|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
☦ إلى أولئك الذين يهجرون اجتماع الكنيسة * فرح من أجل الحاضرين وحزن على الغائبين 1- ما هذا الذي يحدث ؟ حين تنقضي أعيادنا نجد أن اجتماعاتنا يرتادها أعداد قليلة جداً . لكن ليت هذا الأمر لا يزعجنا نحن الحاضرين ولا يؤثر علينا . لقد صار حشدنا صغيراً بالفعل ، ولكننا لم نصر أبداً أدنى من حيث استعدادنا ورغبتنا في التعلم . لقد صرنا أصغر من حيث العدد ، لكننا لم نصر أقل شوقاً وحنيناً للتعلم . لقد صرنا أقل عدداً لكي يظهر بوضوح فيما بيننا ، الناضجون ، ونعلم من هم الذين يأتون كما لقوم عادةً أثناء العيد السنوي ، من هم الذين عن رغبة في الأقوال الإلهية ، ومن هم الذين عن رغبة في السماع الروحي . لقد كانت كل المدينة هنا الأحد الماضي ، كانت الساحات مملوءة والجمع كان أشبه بموجات تهدر ذهاباً وإياباً ، لكن سکينتكم هي الأمر المرغوب فيه جداً أكثر من تلك الأمواج ، هدوئكم هو أثمن من الضوضاء والاضطراب. وقتذاك كان يصعب على المرء أن يعد ( يحسب ) الحاضرين ، أما الآن ، فالكل يتسم بالتصرفات المفعمة بالتقوى . إذا أراد أحد أن يقارن بين الاجتماعين ، أي الاجتماع القليل العدد ، والذي يشكل الفقراء أغلبه ، وذلك الاجتماع الكثير العدد والذي يشكل الأغنياء أغلبيته ، فسيجد أن هذا الاجتماع هو الأثقل. لأنه ، بالرغم من أنكم أقل من ناحية العدد إلا أنكم أثمن من جهة الرغبة في الحضور . فإذا وضع أحد عشرة دنانير ذهب على كفة ميزان ، ووضع في الكفة المقابلة مائة دينار من النحاس فلا شك أن الكفة الراجحة ستكون هي الكفة التي تحمل النحاس ، لكن العشرة دنانير ذهب سيتفوقون بما لهم من طبيعة ذهبية ، لأنهم من حيث الجوهر ، هم أثقل وأثمن. على هذا القياس ، من يريد أن يجري مقارنة بين الاجتماعين. وعلى ذلك يمكن للأقل عدداً أن يكونوا أثمن وأهم من كثيري العدد . لكن ، لماذا أقدم لكم أمثلة من الأمور المعتادة ، في الوقت الذي يجب فيه أن أقدم لكم حكم الله الذي يوضح هذا الأمر ؟ إذن ، ماذا يقول هذا الحكم : ’’ ولد واحد يتّقي الرب ، خير من ألف منافقين ‘‘ ( حكمة سيراخ 16: 3) . لأنه ، من الناحية العملية ، يمكن لإنسان واحد - في مرات كثيرة - من حيث قيمته ، أن يعادل آلافاً من البشر . بل يمكن أيضاً أن يكون هو الأكثر أهمية واحتياجاً والأثمن من كل المسكونة . وللتأكيد على هذا الأمر ، سوف أخذ من كلام بولس ؛ لأنه ، عندما تذكر أناساً فقراء ومضطهدين وجوعی ومعذبين ، قال الآتي : ’’ رُجموا ، نُشروا ، جُرّبوا ، ماتوا قتلاً بالسيف ، طافوا في جلود غنم وجلود معزی ، معتازين مكروبين مذلين ، وهم لم يكن العالم مستحقاً لهم . تائهين في براري وجبال ومعايير وشقوق الأرض ‘‘ ( عب11: 37_38 ) . ماذا تقول ؟ العالم لم يكن مستحقاً لأولئك الذين عاشوا في حرمان وضيق ولم يكن لهم وطن ؟ ألا ترى أنك تتناقض في أقوالك ؟ بالطبع أرى ما تقولون عنه تناقضاً ، فلأني أعرف جيداً طبيعة العملات ، قل إن العالم لم يكن مستحقاً لهؤلاء. وإذا أخذت الأرض والبحر والممالك والأقاليم وبشكل عام كل الجنس البشري ، وقارنتهم بأثنين أو ثلاثة فقراء ، يمكنني عن قناعة ، أن أقول إن هؤلاء الفقراء هم أكثر وزناً. لأنّ أولئك ، بالرغم من أنهم طردوا من وطنهم ، كان وطنهم هو أورشليم العليا. لقد عاشوا في فقر ، إلا أنهم اغتنوا من جهة التقوى. كانوا أعداء بالنسبة للناس ، إلا أنهم كانوا أحباب الله. ومن كانوا هؤلاء ؟ إيليا ، إليشع وكل أولئك الذين تشبهوا بهم . فبالرغم من أنهم وقتذاك ، لم يكن لهما حتى الطعام الكافي إلا أن فم إيليا أغلق وفتح السماء ، ورداءه أرجع مياه الأردن إلى الخلف ( أنظر 1 ملوك 17: 1_18، 46 ، و 2 ملوك 2: 😎 حين أتأمل هذه الأمور أشعر بالفرح والألم ، الفرح لأجلكم أنتم الحاضرين ، أما الألم فلأجل أولئك الغائبين ، أتألم كثيراً جداً وأشعر بالضيق والحزن والانسحاق في قلبي . لأنه من ذا الذي لا يتألم إذا رأى أمور الشيطان تكسب اهتماماً أكثر ، حتى ولو كان عديم الإحساس تماماً؟ لأنه أي مبرر إذا كانت أمور الشيطان ما تزال تحظى بذات الاهتمام ، وأي مغفرة إذا كانت تلك الأمور تحتل مكانة مميزة ؟ المسارح تدعو كل يوم ، والكل يترددون عليها ، لا أحد يرفض ، لا أحد يبدِ اعتراضاً ، بل وكأنهم مربوطون في مسيرة إجبارية ومتحررين من أي انشغال آخر ، يسرع الجميع إلى هذه المسارح . الشيخ لا يحترم شيبته ، والشاب لا يحافظ على شعلة طبيعته وشهوته ، والغني لا يفكر في العار الذي يلحق بمكانته . لكن ، حينما يجب عليه أن يأتي إلى الكنيسة ، يبدو وكأنه ينزل من مكانة سامية ومرتبة عالية، هكذا تجده خاملاً متردداً ، وفي مرحلة تالية تجده متغطرساً، يحتال كما لو أنه يمنح شيئاً لله . لكن عندما يسرع إلى المسرح ، حيث المشاهد الوقحة والمسامع البذيئة ، لا يظن أنه يلحق العار بذاته ، ولا بالغنى ولا بأصله الشريف. أود أن أعرف أين هم الآن الذين قد أزعجونا ذلك اليوم ؟ أود أن أعرف ماذا يعملون ؟ ما الذي يشغلهم عما نحن فيه الآن ؟ ليس هناك من اعتراض ، بل فقط غطرسة . ماذا يمكن أن يكونوا عليه أكثر من هذه الحماقة والغباء ؟ لأنه ما السبب الذي يجعلك أيها الإنسان تتكبر وتعتقد بأنك تفعل لنا خيراً إذا أتيت هنا لكي تنتبه وتسمع الأمور الهامة لأجل خلاص نفسك ؟ أخبرني ، ما الذي يجعلك تتغطرس ؟ أمن أجل الغنى ؟ أمن أجل الملابس الحريرية ؟ ألا تفكر في أن هذه الملابس مغزولة من الديدان ( دیدان القز ) وأنها مبتكرات البرابرة ؟ ألا تفكر في أن هذه الملابس يستخدمها العواهر والمخنثون والمسجلون خطر واللصوص ؟ اعرف جيداً الغنى البار ، وانزل من علوك وانتفاخك الفارغ . فكر جيداً في ضآلة طبيعة الإنسان . إنها طين ورماد وترابٌ ودخان وظلال وعشب وزهر عشب . أخبرني ، ألأجل مثل هذه الطبيعة ، تتكبر ؟ أي أمر مضحك أكثر هذا ؟ هل أنت تسود على أناس كثيرين ؟ ما الفائدة في أن تسود على بشر ، ألست أسيراً وعبداً لشهواتك ؟ إن حالك هنا يبدو وكأنك مثل شخص ، بينما هو في بيته ، يتلقی لطمات وجروح من خدام بيته ، لكن في الخارج يدخل السوق متغطرساً، لمجرد أنه يسود على آخرين . هكذا أنت أيضاً ، محبة المجد الباطل تلطمك ، والفسق يجرحك ، أنت عبد لكل الشهوات ، ولكنك تتغطرس لأنك تسود على إخوتك في الإنسانية ؟ ليتك تسود على تلك الشهوات ، وأن تكون مساوياً لإخوتك . ☦ من #العظة_الأولى_على_سفر_أعمال_الرسل للقديس يوحنا الذهبي الفم ☦ |
|