المسيح وسيط الخلاص
سنعالج هذا المفهوم من خلال نقطتين هامتين:
1- يسوع المسيح الإله المتجسد.
2- يسوع المسيح الوسيط بين الله والبشرية.
1- المسيح الإله المتجسد
1- صورة الإعلان الجديدة لكلمة الله المتجسد وعلاقته بالآب وبالروح القدس:
* نعلم أنه بحسب المفهوم الأريوسي أن المسيح كائن متوسط مخلوق، وذلك بمعنى أن الله لا يمكنه الاتصال المباشر بالمخلوقات، لذلك خلق كائنات إلهية متوسطة يمكنها أن تخلق العالم. وبالنسبة إلى النساطرة الذين يقسمون شخص المسيح الواحد إلى اللوغوس (الكلمة) والإنسان يسوع، فنجد أن الوضع لا يخرج عن حيز أن المسيح إنسان مخلوق، وقد سعى نحو الكمال الذي ناله كمكافأة بسبب حلول اللاهوت فيه. لذلك يكون المسيح بحسب تعاليم نسطور عبارة عن شخصين في اتحاد أخلاقي (أدبي). بهذا المفهوم لا يكون هناك حديث عن مكانه السيد المسيح تجاه اللاهوت. فكما يرد القديس كيرلس ضد هذا المفهوم النسطوري فإن المسيح يظل عبدا، كما أنه [لا يختلف بأي حال عن الرسل أو الأنبياء الذين من خلال المراحم نالوا من فوق، المسحة الإلهية، واستطاعوا أن يقولوا: ولكن بنعمة الله نحن ما نحن (1كو 10:15)
* في الواقع يكون وضع الكلمة المتجسد شيء آخر. لأنه خلال التجسد يكون "للكلمة" طريقة إعلان جديدة، حيث إنه أخذ الطبيعة البشرية وظهر في شكلنا وطبيعتنا ولكن هذا لا يعنى استحالة اللاهوت إلى الناسوت، بل [ظلت الطبيعة الإلهية كما هي] كما أنه لا يجب الاعتقاد بأن الطبيعة الإنسانية تحولت إلى الطبيعة الإلهية أو امتزجت بها، وإلا لتوقفت عن أن تكون مخلوقة ولفقدت صفات الخلقة. لذلك يحتج القديس كيرلس بشدة على من يعتقدون في تحول طبيعة لأخرى في شخص المسيح المتجسد، ويكتب في رسالته إلى سوكينسوس أسقف ديوقيصرية الآتي:
* [وحيث إن جسد الله الخاص يتعالى على كل الأجساد البشرية، فلا يمكن أن يكون أمرًا مقبولا أن الجسد وهو من الأرض، يتعرض للتغير إلى طبيعة اللاهوت، فهذا أمر مستحيل. لأننا لو قبلنا هذا فإننا ندعى على اللاهوت كأنه شيء قد صار إلى الوجود وكأنه يضيف إلى ذاته شيئًا لم يكن خاصًا به بحسب الطبيعة. لأنه أمر غير معقول أن يقال إن الجسد قد تحول إلى طبيعة اللاهوت. وبالمثل أن يقال إن "الكلمة" تحول إلى طبيعة الجسد بالقول إن اللاهوت قد غير نفسه إلى طبيعة الجسد وكما أن الأمر الأخير هو مستحيل، لأنه (اللاهوت) غير قابل للتغير والتحول هكذا أيضًا هذا الأمر مستحيل لأنه غير معقول أن يتغير أي مخلوق إلى جوهر اللاهوت أو طبيعته. والجسد مخلوق، لذلك فمن ناحية نقول إن جسد المسيح هو إلهي إذ أنه جسد الله، ونقول إنه يلمع بالمجد الذي لا يوصف، وهو غير قابل للفساد ومقدس ومعطى الحياة. ولكن من الناحية الأخرى، فإنه لا أحد من الآباء القديسين ولا نحن، فكر أو قال إن (الجسد) تغير إلى طبيعة اللاهوت].
* ولأن اللوغوس ظل في الجسد كما كان من قبل، لذلك احتفظ أيضًا في خروجه من حضن الآب بنفس علاقته الأزلية بالآب وبالروح القدس. فالكلمة المتجسد هو "صورة الآب". فنحن الآن نرتفع إلى الآب من خلال وساطة الابن المتجسد (يو 6:14) ونكتسب معرفة مناسبة للاهوت (يو 7:14). والابن في تجسده يكون الروح فيه وكابن متجسد فإنه " يهب ويمنح الروح".