|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يأكل ويشرب مع العشارين والخطاة وَأَمَّا الْكَتَبَةُ ..فَلَمَّا رَأَوْهُ يَأْكُلُ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ، قَالُوا لِتَلاَمِيذِهِ: مَا بَالُهُ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ؟ ( مرقس 2: 16 ) العشَّار هو جابي الضرائب. وكان اليهود يكرهون جُباة الضرائب، ليس فقط لأن أداء الضريبة كان يرهقهم ماديًا، بل أيضًا لأن ذلك كرهًا عنهم وضد مشاعرهم الوطنية، لأن أداءها كان دليلاً على عبوديتهم تحت سلطان الرومان، وشاهدًا على ضياع امتيازهم كشعب حر. فإذا ما قام واحد من بينهم ليشغَل هذه الوظيفة – وهو ما لا يستحسنونه – فإن ذلك كان يزيد المرارة في قلوبهم، وكانوا يعتبرون مثل هذا الشخص خائنًا للدين وللوطن معًا. ومن هنا كان العشارون مكروهين ومُحتقرين. والرب دعا واحدًا منهم، هو لاوي (متى)، فأطاع الدعوة، وترك الوظيفة، وتبع الرب، وصنع له وليمة في بيته دعا إليها زملاءه السابقين وتلاميذ الرب ( مر 2: 13 -15). هذا أثار الكتبة والفريسيين، فتساءلوا: كيف يمكن لمُعلّم بار أن يُجالس وأن يؤاكل أولئك النجسين والخطاة؟ وسمع الرب يسوع سؤالهم ورد الجواب بحكمة إلهية. كان الجواب بسيطًا، وعلى قدر بساطته كان قويًا «قال لهم: لا يحتاج الأصِحَّاء إلى طبيب بل المرضى. لم أتِ لأدعو أبرارًا بل خطاةً إلى التوبة» ( مر 2: 17 ). وهذه هي النعمة العاملة النشطة، وفيها نرى أن عمل ربنا يسوع يشق مسلكًا يختلف تمام الاختلاف عن مسلك الناموس. فإن الناموس كان يطلب من الإنسان برًا إنسانيًا، أما يسوع المسيح وإنجيله فيُعلنان نعمة الله التي تملك بالبر، ويُعلنان بر الله. النعمة تُقدَّم كاملة للجميع، وقد استُعلِن البر في الصليب عندما أكمل المسيح هناك العمل الذي أعطاه الله الآب ليعمله. يا له من حق هام وعظيم القيمة والغلاوة! جاء يسوع المسيح – الرب المُخلِّص – ليدعو خطاة، ولم يأتِ ليدعو أبرارًا. ولو كان هناك أبرار ما كانت هناك حاجة لدعوتهم. لكنه – له المجد – بالنعمة الغنية، وبصلاح عميق، جاء ليدعو خطاة. أتى ليدعوهم لا ليطردهم أو لينبذهم، واستطاع أن يجلس معهم، وأن يأكل معهم، وهو القدوس في ذاته. هذا هو استعلان الله في المحبة بين الخطاة لكي يجذب قلوبهم ويكسب ثقتهم فيه، ولكي يحزم كل طاقات النفس بشخصه الذي هو موضوع شبعها الوحيد، ويُشكّلها لتكون على صورته أدبيًا، إذ يقودها ويوجهها. وفي الوقت ذاته تتطلع إليه النفس وتسجد له حبًا وعبادة. إنه لكي يُولِّد في النفوس المسكينة هذه الثقة أثبت صلاحه باجتذاب الخاطئ إليه بدلاً من نبذه وطرده. |
|