هل لنا في اتحاد النفس بالجسد في الإنسان ما يقابل اتحاد اللاهوت بالناسوت في شخص المسيح ؟
الإنسان مركب من جوهرين ممتازين وهما النفس والجسد فالنفس جوهر غير مادي أي ليس لها شئ من خواص المادة بل هي روحية أي لها جميع خواص الروح وهي فاعلة حساسة عاقلة حرة. أما الجوهر الذي نسميه بالجسد فهو مادي أي له خواص المادة وليس له شئ من خواص الروح واتحاد النفس بالجسد في الإنسان يقوم:
1 – بكونه اتحاداً شخصياً أي أنه يتألف من النفس والجسد في حال الاتحاد شخص واحد من الجنس البشري.
2 – بكونه اتحاداً خالياً من الامتزاج والاختلاط فإن النفس تبقي روحاً والجسد يبقى مادة والنفس والجسد لا يمتزجان بل يبقيان ممتازين ولا تنتقل خواص الواحد إلي الآخر ؟
ومن نتائج هذا الاتحاد بين النفس والجسد في الإنسان الواحد:
1 – اشتراك الإنسان في صفات جوهرية أي أن له صفات النفس والجسد معاً بحيث يمكننا أن ننسب إلي الإنسان كل ما ننسبه إلي جسده وكل ما ننسبه إلي نفسه فنقول أنه طويل أو قصير ومريض أو صحيح وجميل أو قبيح وكذلك حاذق وحكيم وصالح ومحسن أو عالم فكل ما يصدق علي أحد جوهري بنيته يصدق عليه في جملته غير أنه ليس كل ما يصدق علي الواحد منهما يصدق علي الآخر.
2 – إمكان نسبة صفات متناقضة إلي شخص واحد فنقول مثلاً في إنسان واحد أنه ضعيف وقوي وأنه خالد وغير خالد وأنه يزول ويبقي إلي الأبد وأنه روح وتراب ورماد.
3 – إمكان تسمية الإنسان بأحد جوهري طبيعته والاختبار عنه بما يصدق علي الجوهر الآخر فقط مثلاً يمكننا أن نسميه نفساً ناطقة ونقول أنه يجوع ويعطش ونسميه إنساناً حياً ونقول أنه قابل للتجديد أي الولادة الثانية.
4 – اشتراك الإنسان في خواص جوهرية وأعمالها أي أن خواص كل من النفس والجسد بسبب اتحادها الشخصي هي خواص الإنسان بكليته وكذلك كل من أعمال النفس والجسد الخاصة هي أعمال الإنسان.
5 – ارتفاع شأن جسد الإنسان بسبب اقترانه بالنفس لأن ما يرفع الإنسان عن أجساد البهائم هو اتحاداً شخصياً بالنفس الناطقة الخالدة.
واتحاد اللاهوت والناسوت في أقنوم المسيح كاتحاد النفس والجسد في بنية الإنسان علي أنه لا يوجد مشابهة تامة بين شيئين في جميع أوصافهما وخواصهما وإنما في هذا التشبيه من العلاقات بين المشبه والمشبه به ما هو كاف لتقوية الإيمان وتفنيد الكفر وإيضاح الموضوع علي قدر الإمكان.