منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04 - 07 - 2016, 01:31 PM   رقم المشاركة : ( 21 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,792

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس

من أهمّ أشكال هذه الأنانيّة تكديس أشياء لا لزوم لها. فمجتمعنا اليوم لم يَبْقَ “مجتمعَ الاستهلاك”، بل “مجتمع الطّمع”، وهو لا ينفكُّ يختلق حاجات كاذبة تمسي لنا من ضروريّات الوجود. لهذا قالَ أحد الإعلانات: “أنا أشتري إذًا أنا موجود”. فبدءُ جهادنا يكمن في التخلُّص من أشياء تُكدِّرُ حياتَنا وهي غير لازمة، والاكتفاء بما هو ضروريّ.
فالطّمع لا يعني فقط أن نكدّس الأشياء، بل أيضًا أن نسعى إلى راحتنا الشخصيّة، أو أن نتوخّى اتّباع الموضة. كما يشمُل الطُّموح، والسَّعي إلى الكَرامات، والمَيل إلى الكلام في كلّ مناسبة تعبيرًا عن رأينا، والفضول المؤذي الّذي يدفعنا إلى الاستعلام عن كلّ شيء لنُبرِزَ أنفسَنا بين الناس. فهذه العادات كلّها أشكالٌ أخرى للطّمع.
وإلى جانب القناعة في التعاطي والمادّيّات، يكمنُ خيرُ سبيلٍ إلى الجهاد الروحيّ في عدم الاتكال على قُوانا الخاصّة، ومعارفنا الذاتيّة، وخبرتنا، بل إدراج أنفسنا في صفّ المبتدئين، والمبادرة إلى طلب النصائح في كلّ أمر، حتى من أناس يصغروننا سنًّا. ويمكننا أيضًا أن نُعبّر عن عزمنا على محاربة ميولنا الأنانيّة من خلال تَقبُّل معاكسات الآخرين لنا سواءٌ في العمل أو ضمن العائلة.
الجهاد الثالث يقتضي ألاّ نعزو إلى ذواتنا أيًّا من أعمالنا الصالحة، وألاّ نيأس من سقطاتنا، لأنّ هاتَين الحالّتين تكشفان كلاهما أنانيّةً تتخفّى وراءَ كلامٍ فيه تذلّل وتقوى. ولكنّ المتواضع ليس مَن يتذلّل بالكلام، بل مَن يسعى إلى التخفّي، والخَفَر، كما يقول أحد المؤلّفين المعاصرين (تيتو كولياندر).
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2016, 01:31 PM   رقم المشاركة : ( 22 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,792

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس

فعوضَ أن نتّخذ على عواتقنا تعهّداتٍ كبيرة لن نستطيع التزامها، ومن شأنها أن تحبطَ عزيمتنا، خيرٌ لنا أن نبدأ بالأمور الصغيرة الّتي تساعدنا على اختبار بسالتنا في الجهاد. هكذا نطبّق كلام الرّبّ: “الأمين في القليل أمين أيضًا في الكثير، والظّالم في القليل ظالم أيضًا في القليل”(لو16: 10).
يكفي مثلاً أن ننتبه إلى ما يتحرّكُ فينا من الاستياء والتمرّد كلّما تُعكِّر علينا الظروف إحدى عاداتنا الحميمة الّتي تَعلّقنا بها. وسرعانَ ما نلحَظُ كثرة هذه العادات. عددٌ كبيرٌ منها كانت تصحّحُه أو تضبطُهُ في السابق التربية الموروثة والآداب، وهو ما كناّ نسمّيه حُسن الأخلاق. ولكن في عالمنا الّذي فقدَ جذورَه المسيحيّة، وأخذت تستشري فيه الفظاظة ودناءة الأخلاق، بِتنا في أمسّ الحاجة لأن نقاومَ عادتَنا أن نسعى إلى فرض ذوقنا على الآخرين، ورغبتَنا في إبراز أنفسنا، وفي امتلاك تقدير الآخرين واعتبارهم، إلى جانب كلِّ ما نجمعُه من الأشياء المادّية الّتي ترضي شهواتنا.
هكذا بفضل جهادنا النّسكيّ ضدّ الأنانيّة نكتشف أنّ الناس المحيطين بنا ليسوا أعداءَنا، ولا منافسينا، ولا عبيدنا، بل هم “قريبُنا”. هذه الكلمة الّتي نَحَتَها العهدُ الجديد تعني أن أنظر إلى سواي من البشَر نظرَتي إلى “إيقونات على صورة الله”، مع اليقين بأنّهم لا يقِفون في وجه مصالحي الشخصيّة، بل يكشِفون لي سرّ حضور المسيح، وهو مَن صار “قريبي” بامتياز.
يَشيعُ في أيّامنا الكلام على محبّة القريب، وغالبًا ما نتعاطاها بمعناها السطحيّ الأقرب إلى الإحسان، فتتّخذ شكلَ أعمال الرّحمة والخير، الّتي نقوم بها لنرضي ضميرنا. ولكنّنا في الوقت ذاته نستمرُّ في حياتنا اليوميّة نتلفّظ بأقوال قاسية، وبالانتقادات، ونبدي لامبالاةً تجاه الأشخاص الّذين نلتقيهم.
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2016, 01:32 PM   رقم المشاركة : ( 23 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,792

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس

فقبلَ الوصول إلى محبّة القريب الحقيقيّة، الّتي هي “أن يعطي المرء حياتَه لأجل أحبّائه (يو15: 13)، اقتداءً بالمخلِّص، علينا أن نضاعفَ جهودنا حتى نقبَل الآخر على اختلافه. وقبول الآخر يعني أن أرغِمَ ذاتي على عدم إدانته، وعدم السّعي إلى تصحيحه في كلّ مناسبة، رغبةً في إخضاعه لمقاييسي وميولي الخاصّة. لا، بل ينبغي أن أقبله كما هو.
قد يبدو هذا الموقف مُعثِرًا للذين يعترضون قائلين: “إذًا أنتركُ المجرم على هواه، احترامًا لاختلافه عنّا؟” طبعًا ليس هذا ما نقصدُه. فقبول الآخر لا يعني تبرير الخطيئة أو الخطأ، بل التعاطي والناس الّذي نعاشرُهم في حياتنا اليوميّة بما نوليه من الاحترام واللطف لإيقونة حيّة، مهما تشوّهت أو تلطّخَت بالإثم. هذه هي القاعدة الذّهبية الّتي علّمنا إيّاها الأب إيميليانوس في علاقاتنا الدّيريّة مع الناس، ولكنّها تنطَبق أيضًا على حياة الناس العائليّة والمهنيّة، إلاّ طبعًا في ما ينافي الإيمان والأخلاق.
نعبّر عن احترامنا للآخر هذا بلطفنا، وصبرنا على عيوبه، حتى ولو جلَبَت لنا الضّرَر. يقول الأب باييسيوس إنّنا في أوّل جهادنا نميل أن نفرض على الآخرين ما نفرضه على أنفسنا، ومع تقدّمنا نزداد تطلُّبًا حيال انفسنا، وبقدر ما نشعر بحضرة الله، نزداد لينًا تجاه الآخرين، ونعذُرُهم على نقائصهم.
يجب أن نضبط سَوْرات الغضَب، ونَجتنب معاكسة الآخرين، ومجاوبتهم، والدخول في مجادلات لا تنتهي لإثبات آرائنا. فإذا طرأ خلافٌ أو خصامٌ، جديرٌ بنا أن نُنذِرَ الآخر مرّةً أو مرّتيَن، ثمّ نرتدُّ عنه، ونتركُهُ يتحمّل مسؤوليّة تصرّفاته. وإذا نشبَ فيما بعد جدالٌ حول تصرّفِه أو الخطأ الّذي ارتكبه، فَلنتحاشَ انتقادَ الشخص المسؤول، وكشفَ عيوبه للآخرين، ولنتلافَ بشكلٍ عامٍّ أن نثرثر ونتناول الآخرين بلساننا ممّا يفتح الباب لخطيئة الوقيعة.
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2016, 01:32 PM   رقم المشاركة : ( 24 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,792

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس

ويظهَر احترامنا للآخرين في التصرّف معهم بلباقة ورفق، والاهتمام بهم، حتى لو كانوا أصغر الإخوة، مفضّلين الآخَر دائمًا على أنفسنا. إنّ نبرة الصّوت، وطريقة إلقاء التحيّة، والاهتمام بظروف حياة الآخرين، بعيدًا عن التكلُّف والمراءاة، وكلّ التصرّفات الّتي تؤلِّفُ ما نسمّيه “التهذيب” والمناقبيّة الاجتماعيّة، إنّما لها جذور مسيحيّة، ويمكن أن تتّخذَ بُعدًا روحيًّا، إذا مارسناها بصدق نيّة.
إلى ذلك، نعبّر عن اهتمامنا بالآخَر وهذا هو بدءُ المحبّة، بالقيام بأعمال صالحة من دون مصلحة. حينئذٍ نشعر بفرح العطاء والتضحية في سبيل الإخوة القريبين والبعيدين. هذا الفرح الّذي نشعر به طبيعيًّا عند العطاء قد يصبح فرحًا إلهيًّا عندما يتطلّبُ بذلاً للذات، كما يعلّم الأب باييسيوس.
الامساك: الصوم عن العالم
بعد أن ذكرنا الجهاد ضدّ الأنانيّة، نسوق الكلام إلى سلاحَين أساسيَّين يسمحان لنا بالتقدّم في الحياة بالمسيح: الإمساك، والسّهر أو اليقظة.
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2016, 01:32 PM   رقم المشاركة : ( 25 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,792

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس

هذان المفهومان النّاشئان من خبرة الرّهبان مع العالم يلخّصان الجهاد الروحيّ خير تلخيص، حتى إنّ آباء الحياة الرهبانيّة سُمّوا “الآباء اليقظين”، أي الساهرين. فهؤلاء أحرزوا علمَ “سَهَر النَّفس”، الّذي من دونه يستحيل التواصل والله بالصّلاة.
وفقَ هؤلاء الآباء، تبدأ الحياة الروحيّة حُكمًا بالصّوم، أو ما يُدعى أيضًا “الإمساك” (εγκράτεια)، وهو لا يقفُ عند التزام الصّوم في الفترات المحدّدة كَنَسيًّا، استعدادًا للأعياد ولتناول الأسرار المقدّسة. أجل، هذه الفترات مهمّة لأنّها تعطي نمط حياتنا مَنحاه الكنسيّ، ولكنّها لا تكفي. فالصوم يجب أن يحدِّد حياتنا اليوميّة بشكل ثابت، ويضعُ حدودًا طوعيّة لمَيْلِنا إلى إشباع رغباتنا. إنّه يكمن في استبدال اللذة المادّيّة العابرة لا مَحالة بفرح الحرمان الطوعيّ. وفرح الحرمان بدافع محبّة الله يولّد فينا، بالمقابل، حِسًّا متناميًا لحضور الله. فالربّ بدأ رسالته بالانعزال في الصحراء، والانصراف إلى الصلاة والصوم، رغمَ أنّه لا يحتاجهما، لكي يعطينا مثالاً نقتدي به، ويعلّمنا أنّ مَن يريد اتّباعه عليه أن يصوم.
في ظروف حياتنا المعاصرة، يجب أن نعبّر عن الإمساك لا بالحرمان من الطعام فقط، بل بالجهاد ضدّ الشبع في كلّ أمر. وكلّ مَن أراد أن يحفظَ ضميرَه نقيًّا للحضور أمام الله معنيٌّ بهذا الامساك، وهو ينتمي إلى الّذين “يستعملون هذا العالم وكأنّهم لا يستعملونه”(1كو7: 31). لهذا ينصحنا الآباء أن ننهض عن المائدة قبل أن نشبع تمامًا، ونحن ما زلنا على قليل من الجوع. فالإمساك هو أن نتكفي بأقلّ ممّا يُشبِع رغباتنا وحاجاتنا. والتقليل من طعامنا ومن راحتنا كلّ يوم هو جهاد حقيقيّ، نقيس به مقدار شوقنا لله، ثمّ نطبّقه على الميول الأنانيّة الأخرى الّتي فينا.
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2016, 01:32 PM   رقم المشاركة : ( 26 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,792

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس

في “العصر الصّناعيّ” الّذي انتهى لتوِّه، كان الإنسان مستهلِكًا لا يشبع للسّلع المصَنَّعة، وقد جعل منها أصنامًا له. أمّا في المجتمع “ما بَعد الصّناعيّ” postindustrielle société، الّذي دخلنا فيه، ليس الإنسان مستهلكًا وحسبْ، بل يزداد استعبادًا للصّوَر والمعلومات الّتي تملأ حياته. إذًا تقتضي ممارسة النُّسك في العالَم أن نصومَ “صَوْمَ العَينَيْن”، أن نصوم عن المعلومات غير المفيدة، والملاهي الّتي تضيّع وقتنا، فيما نستطيع أن نستثمرَ هذا الوقت بالأنشطة الروحيّة الّتي تغذّي نفوسَنا. فمعظم النّاس يقولون إنّهم لا يملكون الوقتَ للصلاة وأنشطة الحياة الروحيّة، ولكنّهم يجدون الوقت لترصّد الأخبار الّتي تتدفّق بلا توقّف، ولا تعطي عن الحقيقة إلاّ صورة مُتَحيِّزة. والحقّ إنّ معظم هذه المعلومات غير نافعة، وهي بالأحرى “فراغ من المعلومات”، وحشو للدّماغ يتلاعب به أخصّائيّو وسائل الإعلام، فيستعبدوننا للأُدلوجات الطاغية idéologies، ويوهموننا بالمعرفة.
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2016, 01:32 PM   رقم المشاركة : ( 27 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,792

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس

اليقظة أو الجهاد ضدّ الأفكار
أكثر من “صوم العَينَين” إنّ “صوم الأفكار” أو ما يُسمّى اليقظة والسّهَر، هو سلاحنا الماضي، سيّما في عالمنا المعاصر. والحقّ إنّ الإنسان القديم يظهر من جديد فينا من خلال الأفكار الموحاة لنا من الشيطان. عندما يتكلّم الآباء عن الأفكار، يقصدون الأفكار المحرَّكة من الأهواء، لا حركات الفكر ونشاط العقل. تظهر هذه الأفكار في قلبنا بشكل صور بسيطة، تعيدُ إلينا ذكرى ما أو عملاً سيّئًا قُمنا به. في هذه المرحلة، إذا لم يأتِ هذا الفكر من أنفسنا، لسنا نُلام. أمّا إذا بدأنا نقبل هذه الصّورة بانسجام ورغبة، تبدأ “علاقتنا” بها. إذا لم نَصُدَّ هذه العلاقة بقوّة، نقع أسرى الفكر الّذي يبدأ يلحُّ علينا. فإمّا نُذعِنَ لهُ، أو نطردُهُ بالصّلاة الحارّة. وأمّا إذا قبلناه، اتّخذ هذا الفكر مكانًا في نفسنا كأحد الأهواء، فيقودنا إلى الخطيئة بالفعل. هذه العمليّة الّتي تولّدها أفكار الأهواء في ذاتنا حلَّلَها “الآباء اليقظون” -Pères neptiques- وجعلوا منها علم النّفس وحركاتها. فعلم النّفس الحديث ليس إلاّ نُسخة علمانيّة هزيلة لعملهم هذا.
ينصح الآباء القدّيسون المجاهدون الرّوحيّون بطرد كلِّ فكر محرَّكٍ من الأهواء، ما إن يَظهر في القلب. يقولون، مستعينين بصورة من المزامير، إنّه يجب أن نحطّم أولاد بابل ضاربين بها صخرة المسيح، بالنّداء باسمه (أنظر مز136).
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2016, 01:33 PM   رقم المشاركة : ( 28 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,792

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس

ولكن، لكي نستطيع أن نميّز بذور الأفكار الّتي تُفرِعُ فينا،علينا أن نسهر سهرًا كافيًا على حركات قلبنا، وكياننا الداخليّ. هذا السّهر يُدعىَ أيضًا “حفظ القلب”، وهو يحوي كذلك مجمل العلم الرّوحيّ، ويتضمّن درجات لا تُعَدُّ ولا تُحصى. ولكنّنا لا نستطيع أن نتمرّس فيه إلاّ بقدر ما تخلو حياتنا من الاضطرابات والحوادث الّتي تقطع علينا مسيرة الترقّب الداخليّ للنَّفْس. فكما يتعذَّر الإبحار في مياهٍ تخبطها الأمواج، كذلك لا يُمكِنُ أن نجتاز في خضمّ القلب المضطرِب.
أجل، تبقى شروط اليقظة الداخليّة صعبة التحقيق لمَن يعيش في العالم، فلذلك يوصي الآباء بتغذية الأفكار الصالحة لمقاومة الأفكار الشرّيرة. اعتاد الأب باييسيوس أن يقول: “الحياة الروحيّة كلّها كامنة في تغذية الأفكار الصالحة، وتنميتها بمشاركة القلب… يجب أن نجعل أنفسنا مصنعًا للأفكار الصالحة”.
ولكن ما هي تلك الأفكار الصّالحة؟ إنّها أوّلاً أن نطردَ الفكر الّذي يعودُ بنظرنا صوبَ الإنسان القديم ما إن يبزغ رأسه. نطرده فورًا بعلامة الصّليب وبالدّعاء باسم الرب وبوالدة الإله والقدّيسين. فمن دونهم، لا نستطيع شيئاً.
ثمّ علينا أن نجاهد لأن ننسب النّوايا الصالحة إلى الآخرين، ولو آذونا، من غير أن نحاول تحليل دوافعهم. “تغذية الأفكار الصّالحة تقودنا إلى الّصلاة من غير تشتّت”.
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2016, 01:33 PM   رقم المشاركة : ( 29 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,792

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس

في هذه التوصيات كلّها نجدُ برنامجًا كاملاً يتطلّب منّا جهادًا كبيرًا، لأنّ تربيتنا مؤسّسة على روح المنافسة، والتنازع، ورفض الآخر. أمّا إذا حاولنا الانتباه إلى الأفكار، لنحفظ قلبَنا من الإيحاءات الشرّيرة أوّلاً، ومن التشتّت ثانيًا، فيمكننا أن نتقدّم في الحياة الهدوئيّة، ولو في العالم، رغمَ الهموم والملاهي الّتي لا بدّ منها.
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2016, 01:33 PM   رقم المشاركة : ( 30 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,792

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس

المطالعة الروحيّة والصلاة
إنّ سبُل الجهاد الروّحيّ السابق ذكرها تنتمي إلى ما يسمّيه الآباء القدّيسون “العمل” بالوصايا، وهو يرمي إلى “تطهير الضمير” للمثول في حضرة الله. ولكنّ هذه الممارسة لا تكفي. يجب أن تُرفَقَ بجهاد آخر يكمُّلها، وهو جهاد داخليٌّ أكثر من الأوّل. إنّه البحث عن علاقة حيّة وغير منقطعة مع الله، من دونها يتهدّدنا خطر التّعب في وقت قصير.
من أجل تغذية هذا الشوق الأوّليّ لله، الّذي يُطلِق فينا الجهاد، علينا، في البدء،أن نتأمّل مليًّا في كلمة الله، ونغذّي ذكر الله.
فالمطالعة الروحيّة تختلف عن المطالعات الأخرى الّتي نقوم بها بغية الاستعلام والتعلّم، حتى في مضمار اللاهوت. وللإفادة حقًّا من هذه المطالعة، يجب أن نخصّص لها أوقاتًا مميزّة، وأن نُقبِلَ على هذه النّصوص بما نوليه من الوقار للإيقونة أو لرفات القدّيسين، ونحن على يقين أنّنا ذاهبون للقاء الله أو القدّيس شخصيًّا من خلال أقواله. حينئذٍ تصير هذه القراءة لمسًا حقيقيًّا لفِعل النّعمة الإلهيّة. فنشعرُ كأنّ أقوال الكتاب وُضِعَت من أجلنا، ونتلو المزامير وكأنّ ما تعبِّر عنه من التسابيح أو الإستغاثة هو كلامنا الخاصّ. وإذا قرأنا مآثر القدّيسين اشتهينا أن نماثلَهُم. ولكي نستفيد من هذه القراءة، يجب أن نتلفظّ ببطء، وربّما بصوت خافت، بالمقاطع الّتي تلمسنا، مكرّرينها، ومتأمّلين في معانيها، حتى تنفذ إلى قلبنا، وتتّحد بكياننا. فتأمّل كلمة الله، مثل تناول الطّعام، يجب أن يُمضَغَ جيِّدًا لكي يتمَّ هضمُه، وينتقل إلى دَمِنا، ويُحييَ كياننا كلَّه.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
يتطلَّب الجهاد للحصول على النقاوة الكاملة؛ جهاد النفس والجسد معًا في أعمال التوبة
العناد مع النفس في الجهاد الروحي
سلام النفس والروح يهدياننى
ترنيمة يا إللي سلام النفس في قربك - المرنم الشماس مينا
الرب يسوع هو سلام النفس


الساعة الآن 01:47 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024