فقال أبيشاي لداود قد حبس الله اليوم عدوك في يدك. فدعني الآن أضربه بالرمح إلى الأرض دفعة واحدة ولا أثني عليه (1صم26: 8) حينما قال داود لأخيمالك الحثي وأبيشاي بن صروية مَنْ ينزل معي إلى شاول إلى المحلة (1صم26: 6) قال أبيشاي على الفور « أنا أنزل معك » فقد وقف بجانب الملك مُظهراً حُباً وإخلاصاً وولاءً للملك مُخاطراً بنفسه غير حاسب عواقب المخاطرة. نعم فهذه هي سمة المحبة التي لا تحسب قيمة التكاليف مهما كانت التضحيات. لكن وإن كان أبيشاي له تلك المحبة الشديدة نحو داود إلا أنه كان، كالكثيرين اليوم، يحتاج لأن يكون له فكر وروح داود؛ إذ عندما رأى أبيشاي شاول مضجعاً عند المتراس وهو ما يُشبه الخندق، قال لداود على الفور « قد حبس الله اليوم عدوك في يدك. فدعني الآن أضربه بالرمح إلى الأرض دفعة واحدة ولا أثني عليه » (1صم26: 8). ألم يَقُل الكتاب عن هذا الجبار إنه هز رمحه على ثلث مئة فقتلهم (2صم23: 18). فإن ضربة واحدة كافية لتتويج داود ملكاً. لكن داود أدرك أن هذا البطل لا يدرك أنه ليس بهذه الطريقة يعتلي داود العرش، وأنه لم يَحُن الوقت بعد للمُلك، لأن داود لم يكن من هذا الطراز الذي يتحرك وفقاً للظروف المواتية بل كان عنده فكر الله من جهة الوقت المناسب للجلوس على عرش إسرائيل كملك. كما أن داود كان يسعى ـ بعكس أبيشاي ـ لا لكي يقتل شاول بل لكي يربح قلب شاول، وهذا الأمر لم يتفهمه أبيشاي الذي تميّز في حياته بروح القضاء والحكم. وهكذا نحتاج في أيامنا لأن يكون لنا روح وفكر داود الحقيقي (ربنا يسوع المسيح) الذي يسعى لربح الآخرين مهما اشتدت عداوتهم. فإن كنا نقف في صف المسيح بحق فلا بد أن تكون لنا تلك الروح التي تربح القلوب له. أما إن كنا نتصرف بروح أبيشاي، فسنجد الكثيرين حتى من أولاد الله ينفرون من هذه الروح والتي تدفعهم بعيداً عن الشركة الصحيحة معنا، وهذا راجع لأننا أحياناً نقدم الحق صحيحاً، لكن بالأسلوب الذي معه قد يُرفض الحق، وبالروح التي لا تسعى ولا تعمل على كسب القلوب للمسيح وترغيبهم في محبة الحق. يا ليت تصرفاتنا مع الآخرين تتميز بروح النعمة التي تسعى لربح القلوب للرب، معبرين بذلك عن لطف سيدنا ومحبته، فنُسِر قلبه إذ يجد أواني استطاعت أن تعبر عن فكره وروحه وأسلوبه الفريد.