رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فقالَ لها يسوع: ما لي وما لَكِ، أَيَّتُها المَرأَة؟ لَم تَأتِ ساعتي بَعْد تشير عبارة "ما لي وما لَكِ" إلى عبارة كتابية لصد كل تدخّل في غير مكانه أو للتعبير عن الرفض (قضاة 11: 12 و2 صموئيل 16: 10 1 ملوك 17: 18) أو للتعبير عن انقطاع في الصلة والعلاقة بين المتكلّم والمُخاطَب، وتنطوي على نوع من القسوة وعلى تباعد في وجهات النظر بين يسوع ومريم أمه؛ كأن يسوع يقول لمريم أمِّه ليس لكِ أن تشيري عليَّ ما يجب أن اعمله، أو "دعيني! أنك تتدخلين بأمر لا يعينك". فهذا بيني وبين أبي السماوي". فيسوع لا ينظر إلى حاجة بسيطة في عرس، بل إلى ساعة إعلان مجده كمسيح التي لم تَحِنْ بعد، وهي ساعة الآلام والموت والقيامة (يوحنا 7: 30، 8: 20، 12: 23). أمَّا عبارة " المَرأَة؟" في الأصل اليوناني γύναι فلا تشير إلى قلة احترام أو إجلال حيث أعاد يسوع هذا اللقب لمريم أمِّه عند الصليب حين أراد إظهار الحب ورقة قلبه عليها: " فرأَى يسوعُ أُمَّه وإلى جانِبِها التِّلميذُ الحَبيبُ إِلَيه. فقالَ لأُمِّه: أَيَّتها المَرأَة، هذا ابنُكِ" (يوحنا 19: 26)، فمن أوصى بإكرام الوالدين لن يحتقر أمَّه. بل قال الكتاب المقدس "كان خاضعا لهما" (لوقا 2: 51). ولفظة " يا امرأة" لا تتضمن حتما أي توبيخ إنما هو مطابق للعادات اليهودية والهلينية، وأطلق الله على العذراء مريم لقب "امرأة" حينما قال إن نسل المرأة أي المسيح سيسحق رأس الحية "أَجعَلُ عَداوةً بَينَكِ وبَينَ المَرأَة وبَينَ نَسْلِكِ ونَسْلِها فهُوَ يَسحَق رأسَكِ وأَنتِ تُصيبينَ عَقِبَه"(التكوين 3: 16)، وأطلق يسوع هذا اللقب على المرأة السامرية " صَدِّقيني أَيَّتُها المَرأَة تَأتي ساعةٌ فيها تَعبُدونَ الآب لا في هذا الجَبَل ولا في أُورَشَليم" (يوحنا 4: 21)، حيث أن المرأة تعني السيدة. أمَّا في مفهوم إنجيل يوحنا فتُوحي لفظة "المرأة" إلى المرأة الثانية مقابل حواء المرأة الأولى؛ ومعها يبدأ نسل جديد هو يسوع، بكر الخلائق كلها (قولسي 1: 15)، إذ صارت العذراء مريم حواء الجديدة، ويُعلق القديس يوحنا الذهبي الفم "لا يتحدث يسوع هنا مع مريم بكونها أمَّا له بل بكونها حواء الجديدة". أمَّا عبارة "لَم تَأتِ ساعتي بَعْد" فتشير إلى عدم حضور الساعة الذي يُظهر يسوع مجده علانية بفعل المعجزة كما ورد في إنجيل يوحنا (يوحنا 7: 3، 8: 20، 12: 23، 27)، إنما تشير إلى حضوره في هيكل اورشليم وفق النبوءة القائلة "يَأتي فَجأَةً إِلى هَيكَلِه السَّيِّدُ الَّذي تَلتَمِسونَه، ومَلاكُ العَهدِ الَّذي تَرتَضونَ بِه. ها إِنَّه آتٍ، قالَ رَبُّ القُوَّات" (ملاخي 3: 1) وبالتحديد تشير الساعة إلى موت يسوع ورجوعه إلى الآب (يوحنا 13: 1، 17: 1). أمَّا عبارة "ساعتي" فتشير في إنجيل يوحنا إلى الوقت الذي حدَّده الآب لظهور مُسبق لمجد يسوع الإلهي من خلال الآيات والمعجزات، وتدل أيضا في اغلب الأحيان على ساعة الصلب، لأن الصلب هو عبور أو انتقال إلى المجد "أَتَتِ السَّاعَةُ الَّتي فيها يُمَجَّدُ ابنُ الإِنسان" (يوحنا 12: 23). وبناء على ذلك لم تكن معجزة في قانا لإعلان يسوع للأمَّة اليهودية إنما إظهار مجده لتوطيد إيمان تلاميذه. |
|