رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تأملات في سفر نشيد الأناشيد30 الجمعة 09 اغسطس 2013 بقلم قداسة البابا شنودة الثالث الروحيون يقرأون هذا السفر,فيزدادون محبة لله.أما الجسدانيون,فيحتاجون في قراءته إلي مرشد يفسر لهم,لئلا يسيئوا فهمه,ويخرجوا عن معناه السامي إلي معان عالمية... حبيبي تحول وعبرب نش5:5 فترات التخلي ستندم تلك النفس علي تكاسلها وبعدها عن حبيبها وحينئذ ستبحث عنه وترجع إليه. وسوف تدرك أن التخلي كان اختبارا نافعا لها.. فترات التخلي هذه تأتي علي كثيرين فيشعرون كأن هناك حائلا كبيرا بينهم وبين الله.يشعر الشخص منهم أنه واقف وحده بعيدا عن الله,بجفاف في حياته وعدم احساس بالعزاء الداخلي,يشعر أن عبادته بلا عاطفة بلا حرارة بلا حب,بلا روح,بلا صلة,بلا استجابة.بلا دالة.. والناس في مراحل التخلي علي نوعين: نوع إذا مر بمرحلة ,يلوم نفسه وليس الله: يقول:أنا السبب.. أنا سلكت نحو الله مسلكا جعله يتخلي عني والأفضل أن أرجع إلي علاقتي الأولي بالله.إن الله في كمال محبته لايستحق مني هذه المعاملة السيئة,وفي احساناته الكثيرة لايصح أن أتذمر عليه هكذا ليتني أصطلح معه. ونوع آخر إذا وجد في مرحلة التخلي يتذمر علي الله: ويجدف علي الله ويحتج ويقول:أين ما يقولونه عن حنانك وعن محبتك؟!وافرض أنني أخطأت لماذا لاتسامح؟ولماذا لاتغفر؟لماذا تعاملني هكذا؟لماذا أنت شديد وقاس وعنيف؟! وبمثل هذه التجاديف تزداد الخطية وتستفحل. وإنسان آخر في مرحلة التخلي لايتذمر علي الله ولايسترضيه إنما ينساه يتركه.. يقول له:إن كنت تتخلي عني وتتركني,فأنا كذلك حسن هذا الأمر قد أتي منك..!!وهكذا يسلك بعيدا عن الله ويتمادي في تركه ويتحول ما فيه من جفاف إلي انحراف.. وهكذا ينهار ويضيع كما لو كان يعاند الله. إن فترات التخلي غالبا ما تكون بسبب الإنسان..وفي قصة عذراء النشيد كانت بسبب التراخي والتكاسب. هناك نوع آخر من التخلي يكون بسبب الكبرياء. يسلك إنسان في كبرياء القلب ينتفخ من الداخل يظن في نفسه أنه شيء تكبر مواهبه في عينيه.. حنان الله الذي حفظه من الخطية فترة من الزمن يجعله يشعر أنه بلا خطية!! وأن عنصره فوق مستوي الخطأ وأن الخطية خاصة بالمبتدئين فقط. وهكذا بسبب كبريائه تتخلي عنه النعمة ليعرف ضعفه. وفي مرحلة التخلي يبحث عن نفسه فلا يجدها ويسقط في خطايا المبتدئين ,ويحاول أن يصلي فلا يعرف ويجاهد لكي يتوب فلا يقدر,ويصرخ من أعماق قلبه طلبته فما وجدته دعوته فما أجابني:ويرجع إلي الله ليقول له:أنا ضعيف ومسكين أنا أضعف من أن أقاتل أصغرهم. وهذا التخلي يقوده إلي الانسحاق وإلي الاتضاع.. وحينئذ يعرف أنه في الموازين إلي فوق وأنه خير له أن يأخذ موقف العشار المتذلل,وليس موقف الفريسي المنتفخ..ويقول للرب وأخيرا يارب عرفت أن الباطل المنسحق خير من الحق المنتفخ.. حقا إنه قبل الكسر الكبرياء,وقبل السقوط تشامخ الروح.وإن هذا الكبرياء من أسباب التخلي. سبب آخر للتخلي هو إدانة الآخرين: أحيانا ندين الآخرين علي خطية معينة فيسمح الله بتخليه عنا أن نقع في نفس الخطية لكي ندرك أننا لسنا أقوي من غيرنا ولكي نعرف أن ثباتنا كان سبب عمل النعمة فينا ولم يكن بسبب قوتنا الخاصة ولكي نعرف أيضا قوة العدو المحارب وعنفه وقسوته في حروبه فنشفق علي الساقطين بدلا من إن ندينهم. حقا أن فترات التخلي,تعطي القلب شفقة علي الخطاة. فيدرك تماما مغزي قول الرسولاذكروا المقيدين كأنكم مقيدون أيضا مثلهم والمذلين كأنكم أنتم أيضا في الجسدعب13. وهكذا إذا وجد إنسانا ساقطا يبكي عليه كأنه هو الساقط وهكذا كان يفعل القديس يوحنا القصير:كان إن رأي إنسانا ساقطا يبكي ويقول:إن العدو قوي وكما أسقط أخي اليوم قد يسقطني غدا وقد يقوم أخي من سقطته وأنا لا أقوم لذلك فأنا أبكي... إن تخلي النعمة قد يكون ظاهريا وليس حقيقيا. ربما يكون مجرد حرب سمح فيها الله للشيطان أن يضرب هذا الإنسان دون أن تتخلي النعمة عنه فيظن هذا الإنسان أنه قد سقط من يدي الله بينما يكون الله كضابط للكل يراقب الموقف بعمق شديد وقد حوط بنعمته حول الإنسان حتي لايضيع مثال ذلك قصة أيوب الصديق ظن في تجربته أن الله قد تخلي عنه ولم يكن الأمر كذلك وأنقذ الله أيوب. من الجائز أن يكون هذا التخلي لونا من الحكمة الإلهية في تدريب الإنسان وتربيته.. مثال هذا الأم التي تعلم ابنها المشي تمسكه بيدها ليمشي قليلا ثم تتركه فيقع ويصرخ,فلا تقيمه بل تتركه حتي يقف ويتابع المشي.ولو حملته باستمرار علي كتفيها أو أمسكته باستمرار في مشيه ما تعلم قط... هكذا أيضا تفعل الطيور في تعليم فراخها الطير,وهكذا يفعل الآباء في تعليم أبنائهما العوم.وهكذا الله في تربية الإنسان: بالتخلي يعلمه الحرب فيدرك قوة الشيطان وحيله وفنونه ويدرك الضعف البشري. من الجائز أن يسمح الله بالتخلي لتدريبنا في الطريق. يسمح الله أحيانا بالتخلي وبأن يسقط إنسان في خطية لكي يكتسب مزيدا من الحرص ومزيدا من التوفيق وبعدا عن الغرور ..يقول القديس باسيليوس أنالعطايا التي تأتي بطريقة سهلة يمكن أن تفقد بنفس السهولةلذلك فقد يبدو الله مبتعدا ومتخليا حتي إذا ما تعبت في الحصول علي طلبتك الروحية حينئذ تحرص عليها بكل قوتك,وهكذا عذراء النشيد لما وجدت حبيبها بعد التخلي قالتأمسكته ولم أرخه. 000 نهاية التدليل والكسل والفتور في حياة هذه العروس كانت تخلي الرب عنها وفي فترات التخلي ذاقت كم فعل العدو بها. إننا نصمد أمام العدو,طالما كانت قوة الرب معنا فإن فارقتنا قوة الرب وقعنا في أيدي أعدائنا مثال ذلك شمشون الجبار:لم يستطع أحد أن يقوي عليه طالما كانت قوة الرب معه فلما كسر نذره وفارقته القوة الإلهية استطاع أعداؤه أن يذلوه كذلك قيل عن شاول الملك وفارق روح الرب شاول وبغته روح رديء من قبل الرب1صم16:14. هذا الروح الرديء لم يكن عليه سلطان قبل أن يفارقه روح الرب.. إن العدو ينتهز فترات التخلي لكي يضرب ضرباته بلا رحمة. وهكذا تقول عذراء النشيد ضربوني جرحوني رفعوا إزاري عني..!لقد كنت مصانة أيها العروس داخل بيتك وكان الرب يقرع علي بابك ويناديك..أما الآن فقد ضاعت هيبتك الروحية في شوارع المدينة.لقد وجد العدو فرصته وانتهزها بدأ العدو يضربك ويعريك وينزع عنك ثوب البر الذي ألبسه الرب أياه من قبل. الابن الضال أذله العدو هو في كورة بعيدة. عندما ابتعد هذا الابن عن الآب استطاع العدو أن يضربه وهو بلا سلاح واستطاع أن ينزع رزاره عنه إنها قصته وقد سمح له الرب بها.. ولكن هل يمكن أن يسمح الله للعدو بأن يفعل هذا؟ نعم يمكن لأجل فائدة الإنسان يمكن أنيسلم مثل هذا للشيطان لإهلاك الجسد لتخلص الروح في يوم الرب1كو5:5..لقد سمح الله مرة للشيطان أن يضرب أيوب البار,أفلا يسمح له بأن يضرب الكسالي والمتهاونين والمخالفين وصاياه؟ وهكذا يمكن أن يسلم الله إنسانا إلي أيدي أعدائه.. عندما أخطأ بنو إسرائيل سلمهم الرب إلي أيدي أعدائهم أكثر من مرة وتكررت هذه العبارة مرارا في العهد القديم,مثلما ورد في سفر القضاة:فحمي غضب الرب علي إسرائيل فدفعهم إلي أيدي ناهبين نهبوهم,وباعهم بأيدي أعدائهم حولهم ولم يقدروا بعد علي الوقوف أمام أعدائهم فضاق بهم الأمر جداقض2:15,14سمح الله أيضا أن يدفعهم إلي أيدي نبوخذ نصر وأن يسلمهم إلي سبي بابل وسبي أشور. كان خيرا لهم أن يبكوا علي أنهار بابل وأن يعلقوا قيثاراتهم علي أشجار الصفافمز137. كانت فترة التخلي نافعة روحيا وكما قال الكتاب أملا وجوههم خزيا فيطلبون اسمك يارب.. وهكذا حدث مع عذراء النشيد:لولا التخلي ومتاعبة ما كان ممكنا أن نقول احلفكن يا بنات أورشليم أن وجدتن حبيبي أن تخبرنه بأنني مريضة حبا. من أين أتت عبارةمريضة حبا..؟أنه احساس الاشتياق جاء كثمرة طبيعية للتخلي والبعد والحرمان.. كانت النعمة تسعي إلي هذه العروس المتدللة المتكاسلة وتقرع بابها ولكنها لم تشعر بقيمة هذه النعمة,فلما قاست مرارة التخلي ولما ضربت وجرحت من الحرس الطائف حينئذ أحست أنها كانت في نعمة لم تقدرها...وحينئذ شعرت بحاجتها إلي الرب الذي لم تفتح له قبلا فقالت إنني مريضة حبا. حسن أن هذه العروس لما تحول عنها الرب وعبر لم تتركه هي أيضا فمن داخلها قالت سنفسي خرجت حينما أدبرومن جهة العمل قالتطلبته فما وجدته دعوته فما أجابنيولم تجده ولم يجبها لم ينته بها الأمر عند هذا الحد... يخيل لي أنني محتاج أن أقف هنا قليلا ثم أعود إلي هذا التأمل بعد حين... |
28 - 08 - 2013, 01:48 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: تأملات في سفر نشيد الأناشيد30
ميرسي كتير ربنايعوض تعبك
|
|||
|