القديس توما شمس قائلاً: أن القدرة الإلهي هي هكذا عظيمةٌ، حتى أنها مهما تهب مانحةً، فدائماً توجد مقتدرةً على أن تعطى من جديد، ومهما كانت القوة الطبيعية في الخليقة نظراً الى الأقتبال محدودةً، بنوع أنه يمكن أستيعابها وأملاؤها بالتمام، فمع ذلك أن هذه القوة الطبيعية للأقتبال الخاضعة للإرادة الإلهية هي غير محدودةٍ، فالباري تعالى هو دائماً قادرٌ على أن يملأها بالأكثر اذ يصيرها أن تقبل من جديد نعمةً جديدةً بعدما يكون قبلاً أملأها، ولهذا (اذ نرجع الى موضوعنا) يقول هذا المعلم الملائكي: أن البتول الطوباوية ولئن لم تكن ممتلئةً نعمةً نظراً الى النعمة ذاتها، فمع ذلك يقال عنها ممتلئةً نعمةً نظراً الى ذات مريم، لأنها حصلت على نعمةٍ عظيمةٍ غير محدودةٍ مصاقبةٍ وملائمةٍ ومجاوبةٍ وكافيةٍ لرتبتها ومقامها ودعوتها الغير المحدودة، بنوع أن هذه النعمة العظيمة قد صيرتها أهلاً لأن تكون أماً لله.