04 - 01 - 2014, 04:18 PM | رقم المشاركة : ( 41 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب معالم الطريق الروحي - البابا شنودة الثالث
الصلاة ما هو تقييمك للصلاة؟... هل هي مجرد معونة لك في وقت الضيق؟ تلجأ إليها " حينما تحتاج " إلى الله!! أم هي فرض عليك، إذا لم تؤده تشعر بتأنيب ضمير، لمجرد التقصير؟ أم هي غذاء روحي لازم لك، إن لم تتناوله تفتر في حياتك الروحية؟ أم هي متعة، تشعر بحلاوة مذاقها، فتنسي الدنيا وكل ما فيها، وتود لو طال بك الوقت في الحديث مع الله؟ حسب تقييمك للصلاة، تكون درجة روحانيتك فيها، وتكون أيضًا قدرتك على الاستمرار في عمل الصلاة. اختبر إذن نفسك في الصلاة، واختبر التقييم السليم لها. وإن استطعت أن تعرف قيمة الصلاة الحقيقية، ستصير لك كما قال القديسون كالنفس الصاعد والهابط، ترافقك حيثما كنت، ولا تستطيع مطلقًا أن تستغني عنها. عيبنا أحيانًا أننا نضع للذراع البشري تقييمًا من الصلاة...! لذلك نفضل أن نعتمد على جهادنا وعلى ذكائنا وخبرتنا، أكثر مما نعتمد على الصلاة. ولهذا السبب وأمثاله، كثيرًا ما نضع الصلاة في آخر اهتماماتنا...! فنصلي إن وجدنا وقتًا للصلاة، أو إن تذكرنا الصلاة أو ذكرنا بها أحد!! وكل ذلك لأن الصلاة لم تأخذ منا التقييم الذي تستحقه. وهكذا الحال مع كل الوسائط الروحية الأخرى! بل إن حياتك مع الله ربما تحتاج كلها إلى إعادة تقييم. لكي تشعر بأهمية الله بالنسبة إليك، وأهمية حياتك معه فتعيد تدبير حياتك بناء على تقييم أمثل..وإن كانت حياتك مع الله يلزمها هذا الأمر، فلا شك أن علاقتك مع غيرك من الناس أيضًا تحتاج إلى تقييم. |
||||
04 - 01 - 2014, 04:19 PM | رقم المشاركة : ( 42 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب معالم الطريق الروحي - البابا شنودة الثالث
أنت والغير ما هي قيمة الإنسان في نظرك؟ هل تنتظر إلى كل إنسان باعتباره أخًا لك في البشرية، تحبه، ويهمك أمره، هل تهتم بكل أحد، كما يهتم الله بالكل، طبعًا حسب حدود قدراتك؟ هل تحرص على مشاعر الناس، كل الناس؟ وهل تقدر قيمة النفس، أي نفس؟ هل كل إنسان نفسه ثمينة عندك؟ وهل كل إنسان نفسه تمامًا كنفسك، تحب له ما تحبه لنفسك، وتحرص عليه وعلى مصالحة كما تحرص على أعز أحبائك. ما يصيبه يصيبك، وما يفرحه يفرحك، وما يسيئه يسيئك؟ هذه هي إحدى القيم التي يحافظ عليها الإنسان الروحي، أعني تقديره لقيمة النفس البشرية، وحرصه الشديد في المحافظة على حقوق وعلى مشاعر كل أحد. أنك يا أخي، لو ارتفعت قيمة الإنسان في نظرك، لوجدت نفسك بالضرورة تحترم كل إنسان، ولا تجرؤ أن تجرح شعور إنسان ما. ولا تجرؤ أن تخطئ إلى أحد، ولا أن تخطئ مع أحد وتعثره... تخاف أن يطالبك الله بدمه في اليوم الأخير. أنا أعرف أنك تهتم بمشاعر الكبار، ولكنك قد تتجاهل الصغار وتنساهم. أما الله، هو إله الكل، يهتم بالسيد كما يهتم بالخادم، ويهتم بالكبير وبالصغير، وبالعاقل وبالجاهل. يشرق شميه على الأبرار والأشرار ويمطر على الصالحين والطالحين. ليس أحد منسيًا عند الله... كل نفس هي عزيزة عنده، يرعاها كراع صالح يبذل نفسه عن الخراف (يو10). فكن أنت هكذا، لأن الله ترك لك مثالًا... لو صار للإنسان هذه القيمة في نظرك، ستحترم حرية الناس، وستحترم حقوقهم. لا تغضب أحدًا، ولا تغصب أحدًا، ولا تظلم أحدًا، ولا تضر أحدًا، ولا تشتهر بسمعه أحد. بل تشمل بمحتك الكل... وقيمة النفس البشرية تدعوك إلى الخدمة، وإلى بذل نفسك من أجل خلاص الآخرين... فالذي يؤمن بقيمة النفس الواحدة، يقول مع بولس الرسول " من يضعف وأنا لا أضعف؟ من يعثر وأنا لا ألتهب" (2كو11: 29). ويتذكر كيف أن السيد الرب ذهب يبحث عن النفس الواحدة، التي لم تضع في زحمة المجموع، ولم تفقد قيمتها في وجود التسعة والتعسين (لو15: 4 7). إنه يتعب من أجل كل نفس. |
||||
04 - 01 - 2014, 04:20 PM | رقم المشاركة : ( 43 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب معالم الطريق الروحي - البابا شنودة الثالث
الراحة والتعب الإنسان العادي يهمه أن يستريح، ولو تعب الناس... أما صاحب القيم فيجد راحته الحقيقية في أن يتعب هو ليستريح الناس. الراحة عنده هي أن يربح غيره لا نفسه. والراحة في مفهومه هي راحة ضميره وليس راحة جسده. وهو يدرك تمامًا أن الراحة الحقيقية هي الراحة الأبدية، وليست الراحة على هذه الأرض. وكل إنسان في الأبدية " سيأخذ أجرته بحسب تعبه " ههنا (1كو3: 8). لذلك فإن التعب من أجل الخير هو إحدى القيم التي يهتم بها الإنسان الروحي، وهو أحد معالم الطريق. |
||||
04 - 01 - 2014, 04:21 PM | رقم المشاركة : ( 44 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب معالم الطريق الروحي - البابا شنودة الثالث
الالتزام من أهم معالم الطريق الروحي: الالتزام commitment. والإنسان غير الملتزم ليس هو أنسانًا روحيًا على الإطلاق. الإنسان الروحي يلتزم بكل كلمة يقولها، وبكل وعد يعد به، وبكل اتفاق يبرمه مع آخرين، وبكل نظام يخضع له، وبكل عهد بينه وبين الله. كما أنه يلتزم معينة وقيم وأخلاقيات. وقواعد روحية يتبعها.. أنه يحيا حياة على مستوي المسئولية ولذلك فهو محترم من الكل إن قال كلمة تكون عند الناس لها أهميتها ووزنها، بل تكون أفضل من أي اتفاق مكتوب وموثق. بل حتى إن يقل كلمة، وهز رأسه بعلامة الموافقة، يدركون تمامًا أنه سليتزم بهذه الموافقة، دون شهود، ودون إمضاء.. التزامه دليل على الرجولة، واحترام الكلمة، واحترام الوعد والاتفاق. إنه سلوك شريف.. إنه يلتزم بما يقرره وما يرفضه على نفسه. كما يلتزم بما يفرض عليه من جهة النظام العام، ومن جهة المبادئ الروحية. وكذلك يشعر بأن هناك التزامًا بينه وبين الله في طاعته وحفظ وصاياه. والكتاب المقدس يضرب لنا أمثلة رائعة في فضيلة الالتزام. إبراهيم أبو الأباء التزم بحياة الطاعة، فنفذها بكل ما فيها من صعوبة. أطاع الله حينما دعي أن يترك أهله وعشيرته، ويسير وراء الله دون أن يعلم إلى أين يذهب (عب11: 8). ووصل التزامه بالطاعة إلى أعلى مستوياته حينما قدم غبنه الوحيد محرقة، وهو الذي قبل المواعيد من اجله.. ويفتاح الجلعادي كان نفذه في احترام لعهده مع الرب (قض11: 34، 35). وعكس إبراهيم ويفتاح، كان شمشون الذي لم يلتزم بنذره، فيضيع نفسه وفقد قوته وسباه أعداؤه وصار مثلًا (قض16: 17). |
||||
04 - 01 - 2014, 04:22 PM | رقم المشاركة : ( 45 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب معالم الطريق الروحي - البابا شنودة الثالث
الالتزام بالعهود الإنسان الروحي يلتزم بعهوده للرب فهل أنت قد وفيت بكل عهودك؟ أول عهد كان بينك وبين الله، هو تعهدك في يوم معموديتك أن تجحد الشيطان وكل حيلة وشروره وكل جنوده وكل أعماله الرديئة. فهل أنت مازلت ملتزمًا بهذا العهد عمليًا؟ وأنت في كل اعتراف وتوبة تتعهد أمام الله أن تترك الخطية ولا تعود إليها. فهل التزمت بهذا؟ وأنت في كل يوم للتناول، تتعهد تعهدات كثيرة. أتراك تذكرها؟ وهل نفذتها، ام لم تكن ملتزمًا. وكم من مرة وقعت في ضيقة شديدة، وتعهدت أمام الله إن هو أنقذك ان تفعل كذا وكذا.. هل أنت ملتزم بكل ما تعهدت به أمام الله في ضيقتك. هوذا داود النبي يقول " أوفي للرب نذوري قدام كل شعبه" (مز115) فهل أنت كذلك، التزمت بكل نذورك؟ أم تراك بعد ان تنذر، تعود وتراجع فكرك! وقد تؤجل الوفاء بالنذر، أو تغيره، أو تنساه..! بل هل أنت ملتزم بما تقول الله في صلواتك؟ إنك تقول في كل صلاة " اغفر لنا كما نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا " فهل أنت حقًا كما تقول، أم أنك غير ملتزم بكلمات صلاتك؟1 راجع كل ما تقوله في الصلاة، وطبقة على حياتك العملية، وانظر أين أنت. كم عيد رأس سنة مر عليك، ووقفت أمام الله تعد وتتعهد.. وكم مناسبة مقدسة وقفت فيها قدام الله تتكلم. وكم من فترات روحية مرت بك في اشتعال القلب بالتوبة، وقلت لله وعودًا وعهودًا، ولم تلتزم بشيء. ولسان حالك ما قيل في قصيدة "أيها النجم". كم وعدت الله وعدًا حانثًا ليتني من خوف ضعفي لم أعد. |
||||
04 - 01 - 2014, 04:23 PM | رقم المشاركة : ( 46 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب معالم الطريق الروحي - البابا شنودة الثالث
عدم الالتزام إن عدم الالتزام فيه لون من اللامبالاة ومن التسيب، والتحليل من كل رباط، وكل شرط، وكل اتفاق، بطريقة لا تدعو إلى الاحترام. وعدم الإلتزام ليس فيه أي شعور بالمسئولية، ولا بالجدية. بل هو دليل على الضعف. وعدم الإلتزام ظهر من بدء الخليقة فأبوانا الأولان لم يلتزما بالوصية التي سمعاها من الله، فطردهما من الجنة. ورأينا كم جرا على البشرية من ويلات بسبب عدم التزامها هذا... وبنو إسرائيل أيضًا وقعوا في عدم الألتزام على أبعد الحدود. فحينما قدم لهم موسى النبي وصايا الله العشر، صاحوا كلهم قائلين لموسى " كل ما يكلمك به الرب إلهنا نسمع ونعمل" (تث5: 27). فهل التزاما بهذا التعهد؟ أم بعد حين عبدوا العجل الذهبي "خر32"؟ وهل التزم بهذه العبارة أي جيل من أجيال البشرية؟! ما أجمل قول داود النبي، تعهدات فمي باركها يا رب. أتعني هذه الطلبة " اعطني يا رب روح الالتزام، حتى انفذ كل هذه التعهدات، ولا أحنث بوعودي "..؟ إن كانت اتفاقاتنا مع الناس يجب علينا تنفيذها بروح الالتزام، فكم بالأكثر تكون اتفاقاتنا مع الله؟! ولكن غير الملتزم أن يغطى عدم التزامه بكثر من الأعذار والحجج والأسباب ليفلت من المسئولية. ما أكثر أنه يعتذر بالعوائق والموانع، أو بأن الأمر خرج عن نطاق إرادته وقدرته، أو أن الظروف لم تسمح، أو أنه قد نسي، أو لم يجد الوقت، ولم يجد الإمكانية... وغالبًا ما يكون السبب الحقيقي هو أنه لم يتعود أن يحيا الالتزام، وأن يحترم كلمته. أما الإنسان الروحي الملتزم، فإنه يبذل كل جهده للانتصار على العوائق. إنه ينفذ التزام مهما حدث، ومهما كانت الصعوبة، كرجل على مستوي المسئولية. بل أنمه يشعر باحتقار لنفسه في داخله، حينما يقدم عذرًا لإعفائه من التزامه... لذلك فأنت تشعر بالراحة حينما تعمل مع إنسان يتميز بالالتزام. إن اتفقت معه على شيء، توقع تمامًا أنك سائر في طريق مضمون، لابد سيأتي بنتيجة سليمة... إنك في عملك مع الملتزمين، تنام مستريحًا واثقًا بأنك تعمل مع إنسان يقدر الموقف، ويحترم اتفاقاته. غير ملتزم يسلك حسب هواه، ولا يبالي بأمر أو نظام، ويحاول أن يتحلل من كل ما يراه قيدًا. إنه يسلك بغير التزام، سواء في حياته الروحية. بل قد لا يقبل الخضوع لشئ من النظام العام، شاعرًا بأن هذه هي حريته الخاصة، مهما كَسَرَتْ هذه الحرية في طريقها من نظم أو قواعد. لذلك فإن غير الملتزم لا يفهم بشيء، ومعتقدًا أن النظم هي قيود تقيد فكره وارادته، بينما الحرية الحقيقية هي أن يتحرر من الشهوات والرغبات والعادات التي تستعبده. وإذ يتحلل من الالتزام باسم الحرية، يضطر المجتمع أن يلزمه بالقوة فيخرج من الالتزام إلى الإلزام. وهكذا تلزمه القوانين والعقوبة، ويحتاج من المجتمع إلى مراقبة ومحاسبة ومتابعة وتفتيش. فإن أصر على عدم التزامه يتعرض للجزاء فيضطر أن يلتزم على الرغم منه وتصبح طاعته خضوعًا للإلزام وليس حبًا للالتزام. أما في المحيط الروحي والكنسي، فإنه في غمرة المناقشات ومحبة الجدل، قد يقول البعض: وما جدوى الالتزام، ونحن نعيش في النعمة ولسنا تحت الناموس؟ إن النعمة لا تتعارض مع الالتزام فالذي ارتفع فوق مستوي متطلبات الناموس بالنعمة، هذا لا يطالبونه بناموس. أما الذي هو أقل من ذلك فإنه مطالب. مثال ذلك الشعور... أنت غير مطالب بناموس العشور، إذا كنت تدفع أكثر منها بمبدأ " من سألك فاعطه، ومن طلب منك فلا ترده " أو " بع كل مالك أعطه للفقراء " هذا هو مستوي النعمة. فإن كنت لم تصل إليه فأنت ملتزم بالعشور... كذلك قد يعارض البعض في الصلوات السبع اليومية كأنها ناموس. إن كنت قد ارتفعت فوق هذا المستوي، ووصلت إلى الصلاة بلا أنقطاع أو الصلاة كل حين، أو صارت من الصلوات السبع، فأنت لاشك ملتزم بها. وهى تعلمك الصلاة الدائمة. ليتنا يا أخوتي نعيش جميعًا في حياة الالتزام، لأنها تشمل داخلها حياة الطاعة وحياة الاتضاع. وكذلك فيها الجدية والتدقيق، وفيها مخافة الله. لأن كل الفضائل مرتبطة بعضها بالبعض الآخر |
||||
04 - 01 - 2014, 04:24 PM | رقم المشاركة : ( 47 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب معالم الطريق الروحي - البابا شنودة الثالث
صفات الملتزم إن الملتزم يحترم نفسه، ويحترم كلمته، ويحترم وعوده، ويحترم علاقاته مع الناس. والتزامه يولد الثقة فيه وفي عمله وتصرفاته... إنه موضع تقدير من الكل. يدركون جميعًا أنه يمكنهم الاعتماد عليه، ويمكنهم الثقة بكلمته، والتعاون معه. لأنه من النوع الذي يصمد أمام العوائق، وينتصر على العقبات، ولو أدي الأمر أن يضغط على نفسه ويحتمل، لكي ينفذ ما ألتزم به. وهو لا يلتزم بالعمل فقط، وإنما أيضًا بنوعيه ممتازة في أدائه. لذلك فالملتزم دائمًا يحالفه ويشعر أن عمله وحسن أدائه ونجاحه فيه، كل هذا جزء من ضميره، وجزء من شرفه، ومن احترامه لنفسه. وهو يهتم حرجًا له ولكل المتعاونين والمتضامنين معه... فيجنبه كل ذلك في وفائه بالتزامه. وهو خارج محيط العمل مع الناس، يسلك بالتزام في حياته الخاصة وفي كل ما يمس روحياته... إنه يكون ملتزمًا في كل نظام يصنعه لنفسه، أو يضعه له أب اعترافه. وهو ملتزم بكل التداريب الروحية التي يسلك فيها. هو ملتزم أيضًا في نظام صلواته وأصوامه " ومطانياته " وقراءاته الروحية، لا يحيد عنها. ولا ينقص منها، ولا يضع أعذارًا لتبرير التقصير فيها. ولا يجد في الظروف الخارجية منفذًا يخرج منه إلى عدم الالتزام. لذلك فالملتزم يكون باستمرار قدوة ودرسًا لغيره يتعلمون من حياته الجدية. بعكس غير الملتزم الذي يصبح قدوة سيئة تعثر الآخرين. وقد ينتج عنها أن يقلده غيره في عدم إلتزامه، فترتبك الأمور. ويتعلم أولئك تبرير تقصيرهم!. والملتزم يحرص على كل طاقاته، لكي يستطيع الوفاء بالتزاماته... فهو يحرص كل الحرص على وقته، لأنه ملتزم بخدمة أو بمواعيد ليس من عادته أن يقصر فيها... أو إنه يحرص على هذا الوقت لكي يستغله في اتقان عمل عهد به إليه. إنه لا يضيع جهده وقوته ووقته في تفاهات تعرض له أو في تسليات. لأنه إن سلك في هذا الطريق لا يمكنه أن يفي بما التزم به. والملتزم يذكر نفسه دائمًا، حتى لا ينسى شيئًا من التزامه. إنه لا يعترف بالنسيان حجة تعذره إذا قصر. لذلك فهو يسجل في مفكرته ما عليه من مسئوليات، ويتابع قراءتها لكي لا ينسى... وهو في خدمته أيضًا يسلك بروح الالتزام الذ يجب أن يتصف به كل خادم روحي ناجح. إنه يلتزم بمواعيد الخدمة، فلا يتأخر عنها ولا ينساها. وهو يلتزم بالمنهج، فلا يخرج عنه ولا يخترع له منهجًا خاصًا. وهو يلتزم أيضًا بتحضير درسه حتى يكون دسمًا مشبعًا لسامعيه، ولا يقصر في ذلك بحجة سابق معرفته ويلتزم كذلك باجتماع الخدام وبنظام الخدمة من كل ناحية. والخادم الروحي يلتزم بالوقت الحاضرين ومواعيد الخاصة. كما يلتزم بموضوع العظة، فلا يضيع الوقت في أمور جانبية لا علاقة لها به وهكذا فإن الخادم الملتزم بموضوع دقيقًا في كل شئ: في الوقت وفي مادة الموضوع. والالتزام هو أيضًا عنصر أساسي في حياة الرعاة والكهنة. فيكونون ملتزمين بأداء كل واجبات عملهم الكنسي، من خدمات طقسية، وافتقاد للشعب كل الشعب، ومواعيد للاعتراف، ولزيارة المستشفيات والمرضي والحزانى. وهم أيضًا ملتزمون بواجباتهم نحو الفقراء والمحتاجين. وملتزمون بأن يقدموا أنفسهم مثالًا لكل فضيلة. أما الراعي غير الملتزم، فلا يري أمامه واجبًا محدودًا عليه أداؤه. وهو في خدمته يعمل ما يحلو في عينيه دون التزام بشيء، ودون خطة أو نظام!. والالتزام يدخل أيضًا في نطاق التعليم وفي نطاق العقيدة. فكل إنسان يقف على منبر التعليم، يكون ملتزمًا بتعليم الكتابوعقيدة الكنيسة، فلا يقدم للسامعين فكره الخاص، أو معتقداته الخاصة، أو أمكنه جمعه من قراءاته الخاصة. إنما هو ملتزم أن يعمل ما يقوله الكتاب وما وصل إلى الكنيسة بالتقليد وفي ذلك قال القديس بولس الرسول لتلميذه الأسقف تيموثاوس " وما سمعته مني بشهود كثيرين، أودعه أناسًا أمناء يكونون أكفاء أن يعملوا آخرين أيضًا" (2تي2: 2). لذلك فالإنسان الروحي هو ملتزم أيضًا بتعليم الكنيسة ونظمها وطقوسها وأصومها وصلواتها وكل قوانينها. فلا يسلك في طريق، والكنيسة كلها في طريق آخر. لأنه في التزام الجميع تجد وحده القلب، ووحده الفكر ووحده العبادة ووحدة الإيمان. لذلك فحياة الالتزام تناسبها أيضًا الاتضاع. لأن المتضع يخضع لما يوضع له من نظام. أما غير المتضع فيفسر الأمور حسب فكره. |
||||
04 - 01 - 2014, 04:26 PM | رقم المشاركة : ( 48 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب معالم الطريق الروحي - البابا شنودة الثالث
أهمية الحكمة والإفراز سئل القديس الأنبا أنطونيوس " ما هي أعظم الفضائل؟ " فأجاب: "الافراز هو بلا شك أعظم الفضائل" ومعنى الافراز هو الإنسان الحق من الباطل. ويميز الخير من الشر... لأن كثيرًا من الناس يصومون، ويصلون، ويعترفون، ويتناولون، ويقرأون الكتاب المقدس، ومع ذلك يفشلون في حياتهم الروحية، لأنه ليس لديهم إفراز.. أي أنهم يمارسون كل ذلك بلا حكمة، بلا فهم، بلا تمييز. فالمفروض في الإنسان أن يسلك في كل فضيلة بحكمة. بفهم أولًا معنى وكنه هذه الفضيلة، ويعرف كيف يمارسها، ومتى... وهكذا يتخلل الافراز كل فضيلة... وقد قال الكتاب " الحكيم عيناه في رأسه، أما الجاهل فيسلك في الظلام" (جا2: 14). وقد نبه السيد المسيح كثيرًا إلى هذه الحكمة، حتى قيل إنه مدح وكيل الظلم، لأنه بحكمة صنع (لو16: 18) وفي أهميته السلوك بحكمة، قال: " كونوا بسطاء كالحمام، وحكماء كالحيات" (متى10 16). وهكذا سلك كل أولاد الله بحكمة في حياتهم وفي خدمتهم. ونري أن القديس بطرس الرسول امتدح الحكمة التي كان يبشر بها القديس بولس الرسول فقال "كما كتب إليكم أخونا الحبيب بولس أيضًا بحسب الحكمة المعطاة له" 2بط3: 15). وكانت الحكمة شرطًا لازمًا حتى في اختيار الخدام، من درجة الشمامسة. وهكذا في اختيار الشمامسة السبعة قال آباؤنا الرسل "انتخبوا أيها الرجال الأخوة سبعة رجال منكم مشهودًا لهم ومملوئين من الروح القدس والحكمة، فنقيمهم نحن على هذه الحاجة" (أع6: 3، 9) |
||||
04 - 01 - 2014, 04:28 PM | رقم المشاركة : ( 49 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب معالم الطريق الروحي - البابا شنودة الثالث
الحكمة من أسماء المسيح ومن أهمية الحكمة إنها لقب من ألقاب الأقنوم الثاني من الثالوث القدوس. فالرسول يتحدث عن السيد المسيح فيقول إنه " حكمة الله وقوة الله" (1كو1: 24) ويقول أيضًا إنه: "المدخر فيه جميع كنوز الحكمة" (كو2: 3). وقيل عنه في سفر الأمثال " الحكمة بنت بيتها، نحتت أعمدتها السبعة" (أم9: 1). يقصد أسرار الكنيسة السبعة. |
||||
04 - 01 - 2014, 04:28 PM | رقم المشاركة : ( 50 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب معالم الطريق الروحي - البابا شنودة الثالث
الحكمة والروح القدس إن الذي يسكن فيه روح الله، لابد أن تسكن فيه الحكمة. فقد قيل عن الروح القدس في سفر إشعياء النبي إنه روح الرب روح الحكمة والفهم، روح المشورة. روح المعرفة... (اش11: 2). قال عنه القديس بولس لأهل أفسس إنه " روح الحكمة والإعلان " وإن أخذوه، تستنير عيون أذهانهم" (أف1: 17، 18). وذكر الرسول أن الحكمة هي من مواهب الروح القدس (1كو12: 8). |
||||
|