منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17 - 03 - 2014, 05:52 PM   رقم المشاركة : ( 291 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,351,441

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

ما بين المجيء الأول والمجئ الثاني للسيد المسيح

نأتى الآن إلى تساؤل لماذا يختلف المجيء الأول للسيد المسيح عن مجيئه الثاني؟!

جاء السيد المسيح في ظهوره الأول ليخلص العالم باعتباره هو الله الظاهر في الجسد. ولكن كان ينبغي أن يخفى مجده المنظور لكي يكون من الممكن إتمام الفداء.
لو ظهر السيد المسيح في ملء مجده لما احتمل البشر النظر إليه. فلا تلاميذه كان من الممكن أن يقتربوا منه ويتتلمذوا على يديه، ولا الأشرار من اليهود أو من الرومان كان من الممكن أن تمتد أيديهم إليه ليسمّروه على الصليب.
لقد أخلى الله الكلمة ذاته "آخذًا صورة عبد.. وإذ وُجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب" (في 2: 7، 8). هزم السيد المسيح كبرياء الشيطان بتواضعه وطاعته للآب السماوي.
كذلك حرر البشر من خطية الكبرياء، وعلّم تلاميذه: "تعلّموا منى لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم" (مت11: 29).
لقد أظهر لنا السيد المسيح أن في الكبرياء ضعف، وفي التواضع قوة. لهذا تتغنى الكنيسة في لحن أومونوجينيس "O Monogenhc" الذي يقال في الجمعة العظيمة، وفي تقديس الميرون، وفي سيامة الأب البطريرك وتقول (قدوس الله الذي أظهر بالضعف ما هو أعظم من القوة).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
ظهوره الثاني المخوف المملوء مجدًا

أما المجيء الثاني فهو للدينونة في نهاية العالم. لذلك فسوف يأتي السيد المسيح في مجد أبيه مع ملائكته القديسين ويدين الجميع ويحاسب الأشرار على شرورهم.
لقد أعطاهم الفرصة للخلاص وانتهى زمان التوبة. وكما دفع ثمن الخطية على الصليب فسوف يأتي ليطالب بثمن الدم الذي سفكه حبًا في خلاصنا.
قال معلمنا بولس الرسول: "من خالف ناموس موسى فعلى شاهدين أو ثلاثة شهود يموت بدون رأفة. فكم عقابًا أشر تظنون أنه يحسب مستحقًا من داس ابن الله وحسب دم العهد الذي قدّس به دنسًا وازدرى بروح النعمة" (عب10: 28، 29).
في المجيء الأول احتمل العار لأجلنا، وفي مجيئه الثاني سوف يطالبنا بثمرة محبته وإلا فسنحمل نحن عار أنفسنا.
لذلك قيل في مجيئه الثاني المخوف المملوء مجدًا إن الأشرار سوف "يقولون للجبال والصخور اسقطي علينا وأخفينا عن وجه الجالس على العرش" (رؤ6: 16).
وقيل في نبوة زكريا النبي "فينظرون إلىّ الذي طعنوه" (زك12: 10).
بمعنى أنهم سيتعجبون من مجده العظيم بالرغم من أنه هو نفسه الذي طعنوه في جنبه بالحربة ليتأكدوا من موته.
وقيل أيضًا في مجيئه الثاني "تنوح جميع قبائل الأرض" (مت24: 30). بمعنى أن مجده المرهوب سوف يجعلهم يبكون على موقفهم قبالته، ينوحون لأنهم يرتعبون من مصيرهم بعد الشرور التي ارتكبوها.
وليس معنى هذا النوح أنهم شعروا بمشاعر التوبة الحقيقية عند مجيء الرب لأن الكتاب يقول: "ثم سكب الملاك الرابع جامه على الشمس، فأعطيت أن تحرق الناس بنار. فاحترق الناس احتراقًا عظيمًا، وجدّفوا على اسم الله الذي له سلطان على هذه الضربات، ولم يتوبوا ليعطوه مجدًا. ثم سكب الملاك الخامس جامه على عرش الوحش، فصارت مملكته مظلمة. وكانوا يعضون على ألسنتهم من الوجع. وجدّفوا على إله السماء من أوجاعهم ومن قروحهم، ولم يتوبوا عن أعمالهم" (رؤ16: 8-11). بمعنى أن الضربات التأديبية من الله على الأشرار لم تقتادهم إلى التوبة بل على العكس ازدادوا زيغانًا بالرغم من الآلام التي وقعت عليهم. لذلك فإن دينونتهم الأبدية هي نتيجة لعدم توبتهم لا بواسطة الحب والرفق من قبل الله ولا بواسطة التأديبات إذ قد استمروا في عنادهم وعدم توبتهم مثل الشيطان.
لذلك يقول القديس يوحنا في رؤياه: "وسمعت ملاك المياه يقول: عادل أنت أيها الكائن والذي كان والذي يكون، لأنك حكمت هكذا. لأنهم سفكوا دم قديسين وأنبياء، فأعطيتهم دمًا ليشربوا، لأنهم مستحقون. وسمعت آخر من المذبح قائلًا: نعم أيها الرب الإله القادر على كل شيء حق وعادلة هي أحكامك" (رؤ16: 5-7).

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
وقال أيضًا: "وبعد هذا سمعت صوتًا عظيمًا من جمع كثير في السماء قائلًا: هللويا الخلاص والمجد والكرامة والقدرة للرب إلهنا. لأن أحكامه حق وعادلة، إذ قد دان الزانية العظيمة التي أفسدت الأرض بزناها، وانتقم لدم عبيده من يدها. وقالوا ثانية: هللويا ودخانها يصعد إلى أبد الآبدين" (رؤ19: 1-3).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
يدين المسكونة بالعدل

من الواضح أن يوم الدينونة هو يوم لاستعلان دينونة الله العادلة. بعد أن أطال أناته كثيرًا على الخطاة لعله يقتادهم إلى التوبة.
فمن الواجب أن نحترس من قساوة القلب التي تمنع التوبة. فالكتاب يحذر الإنسان غير التائب قائلًا: "من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر لنفسك غضبًا في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة" (رو2: 5).
ينبغى أن نتذكّر باستمرار أن لطف الله إنما يقتادنا إلى التوبة وأن نكون دائمًا ساهرين على حياتنا الروحية مستعدين لاستقبال العريس كما أوصانا هو بنفسه.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
النبوة التي وردت في سفر ملاخي

سفر ملاخي وهو آخر أسفار العهد القديم. يتكلم في آخر آيات منه عن مجيء الرب فيقول: "هأنذا أرسل إليكم إيليا النبي قبل مجيء يوم الرب اليوم العظيم والمخوف، فيرد قلب الآباء على الأبناء وقلب الأبناء على آبائهم لئلا آتى وأضرب الأرض بلعن" (ملا4: 5-6).
وفى بداية الأصحاح الرابع والأخير يقول: "فهوذا يأتي اليوم المتقد كالتنور وكل المستكبرين وكل فاعلى الشر يكونون قشًا ويحرقهم اليوم الآتي قال رب الجنود: فلا يبقى لهم أصلًا ولا فرعًا. ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر والشفاء في أجنحتها.. اذكروا شريعة موسى عبدي التي أمرته بها في حوريب على كل إسرائيل الفرائض والأحكام" (ملا4: 1، 2، 4).
إنها كلمات رائعة لأنه يتكلم عن المجيء الأول وعن المجيء الثاني في نفس الوقت. فحينما يقول: "يوم الرب اليوم العظيم والمخوف" هذا يشير إلى المجيء الثاني بالأكثر لكن هذا لا يمنع أنه في المجيء الأول أيضًا كان هناك يوم صلب السيد المسيح يومًا عظيمًا ومخوفًا.
قال بطرس الرسول في عظة يوم الخمسين: "هذا ما قيل بيوئيل النبي يقول الله ويكون في الأيام الأخيرة أني أسكب من روحي على كل بشر، فيتنبأ بنوكم وبناتكم، ويرى شبابكم رؤى ويحلم شيوخكم أحلامًا. وعلى عبيدي أيضًا وإمائي أسكب من روحي في تلك الأيام فيتنبأون. وأعطى عجائب في السماء من فوق وآيات على الأرض من أسفل دمًا ونارًا وبخار دخان، تتحول الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم قبل أن يجيء يوم الرب العظيم الشهير، ويكون كل من يدعو باسم الرب يخلص" (أع2: 16-21).
من الواضح هنا أنه يتكلم عن يوم الصليب لأنه يقول "تتحول الشمس إلى ظلمة" وهذا حدث بالفعل في يوم الصلب،وحينما يقول: "دمًا ونارًا وبخار دخان" فالدم كان هو دم السيد المسيح، والنار لأن السيد المسيح قدّم نفسه صعيدة ومحرقة على الصليب فتنسم رائحة ذبيحته أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة، فالدم والنار وبخار الدخان تشير إلى الصعيدة التي أُصعدت واشتمها الآب رائحة رضا وسرور.

ويقول معلمنا بولس الرسول في (عب9: 14) عن السيد المسيح: "الذي بروح أزلي قدّم نفسه لله بلا عيب". الروح الأزلي هو الروح القدس. وحينما أصعد السيد المسيح نفسه على الصليب بالروح القدس كان هذا هو معنى النار التي أصعدت الذبيحة.

لكن كما أن هذه الآيات تشير إلى المجيء الأول فإنها تشير إلى المجيء الثاني أيضًا. لأنه يقول عن المجيء الثاني: "منتظرين وطالبين سرعة مجيء يوم الرب الذي به تنحل السماوات ملتهبة والعناصر محترقة تذوب" (2بط3: 12). وأيضًا "سيأتي كلص في الليل يوم الرب الذي فيه تزول السماوات بضجيج وتنحل العناصر محترقة وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها" (2بط3: 10).

فالمجيء الثاني سوف يكون مهوبًا ومرهوبًا ومخوفًا أكثر من الزلزلة التي حدثت في وقت الصلب. إن ما حدث في يوم الصلب كان مقدمة وإنذارًا لما سوف يحدث في المجيء الثاني.

حينما رأى التلاميذإيليا وموسى على جبل التجلي سألوا السيد المسيح "فلماذا يقول الكتبة إن إيليا ينبغي أن يأتي أولًا" (مت17: 10) رد السيد المسيح: "إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه بل عملوا به كل ما أرادوا" (مت17: 12) "حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان" (مت17: 13).
وفى البشارة بميلاد يوحنا المعمدان قال الملاك إنه "يتقدم أمامه بروح إيليا وقوته ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء والعصاة إلى فكر الأبرار لكي يهيئ للرب شعبًا مستعدًا" (لو1: 17). وما قاله الملاك عن يوحنا المعمدان هو ما ورد في نبوة ملاخي "فيرد قلب الآباء على الأبناء وقلب الأبناء على آبائهم لئلا آتى وأضرب الأرض بلعن" (ملا4: 6).
وعلى الرغم من أنه في هذه الآية يؤكد على المجيء الثاني لكنها تشير رمزيًا إلى المجيء الأول، لأن يوحنا المعمدان كان يرمز إلى إيليا، وكانت له شخصية وأسلوب إيليا، أو المواهب التي يمنحها الروح القدس للأنبياء.
إن إيليا النبي الذي صعد حيًا إلى السماء سوف يأتي قبل مجيء الرب المخوف والمرهوب في مجيئه الثاني. هو صعد حيًا إلى ما قبل أزمنة رد كل شيء لأنه في قصد الله أن يكون لإيليا وأخنوخ رسالة معينة في مسلسل العمل الإلهي بواسطة قديسيه.
إن هذا التداخل -إذا صح هذا التعبير- بين العهد القديم والعهد الجديد هو أمر رائع. فقد نقل الله اثنين من أنبياء العهد القديم المميزين وحفظهم عنده في السماء أحياءً ليدخلهم في نسيج العمل الروحي والتدبير الخاص بمقاصد الله في حياة الكنيسة في العهد الجديد. وسوف تتضح الصورة في النهاية حينما تكتمل الأحداث.
الله يأخذ من أنبياء العهد القديم للعمل في العهد الجديد، لأنه هو إله العهدين، ولأنه يريد أن يعرفنا أن شهادة يسوع هي روح النبوة، كما قال بطرس الرسول: "الخلاص الذي فتّش وبحث عنه أنبياء. الذين تنبأوا عن النعمة التي لأجلكم، باحثين أي وقت أو ما الوقت الذي كان يدل عليه روح المسيح الذي فيهم إذ سبق فشهد بالآلام التي للمسيح والأمجاد التي بعدها، الذين أعلن لهم أنهم ليس لأنفسهم بل لنا كانوا يخدمون بهذه الأمور التي أخبرتم بها أنتم الآن بواسطة الذين بشروكم في الروح القدس المرسل من السماء، التي تشتهى الملائكة أن تطلع عليها" (1بط1: 10-12).
أتى يوحنا المعمدان كشاهد على مسح السيد المسيح وعمّده في نهر الأردن. كان هذا كاهنًا من نسل هارون، لكنه كان شاهدًا لاستعلان المسيا في يوم الظهور الإلهي. وقال: "الذي أرسلني لأعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلًا ومستقرًا عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس. وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله" (يو1: 33-34).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
موسى وإيليا على جبل التجلي

هذا عن يوحنا المعمدان لكنه شيء جميل أن نرى موسى وإيليا هما أيضًا على جبل التجلي، واحد أتى بالروح والآخر روحًا وجسدًا لأنه لازال حيًا إلى الآن. جاءا ليتكلما مع السيد المسيح أمام ثلاثة من الآباء الرسل عن صلبه وتدبير الفداء والخلاص. كانت زيارة من جوف التاريخ لمعايشة الحدث في روعته في حالة من التجلي مع صوت الآب والسحابة النيرة.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
قيامة أجساد الراقدين ودخولهم أورشليم

هذه الزيارات من العهد القديم هي شيء في منتهى الروعة. ويصل الموقف إلى ذروة الروعة حينما "قام كثير من أجساد القديسين الراقدين" (مت 27: 52) في يوم قيامة السيد المسيح من الأموات بعد أن تمم الفداء "ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين" (مت27: 53).
لكي يعلنوا إنهم نقلوا من الجحيم إلى الفردوس وإنهم يأتون الآن بالجسد والروح لكي يشهدوا للمخلص المسيح إنه رب القيامة ورب الحياة، قيامتهم المؤقتة جاءت كعربون ومقدمة للقيامة العامة في اليوم الأخير، لكي نعرف أن الراقدين بيسوع سيحضرهم أيضًا معه، كشهادة حية ملموسة لقيامة الأبرار، لئلا يظن أحد أن المسيح فقط هو الذي قام. جاء هؤلاء ليشهدوا "بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأظهرت لنا" (1يو1: 2). وكأن الزمن قد اجتمع في نقطة واحدة. هذا نوع آخر من الاختراق من العهد القديم في العهد الجديد.
إن هذا التلاشي للفوارق الزمنية يعطينا فكرة عن خروجنا خارج دائرة الزمن حينما يأتي المسيح في مجيئه الثاني ويأخذنا لنحيا معه في الأبدية.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
الزيتونتان والمنارتان

تكلّمنا عن يوحنا المعمدان كحلقة اتصال بين العهدين وعن التجلي وعن قيامة القديسين الذين شهدوا بالقيامة. والآن نتأمل في الإصحاح الحادي عشر من سفر الرؤيا:
"وسأعطى لشاهديَّ فيتنبآن ألفًا ومئتين وستين يومًا لابسين مسوحًا. هذان هما الزيتونتان والمنارتان القائمتان أمام رب الأرض. وإن كان أحد يريد أن يؤذيهما، تخرج نار من فمهما وتأكل أعداءهما، وإن كان أحد يريد أن يؤذيهما، فهكذا لابد أنه يقتل. هذان لهما السلطان أن يغلقا السماء حتى لا تمطر مطرًا في أيام نبوتهما ولهما سلطان على المياه أن يحوّلاها إلى دم وأن يضربا الأرض بكل ضربة كلما أرادا. ومتى تمما شهادتهما فالوحش الصاعد من الهاوية سيصنع معهما حربًا ويغلبهما ويقتلهما" (رؤ11: 3-7).
هناك إشارات تدل على أن أحد المذكورين في هذا الأصحاح هو إيليا النبي، لأن إيليا كان له سلطان أن يجعل السماء لا تمطر مطرًا في أيام نبوته، ونزلت نار من السماء وأكلت أفواج الجنود الذين أرسلهم الملك إليه في كبرياء. والدليل على أنهما إيليا وأخنوخ أنه قيل "هذان هما الزيتونتان والمنارتان القائمتان أمام رب الأرض". فإيليا وأخنوخ هما الأحياء والقائمين أمام رب الأرض. وأيضًا ذكر أنهما لابسين مسوحًا وهذا ما نعرفه عن إيليا النبي. أما أخنوخ فلا نعرف عنه الكثير، فقد ذكر عنه الكتاب "وسار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله أخذه" (تك5: 24). لكن ذكر في رسالة يهوذا أن له نبوة تدل على قوته فقيل "وتنبأ عن هؤلاء أيضًا أخنوخ السابع من آدم قائلًا: هوذا قد جاء الرب في ربوات قديسيه ليصنع دينونة على الجميع ويعاقب جميع فجارهم على جميع أعمال فجورهم التي فجروا بها وعلى جميع الكلمات الصعبة التي تكلم بها عليه خطاة فجار" (يه14، 15). وهو هنا يتكلم عن المجيء الثاني والنبوة أيضًا تشير إلى المجيء الأول لأن المجيء الأول فيه أيضًا ملامح للدينونة مع أنه مجيء للخلاص. فقد قيل عن الروح القدس إنه "يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة" (يو16: 8).
إن دخول أخنوخ وإيليا إلى صراع الكنيسة ضد الوحش قرب نهاية الأيام هو تدبير إلهي عجيب يتواصل فيه العهد القديم مع العهد الجديد لأن الرب نفسه هو إله العهدين ولابد أن من بقى حيًا من العهد القديم أن ينال بركات العهد الجديد. ويحيا بمقتضى شريعة الكمال ويجاهد مع الكنيسة المفتداة بدم الحمل.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
هل يتباطأ الرب عن موعد مجيئه؟

عالج القديس بطرس الرسول مشكلة الذين يعتبرون أن الرب قد تباطأ عن موعد مجيئه فقال إنه "سيأتي في آخر الأيام قوم مستهزئون سالكين بحسب شهوات أنفسهم، وقائلين: أين هو موعد مجيئه لأنه من حين رقد الآباء كل شيء باقٍ هكذا من بدء الخليقة.. ولكن لا يخفَ عليكم هذا الشيء الواحد أيها الأحباء: أن يومًا واحدًا عند الرب كألف سنة وألف سنة كيوم واحد. لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ، لكنه يتأنى علينا وهو لا يشاء أن يهلك أناس بل أن يقبل الجميع إلى التوبة. ولكن سيأتي كلص في الليل يوم الرب الذي فيه تزول السماوات بضجيج وتنحل العناصر محترقة وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها" (2بط 3: 3، 4، 8-10).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
الله فوق الزمن

بالطبع لا أحد يعرف متى سيحدث المجيء الثاني حتى بطرس الرسول نفسه الذي أوحى إليه الروح القدس بكتابة هذه التعاليم، من الواضح أنه يتكلم عن مبادئ وليس عن أوقات. بدليل قوله كما أوردنا: "أن يومًا واحدًا عند الرب كألف سنة، وألف سنة كيوم واحد" وهذا شيء طبيعي لأن الله فوق الزمن أي غير زمني وحاضر في كل زمان كما أنه حاضر في كل مكان.
وقد كتب الشاعر الفرنسي دي لامارتين عبارة جميلة قال فيها: [إن كينونة يهوه لا تقاس بالشهور والأيام، فيومه يوم أزلي وهو الكائن على الدوام].
ويقول القديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات في قداسه المشهور مخاطبًا ابن الله الوحيد: (أنت الكائن في كل زمان أتيت إلينا على الأرض أتيت إلى بطن العذراء).
وكتب القديس يوحنا الإنجيلي في رؤياه عن الله الكلمة: "أنا هو الألف والياء، البداية والنهاية يقول الرب الكائن والذي كان والذي يأتي، القادر على كل شيء" (رؤ 1: 8). بمعنى أن الرب كائن في الماضي وفي الحاضر وفي المستقبل الذي يأتي. لأن الرب لا يعبر زمنًا بل نحن الذين نذهب إليه عبر الزمان لنجده في انتظارنا في الأبدية.
أما عن مجيئه الثاني فيقول: "وها أنا آتى سريعًا وأجرتي معي لأجازى كل واحد كما يكون عمله. أنا الألف والياء، البداية والنهاية، الأول والآخر" (رؤ22: 12،13). فإن مجيئه بالجسد الممجد الذي صنع به الخلاص لأجلنا هو للدينونة في اليوم الأخير، ولكي يأخذ قديسيه ويدخل بهم إلى المجد.
وقد لخّص الله الكلمة مفهوم كينونته الدائمة غير المحدودة بزمان عند ظهوره لموسى في صورة نار مشتعلة في عليقة، والعليقة لا تحترق، إذ قال لموسى حينما سأله عن اسمه "أهيه الذي أهيه" (خر3: 14) أي "أكون الذي أكون" بمعنى الكائن على الدوام أو الكائن الذي هو كائن أي الكائن الضروري فوق حدود الزمان والمكان..
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
طالبين سرعة مجيء يوم الرب

بالرغم من أن القديس بطرس الرسول قد أوضح -كما أوردنا- أن الرب في مجيئه الثاني لا يشاء أن يهلك إنسان، بل أن يقبل الجميع إلى التوبة. بمعنى أنه يطيل أناته على العالم بصورة تؤكد عدم تسرعه في إهلاك الناس الذين يتجاهلون الدينونة العتيدة أن تأتى على العالم. كما أنه يعطى فرصة للمجاهدين ليكملوا جهادهم ولأصحاب الرسالة الروحية أن يكملوا رسالتهم.. إلا أن القديس بطرس من جانب آخر يحث المؤمنين أن ينتظروا وأن يطلبوا سرعة مجيء يوم الرب كعلامة لاشتياقهم للقاء العريس وتقديرهم لروعة الملكوت المعد للقديسين.
إن من يسلك في حياة التوبة وفي حياة القداسة لابد أن تتطلع روحه باشتياق لمجيء السيد المسيح. كذلك فإن انتظار مجيء الرب هو من علامات حياة الاستعداد المؤكدة.
لهذا قال بطرس الرسول بعدما تكلم عن زوال السماوات واحتراق الأرض والمصنوعات التي فيها "فبما أن هذه كلها تنحل، أي أناس يجب أن تكونوا أنتم في سيرة مقدسة وتقوى؟ منتظرين وطالبين سرعة مجيء يوم الرب، الذي به تنحل السماوات ملتهبة، والعناصر محترقة تذوب" (2بط3: 11،12).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
نبوة بالروح القدس

لم يكن ممكنًا في العصر الذي كتب فيه القديس بطرس رسالته الثانية أن يوجد من يفهم معنى الانفجار النووي وتحطيم الذرة. ولكن القديس بطرس أورد أقوالًا لا يمكن تفسيرها عمليًا إلا في ضوء المكتشفات العلمية الحديثة في عالم العناصر والذرات المكونة لها.
قال بطرس الرسول: "ولكن سيأتي كلص في الليل يوم الرب الذي فيه تزول السماوات بضجيج وتنحل العناصر محترقة وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها" (2بط3: 10). وقال أيضًا: "تنحل السماوات ملتهبة، والعناصر محترقة تذوب".
إن انحلال العناصر واحتراقها بضجيج هو أمر غير ممكن إلا عن طريق انشطار نواة الذرة للعنصر وهو الأمر الذي لا يتحقق إلاّ في التفجيرات والتفاعلات النووية وهو ما لم يكن ممكنًا في عصر بطرس الرسول.
كذلك فإن احتراق العناصر لم يكن أمرًا ممكنًا في عصر القديس بطرس الرسول. كيف يحترق الحديد أو ينحل؟ كيف يحترق الذهب أو ينحل؟ كيف يحترق الكالسيوم أو ينحل؟ وكيف تحترق الأحجار والصخور وكيف تنحل؟.. كل ذلك من الممكن أن يحدث بواسطة التفجيرات النووية التي تنحل بواسطتها العناصر محترقة وينتج عن ذلك ضجيج هائل مدوي وطاقة حرارية وإشعاعات مروعة.
حينما قال القديس بطرس عن الأجرام السماوية إنها سوف تنحل بضجيج ملتهبة فإن الروح القدس هو الذي أوحى إليه بهذه الكلمات التي لا تناسب على الإطلاق عصره البسيط.
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 03 - 2014, 05:56 PM   رقم المشاركة : ( 292 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,351,441

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

العلامات التي تسبق المجيء الثاني

سوف نعرض لسبع علامات بارزة تسبق المجيء الثاني للسيد المسيح، ثم نأتي بعد ذلك إلى أحداث المجيء الثاني نفسها؛ وهى تتضمن أيضًا علامات أخرى تصاحب هذا المجيء وتميزه عن أي مجيء آخر مزعوم مثل ما يدّعيه الأدفنتست وشهود يهوه. ومن العلامات التي تسبق المجيء الثاني ما يلي:
أولًا: انتشار الإنجيل في كل العالم

قال السيد المسيح: "ويكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الأمم. ثم يأتي المنتهى" (مت24: 14). ونستطيع أن نقول إن هذا قد تحقق في قارات العالم، ولنا الآن كنائس في أفريقيا وفي أمريكا الجنوبية وكل أنحاء أستراليا إلى جوار الكنائس المنتشرة في باقي أنحاء العالم، وإلى جوار الكنائس الشقيقة القديمة والكنائس التي انتشرت قبل عصر الانشقاق مثل كنائس أوروبا وآسيا وغيرها.
ومما يسعدنا أن قداسة البابا شنودة الثالث قد اهتم جدًا بكل كنائس القارات الجديدة. يُضاف إلى ذلك أن الإنجيل قد طُبع حاليًا بما يزيد عن 15..لغة من لغات العالم، ولم يعد هناك إنسان لا يمكنه قراءة الكتاب المقدس- خاصة العهد الجديد- بلغته الخاصة أو على الأقل أن يستمع إلى من يقرأه له إن كان لا يعرف القراءة.
ومن الأمور الجميلة أيضًا أن طقوس الكنيسة القبطية قد تُرجمت إلى لغات عديدة حتى لغات الكوسا والزولو في أفريقيا. وبلا شك إلى لغات الشعوب التي توجد فيها لنا كنائس مثل بحر الكاريبي وغيرها. هذا إلى جوار أن الكنائس التي أسستها الكنيسة القبطية قديمًا في أفريقيا في إريتريا والحبشة قد استخدمت اللغة التجرينية ولغة الجيئز إلى جوار اللغة الأمهرية.
يضاف إلى ذلك أن كتابات قداسة البابا شنودة الثالث قد تُرجمت إلى كثير من لغات العالم المعاصر مثلما تُرجمت كتابات الآباء الأولين أمثال القديسين أثناسيوس الرسولي وكيرلس عامود الدين.
وتحقق في انتشار الإنجيل بهذه الصورة كلام السيد المسيح الذي أشرنا إليه وتحققت النبوة الواردة في سفر المزامير والتي ذكرها معلمنا بولس الرسول: "إلى جميع الأرض خرج صوتهم وإلى أقاصي المسكونة أقوالهم" (رو10: 18). ولكن هناك علامات أخرى وردت في كتاب العهد الجديد لا يمكننا أن نقول إنها تحققت بعد، لذلك نستكمل باقي العلامات التي تسبق المجيء الثاني.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
ثانيًا: إيمان اليهود

لقد رفضت الأمة اليهودية -من الناحية الرسمية- السيد المسيح وأسلمته إلى الرومان مطالبة بصلبه. لذلك قال القديس يوحنا الإنجيلي "إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله" (يو1: 11).

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
وقال اليهود وقت صدور الحكم على السيد المسيح بالصلب: "دمه علينا وعلى أولادنا" (مت 27: 25). استمرت أجيال الأمة اليهودية تتحمل وزر صلب السيد المسيح إلى يومنا هذا. وزادوا في غيّهم وشرّدوا سكان الأراضي المقدسة من ديارهم، سفكوا دماءً كثيرة ومازالوا يصارعون من أجل مملكة أرضية رفضها السيد المسيح ومن أجل هيكل قال عنه السيد المسيح إنه لا يترك فيه "حجر على حجر لا ينقض" (مت24: 2، مر13: 2، لو21: 6).
إنهم يبكون عند حائط المبكى (وهو من بقايا سور هيرودس) لا على خطية صلبهم للسيد المسيح، ولكن على مجدهم الذي فقدوه. ولم يكتشفوا أن غضب الرب عليهم وهدم الهيكل وتشريدهم في الأرض قرابة ألفى عام، وتوقفهم عن تقديم الذبائح كان بسبب نهاية العهد القديم ولسبب صلبهم للسيد المسيح وهو الذبيحة الحقيقية التي أبطلت كل الذبائح القديمة.
ليتهم يتوبون فيكفوا عن الصراع وسفك الدماء ويرجعوا إلى الرب ويعترفوا بالمسيح ملكًا سمائيًا وبصليبه عرشًا مقدسًا لخلاصهم، وبمذبح العهد الجديد وبذبيحة الخبز والخمر على طقس ملكي صادق مذبحًا للرب في وسط أرض مصر وفي كل أنحاء العالم.
إن إيمان اليهود سيحل كثيرًا من المشاكل الدينية والسياسية الناشئة عن رفضهم الاعتراف بيسوع أنه هو المسيح. ولنا في شهادة الكتب المقدسة في العهدين القديم والجديد ما يوضح أنهم سوف يؤمنون قبل نهاية العالم.
فى نبوة هوشع النبي يقول: "لأن بنى إسرائيل سيقعدون أيامًا كثيرة بلا ملك وبلا رئيس وبلا ذبيحة.. بعد ذلك يعود بنو إسرائيل ويطلبون الرب إلههم وداود ملكهم ويفزعون إلى الرب وإلى جوده في آخر الأيام" (هو3: 4، 5). والمقصود بداود هو المسيح لأن داود كان قد مات وقتما كتب هوشع نبوته.
وفى رسالة معلمنا بولس الرسول إلى أهل رومية يقول "فإني لست أريد أيها الإخوة أن تجهلوا هذا السر، لئلا تكونوا عند أنفسكم حكماء. أن القساوة قد حصلت جزئيًا لإسرائيل إلى أن يدخل مِلؤُ الأمم. وهكذا سيخلص جميع إسرائيل" (رو11: 25، 26).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
ثالثًا: النهضة الروحية

أشار القديس بولس الرسول إلى النهضة الروحية التي ستصاحب توبة اليهود وإيمانهم بالمسيح وانتهاء النزاعات بينهم وبين الآخرين فقال: "إن كان رفضهم هو مصالحة العالم، فماذا يكون اقتبالهم إلا حياة من الأموات" (رو11: 15).
ما هذه الحياة من الأموات التي ستصاحب إيمان اليهود إلا نهضة روحية تعم العالم المسيحي وتدعو الجميع إلى التوبة. والقديس بولس يقصد هنا أن رفض اليهود للمسيح قد أدى إلى اتجاه الرسل إلى الكرازة بالإنجيل للأمم الذين كان لا علاقة لهم بإبراهيم وإسحق ويعقوب وفي هذا خير كبير للأمم فكم بالحري يكون قبولهم للمسيح إلا مزيد من الخير لهذه الأمم.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
رابعًا: ظهور الوحش

في الأيام الأخيرة سيُحَل الشيطان من سجنه كقول الكتاب "ثم متى تمت الألف السنة يُحل الشيطان من سجنه، ويخرج ليضل الأمم الذين في أربع زوايا الأرض" (رؤ20: 7، 8). وكان الشيطان قد تم تقييده حينما صنع السيد المسيح الفداء لمدة ألف سنة. ورقم ألف سنة يشير إلى زمن طويل وليس إلى حرفية الرقم لأن الفداء قد تم منذ ما يقرب من ألفى سنة. وقد ذكر الكتاب تقييد الشيطان كما يلي: "ورأيت ملاكًا نازلًا من السماء معه مفتاح الهاوية، وسلسلة عظيمة على يده. فقبض على التنين، الحية القديمة، الذي هو إبليس والشيطان، وقيده ألف سنة، وطرحه في الهاوية وأغلق عليه، وختم عليه لكي لا يضل الأمم في ما بعد، حتى تتم الألف السنة. وبعد ذلك لابد أن يُحل زمانًا يسيرًا" (رؤ20: 1-3).
عن هذه الفترة القصيرة التي سيُحَل فيها الشيطان من سجنه قبل نهاية العالم قيل في الكتاب "ويل لساكني الأرض والبحر، لأن إبليس نزل إليكم وبه غضب عظيم، عالمًا أن له زمانًا قليلًا" (رؤ12: 12).
معنى ذلك أنه قبل نهاية العالم بفترة قصيرة نسبيًا سوف ينال الشيطان قدرة على فعل الضلال بصورة أقوى بكثير من سابقتها، بعد أن قيده السيد المسيح بعملية الفداء. وأبرز ما ذكره الكتاب من حيل الضلال التي سوف يأتي بها الشيطان هو ظهور الوحش الذي هو إنسان، سوف يكون مجيئه بعمل الشيطان ومعه قدرات كبيرة لصنع معجزات كاذبة مدّعيًا أنه هو الإله الحقيقي والمسيح الحقيقي الذي انتظر اليهود مجيئه من قبل. وهنا يبدأ عصر الارتداد مع أناس غير الذين آمنوا ونالوا الخلاص حسب قول معلمنا بولس الرسول: "وهكذا سيخلص جميع إسرائيل" (رو11: 26).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
أما مرحلة الارتداد التي تسبق مجيء السيد المسيح فقال عنها: "لا يأتي (يقصد المسيح) إن لم يأتِ الارتداد أولًا ويستعلن إنسان الخطية ابن الهلاك المقاوم والمرتفع على كل ما يُدعى إلهًا أو معبودًا، حتى إنه يجلس في هيكل الله كإله مظهرًا نفسه أنه إله.. الذي مجيئه بعمل الشيطان، بكل قوة، وبآيات وعجائب كاذبة، وبكل خديعة الإثم، في الهالكين، لأنهم لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا. ولأجل هذا سيُرسل إليهم الله عمل الضلال، حتى يصدِّقوا الكذب، لكي يدان جميع الذين لم يصدّقوا الحق بل سُرّوا بالإثم" (2تس2: 3، 4، 9-12).
هذا الوحش هو إنسان ولكن سوف يكون مؤيدًا بقوة الشيطان،والدليل على أنه إنسان هو قول الكتاب "هنا الحكمة من له فهم فليحسب عدد الوحش، فإنه عدد إنسان، وعدده: ستمئةٍ وستةٌ وستون" (رؤ13: 18).
فى اللغة العربية مثلًا عندما نحسب عدد اسم إنسان فإننا نرتب الحروف على طريقة أ ب ج د ه وز ح ط ى ك ل م ن س ع ف ص ق ر ش ت.." فالحرف "أ" يقابله رقم (1)، والحرف "ب" يقابله رقم (2)، وهكذا إلى الحرف "ى" يقابله رقم (10)، ومن بعده مباشرة الحرف "ك" يقابله رقم (20)، وهكذا إلى الحرف "ق" يقابله الرقم (100)، ومن بعده مباشرة الحرف "ر" يقابله الرقم (200) وهكذا..
وفى اللغة اليونانية تتبع نفس الطريقة للأبجدية اليونانية: ألفا، بيتا، جاما (غما)، دلتا.. الخ. وفي اللغة العبرية تستخدم طريقة مشابهة، وهكذا يتم حساب أرقام الحروف المكوِّنة للاسم ويتم جمعها لحساب عدد كل إنسان. وعدد الوحش هو 666 (انظر رؤ13: 18). ويمكننا أن نتأكد من شخصيته عندما يظهر بحساب رقم اسمه في ذلك الحين.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
خامسًا: الارتداد العام

نتيجة ظهور الوحش والعجائب التي سيجريها بقوة الشيطان فإنه سيضل الساكنين على الأرض حتى يصدقوا أنه هو المسيح "ويصنع آيات عظيمة، حتى إنه يجعل نارًا تنزل من السماء على الأرض قدام الناس، ويضل الساكنين على الأرض بالآيات التي أعطى أن يصنعها" (رؤ13: 13، 14)
لهذا قال السيد المسيح محذرًا: "إن قال لكم أحد هوذا المسيح هنا أو هناك فلا تصدقوا" (مت24: 23).
ولكن للأسف سيتبع كثيرون تهلكات الوحش، ويعبدونه كما هو مكتوب "وأعطى أن يعطى روحًا لصورة الوحش، حتى تتكلم صورة الوحش، ويجعل جميع الذين لا يسجدون لصورة الوحش يُقتلون. ويجعل الجميع: الصغار والكبار، والأغنياء والفقراء، والأحرار والعبيد، تصنع لهم سمة على يدهم اليمنى أو على جبهتهم، وأن لا يقدر أحد أن يشترى أو يبيع، إلا من له السمة أو اسم الوحش أو عدد اسمه" (رؤ13: 15-17). عدد اسم الوحش هو 666 كما ذكرنا وهو يشير إلى رقم ستة ثلاث مرات، ورقم ستة هو سبعة ناقص واحد أي ما ينقص عن الراحة. أما عدد ثمانية فهو سبعة زائد واحد أي ما يزيد على الراحة. لهذا فإن رقم ثمانية يرمز إلى السيد المسيح وقيامته وعهده الجديد. ويرمز إلى يوم الأحد أي يوم الرب في بداية الأسبوع الجديد.
فالوحش يعمل ضد الثالوث القدوس لكي يحرم الناس من الأبدية. أما السيد المسيح فيعمل بقوة الثالوث القدوس أي بقوته مع أبيه الصالح والروح القدس لكي يمنح الناس الأبدية. لذلك يرمز البعض إلى اسم السيد المسيح برقم 888.
في فترة الارتداد العام سيحدث اضطهاد عظيم على الكنيسة، أي على كل جماعة القديسين، ويقتل الوحش كثيرين منهم. ويرسل الله النبيين أخنوخ وإيليا لمساعدة الكنيسة في صراعها ضد الوحش.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
سادسًا: عودة أخنوخ وإيليا إلى الأرض

جاء ذلك في سفر الرؤيا إذ قال الرب: "وسأعطى لشاهديَّ فيتنبآن ألفًا ومئتين وستين يومًا لابسين مسوحًا. هذان هما الزيتونتان والمنارتان القائمتان أمام رب الأرض. وإن كان أحد يريد أن يؤذيهما تخرج نار من فمهما وتأكل أعداءهما وإن كان أحد يريد أن يؤذيهما فهكذا لابد أنه يقتل. هذان لهما السلطان أن يُغلقا السماء حتى لا تمطر مطرًا في أيام نبوتهما ولهما سلطان على المياه أن يحولاها إلى دم وأن يضربا الأرض بكل ضربة كلما أرادا. ومتى تمما شهادتهما فالوحش الصاعد من الهاوية سيصنع معهما حربًا ويغلبهما ويقتلهما. وتكون جثتاهما على شارع المدينة العظيمة التي تدعى روحيًا سدوم ومصر حيث صلب ربنا أيضًا" (رؤ11: 3-8).
من المنطقي طبعًا أن يكون بقاء أخنوخ وإيليا في السماء أحياء حتى الآن هو لغرض الشهادة للمسيح في مرحلة حساسة من تاريخ الكنيسة. ومن المنطقي أن ينالا إكليل الشهادة لأنه قد "وُضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة" (عب9: 27). ومن الطبيعي أن تتحقق نبوة ملاخي النبي الذي كتب قول الرب: "هأنذا أرسل إليكم إيليا النبي قبل مجيء يوم الرب اليوم العظيم والمخوف" (ملا4: 5).
فكما جاء يوحنا المعمدان متقدمًا أمام الرب في مجيئه الأول بروح إيليا وقوته ثم صار شهيدًا للحق، هكذا سيأتي إيليا نفسه متقدمًا أمام الرب في مجيئه الثاني المهوب والمخوف ويصير شهيدًا مع أخنوخ.
لم يكن يوحنا المعمدان هو إيليا شخصيًا بل يرمز إلى إيليا وقد جاء بنفس القوة الروحية التي لإيليا ونفس الأسلوب.
أما إيليا نفسه فقد ظهر مع السيد المسيح في مجد على جبل التجلي مع موسى النبي وكانا يكلمانه عن الخلاص الذي كان عتيدًا أن يصنعه في أورشليم.
ولو كان يوحنا المعمدان هو نفسه إيليا في تجسد جديد كما يدّعى أصحاب بدعة "عودة التجسد" Reincarnation لظهر يوحنا المعمدان على جبل التجلي وليس إيليا على اعتبار أنه هو آخر صورة يكون قد تجسد فيها. ولكن المسيحية المستقيمة الرأي ترفض هذه البدعة تمامًا.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
سابعًا: الضيق العظيم

سأل التلاميذالسيد المسيح على انفراد قائلين: "قل لنا متى يكون هذا؟ وما هي علامة مجيئك وانقضاء الدهر؟" (مت24: 3). فأجابهم السيد المسيح قائلًا لهم: "انظروا. لا يضلكم أحد، فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين: أنا هو المسيح! ويضلون كثيرين. وسوف تسمعون بحروب وأخبار حروب. انظروا لا ترتاعوا. لأنه لابد أن تكون هذه كلها، ولكن ليس المنتهى بعد. لأنه تقوم أمة على أمة، ومملكة على مملكة، وتكون مجاعات وأوبئة وزلازل في أماكن. ولكن هذه كلها مبتدأ الأوجاع" (مت24: 4-8).
إن مقدمات نهاية العالم هذه التي تكلّم عنها السيد المسيح ولقّبها بلقب "مبتدأ الأوجاع"لا تنطبق على مرحلة ظهور الوحش الذي سيدّعى أيضًا أنه هو المسيح ويضل غالبية العالم في موجة الارتداد العام التي قال عنها بولس الرسول "لا يأتي (يقصد السيد المسيح) إن لم يأت الارتداد أولًا ويستعلن إنسان الخطية ابن الهلاك" (2تس2: 3).
فى مبتدأ الأوجاع سوف يظهر أنبياء كذبة ناسبين إلى أنفسهم اسم المسيح، وسوف تحدث اضطهادات على الكنيسة ولكن ليس المنتهى بعد.
كذلك الحروب والزلازل والأوبئة لا تعنى أن نهاية العالم قد أتت لأن النهاية لها مواصفات أخرى تحدّث عنها السيد المسيح وسوف تظهر هذه الأمور بعد تحقق المراحل الخمسة السابقة التي تحدثنا عنها. أما المرحلة السادسة فهي ضمن الأحداث التي تصاحب نهاية العالم أثناء الضيق العظيم.
الضيق العظيم قال عنه السيد المسيح: "لأنه يكون حينئذ ضيق عظيم لم يكن مثله منذ ابتداء العالم إلى الآن ولن يكون" (مت24: 21).
وأكمل السيد المسيح كلامه قائلًا: "ولو لم تقصّر تلك الأيام لم يخلص جسد. ولكن لأجل المختارين تقصّر تلك الأيام" (مت24: 22).
إذن من مواصفات المرحلة الأخيرة التي تسبق مجيء السيد المسيح أن الضيق الذي فيها لا يشابه ما سبق من ضيقات. فمثلًا عبرت على الكنيسة ضيقات شديدة في العصر الرسولي وما بعده، واضطهد اليهود ومن بعدهم الأباطرة الوثنيون الآباء الرسل ومن جاءوا بعدهم حتى سال الدم أنهارًا في عصور الاستشهاد في أنحاء كثيرة من العالم مثل مصر وأورشليم وأنطاكية وروما وأرمينيا والهند. في تلك الآونة استشهد مارجرجس والقديس مرقوريوس والقديسة دميانة مع راهباتها الأربعين والقديس مارمينا والقديسة كاترينا والقديس أبانوب وكثير من القديسين والقديسات ومن قبلهم القديس اسطفانوس وأحد عشر رسولًا والقديس بولس الرسول.. كان المسيحيون أحيانًا يُساقون إلى ساحات الاستشهاد ليكونوا طعامًا للأسود الجائعة ويعذَّبون بالحديد المحمى في النار وسائر أنواع العذاب التي تقشعر لها الأبدان.
وسوف تتكرر هذه الأمور قبل نهاية العالم، ولكن كل هذا وذاك لا يُقارن بالضيق العظيم الذي تكلم عنه السيد المسيح والذي لم يكن مثله منذ ابتداء العالم.
إن الوحش حينما يأتي لن يستطيع أحد أن يقهر سلطانه المدمر إلا بظهور السيد المسيح نفسه مثبتًا بهذا أن الشيطان حينما ينال حريته ويُحَل من سجنه فلن يتراجع عن شروره المريعة، بل سوف يتزايد في عداوته للكنيسة. وسوف تعاين الخليقة العاقلة كلها جسامة وخطورة أن يُحَل الشيطان من سجنه لأنه لا يمكن أن يتوب لا بالسجن ولا بالحرية. هو شر لا يُضبَط إلا بالدينونة الأبدية. ولذلك فسوف تصرخ الخليقة كلها قائلة للرب الحاكم العادل "عادلة وحق هي طرقك يا ملك القديسين" (رؤ15: 3). لن يوجد فيما بعد من يتعاطف مع الشيطان مثل أوريجانوس ويقول أن الشيطان من الممكن أن يخلص لأن هذا منتهى الضلال. بل سوف تردد الأبدية أصداء هذه الأنشودة أن الرب عادل هو، وأن "العدل والحق قاعدة كرسيك" (مز89: 14). وبذلك يصبح الجو مهيئًا لاستعلان الدينونة الأبدية وانقضاء الدهر.
إن شهود يهوه والسبتيين يستكثرون على الرب مثل أوريجانوس أن يحكم بالعذاب الأبدي على الأشرار. ولكن الرب يكون قد فعل أكثر مما يمكن أن نفتكر في طول أناته على الشيطان وجنوده وكل من له شركة معه في الظلمة.
لا يوجد حل للشر إلا أن يلقى في الظلمة الخارجية والدينونة الأبدية في جهنم. ولا يمكن إبطال شر الوحش ومن يقويه إلا بظهور مخلصنا يسوع المسيح.
سوف يعرف الجميع أنه بدون المسيح لا يمكن أن يخلص جسد "لو لم تقصر تلك الأيام لم يخلص جسد" (مت24: 22).
لهذا قال معلمنا بولس الرسول إن الرب سوف يأتي ليبيد شر الوحش "الأثيم الذي الرب يبيده بنفخة فمه، ويبطله بظهور مجيئه. الذي مجيئه بعمل الشيطان، بكل قوة، وبآيات وعجائب كاذبة، وبكل خديعة الإثم، في الهالكين" (2تس2: 8-10). لقد وعد الرب وقال: "لا يدعكم تُجرَّبون فوق ما تستطيعون، بل سيجعل مع التجربة أيضًا المنفذ" (1كو10: 13).
فلا ينبغي أن نفزع من الحديث عن نهاية العالم لأن هناك علامات لم تتحقق بعد سوف تسبق الضيق العظيم. وحتى أحباء الرب الذين سوف يعايشون الأيام الأخيرة، لاشك أن الرب سوف يؤازرهم لكي لا يهلك المختارون. لأن الرب وعد وقال عن خرافه: "أنا أعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد، ولا يخطفها أحد من يدي" (يو10: 28).
علينا فقط أن نحيا في التوبة والاستعداد طالبين سرعة مجيئه، حتى ولو كان المنتهى لم يأتِ بعد ولكن هناك أشواقًا في قلوب القديسين نحو استعلان ملكوت السماوات. وهذا الاشتياق موجود في قلوب حتى الذين رقدوا على رجاء القيامة.
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 03 - 2014, 05:57 PM   رقم المشاركة : ( 293 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,351,441

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

أحداث المجيء الثاني

قال السيد المسيح لتلاميذه: "وللوقت بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس والقمر لا يعطى ضوءه والنجوم تسقط من السماء وقوات السماوات تتزعزع. وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء. وحينئذ تنوح جميع قبائل الأرض ويبصرون ابن الإنسان آتيًا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير. فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح من أقصاء السماوات إلى أقصائها" (مت 24: 29-31).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
إظلام الشمس

كما أظلمت الشمس في يوم صلب السيد المسيح بصورة معجزية، سوف تُظلِم أيضًا ولكن بصورة نهائية في مجيئه الثاني. تنبأ ملاخي النبي عن يوم الصلب وأيضًا عن المجيء الثاني وكتب أن الرب يقول "ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر والشفاء في أجنحتها.. هأنذا أرسل إليكم إيليا النبي قبل مجيء يوم الرب، اليوم العظيم والمخوف" (ملا4: 2، 5) حينما تظلم الشمس الطبيعية، تشرق شمس البر أي السيد المسيح.
في المجيء الأول: أشرقت شمس الخلاص عندما بسط السيد المسيح ذراعيه على خشبة الصليب. وبهذا كان الشفاء في أجنحة السيد المسيح وهو معلّق في الجو مثل الطائر أو مثل النسر الذي يفتح جناحيه أو يبسط ذراعيه يدعو الجميع إلى أحضانه التي فيها الخلاص.
في المجيء الثاني: حينما تظلم الشمس، تظهر علامة ابن الإنسان في السماء. فكيف تظهر في الظلمة بدون الشمس والقمر والنجوم إن لم تكن منيرة؟
فالاحتمال الأغلب هو أن تكون العلامة هي علامة الصليب المنيرة. لأن الصليب هو علامة المسيحية في كل مكان. وقال معلمنا بولس الرسول: "كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله" (1كو1: 18). وقال أيضًا: "أنتم الذين أمام عيونكم قد رسم يسوع المسيح بينكم مصلوبًا" (غل3: 1).
وهذا معناه أن الإنسان المسيحي يرتسم أمام عينيه باستمرار صليب المسيح.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
علامة ابن الإنسان


كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
لذلك فالأغلب أن تكون علامة ابن الإنسان هي علامة الصليب. وأن تكون مضيئة بقوة حتى يراها الجميع قبل مجيء يوم الرب العظيم والمخوف. وهذا ما تسلّمناه من تقليد الكنيسة أن الصليب هو علامة ورمز المسيحية، تتزين به الكنائس وبه تتم مباركة كل الأشياء.. فهو علامة المسيحية وعلامة البركة والخلاص والتقديس. يعقب ظهور علامة ابن الإنسان أن يظهر السيد المسيح نفسه "آتيًا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير" (مت24: 30).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
مجيء ابن الإنسان

قال السيد المسيح عن مجيئه الثاني: "ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه، فحينئذ يجلس على كرسي مجده ويجتمع أمامه جميع الشعوب" (مت25: 31، 32)،وقال أيضًا: "فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته، وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله" (مت16: 27).
وقد وصف السيد المسيح عمدًا مجيئه الثاني مرة بقوله "في مجد أبيه"، ومرة أخرى "في مجده"كما أوردنا في الآيتين السابقتين، وذلك ليؤكد لنا أن مجده هو مجد أبيه. فللأقانيم الثلاثة مجد واحد ومُلك واحد وقدرة إلهية واحدة. لأن الجوهر الإلهي واحد غير منقسم.
بالإضافة إلى ذلك فإنه قد استخدم لقب "ابن الإنسان" في حديثه عن مجد أبيه السماوي ليؤكد أن "ابن الإنسان" هو هو نفسه "ابن الله" أي أن المولود من الآب قبل كل الدهور بحسب لاهوته هو هو نفسه الذي تجسد في ملء الزمان وولد من العذراء القديسة مريم بحسب ناسوته وصار ابنًا للإنسان دون أن يتغير عن ألوهيته جاعلًا ناسوته واحدًا مع لاهوته بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير.
هذا ما نردده في التسبحة المقدسة عن أن ابن الله هو نفسه صار ابنًا للإنسان بقولنا (لم يزل إلهًا، أتى وصار ابن بشر. لكنه هو الإله الحقيقي أتى وخلّصنا( (ثيئوطوكية يوم الخميس qeotokia).
نعود إلى حديث السيد المسيح عن مجيئه في مجده أو في مجد أبيه فنقول إن هذا المجيء المملوء مجدًا سوف يكون مفرحًا للأبرار لأن به نجاتهم من الضيق العظيم ولكنه سوف يكون مخيفًا ومرعبًا للأشرار. لذلك قال: "تنوح جميع قبائل الأرض" (مت24: 30). وتتحقق النبوة "فينظرون إلىَّ الذي طعنوه" (زك12: 10).
لن يكون خوف الأشرار هو نوع من التوبة. لأن التوبة ينبغي أن تقترن بمشاعر الحب للرب والعرفان بقيمة دمه المسفوك من أجل غفران الخطايا لكل من يؤمن ويتوب ويتبرر.
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 03 - 2014, 05:58 PM   رقم المشاركة : ( 294 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,351,441

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

مقار الآخرة
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

مقار الآخرة هي أربعة: الفردوس، والجحيم، وملكوت السماوات، وجهنم، منها مؤقت أي الفردوس والجحيم، ومنها أبدى أي ملكوت السماوات وجهنم. والمقار المؤقتة هي لانتظار الأرواح بعد الوفاة إلى يوم الدينونة الأخير، أما المقار الدائمة فهي للأرواح والأجساد معًا فيما بعد الدينونة أي بعد مجيء المسيح الثاني حيث "يخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيآت إلى قيامة الدينونة" (يو5: 29).
فأجساد الموتى سوف تقوم في اليوم الأخير حيث تعود الأرواح إلى الأجساد وتتحد بها مرة أخرى لكي تدان الأرواح مع الأجساد. ولكن الجسد بعد القيامة العامة سوف تكون له خصائص جديدة تختلف عن خصائصه الحالية، وليس بمعنى أن الأجساد سوف تفنى ولكنها ستتغير عند القيامة وهذا ما سوف نشرحه بمشيئة الرب بتفصيل أكثر من واقع تعاليم الكتاب المقدس.
  1. الفردوس
  2. الجحيم | الهاوية
  3. ملكوت السماوات
  4. جهنم
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 03 - 2014, 05:59 PM   رقم المشاركة : ( 295 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,351,441

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

الفردوس



الفردوس حاليًا ليس على الأرض مثلما كان وقت خلق آدم ثم حواء. إذ أن ذلك الفردوس أي الجنة كان يحوى أشجارًا وثمارًا وحيوانات. وقد وضع الرب الإله آدم في الجنة ليعملها.
وحينما أخطأ الإنسان بعدم طاعته للوصية الإلهية، نُفى من الفردوس أي أن الرب قد أخرجه من الفردوس لئلا يمد يده ويأكل من شجرة الحياة ويحيا إلى الأبد في خطيته ولا توجد له فرصة لإدراك خطورة الخطية وعواقبها من حيث إن أجرة الخطية هي موت. وصار موت الجسد هو الدليل الواضح على أن الخطية قد أساءت إلى الإنسان وصار محتاجًا إلى الخلاص بصلب المسيح وموته وقيامته من الأموات، وذلك مثلما قال قداسة البابا شنودة الثالث-أطال الرب حياة قداسته- عن السيد المسيح: "بالصليب حل الرب مشكلة الخطية (إذ أوفى الدين الخاص بها) وبقيامته حل مشكلة الموت الناتج عن الخطية".
الفردوس الحالي صار مقرًا للروح فقط بدون الجسد، وليس فيه أشياء مادية مثل الأشجار والثمار والمزروعات والأنهار. وبالطبع ليس فيه حيوانات على الإطلاق مثل الحمير والبغال والغزلان والفيلة..الخ. لأن الحيوانات ليس لها أرواح خالدة مثل البشر، بل إن نفس الحيوان هي دمه "لأن نفس كل جسد دمه هو بنفسه" (لا 17: 14). وبمجرد موت الحيوان يذهب إلى الأرض وليس له روح تذهب إلى مقار الآخرة على الإطلاق.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
أما ما رآه القديس يوحنا الرسول وكتب عنه في سفر الرؤيا من جهة الأربعة أحياء غير المتجسدين، فهذه كائنات حية روحية من طغمة الملائكة الكاروبيم ومنظرها الذي رآه هو منظر رمزي له مدلول روحي. فوجه الإنسان يرمز إلى تجسد الرب، ووجه العجل يرمز إلى ذبيحة الصليب، ووجه الأسد يرمز إلى القيامة، ووجه النسر يرمز إلى الصعود. كما أنها ترمز إلى الأناجيل الأربعة متى ولوقا ومرقس ويوحنا. بنفس هذا الترتيب. وذلك حسب طقس الأيقونات القديمة في الكنائس الأرثوذكسية جميعًا.
الفردوس الحالي ذكره السيد المسيح وهو معلّق على الصليب حينما طلب إليه اللص اليمين قائلًا: "اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك" (لو23: 42) فأجابه السيد المسيح مصححًا له طلبته: "الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس" (لو23: 43).
قال السيد المسيح ذلك لأن أرواح الأبرار تذهب إلى الفردوس أولًا وتنتظر هناك في شركة روحية مع المسيح إلى يوم الدينونة الأخير حيث تقف أمام كرسي المسيح بعد عودتها إلى الجسد المقام من الأموات، ثم يضعها السيد المسيح عن يمينه وبعد ذلك يدعوها إلى ميراث ملكوت السماوات.
وقد قصد السيد المسيح أن يعلن للص اليمين إنه لن ينتظر طويلًا لكي يلتقي به، وذلك بعد مجيئه الثاني واستعلان ملكوت السماوات، بل إنه سوف يلتقي به سريعًا بعد خروج روحه من الجسد حيث يكون السيد المسيح قد فتح باب الفردوس مرة أخرى لتنتقل إليه أرواح الأبرار.
أما أرواح الأبرار الذين رقدوا على رجاء الخلاص وكانت تنتظر في السجن، فقد ذهب إليها السيد المسيح بروحه الإنسانى المتحد باللاهوت وبشّرها بإتمام الفداء وأخرجها من السجن ونقلها إلى الفردوس أي أنه قد (رد آدم وبنيه إلى الفردوس( مثلما نقول في قسمة عيد القيامة.
وقد وردت أقوال في الكتاب المقدس تؤكد أن السيد المسيح قد فعل ذلك مثل قول معلمنا بولس الرسول عن السيد المسيح: "لذلك يقول: إذ صعد إلى العلاء سبى سبيًا وأعطى الناس عطايا،وأما أنه صعد فما هو إلا إنه نزل أيضًا أولًا إلى أقسام الأرض السفلى، الذي نزل هو الذي صعد أيضًا فوق جميع السماوات لكي يملأ الكل" (أف4: 8-10). وقد صعد السيد المسيح بروحه من الجحيم إلى الفردوس بعد نزوله إلى الجحيم آخذًا معه أرواح الأبرار. كما أنه صعد إلى السماوات العليا حيث عرش الآب بعد 40 يوم من قيامته من الأموات وفي هذا الصعود لم يأخذ معه أحدًا من البشر إلى أن يأتي للدينونة.
وقد تكلم أيضًا القديس بطرس الرسول عن عمل السيد المسيح في نزوله بالروح إلى الجحيم للكرازة بإتمام الفداء وفي نقل أرواح الأبرار إلى الفردوس فقال: "فإن المسيح أيضًا تألم مرة واحدة من أجل الخطايا، البار من أجل الأثمة، لكي يقربنا إلى الله مماتًا في الجسد ولكن محيىً في الروح، الذي فيه أيضًا ذهب فكرز للأرواح التي في السجن" (1بط3: 18، 19).
وقد سبق إشعياء النبي فقال بفم الله الآب: "أجعلك عهدًا للشعب ونورًا للأمم، لتفتح عيون العمى، لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن" (إش42: 6، 7). والكنيسة في صلاتها على الراقدين تقول: [هذه النفس التي اجتمعنا بسببها اليوم، يا رب افتح لها باب الفردوس كما فتحته للص اليمين. افتح لها باب الراحة لتدخل وتتنعم هناك وتشارك جميع القديسين..].
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 03 - 2014, 06:03 PM   رقم المشاركة : ( 296 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,351,441

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

ملكوت السماوات

ملكوت السماوات أعده الله للقديسين قبل إنشاء العالم كما قال السيد المسيح عن دعوته للأبرار: "تعالوا يا مباركي أبى رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم" (مت25: 34).
في هذا الملكوت السماوي سوف يلتقي الأبرار من البشر ومن الملائكة حول العرش الإلهي ليشتركوا معًا في تسبيح الله وتمجيده بفرح لا يعبَّر عنه، وبمجد ليس له نظير في العالم المنظور. وهو "ما لم ترَ عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه" (1كو2: 9).
لقد اختار الله الآب في المسيح جميع القديسين الذين سوف يتأهلون لميراث ملكوت السماوات لأنه سبق فعرف أنهم سوف يستجيبون لدعوة محبته بالفداء الذي أكمله الابن الوحيد لأجلهم. وقد شرح معلمنا بولس الرسول ذلك بكلمات رائعة في فاتحة الرسالة إلى أهل أفسس إذ قال: "مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح. كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة إذ سبق فعيننا للتبني بيسوع المسيح لنفسه حسب مسرة مشيئته، لمدح مجد نعمته التي أنعم بها علينا في المحبوب. الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا حسب غنى نعمته التي أجزلها لنا بكل حكمة وفطنة إذ عرفنا بسر مشيئته حسب مسرته التي قصدها في نفسه، لتدبير ملء الأزمنة ليجمع كل شيء في المسيح ما في السماوات وما على الأرض في ذاك الذي فيه أيضًا نلنا نصيبًا معينين سابقًا حسب قصد الذي يعمل كل شيء حسب رأى مشيئته" (أف1: 3-11).

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
ملكوت السماوات حتى الآن لم يدخله ذو طبيعة بشرية إلا السيد المسيح فقط الذي ذهب هناك كسابق للقديسين ليعد لهم مكانًا كما قال هو بنفسه لتلاميذه: "لا تضطرب قلوبكم أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي. في بيت أبى منازل كثيرة، وإلا فإني كنت قد قلت لكم أنا أمضى لأعد لكم مكانًا، وإن مضيت وأعددت لكم مكانًا آتى أيضًا وآخذكم إلىّ حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا" (يو14: 1-3).
وفى مناجاته مع الآب السماوي قبل الصلب "تكلم يسوع بهذا ورفع عينيه نحو السماء وقال.. أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم" (يو17: 1، 24).
إن أرواح القديسين تنتظر في الفردوس ولكن هؤلاء القديسين سوف يدخلون إلى ملكوت السماوات بعدما يأتي السيد المسيح في مجيئه الثاني للدينونة ويأخذهم معه بعد أن يدعوهم للقيامة من القبور.
وقد شرح القديس بولس الرسول أن ملكوت السماوات ليس على الأرض بأقوال متعددة مثل قوله: "وأما رأس الكلام فهو أن لنا رئيس كهنة مثل هذا قد جلس في يمين عرش العظمة في السماوات خادمًا للأقداس والمسكن الحقيقي الذي نصبه الرب لا إنسان. لأن كل رئيس كهنة يُقام لكي يقدم قرابين وذبائح. فمن ثم يلزم أن يكون لهذا أيضًا شيء يقدّمه. فإنه لو كان على الأرض لَما كان كاهنًا إذ يوجد الكهنة الذين يقدّمون قرابين حسب الناموس،الذين يخدمون شبه السماويات وظلها كما أوحى إلى موسى وهو مزمع أن يصنع المسكن" (عب8: 1-5). "فكان يلزم أن أمثلة الأشياء التي في السماوات تطهر بهذه وأما السماويات عينها فبذبائح أفضل من هذه. لأن المسيح لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيد أشباه الحقيقية بل إلى السماء عينها ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا" (عب9: 23، 24).
وأكّد القديس بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين أن السيد المسيح قد دخل إلى السماء عينها كسابق للقديسين فقال: "حيث دخل يسوع كسابق لأجلنا صائرًا على رتبة ملكي صادق رئيس كهنة إلى الأبد" (عب6: 20).
كذلك أكد أن السيد المسيح قد صعد إلى السماوات مرة واحدة بعد قيامته من الأموات فقال: "بدم نفسه دخل مرة واحدةً إلى الأقداس فوجد فداءً أبديًا" (عب9: 12).
وتكلّم أيضًا عن السماء ودعاها مدينة الله الحي وأورشليم السماوية حيث الملائكة الذين يحيطون بعرش الله فقال: "قد أتيتم إلى جبل صهيون وإلى مدينة الله الحي أورشليم السماوية وإلى ربوات هم محفل ملائكة وكنيسة أبكار مكتوبين في السماوات وإلى الله ديان الجميع وإلى أرواح أبرار مكملين" (عب12: 22، 23).
وتكلّم السيد المسيح كثيرًا عن ملكوت السماوات ليجتذب أنظار التلاميذ نحو السماويات فقال على سبيل المثال: "يشبه ملكوت السماوات إنسانًا ملكًا صنع عرسًا لابنه وأرسل عبيده ليدعوا المدعوين إلى العرس" (مت22: 2، 3). وقال عن نهاية العالم: "حينئذ يشبه ملكوت السماوات عشر عذارى أخذن مصابيحهن وخرجن للقاء العريس.. والمستعدات دخلن معه إلى العرس.. فاسهروا إذًا لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة التي يأتي فيها ابن الإنسان" (مت25: 1، 10، 13).
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 03 - 2014, 06:04 PM   رقم المشاركة : ( 297 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,351,441

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

جهنم

كلمة "جهنم"هي كلمة عبرية أصلها "جيهِنوم" أي "وادى هنوم"وهو وادٍ عميق ضيق يقع في جنوب أورشليم حيث قدم اليهود أولادهم للإله مولك على نحو ما فعل الوثنيون، ولذلك أمر الملك يوشيا "لكي لا يعبر أحد ابنه أو ابنته في النار لمولك" (2مل23: 10).
كان تمثال الإله مولك النحاسي المجوف يتم إيقاد النار بداخله حتى يحمى معدنه إلى درجة الاحمرار. ثم يقدم الآباء أبناءهم كضحايا للإله مولك، فيضع الكهنة الوثنيون الأطفال الصغار على يدي التمثال المحمية بالنار مع عمل أصوات طبول وأصوات صراخ الكهنة أو أناشيد عبادتهم الوثنية للتغطية على صوت صراخ الأطفال الذين تشويهم نار ذراعي الإله مولك بصورة بشعة. وهكذا نرى كيف استعبد الشيطان البشر وماذا يفعل الإنسان بغواية إبليس حينما يفقد إنسانيته.
ولقد أصبح هذا الوادي بعد ذلك هو المكان المرفوض من المدينة وفيه كانت تُلقى أجساد المجرمين، وجثث الحيوانات، وجميع أنواع القاذورات التي يرعى فيها الدود وتشتعل فيها النار. وبسبب عمقه وضيقه والنار والدخان المتصاعد منه، صار رمزًا لمكان عقاب الأشرار في المستقبل. وحيث إن النار كانت تميِّز المكان لذلك دُعي نار جهنم. ولقد وردت كلمة جهنم في العهد الجديد إحدى عشرة مرة وذلك في أناجيل متى ومرقس ولوقا وفي رسالة يعقوب الرسول وفي رسالة بطرس الرسول الثانية.
فقد قال السيد المسيح: "من قال (لأخيه) يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم" (مت5: 22). "إن كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها وألقها عنك. لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يُلقى جسدك كله في جهنم. وإن كانت يدك اليمنى تعثرك فاقطعها وألقها عنك. لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم" (مت5: 29، 30).
كما قال: "لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها. بل خافوا بالحري من الذي يقدر أن يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم" (مت10: 28).

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
وبذلك أوضح السيد المسيح أن عذاب جهنم سوف يشمل الجسد والروح معًا بقوله "كليهما في جهنم"ووبّخ السيد المسيح الكتبة والفريسيين قائلًا: "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تطوفون البحر والبر لتكسبوا دخيلًا واحدًا. ومتى حصل تصنعونه ابنًا لجهنم أكثر منكم مضاعفًا" (مت 23: 15). وكذلك قال لهم: "أيها الحيات أولاد الأفاعي كيف تهربون من دينونة جهنم؟" (مت23: 33).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
جهنم النار الأبدية

أوضح السيد المسيح أن في جهنم سوف تكون النار الأبدية حيث الدود الذي لا يموت والنار التي لا تطفأ مثلما كان الحال في وادي هنوم (جيهِنوم) فقال: "خير لك أن تدخل الحياة أقطع من أن تكون لك يدان وتمضى إلى جهنم إلى النار التي لا تطفأ. حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ" (مر9: 43،44).
وشرح يوحنا الرسول في سفر الرؤيا عذاب الذين يسجدون للوحش ويخضعون لسلطان إبليس فقال "إن كان أحد يسجد للوحش ولصورته ويقبل سمته على جبهته أو على يده، فهو أيضًا سيشرب من خمر غضب الله المصبوب صرفًا في كأس غضبه ويعذَب بنار وكبريت أمام الملائكة القديسين وأمام الخروف. ويصعد دخان عذابهم إلى أبد الآبدين" (رؤ14: 9-11). وبهذا أوضح أن العذاب هو أبدى.
وكتب أيضًا عن دينونة الوحش والنبي الكذاب "فقبض على الوحش والنبي الكذاب معه الصانع قدامه الآيات التي بها أضل الذين قَبِلوا سمة الوحش والذين سجدوا لصورته وطُرح الاثنان حيَّين إلى بحيرة النار المتقدة بالكبريت" (رؤ19: 20).
وكتب عن دينونة الأموات في اليوم الأخير "ورأيت الأموات صغارًا وكبارًا واقفين أمام الله وانفتحت أسفار وانفتح سفر آخر هو سفر الحياة، ودين الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم،وسلّم البحر الأموات الذين فيه وسلّم الموت والهاوية الأموات الذين فيهما ودينوا كل واحد بحسب أعماله. وطرح الموت والهاوية في بحيرة النار. هذا هو الموت الثاني. وكل من لم يوجد مكتوبًا في سفر الحياة طُرح في بحيرة النار" (رؤ20: 12-15).
وكتب عن أنواع الخطاة الذين سوف يذهبون إلى العذاب الأبدي فقال: "وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني" (رؤ21: 8). وأوضح السيد المسيح أن العذاب سوف يكون في النار الأبدية المعدة لإبليس وللملائكة الأشرار "ثم يقول أيضًا للذين عن اليسار اذهبوا عنى يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته" (مت25: 41). "فيمضى هؤلاء إلى عذاب أبدى" (مت25: 46).
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 03 - 2014, 06:08 PM   رقم المشاركة : ( 298 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,351,441

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

القيامة الأولى والموت الأول | القيامة الثانية والموت الثاني

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

كتب القديس يوحنا الرسول في سفر الرؤيا "هذه هي القيامة الأولى. مبارك ومقدس من له نصيب في القيامة الأولى. هؤلاء ليس للموت الثاني سلطان عليهم" (رؤ20: 5، 6).
ما هي القيامة الأولى؟ وما هو الموت الثاني؟ وما هي علاقة ذلك بالمجيء الثاني للسيد المسيح؟ هذه الأمور سنحاول أن نجيب عنها. إلى جوار ذلك فإن القيامة الأولى تفترض قيامة ثانية، والموت الثاني يفترض موتًا أولًا فيلزمنا أيضًا أن نضع هذا في اعتبارنا عندما نتأمل في هذه الأقوال الإلهية الصادقة.
  1. القيامة الأولى
  2. الموت الثاني
  3. الموت الأول
  4. القيامة الثانية
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 03 - 2014, 06:20 PM   رقم المشاركة : ( 299 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,351,441

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

القيامة الأولى

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
أولًا: القيامة الأولى

القيامة الأولى هي النصرة الروحية التي يطالبنا الرب بها في حياتنا الحاضرة لكي نتأهل لميراث الملكوت ونستحق أن نشارك في قيامة الأبرار أي القيامة الثانية.
عن القيامة الأولى قال السيد المسيح: "كل من كان حيًا وآمن بي فلن يموت إلى الأبد" (يو11: 26). وقال أيضًا "الحق أقول لكم إن من القيام ههنا قومًا لا يذوقون الموت حتى يروا ملكوت الله قد أتى بقوة" (مر9: 1).
طبعًا لم يكن المقصود في كلام السيد المسيح عن عدم موت المؤمنين به إلى الأبد بمعنى أنهم لن يُنقلوا من هذا العالم، بل كما نقول في صلاة أوشية الراقدين (لأنه لا يكون موت لعبيدك بل هو انتقال( فإننا نفهم الموت في كلام السيد المسيح بمعنى السقوط تحت سلطان ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس. وبهذا يكون السيد المسيح قد وعد أن من كان حيًا بالجسد وآمن به فلن يذوق الموت الروحي إلى الأبد.
وفى قوله: "إن من القيام ههنا قومًا لا يذوقون الموت حتى يروا ملكوت الله قد أتى بقوة" يقصد إلى جوار أن هناك قومًا كانوا عتيدين قبل وفاتهم أن يحضروا حلول الروح القدس في يوم الخمسين، فإنه قصد أيضًا أن من آمنوا به وثبتوا فيه فلن يموتوا موتًا روحيًا إلى أن يعاينوا مجيئه الثاني واستعلان ملكوت السماوات بقوة.
مع ملاحظة أن عبارة "ملكوت الله"هي عبارة عامة تشمل ملكوته الحالي وملكوته الآتي في السماوات،أما عبارة "ملكوت السماوات" فإنها غالبًا تشير إلى الحياة الأبدية في السماوات.
القيامة الأولى أيضًا نفهمها عن المعمودية في قول معلمنا بولس الرسول: "حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضًا في جدة الحياة لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضًا بقيامته.. كذلك أنتم أيضًا احسبوا أنفسكم أمواتًا عن الخطية ولكن أحياء لله بالمسيح يسوع ربنا" (رو6: 4، 5، 11).
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 03 - 2014, 06:21 PM   رقم المشاركة : ( 300 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,351,441

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

الموت الثاني

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
ثانيًا: الموت الثاني

من الطبيعي أن من عاشوا حياتهم ملتصقين بالرب وأكملوا جهادهم وسعيهم أي أنهم قد تمتعوا بقوة القيامة الأولى، فإن الموت الثاني لن يكون له سلطان عليهم كما ورد في سفر الرؤيا.
والموت الثاني من المفهوم إنه الهلاك الأبدي. ومن ليس للموت الثاني سلطان عليه ينطبق عليه قول الرب: "من يغلب فذلك سيلبس ثيابًا بيضًا، ولن أمحو اسمه من سفر الحياة وسأعترف باسمه أمام أبى وأمام ملائكته" (رؤ3: 5).
الذين للموت الثاني سلطان عليهم ينطبق عليهم قول السيد المسيح لليهود: "وتموتون في خطيتكم" (يو8: 21). هؤلاء يموتون في خطاياهم بمعنى أنهم يموتون الموت الأول بنهاية حياتهم على الأرض، ويتأهلون بموتهم في خطاياهم للموت الثاني أي الهلاك الأبدي.
وقيل أيضًا عن هلاك الأشرار: "وطرح الموت والهاوية في بحيرة النار. هذا هو الموت الثاني. وكل من لم يوجد مكتوبًا في سفر الحياة طُرِح في بحيرة النار" (رؤ20: 14، 15).
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
من كتاب مشتهى الأجيال: صعود المسيح
من كتاب مشتهى الأجيال: من القدس إلى قدس الأقداس
من كتاب مشتهى الأجيال: التجربة على الجبل
من كتاب مشتهى الأجيال: مصير العالم يتأرجح
من كتاب مشتهى الأجيال: يأس المخلص


الساعة الآن 10:43 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025