رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قديسون عاصروا تجسد السيد المسيح بقلم قداسة البابا شنودة الثالث إن الذي يمعن النظر في قصة الميلاد,يجد نفسه أمام تأملات كثيرة.لعل في مقدمتها أن الله,في كل عصر من العصور مهما كانت مظلمة,لا يترك نفسه بلا شاهدأع14:17. لقد أحيط ميلاد الرب بمجموعة من القديسين... علي الرغم من أنه كان عصرا مظلما. كان عصرا مظلما حقا,لذلك قيل عن مجيء المسيح فيهالنور أضاء في الظلمة.والظلمة لم تدركهيو1:5.والسيد المسيح نفسه قال عن الجيل الذي عاش فيهجيل فاسق وشرير يطلب آية,ولا تعطي لهمت12:39,مت16:4.وكرر مثل هذا الكلام في مناسبة أخريمر8:38. ولما تكلم عن المعلمين الذين أرشدوا الناس قبل مجيئه,قال عنهمكل الذين أتوا قبلي,هم سراق ولصوصيو10:8. وظهور قديسين في ذلك العصر الخاطيء,يعطي رجاء. إن فساد العصر لايمنع أن روح الله يعمل.ووجود الأرض الخربة الخاوية المغمورة بالماء والظلمة,لايمنع أن روح الله يرف علي وجه المياهتك1:2.وفي كل جيل يستحق طوفانا ليغرقه,لابد من وجود نوح ليشهد للرب فيه.فالله لا يترك نفسه بلا شاهد.وهكذا كان العصر الذي ولد فيه المسيح. رأينا مجموعة كبيرة من القديسين عاصرت الميلاد. نذكر من بين هؤلاء,القديس زكريا الكاهن,الذي ظهر له ملاك وهو يبخر عند المذبحلو1:11.وزوجته القديسة أليصابات,وقد قيل عنه وعن زوجته: وكانا كلاهما بارين أمام الله...لو1:6. وقيل عنهما كذلك إنهما كاناسالكين في جميع وصايا الرب وأحكامه ,بلا لوملو1:6.إن الفساد السائد في ذلك العصر,لم يكن عقبة تمنع وجود هؤلاء الأبرار فيه. وإلي جوارهما,وجد يوسف النجار وسمعان الشيخ... وقال الكتاب عن يوسف النجار إنهكان رجلا بارامت1:19.وسمعان الشيخ شهد له الكتاب بأنهكان بارا تقيا,ينتظر تعزية إسرائيل,والروح القدس كان عليهلو2:25.إنه أمر يجلب الرجاء والتعزية,أن نسمع أنه في جيل فاسق وشرير,أمكن وجود رجل بار,عليه روح الله,وأنه أوحي إليه بالروح القدس...,وأنهأتي بالروح إلي الهيكللو2:27,26.جيل فاسد,ولكن الروح القدس يعمل فيه. ونتيجة لعمل الروح وجد هؤلاء الأبرار...وكان الروح يكلمهم...وكان الملائكة يظهرون لهم.وكانت لهم أحلام مقدسة.واستحقوا أن يروا المسيح له المجد. وفي وسط قديسي هذا العصر,نجد قديسة نبية هي: حنة النبية بنت فنوئيل العابدة في الهيكل. وكانت هذه القديسةلاتفارق الهيكل,عابدة بأصوام وطلبات ليلا ونهارالو2:37. ومع هؤلاء وجدت العذراء والمعمدان. إننا لانيأس من فساد أي جيل,إذ رأينا أن جيلا شريرا كهذا,عاشت فيه في حياة الكمال أطهر إمرأة في الوجود ,هي مريم العذراء,التي استحقت أن الروح القدس يحل عليها,وقوة العلي تظللها,ويولد منها ابن اللهلو1:35. وكذلك في هذا الجيل الفاسق,وجد يوحنا المعمدان,الذي من بطن أمه امتلأ من الروح القدسلو1:15.والذي وصفه الرب بأنه أعظم من ولدته النساءمت11:11. كل أولئك كانوا موجودين في عصر واحد,هو وقت الميلاد,بالإضافة إلي المجوس والرعاة الذين استحقوا بشارة الملائكة ورؤية المسيح. وكان هناك قديسون آخرون وقت كرازة الرب وقيامته. نذكر من بين هؤلاء الاثني عشر رسولا,والسبعين الآخرين الذين اختارهم أيضالو10:1.ويذكر بولس الرسولأكثر من خمسمائة أخظهر لهم السيد المسيح بعد قيامته1كو15:6...كل هؤلاء وأمثالهم كانوا الباكورة.ثم شملت القداسة الكل... وكل هؤلاء اجتمعوا معا في عصر قيل إنه فاسد.أليس هذا أمرا يعطي رجاء للجميع؟! ثم أنه مما يزيد الرجاء في القلوب حقيقة أخري مهمة وهي: كان هؤلاء القديسون من نوعيات متعددة. نوعيات متعددة في إحدي المرات جاءني إنسان تائبا ليعترف بخطاياه,وبعد الاعتراف طلب مني لمنفعته الروحية أن أرشده إلي قراءة قصص بعض قديسي التوبة.فأعطيته قصص قديسين كبار مشهورين في حياة التوبة,مثل القديس موسي الأسود القديس أوغسطينوس,القديسة بيلاجية,القديسة مريم القبطية...ولما قرأهم وجاءني مرة أخري,سألته:هل أعجبتك القصص؟فأجابني: نعم أعجبتني,ولكن كلهم من نوع واحد,ترهب... وسألني هل توجد سير لقديسين آخرين تابوا,ولكنهم عاشوا مثلنا في العالم,في مثل حياتنا,دون أن يترهبوا...؟وهل كل الذين يتوبون ,لابد أن ينتهوا إلي الرهبنة؟ألا يوجد تنوع في مصير التائبين؟ ولا شك أن ذلك الشخص كان له حق في سؤاله.إنه يريد عينة تابت,وعاشت بعد التوبة حياة مقدسة في العالم,مثلما يعيش هو... وفي قصة الميلاد,نري عينات متنوعة من القديسين,نذكر من بينها: نري في قصة الميلاد قديسين مختلفين في السن. نري إنسانا طاعنا جدا في السن مثل سمعان الشيخ,ومثل زكريا الكاهن وزوجته أليصاباتوكانا كلاهما متقدمين في أيامهمالو1:7.وكذلك حنة النبيةوهي أرملة نحو أربع وثمانين سنةلو2:37.ويوسف النجار أيضا كان شيخا... وإلي جوار هؤلاء نجد السيدة العذراء مريم,وكانت في نحو الرابعة عشر من عمرها,شابة صغيرة.ثم هناك يوحنا المعمدان وهو طفل,وقد ارتكض بابتهاج في بطن أمه لما سمع سلام العذراءلو1:44.ومن بطن أمه امتلأ من الروح القدسلو1:15.أما الرعاة فغالبا كانوا في سن الرجولة,لا أطفالا ولا شيوخا,وقد بشرهم الملاك. وكان قديسو الميلاد,متنوعين من جهة عملهم. كان منهم الكاهن,مثل زكريا,وتبعه في ذلك ابنه يوحنا. وكان هناك النجار مثل يوسف,من سبط يهوذا وليس من الكهنوت أما سمعان الشيخ فكان من علماء اللاهوت أو علماء الكتاب. والمجوس كانوا من رجال الفلك,وهم غير الرعاة في عملهم. وحنة بنت فنوئيل كانت نبية,وكانت عابدة,والعذراء كانت عابدة وأليصابات كانت تخدم بيتهاست بيت. والقداسة شملت الكل.لايهم السن,ولا نوع العمل. كل إنسان له نصيب في الرب:النجار مثل عالم اللاهوت,مثل الكاهن والنبية مثل ست البيت.وعالم الفلك مثل راعي الغنم...لقد جاء السيد المسيح للكل.وكل إنسان له رجاء في المسيح,بغض النظر عن سنه وعن عمله. كذلك كان قديسو الميلاد متنوعين من جهة الزواج. فهناك قديسون متزوجون عاصروا قصة الميلاد وبركته,مثل زكريا الكاهن وزوجته أليصابات.وكانت هناك الأرملة مثل حنة النبيةلو2:37.ولاشك أن سمعان الشيخ كان أرملا أيضا.وفي قديسي الميلاد نري أيضا المتبتلين مثل السيدة العذراء,ويوحنا المعمدان,ونري المخطوبين مثل العذراء ويوسف النجار لو1:27. في صورة واحدة اجتمع المتزوجون والمترملون والمخطوبون والبتوليون,كلهم لهم نصيب في الرب,ونصيب في حياة القداسة والتمتع بالمسيح. الناس يتنازعون قائلين أيهم أفضل؟ونحن نقول:الكل لهم نصيب في المسيح المهم في نقاوة القلب. وفي قصة الميلاد,نري المرأة والرجل. نري قديسات نساء,مثل العذراء,وأليصابات,وحنة النبية. ونري قديسين رجالا,مثل يوسف النجار,وزكريا الكاهن,وسمعان الشيخ... الكل اجتمعوا معا في الفرحة بميلاد الرب,لأن المسيح قد جاء للكل... كذلك نري في قصة الميلاد فقراء وأغنياء. المجوس كانوا أغنياء,لأنهم قدموا هدايا من ذهب...ويوسف النجار كان فقيرا,وكذلك كانت السيدة العذراء التي لم تجد مكانا تضع فيه مولودها,فولدته في مذود بقر...وقد اجتمع الغني والفقير معا في قصة الميلاد,لأن الرب يحتضن الكل وكل إنسان له نصيب فيه.جاءت البشارة للرعاة البسطاء,كما لهيرودس الملك أيضامت2:3. وبنفس الوضع نجد في الميلاد أنواعا من الناس. نجد العمل,والتوحد:العمل ممثلا في الرعاة الذين كانوا يسهرون في حراسات الليل علي أغنامهم,وظهر لهم الملاك يبشرهم بالميلاد,والتوحد كان ممثلا في حنة النبية التي كانت عاكفة علي عبادتها في الهيكل,وسبحت الله علي ميلاد المسيحلو2:38. وفي قصة الميلاد,كما نري اليهود,نري الأمم أيضا يمثلهم المجوس. نري الصغير والكبير,العلماني والكاهن,العابد والخادم,النبي والإنسان العادي,المرأة والرجل...الكل معا,في فرحة البشرية بالميلاد. وفي الفرحة بالميلاد اشترك الملائكة مع البشر. ملائكة بشروا بالميلاد,ميلاد المسيح المخلص للكل,وميلاد سابقه يوحنا المعمدان الذي يهييء الطريق قدامه.وجمهور من الجند السماوي ظهروا مسبحين الله وقائلين:المجد لله في الأعالي,وعلي الأرض السلام,وفي الناس المسرةلو2:14,13. وقصة الميلاد تعطي رجاء في اللقاء مع المسيح. سواء في الطفولة,أو في الشيخوخة والكهولة. يوحنا المعمدان,التقي الرب,وارتكض بابتهاج نحوه,وهو بعد جنين في بطن أمهلو1:44.والعذراء مريم التقت به في شبابها.وزكريا وأليصابات التقيا به وهما شيخان متقدمان في الأيام,وكذلك حنة النبية.وسمعان الشيخ التقي به في سن الكهولة,وهو أكثر من 200 سنة عمرا.ولكن له رجاء في هذا اللقاء إذ أوحي إليه أنه لا يري الموت قبل أن يري المسيح الربلو2:26. وكان في قصة الميلاد رجاء حتي للعاقر. وتمثل ذلك في أليصابات التي كانت عاقرالو1:36.ومع ذلك أعطاها الله ابنا في شيخوختها.وكان ابنها أعظم من نبي,بل لم تلد النساء من هو أعظم منهمت11:11. وأعطي المسيح فرصة للكل أن يروه. سواء الغرباء أو الأقارب:الغرباء مثل المجوس والرعاة.والأقارب مثل أليصايات نسيبة العذراءلو1:36,ويوسف قريبها..أعطي فرصة لليهود والأمم. كل أنواع الناس وجدت لها نصيبا في المسيح الذي جاء ليعطي رجاء للكل...حتي إن كنت لم تبصر المسيح طوال عمرك,ستراه ولو في كهولتك مثل سمعان الشيخ.وحينئذ تقولالآن يارب تطلق عبدك بسلام,لأن عيني قد أبصرتا خلاصكلو2:30,29. وكما أعطي المسيح بميلاده رجاء للكل,كذلك قدس كل شيء. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
بيصدق دموعك |
عاشرنا ناس دهب مش فضه |
لما الإنسان مش بيصدق فمحبة ربنا ليه |
الإيمان الأرثوذكسي في طبيعة السيد المسيح للمتنيح الأنبا غريغوريوس |
قوة قيامة السيد المسيح |