رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لم تكن تلك هي المرة الأولى التي أرى فيها ذلك "الإنسان" فقد سبق أن رأيته قبل سنوات حينما كان يسخر منه العديد من أطفال الكنيسة حينما كان طفلاً وقتذاك، وكنت أحزن عليه، ولكن عندما رأيته هذه المرة سعدت للغاية..! وذلك "الإنسان" قد أتضح لي بعد دراستي الجامعية لعلم النفس انه طفل مصاب بالتخلف العقلي، كنت قبل دراستي الجامعية لا أعرف ما السبب في ذلك الشكل الغريب الذي يتخذه ذلك الطفل، لم أكن اعرف أي شيء سوى إنه طفل غريب الشكل يسخر منه الأطفال الآخرون لا اعلم سبب السخرية والاستهزاء. وكنت أتعجب لماذا يدفع به والديه إلى الكنيسة رغم كل ما يحدث له من إهانات وسخرية من الآخرين من شيء لا ذنب له فيه وحتى أن كان مذنب فليس من حقنا أن ندينه، أليس من الأفضل أن يغلقوا عليه في بيتهم حتى يحفظوا له ما تبقى من كرامة.. هكذا كنت أفكر عندما كنت طفلاً؟!!! ومرت سنوات ودخلت الجامعة، ثم تحدث لي مفاجأة حينما أرى ذلك الفتى شماساً في الكنيسة عندما كنت أحضر أحدى القداسات، سعدت وحزنت، فمظهره مفرح بملابس الشمامسة ولكن كانت خدمته مجرد تنظيف المقاعد أو الوقوف فقط دون اشتراك في أي خدمة، كنت لا أزال اجهل المعنى الحقيقي لمفهوم الخدمة، وعندما كان يقوم بالتناول كنت أخاف جداً خشية أن يقع من فمه جسد الرب أو دمه أو يبصق بعد التناول. قلت في نفسي حينذاك هل ذلك الفتى يعي ما يقوم به وان كان لا يعي فلماذا توافق الكنيسة على أن يكون خادماً، هل لا زلنا نعامل هذه الفئات على إنها "بركة" بعيداً عن أدنى اعتبار للعلم، وكنت اعتقد انه من المفروض أن مثل تلك الفئات تكون في اجتماعها فقط الخاص بالمعاقين عقلياً في الكنيسة لدينا.. هكذا كنت أفكر عندما كنت لا أزال منبهر بالعلم وقاعات المحاضرات دون أدنى تعمق في الدراسات والأبحاث؟!!! ثم أذهب إلى الكنيسة -بعد تخرجي من الجامعة ومروري بخبرات عملية- في صوم العذراء لحضور النهضة يوم 13 /8 /2006 وإذ بي أجد صوت في صلاة عشية يرج جدران الكنيسة ويرد وراء الكاهن العديد من المردات، صوت ليس بالعذب جداً وكلام من الشفتين واضح إلى حد ما، ولكنه صوت خادم ناري..! نعم لقد أصبح الطفل فتى والفتى أصبح شاباً يافعاً..خادماً نارياً..يقول المردات بحماس لم أراه من قبل في شماس سواه.. يثق بأنه لن يخطئ فيما يقول. بدأت أبتسم إلا إنني وجدت أن الرؤية غير واضحة، قلت ربما تكون عدسات النظارة تحتاج إلى تنظيف حاولت تنظيفها ولكنها كانت نظيفة جداً واكتشفت الحقيقة في هذه اللحظة وجدت عينيّ تُدمِع.. أنني أبكي وأبتسم في نفس الوقت، قلت في نفسي هل جننت؟! ولكن تم حل اللغز عندما عرفت أن البكاء يرجع إلى حالي فتذكرت كم مرة أخطأت في الحكم على الأمور في ذلك الموقف، أما الابتسامة فهي لأنني أعجبت بذلك الشاب الذي دائماً كنت أراه بغير وضوح إلى أن أتت اللحظة التي فيها عرفت معنى الخدمة والخادم الناري وعرفتها من موقف كان بطله طفل معاق عقلياً تدرج في الخدمة منذ طفولته ليعلمني كيف تكون الخدمة، كيف يكون نكران الذات، كيف أن حفظ المردات القبطية والعربية ليس مستحيلاً لأي إنسان يريد أن يحفظ، كيف يكون الصدق فيما أقوله من مردات، كيف أؤمن بقلبي دون دخل من عقلي في أي شيء..؟!!! لقد أعطى لي هذا الخادم الناري دروساً عديدة وهي: 1. الخدمة بالتدريج والصعود فيها صعب، ولكن له مذاق خاص، ولكن فقط علينا أن نضع يدينا على المحراث ولا ننظر إلى الوراء. 2. عظمة الخدمة ليست بحجم المهمة، ولكن بكيفية أداء ما يطلب منك من مهام، فهذا الخادم الناري كان يؤدي تنظيف المقاعد أو الوقوف مع الشمامسة بمنتهى الكفاءة. 3. لابد أن اخدم دون أن انظر إلى الآخر، فالخادم الناري لا يهتم بمن قرأ الإنجيل من شمامسة ولماذا لم يقرأه هو أو لماذا لا يقل هذا المرد أو ذاك؟..الخ.. فالمهم هو الاستماع إلى الإنجيل والعمل بما يقال. 4. أين أنا من الخدمة في القداس وعشية.. ألست شماساً، أين الأطفال الذين كانوا يوماً يسخروا من ذلك الطفل بالتأكيد أصبحوا شباب مثله.. أين خدمتهم.. أم أنهم اكتفوا بالسخرية دون العمل..؟! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
خادم ناري |
حاولت حكاية خادم |
العثور على جثة شرطى مصاب بطلق نارى ، داخل منزله |
المعاق معاق الأخلاق لا معاق الجسد |
حكاية خادم نارى معاق |