![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 81 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الصلاة أكمل السيد المسيح تعليمه لتلاميذه قائلًا: "ومتى صليت فلا تكن كالمرائين. فإنهم يحبون أن يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس. الحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتى صليت، فادخل إلى مخدعك وأغلق بابك، وصلِ إلى أبيك الذي في الخفاء. فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية". (مت6: 5، 6). كما قدّم السيد المسيح تعليمًا عميقًا عن الصدقة المقبولة، هكذا تكلم عن الصلاة المقبولة أمام الله. ![]() أول شرط قدمه السيد المسيح للصلاة المقبولة، أنها هي الصلاة التي لا تبحث عن مديح الناس ولا حب الظهور، ولا تستجدى إطراءهم.. الصلاة المقترنة بمشاعر الانسحاق والتواضع لأن "الذبيحة لله روح منسحق، القلب المنكسر والمتواضع لا يرذله الله" (مز50: 17). على الإنسان المصلى أن يختار بين أمرين: إما أن يوجه اهتمامه وصلاته إلى الرب، أو أن يوجه هذه الأمور نحو الناس.. ولا يقدر إنسان أن يخدم سيدين.. لهذا قال معلمنا يعقوب الرسول: "رجل ذو رأيين هو متقلقل في جميع طرقه. وليفتخر الأخ المتضع بارتفاعه" (يع1: 8، 9). وينطبق على الإنسان المنقسم في قلبه قول يعقوب الرسول أيضًا: "فلا يظن ذلك الإنسان أنه ينال شيئاً من عند الرب" (يع1: 7). الإنسان الذي يصلى ليظهر أمام الناس أنه رجل صلاة وعبادة، يأخذ أجره مديحًا من الناس ويفقد أجره السماوي.. إلى جوار أن صلاته لا تكون مستجابة لأنها لم تقدّم بقلب خالص أمام الله. يضاف إلى ذلك أن يكون قد خسر فضيلة الاتضاع وبدأ قلبه يرتفع.. وهذا منتهى الخطورة على حياته الروحية ومحاربته للشياطين. أما المنكسر القلب فقيل عنه: "وليفتخر الأخ المتضع بارتفاعه" (يع1: 9). ![]() ينبغي أن يُذكِّر الإنسان نفسه بهذه الأمور كلما راودته أفكار السبح الباطل.. لأن شيطان الكبرياء وحب الظهور لا يكُف عن محاربة الإنسان بقصد تدمير برج الفضائل التي تعب في بنائها بالتعب والسهر والجهاد الروحي. ![]() الصلاة هي وسيلة النمو في المحبة والعلاقة مع الله.. المخدع الحقيقي في الصلاة هو مخدع القلب. وإغلاق الباب هو إغلاق أبواب الفكر والحواس الخارجية والانحصار في الحديث مع الله. الدخول إلى المخدع في المنزل يساعد على الدخول إلى مخدع القلب الداخلى، وإغلاق باب حجرة الصلاة يساعد على إغلاق أبواب الفكر والحواس عن المشاغل الخارجية. فإلى جوار أن الصلاة السرية بعيدًا عن أنظار الآخرين تبرهن على عدم الرياء والتظاهر بالتقوى، فإنها أيضًا تساعد على التركيز في الصلاة. أما في الصلوات العامة في القداسات وسائر الصلوات الطقسية فالمطلوب فيها هو الانحصار داخل القلب وعدم الانشغال بما يفعله الآخرون. المهم في كل الأحوال أن يدخل الإنسان إلى العمق في صلاته ويصلى بفكره وبمشاعره ويشعر أن الملك قد أدخله إلى حجاله كقول عروس النشيد (انظر نش1: 4). الدخول إلى المخدع هو الدخول إلى حجال الملك والتمتع بالعشرة معه وتذوق حلاوة عربون ملكوت السماوات. الصلاة هي السلم الروحاني الذي يرفع الإنسان من الأرض إلى السماء وهى شركة مع الملائكة السمائيين في حياة التسبيح، وهى الطريق الواضح للامتلاء من الروح القدس وتقديس الحواس. الروح القدس يرافق المصلى في صلاته "الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها" (رو8: 26).. الروح القدس ينير قلب الإنسان وفكره وحواسه ويفتح أذنيه ليسمع صوت الله من خلال الصلاة. ليست الصلاة حديثًا من طرف واحد ولكنها حديث من طرفين.. فالإنسان يقف أمام الله ويتكلم معه وفي نفس الوقت يقول مع المرنم: "إني أسمع ما يتكلم به الرب الإله، فإنه يتكلم بالسلام لشعبه ولقديسيه وللذين رجعوا إليه بكل قلوبهم" (مز84: 8). الصلاة بالمزامير تعطينا فكرة عن هذا النوع من الحوار؛ يقول المصلى للرب:"أنت هو ناصري وملجأي. إلهي فأتكل عليه"،ويقول الرب للمصلى في نفس المزمور: "لأنه علىَّ اتكل فأنجيه. أستره لأنه عرف اسمي. يدعوني فاستجيب له. معه أنا في الشدة، فأنقذه وأمجده. وطول الأيام أشبعه وأريه خلاصي" (مز90: 14، 15). ![]() الصلاة في المسيحية هي علاقة حب بين ابن وأبيه السماوي. فيها الدالة وفيها المهابة والاحترام اللائق من الابن نحو أبيه. وقد أوصى السيد المسيح تلاميذه حينما علّمهم الصلاة أن يدعوا الله أبًا ويقولوا: "أبانا الذي في السموات" (مت6: 9). ![]() الإنسان الذي يقدم العبادة لله في الخفاء سوف ينمو في العلاقة مع الله ويستحق الجزاء الأخروي لأنه لم يأخذ أجره على الأرض. الذي يصلى في الخفاء بعيدًا عن الرياء وحب الظهور، يجازيه الآب علانية في الحياة الأبدية لأنه قد انتفع من صلاته ومن عبادته ومن عشرته مع الله، وامتلأ من الروح القدس. |
||||
|
|||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 82 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الصلاة الربية قال السيد المسيح لتلاميذه: "صلوا أنتم هكذا: أبانا الذي في السموات.." (مت6: 9). إنه شرف عظيم أن يتجه الإنسان نحو الله أبو ربنا يسوع المسيح ويدعوه أبًا. ![]() إن السيد المسيح هو ابن الله الوحيد الجنس.. أي الوحيد الذي له نفس جوهر الآب وطبيعته وذلك في ولادته الأزلية من الآب قبل كل الدهور. فبنوة السيد المسيح للآب هي بالطبيعة وهو الوحيد الفريد في ولادته بهذه الصورة من الآب. ولكن السيد المسيح أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له: أي أخذ البنوة للإنسان بالتجسد فصار ابنًا للإنسان بولادته من العذراء مريم وأعطانا أن نصير أولادًا لله بالتبني بولادتنا الجديدة في المعمودية. الرب يسوع المسيح هو ابن الله بالطبيعة من حيث لاهوته أما نحن فبعد أن كنا أبناء للجسد صرنا أولادًا لله بالتبني، ونلنا طبيعة جديدة تمتلئ من بر المسيح كقول الكتاب: "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة" (2كو5: 17). ومعنى ذلك أن الطبيعة الجديدة التي نلناها في المعمودية هي أيضًا طبيعة مخلوقة، ولكنها تكتسي ببر السيد المسيح "لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح" (غل 3: 27). ![]() فلكي يدعو الإنسان الله أبًا له؛ ينبغي أن يتحلى بالفضائل الروحية، وأن يكتسب الطبيعة الجديدة، وأن يسلك في وصايا الله بالطاعة والمحبة، وأن يحيا بالإيمان، وأن يكون نورًا في العالم، وملحًا للأرض.. لهذا قال السيد المسيح لتلاميذه: "كونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل" (مت5: 48). وقال يوحنا الرسول: "انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد الله" (1يو3: 1). إنها عطية فائقة ينبغي أن نعرف مقدارها.. وحينما نصلى نطلب من الله أن يمنحنا الاستحقاق أن ندعوه أبًا لنا. ففي صلاة القداس الإلهي يقول الكاهن: [طهّر نفوسنا وأجسادنا وأرواحنا وقلوبنا وعيوننا وأفكارنا وأفهامنا ونياتنا. لكي بقلب طاهر ونفس مستنيرة، ووجه غير مخزي، وإيمان بلا رياء، ومحبة كاملة، ورجاء ثابت نجسر بدالة بغير خوف أن ندعوك يا الله الآب القدوس الذي في السماوات، ونقول: أبانا الذي في السماوات..] (القداس الباسيلى). فلكي نجسر أن ندعو الله الآب أبًا لنا نطلب منه أن يطهر نفوسنا وأجسادنا وأرواحنا وقلوبنا وأفكارنا وأفهامنا ونياتنا،أي أن يطهر فينا كل شيء في الداخل والخارج.. ولكي نطلب بدون خوف فينبغي أن يكون ذلك بقلب طاهر ونفس مستنيرة ووجه غير مخزي، وإيمان بلا رياء، ومحبة كاملة ورجاء ثابت.. كل هذه الصفات الرائعة نحتاج إليها لكي تكون لنا دالة ولكي نجسر أن ندعو الله الآب ونقول له: "يا أبانا..". كم من مرة يصلى فيها المرء الصلاة الربية دون أن ينتبه إلى خطورة مناداة الله الآب بهذا النداء بدون الاستعداد الكافي واللائق. وها هو صوته يعاتبنا قائلًا: "إن كنت أنا أبًا فأين كرامتي؟!" (ملا 1: 6). ![]() إن السيد المسيح بدعوته لنا أن نصلى ونقول: "أبانا الذي في السماوات.." يقصد أن يذكرنا بقداسة الله، وما يليق به من كرامة، كما أنه يريد أن يذكرنا بأبوته لنا. أي أن الله الآب قد أحبنا وينبغي أن تقوم علاقتنا معه على الثقة والمحبة. كان الإنسان يشعر أنه يتعامل مع الله كعبد يخشاه ويتقيه، ولكن ليس كابن يشعر بمحبته وعنايته وأبوته وحنانه. لهذا قال السيد المسيح: "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد الجنس لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو3: 16). أي إلى هذه الدرجة.. إلى هذا المقدار وصلت محبة الله أن يقدم أغلى ما عنده من أجل خلاص الإنسان. وهكذا قال الرب لشعبه في نشيد الكرمة: "ماذا يُصنع أيضًا لكرمي وأنا لم أصنعه له؟!!" (إش5: 4). لقد فعل الرب من أجلنا أكثر مما نطلب وأكثر مما نفتكر.. وقد بيّن محبته إذ ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا. كان السيد المسيح يؤكد باستمرار لتلاميذه أبوة الله الآب لهم ويكشف لهم محبته مثلما قال: "الآب نفسه يحبكم، لأنكم قد أحببتموني، وآمنتم أنى من عند الله خرجت" (يو16:27). وفى مناجاته مع الآب قبل الصلب في ليلة آلامه قال له: "أنا أظهرت اسمك للناس الذين أعطيتني من العالم.. وعرفتهم اسمك وسأعرفهم ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم" (يو17: 6، 26). إن اسم "الآب"لم يكن معروفًا ولا مستخدمًا بنفس الصورة التي أبرزها السيد المسيح.. إذ جعله مثل أنشودة جميلة يتغنى بها ويكررها باستمرار. وهكذا دعانا أن نردد هذا الاسم الحسن والمحبوب ونقول: "أيها الآب أبانا". |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 83 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() أبانا الذي في السموات يلفت نظرنا أن السيد المسيح قد وجهنا أن نصلى إلى الآب باعتباره أنه في السماوات، وذلك بالرغم من أن الرب كائن في كل مكان. وتتضح كينونة الرب في كل مكان في مواضع كثيرة في الكتاب المقدس، ولكن السماوات لها وضعها ومعناها الخاص من الناحية الروحية. ![]() إن الرب لا تحده أرض ولا سماء، مجده ملء السماوات والأرض. لهذا قال المرنم: "أين أذهب من روحك، ومن وجهك أين أهرب. إن صعدت إلى السماوات فأنت هناك. وإن فرشت في الهاوية فها أنت. إن أخذت جناحي الصبح وسكنت في أقاصي البحر، فهناك أيضًا تهديني يدك وتمسكني يمينك" (مز139: 7-10). إن المرنم يتكلم عن وجود الإله المثلث الأقانيم الآب والابن والروح القدس في كل مكان. كذلك قال الرب في سفر أرميا: "إذا اختبأ إنسان في أماكن مستترة أفما أراه أنا يقول الرب؟ أما أملأ أنا السماوات والأرض يقول الرب؟" (أر23: 24). وقال السيد المسيح: "السماء كرسي الله. والأرض موطئ قدميه" (انظر مت5: 34، 35). وكتب معلمنا بولس الرسول عن تدبير الخلاص الذي قصده الله في نفسه "لتدبير ملء الأزمنة ليجمع كل شيء في المسيح. ما في السماوات وما على الأرض" (أف1: 10). وهو يعنى بذلك أن الله يجمع في المسيح جميع القديسين من الملائكة والبشر الموجودين في السماء وعلى الأرض. وذلك لأن المسيح حاضر في كل مكان، كما وعد تلاميذه: "حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فهناك أكون في وسطهم" (مت18: 20). ![]() وفى سفر الرؤيا قال السيد المسيح: "هذا يقوله ابن الله الذي له عينان كلهيب نار ورجلاه مثل النحاس النقي.. فستعرف جميع الكنائس أنى أنا هو الفاحص الكلى والقلوب وسأعطى كل واحد منكم بحسب أعماله" (رؤ2: 18، 23). وهذا يوضح أن عيني الرب تبصران كل شيء في الوجود ولا يخفى عليه حتى ما في داخل قلب الإنسان. ![]() مع أن الرب كائن في كل مكان، إلا أنه مكتوب أنه ساكن في السماوات أو في الأعالي كقول المرنم: "الرب عال فوق كل الأمم. فوق السماوات مجده. من مثل الرب إلهنا الساكن في الأعالي، والناظر إلى المتواضعين، في السماء وعلى الأرض" (مز 112: 4-6). كذلك قيل في المزمور "الرب في السماوات ثبت كرسيه ومملكته على الكل تسود" (مز103: 19). وقيل أيضًا: "السماوات سماوات للرب. أما الأرض فأعطاها لبنى آدم" (مز115: 16). وهذا الأمر له مدلولاته الروحية كما سوف نرى. وعن تجسد ابن الله الكلمة قيل في المزمور: "طأطأ السماوات ونزل وضباب تحت رجليه. وركب على كَروب وطار وهف على أجنحة الرياح" (مز18: 9، 10). وعن بناء هيكل سليمان الذي بناه مسكنًا للرب قال: "هل يسكن الله حقًا على الأرض؟ هوذا السماوات وسماء السماوات لا تسعك فكم بالأقل هذا البيت الذي بنيت" (1مل8: 27). وفى إشارة إلى أن الرب هو خالق جميع الأشياء في السماء وعلى الأرض ورد في سفر الأمثال "من صعد إلى السماوات ونزل. من جمع الريح في حفنتيه. من صَر المياه في ثوب. من ثبّت جميع أطراف الأرض. ما اسمه، وما اسم ابنه إن عرفت؟" (أم30: 4)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ولا تخفى هنا الإشارة الواضحة إلى ابن الله الوحيد الذي كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان. وعن ارتفاع مجد الرب فوق السماوات قيل في المزمور: "أيها الرب ربنا ما أعجب اسمك في الأرض كلها، لأنه قد ارتفع عِظَم جلالك فوق السماوات" (مز8: 1). والرب يرتفع فوق السماوات كما قيل أيضًا في المزمور: "اللهم ارتفع على السماوات. وليرتفع مجدك على سائر الأرض" (مز56: 5). إن كلمة السماوات هي جمع كلمة سماء، وهى مشتقة من الفعل سما أي ارتفع إلى فوق. والتسامي والسمو يشير إلى الارتفاع أو التفوق في الخواص أو القيم أو المبادئ أو السلوك. وبالرغم من أن الرب حاضر في كل مكان، إلا أنه يسكن في السماوات، بل ويعلو فوق السماوات لأنه مَن مثل الرب في قداسته وصلاحه ومحبته وكل صفاته الإلهية؟! إن الرب لا يتعالى على الخليقة، ولكنه بحكم طبيعته المتفوقة في كل شيء يسمو عليها ويجتذبها نحو السمو والرفعة والقداسة. لهذا اختار الرب أن يسكن في الأعالي.. لأن من الأعالي يكون مجده كما قيل في المزمور "قد ارتفع عِظَم جلالك فوق السماوات" (مز8: 1). لقد أراد الشيطان أن يرفع كرسيه فوق كواكب الله وأن يصير مثل العلى وأن يجلس على جبل الاجتماع في أقاصي الشمال (انظر إش14: 13، 14). ولكنه كان ينبغي أنه يفهم أنه لا يوجد مثل الله في القداسة والحق والمحبة. وأنه هو مصدر الحياة للخليقة كلها. فالله لا يفرض نفسه على أحد، ولكن الخليقة بدونه تفقد قيمة وجودها، لأنها هي أصلًا قد خلقت لتشهد لمجده وصلاحه ومحبته وتتمتع بالوجود في حضرته حيث تستمد منه الحياة. أراد السيد المسيح أن يجتذب عقولنا وأفكارنا نحو السماويات. لهذا علمنا أن نصلى ونقول: "أبانا الذي في السماوات..". ومَن كان أبوه في السماوات فإن اشتياقاته تكون سمائية. ويفرح إذا افتكر أنه سوف يذهب إلى السماء. وإن انتقل أحد الأحباء فلا يحزن كالباقين الذين لا رجاء لهم، لأنه يؤمن أن الذين يحبون الله سوف يجتمعون معًا في الفردوس بعد خروجهم من الجسد. ويجتمعون معًا في ملكوت السماوات بعد مجيء السيد المسيح ليحيوا في أمجاده الأبدية. مَن كان أبوه في السماوات فإنه يحمل صورة أبيه السماوي ويسلك بطريقة سمائية كقول بولس الرسول: "سيرتنا نحن هي في السماوات" (فى3: 20). إن عبارة "أبانا الذي في السماوات.." في بداية الصلاة الربية هي دعوة لنا لكي نرفع عقولنا وأفكارنا إلى كل ما هو سمائي وكل ما هو مجيد ولا ننشغل بالأرضيات أو بأباطيل هذا العالم الزائلة. إذا رفعنا قلوبنا وعقولنا في الصلاة نحو أبينا السماوي، فلا يليق إطلاقًا أن نحب العالم. لأن "محبة العالم عداوة لله" (يع4: 4).. وهذه هي بداية الصلاة اللائقة والمقبولة أن نشعر بأبوة الله، وننطلق نحوه بمشاعر الحب والتقدير في السماويات. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 84 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ليتقدس اسمك أول طِلبة في الصلاة الربية بعد مخاطبة الآب السماوي هي هذه الطِلبة، ومعناها: ليتقدس اسمك: في نظرنا وفي أفكارنا. في أفواهنا. في حياتنا. في نظر الآخرين. من النصوص الموجودة في الكتاب المقدس يمكننا أن نلمس أهمية هذه الطلبة. فقد قال الله في العهد القديم: "وتكونون قديسين لأني أنا قدوس" (لا11: 44). وقيل عنه: "ليس قدوس مثل الرب" (1صم2: 2)، "فإن الرب إلهنا قدوس" (مز98: 9). وقيل في العهد الجديد "نظير القدوس الذي دعاكم. كونوا أنتم أيضًا قديسين في كل سيرة" (1بط1: 15)، "لأن القدير صنع بي عظائم واسمه قدوس" (لو1: 49). كلمة "قدوس" قيلت عن الآب وعن الابن وعن الروح القدس، وقيلت في الثلاث تقديسات (Trisagion) التي تسبح بها الملائكة الثالوث القدوس أو أي أقنوم من الأقانيم الثلاثة. ![]() قيل عن الآب: "أيها الآب القدوس" (يو17: 11). وقيل عن الابن: "لذلك أيضًا القدوس المولود منك يدعى ابن الله" (لو1: 35). وقيل عن الروح القدس: "روح الموعد القدوس" (أف1: 13). ![]() ينبغي أن نرى الله كقدوس ونفتكر فيه كقدوس. القداسة هي من صميم طبيعته وجوهره. الله كقدوس يحب القداسة، ويكره الشر ويرفضه. ولهذا كان ينبغي التكفير عن الخطية، لإعلان قداسة الله للخليقة كلها. لا مغفرة بدون إعلان سخط الله وغضبه ضد الخطية. لا مغفرة على حساب قداسة الله الكاملة والمطلقة. لهذا ففي الصليب أعلن الله محبته غير المحدودة، وأعلن أيضًا قداسته غير المحدودة في رفضه للشر وغضبه على الخطية. لقد نقل الآب الخطية ليحملها ابنه الوحيد الذي تجسد من أجل خلاصنا، ويوفى الدين ويكفر عن خطايا كثيرين. هذا الابن الوحيد المتجسد حامل خطايا العالم تألم "وهو يدوس معصرة خمر سخط وغضب الله القادر على كل شيء" (رؤ19: 15). وتحاور معه إشعياء النبي قائلًا: "من ذا الآتي من أدوم بثياب حُمر من بصرة، هذا البهي بملابسه المتعظم بكثرة قوته" (إش63: 1)،فسأله النبي: "ما بال لباسك محمر، وثيابك كدائس المعصرة؟" (إش63: 2). فأجابه مؤكدًا: "قد دست المعصرة وحدي، ومن الشعوب لم يكن معي أحد" (إش63: 3). وقيل عن السيد المسيح أيضًا: "هو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين" (إش53: 12). وأنه "بمعرفته يبرر كثيرين، وآثامهم هو يحملها" (إش53: 11). وقال الآب عنه إنه "ضُرب من أجل ذنب شعبي" (إش53: 8). وقيل عنه أيضًا: "مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا، تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا. كلنا كغنم ضللنا. ملنا كل واحد إلى طريقه، والرب وضع عليه إثم جميعنا" (إش53: 5، 6). لقد مات البار عوضًا عن الخطاة لأنه حمل آثامهم و"أما الرب فسر بأن يسحقه بالحزن. إن جعل نفسه ذبيحة إثم" (إش53: 10). لقد ظهرت قداسة الله في أجلى معانيها على الصليب، حينما اتقدت نار المحرقة في الذبيحة بكاملها، وهذا الغضب الإلهي ضد الخطية قد زال حينما أوفى الابن المتجسد دين الخطية كاملًا، لأن الله هو "قدوس". إننا حينما نصلى ونقول للآب: "ليتقدس اسمك"، نعيش بأفكارنا هذه الحقيقة أن الله قدوس رافض للشر والخطية، وأن "إلهنا نار آكلة" (انظر تث4: 24). وأن الملائكة تحجب وجوهها وأرجلها من بهائه وقداسته، حينما تقترب منه بالصلاة والتسبيح. وحينما نصلى ونرتفع إلى الله بأفكارنا، نتذكر الآية التي تقول: "القداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب" (عب12: 14). لأن الله قدوس. ومن أراد أن يقترب إليه، فينبغي أن تتقدس أفكاره وحواسه ومشاعره. ![]() أو لتتقدس أفواهنا حينما نذكر اسمك لأنه قدوس. ليتقدس اسمك في أفواهنا لأن شفاهنا ينبغي أن تنطق بمجدك وقداستك وتسبحك كقدوس. نصلى في القداس الباسيلي إلى الآب ونقول: (قدوس قدوس قدوس) بالحقيقة أيها الرب إلهنا الذي جبلنا وخلقنا ووضعنا في فردوس النعيم.. ويرتل الشمامسة في القداس أيضًا قائلين: [الشاروبيم يسجدون لك والسارافيم يمجدونك، صارخين قائلين قدوس قدوس قدوس رب الصباؤوت السماء والأرض مملوءتان من مجدك الأقدس]. ![]() حينما نحيا كقديسين يتقدس اسمك. قال السيد المسيح لتلاميذه عن حياة الكمال: "لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السماوات" (مت5: 16). إذا أردنا أن يتقدس اسم الله، ينبغي أن نحيا كقديسين. كيف يفهم الناس قداسة الله، إلا من خلال رؤيتهم لحياة القديسين. لهذا قال الرسول: "أنتم رسالة المسيح المقروءة من جميع الناس" (انظر 2كو3: 2، 3). "لأننا رائحة المسيح الذكية" (2كو2: 15). "أنتم نور العالم" (مت5: 14). حينما يتقدس اسمك يا رب في نظرنا وأفكارنا، وحينما يتقدس في أفواهنا، وحينما يتقدس في حياتنا.. حينئذ يتقدس في نظر الآخرين. لهذا يقول معلمنا بطرس الرسول: "قدسوا الرب الإله في قلوبكم، مستعدين دائمًا لمجاوبة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة وخوف" (1بط3: 15). |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 85 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ليأت ملكوتك ما هو ملكوت الله؟ الملكوت هو الدخول في ملكية الله وأن يملك الرب على الإنسان، أن يكون الله هو الملك وهو المالك. إن سكنى الروح القدس في الإنسان هو وجود لملكوت الله في داخله. وولادة الإنسان من الماء والروح في المعمودية هو دخول في ملكية الله. هذه الولادة الجديدة تتم باستحقاقات دم المسيح. ولهذا قال الكتاب "قد اشتريتم بثمن فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله" (1كو 6: 20). لقد اشترانا السيد المسيح بذبيحته الإلهية على الصليب وصرنا ملكًا له ولأبيه الصالح والروح القدس.. دخلنا في ملكية الله حينما اشتركنا مع المسيح في صلبه وقيامته في المعمودية. صرنا أعضاء في جسده المقدس، وتحقق فينا قول الرسول: "ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح.. وأنكم لستم لأنفسكم" (1كو 6: 15، 19). وفى سر الميرون صرنا هيكلًا للروح القدس. أخذنا المسحة المقدسة وختمنا بروح الموعد القدوس. وهذا الختم هو علامة للملكية وعلامة لسكنى الله في داخلنا، كقول بولس الرسول: "أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم" (1كو3: 16). ![]() إن قداسة البابا شنودة الثالث أطال الرب حياته يلفت الأنظار باستمرار إلى الفرق بين عبارة "ملكوت الله" وعبارة "ملكوت السماوات". عبارة "ملكوت الله"أعم وأشمل من عبارة "ملكوت السماوات". ملكوت الله يبدأ منذ الآن ويستمر إلى الأبد في ملكوت السماوات لوارثي الملكوت. كما أن ملكوت الله يخص حياة الإنسان ويشير أيضًا إلى جماعة القديسين في السماء وعلى الأرض. لهذا قال السيد المسيح: "لا يأتي ملكوت الله بمراقبة.. لأن ها ملكوت الله داخلكم" (لو17: 20، 21). ![]() أي أن ملكوت الله ينشأ أولًا في داخل الإنسان. ولا ينبغي أن يبحث عنه خارجًا عنه. الإنسان الذي يملك الله على قلبه وحياته هو الذي يمكنه أن يدخل إلى ملكوت السماوات. أي أن دخول ملكوت الله إلى قلب الإنسان، هو شرط دخول الإنسان إلى ملكوت السماوات. في ملكوت السماوات يوجد الله الواحد المثلث الأقانيم، وعرشه وملائكته وقديسيه، الذين ينعكس عليهم مجده ويظهر فيهم مجد ملكوته، فيصيرون هم أنفسهم جزءًا من ملكوت السماوات. أي أن الأمجاد السماوية يتألق فيها القديسون بمجد عظيم، كما قال السيد المسيح: "حينئذ يضيء الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم" (مت 13: 43). لو تخيلنا ملكوت السماوات مثل حديقة روحانية فإن القديسين هم الأزهار والورود التي تزين هذه الحديقة. ولو تخيلناه مثل كنيسة مجيدة، فإن القديسين يكونون مثل المصابيح المنتشرة في صحن هذه الكنيسة. أو مثل "النجف" المنير الذي تتجمع فيه اللمبات المضيئة ببريق جميل في مجموعات تشبه جوقات الملائكة القديسين يسبحون الله صاحب المجد والجلال والبهاء غير الموصوف. إذن فملكوت الله هو في السماء وعلى الأرض، الآن وفي الدهر الآتي، في داخل الإنسان وفي داخل غيره من البشر، ويشمل البشر والملائكة،أما ملكوت السماوات فهو في السماء في حياة الدهر الآتي، ويدخله المستعدون لمجيء العريس. لهذا قال السيد المسيح: "يشبه ملكوت السماوات عشر عذارى أخذن مصابيحهن وخرجن لاستقبال العريس. خمس منهن كن حكيمات، وخمس جاهلات.. والمستعدات دخلن معه إلى العرس، وأغلق الباب" (مت25: 1، 2، 10). ![]() يلاحظ في مثل الخمس عذارى أن المستعدات هن اللاتي ملأن آنيتهن من الزيت. هذا الزيت يشير إلى عمل الروح القدس وسكنى الروح القدس في الإنسان. لهذا نصلى ونقول: "ليأت ملكوتك". أي ليملك روحك القدوس على قلبي وحياتي. لتملأ محبة المسيح هذا القلب "لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا" (رو5: 5). إذا امتلأ القلب من محبة المسيح، فمعنى ذلك أنه ممتلئ من الروح القدس.. وهذا هو الاستعداد المطلوب للدخول إلى العرس. إن من يستعد داخليًا لاستقبال العريس، سيطلب مجيء الرب بثقة وفرح. وهنا تمتد طلبته "ليأت ملكوتك" لتعنى أيضًا استعلان ملكوت السماوات. ولهذا تصلى الكنيسة في قانون الإيمان وتقول (وننتظر قيامة الأموات، وحياة الدهر الآتي آمين). ينبغي أن ننتظر ملكوت السماوات كما هو مكتوب: "السماوات التي منها أيضًا ننتظر مخلصًا هو الرب يسوع المسيح. الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده" (في 3: 20، 21). ولكن هذا لا يعنى أن ننشغل بموعد المجيء الثاني للسيد المسيح لأنه قال لتلاميذه: "ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التي جعلها الآب في سلطانه" (أع1: 7). ![]() كما نصلى من أجل أن يملك الله على حياتنا، ينبغي أن نصلى ليملك الله على كل قلب.. نصلى من أجل انتشار ملكوت الله. كان السيد المسيح يردد منذ بداية خدمته: "قد كمل الزمان، واقترب ملكوت الله فتوبوا وآمنوا بالإنجيل" (مر1: 14). ونحن حينما نطلب إلى الآب السماوي ونقول "ليأت ملكوتك" فإننا نصلى من أجل بشارة الإنجيل، أن تكون مقبولة في قلب كل إنسان. إن ملكوت الله قريب من كل إنسان كما قال السيد المسيح. ولكن ليس كل إنسان قريب من ملكوت الله.. لأن قبول الملكوت يلزمه التوبة والإيمان ببشارة الخلاص. ونحن نصلى في الصلاة الربية من أجل جميع البشر لكي يجد ملكوت الله مكانًا في قلوبهم. حينما قال أغريباس الملكللقديس بولس الرسول الذي وقف أمامه والقيود في يديه "بقليل تقنعني أن أصير مسيحيًا. فقال بولس الرسول: كنت أصلى إلى الله أنه بقليل وبكثير ليس أنت فقط بل أيضًا جميع الذين يسمعونني اليوم يصيرون هكذا كما أنا ما خلا هذه القيود" (أع26: 28، 29). |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 86 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() لتكن مشيئتك، كما في السماء، كذلك على الأرض نأتي الآن إلى الطلبة الثالثة في الصلاة الربية، وهى: "لتكن مشيئتك، كما في السماء، كذلك على الأرض" (مت 6: 10). ليس هناك أنفع ولا أحكم ولا أجمل من مشيئة الله.. الله القدوس المحب للخير وصانع الخيرات.. الله العارف بكل شيء.. الذي يعرف الأمور قبل كونها.. الذي لا يحده مكان ولا زمان، فهذا "الكائن والذي كان والذي يأتي القادر على كل شيء" (رؤ1: 8). الضابط الكل (بانطوكراتور).."الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران" (يع 1: 17). الذي ليس فيه ظلمة البتة.. الأمين في مواعيده، والقادر على تحقيقها.. ![]() المعين، والمدبر، والحكيم، والرؤوف، والعادل.. الذي ما أبعد أحكامه عن الفحص، وطرقه عن الاستقصاء.. الله هو الجدير بأن نثق في مشيئته، ونقبلها، ونسلك بمقتضاها.. بل أن تصير مشيئته هي شهوة تشتاق قلوبنا إلى تحقيقها، ونجد مسرتنا فيها. ![]() إن الطاعة لله ليست نوعًا من إلغاء وجود الإنسان أو إلغاء إرادته الخاصة.. ولكنها لتأكيد هذا الوجود، ولتزكية هذه الإرادة. فالطاعة تحتاج إلى إرادة قوية تقدر أن تطيع، وتُقدِّر قيمة الطاعة.. فمثلًا الطالب الذي يطيع من يدرِّسه في تحصيل الدرس وعمل الواجبات ويثابر في الاستذكار، هو الذي يتقدّم في المعرفة ويحصل على أعلى الدرجات ويصلح للرسالة التي يعد لها نفسه. وقائد السيارة الذي يلتزم بقواعد القيادة السليمة، يضمن سلامته هو وسيارته، ويضمن سلامة الآخرين، ويصل إلى مقصده ويتمم مسعاه. الوصية الإلهية هدفها خير الإنسان وحفظه من العطب والفساد الذي تسببه الخطية،كما أن هدفها هو تمجيد الإنسان ومكافأته على هذه الطاعة، مع ما تجلبه الطاعة من خير وبركة وخلاص. ![]() قال السيد المسيح: "من وجد حياته يضيعها، ومن أضاع حياته من أجلى يجدها" (مت10: 39) والمقصود بهذه العبارة أن من يسلك حسب أهدافه الخاصة بعيدًا عن مشيئة الله فسوف يضيع نفسه. الإنسان في سعيه لتحقيق ذاته وتحقيق وجوده يخرب نفسه.. وفي سعيه لتحقيق مشيئة الله يحفظ نفسه لحياة أبدية.. الله هو مصدر الوجود، ومصدر الحياة. فهو الذي "به نحيا ونتحرك ونوجد" (أع 17: 28). فلا معنى للوجود بدون الله، ولا معنى للحياة بدونه. الله لا يفرض وجوده في حياتنا.. ولكننا نحن المحتاجين إلى هذا الوجود. تمامًا مثلما لا يفرض الماء وجوده علينا.. بل نحن المحتاجين إلى الماء لكي نحيا به. وعندما يبعد الإنسان عن الله يحزن الله على البشرية ويقول: "تركوني أنا ينبوع المياه الحية، لينقروا لأنفسهم آبارًا آبارًا مشققة لا تضبط ماء" (أر2: 13). وقال السيد المسيح: "إن عطش أحد فليقبل إلىّ" (يو7: 37). وقال أيضًا عن الماء المادي: "من يشرب هذا الماء يعطش أيضًا" (يو4: 13). وقال عن ماء الحياة الأبدية: "ولكن من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد" (يو4: 14). ![]() إن الملائكة في السماء يطيعون الله طاعة كاملة كقول المزمور "سبحوه يا جميع ملائكته الصانعين كلمته" (انظر مز103: 20). أما الملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم وسلكوا في عدم الطاعة فقد سقطوا من السماء، كما قال السيد المسيح: "رأيت الشيطان ساقطًا مثل البرق من السماء" (لو10: 18). الجميل في السماء أن الكل هناك يصنعون مشيئة الله في انسجام عجيب.. إنها سيمفونية الطاعة تعزفها الصفوف السمائية مثلما يسبحون الله بأفواههم، فهم يمجدونه بطاعتهم العجيبة.. إنه لحن الطاعة الذي تسمعه آذان القديسين.. وما الألحان والموسيقى إلا إيقاع متناغم على أوتار أو آلات.. هذا ربما يكون مما لم تسمع به أذن. إننا نصلى لكي تكون مشيئة الله نافذة على الأرض في حياتنا كما هي نافذة في السماء. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 87 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() خبزنا الذي للغد، أعطنا اليوم هذه هي الطلبة الرابعة في الصلاة الربية. ويلاحظ أن الطلبات الثلاث الأولى هي طلبات روحية خاصة بالله "ليتقدس اسمك، ليأت ملكوتك، لتكن مشيئتك، كما في السماء كذلك على الأرض" (مت6: 9-10). وكذلك الطلبات التالية لطلبة "خبزنا الذي للغد، أعطنا اليوم" هي أيضًا طلبات روحية: "واغفر لنا ذنوبنا.. ولا تدخلنا في تجربة لكن نحنا من الشرير".. إلخ. فالصلاة الربية كلها طلبات روحية وليس من العقول أن نطلب الخبز الجسدي في وسط هذه الطلبات الروحية. لأن السيد المسيح قال: "اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحياة الأبدية" (يو6: 27).. وقال أيضًا عن الطلبات المادية أو الجسدية "اطلبوا أولًا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم" (مت6: 33). وقد فهمت كنيستنا القبطية منذ البداية معنى ترجمة هذه الفقرة من الصلاة الربية بأنها تعنى "خبزنا الآتي" Pen wik `nte rac; أو "خبزنا الذي للغد" أي خبز الحياة الأبدية الذي هو بالدرجة الأولى جسد الرب ودمه في سر القربان المقدس أو غذاء الروح بصفة عامة من ممارسات النعمة وعطايا الروح القدس والشبع من كلام الله. ![]() إن الكلمة اليونانية "إيبى أوسيون evpiou,sion" التي وردت كصفة لكلمة الخبز اليونانية "أرتونa;rton " وردت في العهد الجديد مرتين فقط (في مت6: 11، لو11: 3) ويمكن أن تعنى هذه الصفة أحد المعاني التالية: 1- الجوهري أو الضروري للوجود والحياة. 2- الذي للغد - التالي - القادم - الآتي. ![]() 3- بمعنى الكافي لليوم الحاضر، أي يكفى من يوم لآخر. ونلاحظ الآتي: 1- إن بعض الكنائس أو الطوائف المسيحية تصلى "خبزنا الجوهري" والبعض "خبزنا الآتي أو الذي للغد" والبعض "خبزنا كفافنا". 2- إن هناك معنى مشترك بين جميع هذه الصيغ، وهو أن هذا الخبز هو الخبز الضروري للحياة واللازم لحياتنا ووجودنا. وقد وجد هذا المعنى في قواميس اللغة اليونانية مثل قاموس افستراتيادو المسمى "قاموس العهد الجديد" الإسكندرية سنة 1910م. 3- اتفقت اللجنة اللاهوتية التابعة لقسم الإيمان والوحدة بمجلس كنائس الشرق الأوسط بعد دراسة مستفيضة على مدى عدة سنوات على اختيار عبارة موحدة تجمع كل المعاني السالفة وهى: "خبزنا الضروري للحياة" وذلك لتوحيد استخدام الترجمة العربية للصلاة الربية أثناء الاجتماعات المسكونية في الشرق الأوسط. ![]() قال السيد المسيح: "أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء" (يو6: 51) "لأن خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياة للعالم" (يو6: 33). وقال أيضًا: "من يأكلني فهو يحيا بي" (يو6: 57). وقال: "والخبز الذي أنا أعطى هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم" (يو6: 51). ومن المعلوم أن المسيح هو الحياة إذ قال: "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو14: 6) وقال "أنا هو القيامة والحياة" (يو11: 25). وبهذا نرى أن السيد المسيح قد أطلق على نفسه لقب "الخبز" (يو6: 33)، ولقب "الخبز الحي" (يو6: 51) ولقب "الحياة" (يو14: 6، 11: 25). وفى التعبير الدارج يسمى الناس الخبز "عيش". وكلمة عيش مثلها كلمة "عِيشة" بكسر العين تعنى "الحياة". فالناس أيضًا يطلقون لقب الحياة على الخبز. ولكن السيد المسيح قال مرددًا ما ورد في توراة موسى "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (مت4: 4، انظر تث8: 3). إن السيد المسيح قد أوضح بهذا أنه كما يحتاج الجسد إلى الخبز المادي لكي يعيش أو لكي يحيا، هكذا تحتاج الروح إلى الخبز الروحي لكي تحيا، ولكي تنمو وتقوى،فينبغي ألاّ يهمل الإنسان غذاء الروح في سعيه وراء غذاء الجسد. لذلك قال "ليس بالخبز وحده" أي هناك نوعان من الغذاء. وبكل تأكيد فإن غذاء الروح هو المسيح كما قال معلمنا بولس الرسول: "لي الحياة هي المسيح" (فى1: 21). المسيح هو الذي "به نحيا ونتحرك ونوجد" (أع17: 28) لا حياة على الإطلاق بدونه.. ولا نصرة على عوامل الخطية والموت بدونه.. ولا تحرر من الهلاك الأبدي بدونه.. ولا حياة قداسة ونعمة بدونه. إنه حياتنا كلنا وخلاصنا كلنا ورجاؤنا كلنا وقيامتنا كلنا. إنه القيامة والحياة. لهذا قال: "من يأكل جسدي ويشرب دمى فله حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير" (يو6: 54). وقال: "من يأكلني فهو يحيا بي" (يو6: 57). ليتك يا رب تفتح قلوبنا وتنير أفهامنا حتى ندرك قوة الحياة الأبدية المذخرة لنا فيك يا قدوس. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 88 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() واغفر لنا ذنوبنا أهمية الصلاة الربية إنها هي تلك التي علّمها السيد المسيحلتلاميذه. وهنا نرى أن الرب يدعونا إلى ممارسة التوبة باستمرار، وإلى طلب المغفرة في كل يوم. قال معلمنا يوحنا الرسول: "إن قلنا إنه ليس لنا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا. إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم. إن قلنا إننا لم نخطئ نجعله كاذبًا وكلمته ليست فينا" (1يو1: 8-10). إن الإنسان الذي يشعر أنه بار وبلا خطية، يكون قد سقط في خطيئة الكبرياء. لهذا يلزمنا أن نحاسب أنفسنا على خطايانا ونبكّت أنفسنا باستمرار ونطلب المغفرة بلجاجة ومن عمق القلب. ولكن معلمنا يوحنا الرسول أكمل كلامه قائلًا: "يا أولادي أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا" (1يو2: 1). وهو يقصد أن لا يستغل أحد كلامه السابق "إن قلنا إنه ليس لنا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا" لكي يستحل لنفسه الخطأ بدعوى أن البشر تحت الضعف أو تحت الآلام، ومعرضين للخطأ. لذلك قال: "لكي لا تخطئوا". ثم أكمل قائلًا: "وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار. وهو كفارة لخطايانا. ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا كل العالم أيضًا" (1يو2: 1، 2). إن الكنيسة هي مؤسسة إلهية للشفاء من الخطية وآثارها في حياة الإنسان. وفي القداس الإلهي يصلى الجميع قائلين: (كرحمتك يا رب ولا كخطايانا). إن طلب المغفرة شيء ضروري ولازم لخلاص الإنسان. لأن مغفرة الخطايا في المسيحية تقترن بالشفاء، بفعل الروح القدس المطهِّر وبدم المسيح المحيى. فبعد نيل الحِل للغفران في سر الاعتراف؛ يؤهَّل الإنسان للتناول من جسد الرب ودمه. وفي التناول يبرأ من آثار الخطية المدمرة فيكتمل الغفران. إن الغفران في نظر الله ليس هو مجرد الخلاص من الغضب الإلهي الذي تسببه الخطية، بل هو أيضًا الشفاء من الخطيئة وآثارها. ففي الغفران يتم وفاء الدين من جانب، كما يتم منح الحياة الأبدية من جانب آخر. وكلا الأمران لازم للمغفرة والمصالحة الحقيقية. ![]() لذلك جاءت طِلبة "اغفر لنا خطايانا" مباشرة بعد طِلبة "خبزنا الآتي أعطنا اليوم". لأننا لن ننال الغفران والشفاء الكاملين إلاّ من خلال التناول من جسد الرب ودمه الأقدسين. لهذا يقول الأب الكاهن في الاعتراف الأخير في القداس الإلهي عن ذبيحة القربان المقدس: (يعطى عنا خلاصًا وغفرانًا للخطايا وحياة أبدية لكل من يتناول منه). ![]() المسيحية تدعو إلى حياة القداسة ولكنها لا تؤمن بعصمة القديسين الشخصية. توجد عصمة للوحي الإلهي الذي اقتبلته الكنيسة الجامعة. ولكن لا توجد عصمة للأفراد ولا للقديسين.. إن التحرر الكامل من إمكانية الخطية سوف يصل إليه الإنسان حينما يتكلل بالبر في حياة الدهر الآتي بعد أن يغلب حروب الشيطان في هذا الدهر الحاضر. الكل مدعو إلى حياة القداسة "أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا" (1يو2: 1). ولكن ليس هناك افتراض مسبّق بالعصمة من الخطية "وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب" (1يو2: 1). ![]() تقف أمامنا هذه العبارة للقديس يوحنا الرسول، وقد يفهم منها البعض أن أولاد الله القديسين معصومون من الخطية. ولكن لنتأمل أولًا ما قاله القديس يوحنا في ضوء ما سبق أن ذكره في نفس الرسالة وشرحناه سابقًا: "أيها الأولاد لا يضلكم أحد. من يفعل البر فهو بار كما أن ذاك بار،من يفعل الخطية فهو من إبليس لأن إبليس من البدء يخطئ. لأجل هذا أظهر ابن الله لكي ينقض أعمال إبليس. كل من هو مولود من الله لا يفعل خطية لأن زرعه يثبت فيه ولا يستطيع أن يخطئ لأنه مولود من الله. بهذا أولاد الله ظاهرون وأولاد إبليس. كل من لا يفعل البر فليس من الله" (1يو3: 7-10). إن القديس يوحنا هنا يقارن بين من يسلك في طريق الظلمة أي في طريق إبليس، ومن يسلك في حياة النور والبر والقداسة.. أي في طريق الله. لا يستطيع أحد أن يدّعى أنه مولود من الله أي أنه ابن الله وفي نفس الوقت يعيش في حياة الخطية بلا توبة وبلا تلمذة للسيد المسيح وإنما يعيش مستسلمًا لحياة الشر والخطيئة. لا يمكن أن يجتمع النور مع الظلمة. ولا يؤهل لدخول الملكوت من يحيا في الشر ويكره حياة البر والقداسة. إن المسيحية تفقد محتواها الحقيقي بدون حياة القداسة. فمن يفعل البر فهو تلميذ للرب ومن يفعل الخطية فهو تلميذ لإبليس. ولا يمكن الجمع بين المسيح وإبليس في آنٍ واحد. ولا ينبغي أن يشعر من يخطئ أنه يستطيع أن يخطئ وهو متمتع بحالة البنوة لله. ففي حالة الخطية يحتاج الإنسان أن يعود إلى حالة البنوة من خلال وسائط النعمة بالتوبة والاعتراف والتناول. أثناء التمتع بحالة البنوة لا يستطيع الإنسان أن يخطئ لأن زرع الله ثابت فيه. أما حينما يخطئ فإنه يكون قد تخلّى عن قوة البنوة وتخلّى عن أسلحة البنوة لله التي تمنعه من أن يخطئ. في حالة الخطية لا يكون الإنسان ثابتًا في بنوته.. ويحتاج إلى تجديد قوة البنوة في حياته بوسائط النعمة وبالثبات في المسيح.. حالة الثبات في المسيح هي التي تمنع الخطية. وكل إنسان مطالب بأن يثبت في المسيح لكي لا يخطئ. ولكن إن أخطأ فليتب. ![]() "واغفر لنا ذنوبنا، كما نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا" (مت6: 12). تكلّمنا عن طلب المغفرة في الصلاة، انطلاقًا من شعور الإنسان بضعفه وخطاياه واحتياجه للمغفرة. إن من يقرع صدره طالبًا المغفرة في توبة وانسحاق مثل العشار، هو الذي تُقبل صلاته أمام الرب.. أما المتعالي الذي يفخر بأنه قد ضمن الخلاص، وأنه قد داس على الشيطان تحت الأقدام (مثلما يفعل الخمسينيون وأصحاب بدعة الخلاص في لحظة وأمثالهم)، فإن صلاته لا تكون مقبولة أمام الرب. بل تتخلى عنه النعمة بغروره، ويكون عُرضة للسقوط في أية لحظة. بل بالفعل يكون بعيدًا عن ملكوت الله، لأن "يقاوم الله المستكبرين وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة" (يع4: 6). هكذا عاش الآباء القديسون يبكون وينوحون على خطاياهم، ويتسابقون في طلب المغفرة والرحمة، بالرغم من حياة السمو والقداسة التي عاشوا فيها. بل إنهم كلما اقتربوا من الله أكثر، كلما شعروا بضعفاتهم وتقصيرات محبتهم، وزادوا انسحاقًا وطلبًا للمغفرة. وكان ذلك دافعًا لهم للتزايد في حياة "القداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب" (عب12: 14). |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 89 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() كما نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا لا تعنى هذه العبارة فقط أننا سوف نغفر في المستقبل، أو نغفر للمسيئين والمذنبين إلينا في الوقت الحاضر. بل تعنى أيضًا إننا قد غفرنا فعلًا لمن أذنبوا إلينا، وذلك قبل أن نتقدم إلى الصلاة. إن العبارة كما وردت في النص اليوناني من الممكن أن تعطى معنى "كما غفرنا نحن للمذنبين إلينا". ولذلك فبعد انتهاء نص الصلاة الربانية قال السيد المسيح لتلاميذه: "إن غفرتم للناس زلاتهم، يغفر لكم أيضًا أبوكم السماوي. وإن لم تغفروا للناس زلاتهم، لا يغفر لكم أبوكم أيضًا زلاتكم" (مت6: 14، 15).. إن شرط مغفرة الآب لنا، هو أن نغفر نحن لمن أساء إلينا وذلك قبل أن نطلب المغفرة. ![]() ؤ يُحكَى عن القديس الأنبا إبرام أسقف الفيوم أن فريقين متخاصمين قد أتيا ليحتكما إليه. وبعد مناقشات طويلة لم يتمكن من مصالحتهم بأية حال. فاقترح عليهم أن يقفوا للصلاة. وعند تلاوة الصلاة الربانية قالها القديس بصوت مسموع. وعندما وصل إلى عبارة "واغفر لنا ذنوبنا.."، قال: "ولا تغفر لنا ذنوبنا، كما لا نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا". فاستوقفه أحد المشتركون في الصلاة ليصحح له القول حسب نص الصلاة الأصلي. فرد القديس وقال: (يا أبنائي إننا يجب أن لا نكذب على الرب في صلواتنا ونطلب المغفرة قائلين: "كما نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا" ونحن في الحقيقة لم نغفر.. بل ينبغي أن نقول الصدق لكي لا نخدع أنفسنا ونتصور أن الرب قد قبل صلاتنا). وقد أوضح القديس بهذا أنه أراد أن يوبخهم على قساوة قلوبهم. وهنا ندم المتخاصمون وطلبوا من الأسقف القديس الحِل والبركة والسماح، إذ قبلوا أن يتصالحوا جميعًا. وهنا ردد معهم القديس الصلاة الربانية بحسب نصها الصحيح.. إن السيد المسيح يريدنا أن نتشبه بأبيه السمائي في صفحه وغفرانه للتائبين الحقيقيين، مهما كانت جسامة خطاياهم. فكما نرتاح نحن لمغفرة الآب لنا، هكذا ينبغي أن نريح الآخرين بمغفرتنا لهم. وإن كان الرب قد قال: "كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم أيضًا بهم" (مت7: 12) فإن هذا بالحري ينطبق على أن كل ما نريد أن يفعله الله معنا ينبغي أن نفعله نحن مع الآخرين،وذلك لأن مديونيتنا نحن لله في خطايانا هي أبلغ بكثير من مديونية الآخرين لنا في إساءاتهم. وقد شرح السيد المسيح مثل العبد الذي لم يترك الدين لأخيه بعد أن ترك له سيده الدين الذي عليه. وقال إن سيده حينما علم بذلك، أمر بإلقائه في السجن إيفاءً لما عليه.. ولكننا ينبغي في مسألة المغفرة أن لا نفرط في حقوق الرب، أو أن نستهين بالمقدسات. فالذي يسلك بأسلوب غير تائب، أو يكون عثرة للآخرين، ينبغي أن تحرس الكنيسة القطيع منه لئلا يكون سببًا في هلاك غيره. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 90 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ولا تدخلنا في تجربة هناك نوعان من التجارب: 1- التجارب بمعنى إغراءات الخطية ومحارباتها الشريرة. 2- التجارب بمعنى الضيقات والآلام. وقد سميت التجارب هكذا لأنها في كلتا الحالتين اختبار لمدى قدرة الإنسان على التصدي لها أو احتمالها: فإن اجتازها بسلام يكون قد نجح في الامتحان، وإن لم يحتملها يكون قد رسب في الامتحان.والتجارب يقوم بها الشيطان المجرّب في كلتا الحالتين وغالبًا ما يبدأ بالنوع الأول فإن فشل نتيجة التصاق الإنسان بالرب في حياته الروحية، فإنه يتجه إلى النوع الثاني انتقامًا من فشله الأول ورغبة منه في تطويع الإنسان أو إضعاف مقاومته حينما يعاود الكرة ويعود إلى تجارب النوع الأول لعله يفلح في هذه المرة.. وهكذا. حينما كان الشيطان يفشل في إخضاع القديسين لعبادته من خلال الأوثان المحرمة، فإنه كان يصب انتقامه على أجساد هؤلاء القديسين بآلام مروّعة لإضعاف عزيمتهم في مقاومته بقصد إخضاعهم لعبادة الأوثان بالسجود أو بالتبخير لها. ![]() المقصود بعبارة "لا تدخلنا في تجربة، لكن نجنا من الشرير" (مت6: 13) في الصلاة الربانية هو تجارب النوع الأول. أي تجارب الخطية وليس تجارب الآلام والضيقات. وهذا يتضح من قول معلمنا يعقوب الرسول: "احسبوه كل فرح يا إخوتى حينما تقعون في تجارب متنوعة، عالمين أن امتحان إيمانكم ينشئ صبرًا" (يع1: 2، 3). ومن الواضح أن المقصود بالتجارب في قول يعقوب الرسول ليس هو تجارب الخطية بل تجارب الضيقات والآلام خاصة من أجل الرب. وقد أوضح الرسول أن تجارب الضيقات هى امتحان للإيمان إن كان إيمانًا ثابتًا وحقيقيًا أم لا. فكل ضيقة هي امتحان لثبات الإنسان في محبته لله. ولذلك أكمل يعقوب الرسول كلامه بقوله: "طوبى للرجل الذي يحتمل التجربة لأنه إذا تزكى ينال إكليل الحياة الذي وعد به الرب للذين يحبونه" (يع1: 12). ![]() إن كل شيء يتم بسماح من الله أي أنه يسمح للشيطان المجرِّب أن يجرِّب البشر بنوعي التجارب: أي بالضيقات وأيضًا بالتجارب الشريرة. ولكن الله نفسه لا يجرّب الإنسان بالتجارب الشريرة. ولا يشاء أن يسقط أحد في الخطية. ولا أن يهلك أحد من الناس بل "يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون" (1تى2: 4). وهو لا يشاء موت الخاطئ مثل أن يرجع وتحيا نفسه كقول الرب: "إني لا أسر بموت الشرير، بل بأن يرجع الشرير عن طريقه ويحيا" (حز33: 11). أي أنه لا يسر بموت الخطاة، ولكن في الوقت نفسه لا يمنع الشيطان من امتحان البشر لكي تثبت قداستهم وكراهيتهم للخطية، ورفضهم لإطاعة الشيطان والانسياق للأهواء والشهوات الشريرة والدنسة. لهذا قال يعقوب الرسول عن سقوط الخطية: "لا يقل أحد إذا جرِّب إني أجرب من قبل الله" (يع1: 13). لا يحتج الإنسان قائلًا إن الله هو الذي رتب لي السقوط، أو دبر لي الخطية، أو جعلها سهلة أمامي، أو حلوة في نظري.. بل إن الشيطان هو الذي يجعل الخطية جميلة وشهية في نظر الإنسان،وهو الذي يقترح على الإنسان فكرة التمتع بالخطية وكسر وصايا الله أو نسيانها. هو الذي يحاول إقناع الإنسان بالتعدي على الوصية المقدسة، وهو الذي يجتذب فكر الإنسان بعيدًا عن محبة الله، وبعيدًا عن مصلحته الأبدية. ويقول الرسول أيضًا إن الخطية تمر بمراحل في كيان الإنسان "كل واحد يجرّب إذا انجذب وانخدع من شهوته. ثم الشهوة إذا حبلت تلد خطية، والخطية إذا كملت تنتج موتًا" (يع1: 14، 15). الخطية تبدأ بفكرة معروضة على الإنسان فإذا لم يرفضها فإنها تجتذبه بطريقة خادعة إرضاءً للشهوة. فإذا تفاعل الإنسان مع الشهوة، تسرى في كيانه عوامل اللذة والدنس حتى يسكر بسحرها ونشوتها. وبسريان تأثيرات الشهوة في كيان الإنسان يبدأ في ممارسة الخطية إرضاءً لشهوته. وكلما توغل في الخطية كلما اشتعلت الشهوة بزيادة حتى يصل إلى إكمال فعل الخطية دون أن يتراجع فيكون السقوط المميت. إن هناك شيطانًا اسمه شيطان تكميل الفعل. فحينما يبدأ قلب الإنسان يضربه بسبب شروعه في ارتكاب الخطية، يأتي شيطان تكميل الفعل ليدفعه إلى عدم التراجع. وأحيانًا يقول له ما فائدة التراجع وقد أغضبت الرب لسبب شروعك في ارتكاب الخطية؟ ولماذا تحرم نفسك من اكتمال لذة الخطية وقد حُسِبت عليك خطية.. إن التراجع لن يفيدك في شيء. أكمِل الخطية وبعد ذلك يأتي التفكير في التوبة.. وهكذا يظل يلح عليه حتى يتجاسر على تكميل فعل الخطية التي "إذا كملت تنتج موتًا" (يع1: 15). كما أن الإنسان ينبغي أن يحترس تمامًا من شيطان الفكر والإغراء، فإنه ينبغي أن يحترس وبقوة من شيطان تكميل الفعل. إن التراجع عن الشهوة أسهل من التراجع عن الخطية. والتراجع عن الخطية قبل اكتمالها أفضل بكثير من الوقوع فيها. لأن اكتمال الخطية ينشئ الاعتياد عليها ويجعل طريق التوبة صعبًا محفوفًا بالمخاطر. وهناك شيطان آخر ينبغي الاحتراس منه وهو شيطان اليأس، الذي بعدما يسقط الإنسان في الخطية يأتيه ليثير فيه مشاعر اليأس وقطع الرجاء. فقبل السقوط يقول الشيطان للإنسان: إن الخطية هى حلوة وجميلة ومن حقك، ولا ضرر في ارتكابها. وبعد السقوط يقول له: ها قد أضعت نفسك في الخطية وانفصلت عن الله.. وهو لن يقبل رجوعك إليه ولا أمل في قبوله لك، ولا أمل في قدرتك على ترك الخطية وليس أمامك إلا الاستمرار فيها أو الاستمرار في البعد عن الله. إن حيل الشيطان كثيرة ومتنوعة. وفخاخه لا يستطيع أن يفلت منها إلا المتواضعون كما قيل للقديس أنطونيوس في البرية. |
||||
![]() |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
من كتاب مشتهى الأجيال: صعود المسيح |
من كتاب مشتهى الأجيال: من القدس إلى قدس الأقداس |
من كتاب مشتهى الأجيال: التجربة على الجبل |
من كتاب مشتهى الأجيال: مصير العالم يتأرجح |
من كتاب مشتهى الأجيال: يأس المخلص |