إِنْسَانٌ نَجِسُ الشَّفَتَيْنِ وَأَنَا سَاكِنٌ بَيْنَ شَعْبٍ نَجِسِ الشَّفَتَيْنِ لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ رَأَتَا الْمَلِكَ رَبَّ الْجُنُودِ». فَطَارَ إِلَيَّ وَاحِدٌ مِنَ السَّرَافِيمِ وَبِيَدِهِ جَمْرَةٌ قَدْ أَخَذَهَا بِمِلْقَطٍ مِنْ عَلَى الْمَذْبَحِ. وَمَسَّ بِهَا فَمِي وَقَالَ: «إِنَّ هَذِهِ قَدْ مَسَّتْ شَفَتَيْكَ فَانْتُزِعَ إِثْمُكَ وَكُفِّرَ عَنْ خَطِيَّتِكَ». (أشعياء 6: 1 – 7)ومن خلال الشرح البسيط السابق وكلامنا عن الإيمان أصبح الآن وفي منتهى السهولة من خلال الآيات الأخيرة السابقة، نستطيع أن نربط – بوضوح دون أدنى لَبس – بين الإيمان والتقوى، وبين التقوى والمجد والتسبيح وإكرام الله في القلب واحترامه وتبجيله، والشهادة له باستقامة المسيرة في الطريق الروحي، لأن الإيمان والتقوى مترابطان بشكل وثيق للغاية – كما تم توضيحه سابقاً – وصعب وجود أحدهما بدون الآخر، فيستحيل يوجد إيمان حقيقي صادق حي بلا تقوى، ولا تقوى حقيقية بلا إيمان حي عامل بالمحبة التي تظهر في حفظ الوصية التي تحمل في باطنها قوتها، لأنه كيف لشخص آمن بالله وحُسب إيمانه براً وهو بلا تقوى، أو إنسان تقي يهاب الله ويحترمه للغاية وهو غير مؤمن به من الأساس، أو شخص يحيا بالإيمان والتقوى ويعبث ويلهو في حياة الخطية عن قصد وتدبير بكل عناد قلب وإصرار أن يُتممها (وبالطبع هذا يختلف عن واحد ساقط عن ضعف لا يقوى ان يغلب الخطية لأنه لم ينال نعمة من الله بعد ونال لمسة الشفاء)، وعلينا أن نقف وقفة لنعود ونذكر الآية التي ذكرناها سابقاً لأنها في منتهى الأهمية القصوى وهي كالآتي: + رأس الحكمة مخافة الله، أنها تولدت في الرحم مع المؤمنين، وجعلت عشها بين الناس مدى الدهر، وستسلم نفسها إلى ذريتهم. (سيراخ 1: 16)فالإنسان الذي يؤمن بالمسيح الرب ففوراً وبتلقائية شديدة تتولد التقوى في أعماقه فور إيمانه بكونه رأي المجد البهي الذي لله الحي، فصارت التقوى تُعشش في داخله، أي تسكن وتتأصل في أعماقه، وتبدأ كبذرة تُزرع في قلبه وتنبت وتثمر أن اعتنى بها ونماها بانتباهه لعمل الله وحرصة على العمل بوصاياه واستمر ثابتاً ساهراً مُصلياً في مخدعه حريصاً أن يقرأ كلمة الحياة بانتباه وتدقيق ليحيا بها، لأن الصلاة ترفع القلب لله القدوس الحي، وحينما يُشرق الله بنور القداسة – حسب طبيعته – ويفتح عين الإنسان الداخلية على بهاء مجده الخاص فيزداد مهابة وتوقير للإله القدوس، وبالتالي تدخل الكلمة الإلهية أعماق قلبه وتخترق نفسه، فتطهره وتجعل قلبه أكثر نقاوة ليزداد اقتراباً من عرش مجد الله الحي، ويدخل في الشركة الإلهية مع جميع القديسين في النور، وبذلك يصير الإيمان هنا حياً فعالاً، يأصل الإنسان في الله ويثبته في الحق والبرّ ويزيده محبة، فيستطيع ان يُسبح الله ويمجده ويشكره فعلياً طول أيام حياته فينطبق عليه القول: ولكنه ثبت في خوف الله شاكراً له طول أيام حياته. + اما انا فبكثرة رحمتك ادخل بيتك اسجد في هيكل قدسك بخوفك = (أَمَّا أَنَا فَبِفَضْلِ رَحْمَتِكَ الْعَظِيمَةِ أَدْخُلُ بَيْتَكَ أَسْجُدُ فِي خُشُوعٍ وَرِعْدَةٍ فِي هَيْكَلِكَ الْمُقَدَّسِ). (مزمور 5: 7)ولذلك نجد أن الكنيسة استلمت – بإحساس مرهف مقدس بإلهام الروح القدس – هذا السرّ العظيم الذي للتقوى، ووضعت نداءات خاصه (بالتقوى) مستمرة في داخل الطقس الكنسي يُنادي بها الشماس أعضاء جسد المسيح قائلاً: + قفوا بخوفٍ من الله (تقوى = مهابة وورع) لسماع الإنجيل المقدس أو قفوا بخوف الله وأنصتوا (بحكمة) لسماع الإنجيل المقدس، فصل من بشارة معلمنا.. الخ - [رفع بخور عشية وباكر وقداس الكلمة (الموعوظين)]وبعد قراءة الإنجيل في عشية أو باكر يقول المرتلون المرد التالي: + فلنسجد (سجود التقوى وهو يأتي عادة بعد سماع الإنجيل بتقوى) لمخلصنا محب البشر الصالح لأنه تراءف علينا وأتى وخلصنا، مبارك الآب والابن والروح القدس الثالوث الكامل نسجد له ونُمجده.وفي التقديس على الخبز والخمر يقول الشماس: + اسجدوا لله بخوف ورعدة؛ ورد الشعب: نسبحك، نباركك، نخدمك، نسجدُ لك - القداس الباسيليولنلاحظ دائماً أن سجود التقوى يصحبه دائماً التسبيح والبركة والخدمة، فكل هذه العمال تصاحب التقوى الذي منبعها الإيمان الصادق. وفي القداس الأغريغوري يقول الشماس في صلاة الصلح: قبلوا بعضكم بعضاً بقبلة مقدسة. يا رب ارحم، يا رب ارحم، يا رب ارحم، نعم يا رب الذي هو يسوع المسيح ابن الله اسمعنا وارحمنا. تقدموا على هذا الرسم. قفوا برعدة وإلى الشرق انظروا. لنقف حسناً. لنقف بتقوى. لنقف باتصال. لنقف بسلام. لنقف بخوف الله ورعدة وخشوع.عموماً نجد أن التقوى لا تتوقف عند الشخص الحي بالإيمان وتسكن فيه فقط، بل تمتد لمن حوله وبخاصة الأشخاص المسئول عنهم سواء كانوا أولاده أو من يخدمهم (وستسلم نفسها إلى ذريتهم)، وهذا نجد ملامحه في الكتاب المقدس من جهة التسليم، مثل شعب إسرائيل كان ينبغي ان يسلموا أولادهم معرفة الله الحقيقية ويسردوا عليهم الأحداث الخلاصية التي صنعها معهم بمجدٍ عظيم، وأيضاً نجد هذا الأمر واضح في العهد الجديد: + إِذْ أتَذَكَّرُ الإِيمَانَ الْعَدِيمَ الرِّيَاءِ الَّذِي فِيكَ، الَّذِي سَكَنَ اوَّلاً فِي جَدَّتِكَ لَوْئِيسَ وَأُمِّكَ افْنِيكِي، وَلَكِنِّي مُوقِنٌ انَّهُ فِيكَ ايْضاً. (2تيموثاوس 1: 5) |
|