منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19 - 05 - 2014, 04:11 PM   رقم المشاركة : ( 51 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,257

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج

اختبار النظام الرهباني
A Test of The Monastic Educational System



كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج
كان من المُتوقع من كلّ الوسائِل التربوية السالفة الذِكْر أن تقود الراهب إلى:
1) فحص الذَّات
2) الاعتراف
وإذا لم تقُد الراهب إلى ذلك، يكون هناك قصور في النظام التربوي، أو يكون التلميذ غير لائق لهذه التربية.
  رد مع اقتباس
قديم 19 - 05 - 2014, 04:11 PM   رقم المشاركة : ( 52 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,257

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج

فحص الذات

كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج
كان أحد المُتطلبات الهامة للاعتراف الفَّعال، وبصفة عامة لأي نوع من التقدُّم الروحي، هو أن يعرف المُبتدئ نفسه جيدًا جدًا ويكون قادرًا على عرض نفسه على أبيه الروحي كي يختار كطبيب ماهر الطريقة المُناسبة للتعليم و”الدواء“.
ومعرفة النَّفْس هذه هي ”بحق أصعب العلوم“ (54) تتطلّب فحصًا ذاتيًا مُدققًا للغاية وواعيًا، ولذلك يُؤكد الأدب الرَّهباني المُبكِر على الحاجة إلى الفحص المُدقِق للذَّات، فيعتبره القديس أموناس أحد الالتزامات الأولى الموضوعة على الراهب، ونقرأ في سيرة الأنبا أنطونيوس ”لِيُحاسِب كل إنسان نفسه عن أعمال النهار والليل“ (56) وأيضًا يقول أبو الرهبنة ”فليُلاحظ كلٍّ منّا نفسه ونكتُب أعمالنا ودوافِع النَّفْس“ (57)، ويقول برصنوفيوس أنَّ الراهب لابد أن يفحص ويُلاحظ أفكاره ويشرح كيف يجب أن يكون ذلك:
”عندما يأتيك فِكْر انتبه إلى ما يلده (هذا الفِكْر) وهاك مِثالًا: أنت تُفكِر أنَّ شخصًا ما قد أهانك ويُزعِجك فِكرك كي تُخبِره (تعاتبه) عندئذٍ قُل لفِكرك " إذا أخبرته فإني أغيظه وهو يحزن ضدي إذًا أنا أحتمِل قليلًا ويمُر الأمر"، لكن إذا لم يكُن الفِكْر تجاه إنسان آخر بل الإنسان في ذاته يُفكِر في الشر، إذًا لابد أن يبحث الإنسان عن الفِكْر ويقول "فِكْر الإنسان يقود إلى الجحيم " فتبطُل عنك (الأفكار) ومع سائر الأفكار اصنع هذا الأمر عينه“. (58)
وهكذا لم يكتفِ آباء البريَّة بالتأكيد على ضرورة فحص الذات ومُحاسبة النَّفْس فقط بل وأيضًا شرحوا كيف يتم فحصها، وكانت غايتهم مُحاربة التصورات والميول الشِّرِّيرة في بدايتها الأولى، وقد كان يوحنَّا الدَّرجي مُعبِرًا للغاية عندما كتب:
”اجلِس في مكانٍ عال وارصُد نفسك إن كان لك في الرصد دِراية، فتُبصِر حينذاك أي لصوص يأتونك ليدخلوا ويسرقوا عناقيدك وكيف ومتى ومن أين يأتون وما عددهم“. (59)
وقد أسهم هدوء البريَّة وسكونها وطبيعة الحياة الرَّهبانية التي بلا هَمْ، اسهامًا كبيرًا في عملية فحص الذات المنهجي التي يقوم بها الراهب.
  رد مع اقتباس
قديم 19 - 05 - 2014, 04:13 PM   رقم المشاركة : ( 53 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,257

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج

الاعتراف

كانت الرهبنة منذ بدايتها الأولى واعية ومُدرِكة بعُمق للخطية، الأمر الذي قاد الآباء إلى الاعتراف الصادِق الذي يعتبره مُشرِعو الرهبنة الأوَّلون أحد الأعمال الأساسية الواجب على المُبتدئ مُمارستها، وصار فيما بعد مُمارسة يومية في حياة الرُّهبان. (60)
وبجانب كونه سِر ضروري ولازم، كان الاعتراف أيضًا أقدس وأعظم أبعاد العلاقة الوطيدة التي تجمع بين الأب والتلميذ، ومن هنا كانت مُهمة أب الاعتراف جل صعبة وأساسية، وتتطلّب قدرًا ليس بالقليل من المهارة والخبرة السيكولوچية، إذ أنَّ الإرشاد الروحي – كما أسلفناه – كان يتم غالبًا أثناء الاعتراف.

كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج
ومن النماذِج الرائعة لأب الاعتراف المثالي كان الأنبا مقاريوس الكبير الأب الروحي للإسقيط، وقد حدث أن زار مرَّة راهبًا صغيرًا يُدعى ثيؤبيمبتوس Theopemptos وكان يعرف أنَّ هذا الأخ يُعاني من قِتالات كثيرة، فسأله مقاريوس ”كيف حالك يا أخي؟“ وإذ كان الراهب يخشى أن يقول الحقيقة أجابه بصيغة رهبانية معروفة ”حَسَنْ بصلواتك“ عندئذٍ سأله الأب المُختبِر باهتمام ”ألا تُحارب في أفكارك“ فجاءت إجابته ”حتّى الآن أنا على ما يُرام“ فقال له الأب العظيم بطريقة تربوية تمامًا ”أنا نفسي أُمارِس إنكار الذات لسنوات عديدة ويُكرمني جميع الناس، لكن مع أني رجُل شيخ إلاّ أنَّ شيطان الزنى لا يزال يُؤلمني“ فتشجّع المُبتدئ بهذا القول واعترف بتجارِبه ”صدّقني أنه يُؤلمني أنا أيضًا“.. فالنَّاسِك الشيخ، تظاهر أنَّ الأفكار تحاربه هو الآخر لكي يشجّع الراهب الصغير على الاعتراف. (61)
وغالبًا ما كان آباء الاعتراف يضعون قوانين وعقوبات على الإخوة الذين أخطأوا، وكان هناك أنواع مُتعددة من العقوبات مثل: عمل مِئات الميطانيات، الصوم، الصلوات الإضافية، عدم التقدُّم للأسرار لفترة مُعيَّنة، إلخ... ولم يكُن هدف هذه القوانين مُعاقبة المُخطِئ بل أن تساعده ليفهم ويعرِف خطأه، هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى، تمنحه فرصة ليُثبِت أنه يُريد أن يفعل شيئًا ما للإقلاع عن خطاياه كعلامة على توبته، ورغم أنَّ القانون الكنسي قد قنَّن وحدَّد نوع ومُدّة قوانين كلّ خطية، إلاّ أنَّ الآباء كانوا يضعون في اعتبارهم دومًا شخصية المُخطِئ أكثر من القانون الكنسي، وقد أشار القديس باسيليوس الكبير إلى أنَّ آباء الاعتراف لابد أن يضعوا في اعتبارهم سِنْ المُخطِئ ودوافِعه وعمله وقصده وتوجُهاته وسلوكه بعد الخطية. (62)
وبصفة عامة، كان الفِكْر الرَّهباني يرفُض دومًا فترات التوبة الطويلة، فعندما أخبر أحد الإخوة ذات مرّة الأنبا بيمن أنه قد اقترف ”خطية عظيمة“ ويُريد أن يتوب عنها لمُدّة ثلاث سنوات، أجابه الشيخ ”هذا كثير جدًا“ فقال الأخ ”إذًا بالتأكيد عام واحد“ فكانت الإجابة مثيلة ”هذا كثير جدًا“ بل وحتّى الأربعين يومًا كانت فترة طويلة بالنسبة لهذا القديس فقال للأخ ”أنَّ الإنسان إذا تاب من كلّ قلبه ولم يُخطِئ ثانية، يقبله الله في 3 أيام“ (63)، وهذه الإجابة عينها ردَّدها الأنبا شيشوي، فبحسب آباء البريَّة، كانت نزعات الإنسان وندامته أهم من طول فترة التوبة، ويتصور لنا هذا الفِكْر بوضوح وجمال في قصة بائيسة التائبة التي عاشت في الخطية زمانًا طويلًا، لكن عندما زارها الأنبا يوحنَّا القصير وافتقدِتها النِعمة، تابت ومضت إلى البريَّة، لكنها تنيحت فجأة وهي في طريقها للبريَّة، وتقول خاتمة سيرتها: ”إنَّ ساعة توبتها الواحدة كانت مقبولة أكثر من توبة الذين قضوا زمانًا أطول في التوبة ولكن لم يُظهِروا مثل هذه الحرارة“. (64)
وهدف الاعتراف كما تُخبِرنا ”الأقوال“ هو أن يقتني التائِب السلام بتحرُّره من حِمْل خطاياه الذي يُثقِّل ضميره، وإذا ترجمنا ذلك إلى لُغة مُصطلحات عِلْم النَّفْس الحديث، نقول أنَّ الراهب الذي يفحص نفسه بتدقيق ويعترِف بصِدق، في الغالب لن يُلقي بخطاياه في لا شعوره، وبالتالي لا تتحوَّل الخطية إلى عُنصر في شخصيته، وهذا يُفسِر لنا قول القديس إغريغوريوس أنَّ الاعتراف هو ”علاج“ هام للشر. (65)
أخيرًا، بجانب أنَّ الراهب لابد أن يتضرّع ويتذلّل لأجل خطاياه، أحيانًا كان الراهب يقبل اتهامات باطلة مُوجّهة له، أي يقبل اللوم والعِقاب على شر لم يرتكبه، وأبرز أمثلة ذلك قصة مارينا العذراء التي تزيّنت بزي الرجال واتُهِمَت بأنها أب لطفل لقيط، فلم تُنكِر هذا الاتهام أو تنفيه ولم تُكتشف براءتها إلاّ ساعة دفنها.. (66) وهكذا كان اسلوب تبرير الذات وإلقاء اللوم على الآخرين والذي استخدمه أبونا آدم، غريبًا عن العقلية الرَّهبانية، فكان الآباء مُتدربين ومُعتادين على اتهام الذات ولومِها.
وكان المُصطلح الفِعلي الذي استخدمه الرُّهبان للإشارة إلى أب الاعتراف هو ”بنڤماتيكوس Pnevmatikos“ وهو يعني حرفيًا ”إنسان روحي“ وكان يُستخدم في الحديث عن الرُّهبان الكِبار ورؤساء الأديُرة والمُرشدين الروحيين بصفة عامة.
ولابد أن نذكُر هنا أنَّ اقتناع النُّسَاك الأوَّلين بفترات التوبة القصيرة كان نقطة تباين فيها رأيهم عن باقي الكنيسة وأيضًا عن الرهبنة اللاحقة زمنيًا.
  رد مع اقتباس
قديم 19 - 05 - 2014, 04:13 PM   رقم المشاركة : ( 54 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,257

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج

التلمذة في النظام التربوي الرهباني
Discipleship in The Monastic Educational System



كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج
يُمكن أن تُفهم التلمذة إمَّا كمجموعة من القواعد تحكُم السلوك أو كتدريبات في ضبط النَّفْس والطاعة والخضوع لمعايير مُحدّدة، أو وضع قوانين وتأديبات كنسية على المُخطِئ، والمُصطلح كما هو مُستخدم هنا ينتقل من معنى لآخر من هذه المعاني المُترابطة.
والتلمذة عُنصر أساسي للغاية في الحياة المسيحية لأنها أصلًا حياة تلمذة وطاعة لمشيئة الله، وقد امتدح آباء الكنيسة فوائد التلمذة ومناقِبها (67) والنُّسَاك الأوائِل الذين كانوا يسكنون معًا شعروا بالحاجة إليها مُبكِرًا للغاية كما يتضح من قوانين القديس باخوميوس.
وكانت العقوبات والمُكافأت وسيلتين حاول بهما المُربون والمُعلِّمون أن يتلمذوا أبناءهم.
  1. العقوبات الرهبانية
  2. أنواع العقوبات
  3. الجِعالات | المكافأة
  رد مع اقتباس
قديم 19 - 05 - 2014, 04:15 PM   رقم المشاركة : ( 55 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,257

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج

العقوبات الرهبانية

كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج
يُعرِّف الأدب الرَّهباني بوضوح شديد غاية وهدف العقوبات وأيضًا الطريقة التي ينبغي بها استخدامها، وفي سيرة باخوميوس يُذكر أنه وبّخ أحد الإخوة ”لأجل خلاصه“ (68).
وهكذا استُخدِمت العقوبات لمنفعة المُخطِئ وكانت تهدِف إلى إعادته إلى رُشده كما يذكُر يوحنَّا الدَّرجي.
ويُضيف القديس باخوميوس أيضًا أنَّ الأب لابد أن ينصح المُخطِئ أولًا وبعد ذلك يُوبخه (69)، كذلك قدَّم القديس باسيليوس في قانونه درجات مُتنوعة من العقوبات، مثل الحِرمان من البركة، الحِرمان من الطعام، العزل (70)، ويذكُر أيضًا أنَّ هذه العقوبات لابد أن تكون علاجية ومُتناسبة مع الخطأ.
وفي البند الواحد والخمسين من قانونه الطويل، يعكِس القديس باسيليوس فِكْر القرن الذي يعيش فيه بدقة ووضوح، فيكتُب:
”... التقويم لابد أن يُستخدم مع المُخطِئ بنفس طريقة الأطباء الذين لا يغضبون من المرضى بل يُجاهدون ضد المرض، وهكذا يجب أن تُهاجم الرذيلة، وضعف النَّفْس لابد أن يُعالج – إذا كان هناك ضرورة – بقانون أكثر قسوة:
فمثلًا الكبرياء لابد أن يُعالج بتدريب مُمارسة الاتضاع.
الحديث البطَّال بالصمت.
النوم الكثير باليقظة والصحو في الصلاة.
الكسل بالعمل.
الطمع بالصوم عن الطعام“ (71).
ومن الأهمية بمكان أن نذكُر أنَّ نظام العقوبات الباسيلي كان يبغى استبدال الخطية بالفضيلة المُضادَّة لها، ونجد أساسًا نظريًا لهذه المُمارسات التربوية في كِتابات إغريغوريوس النيصي الذي كتب قائلًا أنَّ الخطية ليس لها جوهر خاص بها، بل هي غياب الفضيلة (72)، وبالتالي فإنَّ غرس وإنماء الفضيلة هو أفضل وسيلة لمُحاربة الشر والخطية الموجودة فعلًا.
وكان على الرئيس أن يأخذ في اعتباره مَنْ هو المُخطِئ وشخصيته وقامته ثم يُوقّع عليه العقوبة وِفقًا لذلك (73)، وهكذا يفرِض النظام الباخومي 80 ميطانية للراهب المُتقدم في الرهبنة، و50 ميطانية للراهب الصغير لأجل نفس الخطية (74)، والقديس يوحنَّا الدَّرجي يُنبِه الرئيس إلى أهمية وضع شخصية المُخطِئ في الاعتبار من حيث قامته وقانونه وقِدَمُه في الحياة الرَّهبانية.
  رد مع اقتباس
قديم 19 - 05 - 2014, 04:17 PM   رقم المشاركة : ( 56 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,257

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج

أنواع العقوبات



كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج
أمَّا عن أنواع العقوبات التي استخدمتها الأديُرة، فكان هناك نوعان أساسيان:
1) العقاب الجسدي
2) العقاب الروحي
وكانت درجة شدَّة العقاب تتحدَّد وِفقًا لطبيعة الخطأ وشخصية المُخطِئ، كما أسلفنا، فمثلًا الشخص الذي يحضر إلى خدمة ليتورچية في الكنيسة مُتأخرًا، لا يستطيع أن يدخُل الكنيسة بل يجلِس نادمًا عند العتبة بينما يخرُج الرُّهبان من الكنيسة، وفي حالة بعض الأخطاء الجسيمة، كان الأخ يُحرم من العبادة الجماعية، أمَّا الأخطاء الأخرى مثل التشاجُر أو الكبرياء أو الخروج بدون إذن، فكانت تُعاقب بالطرد، ويروي لنا التاريخ الرَّهباني أنَّ القديس باخوميوس أمر ذات مرَّة أحد الرُّهبان بخلع زي الرهبنة وترك الدير (75)، وكانت هذه عقوبة بالغة القسوة، لكن أقسى عقوبة على الإطلاق كانت الحِرمان من الأب الأسقف.
والدراسة المُدقِقة لكتاب ”الأقوال“ فيما يختص بالتأديبات، تأتي بنا إلى استنتاج أنَّ النُّسَاك الأوائِل لم يسمحوا أن يُؤدب الأخ المُخطِئ من قِبَلْ أي أحد غير أبيه الروحي الذي كان له وحده حق تأديبه وتهذيبه، أي أنَّ الأب الروحي وحده هو الذي يضع قانون تلميذه (76).
وكان الرُّهبان الأوائِل يُؤمنون أننا جميعًا تحت التأديب ولذلك نُفِينا من الفردوس، ولأننا نحن أنفسنا مُذنِبون لذلك لا نستطيع أن نحكُم على الآخرين ونُأدبهم بل الله فقط هو الذي يستطيع ذلك، وهذه رؤية هامة تُميِّز بين الرهبنة التوحُدية ورهبنة الشَرِكَة، ولم يكُن القديس باسيليوس مُوافقًا على هذا الرأي،بل كان يُؤمِن أنَّ واجب الإنسان تجاه أخيه هو ألاّ يسمح له بأن يضِل عن طريق البِّر، ويجب عليه أن يحذَّر أخاه ويُصلِحه (77)، بيد أنَّ أحدًا من القادة الكِبار في البريَّة لم يتفِق مع باسيليوس في هذا الصدد (78).
لكن بمرور الوقت، أدرك الرُّهبان أنَّ لحياة الشَرِكَة قوانينها التي تختلِف عن قوانين القلاية، وأرسوا مبدأ سُلطان رئيس الدير في تعليم وتأديب الرُّهبان الذين لا يطيعون ويُهمِلون واجباتِهِم، لكن يجب أن يفعل ذلك فقط مع رُهبان ديره وليس مع آخرين من خارج ديره (79).
  رد مع اقتباس
قديم 19 - 05 - 2014, 04:19 PM   رقم المشاركة : ( 57 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,257

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج

الجِعالات | المكافأة

كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج
رغم أنَّ رُهبان الوحدة ورُهبان الشَرِكَة كانا لهما رأيان مُختلِفان في موضوع العقوبات والتأديبات إلاّ أنهما يتِفقان تمامًا في رؤيتهِما للمُكافأت فكانوا جميعهم مُمسكين جدًا في مُكافأة تلاميذهم، والسبب وراء ذلك هو أنهم اعتبروا المديح وكلّ نوع من الجعالة دافِعًا للشر، لأنَّ هذه الأمور تُشجِع الكبرياء الذي أراد الرُّهبان أن يهربوا منه بسائِر أشكاله لأنه سبب السقطة الأولى، ولذلك يُحذِّر الأدب النُّسْكي الرُّهبان وينصحهم أن يكونوا حَذِرين للغاية من الذين يمتدحونهم ويُوقِرونهم (80)، ويقول الدَّرجي أنَّ الله يُخفي عن أعيُننا الكمالات التي اقتنيناها ويُضيف أنَّ: ”ذاكَ الذي يمتدحنا أو بالأحرى يضِلنا يفتح أعيُننا بمديحه، وما أن تنفتِح عيوننا حتّى يتبدَّد كِنزنا“ (81).
كما رأى آباء البريَّة أنه ليس هناك من الأسباب ما يدعو لامتداح أي إنسان إذ أنَّ أي صلاح في الإنسان إنما هو عطية من الله، ومن المُخجِل أن نُمدح بزينة الآخرين، لكن في نفس الوقت لم يمتنِع آباء البريَّة عن تذكير تلاميذهم بالجعالة السمائية كي يُشدِّدوهم ويُقووُهم في جهادهم المُضني لأجل الخلاص (82).
وبجانب ذلك أكَّد التقليد الرَّهباني دومًا أنَّ الإنسان يجب ألاّ يترهب خوفًا من الله أو سعيًا وراء الجعالة الشخصية بل الدافِع الوحيد المقبول تمامًا هو محبة الله، فأنطونيوس ”أبو الرهبنة“ قال: ”أنا لم أعُد أخاف الله لأني أُحبُّه“ (83).
في ضوء ما ذكرناه يُمكننا أن نرى كيف كان لآباء البريَّة نظام كامِل للوسائِل التعليمية منبني ومُؤسس على الأفكار النظرية عن التربية وخاصَّة مبدأ التفرُّد الشحصي.
  رد مع اقتباس
قديم 19 - 05 - 2014, 04:20 PM   رقم المشاركة : ( 58 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,257

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج

مراجع ما سبق

1) Varsanuphius and John, P.OR XXXI, Fasc 3, 457.
2) Gregory of Naz., Oration II, 30-32, P.G. 35, pp. 437-438.
3) Clement of Alexandria, Instructor, ed. O. Stahlin, I, 133 Leipzig, 1936.
4) John Climacus, Klimax XXXI, p.174.
5) Apophthegmata, P.G.65, pp. 188c, 232, 273, 405, 440.
6) Basil, On the Spirit, XV, P.N.F., VIII, 21.
7) Isidorus of Pelusium, Epistola I, 441, P.G. 78, 425B.
8) John Climacus, Klimax XXXI, p.174.
9) Gregory of Nyssa, Catechetica Magna. P.G. 45, 10.
10) Gregory of Naz., Oration II, P.N.F. VII, 210.
11) Entolai Pachomii, V.H.P. XL, 114.
12) Vita Pachomii, quoted in Chitty`s The Desert a City, Oxford, 1966. p. 26 and 25.
13) Apophthegmata, P.G.65, pp. 81, 253, 303, 324, 325.
14) Ibid., p. 301 D.
15) Paschos, Gerontikon, Athens, 1970, p. 164b and 118b.


كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج
16) Basil, Reg. Fus., XXV, P.G. 31, 984C.
17) Palladius, The Lausiac History, ed. C. Butler, Cambridge, 1898, p. 234.
18) Basil, quoted in K. Mouratides` Christokentrike Poimantike, Ahens, 1962, p. 68.
19) Ibid.
20) Bios Pachomiou, V.H.P. XL, pp. 176-178 and 180.
21) Apophthegmata, P.G.65, pp. 208, 209, 333, 324, 365-68.
22) John Climacus, Ladder, pp. 144 and 203.
23) Wallace-Hadrill, Greek Patristic View of Nature, N.York, 1968, p.124.
24) Ammonas, Letter V, V.H.P. XL, 160.
25) Maximus Confessor, Questions, P.G. 90, 840B.
26) Dionysios Hareopagite, De Ecclesiastica, P.G. 3, 480A.
27) Bios Pachomiou,VI, V.H.P. XL, 132.
28) Sozomen, Historia Ecclesiastica III, 14, P.G. 67, 1069.
29) O. Chadwick, John Cassian, Cambridge, 1968, p.56.
30) Sozomen, Historia Ecclesiastica III, 14, P.G. 67, 1069-1072.
31) Dorotheos, Doctrina I, P.G. 88, 1632C-1636A.
32) Maximus Confessor, Questions, P.G. 90, 840-841.
33) Sozomen, Historia Ecclesiastica, P.G. 67, 1072.
34) بُستان الرُهبان – الطبعة الثَّانية – عام 1956 م – صـ 61.
35) نفس المرجِع السابق – صـ 97.
36) Apophthegmata, P.G.65, pp. 100-101.
37) Evagrius of Pontus, Coptia Practica, P.G. 40, 1249B.
38) Basil, Hexaemeron, P.N.F., VIII, 103, 106.
39) Cyril of Jerusalem, Catechesis, IX, 13. P.G. 33, 652B.
40) Ammonas, Letter IV, V.H/P/ XX, 53.
41) Apophthegmata, P.G.65, 420 and 173.
42) Ephraem Syrus, Ascetic Works, by Sakkoraphos, p. 22.
43) John Climacus, Ladder XXVI, P. 203.
44) Apophthegmata, P.G.65, 440A, and 364C.
45) Ibid., p. 197 and 224.
46) Gerontikon, p. 114B.
47) Apophthegmata, P.G.65, 337.
48) Basil, Homilia in Psalmum 47, P.G. 29, 457.
49) Gregory of Nyssa, De Virginitae, P.G. 46, 409-412.
50) Isidorus of Pelusium, Epistola, P.G. 78, 1537C. Nilus the Ascetic, Homily, Philokalia, I, p. 205 and 206.
51) Clement of Alexandria, Stromata I, 1, A.N.F. II, 300.
52) Br. Joyce, Alternative Models of Elementary Education, Waltham Mass.: 1969, p. 106f.
53) PH. Jacob, Changing Values in College, N.York: 1956.
54) Basil, Hexaemeron IX, 9, P.N.F., VIII, 106.
55) Ephraem Syrus, Ascetic Works, ed. Sakkoraphos, p. 27.
56) Athanasius, Vita Antonii LV, V.H.P. XXXIII, 39.
57) Vita Antonii, quoted in Wigg`s Warriors of God, London, 1939, p.39.
58) Varsanuphius and John, Questions LXXXV, P.OR. XXXI, 565.
59) John Climacus, Ladder XXVII, P. 239.
60) Basil, Reg. Fus., XXVI, P.G. 31, 985.
61) Apophthegmata, P.G.65, 201.
62) Basil, Reg. Brev., LXXXI, P.G. 31, 1140.
63) Apophthegmata, P.G.65, 325.
64) Ibid., 217-218 and 336.
65) Gregory of Naz., Oration XVI, P.N.F., VII, 253.
66) Vita S. Marinae. P.L. 73, 693.
67) Clement of Alexandria, Instructor, I, 5, A.N.F. II, 213.
68) Bios Pachomiou, V.H.P., 40, 154.
69) Ibid., XL, 165.
70) Basil, Reg. Brev., P.G. 31, 1109D and 1165B.
71) Basil, Reg. Fus., XV, P.G. 31, 1040-41 and 953.
72) Gregory of Nyssa, Catechetica Magna, P.G. 45, 24-25.
73) Basil, Reg. Brev., XCI, P.G. 31, 1140A.
74) Pachomius, Epitimia, V.H.P., XL, 127.
75) Peri Pachomiou, V.H.P. XL, 194.
76) Apophthegmata, P.G.65, 121B, 284A.
77) Basil, Reg. Brev., III and IV, P.G. 31, 108A.
78) Apophthegmata, P.G.65, 328C, 352A.
79) Ibid., p. 305A.
80) Ammonas, Parainetika, V.H.P. XI, 62.
81) John Climacus, Ladder XXII, P. 175 and 181.
82) Macarius the Egyptian, Homily IV, V.H.P., XLI, 159.
83) Apophthegmata, P.G.65, 85C.
  رد مع اقتباس
قديم 19 - 05 - 2014, 04:22 PM   رقم المشاركة : ( 59 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,257

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج

الرهبان والثقافة
Monks and Culture


  1. موقف الرهبان من الثقافة
  2. المدارس الرهبانية
  3. مراجع الجزء الأخير
  رد مع اقتباس
قديم 19 - 05 - 2014, 04:24 PM   رقم المشاركة : ( 60 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,257

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج

موقف الرهبان من الثقافة

إنَّ مُصطلح ”الثقافة Culture“ كما هو مُستخدم هنا يعني كلّ نوع من الأنشطة الخاصَّة بالكُتُب والنمو العقلي والجمالي، وبصفة عامة مجموع الأعمال والنشاطات الفِكْرية، والرَّهبانية بل والمسيحية في عمومِها لم تعتبر الثقافة هدفًا أو غاية في حد ذاتها لأنَّ أمور كلّ هذا العالم ستبطُل، فالرُهبان الذين جحدوا العالم وكلّ ثقافته لم يقبلوا إلاّ العناصر الثقافية التي رأوا أنها تخدِم أهدافهم، وكان القديسون -وليس الدارسون أو العُلماء- نماذِج وقُدوة كلّ راهب، كما كان الرُّهبان الأوَّلون بصفة خاصة مُتشككون من ”المعرفة العالمية“ إذ رأوا أنها نابعة من منظور وفهم مُختلِف تمامًا للحياة، وكانوا يسعون لنسيان الشِعْر والفلسفة وكلّ صُنوف المعرفة الأرضية التي تعلَّموها في المدارس قبل رهبنتهم وليس بتعلُّم أي شيء جديد (1)، وهكذا كان القديس الأنبا أنطونيوس أب الرُهبان أُميًا تمامًا، فنقرأ في سيرته:
”وحدث أيضًا أنَّ آخرين من مثل هؤلاء (الفلاسفة) التقوا به في الجبل الخارجي، وفكَّروا أن يهزأوا به لأنه لم يتعلَّم الحروف، فقال لهم أنطونيوس: ماذا تقولون؟ ما الذي وُجِد أولًا العقل أم الحروف؟ وأي منهما سبب الآخر؟ فأجابوه: العقل وُجِد أولًا وهو مُخترِع الحروف، فقال أنطونيوس: إذًا كلّ مَنْ له عقل صائِب لا يحتاج للحروف“. (2)
وقد اعتُبِرت الرهبنة بصفة عامة أنَّ ”الحروف“ أي المعرفة، وسيلة نافعة لتحقيق أهدافها، فعبَّر القديس باخوميوس المُشرِّع الرَّهباني الأوَّل في قانونه عن اهتمام بتعليم تلاميذه جميعهم (3)، وأمر أن يظل المُبتدئ – قبل قبوله – خارج الباب عدَّة أيام ويتعلَّم كيف يقرأ ويكتُب ويحفظ عن ظهر قلب مقاطِع من الأسفار المُقدسة خاصَّة الصلاة الربانية وأكبر عدد من المزامير يستطيع حِفظه (4)، وبعد قبوله، كان على المُبتدئ أن يتعلَّم ”الأبجدية النُّسْكية“ (أي الفضائِل والجِهادات الرَّهبانية) إذ كانوا يُؤمنون بأهميتها العظيمة بالنسبة للراهب (5)، أمَّا ساعات الفراغ فكان من الضروري أن يشغِلها الراهب بالقراءة في الكتاب المُقدس الذي كان يُحفظ غالبًا، وقد كان هذا الحِفْظ العقلي إجباريًا في دير الأنبا باخوميوس (6).

كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج
وقد أكَّدت الرهبنة الأولى بشدَّة على حِفْظ المزامير والعهد الجديد، وكان الحِفْظ عملًا شائعًا بين الرُّهبان الأوائِل وعُنصرًا أساسيًا للتعليم في العصور المُبكرة والوُسطى، واعتبره القانون الباسيلي وسيلة نافعة للغاية لتدريب المُبتدئين (7)، ولكن لابد أن نذكُر أنَّ هذا الحِفْظ لم يكُن عملًا أليًا، بل جهد عقلي تأمُلي كما يتضح من ”مُؤسسات“ يوحنَّا كاسيان: ”ليس عدد الآيات التي تُردَّد هو الذي ينبغي أن يكون هدفنا، بل الأفضل أن نُرنِم آيتين بفهم من أن نُرنِم المزمور كلّه بأفكار مُشتتة“. (8)
بل وحتّى أثناء تناوُل الطعام في المجمع (المائدة)، كان هناك قراءات يستمِع إليها الإخوة بانتباه حتّى لا تتشتَّت أذهانهم باللذة الجسدية في الطعام، وكانوا يفرحون بكلمات الرب التي هي ”أحلى من العسل وشهد العسل“ كما يقول المزمور الثَّامِن عشر، ولا تزال هذه العادة مُستمرة وحيَّة حتّى الآن في أديُرتنا القبطية العامرة فيُقرأ بُستان الرُهبان أثناء المائدة.
وليس فقط الكُتُب المُقدسة بل وأيضًا الكُتُب العادية كانت رفيقًا دائمًا للراهب، وفي ”الأقوال“ وتاريخ بالاديوس وتاريخ ثيؤدورت نقرأ عن العديد من الرُّهبان مُحبي الكُتُب (9)، وفي بعض الأحيان عندما كانوا يعيشون الفقر في أقصى درجاته، كان يُعطي لهم تصريحًا باقتناء الكُتُب، ومن بين القوانين السريانية الرهبانية، هناك قانون للراهبات يمنع الزوار من تقديم أي شيء للدير ما خلا الكُتُب (10)، وعندما كان الرُّهبان يفرغون من قراءة كلّ الكُتُب التي عندهم، كانوا عادة يستعيرون كُتُب أخرى من إخوتهم الرُّهبان، وقد وصلنا خطاب رقيق من راهب قبطي يطلُب أن يستعير كتابًا مكتوب فيه:
”نحيِّي أُبوتكم المُوقرة التقية
تعطَّفوا – إذا سرَّكم الأمر – واعطونا كتاب يسوع (ابن) نوح
لأنهم يكتبون إلينا (و) نحن لا نجد نُسخة.. تعطَّفوا به..
وداعًا في ربنا يا إخوتي أنبا دانيال، يوحنَّا الكاهن..
من توما الحقير...“. (11)
وكان للأديُرة عادة مكتباتها التي تُعتبر كِنزها وذخائِرها، وفي سيرة الأنبا دانيال العمودي (409 – 493 م) نقرأ:
”لأنها عادة في الأديُرة أن تُوضع كُتُب كثيرة مُتنوعة أمام الهيكل، وإذا أراد أي أخ كتابًا فإنه يأخذه ويقرأه“. (12)
وفي أغلب الأحيان، لم تتضمن مكتبات الأديُرة كُتُبًا دينية فقط، بل العديد من الكُتُب المُختلِفة (13)، وفي العصر البيزنطي على وجه الخصوص، صارت الأديُرة خزائِن للمعرفة القديمة التي بلغها الكثيرون، فوجد مُحبو المعرفة والتعلُّم فيها أفضل مواضِع يُمكنهم أن يُشبِعوا فيها محبتهم للدراسة، وكان الرُّهبان يُرحبون دومًا بهم.
وكانت الأديُرة مسئولة عن حِفْظ التُراث من الاندثار والجهل المُدمِر الذي بدأ يدُق ناقوس الخطر في القرن الخامِس، فقدَّم الرُّهبان خَزَانة آمِنة لسِجلات التاريخ الماضي وذلك بالحِفاظ على المخطوطات والوثائِق. (14)
ومن المُثير للدهشة أن نعرِف أنه حتّى القديس باخوميوس نفسه، أوِّل مُشرِّع رهباني، وضع قوانين لحمايِة الكُتُب والمكتبات، فنقرأ: ”إذا أخذ أحد كِتابًا ولم يهتم به بل ازدرى به، يصنع خمسين ميطانية“. (15)
وبالإضافة إلى أنَّ العديد من المخطوطات قد حُفِظ نتيجة لهذا الاهتمام الثقافي الرهباني، فإنَّ عددًا كبيرًا آخر قد نُسِخ في المناسِخ الرَّهبانية (وهي حُجرات النُّسَخ في الأديُرة)، إذ بحسب التقليد الرهباني، كان يُنظر إلى نسخ المخطوطات كواجب مُقدس يشترك فيه الرُّهبان ورؤساء الأديُرة، وتُقدِّم لنا السِجلات الرهبانية من عصور وأماكن مُختلِفة معلومات عن عمل نسخ المخطوطات، فمثلًا في وصف بالاديوس لدير الأنبا باخوميوس نقرأ:
”أعمالهم كانت على النحو التالي: واحد يعمل في الأرض، وآخر في المصبغة، وآخر في المنسخ...“. (16)
وتتحدَّث ”الأقوال“ عن راهب يُدعى إبراهيم كان نسَّاخًا، وچيروم في إحدى رسائله يتحدَّث عن الرُّهبان الذين يعملون بنسخ المخطوطات، والراهب هيراكس Hierax المُتوحِد والذي عاش في النصف الأوَّل من القرن الرَّابِع، كان خطَّاطًا واستمر يكتُب حتّى تنيّح عن 90 سنة (17)، وفي سيرة مارالوس Marallus والقديسة ميلانيا، نقرأ أنَّ عملهُما كان نسخ الكُتُب، وهكذا نجد أنَّ تقليد نسخ المخطوطات استمر مُتوارثًا عبر تاريخ الرهبنة.
ومن البيِّن أنَّ نسخ المخطوطات كان عملًا شائِعًا بين الرُّهبان الأوائِل، وأنَّ محبتهم للتعلُّم والدراسة هي التي حرَّكت أقلامهم، وهذه المحبة حفظت لنا وورثَّتنا ما تبقّى من الأدب اليوناني واللاتيني الذي لو كان الحال غير ذلك لاختفى مثل الأدب البابلي والفينيقي.
ولم يكُن نسخ المخطوطات عملًا أليًا، بل كان له تأثير فِكري وروحي مثله في ذلك مثل حِفْظ صفحات الأسفار، فكان عملًا مُقدسًا كما رأينا، ولذلك استُخدِمت صلاة خاصَّة لتبريك المنسخ (حُجرة النسخ):
”أيها الرب تعطَّف وبارِك هذا المنسخ الذي لخُدَّامك وكلّ ما فيه، كي إذا قرأوا هنا أو كتبوا أي كِتابات مُقدسة، يفهمونها وينتفعون منها... بربنا يسوع المسيح آمين“ (من القرن الثَّامِن). (18)
وكان هذا العمل شاقًا ومُعقدًا، فبعض الرُّهبان كانوا ينسخون الكتاب، البعض الآخر يجلِّده، آخرون يُزينونه، وأخيرًا، راهب يراجعه ويصحَّح أخطاءه، وكانت هذه الأعمال تتم في حُجرة خاصَّة تُسمَّى ”المنسخ Scriptorium“.
وإذ كان الرُّهبان يعيشون بلا تشتُّت في سكون البريَّة، مُنتبهين إلى داخلهم، كان لديهم الكثير من الأفكار والمشاعِر التي عبَّروا عنها في رسائِلهم إلى الإكليروس وإلى المُؤمنين الذين طلبوا نصائِحهم، وأيضًا في الكُتُب التي كتبوها، ومن المُؤكد والمعروف أنَّ اسهاماتِهِم في مجالات الأدب والرسم والموسيقى والعمارة والفنون العملية، كانت مُتميزة وهامة، بل يُمكن القول أنَّ إنجازاتِهِم تُعد من بين أفضل أعمال الإنسانية. (19)
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
العلامة ترتليان - من آباء افريقيا - القمص أثناسيوس فهمي جورج
كتاب البابا شنودة المعلم - القمص أثناسيوس فهمي جورج
كتاب الأمانة في التعليم - القمص أثناسيوس فهمي جورج
كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج
ترانيم القمص أثناسيوس فهمى جورج


الساعة الآن 10:26 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024