رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لأَنَّهُ يَقُولُ لِلثَّلْجِ: اسْقُطْ عَلَى الأَرْضِ. كَذَا لِوَابِلِ الْمَطَر،ِ وَابِلِ أَمْطَارِ عِزِّهِ [6]. يتحدث أليهو عن العواصف الثلجية، حيث يسقط الثلج الثقيل - وليس البَرَدْ - فبسبب شدة برودة الجو يتحول المطر إلى ثلج، ويسقط ويستقر على الأرض، فيجعل منها بساطًا ناصع البياض، يعكس النور بطريقة مبدعة. يشير هذا الثلج إلى حكمة الله التي يهبها على كنيسته ويتمتع بها المؤمنون، فيحملون برّ المسيح الطاهر، ويعكسون بهاءه. بأمره يسقط المطر الخفيف، كما الأمطار الثقيلة، فكل الظواهر لا تتحرك إلا بأمره، إذ هي تحت سلطانه. * إذ يقول المرتل: "تغسلني فأبيض أكثر من الثلج" (مز 51: 7). ماذا نفهم بالثلج إلا قلوب القديسين التي صارت بيضاء بنور البرّ...؟ الماء إذن هو عقول الكارزين التي تثبت في معانٍ عالية للأمور، عندما يرتفعون بالتأمل في السماويات... بالتأكيد كان بولس يمطر ماءً على الأرض عندما عرف الناموس بطريقة جسدانية. لكنه إذ ارتفع إلى المعرفة السماوية تحول إلى ثلج. لقد غيَّر معرفته السابقة الواهية إلى صلابة الحكمة الحقيقية، رجع ونزل غلى إخوته، إذ عاد ثلجًا إلى الأرض. فإنه حتى بعد بلوغه أعالي الفضيلة، كان يعرف كيف كان غير مستحقٍ، قائلًا: "أنا الذي كنت مجدفًا ومضطهدًا" (1 تي 1: 13). انظروا كيف وضع بعين الاعتبار أن يستدعي عقله ليتذكر ضعفه، لكي يحتمل ضعفات الآخرين. عاد بولس كما بكونه في السماء إلى الأرض التي أُخذ منها، هذا الذي بعد بلوغه إلى الأسرار العظيمة لتأملاته، يتذكر أنه كان خاطئًا حتى يفيد الخطاة بتواضعه.... "أمطار قوة الله عِزِّهِ"، هي الكرازة بناسوته، التي قال عنها بولس (1 كو 1: 25)، وأيضًا: "لأنه وإن كان قد ُصًلب في ضعفٍ، لكنه حيّ بقوة الله" (2 كو 13: 14). لكن القديسين كرزوا هكذا بضعف ناسوته لكي يسلكوا في قلوب السامعين بقوة اللاهوت أيضًا. ليتنا نسمع خلال رعد السحاب أمطار قوته: "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله" (يو 1: 1). لنسمع أمطار ضعفه: "والكلمة صار جسدًا وحلٌ بيننا" (يو 1: 14). البابا غريغوريوس (الكبير) لأننا قد تجددنا بالتجديد الذي نلناه في المعمودية، وتجددنا خلال سكب الروح القدس، وسنتجدد أيضًا بالقيامة، كما يقول في داود نصٍ آخر: "فيتجدد مثل النسر شبابك" (مز 103:5) فاعلموا طريقة تجديدنا: "تنضح عليَّ بزوفاك فأطهر، تغسلني فأبيض أكثر من الثلج" (مز 51:9) وفي إشعياء: "إن كانت خطاياكم حمراء كالقرمز، تبيض كالثلج" (إش 1:18) ومن يتغير من الظلمة، ظلمة الخطية، إلى نور الفضيلة وإلى النعمة، إنما قد تجدد فعلًا. لهذا فإن ذاك الذي تلطخ قبلًا بالدنس الأحمق، يشرق الآن بسطوع أكثر بياضًا من الثلج.القديس أمبروسيوس |
|