رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القمص صليب حكيم
مفرح الله بشعبه الذي يصون نفسه من الضياع مع العالم فإذا حقق أولاد الله العزلة الفكرية والقلبية بالتمسك بمبادئهم وقيمهم وحققوا العزلة الجسدية بعدم الزواج من الغرباء، وغلبوا العالم بإيمانهم بالمسيح وبروحه الساكن فيهم روح الخير والحب، فالنهاية هي قبول الله لهم كما يقول "فأقبلكم وأكون لكم أبا وأنتم تكونون لي بنين وبنات". والقبول هنا قبول الفرح بأبناء منتصرين على حرب الشيطان وحرب العالم الموجهة ضدهم محتفظين بمحبة إلههم وبرهم وطهارتهم وحافظين لوصاياه فيجدد عهد الأبوة معهم ويؤكده لهم ويثِّبت لهم شرف بنوتهم له. ويذكر الله هنا حق عطية البنوة للبنين وحق عطية البنوة للبنات مظهرًا مساواته في منح الأمجاد الإلهية للبنت كما للولد، ومبينا اهتمامه وحرصه على سلامة البنات تماما كحرصه على سلامة البنين وذلك من خطف العالم لهن وتحويلهن عن الإيمان بزواجهن من أبناء الغرباء عن الإيمان، لأنه رب الكل ولأنه في المسيح "ليس عبد ولا حر ليس ذكر وأنثى لأنكم جميعا واحد في المسيح يسوع" (غل3: 28). ومن أجل هذه المواعيد الإلهية كان أبرز ما تميز به تعهد الشعب أمام الله بعد السبي هو عدم الزواج من الأمم فيقول الكتاب "وباقي الشعب والكهنة واللاويين والبوابين والمغنيين والنثينيم (المكرسين) وكل الذين انفصلوا من شعوب الأراضي إلى شريعة الله ونسائهم وبنيهم وبناتهم، كل أصحاب المعرفة والفهم لصقوا بإخوتهم وعظمائهم ودخلوا في قسم وحلف أن يسيروا في شريعة الله التي أعطيت عن يد موسى عبد الله وأن يحفظوا ويعملو دعوة لرجوع الساقطين: وإن كان أحد قد عثر أو سقط فالقول الإلهي: "اخرجوا من وسطهم واعتزلوا.. فأقبلكم" فيه دعوة مباشرة للذين انحرفوا واتحدوا بالغرباء أن يعودوا إلى حظيرة المسيح فيرحب بهم ويقبل توبتهم ويجدد عهده معهم تماما كما قبل الزانية وكما شرح لنا أبوته الحانية في مثل الابن الضال عندما تاب ورجع. وإن كانت هذه دعوة المسيح لأبنائه الذين تاهوا عنه وشردتهم أعاصير وسيول العالم الجارفة، فكنيسة المسيح بالتالي تفتح أحضانها لكل أبنائها وبناتها الذين يريدون الرجوع إليها مذللة لهم كل الصعاب، هادمة أمامهم كل الحواجز بقوة إلهها وفاديها الحقيقي الرب يسوع المخلص القوي. وإن كنا قد ذكرنا في معرض كلامنا أن علاقة المصاهرة مع الغرباء علاقة معقدة وليس من اليسير على من وقع فيها أن يتخلص منها إلا أننا نؤمن أيضًا أن كل نفس ترغب في الرجوع من أعماقها فإن كل عسير يذلل أمامها لأن "غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله" (لو18: 27). ومن السير الجميلة التي يمكنك أن تراجعها وتؤكد لك قوة الله في إرجاع الذين سقطوا، سيرة القديس ديسقورس(3) الذي استشهد في اليوم السادس من برمهات وكان قد أنكر الإيمان، فأرسلت أخته إليه تقول له "لقد كنت أشتهي أن يأتيني خبر موتك وأنت مسيحي فكنت أفرح بذلك ولا يأتيني خبرك بأنك قد تركت المسيح إلهك" ولما قرأ كتاب أخته بكى بكاء مرًا وعاد إلى إيمانه مرددًا أمام الوالي بكل شجاعة الروح "أنا ولدت مسيحيا وأموت مسيحيًّا"(4). والقديس مرقس والي البرلس والد القديسة دميانة الشهيدة العفيفة الذي رجع إلى الإيمان ونال إكليل الشهادة بسبب موقفها منه وتوبيخها له. وغيرهما كثير ممن استجابوا لصوت الروح القدس على فم الممتلئين غيرة وحرارة روحية في محبتهم للمسيح. وهكذا كل نفس تستجيب لنداء الروح القدس الذي يدعوها للرجوع، هو نفسه يشعل فيها جذوة الحب للمسيح، فتتقد فيها حرارة الإيمان به حينئذ تتحدى الموت ذاته ولا تفتأ راجعة إلى فاديها وحبيبها، متخطية كل الحواجز عابرة كل الصعاب فتندفع بدموع الفرح لكي تتعلق بأذيال ثوبه وتقبض على قدميه معلنة ندمها على كل ما فرط منها مظهرة ثقتها ورجاءها في رحمته ومحبته غير المتناهية. فيقبلها ويكفكف دموعها ويشجعها ويسندها بنعمته حتى إذا ما أكملت جهاد أيام غربتها يقبلها في ملكوته ويلبسها ثيابًا ملوكية ويتوجها بأكاليل المجد ويجلسها معه في عرشه ويمنحها حياة سعيدة لا تنتهي مثل باقي القديسين.ا جميع وصايا الرب سيدنا وأحكامه وفرائضه وأن لا نعطي بناتنا لشعوب الأرض ولا نأخذ بناتهم لبنينا" (نح10: 28-30). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
المزمور المئة والسابع والأربعون تسبيح الله المعتنى بشعبه |
يا الله يا من تقيم الساقطين |
سقوط بابل و ترفق الله بشعبه |
علاقة الله بشعبه التي بسببها تتم المحاكمة |
كرتون الكتاب العظيم عناية الله بشعبه |