البوق الأخير
هوذا سر أقوله لكم. لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغير. في لحظة في طرفة عين عند البوق الأخير. فإنه سيبوَّق فيُقام الأموات عديمي فساد ونحن نتغير (1كو15: 51،52)
إن الرب ـ له كل المجد ـ الذي تكلم مرة بصوت النعمة عندما كان على هذه الأرض، وهو يتكلم الآن من السماء بنفس النعمة التي لم تتغير، سوف يأتي قريباً « بهتاف » لن يعرفه إلا خاصته، ولن يسمعه إلا أولئك الذين عرفوا قبلاً صوت الراعي (1تس4: 16). وفي لحظة في طرفة عين سيتغير الكل « وهكذا نكون كل حين مع الرب ». يا لها من نغمة حلوة ستصل إلى مسمع المؤمن المُتعب الذي سار بأمانة في طريقه المتواضع المعيَّن له من الرب. ربما يكون قد أسند رأسه على صدر سيده و « رقد ». وربما يكون موجوداً ضمن « الأحياء الباقين » وعندما يدوي صوت الرب « بهتاف » سيجده في حالة السهر منتظراً سيده، فيصل صوت الرب إلى أذنيه وإلى آذان كل المؤمنين ـ أحياء وراقدين، ويقودهم جميعاً إلى بيت أبيه في الأعالي.
إنه سيجمع ذرات تراب قديسيه بقوته الفائقة، ورغم كل شيء لا بد أن تُسلم للرب كل غنائمه، وحتى البحر لا بد أن يسلم للرب الذين له من الذين دُفنوا في أعماقه. وكما قام الرب له المجد تاركاً الأكفان في مكانها دون أن تتحرك، هكذا سيأمر بحسب شدة قوته، وبنفس السكون والصمت، أن يقوم « الأموات في المسيح » من قبورهم، فيتركوا القبور كما فعل هو « كباكورة الراقدين ». أما الأجناد الأحياء الباقون هنا على الأرض فسيسمعون صوته أيضاً، وحينئذ سيلبس هذا المائت عدم موت، وسينشد الجميع بهذه الترنيمة المُبهجة إجابة لصوت هتافه القوي « أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟ » (1كو15). ومثل أخنوخ قديماً فإن هؤلاء المؤمنين لن يُوجدوا لأن الله سيكون قد أخذهم.
ما أبهج تلك اللحظات للذين للمسيح عند مجيئه، سواء أكانوا أحياء أم راقدين. لقد كانت قيامته له المجد برهاناً على كماله ومجده الشخصي، بينما ستكون قيامة المؤمنين الراقدين برهاناً على كمال عمله فوق الصليب، الذي على أساسه نقف مقبولين أمام الله في المحبوب، ويحق لنا في هذه الحالة أن نعزي بعضنا بعضاً بهذا الكلام.
ليت هذا الرجاء المبارك يكون حافزاً لنا لخدمة الرب الذي ننتظره ـ الخدمة الأمينة التي هدفها مجده على الدوام، وإذ نعلم كجنود المسيح « مخافة الرب » (أو رُعبه » ننذر النفوس البعيدة ونحثها على التعرف به كالمخلص والفادي.