منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18 - 10 - 2017, 11:32 AM   رقم المشاركة : ( 381 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

أما أنا، فلما وقع ذلك الطعامُ في فمي، وإذا طعمُه مثل شهدِ العسلِ، وأحلى منه، والملحُ أيضاً كان كأنه مثل ذلك، فتداخلني العَجَبُ، وأكلنا من رغيفِ الخبزِ هذا، نحن الرجلين، ولم يذهب منه شيءٌ، فقلت: «يا ليت شِعري، ما هذا الرجل»؟
وبعد أكلِ الطعام بدأ يسألني عن الكتبِ المقدسةِ، وما فيها من آلام المسيح، ويشرحُ تفسيرها، ورغم أني كاتبٌ جميعُ أيامي كلِّها، ومطَّلع في الكتبِ المقدسةِ، إلا أني لم أكن عارفاً بما أوضحه لي. فقلتُ: «هذا من اللهِ، هذا الرجل هو ملاكٌ، وإن الله سهَّل طريقي، إذ جمعَ بيني وبينه». وكنتُ أسمع منه، ولا أقدر أن أجيبه، لأجلِ ما فيه من الروحِ الناطقةِ.
ولما كان الصباحُ، وهو لم ينم، أخذ آلتَه، وأراد الخروجَ إلى المكانِ الذي فيه الكرم الذي كان له، وأنا لا أعلمُ بذلك، وقال لي: «أنا أريدُ أن أخرجَ إلى عملي باكراً حتى أنصرفَ باكراً»؛ وإنما كان يشيرُ بذلك إلى الآخرةِ، وأنا لا أعلمُ. ودفع لي مفتاحَ منزلِه، وقال لي: «اخرج أنت واقضِ ما تريده من حوائجك، وعد إلى منزلي، فإنك تكون عندي إلى عشرةِ أيامٍ»، فأخذتُ المفتاحَ، وتوجَّه هو إلى عَمَلِهِ.
  رد مع اقتباس
قديم 18 - 10 - 2017, 11:32 AM   رقم المشاركة : ( 382 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

أما أنا فقد مضيْتُ إلى البيعةِ والصلاةِ وتناول الأسرار، فوجدتُ فيها رهباناً قديسين كنتُ أعرفهم، فلما رأوني، فرحوا بي وقالوا لي: «يا مقارة، متى أتيتَ إلى هنا»؟ فقلتُ: «بالأمسِ». فقالوا: «أين أنت نازلٌ»؟ فقلت لهم عن صفةِ ذلك الرجلِ، فتعجبوا، ولم يعرفوه، فسألوا عنه الرجلَ الذي كان قيِّماً بالبيعةِ، وهو خبيرٌ بجميعِ سكانِ المدينةِ، فلم يعرفه، وكان ذلك عجيباً.
ولما فرغتُ من الصلاةِ والقداس، عدتُ أريدُ المنزلَ، فلم أجده، وتعبتُ متحيراً، لا أدري كيف أذهبُ، فتفكرتُ وقلتُ: «لعل الذي رأيتُه كلَّه كان مناماً، أمضي وأجلس على الطريقِ في المكانِ الذي اجتمعتُ به فيه أولاً، لعلي أراه».
وكنتُ قد وضعتُ في المنزلِ قبل خروجي منه بعضَ حوائجي، فخرجتُ إلى خارجِ المدينةِ، وجلستُ على الطريقِ في المكانِ الذي اجتمعتُ به فيه أولاً، فلم أجلس إلا قليلاً، وإذا بذلك الرجلِ قد أقبلَ عليَّ، على تلك الحالةِ الأولى، فتطلَّع وأبصرني، وقال لي: «لِمَ خرجتَ إلى ها هنا»؟ فأعلمتُه بجميعِ ما نالني في ذلك اليوم. فقال لي: «أسأتَ إليَّ اليومَ لَمَّا فعلتَ هذا، إني رجلٌ مُطَالبٌ بما قدمته يداي، وكنتُ لا أريدُ أن يعرفَ موضعي أحدٌ»، وهذا كان تعليماً حسناً.
  رد مع اقتباس
قديم 18 - 10 - 2017, 11:32 AM   رقم المشاركة : ( 383 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

ثم إنه مشى، وأنا أتبعه، حتى دخلنا إلى المنزلِ، وفعل مثلَ المرةِ الأولى، وأقمتُ عنده ثلاثةَ أيامٍ، وذلك الرغيف لم يذهب منه شيءٌ، وقضيتُ بعضَ حوائجي في هذه المدةِ، وأردتُ الانصرافَ، فقال لي: «ألم أقل لك إنك ستقيم عندي عشرةَ أيامٍ»؟
وأخذ آلتَه، وأراد الخروجَ إلى كرمِهِ، فقلتُ له: «أنا أمضي معك اليومَ إلى كرمِك لأبصرَه، وأنظرَ عملَك». فقال لي: «قم وامشِ»، وأخذ بيدي، وخرج أمامي، وأنا أتبعه حتى خرجنا من بابِ المدينةِ. وإذا بثلاثةِ رجالٍ، لابسين لِباسه، ومعهم أداةً مثلَ أداتِه، وقالوا له: «قد أبطأتَ علينا، انهض»، فنهضَ وهو يقول لي: «يا مقارة، امشِ خلفَنا». فمشيتُ وأنا أريد أن أكلِّمهم، وهو وإياهم لا يلتفتون إليَّ، وهم مجدين في المسيرِ، وأنا لا أعلمُ أين يريدون إلى وقتِ صلاة الثالثةِ من النهارِ؛ وإذا نحن قد أشرفنا على عينٍ جاريةٍ ونهرِ ماءٍ لا يعرفُ أحدٌ آخِرَه، وحوله شجرٌ من النخيلِ والعنب والزيتون والتين والرمان؛ فصلوا، وأخذوا الأداةَ التي معهم، وجعلوا يكرمون في تلك الأشجار، ولا يأكلون من ثمارِها، وأنا كنتُ متفكراً.
فدنوتُ إلى الرجلِ الذي كنتُ نازلاً عندَه، وقلتُ له: «هؤلاء القوم شركاؤك في هذه الروضةِ، لم يكلموني»، فقال لي: «هم يعرفونك، لكنهم يقولون إنك لا تريدُ أن تكونَ معهم مقيماً». فقلتُ: «إنهم يعملون أعمالاً لا أعرفها، وأنا مشغولٌ بما أنت عارفٌ، فإني أكتبُ كتبَ البيعةِ، وأريد بذلك عمارتها، فأجدد ما قدم منها».
وأقمتُ ذلك النهارَ كلَّه معهم، وعند صلاة التاسعةِ أكلتُ من ثمرةِ ذلك الشجرِ، وكنتُ أُكثرُ من الأكلِ منه ولا أملُّ، وهي لا تُشبعني، فقلتُ لذلك الرجلِ: «إن ثمرات هذا الشجرِ لا تُشبع الجائعَ». فقال كلاماً، وهو تعليمٌ روحاني: «إنّ اهتمامَك هو بطعامِ العالمِ، وتركتَ الاهتمامَ بالعملِ الصالحِ، والطعام الروحاني»؛ وللوقتِ علمتُ أن القومَ صالحون، فدنوتُ إليهم أريدُ أن أتباركَ منهم، وطلبتُهم فلم أجدهم.
  رد مع اقتباس
قديم 18 - 10 - 2017, 11:32 AM   رقم المشاركة : ( 384 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

وبقيتُ في الروضةِ وحدي، أطوفُ فيها يميناً وشمالاً، ولا أدري أين أذهبُ، وأقمتُ على هذه الحال عاماً كاملاً، آكُلُ من ثمرِ الشجرِ، ولا أدري من يجاوبني، ولا القوم الذين رأيتُهم، وقلتُ: «لقد فعل الله معي، مثل قديسيه، وأسكنني هذا الجنان، وهو الذي بعثَ لي هؤلاء القوم الذين رأيتُهم».
وبينما أنا في آخرِ العامِ، وإذا بي أرى ركاباً يريدون المسيرِ إلى حاجتهم، فتقدمتُ إليهم، وقلتُ لهم: «إلى أين تقصدون»؟ فقالوا: «مدينةَ الإسكندريةِ». فقلتُ لهم: «هل لكم أن تأخذوني معكم؟ فإني ها هنا في هذه البريةِ لا أعلمُ أين أذهبُ»، حدث هذا لما داخلني الفكرُ بحبِ العالمِ بينهم، فظهر لي الشيطانُ وجنودُه في هذه الهيئةِ، ليخرجوني من الموضعِ الرحبِ إلى الضيقِ والتعبِ. وحملوني وأنا لا أعلمُ أنهم الشياطين؛ وفي أسرعِ وقتِ مضيتُ إلى مدينةِ الإسكندرية، وكان رجلٌ من الركابِ يقول: «قد ربحنا هذا، وأخرجناه من النعيمِ إلى التعبِ».
  رد مع اقتباس
قديم 18 - 10 - 2017, 11:32 AM   رقم المشاركة : ( 385 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

وفيما أنا متفكرٌ في كلامهِ، إذا بالرجلِ الذي كنتُ نازلاً في منزلهِ، وكنتُ قد جعتُ، فمشى أمامي وأنا أتبعه إلى منزلِه، فأحضر لي ذلك الرغيفَ بعينِه، وأكلتُ، وأكل معي كالعادةِ، وقال: «يا مقارة، أين كنتَ في هذه المدة»؟ فقلتُ له: «إني في الروضةِ، ومنذ فارقتُك انتظرتُك عساك تعودَ إليَّ، فلم أنظرك إلا في هذه الساعةِ»؛ ثم أقبل عليَّ، وقال لي: «يا مقارة، اخترتُ لك مكاناً تكون فيه، ولكنك لم ترغب فيه؛ لكن الشيطانَ العدو، هو الذي أخرجك منه ولم تعلم». فقلتُ له: «يا أبي، مَن هؤلاء القوم الذين كانوا معك»؟ فأخبرني بأنهم قديسون عظام، يسكنون هذه المدينةَ، ومنازلهم مثل منزلي هذا، ونحن كلّ يومٍ نمضي مع بعضنا سراً إلى هذه الروضةِ، نصلي فيها، ونُصلح أشجارها، ونعودُ إلى منازلنا، وأهلُ هذه البلادِ لا يشعرون بنا، فلو صبرتَ قليلاً، لكنتَ لنا رفيقاً. هل تعرف هذه البريةَ والروضةَ؟ فقلت: «لا». فقال لي إنها من الجنانِ التي وعدَ الله بها أتقياءه وأصفياءه، ولا يعرف أحدٌ من الناسِ بُعدَ المسافةِ بين العالم الكوني وبينها.
وللوقتِ صرتُ نادماً، وكلح وجهي، وأطرقتُ وجهي إلى الأرضِ، ولم أستطع رفعَ رأسي، ثم رفعتُ صوتي وبكيتُ نادماً، فقال لي: «قم ارجع إلى مكانِك، فإنّ اللهَ جعلَك لتمجيدِ اسمه فيما تكتبه، وستصير راعياً، وأخبرني بأشياءٍ كثيرةٍ، وأقمتُ عنده بقيةِ العشرةِ أيامٍ التي ذكرها، ولم تكن المدة التي كانت، وكنتُ فيها في الروضةِ، إلا مثل منامٍ رأيته، وإني سألتُه في عدةِ مسائل وأبوابٍ، فأخبرني بها، وقد كتبتُها في كتابٍ آخر.
ولما أردتُ المسيرَ، أخرج لي ذلك الرغيف، وأعطاه لي، وقال لي: «استعمل منه وقتَ حاجتك، فإنه يُغنيك عن كثيرٍ من الطعامِ، واحذر أن تُعلِمَ أحداً بما رأيتَ، وسطِّره في كتابٍ، ولا يقرأه أحدٌ إلا بعد وفاتِك، وإني أُعلمك أنك ستكونَ رئيساً، وتدوم رئاستُك اثنتين وعشرين سنةً، وتكتب كتباً كثيرةً، فيها عجائب وبراهين، وهي تكون بعدك ذِكراً لك».
ولما خرج يريدُ أن يودعني عند مسيري، قال لي: «يا ولدي أوصيك إذا انتقلتْ إليك الرياسةُ، فلا تَكبُر نفسُك على أخيك، بل كن متواضعاً، رحوماً جداً، عفيفاً، وطوباك لأنك تقدس قرابين كثيرة، وتصبغ شعباً كبيراً بالمعموديةِ. وفي العام التالي، تأتي إلى هذا المنزلِ، وتطلبني، ويهديك الله إليه».
ثم إني انطلقتُ، وفي تلك الساعةِ وصلتُ إلى مسكني بدير برموس، ولم يمضِ إلا خمسةٌ وعشرون يوماً، وإذا بالأب البطريرك البابا ديمتريوس يدخل إلى الدير، ويأخذني ويرسمني أسقفاً على كرسي نقيوس، وسلم إليَّ رعايةَ شعبٍ كثيرٍ، كما ذكر لي الأب القديس؛ ولما كان في العام الثاني، أتيتُ إلى مدينة الإسكندرية، واجتمعتُ بذلك الأب القديس، فوجدتُه على حالِه، وعندما رآني، قبلني وقبلته، ونزلتُ بمنزلِه، ووجدتُ عنده القومَ رفقاءَه، فسلموا عليَّ، وسلمتُ عليهم، وقالوا: «يا مقارة، اليوم تحصنتَ من الشيطانِ، احفظ هذه، فهي حصنٌ عظيمٌ»، وتباركتُ منهم، وودعوني، فلما أرادوا المسير، سألتهم هل لي وصولٌ إلى تلك الروضةِ؟ فقالوا: «لا، فهو ذا أنت ترعى شعباً كثيراً، إياك أن تحيفَ في الحكمِ أو تحابي».
وأما أنا، فإن ذلك الرغيفَ الذي أعطاني إياه القديس، فقد كنتُ آكل منه في اليومِ ما يغنيني عن ثلاثةِ أيامٍ، وسألتُ القديس عنه، فلم يخبرني ما هو.
وأنا مقارة، كتبتُ هذا جميعَه، وكنتُ قد سألتُ الله أن يحلَّ هؤلاء القوم في منزلي ويصلُّوا في بيعتي بنقيوس، فرأيتُ أحدَهما قائماً أمامي، وقال لي: «يا مقارة، إنك لن ترانا إلى اليوم الذي تمضي فيه إلى ربك، فنكون حاضرين الصلاةَ عليكَ».
فنسأل الله أن يجعلنا من العاملين بطاعتِه، ويكفينا شرّ الشياطين، آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 18 - 10 - 2017, 11:32 AM   رقم المشاركة : ( 386 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

كان شابٌ اسمه مقارة، اتفق له وهو يرعى ويلعب مع صديقٍ له، فقتله بغيرِ تعمدٍ، ولم يعلم به أحدٌ. فمضى لوقته إلى البريةِ وترهب، وأقام ثلاث سنين في البردِ والحرِ، في أرضٍ ليس فيها ماءٌ. وبعد ذلك بنى كنيسةً داخل البريةِ، وأقام فيها خمساً وعشرين سنةً، واستحق نعمةً من الله، حتى إنه قويَ على الشياطين، وفرح في نسك الرهبنةِ. وأقمتُ بالقربِ منه زماناً، ولما صار لي عليه دلالٌ، فتشتُهُ عن فكرِهِ بسبب خطيةِ القتلِ، فقال: «أقمتُ أياماً كثيرةً متعباً، لأجلِ هذا الفكر، وهو يلازمني ليلاً ونهاراً، ويقلقني جداً، وآخر الأمرِ أراحني الربُّ من حزنِ القلبِ بسببه، حتى لقد شكرتُ القتلَ الذي فعلتُه بغيرِ اختياري، لكونه كان سبباً لخلاصي، وبنعمةِ الربِ صرتُ، إذا تعرضتْ إليَّ الشياطينُ، بفكرِ تعظيم القلبِ، ويقولون لي: قد صرتَ رجلاً عظيماً أكثرَ من الرهبانِ كلِّهم، فأجيبهم قائلاً: «والقتل الذي فعلتُه، ما أشد عذابي في الجحيم بسببه». فيمضون عني. ومرةً أخرى يقولون لي: «أيها القاتل، لماذا تقعد في هذه البريةِ، وليست لك توبةٌ، فتتعب في الباطلِ، امضِ إلى العالمِ واصنع إرادتك لئلا يفوتك الأمران»، فأقول لهم: «الربُّ الذي صنع الرحمةَ مع عبدِه موسى، يرحمني أنا أيضاً»، وكنتُ أعزي نفسي وحدي بأن موسى لم يستحق أن يرى الله، إلا بعد أن هرب من مصر، ودخل البريةَ، لأجلِ الذي قتله بغيرِ اختياره.
  رد مع اقتباس
قديم 18 - 10 - 2017, 11:33 AM   رقم المشاركة : ( 387 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

وما قلتُ هذا ليطيبَ قلبُ أحدٍ بالقتلِ، بل ليعرفوا أن أسباباً كثيرةً مختلفةً تجتذبُ الناسَ إلى الفردوس؛ فواحدٌ يهربُ لأجل الفقرِ والاستدانةِ، وآخر يهربُ من جورِ المتسلطين، وآخر بسببِ زنى زوجته، وآخر من شرِّ أسياده، وبالجملةِ فإن قوماً يهربون من الخوفِ الدنيوي، وقوماً يحبون الله، ويؤثرون خلاصهم، فيصيرون رهباناً بإرادتهم.
  رد مع اقتباس
قديم 18 - 10 - 2017, 11:33 AM   رقم المشاركة : ( 388 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

قال دورثاوس: «إن الأوجاعَ هي غيرُ الخطايا، فالخطايا هي عملُ الأوجاعِ بالفعلِ، والأوجاعُ هي أسباب الخطايا، فقد يوجد إنسانٌ فيه الأوجاع كالغضبِ الضار، وشهوةِ الشرِّ، ولا يستعملها.
والقديسون ما اكتفوا بأن لا يفعلوا الشرورَ فقط، بل واجتهدوا في أن يقلعوا من نفوسِهم الأوجاعَ التي هي أصولُها، ولما صَعُبَ عليهم ذلك وهم بين العلمانيين، تغرَّبوا في البريةِ، ولازموا الصوم والصلاةَ والسهرَ، فقاموا بما قُرر عليهم من الوصايا، من عفةٍ، ومسكنةٍ، ونافلةٍ، وغربةٍ، لتكميل وصايا الربِّ. وزيادة العفةِ، وهي عدم الجماع البتة. والمسكنةِ، وهي عدم القنيةِ بالكمالِ. والنافلة، وهي ما زاد على الفريضةِ، وهي الرهبنة. وفرزوا للرهبنة شكلاً (أي زِيًّا) فيه رموزٌ على غرضها. أما القلونية التي ليس لها كُم، فإذا أردنا أن نعملَ بأيدينا شراً، إما بالسرقةِ، أو الضربِ، أو غيرهِ، فإن ذلك يُقصِّر أيدينا كتقصيرِ كُمِّنا. وأما الاشتداد بالمنطقةِ، فللتشمر والاجتهاد في خدمةِ اللهِ، وكونها من جلدٍ ميت، لنميتَ أوجاعَنا. وأما الأباليون بشبهِ الصليب، فإشارة إلى حملِ الصليبِ واتِّباع سيدنا. وأما القوفلية، فهو شبه الخنق، وهو لباس الأطفال، والأطفال لا مكر عندهم، ولا حقد ولا نجس، ولا إقامة هوى، وذلك هو أكبر أغراض الرهبنةِ».
قال شيخٌ: «الرهبنة هي غربةٌ، وفقرٌ، وصبرٌ على البلايا والظلمِ».
وقال أيضاً: «إن لم تبغض الإثمَ، فلن تستطيعَ أن تحبَّ البرَّ، كما كُتب: حِدْ عن الشرِّ واصنع الخيرَ».
  رد مع اقتباس
قديم 18 - 10 - 2017, 11:33 AM   رقم المشاركة : ( 389 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

كذلك قال: «النيةُ هي المطلوبةُ في كلِّ موضعٍ، لا الموضعَ، فإنَّ آدم كان جالساً في الفردوسِ، وأطاع مشورةَ الشيطانِ، وتبعَ هواه وعصى وصيةَ اللهِ، وأيوبَ كان جالساً على المزبلةِ، وقاوم الشيطانَ، وضبطَ هواه، وحفظ وصيةَ الإله».
كما قال: «إنَّ المسيحيين الحقيقيين، هم أفضلُ الأممِ، والرهبان (الحقيقيين) أفضل المسيحيين».
كان رئيسُ ديرٍ أباً لمائتي راهب، هذا زاره السيد المسيح بصورةِ شيخٍ مسكينٍ، فسأل البوابَ أن يقولَ للمعلمِ عنه، فدخل، فوجده يخاطب آخرين، فصبر، ثم عرَّفه، فقال له: «دعنا في هذا الوقتِ»، فتأخر البوابُ. وعند الساعةِ الخامسةِ زارهم رجلٌ مُوسِرٌ، فتلقاه رئيسُ الديرِ بسرعةٍ، فتقدم ربنا سائلاً قائلاً: «أريدُ يا معلم أن أكلمَك»، والرئيسُ دخل مع ذلك الغني مسرعاً ليصلحَ له طعاماً، بمعنى أنه غريبٌ، وبعد الأكلِ شيَّعه إلى البابِ، ونسي المسكين إلى المساءِ، ولم يَقبل الغريبَ المسكين. ثم انصرف الربُّ، بعد أن راسله على لسانِ البوابِ قائلاً: «قل للمعلمِ إن كنتَ ترى كرامةً وتشريفاً، فذلك لأجلِ سالفِ تعبك، إني مرسلٌ لك أقواماً يزورونك من أربعِ جهات الدنيا، وأما خيرات ملكوتي، فلا تذوقها». فعرف حينئذ أن الشيخَ المسكين، هو الربُّ، وتندم وتألم.
  رد مع اقتباس
قديم 18 - 10 - 2017, 11:33 AM   رقم المشاركة : ( 390 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

اتفق اثنا عشر من القديسين الحكماء، واجتمعوا على رأيٍ واحدٍ، ورغب بعضُهم إلى بعضٍ في أن يَذكُرَ لهم طريقةَ نسكِهِ، لينتفعوا:
فقال الأول:« أنا منذ بدأتُ بالانفرادِ، صلبتُ ذاتي عما هو خارج عني، وجعلتُ فيما بين نفسي وبين الأشياءِ الجسمانيةِ سوراً، وصرتُ في بيتي، كمن هو داخل السورِ، فلا ينظر إلى ما هو خارج عنه، فكنتُ أتأمل ذاتي فقط، منتظراً الرجاءَ كلَّ وقتٍ من اللهِ، وصوَّرتُ الأفكارَ الخبيثةَ بصورةِ العقاربِ والحيات، فمتى أحسستُ بها متحركةً فيَّ، طردتُها وأبعدتُها بالغيظِ والتهويل، وما كففتُ في وقتٍ من الأوقاتِ من الغضبِ على نفسي وجسمي، لكي لا يعملا عملاً شريراً».
وقال الثاني: «أنا منذ زهدتُ في العالمِ، قلتُ في نفسي، اليومَ وُلدتَ، فاترك ما مضى وابتدئ بالعبادةِ لله. وأنزلتُ نفسي منزلةَ الغريبِ في المكانِ الذي من شأنهِ أن ينصرفَ غداً».
وقال الثالث: «أنا من باكرِ النهارِ أطرحُ ذاتي على وجهي أمامَ ربي، وأقرُّ بجرائمي، ثم أتضرعُ للملائكةِ أن يسألوا الله العفوَ عني، وعن الناسِ جميعاً، ثم أطوفُ أماكنَ العذابِ بعقلي، وأبكي وأنوح إذ أرى أعضائي مع الذين يُعاقبون ويبكون».
وقال الرابعُ: «أنا أتصور نفسي جالساً في جبلِ الزيتون مع ربنا وملائكتهِ، وأقولُ لنفسي، منذ الآن لا تعرف أحداً بالجسدِ، بل كن مع هؤلاءِ دائماً، بمنزلةِ مريم الجالسةِ عند قدمي السيدِ، لتسمعَ أقواله سماعاً مطيعاً، كقولِ ربنا: كونوا أطهاراً لأني طاهرٌ، كونوا كاملين مثل أبيكم الذي في السماءِ، فإنه كاملٌ، تعلَّموا مني فإني وديعٌ ومتواضعٌ بقلبي».
وقال الخامس: «وأنا أتصورُ الملائكةَ صاعدين ونازلين، في استدعاءِ النفوسِ، وأتوقعُ وفاتي كلَّ يومٍ، وأقول: مستعدٌ قلبي يا إلهي».
وقال السادس: «أنا أستشعرُ كلَّ يومٍ أنني أسمعُ من ربنا هذه الأقوال: اتعبوا من أجلي فأُنيّحَكم، إن كنتم أولادي فاستحوا مني كأبٍ محبٍ، وإن كنتم إخوتي فوقروني، إن كنتم أحبائي فاحفظوا وصاياي، إن كنتم رعيتي فاتبعوني».
وقال السابع: «أنا أذكِّرُ نفسي بهذه: وهي الإيمان والرجاء والمحبة، حتى أنجح بالإيمانِ، وأفرح بالرجاء، وأكمل المحبة لله والعبادة».
وقال الثامن: «أنا أرى المُحال طائراً طالباً واحداً يبتلعه، وأرفعُ نظري العقلي إلى إلهي واستنجدُ به عليه في أن لا يدعه يتقوى على أحدٍ، وخاصةً على الخائفين منهم».
وقال التاسع: «إني أرى كلَّ يومٍ كنيسةَ القواتِ المعقولةِ، وأعاينُ ربَّ المجدِ، في وسطِها، لامعاً جداً، وأسمعُ نغماتهم في تسابيحهم التي يرفعونها إلى الله، بمنزلةِ من قد فَهِمَ ما هو مكتوبٌ: إن السماواتِ تخبر بمجدِ الله، فأحسبُ كلَّ ما على الأرضِ رماداً وكُناسةً، ويزولُ عني الضجرُ والتعبُ والغم».
وقال العاشرُ: «أنا أرى الملاكَ الذي معي قريباً مني، وصاعداً بأعمالي وأقوالي، فأحفظُ ذاتي، وأتذكرُ قولَ النبي: سبقتُ فرأيتُ الربَّ أمامي في كلِّ حينٍ، لأنه عن يميني لكي لا أتزعزع».
وقال الحادي عشر: «أنا أضعُ وجهي على ضبطِ الهوى، والعفةِ، وطولِ الروحِ، والمحبةِ، وأقولُ لنفسي: لا ننم».
وقال الثاني عشر: «أما أنتم فلكم أجنحةٌ من السماءِ، طالبين ما في العُلا، فقد انتقلتم بالنيةِ من الأرضِ، وتعريتم من هذا العالمِ، فأنتم أناسٌ سمائيون أو ملائكةٌ أرضيون. وأما أنا، فإذا قايستُ نفسي بكم، أكونُ غيرَ مستحقٍ الحياةَ، لأني أُعاينُ خطاياي أمامي في كلِّ حينٍ، وأينما توجهتُ تتقدمني، وقد حكمتُ على ذاتي أني في جملةِ الذين تحت الأرضِ قائلاً: سأكون معهم، إذا كنتُ مستوجباً أن أكونَ قريبهم، وأُبصرُ هناك الدودَ والحسراتِ والعبراتِ المتصلةَ المُرةَ، أقواماً تُقعقع أسنانُهم، ويقفزون بجملةِ جسمِهم مرتعشين، من رؤوسهم إلى أرجلهم، وأطرحُ ذاتي على الأرضِ، وأنثرُ الرمادَ عليَّ، متضرعاً إلى اللهِ، في أن لا أباشرَ تلك العقوباتِ، وأنظر أيضاً بحرَ نارٍ يغلي، ويعجّ، يتوهم من يُبصرُه، أن أمواجَه تبلغُ إلى السماءِ، وملائكةٌ متنمرين يطرحون أناساً لا يُحصَون في ذلك البحرِ المريع، وكلهم يعجُّون بولولةٍ عظيمةٍ، ويحترقون كالقشةِ، وقد ارتدَّتْ عنهم رأفاتُ اللهِ، لأجلِ آثامهم، وأنتحبُ على جنسِ البشرِ، وأتعجب كيف يجسُرُ أحدٌ أن يتكلمَ كلمةً أو ينظرَ نظرةً بمخالفةٍ، وقد أُعدتْ هذه العقوبات، لكلِّ من لا يؤمن بالإلهِ ويطيع وصاياه، وبهذا أضبطُ النوحَ في نفسي، والدموعَ في عيني، وأحكمُ على ذاتي بأني لستُ أهلاً للسماءِ، ولا للأرضِ، متشبهاً بالنبي القائل: صارت دموعي لي خبزاً نهاراً وليلاً».
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
بستان الرهبان كامل مسموع
زهور من بستان - كتاب بستان الرهبان
تحميل كتاب بستان الرهبان كامل مسموع
كتاب بستان الرهبان لبيلاديوس
كتاب بستان الرهبان


الساعة الآن 12:22 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024