18 - 09 - 2014, 02:35 PM | رقم المشاركة : ( 21 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التمييز و الافراز – القديس يوحنا كاسيان
14- مثال (أ) صموئيل
أخيرًا فإن هذا الأمر واضح بأنه مقبول عند الله، حتى أنه ليس باطلاُ وُجد له مكان في الكتاب المقدس. فالله لم يكلم صموئيل الصبي بالحديث المباشر ولا بالحوار الإلهي، بل سمح له بالذهاب مرة أخرى إلى الشيخ (عالي الكاهن). لقد شاء أن يتدرب ذاك الذي استحق سماع صوت الله على يديْ (عالي) رغم أنه أغضب الله في شيخوخته… حتى يختبر ذاك الذي دُعي لوظيفة إلهية حياة الإتضاع، ويكون قدوة للشباب في ذلك. |
||||
18 - 09 - 2014, 02:35 PM | رقم المشاركة : ( 22 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التمييز و الافراز – القديس يوحنا كاسيان
15- (ب) بولس الرسول
عندما نادى السيد المسيح بولس ودعاه فتح له طريق الكمال، لكنه استحسن أن يوجهه إلى حنانيا، طالبًا منه أن يتعلم الحق عن طريقه، قائلاً: “…قم وادخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل” (أع6:9). لقد أرسله إلى رجل شيخ، معتبرًا أن ذلك أفضل من أن يتسلم تعاليمه منه مباشرة. لئلا يصير بولس مثلاً سيئًا في الاعتماد على ذاته في التعليم، إذ يقنع كل أحد نفسه أنه هو أيضًا يتعلم أحكام الله وتعاليمه بنفسه دون حاجة إلى طريق تعاليم الآباء. بل ويعلمنا الرسول نفسه عن عدم الاكتفاء الذاتي في التعليم قدر المستطاع، وذلك ليس بالكلام بل بالعمل، فيقول أنه ذهب بمفرده إلى أورشليم لهذا الهدف، أي ذهب إلى مجمع غير رسمي يعرض فيه على زملائه الرسل والسابقين عنه الإنجيل الذي يبشر به بين الأمم، ونعمة الروح القدس المصاحبة له بعلامات قوية وعجائب، إذ يقول “…وعرضت عليهم الإنجيل الذي اكرز به بين الأمم ولكن بالانفراد على المعتبرين لئلا أكون أسعى أو قد سعيت باطلاً” (غلا 2:2). فمن هو هذا المكتفي بذاته، الأعمى الذي يتجاسر فيثق في أحكامه الخاصة وتمييزه الشخصي، بينما الإناء المختار يعترف باحتياجه للاجتماع والتشاور مع زملائه الرسل؟! إذن رأينا أن الله لم يكشف لأحد طريق الكمال، طالما كانت له فرص للتعلم من الآباء واختباراتهم، غير مكترثين بمشورة الآباء لذلك يقول: “اسأل أباك فيخبرك وشيوخك فيقولوا لك” (تث7:32). |
||||
18 - 09 - 2014, 02:35 PM | رقم المشاركة : ( 23 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التمييز و الافراز – القديس يوحنا كاسيان
16- أهمية التمييز في اقتناء الفضائل
يلزمنا أن نطلب فضيلة “التمييز” بكل طاقاتنا عن طريق الإتضاع، هذا الذي يحفظنا بدون أي ضرر في أي جانب من الجانبين… فالمغالاة في الصوم والنهم كلاهما يؤديان إلى نهاية واحدة. والمغالاة في السهر في الفضائل يوازي التراخي في نوم عميق من جهة ضررهما للراهب. وحينما يضعف الراهب بسبب التقشف الزائد يعود إلى الحالة التي يكون فيها الراهب مهملا ومقصرًا. لذلك نرى أن أولئك الذين لم ينخدعوا بالنهم كثيرًا ما يهلكوا بالصوم الزائد. وتؤدى الفضائل غير المعتدلة والسهر ليلاً الزائد إلى نفس الهلاك الذي يسببه النوم. وفي ذلك يقول الرسول “…بسلاح البر لليمين ولليسار” 2كو7:6. فلنتقدم باعتدال سليم، ونسير في الطريق الوُسطى بروح التمييز. |
||||
18 - 09 - 2014, 02:35 PM | رقم المشاركة : ( 24 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التمييز و الافراز – القديس يوحنا كاسيان
17- التمييز والاعتدال
فإنني أتذكر إنني كنت أقاوم شهوة الطعام حتى كنت امتنع عن أخذ أي شيء لمدة يومين أو ثلاثة أيام، ولم يكن ذهني يضطرب حتى بتذكر أي طعام ما. وأما عن النوم فإنه بخداع شيطاني نزع النوم من عيني لمدة عدة أيام وليالي، حتى أنني توسلت إلى الله أن يمنحني قليلاً من النوم. لقد شعرت أنني في خطر عظيم بسبب نقص الطعام والنوم أكثر مما في الجهاد ضد الاسترخاء والنهم. فيلزمنا أن نحذر لئلا نسقط في التدليل عن طريق التنعم الجسدي والتساهل مع أنفسنا بالأكل قبل الميعاد المناسب، أو الأكل بشراهة، وفي نفس الوقت يلزمنا أن نقتات بالطعام والنوم كما يتناسب معنا حتى ولو لم نحب ذلك… لأن الزهد المغالى فيه أكثر ضررًا من الشبع بغير حرص، لأن الأخير يتدخل فيه تأنيب الضمير فيفيدنا ويدفعنا إلى المستوى الحقيقي بدقة، أما المغالاة فلا يحدث فيه تأنيب ضمير… |
||||
18 - 09 - 2014, 02:36 PM | رقم المشاركة : ( 25 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التمييز و الافراز – القديس يوحنا كاسيان
18- سؤال
جرمانيوس: إذن ما هو القياس الذي نحتفظ به في الزهد حتى ننجح في حياتنا سالمين معتدلين بين الحدين؟ 19- موسى: بالنسبة لهذا الأمر نحن نعلم أن هناك أحاديث كثيرة لآبائنا بشأنه. من جهة التقشف فبالنسبة لبعض (الرهبان) الذين يعتمدون في حياتهم على البقول أو الخضر والفاكهة فقط، فإن القياس المعتدل هو خبزتين يزنان بالكاد رطلاً. 20- اعتراض لقد تقبلنا حديثه بسرور، وأجَبْناه أنه يصعب علينا أن نعتبر هذا القياس تقشفًا كما أنه ليس من الصعب الوصول إليه بالمرة. 21- موسى: إن كنت ترغب في تذوق قوة هذه الحكمة فلتحتفظ بهذا القياس باستمرار ولا تكسره… |
||||
18 - 09 - 2014, 02:36 PM | رقم المشاركة : ( 26 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التمييز و الافراز – القديس يوحنا كاسيان
22- بل هذا هو الحد الطبيعي للتقشف، وهو أن يسمح كل شخص لنفسه بالطعام قدر احتياجات قوته أو حجم جسده وعمره، فنسمح بالكمية التي يحتاجها الجسد دون أن يشعر بامتلاء…
فإنه إذا لم يتحدد للإنسان قانون، فإنه تارة يضيق على معدته بقلة الطعام وكثرة الأصوام، وأخرى يملأها بالأكل الزائد. فالعقل الذي يتعب بسبب قلة الطعام يخسر نشاطه في الصلاة فينهك العقل بسبب الضعف الزائد للجسد ويرغم على التراخي، ثم يعود ليتضايق بكثرة الطعام، وبالتالي لا يقدر أن ينسكب في الصلوات بانطلاق ونقاوة أمام الله، ولا ينجح في حفظ نقاوة عفته على الدوام. فإنه وإن أبدى أنه يطهّر الجسد بتقشفه العنيف إلا أنه يغذي شهوات الجسد بوقود الطعام الذي يأخذه. |
||||
18 - 09 - 2014, 02:36 PM | رقم المشاركة : ( 27 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التمييز و الافراز – القديس يوحنا كاسيان
24- وهذا الأمر يصعب جدًا تنظيمه، حتى أن أولئك الذين لم يدركوا بعد “التمييز الكامل” يفضلون امتداد صومهم إلى يومين محتفظين بطعام اليوم الأول إلى الغد، حتى إذا ما فطروا يقدرون أن يتمتعوا بطعام كثير حسب طلب شهوتهم.
وأنتم تعلمون ما حدث مع صديقكم بنيامين، الذي تمسك بعناد بخصوص هذا الأمر. فإنه لم يكن يأخذ الخبزتين ولا كميات الأكل القليلة الخاصة به، بل كان يفضل أن يمد صومه إلى يومين حتى إذا ما فطر يملأ معدته الشرهة بضعف الكمية المخصصة. فكان يتلذذ بالأربع خبزات بشهوة. ولعلكم تتذكرون بلا شك أي نهاية كانت لذلك الرجل الذي اعتمد على اختباراته الذاتية بعناد أكثر من اتكاله على تقاليد الآباء. فقد ترك الدير وعاد إلى الفلسفة الباطلة والغرور الأرضي. ها هو بسقوطه يؤكد ضرورة التمسك بتعاليم الآباء السابق ذكرها، وبهلاكه يعطينا درسًا من جهة أنه لا يستطيع أحد أن يتسلق مرتفعات الكمال، ولا أن يبيد خداع الشيطان الخطيرة ما دام يتكل على تعاليمه وخبرته الخاصة. |
||||
18 - 09 - 2014, 02:36 PM | رقم المشاركة : ( 28 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التمييز و الافراز – القديس يوحنا كاسيان
25- سؤال: أما نكسر قانون الطعام بسبب مجيء زائر؟
جرمانيوس: وكيف يمكننا أن نحفظ هذا القياس دون أن نخالفه؟ فقد يحدث أحيانًا بعد الساعة التاسعة[5] حيث تنتهي فترة الصوم حضور بعض الاخوة لرؤيتنا، وعندئذ يلزمنا أن نأكل معهم فنزيد كمية طعامنا المحددة التي اعتدنا عليها وإلا لا نقدم هذا الإكرام الواجب. 26- موسى: يلزمنا أن نراعى كل الواجبات بنفس العناية، فعلينا بتأنيب داخلي نحفظ الكمية المناسبة المسموح لنا بها… وبنفس الطريقة يلزمنا أن نقدم الإكرام ونهتم بالأخ الذي يصل إلينا من أجل المحبة. فإذا قدمت طعامًا لأخٍ لك أو حتى للسيد المسيح، بالضرورة يكون موجبًا للسخرية إن لم تشترك معه فيه، ممتنعًا عن الأكل. ويمكننا أن نحفظ أنفسنا دون أن نخطئ في الأمرين، فنأخذ قطعة واحدة من الخبز المسموح لنا بهما في الساعة التاسعة، ونحتفظ بالأخرى إلى المساء، محتاطين لئلا يأتي أحد. فإذا افتقدنا أحد الأخوة يمكننا أن نشترك معه بأن نأكلها وبهذا لا نكون قد زدنا عما اعتدنا عليه. ويكون حضور الأخ مبهجًا لنا وليس مصدر قلق، مظهرين له الإكرام واللطف من غير أن نتهاون في نسكنا. وإذا لم يحضر أحد يمكننا أن نأكل “الخبزة” الثانية في المساء حسب ما يسمح به لنا قانوننا. وبحسن التدبير هذا إذ تأكل “خبزة” واحدة في الساعة التاسعة لا تتضخم المعدة بالمساء. وهذا غالبًا ما يتبعه المدققين في التقشف، مفضلين ذلك عن تأجيل كل غذائهم إلى المساء. لأنه بالحقيقة من يأكل طعامه (كله) بالليل متأخرًا، يمنع فكره من الاستنارة ويضايقه في الصلوات المسائية. وأيضًا فإن الساعة التاسعة مناسبة للأكل ومريحة، حيث يتقوّت فيها الراهب، فيساعده في أن تكون معدته غير مثقلة خلال السهر الليلي، بل يصير مستعدًا بالتمام للصلوات المسائية إذ يكون الأكل قد هُضم[6]… |
||||
18 - 09 - 2014, 02:36 PM | رقم المشاركة : ( 29 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التمييز و الافراز – القديس يوحنا كاسيان
ملخص المبادئ
“التمييز” هو عين القلب التي تفرز الأفكار والأعمال مميزة إيّاها. هو عطية إلهية يلزمنا أن نثابر في طلبها بلجاجة من الله “الحكمة” ذاته. التمييز يحفظ الإنسان من الضربات اليمينية كالمغالاة في السهر أو الصوم أو الزهد مما يسقط الإنسان في الكبرياء، كما يحفظه من الانحراف اليساري فلا يقبل التراخي والكسل وأفكار الشر. أولاد الله المتضعون في تمييزهم: 1- لا يعتمدون على فكرهم الذاتي بل يتمسكون بفكر الآباء الأولين وروحهم مقتدين بهم في الرب. 2- لا يخفون شيئًا من أفكارهم وأعمالهم عن أب اعترافهم، لأن الفكر الشرير ينكسر سلطانه متى خرج إلى النور، وأيضًا يظهر خداعه ويفضحه. 3- الشيبة ليست هي كل مؤهلات الراعي (أب الاعتراف)، إنما يلزم أن يكون مُحنكًا في الشركة مع الرب سالكًا بلا عيب. ________________________________________ [1] الحديث في المناظرات عن الرهبان وقد استبدلت كلمة “راهب” بـ “إنسان”. [2] الآباء الشيوخ Elders. [3] قبائل متوحشة وسافكة للدم. [4] لم يذكر اسمه لأنه كان لا يزال حيًا. [5] أي الساعة 3 بعد الظهر. [6] وصف كاسيان بعد ذلك كيف أن الآب موسى قد طبق هذا عمليًا إذ قدم المائدة مرتين في اليوم (الساعة التاسعة والمساء)… __________________ |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الترفق بالضعفاء _ يوحنا كاسيان |
يوحنا كاسيان |
القديس يوحنا كاسيان |
القديس يوحنا كاسيان |
أيدي الانسان الداخلي ـ القديس يوحنا كاسيان |