30 - 11 - 2021, 08:23 PM | رقم المشاركة : ( 21 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: كتاب عندي سؤال (الجزء الثاني)
17- يشكك البعض في السلام، والفرح الداخلي الذي يتمتع به المؤمنون ويتساءلون: لماذا لا يكون ذلك وهمًا، وإيحاء صنعوه لأنفسهم؟
السؤال السابع عشر يشكك البعض في السلام، والفرح الداخلي الذي يتمتع به المؤمنون ويتساءلون: لماذا لا يكون ذلك وهمًا، وإيحاء صنعوه لأنفسهم؟ الإجابة: إن الدليل والإثبات على وجود غير المرئي هو قوة تأثيره في المحيط الموجود فيه. إن قوة الحياة السماوية التي يعيشها أولاد الله (القطيع الصغير) خير شاهد على صدق إيماننا الحق. وإن فرح أولاد الله القديسين، وثباتهم في المسيح لا تفسير له غير قوة الإيمان بالله. ولكننا سنشرح ذلك مؤيدًا بالأدلة في النقاط التالية. أولًا: ما بين الحقيقة، والوهم (الخيال): ● الفرق شاسع بين الحقيقة والخيال: الفرق بين الحقيقة والوهم شاسع جدًا، فالوهم خيال، لا وجود له في الحقيقة، ومَن ينجح في إقناع نفسه بوجود شيء لا وجود له لن ينجح في البناء على هذا الشيء؛ لأنه غير موجود أصلًا. وكتابنا المقدس يذكر عن أولاد سكاوا أحد كهنة اليهود: أنهم توهموا المقدرة على إخراج الشياطين، ولما حاولوا ذلك بالقسم على الروح النجس باسم الرب يسوع استهتر بهم الشيطان وسخر منهم وقوي عليهم قائلًا لهم: "...:«أَمَّا يَسُوعُ فَأَنَا أَعْرِفُهُ، وَبُولُسُ أَنَا أَعْلَمُهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَمَنْ أَنْتُمْ؟» فَوَثَبَ عَلَيْهِمُ الإِنْسَانُ الَّذِي كَانَ فِيهِ الرُّوحُ الشِّرِّيرُ، وَغَلَبَهُمْ وَقَوِيَ عَلَيْهِمْ، حَتَّى هَرَبُوا مِنْ ذلِكَ الْبَيْتِ عُرَاةً وَمُجَرَّحِينَ. وَصَارَ هذَا مَعْلُومًا عِنْدَ جَمِيعِ الْيَهُودِ" (أع19: 15- 17). ثانيًا: إيمان مبني على الصخر: ● إيماننا أساسه الحقيقة لا أساطير: إيماننا المسيحي بُنِيَ على حقائق، وليس على أساطير أو خيال. فقد تجد في الديانات القديمة آلهة أسطورية، لا وجود لها في الحقيقة كـ(إيزيس،... وأوزوريس.،.. ورع،... وآمون،... وحتحور،... و...، و...،). يبني أصحاب هذه الديانات معتقداتهم علي هذه الأساطير. أما مسيحيتنا فأساسها إلهنا الرب يسوع الذي صار إنسانًا، وسجل له التاريخ شهادة ميلاده، وعاش وسط الناس، وعَلَّمَ وعَمِلَ المعجزات، وأَنبأَ تلاميذه بما سيكون، وشهد وأجمع المؤرخون بحقيقة وجوده في فترة تجسده على الأرض، وحتى الآن تشهد وصاياه وتعاليمه لنعمته وقدرته. لقد دافع معلمنا بولس الرسول عن اتهام فستوس الوالي له بالهذيان موضحًا له بأنه يبشر بحقائق حدثت بطريقة علنية أمام الجموع الغفيرة، قائلًا له: "فَقَالَ:«لَسْتُ أَهْذِي أَيُّهَا الْعَزِيزُ فَسْتُوسُ، بَلْ أَنْطِقُ بِكَلِمَاتِ الصِّدْقِ وَالصَّحْوِ. لأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ هذِهِ الأُمُورِ، عَالِمٌ الْمَلِكُ الَّذِي أُكَلِّمُهُ جِهَارًا، إِذْ أَنَا لَسْتُ أُصَدِّقُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذلِكَ، لأَنَّ هذَا لَمْ يُفْعَلْ فِي زَاوِيَةٍ." (أع26: 25- 26). ● قوة روح الله القدوس العامل فينا هي برهان إيماننا: الروح القدس غير مرئي، لأنه روح، لكنه ذو قوة وتأثير لذا يمكن إدراكه، ومعروف أن أي قوة لها تأثيرها ومفعولها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وقد شرح الرب لنيقوديموس ضرورة الولادة من الماء والروح القدس، والذي شبهه الرب في قوته بالريح الذي لا يُرى، لكن مفعوله ملموس قائلًا له: "اَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاءُ، وَتَسْمَعُ صَوْتَهَا، لكِنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ. هكَذَا كُلُّ مَنْ وُلِدَ مِنَ الرُّوحِ». (يو3: 8). فإن كان روح الله يعمل فينا بقوة، ويَظهرُ تأثيره في حياة المؤمنين، فالأمر إذًا حقيقي لا خيال ، ونحن لا نُوهِمُ أنفسنا. إن الحياة من حولنا تُعطِينا الكثير من الأمثلة المشابهة لذلك، فعلى سبيل المثال: من منا ينكر وجود الطاقة الكهربائية التي تسري في أسلاك الكهرباء دون أن نراها، ولكننا نوقن بوجودها، ونلمس مفعولها. كذلك أيضًا الروح القدس الساكن فينا مع أنه لا يُرىَ، لكنه يثمر فينا محبة، سلام، فرح، و... و.... إن مواهب الروح، وعطاياه قُوىَ تعمل في أولاد الله نتيجة لسُكنَى روح الله فيهم. ● انتشار كرازة الآباء الرسل بقوة الروح القدس: مسيحيتنا ليست هي حكمة كلام فقط نضعه في عقول الناس، بل هي قوة ظهر مفعولها في حياة الآباء الرسل، ثم امتد تأثيرها ليظهر في حياة المؤمنين، ثم في أُسَرِهم، فظلل عليهم السلام والحب، وامتدت نعمة الروح لتعمل في المجتمعات لخير الناس، وتَقَدمُ البشرية وتَحَضُرِها. لقد انتشر نور الكرازة ليشرق على العالم كله بقوة ونعمة الله، وهذا ما أكده معلمنا بولس الرسول عن إيمان أهل كورنثوس قائلًا: "وَكَلاَمِي وَكِرَازَتِي لَمْ يَكُونَا بِكَلاَمِ الْحِكْمَةِ الإِنْسَانِيَّةِ الْمُقْنِعِ، بَلْ بِبُرْهَانِ الرُّوحِ وَالْقُوَّةِ، لِكَيْ لاَ يَكُونَ إِيمَانُكُمْ بِحِكْمَةِ النَّاسِ بَلْ بِقُوَّةِ اللهِ. " (1كو2: 4- 5). ● قيادة الله لكنيسته: حمل شُعلَة الكرازة تلاميذ الرب البسطاء. كانوا نَفَرٌ قليل، وأغلبهم صيادون من منطقة الجليل (أوضع الأماكن في أرض فلسطين) التي وصفها الكتاب بقوله: "أَرْضُ زَبُولُونَ، وَأَرْضُ نَفْتَالِيمَ، طَرِيقُ الْبَحْرِ، عَبْرُ الأُرْدُنِّ، جَلِيلُ الأُمَمِ. الشَّعْبُ الْجَالِسُ فِي ظُلْمَةٍ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا، وَالْجَالِسُونَ فِي كُورَةِ الْمَوْتِ وَظِلاَلِهِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُور". (مت4: 15- 16). بشروا وسط كراهية وعداوة رؤساءهم من كهنة اليهود وشِيُوخِهم. طَرَدَهم والديهم وإخوتهم، وسلموهم للقتل. اُتهموا بأشنع الاتهامات الباطلة حتى صاروا سَيئُوا السمعة أمام السلطات الرومانية التي تعاملت معهم بوحشية منقطعة النظير. وفي كل مرة وقفوا أمام المجامع كان روح الله القدوس يعطيهم فم وحكمة كوعد الله لهم: "لأَنِّي أَنَا أُعْطِيكُمْ فَمًا وَحِكْمَةً لاَ يَقْدِرُ جَمِيعُ مُعَانِدِيكُمْ أَنْ يُقَاوِمُوهَا أَوْ يُنَاقِضُوهَا" (لو21: 15)، وهكذا كان الإيمان ينتشر من موضع إلى موضع. أرسلهم الروح القدس حاملين سلام الرب وكلمته فقط، ودون أي سند مادي حسب أمر الرب القائل: "لاَ تَحْمِلُوا كِيسًا وَلاَ مِزْوَدًا وَلاَ أَحْذِيَةً، وَلاَ تُسَلِّمُوا عَلَى أَحَدٍ فِي الطَّرِيقِ. وَأَيُّ بَيْتٍ دَخَلْتُمُوهُ فَقُولُوا أَوَّلًا: سَلاَمٌ لِهذَا الْبَيْتِ" (لو10: 4- 5). كانت خطتهم المحكمة لنشر الكرازة في العالم كله هي خطة سماوية، أما الأوامر فكانت تصدر من الروح القدس كقول الروح لكنيسة أنطاكية: "بَيْنَمَا هُمْ يَخْدِمُونَ الرَّبَّ وَيَصُومُونَ، قَالَ الروح القدس: «أَفْرِزُوا لِي بَرْنَابَا وَشَاوُلَ لِلْعَمَلِ الَّذِي دَعَوْتُهُمَا إِلَيْهِ». فَصَامُوا حِينَئِذٍ وَصَلُّوا وَوَضَعُوا عَلَيْهِمَا الأَيَادِيَ، ثُمَّ أَطْلَقُوهُمَا. فَهذَانِ إِذْ أُرْسِلاَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ انْحَدَرَا إِلَى سَلُوكِيَةَ، وَمِنْ هُنَاكَ سَافَرَا فِي الْبَحْرِ إِلَى قُبْرُسَ وَلَمَّا صَارَا فِي سَلاَمِيسَ نَادَيَا بِكَلِمَةِ اللهِ فِي مَجَامِعِ الْيَهُودِ. وَكَانَ مَعَهُمَا يُوحَنَّا خَادِمًا" (أع13: 2- 5). وهكذا انتشرت، وعمت الكرازة العالم خلال ثلاثين عامًا، أو أكثر قليلًا. فهل يا ترى يقدر قلة من البسطاء الذين توهموا خطأ في معتقدات يحاربها العالم كله تدبير خطة مُحكَمِةٍ لنشر أوهامهم في المسكونة كلها؟! أنه الهذيان نفسه أن يفترض أحد هذا. ● إيمان يعتمد على واقع خبرة عملي: إيماننا بالله كأبناء أحباء لأبيهم، ليس هو فقط تصديق قدرته، وإمكانية حضوره لنجدتنا في وقت الضيق، ذلك لأن حضوره وسط حياتنا واقع عملي ملموس، فقيادته لنا بروحه القدوس وتدبيراته لأمور حياتنا، وفاعلية نعمته فينا متجددة، ولدى كل ابن بار لله سجل لا ينضب لأحداث واقعية، تشهد لحب الله له، وتدبيراته في حياته اليومية. وقد سجل داود النبي خبرته عن حضور الله في حياته قائلًا: "اَلَّلهُمَّ، قَدْ عَلَّمْتَنِي مُنْذُ صِبَايَ، وَإِلَى الآنَ أُخْبِرُ بِعَجَائِبِكَ". (مز:71: 17). إن إلهنا هو عمانوئيل، أو الله معنا، الذي يسند، ويعزي، ويوجه سفينة حياتنا في طريق الحياة والخلاص، ووجوده وحضوره القوي الملموس هو ما يُفَرِحُ قلب أبناءه، ويملأهم سلامًا لتفيض قلوبهم بتسبيحه كقول داود النبي:"بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ،وَكُلُّ مَا فِي بَاطِنِي لِيُبَارِكِ اسْمَهُ الْقُدُّوسَ.بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ." (مز103: 1- 2). ● حضور الله، ووجوده الدائم في حياتنا امتياز: إن وجود الله في حياة المؤمنين أعظم ما يميز إيماننا المسيحي، وهذا ما طلبه موسى النبي من الله قائلًا له: "فَإِنَّهُ بِمَاذَا يُعْلَمُ أَنِّي وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ أَنَا وَشَعْبُكَ؟ أَلَيْسَ بِمَسِيرِكَ مَعَنَا؟ فَنَمْتَازَ أَنَا وَشَعْبُكَ عَنْ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ».(خر33: 16). ● الله واقع حاضر في حياة أولاده: وعد الرب بوجوده وسط كنيسته وشعبه إلى الانقضاء قائلًا: "وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ." (مت 28: 20). وليس ذلك فقط، بل وعد بسكناه فينا بحسب قوله: "أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ:«إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلاَمِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلا.ً" (يو14: 23). ووعد أيضًا أن يُظهِرُ ذاته لمن يحفظ وصاياه قائلًا: "اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي، وَالَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي، وَأَنَا أُحِبُّهُ، وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي». (يو14: 21). وقد تمم الرب وعوده لنا، فظهر بعد قيامته للتلاميذ، ولمريم المجدلية، وظهر لتلميذي عمواس في الطريق، ثم لتوما، ولكثيرين، وظهر أيضًا لشاول الطرسوسي ليفتقده، وافتقد الخصي الحبشي وزير كنداكة، فأرسل له فيلبس ليفهمه نبوات سفر إشعياء، التي كان يقرأها دون فهم، وليبشره ببشارة الخلاص، ومازال الرب بحسب وعده الصادق يتابع ظهوراته وإعلاناته لكل أولاده المحبوبين: كلٌ بطريقةٍ خاصة قوية تُناسِب ظروف حياته. ● ظهور الله الدائم في حياتنا يقين وليس خيال: ظهور الله لنا ليس بالضرورة أن يكون بصورة مرئية، لكنه محسوس بقوة عمل صلاحه في حياتنا، وذلك بتدخله للتعزية والإرشاد، وبإنارة الذهن والإدراك. إن الله يمنح طالبيه قوة الإرادة والإلهام، يدبر أمورهم، هو يضبط كل ما يجري من حولهم من أمور، بما فيها ما يبدو وكأنه شرًا لتتوافق بطريقة إعجازية لخيرهم، وذلك بحسب قول الكتاب: "وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ." (رو8: 28). إنها قيادة الله الحكيمة لحياتنا وعين رعايته الساهرة علينا، والتي نلمسها على الدوام. ● شرط البنوة: حضور الله، وقيادته حقيقة واقعة، لكن ذلك مشروط ومرتبط بعلاقة بنوتنا لله. فالله يبسط يده للجميع، وكل من يقبله ويؤمن به يعطيه سلطان أبناء الله (أي امتياز الأبناء)، بكل ما يحمله هذا التعبير من معاني حضور الله، وقيادته لأبنائه. والابن بالطبع يعرف إرادة أبيه ويستريح لها، ولذلك يتعهده الله كأب، ويقوده بروحه القدوس الساكن فيه، بحسب قول الكتاب: "لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ." (رو8: 14). رابعًا: جهاد الشهداء والقديسين: ترك آباؤنا الشهداء القديسون أعظم شهادة حية على حياتهم الداخلية المملوءة قوة وسلامًا، وذلك باحتمالهم الآلام بصبر. لم يقدر المعذبون أن ينزعوا سلامهم، قابلوا الأسود المفترسة، وهم شاخصون للسماء يترنمون. أربكت بسالتهم معذبيهم. فكيف احتملوا كل صنوف العذاب والضيق في شكر؟! لم يتراجعوا ولم ينكروا الإيمان. إن ثباتهم أمام الموت ليس له تفسير إلا تفسيرًا واحدًا فقط، وهو قوة الله الفائقة التي عملت في طبيعتهم البشرية الضعيفة. لقد عانوا من عذابات وآلامات حقيقية، ولفترات طالت في بعض الأحيان لسنوات أو شهور. لم يكن إستشهادهم بطريقة سريعة مريحة لا تتعدى جزءًا من الثانية مثلما نسمع الآن عن هؤلاء الإرهابيين المضلين المتشدقين بالإيمان، والذين يضغطون على ذر لكيما ينفجر حزام ناسف مشدود حول أجسادهم. كان الحب والإيمان يدفعهم وقوة الله تثبَّتهم. لم يكن لديهم أمل في حياة مادية قادمة، ولكنهم كانوا ينتظرون الحياة السماوية الأبدية. حقًا كان احتمالهم دليل حياتهم الداخلية المملوءة من نعمة الله، والإيمان به. · شُهداؤنا في ليبيا يشهدون بثباتهم عن حقيقة نعمة الله العاملة فينا: وأقرب مثال لعمل قوة الله، ونعمته في المؤمنين باسمه، ما رأته أعين العالم كله من تسجيل (فيديو) لشهدائنا الواحد والعشرين في ليبيا، والذين سالت دماؤهم على أيدي جماعات الإرهاب والتعصب عام 2015 م.، ضحوا بحياتهم في ثبات لأجل الرب يسوع المسيح دون اضطراب، أو ارتباك. لقد أذهل ثباتهم العالم، وحَيّر العقول. وحاول الكثيرون أن يجدوا تفسيرًا لثباتهم، وعيونهم الشاخصة للسماء دون ارتباك أو اضطراب، ولم يجد العالم ولن يجد تفسيرًا غير اعتراف المنصفين بنعمة الله الفائقة للطبيعة، وقوته العاملة فيهم، والتي انتهت بفوزهم بالأكاليل السمائية. |
||||
30 - 11 - 2021, 08:24 PM | رقم المشاركة : ( 22 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: كتاب عندي سؤال (الجزء الثاني)
18- يدعي البعض بأن ابتعاده عن الممارسات الروحية من صلاة وصوم وقراءة للكتاب المقدس و.. و... يجنبه مشاكل، ومتاعب كثيرة؛ لأن إبليس لن يجربه، أو يحاربه. فهل هذا حق؟
السؤال الثامن عشر يدعي البعض بأن ابتعاده عن الممارسات الروحية من صلاة وصوم وقراءة للكتاب المقدس و.. و... يجنبه مشاكل، ومتاعب كثيرة؛ لأن إبليس لن يجربه، أو يحاربه. فهل هذا حق؟ الإجابة: الله هو النور الحقيقي، ومن يبتعد عن النور يُحَرمُ من الحياة، وتعميه الظلمة، ويُحيطه الضلال من كل جانب فيتعثر ويسقط سقوطًا متواليًا. إن سقوط وهلاك مثل ذلك المسكين أمر محتوم لا شك فيه، لأن العدو الشرير بمكره يَعمِي كل من يحيا خارج الرب يسوع النور عن طريق الحياة الأبدية ويُزَيَن له طريق الموت بخداعه فيهلك دون أن يدري. وفيما يلي نشرح ما يؤيد ضلال هذه الخدعة الماكرة: أولًا: الله هو الضابط الكل: · الله هو مدبر هذا الكون العظيم: لا يحدث أمر في هذا الكون إلا بسماح من الله، سواء كان ذلك تجربة أو مرض، أو خسارة، أو شدة، أو... أو.. إن إبليس أو أي خليقة أخرى لا تقدر مهما كانت قوتها أن تسبب ضررًا للإنسان إن لم يكن الإنسان هو نفسه سببًا في ضرر نفسه. فإن افترضنا جدلًا إن هناك من يمكنه أن يضر الإنسان حسبما شاء، ووقتما شاء (إبليس) فلن يكون هناك خير إطلاقًا لبني البشر، ولن يكون الله هو إله هذا الكون الضابط الكل. · الله يوجه كل الأشياء لخير أولاده: إن الله بإرادته، وسلطانه يستخدم كل الأشياء لخير أولاده، حتى ولو سمح للشيطان أن يحارب أولاده؛ لأن ذلك سيؤول إلى نصرتهم وخيرهم إن ثبتوا في الله. إن أعظم مثال يؤكد هذه الحقيقة هو ذهاب الشيطان ليطلب إذنًا بالسماح بتجربته أيوب الصديق كقول الكتاب: "أَلَيْسَ أَنَّكَ سَيَّجْتَ حَوْلَهُ وَحَوْلَ بَيْتِهِ وَحَوْلَ كُلِّ مَا لَهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ؟ بَارَكْتَ أَعْمَالَ يَدَيْهِ فَانْتَشَرَتْ مَوَاشِيهِ فِي الأَرْضِ. وَلكِنِ ابْسِطْ يَدَكَ الآنَ وَمَسَّ كُلَّ مَا لَهُ، فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ».(أي10:1-11).. ولكن الرب لم يسمح له بتجربة أيوب حسبما شاء، بل حدد له مجال التجربة قائلًا لهِ: «هُوَذَا كُلُّ مَا لَهُ فِي يَدِكَ، وَإِنَّمَا إِلَيهِ لاَ تَمُدَّ يَدَكَ». ثمَّ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنْ أَمَامِ وَجْهِ الرَّبِّ." (أي1: 12). ثانيًا: الله يحفظ الإنسان من تجارب إبليس المهلكة: · يحافظ البشر على ما لهم من أشياء، وإن تلف لهم شيء يَعتَبِرونَ ذلك خسارة شخصية لهم فما بالنا الله القدير!! فقد خلق الله الإنسان للحياة، ولا يريد هلاكه لذلك فهو يحفظه. وأكد الرب حفظه لأولاده بوعود كثيرة نذكر منها: 1. "كَثِيرَةٌ هِيَ بَلاَيَا الصِّدِّيقِ، وَمِنْ جَمِيعِهَا يُنَجِّيهِ الرَّبُّ. يَحْفَظُ جَمِيعَ عِظَامِهِ. وَاحِدٌ مِنْهَا لاَ يَنْكَسِرُ. الشَّرُّ يُمِيتُ الشِّرِّيرَ، وَمُبْغِضُو الصِّدِّيقِ يُعَاقَبُونَ." (مز34: 19- 21). 2. "الرَّبُّ يَحْفَظُكَ مِنْ كُلِّ شَرّ. يَحْفَظُ نَفْسَكَ. الرَّبُّ يَحْفَظُ خُرُوجَكَ وَدُخُولَكَ مِنَ الآنَ وَإِلَى الدَّهْرِ." (مز121: 7). 3. منع الله بلعام الشرير من لعن شعبه إسرائيل. ولما أصر بالاق ملك الأموريين أن يلعن له بلعام شعب الله إسرائيل أجابه بلعام مستنكرًا: "... مِنْ أَرَامَ أَتَى بِي بَالاَقُ مَلِكُ مُوآبَ، مِنْ جِبَالِ الْمَشْرِقِ: تَعَالَ الْعَنْ لِي يَعْقُوبَ، وَهَلُمَّ اشْتِمْ إِسْرَائِيلَ. كَيْفَ أَلْعَنُ مَنْ لَمْ يَلْعَنْهُ اللهُ؟ وَكَيْفَ أَشْتِمُ مَنْ لَمْ يَشْتِمْهُ الرَّبُّ؟" (عد23: 7- 8). إنها قوة حفظ الرب لشعبه، التي معها لا يوجد سبيل للعنهم، أو للإضرار بهم، لأنه إن كان الرب قد باركهم، فمن يستطيع لعنهم بعدما باركهم الله؟! ثالثًا: أولاد الله المقيمون في النعمة: يشيع عدو الخير، ويخيل للناس أن أولاد الله يصارعون على الدوام مع المشاكل ويعانون، وكأنهم محرومون مكتئبون دون راحة. إن ذلك ليس حقيقيًا. إنه إدعاء كاذب ومغرض، وذلك لما يلي: 1. أولاد الله مقيمون في نعمة لأن الله هو أبوهم الراعي الصالح الذي يرعاهم ويحفظهم، ويسدد كل احتياجاتهم بحسب غناه وحكمته التي لا مثيل لها. لقد أكد معلمنا بولس الرسول ذلك قائلًا: "الَّذِي بِهِ أَيْضًا قَدْ صَارَ لَنَا الدُّخُولُ بِالإِيمَانِ، إِلَى هذِهِ النِّعْمَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُونَ، وَنَفْتَخِرُ عَلَى رَجَاءِ مَجْدِ اللهِ." (رو5: 2). 2. إنهم ممتلئون من ثمار نعمة الروح القدس الساكن في داخلهم. إن الروح القدس يثمر فيهم ثماره المباركة محبة... سلام... فرح......هم أغنياء من الداخل، لذلك فهم يتلذذون بسلام عجيب، وصفه الكتاب بأنه يفوق كل عقل (كل تخيل)، وفرح وصفه الكتاب أيضًا بالمجيد. أما فاعلي الشر فيفقدون ما لهم وبعد قليل يزولون كقول داود النبي: "كُفَّ عَنِ الْغَضَبِ، وَاتْرُكِ السَّخَطَ، وَلاَ تَغَرْ لِفِعْلِ الشَّرِّ، لأَنَّ عَامِلِي الشَّرِّ يُقْطَعُونَ، وَالَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ الرَّبَّ هُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ. بَعْدَ قَلِيلٍ لاَ يَكُونُ الشِّرِّيرُ. تَطَّلِعُ فِي مَكَانِهِ فَلاَ يَكُونُ. أَمَّا الْوُدَعَاءُ فَيَرِثُونَ الأَرْضَ، وَيَتَلَذَّذُونَ فِي كَثْرَةِ السَّلاَمَةِ." (مز37: 8-11). إنهم قد ابتعدوا عن الرب لذلك فهم جوعى وفقراء النفس. يعانون الاضطراب والخوف والقلق لفقدانهم سلام الله كقول إشعياء النبي: "لاَ سَلاَمَ، قَالَ الرَّبُّ لِلأَشْرَارِ». (إش48: 22). فإن كانوا فاقدي السلام والأمان بعد أن تركوا الرب، فأي منفعة لهم بشرورهم وأموالهم، أو بممتلكاتهم أو... أو..؟! 3.إنهم يتمتعون بتعزيات الروح القدس وقت الشدة. يخبرنا الكتاب المقدس عن تعزيات الله لأولاده المجربين كيف يعطيهم رجاء ويحول ضيقهم لأفراح. لقد كان بولس الرسول يسبح الله ويرنم بينما كان مقيدًا وملقى في السجن في فيلبي، وداود النبي اختبر تعزيات الله له وهو مطارد من شاول الملك، الذي كان يريد قتله فنطق مرنمًا متهللًا قائلًا: "لَوْلاَ أَنَّ الرَّبَّ مُعِينِي، لَسَكَنَتْ نَفْسِي سَرِيعًا أَرْضَ السُّكُوتِ. إِذْ قُلْتُ: «قَدْ زَلَّتْ قَدَمِي» فَرَحْمَتُكَ يَا رَبُّ تَعْضُدُنِي. عِنْدَ كَثْرَةِ هُمُومِي فِي دَاخِلِي، تَعْزِيَاتُكَ تُلَذِّذُ نَفْسِي." (مز94: 17-19). لقد أخبر إرميا النبي - الذي عانى كثيرًا من الأشرار - عما اختبره من يد الله القوية التي تسند أولاده في تجاربهم قائلًا: "وَلكِنَّ الرَّبَّ مَعِي كَجَبَّارٍ قَدِيرٍ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ يَعْثُرُ مُضْطَهِدِيَّ وَلاَ يَقْدِرُونَ. خَزُوا جِدًّا لأَنَّهُمْ لَمْ يَنْجَحُوا، خِزْيًا أَبَدِيًّا لاَ يُنْسَى." (إر20: 11). رابعًا: التجارب تعم الجميع أبرارًا وأشرارًا: كثير من التجارب تصيب البشر أجمعين، فالأمراض، أو تقلبات الزمان، أو النكائب الطارئة قد تصيب البشر أجمعين، ولكن بالإضافة لذلك هناك تجارب خاصة بالأبرار لتمسكهم بمبادئهم، وتجارب خاصة بالأشرار بسبب شرورهم. · تجارب وضيقات الأبرار: التجارب الخاصة بالأبرار هي بسبب تمسكهم بالحق، الذي لا يطيقه الأشرار، ولذلك يُضطهدون، ولكن الله يسند أولاده، ويتمجد في حياتهم، ويحول أمثال هذه التجارب لأفراح وانتصارات بحسب قوله: "قَالَ الرَّبُّ: «إِنِّي أَحُلُّكَ لِلْخَيْرِ. إِنِّي أَجْعَلُ الْعَدُوَّ يَتَضَرَّعُ إِلَيْكَ فِي وَقْتِ الشَّرِّ وَفِي وَقْتِ الضِّيقِ.". (إر15: 11). وأيضًا قول المرنم في المزمور: "يَعْمَلُ رِضَى خَائِفِيهِ، وَيَسْمَعُ تَضَرُّعَهُمْ، فَيُخَلِّصُهُمْ. يَحْفَظُ الرَّبُّ كُلَّ مُحِبِّيهِ، وَيُهْلِكُ جَمِيعَ الأَشْرَارِ." (مز145: 19-20). · نكائب الأشرار: التجارب الصعبة التي يقحم الأشرار فيها أنفسهم بفعلهم الخطايا والشرور تُشقي وتمرر حياتهم، بل تدمرهم. لقد علمنا الرب أن نصلي لكي لا ندخل في تجارب مثل هذه (الشرور والخطايا)، لذلك أوصانا أن نطلب في الصلاة الربانية قائلين: "لا تدخلنا في تجربة".(مت13:6) ثم إن الأشرار في ضيقهم لن يجدوا معينًا كالأبرار الذين يسندهم الله، بل بالعكس يشمت بهم إبليس ويفرح بهلاكهم. إنهم في يوم ضيقهم ضعفاء جدًا كالهباء أو العصافة التي لا يمكنها مقاومة العاصفة كقول داود النبي في المزمور:"لَيْسَ كَذلِكَ الأَشْرَارُ، لكِنَّهُمْ كَالْعُصَافَةِ الَّتِي تُذَرِّيهَا الرِّيحُ." (مز1: 4).ِ خامسًا: البعد عن الله ارتماء في أحضان إبليس الشرير: إن من يبتعد عن الله يلتقطه إبليس عدو الخير الشرير ليفترسه كما هو مكتوب عنه: "اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ." (1بط5: 8). لا توجد حالة متوسطة بين الانتماء لله أو لإبليس، وذلك بحسب قول الرب الصادق: "مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ." (لو11: 23). إن الإنسان أمامه اختياران فقط: إما أن يحيا مع الله متمتعًا بخيره، أو أن يقتحمه الشيطان (إذا وجده خاليًا من نعمة الله) ليهلكه كقول الرب: "مَتَى خَرَجَ الرُّوحُ النَّجِسُ مِنَ الإِنْسَانِ، يَجْتَازُ فِي أَمَاكِنَ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ يَطْلُبُ رَاحَةً، وَإِذْ لاَ يَجِدُ يَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ. فَيَأْتِي وَيَجِدُهُ مَكْنُوسًا مُزَيَّنًا. ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَأْخُذُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ أُخَرَ أَشَرَّ مِنْهُ، فَتَدْخُلُ وَتَسْكُنُ هُنَاكَ، فَتَصِيرُ أَوَاخِرُ ذلِكَ الإِنْسَانِ أَشَرَّ مِنْ أَوَائِلِهِ!». (لو11: 24- 26). إنه لأمر خطير أن يرتمي الإنسان في أحضان إبليس، ويخسر الحياة. ولكن دعونا نبحث لنعرف من هو إبليس حتى ندرك بعض الأبعاد الكارثية لتلك الخدعة الإبليسية. · قتال وسفاك دماء: لقد وصفه الكتاب المقدس بأنه ليس قاتل، بل قتّال أي أنه لا يكف، ولا يشبع من قتل البشر وأذيتهم "... ذَاكَ كَانَ قَتَّالًا لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَق. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ." (يو8: 44). إنه يحارب الناس بغرض قتلهم وإهلاكهم وحتى من استسلموا له خاضعين يقودهم إلى الهلاك، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. أما الرب يسوع فهو يحارب الشر ليقضي عليه، فيهب لنا سلامًا، لأنه هو ملك السلام. صور سفر الرؤيا الرب يسوع كفارس راكبًا على فرس أبيض قائلًا عنه: "ثُمَّ رَأَيْتُ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ يُدْعَى أَمِينًا وَصَادِقًا، وَبِالْعَدْلِ يَحْكُمُ وَيُحَارِبُ." (رؤ19: 11). لقد فسر القديس يوحنا الرائي معنى ظهور الرب راكبًا على فرس أبيض بقوله عنه: "أنه يدعى أمينًا وصادقًا وبالعدل يحكم ويحارب".أما إبليس فقد صوره سفر الرؤيا بوحش دموي، ولهذا وصفه بالقرمزي أي لونه لون الدماء قائلًا: "فَمَضَى بِي بِالرُّوحِ إِلَى بَرِّيَّةٍ، فَرَأَيْتُ امْرَأَةً جَالِسَةً عَلَى وَحْشٍ قِرْمِزِيٍّ مَمْلُوءٍ أَسْمَاءَ تَجْدِيفٍ، لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ." (رؤ17: 3). إنه مستعد على الدوام ليؤذي أي أحد، حتى الحيوان. لقد طلب الشيطان من الرب الأذن له بالخروج من الإنسان الذي به اللجئون (عدد كبير من الشياطين)، والدخول في خنازير كانت موجود بتلك المنطقة، ولما سمح له الرب بذلك أغرق قطيع الخنازير ليحقق بذلك أكبر خسارة ممكنة، قبل خروجه من ذلك الإنسان المسكين. حقًا إنه الشرير. · الحية القديمة أو المضل الكذاب: إن إبليس هو المضل الذي خدع أبوانا الأولان آدم وحواء. لقد أغوى أمنا حواء لتأكل من الشجرة، ومعها أبونا آدم. شككهما في محبة وصدق الله. أكد لهما الكذاب أنهما لن يموتا إذا خالفا الوصية، بل إنهما سيصيران كالله عارفين الخير والشر. وما زال إبليس المضل يكذب على الناس ويخدعهم، ليهلكهم كقول معلمنا يوحنا الرائي: "ثُمَّ مَتَى تَمَّتِ الأَلْفُ السَّنَةِ يُحَلُّ الشَّيْطَانُ مِنْ سِجْنِهِ، وَيَخْرُجُ لِيُضِلَّ الأُمَمَ الَّذِينَ فِي أَرْبَعِ زَوَايَا الأَرْضِ: جُوجَ وَمَاجُوجَ، لِيَجْمَعَهُمْ لِلْحَرْبِ، الَّذِينَ عَدَدُهُمْ مِثْلُ رَمْلِ الْبَحْرِ." (رؤ20: 7- 8). إن إبليس الكذاب يخدع الناس واعدًا إياهم بتحقيق اللذة والسعادة من خلال الخطية، ولكنه يميتهم بعصيانهم لله، وبانفصالهم عن الله. إنه يستعبدهم بالشهوة. إنه يخفي الحقيقة عن أعين الناس، وهو أن الخطية سَتُفقِدهم سلامهم وأمانهم وسَتفصِلَهم عن ملك السلام، وينقسمون على أنفسهم إلى أن يهلكوا. لقد أوضح ذلك معلمنا يعقوب الرسول محذرًا قائلًا: "مِنْ أَيْنَ الْحُرُوبُ وَالْخُصُومَاتُ بَيْنَكُمْ؟ أَلَيْسَتْ مِنْ هُنَا: مِنْ لَذَّاتِكُمُ الْمُحَارِبَةِ فِي أَعْضَائِكُمْ؟ تَشْتَهُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ. تَقْتُلُونَ وَتَحْسِدُونَ وَلَسْتُمْ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنَالُوا. تُخَاصِمُونَ وَتُحَارِبُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ، لأَنَّكُمْ لاَ تَطْلُبُونَ. تَطْلُبُونَ وَلَسْتُمْ تَأْخُذُونَ، لأَنَّكُمْ تَطْلُبُونَ رَدِيًّا لِكَيْ تُنْفِقُوا فِي لَذَّاتِكُمْ. " (يع4: 1- 3). إن فكر الهروب من الله تفاديا ً للمشاكل والمتاعب هو خداع، وغاية هذا الفكر هو هلاك البشر. إنها أيضًا فكرة محبطة يروج لها عدو الخير ليخيف الناس، ويبعدهم عن الحياة الأبدية، لقد اكتشف نحميا تلك الخدعة القديمة عندما بعث إليه أعداءه تهديدات ليخيفوه، لكنه تمسك بالله قائلًا: "لأَنَّهُمْ كَانُوا جَمِيعًا يُخِيفُونَنَا قَائِلِينَ: «قَدِ ارْتَخَتْ أَيْدِيهِمْ عَنِ الْعَمَلِ فَلاَ يُعْمَلُ». « فَالآنَ يَا إِلهِي شَدِّدْ يَدَيَّ». (نح6: 9). لقد حاول الشرير أن يستخدم نفس الخدعة مع الرب يسوع، فقد طلب من الرب السجود له ليعطيه ممتلكات الأرض، ولكن الرب انتهره فخزي. إن ما سيأخذه أي مخدوع بتصديقه إبليس هو لذات وشهوات تصيره عبدًا لذلك الشرير بحسب قول الكتاب: "وَاعِدِينَ إِيَّاهُمْ بِالْحُرِّيَّةِ، وَهُمْ أَنْفُسُهُمْ عَبِيدُ الْفَسَادِ. لأَنَّ مَا انْغَلَبَ مِنْهُ أَحَدٌ، فَهُوَ لَهُ مُسْتَعْبَدٌ أَيْضًا! " (2بط2: 19). ت أخيرًا: إن حربنا مع إبليس هي حرب للرب. لقد سبق الرب وأعلن لحسابنا غلبته على العالم بوعد صادق قائلًا: "قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ». (يو16: 33). ليتنا إذًا نلتصق بمسيحنا القوي الغالب، لأنه لا مفر من هذه الحرب، فالعدو مهلك ولن يتنازل عن إهلاك كل من يقترب منه. |
||||
30 - 11 - 2021, 08:26 PM | رقم المشاركة : ( 23 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: كتاب عندي سؤال (الجزء الثاني)
19- كيف يطلب الشهداء القديسون من الله في السماء الانتقام ممن قتلوهم، كما جاء في الأعداد التالية من سفر الرؤيا "وَصَرَخُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ: «حَتَّى مَتَى أَيُّهَا السَّيِّدُ الْقُدُّوسُ وَالْحَقُّ، لاَ تَقْضِي وَتَنْتَقِمُ لِدِمَائِنَا مِنَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ؟» فَأُعْطُوا كُلُّ وَاحِدٍ ثِيَابًا بِيضًا، وَقِيلَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَرِيحُوا زَمَانًا يَسِيرًا أَيْضًا حَتَّى يَكْمَلَ الْعَبِيدُ رُفَقَاؤُهُمْ، وَإِخْوَتُهُمْ أَيْضًا، الْعَتِيدُونَ أَنْ يُقْتَلُوا مِثْلَهُمْ." (رؤ6: 10- 11).
السؤال التاسع عشر كيف يطلب الشهداء القديسون من الله في السماء الانتقام ممن قتلوهم، كما جاء في الأعداد التالية من سفر الرؤيا "وَصَرَخُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ: «حَتَّى مَتَى أَيُّهَا السَّيِّدُ الْقُدُّوسُ وَالْحَقُّ، لاَ تَقْضِي وَتَنْتَقِمُ لِدِمَائِنَا مِنَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ؟» فَأُعْطُوا كُلُّ وَاحِدٍ ثِيَابًا بِيضًا، وَقِيلَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَرِيحُوا زَمَانًا يَسِيرًا أَيْضًا حَتَّى يَكْمَلَ الْعَبِيدُ رُفَقَاؤُهُمْ، وَإِخْوَتُهُمْ أَيْضًا، الْعَتِيدُونَ أَنْ يُقْتَلُوا مِثْلَهُمْ." (رؤ6: 10- 11). الإجابة: أرواح الشهداء هي أرواح قديسة لها صورة الله في المحبة. تطهرت قلوبهم من الحقد والكراهية، لكنهم ينتظرون مُلكَ الرب يسوع، وخضوع جميع أعدائه تحت قدميه، فليس من المعقول إذًا أنهم يحقدون وينتظرون النقمة والتشفي بعد أن فازوا برضا الله. لكنهم ينتظرون سيادة الله وملكوته الأبدي. والآن لنتناول من خلال النقاط التالية شرح ذلك تفصيلًا: أولًا: الشهداء لا يخصون قاتليهم بالذات، ودليل ذلك ما يلي: · الشهداء لا يطالبون بالانتقام ممن قد تاب وغفر له الرب خطاياه: ليست هذه مطالبة بالانتقام من كل القاتلين لهؤلاء الشهداء القديسين، ولعلنا نتساءل هل القديس إسطفانوس رئيس الشماسة، وأول الشهداء يطلب الانتقام من القديس بولس الرسول؛ لأنه كان محرضًا وراضيًا بقتله؟! بالطبع لا؛ لأنه قد غفر له بحب منذ زمان بعيد قائلًا لله من لأجله: "... «يَا رَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هذِهِ الْخَطِيَّةَ»..." (أع7: 60). إن توبة القديس بولس قد أراحت قلبه، وجعلته صديقًا وأخًا له. وهل يغامر القديس إسطفانوس، ويطلب انتقامًا فلا يغفر له بحسب قول الرب الصادق: "فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَّلاَتِهِمْ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ. وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَّلاَتِهِمْ، لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضًا زَّلاَتِكُمْ." (مت6: 14- 15). وهل هذه الأرواح الطاهرة يمكن أن تُخِطأ هكذا في السماء.؟! · الشهداء لا يخصون قاتليهم الذين مازال الرب يتمهل عليهم بل يطلبون توبتهم وخلاصهم: دليل ذلك طلبة القديس إسطفانوس السابقة لأجل مضطهديه، الذين لم يفقد القديسين الرجاء في توبتهم في يوم من الأيام، وبالفعل تحقق رجاءه بتوبة معلمنا بولس الرسول. إن الشهداء القديسون يطلبون خلاص الكل، ولا يريدون هلاك أحد حتى لو كان ذلك قاتلهم، وهل هم يتضرعون لله قائلين: "لتكن مشيئتك". ؟ وفي نفس الوقت يطلبون انتقامًا من إخوتهم الذين مازال الرب يطيل أناته عليهم ويقتادهم للتوبة كقول معلمنا بولس الرسول: "أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ، غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ؟" (رو2: 4). لقد أعلن القديس بولس الرسول عن مسرة قلبه لخلاص إخوته الذين ظلموه واضطهدوه قائلًا: "فَإِنِّي كُنْتُ أَوَدُّ لَوْ أَكُونُ أَنَا نَفْسِي مَحْرُومًا مِنَ الْمَسِيحِ لأَجْلِ إِخْوَتِي أَنْسِبَائِي حَسَبَ الْجَسَدِ،" (رو9: 3). · لم يطلبوا النقمة من قاتليهم بصفة شخصية، بل من "الساكنين على الأرض" فمن هم هؤلاء؟: قول الشهداء الساكنين على الأرض لا يعني بالضرورة قاتليهم، بل يعني بالأولى الأرضيين المتمسكين بشرور الأرض، وذلك لما يلي: 1. ليس منطقيًا أن يكون هؤلاء الأشرار مازالوا على قيد الحياة: فقد يكون من ظلم هؤلاء الشهداء قد ماتوا منذ زمن طويل لأن قولهم: "حتى متى أيها السيد..." تعني أن انتظار الشهداء قد طال، وتعني أيضًا أن هؤلاء الأشرار لم يتوبوا، لأنهم لو تابوا لصاروا في عداد القديسين كمعلمنا بولس الرسول، أو قد يكونون قد ماتوا وهلكوا بشرورهم غير تائبين ولهذا نسبوا لسكان الأرض. 2. هم الأشرار الهالكون: بالبحث عن هذه العبارة في سفر الرؤيا والتي تكررت في سفر الرؤيا عدة مرات نجد أن استعمالها قد ارتبط بضربات، وعقاب الأشرار المؤكد هلاكهم، الذين أسماؤهم ليست مكتوبة في سفر الحياة (أتباع إبليس رئيس هذا العالم)، ومن أمثلة الشواهد المؤكدة على ذلك ما يلي: "فَسَيَسْجُدُ لَهُ جَمِيعُ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ، الَّذِينَ لَيْسَتْ أَسْمَاؤُهُمْ مَكْتُوبَةً مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ فِي سِفْرِ حَيَاةِ الْخَرُوفِ الَّذِي ذُبِحَ." (رؤ13: 8). "الْوَحْشُ الَّذِي رَأَيْتَ، كَانَ وَلَيْسَ الآنَ، وَهُوَ عَتِيدٌ أَنْ يَصْعَدَ مِنَ الْهَاوِيَةِ وَيَمْضِيَ إِلَى الْهَلاَكِ. وَسَيَتَعَجَّبُ السَّاكِنُونَ عَلَى الأَرْضِ، الَّذِينَ لَيْسَتْ أَسْمَاؤُهُمْ مَكْتُوبَةً فِي سِفْرِ الْحَيَاةِ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، حِينَمَا يَرَوْنَ الْوَحْشَ أَنَّهُ كَانَ وَلَيْسَ الآنَ، مَعَ أَنَّهُ كَائِنٌ." (رؤ17: 8). الاستنتاج: الشهداء القديسون لا يطلبون النقمة بصفة محددة كل واحد من قاتله، بل يطلبون النقمة بصفة عمومية من الأشرار الظالمين الذين لا رجاء فيهم. إنهم يطلبون سرعة مجيء يوم الدينونة. ثانيًا: طلب النقمة من الأشرار الهالكين هو مطلب عادل وحق؟!: الله يُقَدّرُ آلام المظلومين: لا يلوم الله من يصرخ له من الظلم والقهر؛ لأنه تألم مجربًا مثلنا، لكنه يعضده ويسنده في ضيقه، ويستجيب لصراخه كقول الكتاب: «لاَ تَظْلِمْ أَجِيرًا مِسْكِينًا وَفَقِيرًا مِنْ إِخْوَتِكَ أَوْ مِنَ الْغُرَبَاءِ الَّذِينَ فِي أَرْضِكَ، فِي أَبْوَابِكَ. فِي يَوْمِهِ تُعْطِيهِ أُجْرَتَهُ، وَلاَ تَغْرُبْ عَلَيْهَا الشَّمْسُ، لأَنَّهُ فَقِيرٌ وَإِلَيْهَا حَامِلٌ نَفْسَهُ، لِئَلاَّ يَصْرُخَ عَلَيْكَ إِلَى الرَّبِّ فَتَكُونَ عَلَيْكَ خَطِيَّةٌ." (تث24: 14- 15). يحذر الله من مضايقة المساكين، وظلمهم. إن صراخ الشهداء في هذه الآيات يعبر عن شوق الشهداء لإنهاء مملكة ودولة الشر، التي مازالت تسود حتى وقت صراخهم. إنهم يتضرعون إلى الله ليسرع في مجيئه. مشيئة الله تتحقق بإنفاذ عدالته: المطالبة بتحقيق عدالة الله أمر لا يخالف مشيئة الله، الذي عَلَّمنا أن نطلب في الصلاة من أجل مجيء وسيادة ملك الله بحسب قوله لتلاميذه القديسين: "... مَتَى صَلَّيْتُمْ فَقُولُوا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ، لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ، لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ." (لو11: 2). إن سيادة ملكوت الله لا تتحقق إلا بدينونة وهلاك الشيطان واتباعه. طلب العدالة أمر مقدس لا علاقة له بالكراهية والأحقاد: لقد علمنا الكتاب ألا ننتقم لأنفسنا بل نترك أمر مجازاة الأشرار لعدل الله في يوم الغضب (الدينونة) قائلًا: "لاَ تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، بَلْ أَعْطُوا مَكَانًا لِلْغَضَبِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ:«لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ. فَإِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ. وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ. لأَنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ هذَا تَجْمَعْ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ». لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ." (رو12: 19- 21). ونلاحظ أن قول الوحي الإلهي لا تنتقموا لأنفسكم جاء بعده قوله: "بل أعطوا مكانًا للغضب". إن عدم الانتقام للنفس لا يمنع من تسليم الأمر لله، وهذا بدليل قوله أعطوا مكانًا للغضب أي اتركوا لله الدينونة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. إننا نثق أن الله سَيُجَازي الأشرار بحسب أعمال ظلمهم. أما نحن أولاده فعلينا أن نحب أعدائنا ونُطعِمَهُم إذا جاعوا... ولا تعارض بين تسليم الأمر لله الذي نؤمن بعدالته، وبين الغفران والحب للأعداء ما دام الله مازال متمهلًا عليهم (لم يأت وقت دينونته بعد). لقد قيل عن الرب يسوع: "الَّذِي إِذْ شُتِمَ لَمْ يَكُنْ يَشْتِمُ عِوَضًا، وَإِذْ تَأَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُهَدِّدُ بَلْ كَانَ يُسَلِّمُ لِمَنْ يَقْضِي بِعَدْل." (1بط2: 23). إذًا فتسليم أمر إدانة الأشرار لله هو تطبيق طبيعي لحقيقة إيماننا بالله كديان عادل. ثالثًا: طلبة الشهداء هي مجد الله: · يتمجد الله بإعلان عدالته يوم الدينونة: لقد تجلى مجد الله بتجسده من خلال خدمته وتعاليمه، ثم من خلال آلامه، وصلبه وفدائه. وبالإجمال أظهر التجسد بر الله ورحمته وقداسته وحبه، واتضاعه و.. و.. أما يوم دينونة الله، أو يوم الرب كما يُسَميه الكتاب المقدس فهو يوم مجد الله بسبب عدالته وغلبته. لقد وصف القديس يوحنا الرائي فرحة الملائكة والقوات السمائية قائلًا: وَسَمِعْتُ مَلاَكَ الْمِيَاهِ يَقُولُ:«عَادِلٌ أَنْتَ أَيُّهَا الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَكُونُ، لأَنَّكَ حَكَمْتَ هكَذَا. لأَنَّهُمْ سَفَكُوا دَمَ قِدِّيسِينَ وَأَنْبِيَاءَ... «نَعَمْ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ! حَق وَعَادِلَةٌ هِيَ أَحْكَامُكَ». (رؤ16: 5- 7). يوم الدينونة هو يوم نصرة الحق والقداسة: يشتاق كل مؤمن أن يرى الحق والحب والقداسة، والبر الذي آمن به ينتصر على الشر والعنف، والمكر. لقد انتظر كثيرون وعد الله بانتصار الحملان بوداعتهم على الذئاب المفترسة، إنهم منتظرون يوم الرب الذي فيه تفوز الحملان بالحياة الأبدية وينهزم الأشرار خاضعين عند قدمي الرب يسوع حمل الله، الذي بلا عيب. نعم سنفرح لفناء الشر، وليس لهلاك الأشرار. وسنفرح بالله وبحكمته المقدسة، وتدبير خلاصه الذي انتصر على الشر. أنه يوم النصرة والفرح الذي يشتهيه هؤلاء الشهداء القديسين، وفيه يرتلون ترنيمة الغلبة مع موسى النبي قائلين: "... عَظِيمَةٌ وَعَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ! عَادِلَةٌ وَحَق هِيَ طُرُقُكَ يَا مَلِكَ الْقِدِّيسِينَ! مَنْ لاَ يَخَافُكَ يَا رَبُّ وَيُمَجِّدُ اسْمَكَ؟ لأَنَّكَ وَحْدَكَ قُدُّوسٌ، لأَنَّ جَمِيعَ الأُمَمِ سَيَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ أَمَامَكَ، لأَنَّ أَحْكَامَكَ قَدْ أُظْهِرَتْ». (رؤ15: 3- 4). الوحي الإلهي سبق ونطق بمجد يوم الرب العظيم: رأى داود النبي بروح النبوة يوم الرب فتهلل بلسان الشهداء والقديسون في المزمور التاسع معطيًا المجد لله. لقد عدد النبي أسباب فرحه وشوقه لهذا اليوم. وفيما يلي نوجز تلك الأسباب: 1. لأنه يوم إقامة الحقوق: "عِنْدَ رُجُوعِ أَعْدَائِي إِلَى خَلْفٍ، يَسْقُطُونَ وَيَهْلِكُونَ مِنْ قُدَّامِ وَجْهِكَ" (مز9: 3). 2. إنه يوم جلوس الله قاضيًا لتحقيق العدالة وإزالة المظالم: لقد قبل الشهداء الظلم لأجل الرب الديان العادل وهم فرحون على رجاء المجد الآتي، لكن ما ظلموا به لن يمحى بدون إقامة الحق: "لأَنَّكَ أَقَمْتَ حَقِّي وَدَعْوَاي جَلَسْتَ عَلَى الْكُرْسِيِّ قَاضِيًا عَادِلًا.” (مز9: 4). 3. إنه يوم إهلاك الشرير ومحو اسمه، وخرابه إلى الأبد لتصبح الأرض للرب ولمسيحه: "انْتَهَرْتَ الأُمَمَ. أَهْلَكْتَ الشِّرِّيرَ. مَحَوْتَ اسْمَهُمْ إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ. اَلْعَدُوُّ تَمَّ خَرَابُهُ إِلَى الأَبَدِ... " (مز9: 5- 6). 4. يوم الفرح باستجابة الرب وبتحقيق وعوده بالنصرة: "رَنِّمُوا لِلرَّبِّ السَّاكِنِ فِي صِهْيَوْنَ، أَخْبِرُوا بَيْنَ الشُّعُوبِ بِأَفْعَالِهِ. لأَنَّهُ مُطَالِبٌ بِالدِّمَاءِ. ذَكَرَهُمْ. لَمْ يَنْسَ صُرَاخَ الْمَسَاكِينِ." (مز 9: 11- 12). إن دماء الأبرار تصرخ لله ومازالت تصرخ. كقول الرب لقايين الشرير: "... مَاذَا فَعَلْتَ؟ صَوْتُ دَمِ أَخِيكَ صَارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرْضِ" (تك4: 10). لن تكف دماء المظلومين عن الصراخ حتى تتحقق عدالة الله ودينونته. 5. إنه يوم الخلاص والنجاة من الهلاك الأبدي الذي أعده العدو الشرير للصديقين، وهو أيضًا هو يوم خلاص من العدو الشرير إلى الأبد: "... يَا رَافِعِي مِنْ أَبْوَاب ِالْمَوْتِ، لِكَيْ أُحَدِّثَ بِكُلِّ تَسَابِيحِكَ فِي أَبْوَابِ ابْنَةِ صِهْيَوْنَ، مُبْتَهِجًا بِخَلاَصِكَ. تَوَرَّطَتِ الأُمَمُ فِي الْحُفْرَةِ الَّتِي عَمِلُوهَا. فِي الشَّبَكَةِ الَّتِي أَخْفَوْهَا انْتَشَبَتْ أَرْجُلُهُمْ.". (مز9: 13- 15). الخلاصة: إن الله هو الكامل في رحمته، وهو الكامل أيضًا في عدالته. أما نحن كأبناء لله فعلينا أن نثبت وجوهنا نحوه لنعرف مشيئته ولنعمل مرضاته. نحن نثق في الله القدوس، ولذلك نغفر للمسيئين إلينا كما أوصانا الرب، ونطعم ونسقي عدونا؛ لأن الرب أوصانا بحبه، ونحن أيضًا نمجد عدالة الله ونطلبها لمن قد امتلأ كأس غضب الله من نحوه. فإن قضى الرب بهلاك الشيطان وأعوانه الأشرار بحسب دينونته العادلة فمن هذا الذي يجرؤ أن يدعي أن له حبًا أو شفقة أكثر من الله أو يجرؤ على التشكيك في عدالة الله، الذي شهد الكتاب لكماله قائلًا: "حَاشَا! بَلْ لِيَكُنِ اللهُ صَادِقًا وَكُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِبًا. كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «لِكَيْ تَتَبَرَّرَ فِي كَلاَمِكَ، وَتَغْلِبَ مَتَى حُوكِمْتَ" (رو3: 4). إننا نسلم أمر الشيطان وأعوانه من الظَلّمة والقَتلة لعدالة الله في يوم الدينونة، وما علينا نحن غير التمتع بصلاحه وتمجيد حكمته وأحكامه في فرح، وهذا ما فعله هؤلاء الشهداء الذين طلبوا مجد الله بإدانتهم للشر وطلب سرعة انتهاء وفناء سلطان ملكهم إلى الأبد. |
||||
30 - 11 - 2021, 08:27 PM | رقم المشاركة : ( 24 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: كتاب عندي سؤال (الجزء الثاني)
السؤال العشرون
تبث وسائل الإعلام بين الحين والآخر مقاطع من التسجيلات المرئية لمتطرفين إرهابيين يقتلون بوحشية المؤمنين بالمسيح في أنحاء متفرقة من العالم... هذا يدفع البعض للتساؤل... هل لو أتت ضيقات واضطهادات على جيلنا هذا... ترى مَن هم الذين سيثبتون للنهاية؟ وكيف أستعد أنا من الآن لمثل هذه الأزمنة الصعبة؟ الإجابة: خلاص وتمتع البشر بملكوت السماوات هو بعينه مشيئة الله. لقد شهد الرب يسوع لذلك بمشاعر حب فياضة ليلة آلامه وقت العشاء الأخير قائلًا: "وَقَالَ لَهُمْ:«شَهْوَةً اشْتَهَيْتُ أَنْ آكُلَ هذَا الْفِصْحَ مَعَكُمْ قَبْلَ أَنْ أَتَأَلَّمَ، لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لاَ آكُلُ مِنْهُ بَعْدُ حَتَّى يُكْمَلَ فِي مَلَكُوتِ اللهِ»(لو22: 15-16). وأكد ذلك أيضًا بقوله: "لاَ تَخَفْ، أَيُّهَا الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ." (لو12: 32). أما قدرة الرب يسوع على الخلاص فهي معلنة بوضوح من معنى اسمه كقول الملاك ليوسف النجار قبل ولادة الرب يسوع من العذراء مريم: "فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ" (مت1: 21). لقد قصر الكتاب المقدس مقدرة الخلاص على الرب يسوع المسيح قائلًا: "وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ» (أع4: 12). ومع هذا يلزم استعداد الإنسان الشخصي، وقبوله للخلاص الذي أتمه الرب يسوع، ولكن دعونا نبحث ذلك تفصيلًا فيما يلي: أولًا: أزمنة الضيق: · تخيل خاطئ: يخطئ البعض بتخيله أزمنة الضيق، وكأنها أزمنة فوضوية يقف فيها الله ساكتًا، أو، بتعبير البشر "مكتوف اليدين"، بينما يَهِيجُ الشر ليُدَمِرُ دون حساب. إن هذا بالطبع لا صحة له، فالله هو الضابط الكل كقول الكتاب: "فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ، وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ" (دا 7: 14). إن الله هو الخالق المتحكم في خليقته، ومع أنه قد منح الحرية لخليقته العاقلة، لكنه يدير الكون بحسب مقاصده وحكمته، وصلاحه. لقد أكد معلمنا يوحنا الرائي أن ما سيفعله الأشرار في أزمنة آخر الأيام من أعمال يريدون بها الخراب والفساد ستتكامل في آخر الأمر لتصب في سياق تدبيرات الله الصالحة لخير أولاده قائلًا: "لأَنَّ اللهَ وَضَعَ فِي قُلُوبِهِمْ أَنْ يَصْنَعُوا رَأْيَهُ، وَأَنْ يَصْنَعُوا رَأْيًا وَاحِدًا، وَيُعْطُوا الْوَحْشَ مُلْكَهُمْ حَتَّى تُكْمَلَ أَقْوَالُ اللهِ." (رؤ17: 17). · سلطان الله على أزمنة الضيق: ورغم أن الأمور آخر الأيام ستكون صعبة لكن كل الأمور في هذه الأزمنة، وتوقيتاتها تعمل تحت سلطان الله، فهو الذي سمح بها وهو المتحكم فيها، وهو الذي سينهيها وقتما شاء. لقد سبق الرب وأنبأنا بوعد لا يحتمل التأويل بأنه سيقصر الأيام لأجل المختارين قائلًا: "وَلَوْ لَمْ تُقَصَّرْ تِلْكَ الأَيَّامُ لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ. وَلكِنْ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ تُقَصَّرُ تِلْكَ الأَيَّامُ." (مت24: 22). ثانيًا: خلاص شعب الله المختارين (الكنيسة) مضمون: · وعود الله الصادقة: سيثبت المؤمنون حسب وعد الرب لكنيسته مهما كان الشر المحيط بها حسب قوله: "وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا." (مت 16: 18). · الخلاص بقوة الله: حقًا الخلاص مستحيل على الإنسان الضعيف ولكنه مستطاع بقوة الرب يسوع. لقد تساءل تلاميذ الرب عن مدى صعوبة الخلاص قائلين: "...إِذًا مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟" (مت19: 25). لكن الرب أجابهم: "هذَا عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلكِنْ عِنْدَ اللهِ كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ" (مت19: 26). · الآلام اليسيرة، وتدبيرات الخلاص عظيمة: إن نعمة الله تسند المضطهدين والمتألمين في ضيقهم لتتميم خلاصهم، وهذا دون النظر لضعفنا الإنساني. لقد شهد لذلك معلمنا بطرس الرسول قائلًا: "وَإِلهُ كُلِّ نِعْمَةٍ الَّذِي دَعَانَا إِلَى مَجْدِهِ الأَبَدِيِّ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، بَعْدَمَا تَأَلَّمْتُمْ يَسِيرًا، هُوَ يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ، وَيُمَكِّنُكُم" (1بط5: 10).ْ لقد عاصر الرسول الشهداء، وعانى هو أيضًا، فسجن وجلد بحسب شهادة سفر أعمال الرسل، ومع ذلك وصف آلام الاضطهادات بأنها يسيرة؛ لأنها وقتية ومهما طالت مدتها لا تساوي الأمجاد الأبدية. لم يعد معلمنا بطرس الرسول يخاف الآلام فيضعف، وينكر الرب كما حدث أثناء محاكمة الرب في بيت رئيس الكهنة، لكنه تأيد بقوة الروح القدس بعد حلوله على الكنيسة، فصارت الآلام يسيرة في عينيه بسبب النعمة المؤيدة له كقوله: "إِنْ عُيِّرْتُمْ بِاسْمِ الْمَسِيحِ، فَطُوبَى لَكُمْ، لأَنَّ رُوحَ الْمَجْدِ وَاللهِ يَحِلُّ عَلَيْكُمْ. أَمَّا مِنْ جِهَتِهِمْ فَيُجَدَّفُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَتِكُمْ فَيُمَجَّدُ." (1بط4: 14). ثالثًا: الإيمان والتخويف ضدان لا يلتقيان: · الشدائد والضيقات حقيقة سبق وأنبأ بها الكتاب المقدس، ولكن...لا للخوف: نعم هناك ضيقات وشدائد تنتظر المؤمنين، ولكن الكتاب المقدس يكرر مرارًا وتكرارًا أمره لنا بعدم الخوف، ومن أشهر هذه الشهادات قول الرب: "وَلاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ. " (مت10: 28). إن الإنسان المؤمن يثق في قدرة إلهه ومحبته، وبالإيمان يرى الله بمجده حاضرًا أمامه وقت الشدة، فيستهين بالشدائد؛ لأن الله في ذلك الوقت يلهب قلبه بنعمة عظيمة تفوق العقل كقول الرسول: "وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. " (في4: 7). هناك أمثلة في حياتنا اليومية للناس وهم يتناسون الألم من أجل هدف أسمى، فالأم تستهين بأي ألم أو ضرر في سبيل إنقاذ وليدها من الخطر، وهكذا... الجندي، والطبيب، ورجل الإطفاء، و.. و.. و.. كل هؤلاء لا يخافون أثناء تأدية واجبهم لأنهم حريصون على شيء أسمى، ولكن إن تمكن الخوف منهم فسيفوتهم ما هو أسمَى وأعظم، بل سيفرطون فيما لا يمكن أن يعوض. · الإيمان يطرد الخوف بعيدًا عن الإنسان: لقد خاف الشهداء من الله أكثر من قاتليهم، لأنهم كانوا ينظرون وجه الله ذاته -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى- وقد ذكر القديس إستطفانوس رؤيته للرب يسوع أثناء رجم اليهود له، وهذا كان سر ثباته، بل سر ثبات كل المضطهدين. إن علاقة المؤمنين وثقتهم في الله تثمر فيهم حبًا، وإيمانًا وقت الشدة، فيتمتعون بحضور الله القوي، الذي يرفعهم ويقويهم ويعزيهم ويخفف آلامهم، ويكشف ويعلن لهم عما ينتظرهم من أمجاد كقول معلمنا بطرس الرسول: "لِذلِكَ مَنْطِقُوا أَحْقَاءَ ذِهْنِكُمْ صَاحِينَ، فَأَلْقُوا رَجَاءَكُمْ بِالتَّمَامِ عَلَى النِّعْمَةِ الَّتِي يُؤْتَى بِهَا إِلَيْكُمْ عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (1بط1: 13). · الالتصاق والثقة بالله يقوي الإيمان: الغلبة أكيدة لكل المتكلين على الله، لأننا وقت الشدائد نكون في حمى الرب يسوع، الذي قال: "قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ» (يو16: 33). ويمتلئ الكتاب المقدس بوعود الله الكثيرة، التي تؤكد خلاص ونصرة المؤمنين، ولكن يجب على أولاد الله المؤمنين أن يحفظوا تلك الوعود في قلوبهم ويذكروها على الدوام، ويحيوها، ولنا في ذلك آباء الإيمان أعظم مثال.، والذين شهد عنهم الكتاب المقدس قائلًا: "فِي الإِيمَانِ مَاتَ هؤُلاَءِ أَجْمَعُونَ، وَهُمْ لَمْ يَنَالُوا الْمَوَاعِيدَ، بَلْ مِنْ بَعِيدٍ نَظَرُوهَا وَصَدَّقُوهَا وَحَيُّوهَا، وَأَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ عَلَى الأَرْضِ." (عب11: 13). رابعًا: الخوف سلاح الشيطان الشرير: · الخوف يُضعِف، أو يُعدِمُ الإيمان من القلب: يستغل الشيطان الشرير ضعف البشر، فيخيفهم لعله يرهبهم؛ فيخضعوا له، ويرتدون عن إيمانهم. لقد وضع الله في البشر مشاعر الخوف الطبيعية؛ ليحموا أنفسهم من الضرر، لكن الخوف عندما يملك القلب يصير رعبًا، بل موتًا يشل قوى الإيمان، بل يشل التفكير، وقوى العقل جميعها. · مثال عملي: يخبرنا الكتاب عن خوف آحاز ملك يهوذا الذي ارتعب عندما أتى عليه جيش أرام، وجيش إسرائيل فأرسل الله له إشعياء؛ ليحذره؛ وليرد له إيمانه قائلًا له: "وَأُخْبِرَ بَيْتُ دَاوُدَ وَقِيلَ لَهُ: «قَدْ حَلَّتْ أَرَامُ فِي أَفْرَايِمَ». فَرَجَفَ قَلْبُهُ وَقُلُوبُ شَعْبِهِ كَرَجَفَانِ شَجَرِ الْوَعْرِ قُدَّامَ الرِّيحِ. فَقَالَ الرَّبُّ لإِشَعْيَاءَ: «اخْرُجْ لِمُلاَقَاةِ آحَازَ،... وَقُلْ لَهُ: اِحْتَرِزْ وَاهْدَأْ. لاَ تَخَفْ وَلاَ يَضْعُفْ قَلْبُكَ..." (إش7: 2- 4). ثم حذره مبينًا له استحالة تمتعه بالأمان بدون إيمان قائلًا: "... إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا فَلاَ تَأْمَنُوا" (إش7: 9). · الخوف خطية: إن من يترك الخوف يسيطر عليه، ولا يتقوى - بالثقة في الله وطلب قوته ونعمته - يفقد إيمانه، وهذا بالطبع خطيئة؛ لأنه لم يصدق الله، ولم يتكل عليه ولهذا يحسب الكتاب المقدس الخائفين ضمن الأشرار قائلًا: "وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي» (رؤ21: 8). · لنحذر الخوف: إن بث مثل هذه التسجيلات المرئية (videos) وترويجها يهدف لإثارة مشاعر الخوف والرعب في نفوس أولاد الله، فيرتدون عن إيمانهم بالله المحب، والحق، والقوي: الديان العادل، وبالتأكيد من ينساق ويستسلم لمثل هذه المخاوف سيفنى إيمانه. خامسًا: الاستعداد من الآن هو سبيل النجاة: · ضرورة الاستعداد: لقد رسم الرب ملامح خطة النجاة بحديثه وتأكيده على ضرورة الاستعداد من الآن قائلًا: "اِسْهَرُوا إِذًا وَتَضَرَّعُوا فِي كُلِّ حِينٍ، لِكَيْ تُحْسَبُوا أَهْلًا لِلنَّجَاةِ مِنْ جَمِيعِ هذَا الْمُزْمِعِ أَنْ يَكُونَ، وَتَقِفُوا قُدَّامَ ابْنِ الإِنْسَانِ" (لو21: 36). وأيضًا قوله:"وَصَلُّوا لِكَيْ لاَ يَكُونَ هَرَبُكُمْ فِي شِتَاءٍ وَلاَ فِي سَبْتٍ" (مت24: 20). وأيضًا قوله: "وَلَمَّا صَارَ إِلَى الْمَكَانِ قَالَ لَهُمْ:«صَلُّوا لِكَيْ لاَ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ»" (لو22: 40). إن الاستعداد من الآن ضرورة تُجنب الإنسان خطر إغلاق الباب في وجهه، وسماع تلك العبارة المميتة، والتي قيلت في مثل العذارى الحكيمات والجاهلات: "... وَالْمُسْتَعِدَّاتُ دَخَلْنَ مَعَهُ إِلَى الْعُرْسِ، وَأُغْلِقَ الْبَابُ." (مت25: 10). · الصلاة وقت الضيق تحرك السماء لنجدة المضطهدين: إن الصلاة تجلب قوة عظيمة تفوق الطبيعة في وقت الشدة، فالملائكة والسماء يتحركان سريعًا لنجدة المتعلقين بالله، وهذا ما حدث في البستان عندما ظهر للرب يسوع ملاك ليقويه بحسب الكتاب القائل: "وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى قَائِلًا: «يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ» (لو22: 41-42). سادسًا: التاريخ يشهد بإمكانية الخلاص من الضيقة العظمى: لقد سجل لنا الكتاب المقدس مسبقًا صورًا لخلاص الله في أزمنة ضيق شديدة كان يظن وقتها عدم إمكانية النجاة منها نذكر منها على سبيل المثال ما يلي: · خلاص بني إسرائيل من قسوة فرعون الشديدة: لقد اضطهد فرعون شعب إسرائيل، وأمرهم أن ينبذوا أولادهم ويخرجوهم للقتل كقول الكتاب: "فَاحْتَالَ هذَا عَلَى جِنْسِنَا وَأَسَاءَ إِلَى آبَائِنَا، حَتَّى جَعَلُوا أَطْفَالَهُمْ مَنْبُوذِينَ لِكَيْ لاَ يَعِيشُوا.". (أع7: 19). ولكن الله ضرب فرعون المتجبر بعشر ضربات إلى أن اضطر أن يطلق الشعب، وعندما زاد من تجبره وأراد اللحاق بهم خلص الله شعبه بشقه البحر الأحمر ليعبروا على أرض يابسة في قاع البحر.أما فرعون وجنوده فغرقوا في قاع البحر. · خلاص الله لشعبه من يد الفلسطينيين: خلص الرب شعبه من قساوة وذل الفلسطينيين، وقائدهم الجبار جليات المحتمي بعدته الحربية، وذلك بيد داود الفتى الصغير الممسك بمقلاع وخمس حصوات ملساء، والمؤيد بقوة رب الجنود، الذي صرخ بإيمان في وجه الجبار قائلًا: "فَقَالَ دَاوُدُ لِلْفِلِسْطِينِيِّ: «أَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ بِسَيْفٍ وَبِرُمْحٍ وَبِتُرْسٍ، وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ بِاسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ إِلهِ صُفُوفِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ عَيَّرْتَهُمْ. هذَا الْيَوْمَ يَحْبِسُكَ الرَّبُّ فِي يَدِي... فَتَعْلَمُ كُلُّ الأَرْضِ أَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ لإِسْرَائِيلَ. " (1صم17: 45- 46). · الخلاص من جيش مملكة آشور: خلص إسرائيل من رئيس جيش آشور؛ حيث قتل ملاك الرب منهم في ليلة واحدة 185 ألف. · الخلاص من إحدى عشر أمة مجتمعة على شعب الله: عدًّد المرنم في سفر المزامير إحدى عشر أمة مجتمعة على شعب الله بل، على الله ذاته قائلًا: "لأَنَّهُمْ تَآمَرُوا بِالْقَلْبِ مَعًا. عَلَيْكَ تَعَاهَدُوا عَهْدًا. خِيَامُ أَدُومَ وَالإِسْمَاعِيلِيِّينَ، مُوآبُ وَالْهَاجَرِيُّونَ. جِبَالُ وَعَمُّونُ وَعَمَالِيقُ، فَلَسْطِينُ مَعَ سُكَّانِ صُورٍ. أَشُّورُ أَيْضًا اتَّفَقَ مَعَهُمْ. صَارُوا ذِرَاعًا لِبَنِي لُوطٍ. سِلاَهْ" (مز83: 5- 8). ومع هذا لم يرتعب المرنم، بل تشدد لأنه، عاد بذاكرته لعمل الله ونصرته على المديانيين بيد جدعون، ونصرته على سيسرا، الذي حارب شعب الله الأعزل بتسعمائة مركبة حديدية، ولكنه انهزم بيد باراق ودبورة، ولهذا طلب المرنم تدخل الله بإيمان قائلًا: "اِفْعَلْ بِهِمْ كَمَا بِمِدْيَانَ، كَمَا بِسِيسَرَا، كَمَا بِيَابِينَ فِي وَادِي قِيشُونَ. بَادُوا فِي عَيْنِ دُورٍ. صَارُوا دِمَنًا لِلأَرْضِ. اجْعَلْهُمْ، شُرَفَاءَهُمْ مِثْلَ غُرَابٍ، وَمِثْلَ ذِئْبٍ. وَمِثْلَ زَبَحَ، وَمِثْلَ صَلْمُنَّاعَ كُلَّ أُمَرَائِهِمُ.." (مز83: 9- 12). وما أكثر الأمثلة. سابعًا: معونة السماء في أزمنة الضيق: · قوة الله الفائقة تحفظ المؤمنين: وصف سفر الرؤيا شدة قوة الله المعطاة للكنيسة لحفظها في أزمنة الضيق قائلًا: "فَأُعْطِيَتِ الْمَرْأَةُ جَنَاحَيِ النَّسْرِ الْعَظِيمِ لِكَيْ تَطِيرَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ إِلَى مَوْضِعِهَا، حَيْثُ تُعَالُ زَمَانًا وَزَمَانَيْنِ وَنِصْفَ زَمَانٍ، مِنْ وَجْهِ الْحَيَّةِ." (رؤ12: 14). ومعروف قوة جناحي النسر، والتي تمكنه من اختطاف، وحمل الأشياء الثقيلة والطيران بها بعيدًا دون تعب. لقد أكد الرب نفس المعنى في النص السابق بقوله: "موضعها حيث تعال.." · مساندة الملائكة لشعب الله في أزمنة الضيق: تخصص السماء قواتها وعلى رأسهم رئيس الملائكة الجليل ميخائيل لنجدة، ومعونة المؤمنين في أوقات الضيق بحسب وعد الله لدانيال النبي القائل: "وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ يَقُومُ مِيخَائِيلُ الرَّئِيسُ الْعَظِيمُ الْقَائِمُ لِبَنِي شَعْبِكَ، وَيَكُونُ زَمَانُ ضِيق لَمْ يَكُنْ مُنْذُ كَانَتْ أُمَّةٌ إِلَى ذلِكَ الْوَقْتِ. وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ يُنَجَّى شَعْبُكَ، كُلُّ مَنْ يُوجَدُ مَكْتُوبًا فِي السِّفْرِ." (دا12: 1). · قوة الله تشهد للمؤمنين لئلا يخوروا: الله يقيم له شهودًا عظماء من بني البشر؛ ليشهدوا وليشددوا المؤمنين في جهادهم. ولهذا يزداد الإيمان ويتقوى وقت الضيق، وذلك على عكس المتوقع. فمثلًا يخبرنا سفر الرؤيا عن شهادة عظيمة لنبيين يصفهما قائلًا: "هذَانِ هُمَا الزَّيْتُونَتَانِ وَالْمَنَارَتَانِ الْقَائِمَتَانِ أَمَامَ رَبِّ الأَرْضِ. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يُرِيدُ أَنْ يُؤْذِيَهُمَا، تَخْرُجُ نَارٌ مِنْ فَمِهِمَا وَتَأْكُلُ أَعْدَاءَهُمَا. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يُرِيدُ أَنْ يُؤْذِيَهُمَا، فَهكَذَا لاَ بُدَّ أَنَّهُ يُقْتَلُ. هذَانِ لَهُمَا السُّلْطَانُ أَنْ يُغْلِقَا السَّمَاءَ حَتَّى لاَ تُمْطِرَ مَطَرًا فِي أَيَّامِ نُبُوَّتِهِمَا، وَلَهُمَا سُلْطَانٌ عَلَى الْمِيَاهِ أَنْ يُحَوِّلاَهَا إِلَى دَمٍ، وَأَنْ يَضْرِبَا الأَرْضَ بِكُلِّ ضَرْبَةٍ كُلَّمَا أَرَادَا." (رؤ11: 4- 6). وبالطبع ستكون قوتهما روحية، وليست جسدية. · تأثر الله لضيقنا وتدخله: لقد أكد النبي إشعياء إيمانه بحقيقة حضور الرب بملائكته وقت الضيق ليخلص أحباءهم قائلًا: "فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ، وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ. بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ (إش63: 9). أخيرًا: الذين سيخلصون هم الذين يستعدون على الدوام، وهم أيضًا المتًّكلون على الرب، والمتعلقون به. أما الآن فعلينا كمؤمنين ألا نلتفت بشغف لمثل هذه الأخبار، التي تهدف لإخافة المؤمنين، وأيضًا ألا نشيعها، بل علينا أن نتذكر قوة خلاص الله، ووعوده لنتقوى بالإيمان، واثقين في قدرة الرب وبأسه، وحبه غير المحدود. فهرس |
||||
30 - 11 - 2021, 08:29 PM | رقم المشاركة : ( 25 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: كتاب عندي سؤال (الجزء الثاني)
سوف نعرض الأجزاء المتبقيه من الكتاب
من الجزء الثالث الى السادس بأرده يســوع |
||||
01 - 12 - 2021, 12:31 PM | رقم المشاركة : ( 26 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب عندي سؤال (الجزء الثاني)
رووووووووووعة يا استاذنا ربنا يفرح قلبك |
||||
01 - 12 - 2021, 06:31 PM | رقم المشاركة : ( 27 ) | ||||
..::| الإدارة العامة |::..
|
رد: كتاب عندي سؤال (الجزء الثاني)
مجهود مميز ربنا يفرح قلبك |
||||
01 - 12 - 2021, 06:52 PM | رقم المشاركة : ( 28 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: كتاب عندي سؤال (الجزء الثاني)
شكرا جدا جدا ربنا يفرح قلبك |
||||
|