كتاب العلامة يوسابيوس القيصري، أبو التاريخ الكنسي
القمص أثناسيوس فهمي جورج
مقدمة
إهتم المنهج الآبائى بالتاريخ الكنسى بنفس القدر الذي إنشغل فيه بالأبدية وحياة الدهر الآتى، وسر إهتمام الآباء بالتاريخ يكشف عن المفاهيم الروحية والإيمانية وشهادة الكنيسة للمسيح عريسها عبر كل الاجيال والحقب.
شهادتها أمام الوثنية، وأمام البدع والهرطقات، وأمام الإضطهاد. إنه عمل الله إقتناها له بالدم الكريم الذي لمسيحه.
ويعتبر العلامة يوسابيوس القيصرى أباً لعلم الباترولوجى ومؤسساً لفكرة نشر أقوال الآباء وكتابتهم، فقدم وثيقة تاريخية هامة صارت وبحق أهم مرجع لعلم الاباء، وتاريخ يوسابيوس الكنسى يعد أول عمل تاريخى تأسست عليه مدرسة المؤرخين الكنسيين في العالم كله، فأصبح مصدراً حياً يرجع اليه المؤرخون، ليقفوا على أعماق التاريخ ومفاهيمه.
وبالرغم من مكانة يوسابيوس المؤرخ الكنسى، إلا أن له اخطائه، فمع انه لم يكن أريوسياً بالمعنى اللاهوتى الكامل، لكنه أعطى لنفسه حرية الحركة بالفكر والكلمة والتصرف وسط الأريوسيين ممالأة لهم والإمبراطور قسطنطين، ولم يخل فكره وعمله من الأريوسية.. وبحسب الإصطلاحات المتعارف عليها، يعتبر العلامة يوسابيوس نصف أريوسى، لذلك إعتبرته الكنيسة فيما بعد "ذا وجهين" (سقراط 23:1)،بالرغم من أنها لم تنكر لكتاباته التاريخية بسبب الحقائق التاريخية الثمينة التي فيها، لا بسبب المفهوم الذي تحمله، معتمدة على وعى أبنائها وحسهم اللاهوتى الأرثوذكسى في أمر إكتشافه وتجاوزه، إذ ان علم الباترولوجى يعطى إهتماماً لكل الكتابات الأبائية حتى الكتابات المنحرفة، لكى نتفهم الظروف التي أحاطت بالكنيسة الاولى.
واننى أضع هذه السلسلة الأبائية ΙΧΘΥΣ التي اعتمدت فيها على مجموعة "باترولوجى Patrology" لجونز كواستن Johannes Quasten، بين يدى المسيح مخلصنا الصالح محب البشر الذي احبنا وفدانا، لتكون سبب بركة ونمو روحي لكل من يقرأها.
ذاكراً محبة وصلوات وتشجيع ابى ومعلمى نيافة الحبر الجليل الانبا بنيامين النائب البابوى، وتعب الآباء الذي تعبوا ودخلنا نحن على تعبهم، وبذل الاخوة الذين ساهموا في صدور هذا العمل.. لتشملنا مراحم الرب الهنا من دور وإلى دور، بصلوات جزيل البركة والغبطة بابانا الحبيب البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الــ 117.
ولربنا المجد دائماً أبدياً آمين،،،
الصوم الأربعيني الكبير
1992 م.
1708ش.