استعمال البخور
الكنيسة الأرثوذكسية تأتي ببشارة يسوع إلى كل إنسان. وهي تتوجه لا فقط إلى العين والأذن بل، أيضاً إلى حاسة الشم. فإذا كان إنسان أعمى أو أصم ليدخل إلى كنيسة أرثوذكسية فإنه سيعرف، للحال، أنه في مكان مقدّس من خلال رائحة البخور الزكية.
في كتاب الرؤيا نقرأ ما يلي: "ورأيت ملاكاً يأتي ويقف أمام المذبح، ومعه مبخرة ذهبية. هناك أعطي له بخور كثير وصعد دخان بخور صلوات القديسين أمام الله من يد الملاك"
إن غيوم الدخان العطِر المنبعثة من المبخرة ترمز إلى صلواتنا الصاعدة إلى الله. "عطر" البخور يعبِّر عن سرور الله بصلواتنا.
المسيحيون الأوائل كانوا مطالبين من الرومان الوثنيين بإحراق قبضة من البخور، علناً، كل سنة أمام تمثال القيصر. وبإحراق البخور أمام تمثال القيصر كانوا يعترفون بأن له صفة إلهية. المسيحيون رفضوا أن يقوموا بذلك لأنهم كانوا يعتبرون أن ذلك عبادة أوثان. بالنسبة إليهم كان هناك سيّد واحد هو يسوع المسيح. ولأنهم كانوا يرفضون أن يحرقوا البخور أمام القيصر كانوا يُلقون للأسود.
اليوم، الكاهن الأرثوذكسي يُحرق البخور أمام المائدة المقدسة. وهو يبخّر جسد المسيح ودمه والإيقونات. بكلام آخر، نحن نُحرق البخور، اليوم، أمام الإله الحقيقي وحده. حين نُحرق البخور أمام يسوع نعتبر بإيماننا أنّه هو وحده السيّد.
بعد أن يبخّر الكاهن المائدة والأيقونات يدور ويبخّر المؤمنين. بهذه الطريقة يوقّر أيقونة الله التي فينا، وأعني بها صورة الله التي خُلقنا عليها. هذا العمل يذكّرنا بأننا أشخاص مهمّون في عيني الله، أي أننا أيقوناته المتحركة.
على كل بيت أرثوذكسي أن يقتني مبخرة بيتية صغيرة توضع بقرب الأيقونة. بإمكان الأهل أن يعلّموا أولادهم كيف يعدّون الفحم للمبخرة وكيف يضعون البخور عليه عندما تُقال الصلوات العائلية. بعض الأهل قد يفضّل أن يشعل المبخرة فقط في أمسيات يوم السبت وأمسيات الأعياد الكبيرة. معنى البخور يمكن شرحه للأولاد منذ وقت مبكر من عمرهم ليتسنى لهم أن يشتركوا بشكل أوفى بفعل العبادة.
وهناك ممارسة جيدة بالنسبة للأهل وهي أن يرسموا بالمبخرة إشارة الصليب على كل ولد ثمّ يشرحوا له أنّهم بذلك يكرّمون صورة الله في كل منهم.
تصوّر كم من الذكريات الجميلة يمكن لهذا العمل أن يطبع في الأولاد. كلّما أتوا إلى الكنيسة كراشدين، سوف يربطون البخور العطر بمجموعة الذكريات العزيزة من الصلوات العائلية كأولاد في البيت. كلّما رأوا الكاهن يبخّر المائدة المقدسة والشعب في القداس الإلهي، سيقفون بتوقير في حضرة السيد. سوف يرون في الدخان المتصاعد صلواتهم وهي تصعد إلى عرش الله.