|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص تادرس يعقوب أخبار الأيام الأول 21 - تفسير سفر اخبار الأيام الاولإحصاء الشعب والوباء والمُحرَقات المقبولة وَوَقَفَ الشَّيْطَانُ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ وَأَغْوَى دَاوُدَ لِيُحْصِيَ إِسْرَائِيلَ. [1] فَقَالَ دَاوُدُ لِيُوآبَ وَلِرُؤَسَاءِ الشَّعْبِ: «اذْهَبُوا عُدُّوا إِسْرَائِيلَ مِنْ بِئْرَ سَبْعٍ إِلَى دَانَ، وَأْتُوا إِلَيَّ فَأَعْلَمَ عَدَدَهُمْ». [2] فَقَالَ يُوآبُ: «لِيَزِدِ الرَّبُّ عَلَى شَعْبِهِ أَمْثَالَهُمْ مِئَةَ ضِعْفٍ. أَلَيْسُوا جَمِيعًا يَا سَيِّدِي الْمَلِكَ عَبِيدًا لِسَيِّدِي؟ لِمَاذَا يَطْلُبُ هَذَا سَيِّدِي؟ لِمَاذَا يَكُونُ سَبَبَ إِثْمٍ لإِسْرَائِيلَ؟» [3] فَاشْتَدَّ كَلاَمُ الْمَلِكِ عَلَى يُوآبَ. فَخَرَجَ يُوآبُ وَطَافَ فِي كُلِّ إِسْرَائِيلَ ثُمَّ جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. [4] فَدَفَعَ يُوآبُ جُمْلَةَ عَدَدِ الشَّعْبِ إِلَى دَاوُدَ، فَكَانَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ مِلْيُونًا وَمِئَةَ أَلْفِ رَجُلٍ مُسْتَلِّي السَّيْفِ وَيَهُوذَا أَرْبَعَ مِئَةٍ وَسَبْعِينَ أَلْفَ رَجُلٍ مُسْتَلِّي السَّيْفِ، [5] وَأَمَّا لاَوِي وَبِنْيَامِينُ فَلَمْ يَعُدَّهُمْ مَعَهُمْ لأَنَّ كَلاَمَ الْمَلِكِ كَانَ مَكْرُوهًا لَدَى يُوآبَ. [6] وَقَبُحَ فِي عَيْنَيِ اللَّهِ هَذَا الأَمْرُ فَضَرَبَ إِسْرَائِيلَ. [7] فَقَالَ دَاوُدُ لِلَّهِ: «لَقَدْ أَخْطَأْتُ جِدًّا حَيْثُ عَمِلْتُ هَذَا الأَمْرَ. وَالآنَ أَزِلْ إِثْمَ عَبْدِكَ لأَنِّي سَفِهْتُ جِدًّا». [8] فَقالَ الرَّبُّ لِجَادَ رَائِي دَاوُدَ: [9] «اذْهَبْ وَقُلْ لِدَاوُدَ: هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: ثَلاَثَةً أَنَا عَارِضٌ عَلَيْكَ فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ وَاحِدًا مِنْهَا فَأَفْعَلَهُ بِكَ». [10] فَجَاءَ جَادُ إِلَى دَاوُدَ وَقَالَ لَهُ: «هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: اقْبَلْ لِنَفْسِكَ [11] إِمَّا ثَلاَثَ سِنِينَ جُوعٌ، أَوْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ هَلاَكٌ أَمَامَ مُضَايِقِيكَ وَسَيْفُ أَعْدَائِكَ يُدْرِكُكَ، أَوْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَكُونُ فِيهَا سَيْفُ الرَّبِّ وَوَبَأٌ فِي الأَرْضِ، وَمَلاَكُ الرَّبِّ يَعْثُو فِي كُلِّ تُخُومِ إِسْرَائِيلَ. فَانْظُرِ الآنَ مَاذَا أَرُدُّ جَوَابًا لِمُرْسِلِي». [12] فَقَالَ دَاوُدُ لِجَادٍ: «قَدْ ضَاقَ بِيَ الأَمْرُ جِدًّا. دَعْنِي أَسْقُطْ فِي يَدِ الرَّبِّ لأَنَّ مَرَاحِمَهُ كَثِيرَةٌ، وَلاَ أَسْقُطُ فِي يَدِ إِنْسَانٍ». [13] فَجَعَلَ الرَّبُّ وَبَأً فِي إِسْرَائِيلَ، فَسَقَطَ مِنْ إِسْرَائِيلَ سَبْعُونَ أَلْفَ رَجُلٍ. [14] وَأَرْسَلَ اللَّهُ مَلاَكًا عَلَى أُورُشَلِيمَ لإِهْلاَكِهَا، وَفِيمَا هُوَ يُهْلِكُ رَأَى الرَّبُّ فَنَدِمَ عَلَى الشَّرِّ، وَقَالَ لِلْمَلاَكِ الْمُهْلِكِ: «كَفَى الآنَ، رُدَّ يَدَكَ!» وَكَانَ مَلاَكُ الرَّبِّ وَاقِفًا عِنْدَ بَيْدَرِ أُرْنَانَ الْيَبُوسِيِّ. [15] وَرَفَعَ دَاوُدُ عَيْنَيْهِ فَرَأَى مَلاَكَ الرَّبِّ وَاقِفًا بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَسَيْفُهُ مَسْلُولٌ بِيَدِهِ وَمَمْدُودٌ عَلَى أُورُشَلِيمَ. فَسَقَطَ دَاوُدُ وَالشُّيُوخُ عَلَى وُجُوهِهِمْ مُكْتَسِينَ بِالْمُسُوحِ. [16] وَقَالَ دَاوُدُ لِلَّهِ: «أَلَسْتُ أَنَا هُوَ الَّذِي أَمَرَ بِإِحْصَاءِ الشَّعْبِ؟ وَأَنَا هُوَ الَّذِي أَخْطَأَ وَأَسَاءَ، وَأَمَّا هَؤُلاَءِ الْخِرَافُ فَمَاذَا عَمِلُوا؟ فَأَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهِي لِتَكُنْ يَدُكَ عَلَيَّ وَعَلَى بَيْتِ أَبِي لاَ عَلَى شَعْبِكَ لِضَرْبِهِمْ». [17] فَكَلَّمَ مَلاَكُ الرَّبِّ جَادَ أَنْ يَقُولَ لِدَاوُدَ أَنْ يَصْعَدَ دَاوُدُ لِيُقِيمَ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ فِي بَيْدَرِ أُرْنَانَ الْيَبُوسِيِّ. [18] فَصَعِدَ دَاوُدُ حَسَبَ كَلاَمِ جَادَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ بِاسْمِ الرَّبِّ. [19] فَالْتَفَتَ أُرْنَانُ فَرَأَى الْمَلاَكَ. وَبَنُوهُ الأَرْبَعَةُ مَعَهُ اخْتَبَأُوا، وَكَانَ أُرْنَانُ يَدْرُسُ حِنْطَةً. [20] وَجَاءَ دَاوُدُ إِلَى أُرْنَانَ. وَتَطَلَّعَ أُرْنَانُ فَرَأَى دَاوُدَ وَخَرَجَ مِنَ الْبَيْدَرِ وَسَجَدَ لِدَاوُدَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ. [21] فَقَالَ دَاوُدُ لِأُرْنَانَ: «أَعْطِنِي مَكَانَ الْبَيْدَرِ فَأَبْنِيَ فِيهِ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ. بِفِضَّةٍ كَامِلَةٍ أَعْطِنِي إِيَّاهُ، فَتَكُفَّ الضَّرْبَةُ عَنِ الشَّعْبِ». [22] فَقَالَ أُرْنَانُ لِدَاوُدَ: «خُذْهُ لِنَفْسِكَ، وَلْيَفْعَلْ سَيِّدِي الْمَلِكُ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ. انْظُرْ. قَدْ أَعْطَيْتُ الْبَقَرَ لِلْمُحْرَقَةِ، وَالنَّوَارِجَ لِلْوَقُودِ، وَالْحِنْطَةَ لِلتَّقْدِمَةِ. الْجَمِيعَ أَعْطَيْتُ». [23] فَقَالَ الْمَلِكُ دَاوُدُ لِأُرْنَانَ: «لاَ! بَلْ شِرَاءً أَشْتَرِيهِ بِفِضَّةٍ كَامِلَةٍ، لأَنِّي لاَ آخُذُ مَا لَكَ لِلرَّبِّ فَأُصْعِدَ مُحْرَقَةً مَجَّانِيَّةً». [24] وَدَفَعَ دَاوُدُ لأُرْنَانَ عَنِ الْمَكَانِ ذَهَبًا وَزْنُهُ سِتُّ مِئَةِ شَاقِلٍ. [25] وَبَنَى دَاوُدُ هُنَاكَ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ، وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ، وَدَعَا الرَّبَّ فَأَجَابَهُ بِنَارٍ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى مَذْبَحِ الْمُحْرَقَةِ. [26] وَأَمَرَ الرَّبُّ الْمَلاَكَ فَرَدَّ سَيْفَهُ إِلَى غِمْدِهِ. [27] فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمَّا رَأَى دَاوُدُ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَجَابَهُ فِي بَيْدَرِ أُرْنَانَ الْيَبُوسِيِّ ذَبَحَ هُنَاكَ. [28] وَمَسْكَنُ الرَّبِّ الَّذِي عَمِلَهُ مُوسَى فِي الْبَرِّيَّةِ وَمَذْبَحُ الْمُحْرَقَةِ كَانَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي الْمُرْتَفَعَةِ فِي جِبْعُونَ. [29] وَلَمْ يَسْتَطِعْ دَاوُدُ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أَمَامِهِ لِيَسْأَلَ اللَّهَ لأَنَّهُ خَافَ مِنْ جِهَةِ سَيْفِ مَلاَكِ الرَّبِّ. [30] "من الآكل خرج أكل"، فبمناسبة الحكم الرهيب الذي حلّ بإسرائيل بسبب خطية داود أمر الله بإقامة مذبح آخر وعيّن المكان الذي يُبْنى عليه، وقد نشط داود بعزم شديد للتحضير لهذا العمل العظيم الذي وإن كان وضع تصميمه منذ فترة طويلة إلاَّ أنه من الظاهر أهمل أخيرًا إلى أن تنبه من أنذار هذا الحكم، فقد تَسلّم علامات رضى الله بعد أن عاين سخطه: أ. وَجهه إلى المكان (عدد 1). ب. شجّعه وألهب حماسه للعمل: 1. قام بالإعداد للبناء (عدد 2، 5). 2. أعطى تعليمات لسليمان وأوصاه بهذا العمل (عدد 6، 16). 3. أوصى القادة أن يعاونوا سليمان في العمل (عدد 17، 19) وهناك فرق شاسع بين الروح التي كان يفكر بها داود في الأصحاح السابق بالمقارنة ببداية الأصحاح الحالي، فهناك كان يُحصى الشعب بسبب كبرياء قلبه ولكن هنا من تواضع قلبه يقوم بخدمة الله، فهناك الفساد كان سائدًا ولكن هنا أخذت النعمة اليد العالية (الينبوع الذي يعطي ماء حياة للنفس وإن تعكر فإنه يروق من نفسه مرة أخرى). الإعدادات المادية أ. المكان الذي عُيّن لبناء الهيكل ب. الإعداد للبناء 2. ما هي الإعدادات التي أعدّها داود النبي تعليمات داود لسليمان أ. داود يخبره لماذا لم يقم هو نفسه بالعمل فقد كان في قلبه أن يعمله ب. يعطيه السبب بإلزامه بهذا العمل ج. يُسلّم له حسابًا عن الإعدادات الشاسعة التي عملها لأجل هذا المبنى تعليمات داود لقادة إسرائيل "فقال داود هذا هو بيت الرب وهذا هو مذبح المحرقة لإسرائيل..."(1أيام 22: 1، 5). أ. المكان الذي عُيّن لبناء الهيكل (عدد 1).وهنا نلاحظ: فقال داود، بوحي من الله وبإعلان منه، "هذا هو بيت الرب". فإذا وجب بناء هيكل للرب فمن اللائق أن يُترك له اختيار المكان لأن للرب الأرض وملؤها، وهذا هو المكان الذي اختاره، أرض يملكها يبوس، فربما لم يوجد مكان قريبًا من أورشليم أو حولها يصلح أن يكون نبوة سعيدة لدخول هيكل الإنجيل بين الأمم (انظر أع 15: 16- 17). فالمكان كان بيدرا، وكنيسة الله الحي هي أرضه وبيدره (أش 21: 10) فالمسيح رفشه بيده لينتقي بيدره. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). هذا هو البيت لأنه هو المذبح، فالهيكل بُنى لأجل المذبح، وقد وجدت المذابح قبل أن توجد الهياكل. ب. الإعداد للبناء:داود لا يجب أن يبني الهيكل ولكنه يعمل كل ما في استطاعته ليعَّد له: "فهيأ داود كثيرًا قبل وفاته"(عدد 5). هذا يدل على كبر سنه وعجزه المتزايد الذي أشار إلى قرب وفاته فأثار فيه الحماس في أواخر أيامه ليجتهد كثيرًا في الإعداد للبناء. فكل ما تمتد إليه أيدينا من العمل لأجل الله ولأجل أنفسنا ولأجل جيلنا فيجب أن نعمله بكل قوتنا قبل وفاتنا، لأنه بعد الوفاة ليس هناك وسيلة ولا عمل، "لأنه ليس في الموت ذكرك. في الهاوية من يحمدك"(مز 6: 5). 2. ما هي الإعدادات التي أعدّها داود النبي:والآن نُخبر: 1. ما الذي جدًا بداود أن يقوم بمثل هذه الإعدادات، فقد أخذ شيئين في الأعتبار: أ. إن سليمان كان صغيرًا وغّضًا وليس من المحتمل أن يبدأ هذا العمل بنشاط شديد، ولكن إن وجد المواد جاهزة وأصعب جزء قد تم فهذا يثير فيه الهمة ويشجعه على هذا العمل في بدية مُلْكه. فيجب على كبار السن والمختبرين أن يعتبروا الصغار والضعفاء ويمدوا لهم كل ما في الإمكان لمساعدتهم ولكي يسهلوا لهم عمل الله على قدر الاستطاعة. ب. إن البيت يجب أن يكون عظيمًا جدًا، جليًلا وفخمًا، قويًا وبهيًا، وكل ما فيه يكون أحسن ما يوجد من نوعه، وهذا لسبب وجيه وهو أنه معدُّ لشرف الله العظيم، رب الأرض كلها وهو مثل واشارة للسيد المسيح الذي فيه كل الملء وكل الكنوز مخزونة، فالناس في ذاك الوقت كان يجب أن يتعلموا خلال طرق محسوسة، وعظمة البيت ستحيط العابدين بالرهبة المقدسة والخشوع لله، ويدعوا الغرباء لكي يروه كأعجوبة العالم ومن خلاله يعترفون على الله الحقيقي، ولذلك فهو مُصمم لكي يكون ذا صيت ومجد بين كل البلاد، وداود سبق وأخبر بهذا التأثير الحسن من عظمته في المزمور "من هيكلك فوق أورشليم لك تقدم ملوك هدايا"(مز 68: 29). ونلاحظ في عدد (5) من هذا الأصحاح ذكر "عظيم جدًا"، فكما نرى من وجهة نظر الله فإن داود هيأ كثيرًا للهيكل لأنه علم أن سليمان صغير وعديم الخبرة بينما هيكل الله يجب أن يكون عظيمًا جدًا، ولهذا فمن الممكن تسميته بهيكل داود بدًلا من "هيكل سليمان". على العموم هو هيأ كثيرًا كما سنرى فيما بعد، فمثًلا خشب أرز وحجارة، حديد ونحاس مذكروة هنا (عدد 2، 4)، فقد جلب أرز من الصوريين والصيدانيين، "بنت صور أغنى الشعوب تترضى وجهك بهدية"(مز 45: 12) وكذلك كثيرون من عاملي الشغل، "الغرباء الذين كانوا في أرض إسرائيل"، والبعض يظن أنه استخدمهم لأنهم عمال أكثر مهارة من الإسرائيليين، ولكن السبب الأرجح هو أنه لم يرد استخدام الإسرائيليين "المولودين أحرارًا" في أيّ عمل يظهر كأنه دنيء أو خاص بالعبيد. تعليمات داود لسليمان:"ودعا داود ابنه وأوصاه أن يبني بيتًا للرب إله إسرائيل..."(1أخبار 22: 6، 16). أ. داود يخبره لماذا لم يقم هو نفسه بالعمل فقد كان في قلبه أن يعمله(عدد 7).كان سليمان حينذا صبيًا ويبلغ من العمر حوالي 16 أو 17 سنة، وكان عمر داود حوالي 70 سنة وربما يكون قد أعطى هذه التعليمات لسليمان حينما كان أصغر سنًا، حوالي 12 أو 13 سنة. وسليمان بالرغم من أنه كان صغيرًا وغّضًا إلاَّ أنه كان قادرًا على استلام تعليمات أبيه الخاصة بالعمل الذي كان مكلفًا به، فعندما جاء داود إلى العرش كان أمامه أعمال كثيرة، ولكن سليمان أمامه شيء واحد وهو أن "يبني بيتًا للرب إله إسرائيل"(عدد 6)، والآن نلاحظ: ولكن الله منحه لأنه سفك دمًا كثيرًا (عدد8)، وهذا هو الدم الذي سفكه في حروبه (فقد كان رجل حرب منذ حداثته)، وقد سفَك هذا الدم بعدل وشرف في خدمة إله إسرائيل، ولكنه هذا جعله غير لائق لهذه الخدمة، أو بالحرى أقل لياقة من آخر لم يُدع لعمل دموي. وبالرغم من أن داود خاض هذه الحروب دون إرادته فهو لم يكن المعتدي فإن الله اعتبره رجل دماء، فالله ضد الحروب ويريد السلام وابنه يسوع المسيح هو ملك السلام الذي يأتي بالسلام إلى الأرض. الله لم يسمح لداود ببناء الهيكل لأنه رجل حرب، والله أعطى هذا السبب لتنجية داود عن هذا العمل وأظهر كم ثمينة هي حياة البشر لديه، وأنه يريد مثًلا له أن: الذي سيبني هيكل الإنجيل ليس بإفناء حياة البشر بل بخلاصهم (لو 9: 56). ب. يعطيه السبب بإلزامه بهذا العمل:1. لأن الله اختصه بهذا العمل ودعاه بأن يكون الرجل الذي يقوم به: هوذا يولد لك ابن، ويدعى سليمان، وهو يبني بيتًا لاسمي (عدد 9- 10). وليس هناك قوة أكبر تدفعنا لخدمة الله وتُشجعنا عليها من أن نعلم أننا معينين لها من قبل الله. ج. يُسلّم له حسابًا عن الإعدادات الشاسعة التي عملها لأجل هذا المبنى:2. لأنه سيكون صاحب راحة وأريحة ليعمله، ولذلك فإنه لا يُوجه وقته أو ماله أو فكره عن هذا العمل، وسيكون له راحة من اعدائه حواليه (أيّ لا يجرؤ أحد منهم أن يهدده أو يستفزه أو يغزوه)، وسيكون له سلامًا وسكينة في إسرائيل، ولذلك يستطيع أن يبني البيت، ونلاحظ أنه حينما يعطي الرب راحة يتوقع عمًلا. 3. لقد قال الله أن سليمان سيكون رجل سلام وراحة لأنه سيعطي إسرائيل سلامًا في زمانه، ولكننا نعلم أن السلام لم يكن مستديمًا، ولكن هناك من وقف أمام شعب إسرائيل عندما رفضه قادة الدين وقال "تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم (مت 11: 28). فهو فعل ما لم يتمكن سليمان فعله، وهو حفيد أحفاد داود، وهو الذي يستطيع أن يُنعم بالسلام والراحة والهدوء للنفس البشرية. 4. لأن الله وعد أن يُثبّت مملكته. دع ذلك يُشّجعه لأن يُكرّم الله عَيّن الاكرام له، ودعه يبني بيت الله، والله سيبني عرشه. دع نعمة مواعيد الله أن تكون حافزًا لنا لخدمته. 5. "وأثبّت كُرسّ مُلكه على إسرائيل إلى الأبد"(عدد 10)، فكما رأينا فإن الرب يسوع المسيح هو الذي وفَّى هذا الوعد نهائيًا. (عدد 14)، ليس بروح الكبرياء والمجد الباطل، ولكن كتشجيع لسليمان لينغمس في العمل مسرورًا حيث أن أساسًا ثابتًا قد أُعدّ له. الثروة هنا تذكر مئة ألف وزنة من الذهب ومليون وزنة من الفضة وتدل على مجموع غير معقول حتى أن بعض الشرّاح إما يسمحوا بخطأ في النقل أو يظنوا أن الوزنة هي مجرد طبق أو قطعة ونحن نفترض أن العدد هنا غير مؤكّد حيث ذكر في عدد 16 من الأصحاح أن الذهب والفضة والنحاس والحديد ليس لها عدد، وداود يذكر هنا كل الأشياء التي قدّسها (أصحاح 18: 11) لبيت الرب أيّ التي ليست للبناء فقط، بل وأيضًا للخزانة، وبجمعها معًا ربما تقرب إلى ما هو مذكرو هنا، فالمئات والألوف هي أعداد كثيرًا ما نذكرها إشارة إلى الكثرة ولا نعنيها حرفيًا. تعليمات داود لقادة إسرائيل:نلاحظ هنا أن داود كان مشجّعًا لابنه. وهو يعلم أنه يحتاج التشجيع! لأنه تربى في بيت النساء ولم يكن شخصًا مناضًلا، فسليمان جنى الفائدة من حُكم داود، فيمكن أن يقال حقًا عنه ما ذكره الرب يسوع "أناس تعبوا وآخرون دخلوا على تعبهم"(يو 4: 38)، فسليمان دخل على تعب آخر وهو داود أباه. د. أوصاه أن يحفظ وصايا الرب ويلاحظ واجبه في كل شيء (عدد 13)، فيجب عليه ألاًّ يفتكر أنه ببناء الهيكل يشتري ترخيصًا للخطية،بل بالعكس فإن مثل هذا الفكر غير مقبول ولا يُعدّ إذا هو لم يحتفظ لعمل الفرائض والأحكام التي أمر بها الرب موسى (عدد 13)، فهو سيكون ملك على إسرائيل ولكن يجب أن يتذكر دائمًا أنه أحد رعايا إله إسرائيل. وداود حضّ ابنه على اتباع طرق الله ووصاياه، ربما لأنه اكتشف فيه ضعفًا، وكذلك بتشبع ربما اكتشفت بعض ضعفات سليمان ومنها ضعفه تجاه النساء، ونحن هنا نقرأ نصائح داود، أما من يرغب قراءة نصائح أم سليمان فليرجع إلى الأصحاح الأخير من سفر الأمثال. ج. وهو يُشجعه أن يعمل هذا العمل العظيم ويُقبل عليه "تشدد وتشجع"(عدد 13)، فبالرغم من أنه عمل مُتسع فلا يجب أن يقع تحت تعبير البنّاء الأحمق، الذي ابتدأ ولم يستطع أن يكمل إنه عمل الله وسوف يتم "لا تخف ولا ترتعب". في عملنا الروحي كما في حربنا الروحية نحتاج إلى الشجاعة والتصميم. ح. يحثه أن لا يتراخي في الإعدادات التي هّيأها هو ولكن ليزد عليها (عدد 14)، فهؤلاء الذين يدخلون على أتعاب الآخرين ويستخدمون فضائلهم يجب أيضًا أن يُدخلوا بعض التحسينات. خ. يُصلي له: "يعطيك الرب فطنة وفهمًا ويوصيك بإسرائيل"(عدد 12)، فمهما وُكّل إلينا من عمل إذا رأينا أن الله أوكل إلينا ودعانا له فنحن لنا رجاء أن يعطينا الحكمة لتنفيذه، وربما كانت عيني سليمان على صلوة أبيه هذه لما قدّم الصلاة عن نفسه: "يا رب لأعطني قلبًا ذا فهم وحكمة" ويختم داود (عدد 16): "قم واعمل وليكن الرب معك"، فالرجاء في وجود الرب لا يجب أن يتسبب في توانينا تجاه سعانا، فإن كان الرب معنا فيجب أن نقوم ونعمل وبذلك يكون لنا الثقة أنه سيكون معنا، فيجب أن نتمم خلاصنا والله سيعمل فينا وبنا. وداود أخبر سليمان أنه لا يجب أن يبخل في بناء هذا الهيكل، فهو لا يحتاج أن ينجز العمل بأسرع الطرق أو أسهلها أو أرخصها، لأنه سوف لا يكون عجز في المواد، وداود قال أنه في أيام تعبه ومذلته، الأيام التي كان يحاول بناء المملكة بالشعب، فإنه هيأ العمل لجمع المواد لهيكل الله، والله نظر إلى ذلك وما في قلب داود، ولذلك دعاه رجل حسب قلب الله نفسه، فالله أراد اتجاه القلب هذا والتشديد على القيم الروحية فوق كل شيء. "وأمر داود جميع رؤساء إسرائيل أن يساعدوا سليمان أبنه..."(1أخبار 22: 17، 19). هنا يشغل داود قادة إسرائيل ليساعدوا سليمان في العمل العظيم الذي أمامه، فكل منهم يجب أن يمد يد المساعدة لتتميم العمل، فالذين على العرش لا يستطيعون تنفيذ العمل الجيّد الذي يؤدونه إن لم يتعاون معهم المحيطون بالعرش، لذلك أوصى داود القادة لينصحوا سليمان ويحثونه ويسهلوا العمل له على قدر استطاعتهم بتعزيزه كل من ناحيته. 1. أراهم الواجبات التي ينبغي أن يغاروا لها في هذا المضمار شاكرين الله على الأشياء العظيمة التي عملها لهم فقد أعطاهم نصرة وراحة وأرضًا جيدة كميراث (عدد 18). فكلما ازداد عمل الله معنا يجب أن يزداد اجتهادنا لخدمته. 2. ألحّ عليهم بالواجبات التي يجب أن يغاروا لها في هذا الأمر (عدد 19)، "فالآن اجعلوا قلوبكم وأنفسكم لطلب الرب إلهكم" ضعوا سعادتكم في إرضائه ووجهوا عيونكم تجاه مجده، اطلبوه كمصدر ونهاية نفعكم الرئيس واعملوا كل هذا من قلوبكم وأنفسكم. اجعلوا البر اختياركم وشاغلكم وبذلك لن تتقمقموا من الآلام أو النفقات لتعزيز بناء مقدس الرب" يا ليت القلب ينشغل بإخلاص لله، كذلك الرأس واليد والممتلكات والرغبات فيستخدم الكل بسرور لخدمة الله. والآن لنسأل أنفسنا كمسيحيين وكنسيين: فقد نكون قد نزلنا إلى الحضيض في حياتنا فربما كل ما نعمله للكنيسة هو مسك السيرة ونشر الإشاعات "أو إيجاد عيوب في الكاهن، أو ربما لا نفعل شيئًا مثل هذا ولكن نقف متفرجين لا نعمل شيئًا. فيجب أن نفطن ونوخز أنفسنا لنصحو، لننصب ونحيا متحركين نحو الرب يسوع المسيح ونقول له نود أن نعيش معك ونريد أن نُشدّد على حياة روحية، فيجب أن نفعل شيئًا بالتحديد، شيئًا ايجابيَا ونفعله الآن بدون ثواني، فهذا ما يقوله داود لابنه سليمان فبالحقيقة هو أعطاه وخزة. |
|