رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تنفيذ وصية البابا كيرلس السادس عاش البابا كيرلس السادس عمراً يناهز الــ 69 عاماً مع الرب وقديسيه مار مينا . وفى عام 1964 م كتب وصيته بخط يده ولما كان يحب مار مينا فقد إشتاق لأن يدفن فى ديرة العامر بمريوط بالرغم من أنه اسس أكبر كاتدرائية فى الشرق الأوسط ولكنه لم يغير وصيته ليدفن بها وصية البابا كيرلس السادس بإسم الآب والإبن والروح القدس إله واحد آمين وصيـــــة أنا الموقع أدناه بإمضائى وختمى وخطى المدعو بنعمة الرب كيرلس السادس أوصى بما هو آت :- 1 - مساحة الـ 50 (خمسون) فدان بصحراء مريوط وما عليها هو ملك لدير مار مينا العجائبى . 2 - قطعة الأرض التى بتفتيش السيوف الإسكندرية . 3 - قطعة الأرض الكائنة بكينج مريوط . 4 - العقار الكائن بمحرم بك بالإسكندرية . 5 - جميع العقارات والأرض والكنيسة بمصر القديمة . جميع هذه ملك لدير مار مينا العجائبى بصحراء مريوط . كما أوصى أنه بعد إنتقالى ووفاتى , يدفن جسدى بالمدفن الذى تحت الكنيسة بدير مار مينا بصحراء مريوط , يدفن بالملابس التى تكون على جسدى ولا لزوم لغيرها . كل من أطلع على هذه الوصية ولا يعمل بها يكون محروماً من فم الثالوث الأقدس الآب والإبن والروح القدس وفم الرسل والقديسين وفم حقارتى ويكون على شمال المسيح , وعلى أبن الطاعة تحل البركة الإمضاء كيرلس السادس وقرر البابا شنودة الثالث وفاءً للبابا الراحل تنفيذ وصيته أن ينقل جسده الطاهر إلى المكان الذى أحب أن يدفن فيه فى ليلة عيد القديس مار مينا . وفى ظهر الأربعاء 22 نوفمبر 1972 م أخرج الصندوق الذى به جسد البابا كيرلس السادس من مدفنه المؤقت تحت الكاتدرائية المرقسية بأرض الأنبا رويس ووضع أمام الهيكل للمرة الثانية . وقام برفع صلاة بخور العشية قداسة البابا شنودة الثالث وكثير من الآباء المطارنة والأساقفة والكهنة والشعب , وألقى البابا شنودة الثالث عظة قال فيها : " .. البابا كيرلس يرتبط تاريخة , بحدث هام ينسب إليه , وهو إنشاء دير القديس العظيم مار مينا العجايبى , وفى الحقيقة إن البابا كيرلس إغتبط قلبه بهذا الدير إغتباطاً فاق الوصف , وهى النقطة التى أريد أن أتكلم عنها اليوم . ففى رهبنته كان أسمه مينا المتوحد , وأحب هذا القديس الذى أخذ إسمه , محبة كبيرة , ورغم أنه كان من دير البراموس , إلا أن قلبه إلى دير مار مينا , وعندما أضطر إلى ترك مغارته فى الجبل بنى ديراً بإسم مار مينا لمحبتة لهذا القديس , وأصبح كل من يذهب إلي المنطقة يزور دير مار مينا , ويأخذ بركة القمص مينا المتوحد , وعندما كان فى كنيسة مار مينا بمصر القديمة التى عاش فيها زمناً طويلاقبل الزمن الذى قضاة فى الباباوية كان فى نفس الوقت يسعى فى السكنى فى منطقة مار مينا بمريوط , وإتصل بجمعية مار مينا بالإسكندرية , وبالأخص د/ منير شكرى لعمل الإجراءات ليعيش فى مار مينا . وعندما بدأت الصلاة بمنطقة دير مار مينا تهلل قلبه جداً , وكان قد بدأ بهذه الصلاة الأنبا ثاؤفيلس قبل أن يكون هناك دير , وكانوا يصلون فى العراء فىالمنطقة الأثرية . ولما جلس البابا كيرلس السادس على كرسى مار مرقس , أهتم بدير مار مينا إهتماماً كبيراً , وبدأ ينشئ هذا الدير وفى الواقع إن العمل الذى قام به هذا الدير هو عمل عجيب جداً , يدل على إقتناع عجيب بالفكرة , وإصرار , وتصميم على إنشاء الدير , إذ لم يكن بالأمر الهين إحضار مواد بناء والماء , فكانوا يحضرون الماء من قرية بهيج نذكر بالشكر فى هذه المناسبة المقدس شاروبيم أقلاديوس , وأخاه المقدس فرج أقلاديوس على تعبهما . البابا كيرلس بنى أستراحة له فيها مسكن , وحجرات وضيافة , وكنيسة صغيرة ثم كنيسة أكبر بثلاث مذابح , ثم بنى سوراً ضخماً يضم حوالى 15 فدانا فى داخلة , وهى مسألة ليست بالعمل الهين , وسمح له ببعض الأحجار من المنطقة الأثرية , ثم بنى بيتاً للخلوة للآباء الكهنة بمساعدة نيافة الأنبا صموئيل , وبنى بعض غرف لإستعمالات العامة . وبدأ يزرع تلك المنطقة , وهو فى الواقع يعتبر المؤسس الحقيقى الكبير لدير مار مينا فى عصرنا الحاضر , كل ذلك لمحبته فى دير مار مينا , ووضع أساس كاتدرائية كبيرة فى تلك المنطقة , مساحتها تقريباً حسبما أذكر ثلاثة أمثال الكنيسة الكبيرة الموجودة فى الدير , وفى هذه الكنيسة أراد أن يدفن . لا حظوا هذا الإهتمام الكبير فى قلب الصحراء , ليس للإنشاء فقط و ولكن من حيث الرهبان , فكان يستعير بعض الرهبان من دير السريان , ثم رسم به رهباناً جدداً , واخذ موافقة المجمع المقدس بهذا الدير , وكان فرحاً بهذا العمل . وكلكم تعلمون أنه كان يقضى شهوراً طويلة بهذا الدير , فهو مكان خلوته والمكان الذى يذكره بأسمه القديم (مينا المتوحد) أحب هذا المكان جداً , وكشخص متوحد , كلما إزدادت عليه الضغوط الخارجية , كان يلوذ بهذا المكان . كان يريد أن يجعل مار مينا يحظى بإهتمام الكل , فأنشأ على أسمه مذابح كثيرة بالكنائس , بل أن احد المطارنة الأوائل الذين رسمهم فى أول رسامته بطريركاً كان بإسم "مينا" مطران جرجا . وجعل صناديق التبرعات لهذا الدير بكنائسة بالإسكندرية , وكان يشغله هذا الأمر جداً , وأتذكر أننا فى كل مرة نطلب أذنا لزيارة مارمينا كان يتهلل , ويظهر ذلك فى ملامحة , وربما كنا نطلب أشياء أخرى ويرفض , ولكن زيارة مارمينا كان يتهلل لها ويفرح وهذه المحبة الكبيرة بينه وبين هذا القديس جعلته يكتب فى وصيته أن يدفن فى دير مارمينا , ووضع حروماً شديدة لمن يخالف هذه الوصية , وتظهر هذه الوصية أهتمامه بدير مار مينا , فذكر الخمسين فداناً .. وأشياء كثيرة لدير مارمينا , وهذه محبة كبيرة لهذا الدير , وتعلق قلبه به وأن يدفن بالمدفن الذى تحت الكنيسة بدير مارمينا . وعلى الرغم من أنه بعد هذه الوصية أسست الكاتدرائية الجديدة بالأنبا رويس , ورغم حضور جسد مار مرقس , ولكنه إستبقى الوصية كما هى , بل أسس مقبرة له تحت هيكل الكنيسة الجديدة بالدير , وذلك قبل وفاته بشهور , وظل على إصرارة , لم تكن القاهرة كلها تملئ قلبه مثلما تملأ قلبه صحراء مريوط , وهدوؤها . وعندما رقد فى الرب فى 9 مارس سنة 1971 م - لم نتمكن من تنفيذ وصيته , لأن المقبرة لم تكن تمت , ولم يكن ممكناً أن نأخذ الألوف من أحبائة الذين يريدون أن يودعوه يوم وفاته أن نأخذهم إلى مريوط , ولذا دفن مؤقتاً فى القاهرة , وفعلاً جهزنا المقبرة تجهيزاً جميلاً , وهى مكسوة بالرخام , وفى منتهى الفخامة , وجعلنا فيها متحفاً توضع فيه الأشياء التى تذكرنا بالبابا كيرلس , وكان علينا أن ننتظر سنة من الناحية الطبية , وإنتظرنا عشرين شهراً حتى تم إعداد المقبرة , وترتفع الكنيسة الآن حوالى 4 أمتار , وأيضاً بنيت الهياكل , وقد صلينا فى هذه الهياكل فى عيد مارمينا السابق 22/ 6/ 1972 م . ونظراً لأن الكنيسة تحتاج لسنوات لكى تتم وربما أنه أراد أن يزداد عمار دير مارمينا , لأن الألاف سوف تذهب إلى ذلك الدير لوجود جسد البابا فيه , أن منمحبته فى مرا مينا أراه أن يرقد فى مار مينا , وفى رقادة سبباً فى عمار دير مار مينا . وكثير من باباواتنا دفنوا فى الديرة , دير القديس مكاريوس , توجد به مجموعة كبيرة من اجساد البطاركة . ودير النبا رويس به أربعة من البطاركة عن يمين جسد الأنبا رويس . ولا شك أن دير مارمينا هو أحق مكان ليدفن فيه جسد البابا , فهو منشئ الدير وكؤسس الدير , فهو الذى بنته , وجمع رهبانه , وبنى أسواره . لا شك أن هذا الدير يرتبط بالبابا كيرلس , ولولا محبة البابا كيرلس للشهيد مارمينا لأسميناه دير البابا كيرلس , وشعب الأسكندرية لا يفرق بين تسميته دير مارمينا ودير البابا كيرلس , وكان إذا إعترضهم أحد يقولون أنهم فى دير البابا . وفاء منا نفذنا هذه الوصية , ونحن نعلم أن كثيراً من القديسين كانوا يوصون أن تدفن أجسادهم فى أماكن معينه مثل : أبينا إبراهيم أب الآباء , وأعد المكان الذى يدفن فيه قبل أن يموت , ويوسف الصديق أحد الأثنى عشر الآباء البطاركة , أوصى من جهة عظامة أن تدفن فى الموضع الذى أراده . ونرى فى قصة النبا بيشوى , والأنبا بولا الطموهى أنهما أصرا أن يدفنا معاً فى نفس المكان , ولما افترقا وقفت السفينة , ونعلم عن هذا القديس آخر برك الجمل عندما أرادوا يدفنوه فى غير المكان الذى يريده . فليستريح بابانا العزيز فى مكانه الذى احبه لنفسه , والذى وجد فيه راحته وهدوء , وسلامه القلبى , ووجد فى رحابه حياة الرهبنة والوحدة التى كانت تجرى فى دماءة المقدسة . باكر سينقل الجسد إلى دير مار مينا , ونصلى القداس بعد الظهر وسأسبق سفرة لكى أكون فى إستقباله هناك , وسيطاف به الدير بالتهليل , والتسبيح كما يليق بالآباء البطاركة . نجو لقداسته نياحاً فى فردوس النعيم فى الموضع الذى هرب منه الحزن والكآبة والتنهد , ونرجو أن يذكرنا فى صلواته , وبركاته , وقداسته التى عاش بها . |
|