رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صراع على الأسفلت.. بعد حظرالمقطورات
الشروق معركة ساخنة تنتظر الحكومة خلال الشهور القادمة، مع اقتراب أغسطس 2015، حيث تنتهى المهلة المحددة لسير المقطورات، حسب تعديلات قانون المرور، التى اعتمدها رئيس الجمهورية مؤخرا، وتنص على حظر سير المقطورات، وإلزام أصحابها بتحويلها إلى أنصاف مقطورات أو تريلات. المعركة مؤجلة منذ عام 2008، حينما أصدر الرئيس الأسبق قرارا جمهوريا بحظر سير المقطورات فى جميع أنحاء مصر، وتعديلها منعا للحوادث المتكررة، وستتجدد خلال العام الماضى، لرفض أصحاب المقطورات القانون، لأسباب كثيرة أهمها أن تحويل هذه المقطورات إلى نصف مقطورات أو تريلات مكلف. وسخونة المعركة سيكون سببها أن أصحاب المقطورات يشكلون إمبراطورية، ولهم تأثير كبير على قطاع نقل البضائع، خاصة النقل الثقيل، وقد كانت لهم 3 تجارب للإضراب، حققوا فيها انتصارات نسبية. وبدأ السائقون معركتهم هذه المرة باللجوء إلى القضاء، لمقاضاة الدولة، والمطالبة بإلغاء قرار الحظر، أو الحصول على تعويضات من الدولة عن الخسائر، التى سيسببها فصل المقطورات. بينما قرروا فى الوقت نفسه تأجيل الإضرابات لحين انتخاب مجلس الشعب. «الشروق» توجهت إلى قرية «أبيج» التابعة لمركز كفر الزيات فى محافظة الغربية، والمعروفة بإمبراطورية المقطورات، وعاصمة التريلات، التى يصفها البعض بمركز قيادة إضرابات المقطورة، وتحدثت إلى أصحاب المقطورات حول تعديلات قانون المرور.. وكيف سيواجهونها. كما تحدثت إلى رئيس هيئة الطرق والكبارى، سعد الجيوشى، الذى أكد أن الحكومة بصدد إعداد تشريعات صارمة لتجريم الحمولة الزائدة فى المقطورات، وأن عقوباتها قد تصل إلى الحبس. لم يكن حلمه أبدا شراء أرض زراعية.. تجاهل الحقول التى تملأ قريته، واختار ركوب المقطورة أو كما يسميها أهل بلدته بـ «العروسة»، فقد بدأ عشقه للمقطورة منذ صغره، حيث عمل «تباع». قضى أكثر من عام سعيا فى سبيل الحصول على رخصة الدرجة الأولى للقيادة، ليصبح سائقا باعتراف أوراق الحكومة، وبعد 3 سنوات من عمله كسائق نجح خالد عبد العال ــ 34 عاما ــ فى امتلاك مقطورة بعدما دفع «تحويشة العمر»، وأصبح يسدد أقساط سيارته كل شهر. قصة كفاح خالد لا تختلف كثيرا عن قصص أبناء كفر الزيات فى قريته أبيج. كل شبر فى مركز كفر الزيات لا يخلو من مقطورة أو تريلة. وتصطف المقطورات بجوار بعضها فى قرية أبيج أشهر القرى المعروفة فى مجال النقل. انطلقت شراراة الإضراب الأول للمقطورات عام 2008، فى قرية أبيج، عبر ثلاث عائلات هى الأشهر فى القرية، وهى عائلات فياض وحداد وفايد. أحد سائقي المقطورات يشرح لـ«الشروق» أبعاد قرار الحظر «الشروق» التقت السائقين لاستطلاع آرائهم فى تعديلات قانون المرور وردود أفعالهم تجاهه، وقال إبراهيم فياض، 55 عاما، صاحب مقطورات، إن أهالى القرية بدأوا فى مجال المقطورات بسبب مصنع الطوب الموجود هنا، فاشتروا المقطورات وحملوا الطوب إلى أنحاء الجمهورية، مشيرا إلى أن المقطورات تنتشر فى كفر الزيات كان سببه وجود أكبر ثلاثة مصانع بالغربية قبل تدميرها بالخصخصة، لذلك أصبحت كفر الزيات وفى القلب منها أبيج عاصمة النقل الثقيل فى مصر، ونتحكم فى نقل كافة السلع التموينية، لذلك أى إضراب لنا ينتج عنه ارتفاع أسعار السلع. ووصف فياض قانون تنظيم المرور، الذى حظر سير المقطورات بأنه «قانون أحمد عز»، وكان يهدف لتسليم المقطورات واستفادة عز من الحديد، و تم تأجيل القرار بعد إضراب 2008. وأكمل فياض: كل سكان قرية أبيج يعملون فى مجال النقل الثقيل سواء سائقين أو أصحاب سيارات، متسائلا: ما مصير هولاء وهل مَن وضع القانون ومنع سير المقطورات لديه بديل أو ووضع بند لتعويضنا؟!. وأمام مقطورته يقف يحيى فياض: الدولة تضع القوانين ولا تفهم أبعادها، والإعلام يخدع الشارع ويخبرهم أن المقطورات هى سبب الحوادث، لكن الحقيقة عكس ذلك فالقانون يمنع المقطورة ولم يمنع التريلة من السير، بالرغم أن الأخيرة أخطر وجميع سائقى النقل لا يفضلون قيادتها. وانحنى يحيى أسفل مقطورته ليشرح عوامل الأمان فيها، مؤكدا أن هناك «بنز» أو الرابط بين العربيتين، من المستحيل أن يتمزق، وحتى لو أصيب، فهناك خراطيم الهوا، بمجرد انفصال العربة الثانية تفرمل العجلات وتتوقف عن السير. وأضاف أن قيادة المقطورة أسهل من التريلة وحوادث الأخيرة أكثر، لأن البنز الذى يربط بين العربة وكابينة القيادة ضعيف ورفيع للغاية، وأيضا وزن العربة أكبر من كابينة القيادة، لذلك تلتف العربة بجوار الكابينة «تسبع» ــ أى تسير فى شكل 7 ما يعرضها للحوادث، والمشكلة أن إدارة المرور لا تسجل حوادث التريللات باسم التريلات، لكن تسجلها حادثة مقطورة. أحد السائقين يتمم على مقطورته قبل «مشوار العمل» يجلس محمود سالم صاحب ورشة صيانة مقطورات، 40 عاما، وسط العمال والسائقين يناقشون دعوات الإضراب، وما بين شد وجذب انحازت الأغلبية إلى تأجيل فكرة الإضراب والانتظار إلى عام 2015 وتحديدا وقت سحب المقطورات وعدم التجديد لتراخيصها. ويقول سالم إن قرار الحظر صدر دون دراسة، فالتريلات أكثر عرضة للحوادث على عكس المقطورات، وكل أصحاب المقطورات مديونين ويدفعون أقساط سياراتهم، بالإضافة إلى ارتفاع سعر الوقود لتصل «التفويلة» الواحدة إلى 1000 جنيه، وارتفاع سعر الزيت إلى 450 جنيها، وأيضا أسعار قطع الغيار. وأكمل سالم: لو تم تنفيذ القرار ستضر آلاف الأسر التى تعتمد على المقطورات كمصدر رزق لها، وسنترك المهنة لأن أغلب السائقين يرفضون قيادة التريلات، وهناك أسر باعت أراضيها ومنازلها لشراء مقطورات فهل سيتم تعويضها؟. «كلنا قلقون على مستقبل أكل عيشنا منذ 2008».. قالها وحيد توفيق، محام وصاحب مقطورة، وهو يصف حالة الخوف فى قرية أبيج منذ قرار الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك بحظر المقطورات. وانتقد وحيد القرار قائلا: السبب الرئيسى فى حوادث المقطورات والتريلات هى الحمولة الزائدة فالقانون لا يفرض عقوبات صارمة على الحمولة الزائدة ويكتفى بغرامة 23 جنيها على الطن وأقصى حمولة هى 38 طنا لكن هناك سيارات تنقل 100 طن، لذلك يصعب على السائق التحكم فى المقطورة عند أى حادث، موضحا أنه يجب على الدولة إصلاح منظومة الطرق وعدم تحميل المقطورات مسئولية حوادث الطرق . وأضاف وحيد أن السائقين لو قرروا الإضراب ستعانى البلاد من شلل ونقص فى السلع التموينية، لأننا ننقل أكثر من 800 مليون طن سنويا، وقرار تحويل المقطورات إلى أنصاف مقطورات أو تريلات غير منطقى وسنرفضه لأننا سنتحمل عبء القروض وديونا إضافية بجانب صعوبة تحويل المقطورة إلى تريلة، وخسارة السائقين لأن سعة التريلة أقل من المقطورة. ورفض محمد عبد الرازق، سائق مقطورة، ما يشاع عن أن سائقى المقطورات يتعاطون مخدرات، قائلا إن لجان المرور والكشف الطبي، تجبر أى سائق على عدم تعاطى المخدرات، ومن يفعلون ذلك أقلية. وطالب الرئيس عبد الفتاح السيسى بتشكيل لجنة فنية من السائقين والخبراء لدراسة تلك الأزمة، مع عدم إلقاء الاتهامات ظلما ضد المقطورات، مؤكدا أن اللجنة الفنية ستنتهى برفض قرار حظر سير المقطورات لأن أى خبير نقل يعلم جيدا أن المقطورات ليست سبب الحوادث، ولكن الحمولة الزائدة وفشل منظومة الطرق. 3 إضرابات لأصحاب المقطورات فى عهد مبارك والمجلس العسكرى تنتهى بمقابلة وزير النقل و«التسويف» إضراب سابق لعمال المقطورات في 2008 لم يكن سائقو المقطورات يتوقعون قرار الرئيس الأسبق، محمد حسنى مبارك، ووزير النقل محمد منصور، فى 2008، بإنهاء السماح بتسيير المقطورات، واضطر جمال عون، شيخ السائقين، وزملاؤه إلى تشكيل لجنة إضراب طافت المحافظات، والتقت أصحاب المقطورات والسائقين، وقرروا الإضراب، الذى استمر أكثر من أسبوعين. دفع الإضراب مبارك إلى عقد اجتماع طارئ بمقر رئاسة الجمهورية، مع وزرائه آنذاك، حبيب العادلى وزير الداخلية، ود.مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية، ويوسف بطرس غالى، وزير المالية، ومحمد منصور، وزير النقل، ورشيد محمد رشيد، وزير التجارة الصناعة، وزكريا عزمى، رئيس ديوان رئيس الجمهورية، وحمدى الطحان، رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشعب الأسبق؛ لينتهى الاجتماع حينها بتأجيل الحظر، لمدة عامين لتحويل المقطورات إلى جرارات تريللات، ويستمر العمل بالمقطورة حتى موعد تعديلها فى المصنع. وكلف مبارك وزير الصناعة بتحديد كيفية إتمام عملية تحويل المقطورة إلى تريللا من خلال لجنة فنية، وبعد ذلك يتم وضع جدول زمنى للتحويل، ولم تعدل الحكومة وقتها قانون تنظيم المرور، لكن قوة الإضراب أجبرتها على تأجيل التنفيذ إلى 2010. وتسبب قرار الحظر فى صراع بين أعضاء الحزب الوطنى المنحل داخل مجلس الشعب، فتصدى نائب كفر الزيات معقل المقطورات، أمين راضى، عضو مجلس الشعب عن الحزب للقانون، وشن هجوما حادا على الحكومة فى جلسة البرلمان، التى ناقشت أزمة إضراب المقطورات. استفاد سائقو وأصحاب المقطورات من إضراب 2008 فى تكوين شبكة علاقات واسعة مع كافة السائقين، ثم نفذوا إضراب 2010 احتجاجا على لائحة الضرائب الجديدة على المقطورات آنذاك وعدم السماح بتجديد التراخيص. وسقط نظام مبارك وتوقع سائقو المقطورات سقوط القانون معه، لكنهم فوجئوا بأن حكومة الدكتور هشام قنديل ترفض إلغاء النص، الذى يحظر سير المقطورات فى قانون 2008، وبدأ الإضراب الثالث، الذى أسفر عنه زيادة أسعار الأسمنت 50 جنيها، وكالعادة تم تأجيل تنفيذ قرار سحب المقطورات. ومؤخرا، أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى قرارا بقانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 121 لسنة 2008، بحيث «يحظر تسيير المقطورات بعد أول أغسطس ٢٠١٥ وسحب تراخيص هذه المقطورات بصورة تدريجية، وفقا لأقدمية تاريخ إنتاج المقطورة، وللمعايير التى يصدر بها قرار من وزير الداخلية بالاتفاق مع وزير النقل». وجاء التأجيل بعد طلب وزارة المالية مد مهلة حظر تسيير المقطورات، لعدم تناسب المهلة الحالية مع تفعيل صندوق تمويل بعض مركبات النقل السريع، فضلا عما قررته اللجان الفنية بوزارة الصناعة بأن تنفيذ مشروع لتعديل المقطورات إلى أنصاف مقطورات بنجاح يتطلب فترة زمنية قد تصل إلى خمس سنوات. وكشف عون عن اتجاه لتحديد أسماء معينة لدعمها فى انتخابات مجلس الشعب، كما كان يحدث مع النائب الراحل حسين شورة، عضو مجلس الشعب السابق، عن حزب الحرية والعدالة، وأمين راضى، عضو مجلس الشعب الأسبق عن الحزب الوطنى. |
|