|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
النسوة حاملات الطيب عجيب أن النسوة أخذن أطيابًا وذهبن غلي القبر، بينما هذه الأطياب كانت لا تتفق مع الإيمان بالقيامة. ولكن الرب اهتم بما عندهن من حب، وعالج النقص الموجود في إيمانهن. هل يحملن الطيب لأجل الجسد الذي في القبر؟! أليس لهن الإيمان أن المسيح قد ترك القبر وقام؟! ولذلك فإن بشارة الملاك كانت تحمل هذا العتاب الضمني، حينما قال للمريمتين "إني أعلم أنكما تطلبان يسوع المصلوب، ليس هو ههنا، لأنه قام كما قال" (متي 28: 5، 6). ونفس التوبيخ بأسلوب أوضح قاله الملاكان للنسوة حاملات الطيب: "لماذا تطلبن الحي بين الأموات؟! ليس هو ههنا لكنه قام. اذكرن كيف كلمكن وهو بعد في الجليل قائلًا إنه ينبغي أن يسلم غبن الإنسان في ايدي اناس خطاة، ويصلب وفي اليوم الثالث يقوم "فتذكرن كلامه (لو 24: 5-8). نعم إنه سبق وقال إنه سيقوم من بين الأموات. ولم يقل هذا للنسوة فقط، بل بالأكثر للتلاميذ. فإن كان التلاميذ قد أنبأهم الرب بقيامته ولم يؤمنوا، فكم بالأولي هؤلاء النسوة؟! |
04 - 03 - 2014, 05:22 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث
شكوك التلاميذ قيامة المسيح كانت حادثًا هو الأول من نوعه، من حيث أنه يقوم بذاته، دون أن يقيمه أحد.. ومن حيث تحقيقه بقوله العجيب الذي لم يقله أحد: "أضع نفسي لآخذها أيضًا. ليس أحد يأخذها مني، بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها. ولي سلطان أن آخذها أيضًا" (يو 10: 17، 18). من جرؤ أن يقول هذا الكلام غير المسيح؟ لذلك كانت قيامته مذهلة. كانت فوق الفكر، وبخاصة بعد أحداث الصليب وآلامه واهاناته.. وبعد ما أظهره اليهود من جبروت وتسلط! ولهذا لم يكن سهلًا علي التلاميذ أن يصدقوها، وهم خائفون ومختبئون في العلية. كان علي الصليب قال "قد أكمل"، أي أكمل عمل الفداء، ودفع ثمن الخطية، إلا أنه كان أمامه بعد القيامة عمل آخر ليكمله، عمل خاص بالرعاية.. كانت أمامه نفوس بارة، ولكنها مضطربة، تحتاج إلي راحة النفوس التي ضعفت وخافت وشكت، ماذا يفعل لأجلها؟ إنه لم يشأ مطلقًا أن يعاتب هذه النفوس علي ضعفها، أو علي شكها أو نكرانها، بل جاء ليريحها.. إنه-كما قال قبلًا-لم يأت ليدين العالم، بل ليخلص العالم... فكم بالأولي خاصته الذين أحبهم حتى المنتهي (يو 13). وقال القديس يوحنا عن ذلك الحب "نحن نحبه، لأنه احبنا قبلًا" (1 يو 4: 19). هكذا فعل مع توما الذي شك في قيامته، واصر أن يضع أصبعه مكان الجروح. لم يعاتبه علي الشك، وإنما عالجه فيه. واستجاب له في وضع أصبعه والتاكد من جروحه.. ونفس الوضع مع بطرس، ومع المجدلية، ومع تلميذي عمواس. لقد اراد الرب تقوية إيمان هؤلاء، الذين سيجعلهم يحملون الإيمان إلي أقاصي المسكونة كلها.. وقد كان. وهكذا لم يقتصر الأمر علي قيامته، إنما تبعت القيامة عدة ظهورات، بل مكث مع التلاميذ أربعين يومًا، في خلالها "أراهم نفسه حيًا ببراهين كثيرة بعد ما تألم" (أع 1: 3). فماذا قال الكتاب عن عدم تصديق التلاميذ للقيامة، وعن تكرار هذا الشك منهم، مما أعثر غيرهم؟ 1- يقول الأنجيل المقدس أنه ظهر أولًا لمريم المجدلية.. "فذهبت هذه وأخبرت الذين معه وهم ينوحون ويبكون". فكيف تلقوا بشارتها بالقيامة؟ يجيب القديس مرقس الإنجيلي قائلًا: "فلما سمع أولئك أنه حي، وقد نظرته، لم يصدقوا" (مر 16: 9-11). 2- ثم ظهر الرب لتلميذي عمواس، فلم يعرفاه، وما كانا قد صدقا ما قالته النسوة عن القيامة.. حتى أن السيد المسيح وبخهما قائلًا "أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء. أنما كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلي مجده. ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به جميع الكتب" (لو 24: 25-27). 3- و أخيرًا آمن هذان التلميذان. فماذا كان وقع إيمانهما علي الرسل؟ يقول القديس مار مرقس: "وذهب هذان واخبرا الباقين. فلم يصدقوا ولا هذين" (مر 16: 13). نسمع بعد ذلك أن النسوة ذهبن إلي القبر "فدخلن ولم يجدن جسد الرب يسوع "وظهر لهن ملاكان، وبشراهن بالقيامة. فذهبن وأخبرن التلاميذ. فماذا كان وقع هذه البشارة عليهم؟ يقول القديس لوقا الإنجيلي في ذلك: "فتراءي كلامهن لهم كالهذيان، ولم يصدقوهن" (لو 24: 11). هؤلاء هم الأحد عشر رسولًا أعمدة الكنيسة. كثرت أمامهم الشهادات: من مريم المجدلية، ومن تلميذي عمواس، ومن النسوة.. فلم يصدقوا كل هؤلاء. 4-فما الذي حدث بعد ذلك: ذهبت مريم المجدلية وأخبرت بطرس ويوحنا عن القبر الفارغ فذهبا معها إلي هناك "وأبصرا الأكفان موضوعة، والمنديل الذي كان علي رأسه ليس موضوعًا مع الأكفان، بل ملفوفًا في موضع وحده" (يو 20: 6، 7). هنا يقول الإنجيل عن يوحنا أنه "رأى فآمن" (يو 20: 8)., ولكننا علي الرغم من هذا نقرأ شيًا عجيبًا.. 5- نقرأ أنه بعد أن عرف الكل أن "الرب قام بالحقيقة وظهر لسمعان" (لو 24: 34).،حدث أن الرب نفسه قام في وسطهم وقال لهم سلامًا لكم. فهل آمنوا لما ظهر لهم وكلمهم؟ كلا بل أنهم "جزعوا وخافوا، وظنوا أنهم نظروا روحًا" (لو 24: 37). حتى أن الرب وبخهم علي ذلك. ثم قال لهم "أنظروا يدي ورجلي إني أنا هو. جسوني وأنظروا. فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي" (لو 24: 39). حقًا أية بدعة كانت تحدث في الإيمان، لو أن التلاميذ ظنوا أن ما رأوه كان روحًا! كأن الجسد لم يقم.. لذلك أراهم الرب يديه ورجليه. 6- إذن المشكلة لم تكن مشكلة توما الرسول فقط، الذي قال له الرب "أبصر يدي. وهات يدك وضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمن" (يو 20: 27). إنما كانت مشكلة الأحد عشر جميعهم. كلهم شكوا. وكلهم احتاجوا إلي براهين، واحتاجوا أن يجسوا ويلمسوا ويروا موضع الجروح لكي يؤمنوا..! وعالج الرب عمليًا مشكلة أن يظنوا ظهوره لهم خيالًا أو روحًا. وفي ذلك قال القديس بطرس السدمنتي: أن السيد المسيح في فترة حياته بالجسد علي الأرض كان يثبت للناس لاهوته. أما بعد القيامة، فأراد أن يثبت لهم ناسوته..! |
||||
04 - 03 - 2014, 05:23 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث
الرب يثبت ناسوته لذلك نسمع أنه بعد القيامة، سمح من أجل إقناعهم بناسوته "أخذ وأكل قدامهم" (لو 24: 43). فعل هذا بينما نحن نعلم أن جسد القيامة هو جسد روحاني نوراني لا يأكل ولا يشرب. إنما فعل الرب هذا ليقنعهم بناسوته. أما جسده بعد الصعود، فهو لا علاقة له بهذا الأكل من طعام مادي.. نلاحظ في كل هذا، أن شكوك التلاميذ قابلها الرب بالإقناع وليس بالتوبيخ أو بالعقاب. إنهم هم الذين سيأتمنهم علي نشر الإيمان في العالم كله. فينبغي أن يكونوا هم أنفسهم مؤمنين إيمانًا قويًا راسخًا يمكن أن يوصلوه إلي الآخرين مقنعًا لا يقبل الشك فأوصلهم الرب إلي هذا الإيمان القوي. إن كانوا لم يصلوا إلي الإيمان الذي يؤمن دون أن يري، فلا مانع من أن يبدأوا بالإيمان المعتمد علي الحواس، مع أنه درجة ضعيفة! تنازل الرب، وقيل منهم هذا الإيمان الحسي، لا لكي يثبتوا فيه، وإنما ليكونوا مجرد بداءة توصل إلي الإيمان الذي هو "الإيقان بأمور لا تري" (عب 11: 1). وهكذا قال القديس يوحنا: "الذي سمعناه، الذي رأيناه بعيوننا، الذي شاهدناه ولمسته أيدينا" (1 يو 1: 1).. وهذا الإيمان الذي اعتمد في بداءته علي الحواس، ما لبث أن اشتد وقوي، واستطاع أن يقنع الأرض كلها بما رآه وما سمعه، لئلا يظن البعض أن الرسل كانوا مخدوعين، أو صدقوا أمورًا لم تحدث. وهكذا رأينا القديس بولس الرسول يبشر فيما بعد بما رآه وما سمعه وهو في طريق دمشق.. وشرح هذا الموضوع كله للملك أغريباس، وشرح له ما رآه قائلًا "رأيت في نصف النهار في الطريق أيها الملك نورًا من السماء أفضل من لمعان الشمس.. وسمعت صوتًا يكلمني.." (أع 26: 13-15)،وختم ذلك بقوله "من ثم أيها الملك اغريباس، لم أكن معاندًا للرؤية السماوية". هذا هو السيد المسيح الذي عمل علي تقوية إيمان تلاميذه، والذي عالج شك توما، وعزي بطرس في حزنه، وعزي المجدلية في بكائها، وأعاد الإيمان إلي الكنيسة. و كأني أتصور ملاكًا واقفًا علي قبره قبيل القيامة ينشد قائلًا: قم حطم الشيطان لا تبق لدولته بقية |
||||
04 - 03 - 2014, 05:25 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث
المسيح القائم يعمل لأجلنا قام المسيح، لأنه ما كان ممكنًا للموت أن ينتصر عليه، كان يحمل في ذاته قوة قيامته. لذلك هو الوحيد بين الذين قاموا من الأموات، الذي قام بذاته، ولم يقمه أحد. قام، وفي قيامته، اعطي للبشرية نعمة القيامة، حينما يسمع الذين في القبور صوته (يو 5: 29). قام منتصرًا، وداس الموت، ليقودنا أيضًا في موكب نصرته. ولكي يعطينا عدم الخوف من الموت، حتى يقول رسوله فيما بعد "اين شوكتك يا موت؟!" (1 كو 15: 55). إن الله الذي سمح أن يدخل الموت إلي طبيعتنا، سمح أيضًا برحمته أن تدخل القيامة إلي طبيعتنا. وكما خلق الإنسان من تراب، وبالخطيئة أعاده إلي التراب، هكذا سمح بالقيامة، أن يحول هذا التراب إلي جسد مرة أخري، ولكن في طبيعة أفضل.. لقد قال قبل صلبه "أبي يعمل حتى الان، وأنا أيضًا أعمل". وهوذا بعد القيامة يستمر في عمله، ليس فقط في إراحة النفوس المتعبة، وتقوية الركب المخلعة، وإنما أيضًا في إعداد تلاميذه للخدمة، لتسليم العبء الكبير الذي سيلقي عليهم، ليكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها.. هكذا كان المسيح يعمل بعد القيامة، لأجل الرعاية. وأعطي الرب للتلاميذ بقيامته روح الفرح. وكان قد قال لهم قبل صلبه "اراكم فتفرح قلوبكم، ولا يستطيع أحد أن ينزع فرحكم منكم". وقد كان، وتخلصوا من الخوف والاضطراب، و" وفرح التلاميذ إذ رأوا الرب" (يو 20: 20). وعملت روح القيامة فيهم، ومنحتهم قوة، فشهدوا لها.. وكانوا يكرزون بقيامة الرب من الأموات في كل مناسبة.. وهؤلاء الذين كانوا خائفين ومختبئين في العلية ظهروا في جرأة، وملأوا الدنيا تبشيرًا، ولم يعبأوا بتهديد رؤساء اليهود، بل قالوا لهم "ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس". "وكان الرب كل يوم يضم إلي الكنيسة الذين يخلصون" (أع 2: 47) "وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع. ونعمة عظيمة كانت علي جميعهم" (أع 4: 23). وكما مكث الرب مع موسى علي الجبل أربعين يومًا، ليسلمه الشريعة، ويسلمه مثال خيمة الاجتماع وكل محتوياتها، هكذا مكث الرب مع تلاميذه أربعين يومًا، يتكلم معهم فيها "عن الأمور المختصة بملكوت الله".. حقًا للهدوء والتأمل والخلوة وقت، ولخدمة الآخرين وقت. لقد مكث السيد المسيح مع الآب أربعين يومًا في خلوة روحية، وأيضًا أربعين يومًا أخري قضاها مع تلاميذه يعلمهم ويثبت إيمانهم. وفي تلك الفترة سلمهم العقيدة وكل تفاصيل الإيمان، وأسرار الكنيسة وكيف يمارسونها، وكل الترتيبات الخاصة بالعبادة.. وأصبحت قيامة الرب مركز فرح التلاميذ وموضوع كرازتهم. إنها فترة في التسليم والتعليم والتفهيم.. وفيما بعد ظهر للقديس بولس أيضًا، الذي قال عن سر الافخارستيا "تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضًا.." (1 كو 11: 23). وهكذا تتابعت عملية التسليم، من الرب لتلاميذه، لتلاميذهم.. الرب سلم بولس. وماذا فعل بولس؟ إنه يقول لتلميذه تيموثاوس "وما سمعته مني بشهود كثيرين، أودعه أناسًا أمناء، يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضًا" (2 تي 2: 2). وهكذا بعد أن علم تلاميذه، قال لهم قبل صعوده "اذهبوا اكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (مر 16: 15)،"تلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلموهم جميع ما أوصيتكم به" (متي 28: 19، 20). وهكذا كما سلمهم التعليم، سلمهم التعميد أيضًا.. والتعليم والتعميد، لم يأمر بهما الشعب كله، إنما هو تكليف خاص بتلاميذه فقط، انتقل منهم إلي خلفائهم الأساقفة، الذين سلموه بدورهم إلي أناس أمناء أكفاء، وليس إلي عامة الشعب. إنه عمل من أعمال الكهنوت، يقوم به رجال الإكليروس.. وهكذا قبل أن يسلمهم التعليم والتعميد، سلمهم الكهنوت، ومع الكهنوت سلمهم سلطان مغفرة الخطايا.. وهكذا يشرح لنا إنجيل يوحنا، كيف أن الرب ظهر لتلاميذه. دخل والأبواب مغلقة، وقال لهم "سلام لكم. كما أرسلني الآب أرسلكم أنا. ولما قال هذا نفخ (في وجوههم) وقال لهم: اقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه، تغفر له، ومن أمسكتم خطاياه، امسكت" (يو 20: 19-23). إن منح الروح القدس لسلطان الكهنوت ومغفرة الخطايا، غير منح الروح القدس في يوم الخمسين، الذي منح التلاميذ موهبة التكلم بألسنة وقوة علي الكرازة والتبشير. |
||||
04 - 03 - 2014, 05:25 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث
قوة المسيحية وإلغاء المستحيل
من كان يظن..! المسيحية ديانة قوة |
||||
04 - 03 - 2014, 05:27 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث
من كان يظن..! كانت القيامة بقوة، ذكرتنا بقول الكتاب "غير المستطاع عند الناس، مستطاع عند الله". هذه القوة أذهلت بولس الرسول، فقال عن الرب "لأعرفه وقوة قيامته". ولقد وهبنا الرب قوة قيامته هذه. فأصبح "كل شيء مستطاع للمؤمن". وفي هذا قال بولس الرسول "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني".. صرنا الآن لا نري شيئًا صعبًا أو مستحيلًا بعد أن داس الرب الموت، ووهبنا النصرة عليه، وفتح لنا باب الفردوس المغلق. ووضع في أفواهنا تلك الأغنية الجميلة "أين شوكتك يا موت؟! أين غلبتك يا هاوية؟! قوة القيامة أعطت التلاميذ شجاعة وجرأة في الكرازة. من كان يظن أن هؤلاء الضعفاء المختبئين في العلية، يستطيعون أن ينادوا بالإنجيل بكل مجاهرة بلا مانع؟! من كان يظن أن إثني عشر رجلًا، غالبتهم من الصيادين الجهلة، يمكنهم أن يوصلوا المسيحية إلي أقطار المسكونة كلها.. ولكن القيامة علمتنا أنه لا يوجد شيء مستحيل.. عند الله، كل شيء ممكن.. ممكن أن جهال العالم يخزون الحكماء، وأن ضعفاء العالم يخزون الأقوياء.. كان يبدو من الصعب جدًا أن تقف المسيحية ضد الوثنية، وضد الديانات القديمة التي ثبتت جذورها في عقائد الناس، وضد اليهودية التي حاولت أن تقضي علي المسيحية أو تستوعبها. وضد الفلسفات التي كانت سائدة في ذلك الزمان، وضد الإمبراطورية الرومانية بكل طغيانها وقوتها المسلحة. كان يبدو من الصعب أن تقف المسيحية ضد هذه القوي جميعها، وأن تنتصر عليها.. ولكن القوة التي أخذوها عن قيامة المسيح وانتصاره علي الموت، أعطتهم طاقة عجيبة.. من كان يظن أن بطرس الصياد الجاهل، يمكنه بعظة واحدة أن يحول ثلاثة آلاف يهودي إلي الإيمان المسيحي؟! بالكاد يتمكن واعظ مشهور أن يحول -بعظة واحدة- بعض خطاة إلي التوبة، أما أن يغير 3000 شخص دينهم بسماع عظة، فهذا أمر يبدو كالخيال.. ولكنها القوة التي أخذها الرسل من الروح القدس، فغيرتهم قبل أن تغير الناس.،واستمرت معهم تعمل بهم الأعاجيب. من كان يظن أن هؤلاء الرسل يذهبون إلي بلاد غريبة عنهم، لا يوجد فيها مسيحي واحد، ولا توجد فيها أية إمكانيات للخدمة، فيبدأون معها من الصفر، ويحولونها إلي المسيحية..؟! ولكن قيامة المسيح علمتنا أنه لا يوجد شيء صعب أو مستحيل. فكل شيء مستطاع للمؤمن.. من كان يظن أن شاول الطرسوسي أكبر مضطهد للمسيحية في وقته، يتحول إلي بولس أكبر رسول بشر بالمسيح..؟! من كان يظن أن قائد المائة، رئيس الجند الذي صلبوا المسيح، يؤمن بالمسيحية ويستشهد بسببها، ويصير قديسًا؟! من كان يظن أن اللص اليمين يؤمن وهو علي الصليب؟! ومن كان يظن أن إمرأة بيلاطس الوالي تؤمن، وترسل إلي زوجها متوسلة من أجل "هذا البار"؟! ولكن بالنعمة كل شيء يصير ممكنًا، إن الله قادر علي كل شيء. إن الذي انتصر علي أخطر عدو-وهو الموت-لا يصعب عليه شيء. كل شيء سهل أمامه.. من كل يظن أن مريم المجدلية التي كان فيها سبعة شياطين، تتحول إلي كارزة، وتبشير الرسل بالقيامة؟! لكن قوة القيامة، جعلتنا نوقن أنه لا شي مستحيل.. وكما رأينا هذا في الكرازة، رأيناه أيضًا في التوبة: إن قوة التوبة التي حولت أعظم الخطاة إلي أعظم القديسين، وليس إلي مجرد تائبين، علمتنا أنه لا شي مستحيل.. أقصي ما كنا ينتظره الناس، أن يتوب أوغسطينوس الفاجر، اما أن يتحول إلي قديس تنتفع الأجيال بتأملاته، فهذا أمر صعب ما كان ينتظره أحد. ونفس الوضع يمكن أن يقال عن تحول موسي الأسود القاتل إلي قديس وديع متواضع. إن الله لا يعسر عليه أمر. أليس هو القائل: "من أنت ايها الجبل العظيم؟ أمام زر بابل تصير سهلًا" (زك 4: 7).. الله الذي يجعل العاقر أو أولاد فرحة".. الذي يقول لها "ترنمي أيتها العاقر التي لم تلد.. أوسعي مكان خيمتك.. لأنك تمتدين إلي اليمين وإلي اليسار، ويرث نسلك أممًا، ويعمر مدنًا خربة" (أ ش 54: 1-3). إن ميلاد المسيح، وكذلك قيامته، كانا حدثين عجيبين، يثبتان أنه لا مستحيل.. وهكذا أيضًا كانت معجزاته.. مجرد عملية التجسد، كانت تبدو مستحيلة في نظر الناس!!! كيف يمكن أن يخلي الله ذاته، ويأخذ شكل العبد؟! كيف يمكن أن يحبلي عذراء بغير زرع بشر، وتلد؟! كذلك كانت القيامة أمرًا مستحيلًا. ومن هنا خاف اليهود حدوثها، واعتبروها بالنسبة إليهم "اشر من الضلالة الأولي"!! ومع ذلك حدث التجسد، والميلاد من عذراء، والقيامة الذاتية. إن المسيحية ليست ديانة ضعف، بل هي ديانة قوة. إنها تعطي الإنسان طاقات عجيبة، وتلغي عبارة "المستحيل".. |
||||
04 - 03 - 2014, 05:28 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث
المسيحية ديانة قوة لا صعب في المسيحية، ولا يأس، ولا فشل، بل فيها: "استطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني".. من الأشياء التي تبدو صعبة في المسيحية: الصليب، والباب الضيق، ومع ذلك حمل المسيحيون الصليب، ودخلوا من الباب الضيق، مترنمين بقول الرسول "ووصاياه ليست ثقيلة" (1 يو 5: 3). نعم ما أصعب -في نظر العالم- تحويل الخد الآخر، وسير الميل الثاني، ومحبة الأعداء، وبيع كل ما للأنسان ليعطيه للفقراء.. ما اصعب إتباع ديانة تدعو إلي النسك والزهد.. ولكن هذه الديانة التي تبدو صعبة، انتشرت في كل مكان، ودخل الناس في زهدها بكامل إرادتهم، بل اشتهوا فيها الألم، واشتهوا الاستشهاد، وجعلوا الصليب شعارهم.. إن الوصية الصعبة في المسيحية، تحمل القوة علي تنفيذها.. لقد قدمت المسيحية للبشرية مثاليات عالية ووصايا سامية، ولكنها في نفس الوقت قدمت قدرة روحية، ومعونة من النعمة، للسير في هذه المثاليات، بسهولة، وبلذة أيضًا.. قدمت للناس حياة الروح، ومع هذه الحياة قدمت الروح القدس ليسكن في الإنسان ويمنحه قوة للسلوك بالروح.. إن وصايا المسيحية تبدو صعبة لمن هو في الخارج، لمن لا يعيش في النعمة، ولمن لم يدخل بعد في شركة الروح القدس. أما المؤمن فإن هذه الوصايا الصعبة تصير شهوة له متعة روحية، ولا يجد فيها صعوبة.. إن المؤمن يلبس "سلاح الله الكامل"، يقاتل به ويغلب.. المؤمن يوقن تمامًا أنه لا يقف وحده في الجهاد الروحي. ويؤمن أن "الحرب للرب، والله قادر أن يغلب بالكثير وبالقليل "ويشعر دائمًا أن قوة إلهية تلازمه وتعمل معه.. لذلك فإن حياة المؤمن هي نصرة دائمة، لأن الله "يقوده في موكب نصرته".. "الرب يقاتل عنكم، وأنتم تصمتون".. إن الذي يستشعر الفشل، لم يجرب النعمة بعد، ولم يختبر عمل الله فيه، ولا عمل الله معه.. ما أعجب قول الرب لتلاميذه في حديثه عن المعجزات: "الحق الحق أقول لكم: من يؤمن بي. فالأعمال التي أنا أعملها يعملها هو ايضًا، ويعمل أعظم منها" (يو 14: 12). المسيحية ديانة قوة: بدأت بقوة القيامة، التي انتصرت علي الموت، وفتحت أبواب الجحيم، وسبت سبيًا، وأدخلت الأبرار إلي الفردوس. ثم رأينا قوة الكرازة، وقوة الإحتمال في الاستشهاد. بقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة، قوة وقفوا بها أمام الرؤساء وتكلموا بلا مانع. استطفانوس أفحم ثلاثة مجامع "لم يقدروا أن يقاوموا الحكمة والروح الذي كان يتكلم به". وهكذا "كانت كلمة الرب تنمو، وعدد التلاميذ يتكاثر جدًا". بقوة آيات. وبقوة الكلمة، وبقوة قلب صمد أمام السيف والنار،قوة قد ألبسوها من الأعالي. وكما قال لهم الرب "ستنالون قوة متي حل الروح القدس عليكم. وحينئذ تكونون لي شهودًا. إنها قوة أعطاهم فيها سلطانًا علي جميع الشياطين، وعلي كل قسوة العدو، وأعطاهم فيها مفاتيح السموات والأرض. وكانت لهم قوة في صلواتهم جعلت المكان يتزعزع، وقوة من الملائكة المحيطين بهم الذين كسروا سلاسلهم، وأخرجوهم من السجن. وهكذا كانت هناك قوة فيهم، وقوة أخري محيطة بهم.. إنها قوة جعلت الوثنية تنقرض وتزول، قوة المسيحية العزلاء التي هزمت امبراطورية مدججة بالسلاح استسلمت ودانت للمسيحية.. قوة الصليب الذي ظنوه دليل ضعف، وكان مصدر قوة وفخر. إن المسيحي إنسان قوي: في روحه، وفي معنوياته، لا يخاف شيئًا. قوته لا تستمد من ذاته، إنما من روح الله. المسيح الأعزل كان يخافه بيلاطس ويشتهي إطلاقه. وبولس السير لما تكلم عن الدينونة إرتعد أمامه فيلكس الوالي. إنها قوة المسيح الذي قال "ثقوا أنا قد غلبت العالم". وهي قوة القلوب الناسكة الزاهدة، التي انتصرت علي كل شهوات العالم، في حياة مقدسة أذهلت الناس وأرعبت الشيطان. إنها القوة التي تظهر في قول أغسطينوس "جلست علي قمة العالم حينما أحسست في نفسي، أني لا أشتهي شيئًا، ولا أخاف شيئًا "قوة التجرد والزهد والتعفف. إن كنا نعيش في أفراح القيامة، فلنعش في قوتها. ولننتصر علي الموت، موت الخطية، حتى نقوم في قيامة الأبرار. |
||||
04 - 03 - 2014, 05:31 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث
الجسد الممجد | ما بين جسد القيامة وجسد الميلاد سؤال بأي جسد قام السيد المسيح هل بجسد عادي مثل جسدنا أم بجسد ممجد؟ وإن كان بجسد ممجد.. فما هو معني أنه "أكل مع تلاميذه" (لو 24: 43)؟ وما معني أنهم جسوا لحمه وعظامه (لو 24: 39). وهل الجسد الممجد الذي قام به هو نفس الجسد الذي ولد به من العذراء؟ ولماذا لا نقول أيضًا إنه قد ولد بجسد ممجد؟ جواب1- لا شك أن جسد القيامة بصفة عامة هو جسد ممجد. وقد شرح القديس بولس هذا المجد بقوله "هكذا أيضًا قيامة الأموات.. يزرع في هوان، ويقام في مجد، يزرع في ضعف، ويقام في قوة، يزرع جسمًا حيوانيًا، ويقام جسمًا روحانيًا" (1 كو 15: 49، 50). 3- فإن كنا نحن سنقوم بجسد ممجد.. بجسد روحاني فكم بالأولي كانت قيامة السيد المسيح. هذه القيامة التي كانت "باكورة" (1 كو 15: 20، 23) ونحن كلنا علي مثالها سنقوم في القيامة العامة. وأكبر دليل علي أننا سنقوم بمثال مجد تلك القيامة هي قول القديس بولس الرسول في رسالته في فيلبي: 1- "يسوع المسيح الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون علي صورة جسد مجده" (في 3: 21). إذن السيد المسيح قد قام بجسد ممجد، ونحن سنقوم أيضًا "علي صورة جسد مجده "هذا أمر واضح لا يحتاج إلي إثبات، ولا يقبل نقاشًا. والمعروف أن الجسد الممجد هو جسد روحاني علي حسب قول الرسول في (1 كو 15: 44، 49) والجسد الروحاني قد ارتفع عن الوضع المادي من أكل وشرب. وارتفع عن مستوي اللحم والعظام.. وهنا يقف أمامنا سؤال هام: 2- كيف قيل عن المسيح بعد قيامته أنه أكل.. وأنه كان له لحم وعظام؟! وهذا الأمر واضح في الإنجيل لمعلمنا لوقا البشير، إذ ورد في ظهور السيد المسيح لتلاميذه بعد القيامة أنهم "جزعوا وخافوا وظنوا أنهم نظروا روحًا. فقال لهم أنظروا يدي ورجلي إني أنا هو جسوني، وانظروا، فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي. وحين قال هذا اراهم يديه ورجليه" (لو 24: 37-40) وفي نفس الأصحاح وفي نفس المناسبة، أخذ طعامًا منهم وأكل قدامهم (لو 24: 41-43) فكيف نفسر ذلك؟ 4- نفسر ذلك.. بأنه أراد أن يثبت لهم قيامة جسده.. وهم لا يفهمون معني الجسد الروحاني.. في ذلك الحين ما كانوا يفهمون كنه الجسد الروحاني، وما كانت هذه العبارة قد طرقت اسماعهم أو افهامهم. ويقينًا بدون هذه الاثباتات التي قدمها لهم من أكل ومن جس للحمه وعظامه، كانوا سيظنون أنهم رأوا روحًا (لو 24: 37) مجرد روح بلا جسد!! أي أن الجسد لا يكون قد قام في فهمهم. 5- والمهم في القيامة.. قيامة الجسد. لأن الروح بطبيعتها حية لا تموت.. والذي هو الجسد بانفصاله عن الروح. ويتحول إلي تراب، وتبقي الروح حية في مكان الانتظار. إذن القيامة هي قيامة الجسد واتحاده بالروح مرة ثانية.. ونحن في طقس "جحد الشيطان "في المعمودية نقول: "نؤمن بقيامة الجسد "فكون التلاميذ ظنوا أنهم نظروا روحًا، معني هذا أن فكرة قيامة الجسد كانت بعيدة عن إقناعهم وقتذاك. وكان لابد من إقناعهم بها، ليقنعوا بها غيرهم. وهنا نذكر قول القديس بطرس السدمنتي: إن السيد المسيح قبل صلبه كان يثبت للناس لاهوته.. أما بعد قيامته فأراد أن يثبت لهم ناسوته. والروح وحدها لا تمثل ناسوتًا كاملًا، فلابد من اثبات أن الجسد قد قام،لهذا قال لتوما "هات اصبعك إلي هنا وابصر يدي. وهات يدك وضعها في جنبي. ولا نكن غير مؤمن بل مؤمنًا" (يو 20: 27). وقال للتلاميذ "جسوني وأنظروا، فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي" (لو 24: 39). كما سمح لمريم المجدلية ومريم الأخرى حينما سجدتا له بعد القيامة. أن تمسكا بقدميه (متي 28: 9). كل ذلك لأثبات قيامة الجسد. 6- هذا الجسد الممجد الروحاني هو الذي صعد إلي السماء. وعملية الصعود قد لا تتفق مع جسد مادي، يخضع لقانون الجاذبية الأرضية لأنه أثقل من الهواء. ولكنه صعد بجسد روحاني، يرتفع إلي فوق في مجد، وبنفس المجد يجلس عن يمين الآب. ونفس الجسد الممجد هو الذي سيأتي به في مجيئه الثاني "في مجده" (متي 25 31) بمجده ومجد الآب (لو 9: 26) وليس مجد الصعود أو المجيء الثاني مجرد معجزة بل هو وضع ثابت في طبيعته يستمر إلي الأبد. 7- وهذا الجسد الممجد هو الذي ظهر به لشاول الطرسوسي في طريق دمشق. إذ "بغتة أبرق حوله نور من السماء. فسقط علي الأرض وسمع صوتًا قال له شاول شاول لماذا تضطهدني؟ فقال من أنت يا سيد؟ فقال الرب: أنا يسوع الذي أنت تضطهده" (أع 9: 3-5). هذا الجسد الممجد هو نفس الجسد الذي ولد به من العذراء. ولكن جسده في ميلاده لم يكن في مجد قيامته.. ذلك لأنه في مولده كان قد "اخلي ذاته، آخذًا صورة عبد في شبه الناس" (في 2: 7). وعملية الإخلاء هذه انتهت بمجد القيامة والصعود. 8- جسد القيامة هو نفس جسد الميلاد.. ولكن في حالة من التجلي: أعطانا عربونًا لها علي جبل التجلي (مر 9: 2، 3) وكمثال للتشبيه، والقياس مع الفارق، حالة الثلاثة فتية وهم في أتون النار: جسدهم هو نفس الجسد، ولكنه وهب إلي حين لونًا من التجلي حفظه من أذية النار. فالقيامة للسيد المسيح، ولنا نحن أيضًا، بنفس وجسد الميلاد، ولكن بمجد أو في حالة من التجلي، يسبغ علي نفس الجسد طبيعة ممجدة فإذا به جسد روحاني. 9- ولكن البعض يسأل هل جسد المسيح أخذ طبيعته الممجدة بعد القيامة مباشرة أم بعد الصعود؟ أقول بل في القيامة ذاتها. وما الحالات التي أثبت بها ناسوته سوي حالة استثنائية لكي يؤمن التلاميذ أن جسده قد قام، وينشرون هذا الإيمان عن ثقة بقولهم "الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا، الذي شاهدناه ولمسته أيدينا" (1 يو 1: 1) "نحن الذين أكلنا، وشربنا معه بعد قيامته" (أع 1: 41). وفي غير تلك الحالات، فإن جسد القيامة الممجد لا يأكل، ولا يشرب طعامًا ماديًا، ولا يحتاج إلي ذلك، ولا بجوع ولا بعطش. كما أنه في الممجد لا يتعب، ولا يتألم، ولا يكون قابلًا للموت. 10- ومن الأدلة علي مجد جسد القيامة: دخوله وخروجه من المغلقات. فقد دخل العلية علي التلاميذ أكثر من مرة والأبواب مغلقة (يو 20: 19، 26). وفي قيامته خرج من القبر وهو مغلق. ولما أتي الملاك ودحرج الحجر عن فم القبر، كان ذلك بعد القيامة، لكي يري الكل القبر فارغًا (النسوة والتلاميذ وكل الناس فيما بعد)، وليس لكي يقوم المسيح، إذ كان قد قام والقبر مغلق. ومن أمثلة خروجه من المغلقات: خروجه من الأكفان والحنوط، مع بقائها علي حالها. وكان قد خرج من قبل من بطن العذراء. وهنا لعل البعض يسألون: هل السيد المسيح قد ولد بجسد ممجد كجسد القيامة؟ فنجيب: 11- إن السيد المسيح ولد بجسد بمثل طبيعتنا. شابهنا في كل شيء ما عدا الخطية. أخذ نفس طبيعتنا التي هبا دعي (ابن الإنسان)، والتي بها أمكن أن يفدينا. وأجتاز مراحل النمو الجسدي مثلنا (لو 1: 80). وكان يجوع (متي 4: 2) ويعطش (يو 19: 80) ويتعب (يو 4: 7) وينام (متي 8: 24). وفي بستان جثسيماني كان عرقه في جهاده يتساقط كقطرات دم نازلة علي الأرض (لو 22: 44). 12- ولولا أنه في طبيعتنا،ما كان ممكنًا أن يتألم. إذ هو كان في طبيعة قابلة للتألم. وقد تألم بالجسد. ذاق آلام الضرب والجلد والصلب. ووقع تحت الصليب وهو يحمله أكثر من مرة، فحمله عنه سمعان القيرواني. وكانت طبيعته البشرية قابلة للموت، فمات عنا وفدانا. بينما الجسد الممجد لا يتألم ولا يتوجع ولا يموت. إذن هو قد ولد بطبيعة مثلنا قابلة للألم والموت، وللتوجع وللحزن، وبهذا أمكنها أن تتم عملية الفداء.. ثم تمجدت في القيامة. 13- أما المجد الذي كان لطبيعته قبل الفداء، فهو مجد العصمة من الخطية. منذ ميلاده، بل منذ الحبل به، وطول فترة تجسده بيننا علي الأرض. هذا مجد روحي، وبارادته الصالحة. أما جسده، فقد شابهنا في كل شيء ما عدا الخطية، وقد أخلي ذاته. 14-وكان من مجده أيضًا أتحاده باللاهوت. علي أن أتحاده باللاهوت لم ينقص اطلاقًا من طبيعة ناسوته، ولم يلغ ضعفات الجسد من الجوع والعطش والتعب والموت، وإلا فقد الفداء طبيعته وقيمته. كانت آلامه حقيقية، لذلك كان فداؤه لنا حقيقيًا. أخلي ذاته من المجد، لكي يهبنا المجد في قيامته. ولأنه أخلي ذاته من المجد البشري، لذلك قال للآب قبل صلبه "مجد إبنك، ليمجدك إبنك أيضًا.. والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم" (يو 17: 1، 5). 14- وعن القيامة قيل "ولما تمجد يسوع.." (يو 12: 16). 15- غير أن التلاميذ ما كانوا يحتملون رؤية مجده. ولذلك لما رأي القديس يوحنا الحبيب شيئًا من مجد الرب في سفر الرؤيا (وقع عند رجليه كميت) لماذا؟ لأن "وجهه كان كالشمس وهي تضئ في قوتها، وعيناه كلهيب نار" (رؤ 1: 17، 16، 14). 15- لهذا كله، تدرج السيد مع تلاميذه في إظهار مجد قيامته لهم. فعل هذا مع المجدلية التي ظنته أولًا البستاني وكشف ذاته لها أخيرًا (يو 20: 14، 16). وفعل ذلك أيضًا مع تلميذي عمواس اللذين "كان يمشي معهما، ولكن أمسكت أعينهما عن معرفته" (لو 24: 16). وهكذا مع باقي التلاميذ، نفس أسلوب التدرج، لكي يحتملوا، لأن رؤيته بجسده الممجد بعد القيامة ليست أمرًا سهلًا. إنها قصة طويلة لا يحتملها هذا المقال. 16-هل معني هذا أننا سوف لا نراه في مجده؟! وإن كنا سنراه: فكيف؟ ومتي؟ طبيعتنا هذه ستتغير حينما نقوم من الأموات، ونأخذ "صورة جسد مجده" (في 3: 21). وحينئذ سنراه. وكما يقول الرسول "إننا ننظر الآن في مرآة في لغز، لكن حينئذ وجهًا لوجه" (1 كو 13: 12). وما معني عبارة "وجهًا لوجه "؟ وكيف تتم؟ يا أخوتي.. خير لي الآن أن أصمت، فهذا أفضل جدًا. وأسهل جدًا.. |
||||
04 - 03 - 2014, 05:33 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث
لا تلمسيني سؤال لماذا ظهر الرب لمريم المجدلية بعد القيامة، لماذا قال لها "لا تلمسيني" (يو 20: 17).. بينما سمح للقديس توما أن يلمسه؟ (يو 20: 27)، وسمح لباقي الرسل أن يلمسوه (لو 24: 39). فهل منعها من لمسه لأنها امرأة، وسمح لهم لأنهم رجال؟ جوابوالجواب علي ذلك أن السيد الرب سمح لمريم المجدلية أن تلمسه قبل الرسل جميعًا. وقد ورد ذلك في أول لقاء لها معه بعد القيامة في (متي 24). لقد ذهبت مريم المجدلية مع مريم الأخرى إلي القبر، وابصرتا القبر فارغًا، والحجر مدحرجًا من عليه، وبشرهما الملاك بقيامة الرب، وفي خروجهما قابلهما الرب وقال سلام لكما. وهنا يقول القديس متي الإنجيلي: "فتقدمتا وامسكتا بقدميه، وسجدتا له" (متي 28: 9). إذن مريم المجدلية قد لمست المسيح بعد القيامة. ولم يمنعها الرب عن ذلك بسبب أنها إمرأة. بل علي العكس كلفها أن تمضي وتبشر تلاميذه بالقيامة وبمقابلة الرب في الجليل. وهذا شرف عظيم أن يكلف إمرأة بتبشير الرسل. ولكن الذي حدث بعد ذلك، أن مريم المجدلية استسلمت للشكوك التي كان قد نشرها رؤساء الكهنة حول القيامة. كانوا قد ملأوا الدنيا شاعات أن الجسد قد سرق من القبر، بينما كان الحراس نيامًا. وكان من الممكن أن هذه الشائعات لا تترك تأثيرها مطلقًا في نفس مريم، لولا أنها رأت أن الرسل أنفسهم لم يصدقوا القيامة! أما شكوك التلاميذ فواضحة من عدم تصديقهم لخبر القيامة، لقد ذهبت إليهم المجدلية، وبشرتهم بقيامة المسيح "فلما سمع أولئك أنه حي وقد نظرته، لم يصدقوا" (مر 16: 19-11). ولما أخبرهم بقيامة الرب تلميذا عمواس، "لم يصدقوا ولا هذين" (مر 16: 12: 13). وكذلك لما أخبرهم النسوة بأمر القيامة "تراءي كلامهن لهم كالهذيان، ولم يصدقوهن" (لو 24: 9-11). فلما رأت المجدلية أن رسل المسيح لم يصدقوها، ولم يصدقوا باقي النسوة، ولا تلميذي عمواس، بدأت تشك هي الأخري.. إنها فتاة صغيرة، ربما ظنت ما رأته عند القبر حلمًا أو خيالًا. أم هي أقوي إيمانًا من الرسل؟! هذا غير معقول. وفكرت ربما يكون البعض قد سرقوا الجسد ونقلوه من موضعه! ليس الرسل وإنما آخرون، ربما البستاني مثلًا قد أخذه لسبب ما. و طبعًا كل هذه شكوك ضد الإيمان لأنها رأت بنفسها القبر الفارغ، ورأت المسيح ولمسته وسمعت صوته، وسمعت بشارة الملاك ثم الملاكين.. و كما أنكر بطرس المسيح أثناء محاكمته ثلاث مرات، هكذا مريم المجدلية أنكرت قيامة الرب ثلاث مرات، وورد هذا الإنكار الثلاثي في أصحاح واحد (يو 20: 12، 13، 15). 1- المرة الأولي: حينما ذهبت إلي القديسين بطرس ويوحنا وقالت لهما: "أخذوا السيد من القبر، ولسنا نعلم أين وضعوه" (يو 20: 2). وهذا الكلام معناه أن الرب لم يقم من الأموات، ما داموا قد أخذوا جسده ووضعوه في مكان ما! 2- والمرة الثانية: حينما كانت خارج القبر تبكي. وسألها الملاكان: لماذا تبكين؟ فأجابت بنفس الكلام "أنهم أخذوا سيدي، ولست أعلم أين وضعوه" (يو 20: 13). 3- والمرة الثالثة: حينما ظهر لها السيد المسيح، وفي بكائها لم تبصره جيدًا وظنته البستاني، أو هو أخفي ذاته عنها.. فقالت له "يا سيد، إن كنت أنت قد حملته، فقل لي أين وضعته، وأنا آخذه" (يو 20: 15). فلما أظهر لها الرب ذاته، وتعرفت عليه، قالت له ربوني أي يا معلم". منعها الرب أن تلمسه، توبيخًا لها علي إنكارها الثلاثي لقيامته. وأيضًا لا يجوز أن تلمسه بهذا الإيمان: إنه شخص عادي مات، حملوا جسده ووضعوه في مكان ما..! قالت لبطرس ويوحنا "اخذوا السيد من القبر، ولسنا نعلم أين وضعوه". وقالت للملاكين "اخذوا سيدي ولست أعلم أين وضعوه". وقالت للرب وقد ظنته البستاني "إن كنت قد أخذته، فقل لي أين وضعته".. تكرار لادعاءات الجند، ليس فيه إيمان بالقيامة،فقال الرب" لا تلمسيني "أي لا تقتربي إلي بهذا الاعتقاد وبهذا الشك. بعد أن رأيتني قبلًا، وامسكت قدمي، وسمعت صوتي، وكلفتك برسالة لتلاميذي، وبعد أن رأيت القبر، وسمعت شهادة الملائكة. لا تلمسيني في نكران، لأني لم أصعد بعد إلي أبي. أما عبارة "لأني لم أصعد بعد إلي أبي".. فإن القديس ساويرس الأنطاكي، وكذلك القديس أوغسطينوس لم يأخذاها بالمعني الحرفي وإنما بالمعني الرمزي، لأنه كانت قد لمسته قبل ذلك. وقال القديسان في ذلك إن الرب يقصد من عبارته: لا تلمسيني بهذا الإيمان، لأني لم أصعد بعد في ذهنك إلي مستوي أبي في لاهوته، بل تظنين أن جسدي مازال ميتًا يحمله الناس حيث شاءوا. وعلي أية الحالات، فقد عزاها، وفي نفس الوقت كلفها برسالة تبلغها إلي الرسل. ولا داعي لهذه التحيات. المهم في العمل الذي يبني الملكوت.. |
||||
04 - 03 - 2014, 05:34 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تأملات في القيامة - البابا شنوده الثالث
ارع غنمي. ارع خرافي لماذا ننكر رئاسة بطرس، وقد قال له السيد المسيح بعد القيامة: "ارع غنمي، ارع خرافي "؟ جوابإن السيد المسيح لم يقل له ذلك لكي يقيمه راعيًا للكنيسة الجامعة، وإنما لكي يرده ثانية إلي رتبة الرسولية التي كاد يفقدها بانكاره. فكان الرب بهذه العبارة قد ساواه بباقي الرسل، بينما كان معرضًا لأن تنفذ فيه الآية التي تقول: "من أنكرني قدام الناس، أنكره قدام ملائكة الله" (لو 12: 9). وواضح أن السيد المسيح قال له: "ارع غنمي "في موقف توبيخ، حيث سأله ثلاث مرات قائلًا: "يا سمعان إبن يونا، أتحبني أكثر من هؤلاء" (يو 21: 15: 17). وفي ذلك أراد أن يذكره بإنكار له ثلاث مرات، كما كان سؤاله يحمل توبيخًا خفيفًا يذكر بطرس بقوله: "لو أنكرك الجميع لا أنكرك أنا". و نلاحظ أيضًا أن السيد المسيح ناداه في ذلك المجال باسمه القديم قبل أن يدعي بطرس. وأوضح دليل علي أن ذلك كله قيل في مجال توبيخ أن بطرس بعد أن قال له الرب ارع غنمي ثلاث مرات، حزن لأنه فهم القصد،ولو كانت العبارة في مجال تمجيد أو تقليد رئاسة، لكانت سبب بهجة وفرح وفر لا سبب حزن لبطرس. والرعاية وظيفة قلدها الرب لكثيرين كما يتضح من نصوص كثيرة في الكتاب المقدس. فكل الرسل رعاة، وكل الأساقفة رعاة. والسيد المسيح هو راعي الرعاة. |
||||
|