منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 18 - 04 - 2021, 10:06 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,267,835

خلقنا أحرارًا



بقلم الأنبا موسى



الحرية هى هبة الله الذى خلقنا بها، وهى كلمة جميلة الوقع على السمع، يتمسك بها الطفل حتى وإن لم يفهمها، ويصر عليها الفتى حسب مفهومه القاصر، ويعتبرها الشاب حياته بأكملها، ويموت من أجلها الألوف والملايين فى أنحاء العالم، ويعتبرون حياتهم رخيصة من أجلها.

يعرّف المعجم العربى مفهوم الحرية: بأنه حالة يكون عليها الكائن الحىّ، الذى لا يخضع لقهر أو قيد أو غلبة، ويتصرّف طبقًا لإرادته وطبيعته، بحرِّيَّة: بلا تكلُّف وبلا احتراس.

ولكن كم من جريمة ارتُكبت باسم الحرية بهذا المفهوم القاصر، وبهذه الحرية المطلقة؟! لذلك هل الحرية مطلقة؟ وما المفهوم السليم الذى يمكننا - بحرية - أن نطالب به، ونتمسك به، ونصير بالحقيقة أحرارًا بلا خوف من تداخل المفاهيم؟

أولًا: هل توجد حرية مطلقة؟

لا يوجد ما يسمى الحرية المطلقة

- فهناك أمور تحد من الحرية كقوانين الطبيعة والبيئة والعوامل الاجتماعية والاقتصادية إلخ.

- والمدرسة السيكولوجية تقول: إن الإنسان يضغط عليه ما نسميه الرغبات.

- والمدرسة الوجودية الإلحادية: تنادى بأن وجود الله يلغى حرية الإنسان.

- لا توجد حرية مطلقة، بل لابد من ضوابط للحرية بحيث تصير حرية مسؤولة.

ومن أهم هذه الضوابط:

1- الضمير. 2- الدين. 3- الآخر.

4- المجتمع.

والحرية غير المسؤولة هى حرية بلا ضوابط، أما الحرية المسؤولة فلها هذه السمات:

1- تبنى (حرية للبناء وليس للهدم). 2- تناسب وتوافق. 3- تطلب ما هو للآخر.

ثانيًا: مفهوم الحرية

أ- من الناحية المسيحية هى التحرر الداخلى من كل عبودية مثل: عبودية الذات - عبودية المادة - عبودية الخوف - عبودية الخطية.

ويقول الكتاب المقدس: كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ (يو 34:8).

ب- من الناحية الفلسفية هى انعدام القسر الخارجى، واختيار الفعل عن رؤية، مع استطاعة عدم اختياره أو استطاعة اختيار ضده بمعزل عن أى ضغط خارجى على السلوك، ولكن هذا هو الوجه الخارجى للحرية، الذى يحوى الحرية: السياسية والاجتماعية وحقوق الإنسان إلخ.

ج- تحرير النفس لا ينحصر فى ناحية واحدة، بل يلزم أن يشمل الحياة الداخلية كلها، أى أن الحرية بمعناها العميق هى أن أتصرف بحيث يأتى سلوكى تعبيرًا عن كيانى كله. فمثلًا: قد تتحكم فىّ إحدى الشهوات وأتصرف بموجبها، حينئذ فلست حرًا، بل أنا عبدُ الشهوة. ويقول القديس أغسطينوس على كونه حرًا: (وقفت على قمة العالم حينما أصبحت لا أشتهى شيئًا، ولا أخاف شيئًا).

- إن طبيعة النفس البشرية تقارن بريشة فى غاية الرقة والنعومة، فإذا لم تثقل بالشهوات المؤذية وتقيد بالعادات الرديئة، تستطيع أن تُحمل عاليًا لتعبر إلى السموات وإلى غير المرئيات.

ثالثًا: هل التدين يقيد حرية الإنسان؟

أ- الله يحب الإنسان لذلك يحترم حريته:

- خلق الله الإنسان حرًا على صورته ومثاله.

- الله يترك للإنسان حرية الاختيار بكامل إرادته، فيقول فى سفر التثنية: قَدْ جَعَلْتُ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ. الْبَرَكَةَ وَاللَّعْنَةَ. فَاخْتَرِ الْحَيَاةَ لِكَىْ تَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ (تث 19:30).

- أحد شعراء الهند يقول: إنى أحترم الله لأنه أعطانى إمكانية إنكار وجوده!.

- السيد المسيح فى تعاليمه ووصاياه كان يركز على البعد الداخلى والدوافع الداخلية أكثر من المظاهر الخارجية. ويظهر هذا فى توبيخه الدائم للفريسيين بسبب ريائهم.




رابعًا: كيف نحيا الحرية الحقيقية؟

1- العمل بوصايا الرب، وخضوعنا له فى استسلام كامل لمشيئته، ففى اللحظة التى نتحقق فيها من عمق كياننا أننا لا شىء، وأن الله هو كل شىء حينئذ نكون قد تحررنا حقًا.

2- تحرير الذات بحلها من رباطات العالم، ويقول أحد الآباء: يا منهمكين بشهوات العالم وظلمته، ارفعوا رؤوسكم ليشرق النور فى وجوهكم، اخرجوا من أوجاع العالم ليخرج للقائكم النور الذى من السماء يا حبذا لو تقطعت رباطتنا لنرى إلهنا.

3- النضج بكل مستوياته، (سواء الروحى أو النفسى أو الاجتماعى أو التربوى)، فالحرية لا تعطى إلا للناضجين.

خامسًا: معطلات الحرية

1- التربية السلطوية فى الأسرة والمجتمع. 2- الذات والمادة وعبادتها.

3- التدين المريض بكل صوره وأشكاله.

4- عدم الوصول إلى النضج الحقيقى (روحيًا - اجتماعيًا - نفسيًا).

5- قيود وربط العالم وشهواته.

سادسًا: كيف نحيا الحرية الحقيقية؟

1- تربية المشاركة:

أ- أسلوب الحوار والمساهمة فى صنع القرار.

ب- توزيع المسؤوليات بحيث يكون لكل شاب دور قدر الإمكان والإمكانيات.

ج- خلق الصف الثانى والقيادات الجديدة الواعدة.

2- تربية الإبداع:

أ- الاهتمام بتربية التكوين لا التلقين.

ب- اكتشاف الطاقات والمواهب المختلفة وتنميتها.

ج- الاهتمام بجوانب الشخصية ككل.

د- توفير مناخ الحرية الذى يساعد على الإبداع والابتكار.

3- تربية الاتساع:

أ- اتساع القلب: بحيث يشمل كل الناس، وكل البشرية، وكل الأنماط.

ب- اتساع الفكر: بحيث يقبل الرأى الآخر، والحوار، ووجهات النظر المختلفة، وينفتح على الثقافات الأخرى.

ج- اتساع الرسالة: فتكون رسالتنا رسالة انتشار وليست انحسارا.

4- تربية المعاصرة المتأصلة:

الانفتاح على العالم المعاصر، بما فيه من ثقافات وتكنولوجيا وعلم، وأخذ ما هو مفيد، وترك غير المفيد، مع الأخذ فى الاعتبار عدم التعارض مع تراثنا وأصالتنا وحضارتنا، التى تثبّت الجذور ولا تقتلع الثوابت، والتى تؤكد الأصالة وتجعل منها كائنًا حيًا يتصدى للمشكلات المعاصرة فتعالوا بنا نحيا الحرية الحقيقية.

* أسقف الشباب العام

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية

رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
خلقنا مختلفين ولكننا خلقنا الخلاف
نعيش كلنا أحرارًا يا واهب الحرية
ما أروع أن نعيش أحرارًا بلا هم
متى نجحنا بتنا أحرارًا بالفعل
حرّركم الابن فصرتم أحرارًا


الساعة الآن 08:41 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024