منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22 - 05 - 2014, 04:55 PM   رقم المشاركة : ( 21 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,823

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج

عظمة السلوك البتولي


ويقول القديس ميثوديوس: ”إني مُقتنِع -بعد أن تعلَّمت ذلك كلّه من الكِتاب المُقدس- أنَّ أعظم تقدِمة وأكثرها مجدًا، التي لا يُقارن بها شيء، ويستطيع الإنسان تقديمها لله، هي حياة البتولية“.
وانتقل القديس بعد ذلك ليتحدَّث عن التكريس الكُلّي الكامِل لله، وأوضح أنَّ مَنْ يحفظ نفسه ويسهر في أمر، بينما يتشتَّت ويرتبِك في أمر آخر، ليس مُكرّسًا بكُليته لله إذ لا يُقدَّم الأشياء التي للروح والأشياء التي للجسد، لكي يكون كامِلًا تمامًا، وكعادته يُورِد ميثوديوس دليلًا كِتابيًا على حديثه، وهنا يستشهِد بقول الله لإبراهيم ”خُذْ لي عِجْلة ثُلثية وعنزة ثُلثية وكبشًا ثُلثيًا ويمامة وحمامة“ (تك 15: 9) فالله الذي أوصى إبراهيم أن يُحضِر له هذه الأشياء يُريدنا أن نُقدِّم له نِفوسنا غير مجروحة مثل العِجْل، ونُقدِّم أجسادنا مثل عنزة لأنها تتسلَّق الأماكن العالية الشديدة الانحدار، ونُقدِّم له عِقولنا مثل كبش لا يهرب أبدًا فيسقُط ويحيد عن الطريق الصحيح، فإنه بهذا يكون الإنسان كامِلًا، عندما يُقدِّم روحه وحواسه وعقله لله الذي ذكَّرهم برموز العِجْلة والعنزة والكبش ذَوِي الثُّلثة أعوام، كأنهم يُقدِّمون معرفة الثَّالوث النقية.

كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج
ويمضي ميثوديوس الأُوليمبي قُدُمًا في منهجه الرمزي ليرى أنَّ الله ربما يرمُز بالعِجْلة والعنزة والكبش إلى بدايِة ووسط ونهايِة الحياة، مُتمنيًا أن يقضي الإنسان أيام صِباه ورجولته وأيامه المُتقدمة بطهارة ونقاوة ويُقدِّمها له، وينتقِل ميثوديوس من سِفْر التكوين إلى قول السيِّد المسيح لتلاميذه ”لتكُن أحقاؤُكم مُمنطقةً وسُرُجُكم مُوقدةً وأنتم مثل أُناس ينتظرون سيِّدهم متى يرجع من العُرس حتّى إذا جاء وقرع يفتحون له للوقت، طوبى لأولئِك العبيد الذينَ إذا جاء سيِّدهم يجدهم ساهرين، الحق أقولُ لكم إنه يتمنطق ويُتكِئهم ويتقدَّم ويخدمهم، وإن أتى في الهزيع الثَّاني أو أتى في الهزيع الثَّالِث ووجدهم هكذا فطُوبى لأُولئِكَ العبيد“ ويرى ميثوديوس أنَّ السيِّد المسيح يذكُر هنا ثلاث هَزَعَات (جمع هزيع) وثلاث مجيئات. وهو بذلك يرمُز إلى الثَّلاث مراحِل التي في حياتنا: الصبوة، النُّضج، الشيخوخة، حتّى إذا جاء وأخذنا من العالم بينما نحن في المرحلة الأولى، أي بينما نحن صبيان، يجدنا مُستعدين أنقياء، ونفس الأمر في الثَّانية والثَّالِثة، لأنَّ الهزيع الأوَّل هو شباب الإنسان عندما يبدأ العقل في الانزعاج والارتباك ويظلَمْ بسبب تغيُّرات الحياة لأنَّ الجسد يزداد قُوَّة ورغبة، والهزيع الثَّاني هو النُّضج والرجولة عندما يبدأ الإنسان في الاستقرار والثبات ويُجاهِد ويقف ضد حروب الشهوة والغرور والإعجاب بالنَّفْس، أمَّا الهزيع الثَّالِث فهو تقدُّم الأيام والشيخوخة التي تختفي فيها مُعظم الخيالات وتخمُد الشهوات ويبدأ الجسد في الذبول والضعف.
وبعد أن انتهى القديس من شرح المثل الإنجيلي، يحِثِنا بعد ذلك على الاستعداد والسهر الدائِم لأنه ”من اللائِق أن نُشعِل أنوار الإيمان التي لا تنطفِئ في القلب، وأن نسهر وننتظِر سيِّدنا حتّى إذا أتى وأخذ أيًّا مِنَّا في المرحلة الأولى من حياتنا أو الثَّانية أو الثَّالِثة، يجدنا مُستعدين عاملين بوصاياه، فيُنيِح نِفوسنا في أحضان القديسين إبراهيم وإسحق ويعقوب“.
ويقول إرميا النبي ”جيد للرجُل أن يحمِل النِّير في صِباه“ (مرا 3: 27)، فجيد بالفِعْل للإنسان أن يُخضِع رقبته لليد الإلهية العالية منذ الصبوة ولا يترُك – حتّى الشيخوخة – القائِد الذي يقوده ويُرشِده في نقاء وطهارة، عندما يجُر الشِّرِّير عقلِنا إلى الأمور الرديئة، لأنَّ مَنْ هو ذاكَ الذي لا يتلقّى، خلال العينين والأُذُنين والتذوق والشم واللمس، مسرَّات وملذات تجعله لا يستطيع أن يضبُط نفسه كقائِد Driver عليه أن يمنع جوَّاده بشدَّة من الشر؟ فالذي ”يُقدِّم نفسه بالكمال لله هو ذاكَ الذي يُجاهِد لكي يحفظ جسده بلا دنس منذُ الطفولة، عائِشًا في بتولية، لأنها تُعطي سريعًا عطايا الرجاء العظيمة التي يشتاق إليها هؤلاء الذين يُجاهدون من أجلها، وتُطفِئ الشهوات المُفسِدة وكلّ أهواء النَّفْس“.
  رد مع اقتباس
قديم 22 - 05 - 2014, 04:56 PM   رقم المشاركة : ( 22 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,823

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج

نذر البتولية (اللسان - العينان - الأذنان - اليدان - القدمان - القلب والعقل)

ينتقِل بعد ذلك ميثوديوس ليتحدَّث عن نذر البتولية وعَظَمَته وطبيعته، فيرى أنَّ ما كُتِب في الأصحاح السَّادِس من سِفْر العدد يُوضِح لنا أنَّ ”العِفة هي أعظم نذر فوق كلّ النُذُور“، لأنَّ الإنسان يكون مُكرّسًا بكُليته لله، ليس فقط عندما يبتعِد عن المُمارسات الزيجية، بل عندما يحفظ جسده غير دَنِسْ بأي نوع من عدم اللياقة لأنه مكتوب ”غير المُتزوِجة تهتم فيما للرب لكي تكون مُقدسة جسدًا وروحًا“ (1كو 7: 34) وهذا يعني أنَّ الإنسان يجب أن يكون مُقدسًا جسدًا وروحًا مُقدِمًا أعضائه للرب، ثم أخذ القديس يشرح كيف يُقدِّم الإنسان نفسه بكُلِّيته إلى الله:

كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج
الفم: عندما يفتح الإنسان فمه للحديث في موضوعات مُعيَّنة ويُغلِقه في أخرى، عندما يفتحه لتفسير الكِتاب المُقدس أو لتسبيح الله في إيمان صادِق وبتكريم وتوقير لائِق ويضع عليه بابًا ويحرُسه ضد المُحادثات الغبية.. عندئذٍ يكون فمه نقيًا طاهرًا مُكرَّسًا لله.
اللسان: ”لساني قلم“ (مز 45: 1) فهو عضو الحِكمة لأنَّ كلِمة الروح تُكتب به في حروف واضحة من عُمق وقُوَّة الكِتاب المُقدس، والرب نفسه، الكاتِب السريع الماهِر في كلّ العصور، يُسجِّل ويُحقِّق وصية الآب بسرعة وخِفَّة، مُصغيًا للكلِمات ”خُذْ لنفسك لوحًا كبيرًا واكتُب عليه بقلم“ (إش 8: 1)، وعلى مثل هذا الكاتِب الإلهي تنطبِق الكلِمات ”لساني قلم“ لأنَّ القلم الجميل يتقدَّس ويُقدِّم له، ويكتُب أشياء أجمل من الشُّعراء والخُطباء.
العينان: عندما يُعوِّد الإنسان عينيه أن لا تشتهيا جمال الجسد ولا تُسرَّا بالمناظِر الغير لائِقة، بل تشتهيا الأشياء العُليا التي فوق، حينئذٍ تكون عيناه نقيتين طاهرتين مُكرستين لله.
الأُذُنان: عندما يُغلِق الإنسان أُذُنيه ولا يُصغي للكلام الرديء والشتائِم، وعندما يفتحهُما لسماع كلِمة الله وللحديث مع الرِجال الحُكماء، حينئذٍ تكون أُذُناه نقيتين طاهرتين مُكرستين لله.
اليدان: عندما يبعدهُما الإنسان عن المُعاملات الرديئة، وعن كلّ عمل وشهوة باطِلة، حينئذٍ تكون يداه نقيتين طاهرتين مُكرستين لله.
القدمان: عندما يمنع الإنسان قدميه من الذِهاب إلى الأماكن والموائِد التي يوجد فيها رِجال أردياء أشرار، بل يجعلهُما يسيران في طريق الرب المُستقيم، مُحققين شيئًا من الوصية، حينئذٍ تكون قدماه نقيتين طاهرتين مُكرستين لله.
القلب والعقل: عندما يحفظ الإنسان قلبه نقيًا مُقدِمًا كلّ أفكاره لله، وعندما لا يُفكِر في أي شر، وعندما لا يعود للغضب أي سُلطان عليه، وعندما يتأمَّل في ناموس الرب ليلًا ونهارًا، فحينئذٍ يكون قلبه وعقله نقيين طاهرين مُكرسين لله.
فهذا كلّه هو حِفْظ العِفة العظيمة ونذرُ نذرٍ عظيم.
  رد مع اقتباس
قديم 22 - 05 - 2014, 04:57 PM   رقم المشاركة : ( 23 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,823

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج

واجبات العذارى



كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج
ثم يمضي القديس في شرح ما كُتِبْ بخصوص واجبات العذارى لأنَّ هذا نافِع لتعليمِهِنْ كيف يتقدمنَ نحو البتولية، ويُعلِّق على ما كُتِبْ في سِفْر العدد ( 6: 1-4) ”وكلَّم الربُّ مُوسى قائِلًا كلِّم بني إسرائيل وقُلْ لهم. إذا انفرز رجُل أو امرأة لِينذُر نذر النَّذير لِينتذِر للربِّ فعن الخمر والمُسكِر يفترزُ ولا يشرب خلَّ الخمر ولا خلَّ المُسكِر ولا يشرب من نِقيع العِنب ولا يأكُل عِنبًا رطِبًا ولا يابِسًا كلَّ أيام نذرِهِ لا يأكل من كلِّ ما يُعملُ من جفنهِ الخمر من العَجَم حتَّى القِشرِ “... ويشرح القديس ميثوديوس أنَّ هذا يعني أنه يجب على كلّ مَنْ كرَّس حياته وقدَّم نفسه للرب أن يبتعِد عن ثِمار نبات الشر، لأنه بطبيعته يُسبِّب سُكرًا وتشتيتًا للذهن، لأننا نفهم من الكِتاب المُقدس أنَّ هناك نوعين من العِنب (الكروم) مُختلفين بعضهما عن بعض:
الأوَّل : يهِب الحياة الأبدية والبِّر.
الثَّاني: يُسبِّب الجنون وضياع العقل.
فالأوَّل هو الكرم الذي لا يُسكِر بل يهِب الفرح والبهجة، الذي من تعاليمه، كما من أغصان، تتدلَّى عناقيد النِعمة التي تقطُر حُبًا، هو ربنا يسوع المسيح الذي قال لتلاميذه: ”أنا الكرمة الحقيقية وأبي الكرَّام.. وأنتُم الأغصان“ (يو 15: 1-5).
أمَّا الكرم البِّري المُنتِج الموت فهو الشيطان الذي يقطُر غضبًا وسُمًا كما قال عنه موسى النبي ”لأنَّ من جفنة سدوم جفنتهم ومن كروم عمورة. عِنبهم عِنب سمٍ ولهم عناقيد مرارةٍ. خمرُهُم حُمةُ الثَّعابين وسُمُّ الأصلالِ القاتِلُ“ (تث 32: 32-33)... والإنسان لا يسكر ولا يضيع عقله من الحُزن أو الشهوة كما يضيع بسبب الخمر، لذلك أُمِر أن لا تتذوق العذراء الخمر لكي تكون صاحية عاقلة ساهرة، حتّى تُشعِل مصابيح نور البِّر البهي من أجل الرب الذي يقول: ”احترزوا لأنفسكم لئلاَّ تسقُط قُلُوبكم في خمار وسُكْر وهموم الحياة فيُصادِفكم ذلك اليوم بغتةً“ (لو 21: 34)، ويقول القديس أنه ليس فقط ممنوعًا أن تتذوق العذارى الخمر بل وأيضًا أي شيء مصنوع منه أو يُشبِه.
ويُخاطِب القديس العذارى قائِلًا أنه يجب عليهِن أن يحترسنَ ويحفظنَ أنفُسهِن، لئلاَّ فيما تبتعِد العذراء عن الخطايا التي هي نفسها شر، تسقُط في أخرى شبيهة وقريبة للأولى، وهكذا تهزِم العذراء خطية وتنهزِم من أخرى، فيجب أن لا تتزيَّن بأقمشة وملابِس مُتنوعة أو بجواهِر وذهب أو بزينة الجسد الأخرى، فهذه كلّها أشياء تُسكِر النَّفْس، لذا أوصى ألاَّ تترُك العذراء نفسها تشترِك في أحاديث النِساء وضِحكِهِنْ بل تبتعِد عن الحديث الأحمق الذي للتسلية فقط، لأنَّ هذا هو ما يُربِك العقل ويُشتِّته، والطريق المُستقيم المُؤدي إلى السماء ليس فقط أن نتحاشى حجر العثرة الذي يُعثِر ويُوقِع ويُدمِر هؤلاء الذين تُثيرهم شهوة الترف والملذات، بل أيضًا أن نتحاشى هذه الأشياء الشبيهة.
  رد مع اقتباس
قديم 22 - 05 - 2014, 04:58 PM   رقم المشاركة : ( 24 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,823

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج

قدسية البتولية



ويستطرِد ميثوديوس لِيُعلِّم العذارى أنَّ مذبح الله الغير دموي unbloody altar يرمُز لجماعة المُتبتِلات العفيفات، وهكذا تظهر البتولية كشيء عظيم مجيد، لذا يجب أن تُحفظ بلا دنس في نقاوة كاملة بدون أي مُشاركة في شهوات الجسد وأهوائه، بل يجب أن تُوضع أمام تابوت العهد، مُتمنطِقة بالحِكمة من أجل قُدس الأقداس، مُرسِلة رائحة حُب عبقة للرب، لأنه يقول: ”وتصنعُ مذبحًا لإيقاد البخور من خشب السَّنطِ تصنعهُ. طُولهُ ذِراع وعرضهُ ذِراع. مُربَّعًا يكونُ. وارتفاعهُ ذِراعان. منهُ تكونُ قُرونهُ. وتُغشِّيه بذهبٍ نقيٍ سطحهُ وحِيطانهُ حواليه وقُرونهُ. وتصنعُ لهُ إكليلًا من ذهبٍ حواليه. وتصنعُ له حلقتين من ذهبٍ تحت إكليلهِ على جانبيهِ. على الجانبينِ تصنعهُما. لتكونا بيتين لِعَصَوينِ لحملِهِ بهما. وتصنعُ العصوين من خشب السَّنط وتُغشِّيهِما بذهبٍ. وتجعلهُ قُدَّام الحجاب الذي أمام تابوت الشهادة. قُدَّام الغِطاء الذي على الشهادة حيث أجتمعُ بِكَ. فيُوقِدُ عليهِ هرون بخُورًا عَطِرًا كُلَّ صباحٍ. حين يُصلحُ السُّرجَ يُوقِدهُ. وحين يُصعِدُ هرون السُّرُج في العشية يُوقدهُ. بخُورًا دائِمًا أمام الرب في أجيالِكُم. لا تُصعِدُوا عليهِ بَخُورًا غريبًا ولا مُحرِقةً أو تقدمةً. ولا تسكُبُوا عليهِ سكِيبًا“ (خر 30: 1-9).

كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج
ويرى القديس أنَّ خيمة الاجتماع هي ظِلْ للكنيسة التي هي صورة الأشياء السماوية، فيقول: ”أنَّ اليهود تنبأوا بحياتنا هذه ولكننا نتنبأ عن الحياة السماوية، لأنَّ خيمة الاجتماع رمز للكنيسة، إذًا من اللائِق أن تكون المذابِح رموزًا للأشياء التي داخل الكنيسة، فالمذبح النحاس رمز لجماعة الأرامِل، لأنهن مذبح حي لله، إليه يُحضرنَ العجول والعشور والتقدمات التي يرغبنَ في تقديمها بحسب إرادتهن الحُرَّة كذبيحة لله، أمَّا المذبح الذهب الموضوع داخل قُدس الأقداس أمام تابوت العهد، الذي لا تُقدَّم عليه ذبائِح القرابين فيرمُز إلى هؤلاء الذين يعيشون في بتولية، لأنَّ هؤلاء حفظوا أجسادهم طاهرة نقية، مثل ذهب خالِص، من كلّ شهوة جسدية، والذهب يُمدح لسببين:
الأوَّل: لأنه لا يصدأ.
الثَّاني: لأنه يُشبِه في ألوانه أشعة الشمس.
وهكذا هو رمز مُناسِب للبتولية التي بلا أي عيب أو دنس بل مُشرِقة دومًا بالنور الإلهي، لذلك أيضًا تقف قريبة من الله في قُدس الأقداس، ومثل البخور، تُقدَّم للرب الصلوات التي تُقبل كرائحة عَطِرة، كما أوضح يوحنَّا البتول أنَّ البخور الذي في مجامِر الأربعة والعشرين قسيسًا هو صلوات القديسين.
بعد ذلك يتحدَّث القديس ميثوديوس البتول عن أنَّ الإنسان يأتي إلى العالم ممنوحًا جمالًا فريدًا مُرتبطًا ونابِعًا من الحكمة الإلهية، لأنَّ النَّفْس البشرية تُشابِه فعلًا ذاكَ الذي كوَّنها وخلقها، عندما تعكِس صورته النقية.
ولأنَّ الجمال الغير جسدي، الذي لا يبتدأ ولا يفسد، الذي لا يتغيَّر ولا يشيخ، الذي لا يحتاج لشيء، الذي يستريح في نفسه وفي النور الذي في المواضِع التي لا يُعبَّر عنها ولا يُدنى منها ”الذي وحده له عدم الموت ساكنًا في نور لا يُدنى منه الذي لم يرهُ أحد من الناس ولا يقدِر أن يراه“ (1تي 6: 16) خلقنا على صورته، لذلك نِفوسنا عاقلة خالدة، ولأنها خُلِقت على صورة الله، لذلك هي جميلة جمالًا فائِقًا، ولذلك أيضًا تسعى الأرواح الشِّرِّيرة لكي تُدنِس صورتها الجميلة الشبيهة بالله، كما يُوضِح إرميا النبي وهو يُوبِخ أورشليم ”جبهةُ امرأةٍ زانيةٍ كانت لَكِ أبيتِ أن تخجلي“ (إر 3: 3) مُوبِخًا إيَّاها وهي التي فسدت وقدَّمت نفسها للقُوَّات التي حاربت ضدها لِتُدَنِسها، تلك التي تسعى لتُسقِط كلّ نفس مخطوبة للرب، وتُدنِس جمال عقلها النقي.
ويستمر ميثوديوس في حديثه عن جمال النَّفْس، فيُؤكِد أنَّ مَنْ يحفظ هذا الجمال بلا عيب ولا تغيير كما خلقهُ ذاكَ الذي صنعهُ وشكِّلهُ، مُحاكيًا ومُقتديًا بالطبيعة الأبدية، ويُصبِح مثل صورة مجيدة ومُقدسة، سيُنقل إلى السماء إلى مدينة الطوباويين وسيسكُن هناك.
والإنسان يحفظ جماله كامِلًا بلا دنس عندما يحميه بالبتولية فلا ”تعميه حرارة الفساد التي من الخارِج“ بل يظل كما هو ويتزيَّن بالبِّر ويتقدَّم كعروس لابن الله كما قال هو نفسه، ويتحدَّث ميثوديوس عن أنَّ نور العِفة يجب أن يُضاء في الجسد كما في مِصباح، وذلك في مَثَلْ العشر عذارى، لأنَّ عدد العشر عذارى يرمُز للنِفوس التي آمنت بيسوع المسيح، وترمُز العشرة إلى الطريق الوحيد الصحيح المُؤدي إلى السماء.
  رد مع اقتباس
قديم 22 - 05 - 2014, 04:59 PM   رقم المشاركة : ( 25 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,823

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج

هدف الحياة العذراوية



ويشرح القديس مَثَلْ العشر عذارى، قائِلًا: ”إنَّ خمس منهُن كُنَّ حكيمات وحريصات وخمس جاهِلات لأنهُنْ لم يُفكِرنَ مُسبقًا أن يملأنَ مصابيحهِنْ بالزيت، فظللنَ بلا بِرْ، وبهذا يرمُز الرب إلى هؤلاء الذين يُجاهِدون ليحيوا في بتولية ويبذلون كلّ طاقتهم في هذا الجِهاد، ويعيشون في طهارة واعتدال، وأيضًا إلى هؤلاء الذين يُعلِنون ويفتخرون بأنَّ هذا هو هدفهم، ولكنهم يخضعون لتغيُّرات العالم، فيصيرون صورة باهتة مُظلِمة للفضيلة بدلًا من أن يكونوا عُمَّالًا يُقدِّمون الحق الحي نفسه“.

كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج
ويمضي ميثوديوس في حديثه قائِلًا أنَّ الآية القائِلة: ”يُشبِه ملكوت السموات عشر عذارى أخذنَ مصابيحهن وخرجنَ لِلِقاء العريس“ (مت 25: 1) تعني أنَّ جميعهن إتجهنَ لغاية واحدة وطرقنَ نفس الطريق، فلقد رغبنَ جميعهِنْ في نفس الغاية والهدف ولذلك دُعِينَ عشرة لأنهُنْ اخترنَ نفس النذر والدرب، ولكنهُنْ اختلفنَ بعد ذلك في الطريق، لأنَّ بعضهِنْ أعدَّ مؤنة وافرة لمصابِيحِهِنْ التي كانت تُقاد بالزيت، ولكن الخمس الأُخريات كُنَّ مُهمِلات يُفكِرنَ فقط في الزمان الحاضِر، وهكذا انقسمت العذارى إلى مجموعتين:
الأولى حفظت حواسها الخمس، تلك الحواس التي يعتبرها مُعظم الناس أبواب الحكمة، نقية غير مُدنسة بالخطايا، بينما الثَّانية على النقيض، أفسدنَ أنفُسِهِنْ بكثرة من الخطايا، ودنسنَ أنفُسِهِنْ بالشر، ولأنهُنْ لم يستعبدنَ أنفُسِهِنْ ويضبُطنَّها ولكونِهِنَّ بعيدات عن كلّ بر، لذل حملنَ ثِمارًا كثيرة من التعدي والإثم، وكانت نتيجة ذلك أن مُنِعنَ من الدخول وأُغلِقت الأبواب الإلهية في وجُوهِهِنْ. ويُعرِّف القديس ميثوديوس العذراء التي تستحِق أن تُدعى باسم الخمس عذارى الحكيمات: هي تلك التي تحفظ إيمان الطُرُق الخمس المُؤدية للفضيلة -النظر والتذوق والشم واللمس والسمع- نقيًا صحيحًا، لأنها حفظت حواسِها الخمس نقية طاهرة للسيِّد المسيح، وكمصباح تجعل نور القداسة يُشرِق بوضوح وبهاء من خلال الحواس كلّها كما علَّم السيَّد نفسه قائِلًا: ”جِئتً لأُلقي نارًا على الأرض فماذا أُريدُ لو اضطرمت“ (لو 12: 49)، وهو هنا يقصِد بكلمة ”الأرض“ أجسادنا التي تمنَّى أن تشتعِل فيها الحركة السريعة والانتشار النَّاري المُتقِد الحماس، والزيت يُمثِّل الحكمة والبِّر، لأنه بينما تُمطِر النَّفْس بسخاء وتسكُب هذه الأشياء النبيلة على الجسد، يشتعِل نور الفضيلة ولا ينطفِئ، فتُضِئ هذه الأعمال الصالحة البَّارة أمام الناس (لكي يتمجَّد أبانا الذي في السموات) (مت 5: 16).
  رد مع اقتباس
قديم 22 - 05 - 2014, 05:01 PM   رقم المشاركة : ( 26 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,823

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج

جعالة البتولية



وعلى لِسان إحدى العذارى يقول القديس البتول: ”إني مخطوبة للكلِمة الإلهي، وجعالتي هي إكليل الأبدية والغِنَى الذي من عند الآب، وأنا أنتصِر في الأبدية وأُتوج بزهور الحكمة المُشرِقة التي لا تذبُل.... إني واحدة في الخورس مع المسيح الذي يُوزع مُكافآته في السماء، ذلك الخورس الواقِف حول الملِك غير المُبتدِئ الأبدي... لقد صِرتِ حاملة لمصباح ذي أنوار لا يُدنى منها، وأشترك في تسبحة رُؤساء الملائكة الجديدة، مُعلِنة النِعمة الجديدة التي للكنيسة“، ثم يُقدِّم سبب حديثه هذا، وهو أنَّ جماعة العذارى يتبعنَ الرب دومًا ومعه أينما يكون، وهذا ما رَمَزْ إليه يوحنَّا البتول الرَّائي بحديثه عن الأربعة والأربعين ألفًا البتوليين (رؤ 7: 4)، ثم يحِث العذارى قائِلًا:

كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج
”إمضينَ إذًا أيتها العذارى واملئنَ آنيتكُنْ بالبِّر لأنَّ الساعة آتية عندما يجب أن تقومنَ وتُقابِلنَ العريس، اذهبنَ واترُكنَ بخِفَّة ملذات ومسرَّات الحياة التي تُربِك النَّفْس وبذا يُمكنكُنْ أن تحصُلنَ على الوعود الإلهية“.
بعد ذلك يُوضِح القديس أنه لن يُقدِّم مدحًا للبتولية من مُجرَّد كلام بشري بل من ذاكَ الذي يهتم بالإنسان ويعتني به، فهو الذي زرع هذه النبتة السمائية (البتولية) وهو مُحِب لجمالها، وكما يفعل ميثوديوس في كلّ صفحات كِتابه، هكذا هنا أيضًا يُعضِد حديثه بأدلة وشواهِد كِتابية، وهنا يتحدَّث من سِفْر نشيد الأنشاد، فيقول أنَّ كلامه واضِح تمامًا في سِفْر النشيد لمن يُريد أن يراه، حيث يمدح المسيح بنفسه هؤلاء الذينَ يعيشون بثبات في بتولية قائِلًا: ”كالسُّوسنة بين الشَّوكِ كذلك حبيبتي بين البنات“ (نش 2: 2) مُشبِهًا العِفة بالسَّوسن بسبب نقاوته وشذاه العَطِر وحلاوته وبهجته، فالعِفة مثل نبات ربيعي دائِمًا تخرُج أبدية من بَتَلاَتِها وزنَابِقها البيضاء، لذلك يُحِب الرب جمال تفتُّحها قائِلًا: ”قد سبيتِ قلبي يا أُختي العروس قد سبيتِ قلبي بإحدى عينيكِ بقلادةٍ واحدةٍ من عُنقِكِ. ما أحسن حُبَّكِ يا أُختي العروس كم محبَّتُكِ أطيبُ من الخمر وكم رائحة أدهانِكِ أطيبُ من كلِّ الأطياب. شفتاكِ يا عروس تقطُرانِ شهدًا. تحت لِسانِكِ عسل ولبن ورائحةُ ثيابِكِ كرائحة لُبنان. أُختي العروس جنَّة مُغلقةعين مُقفلة ينبوع مختوم“ (نش 4: 9-12).
فهذا المديح يقوله السيِّد المسيح لهؤلاء الذين يحيون البتولية مُسميًا إيَّاهم جميعًا بالاسم الواحِد الذي لعروسه، لأنَّ العروس يجب أن تُخطب للعريس وتُدعى باسمه، ويجب أن تكون طاهرة نقية كحديقة مُغلقة تفوح فيها روائِح وشذا السموات، والمسيح وحده يأتي ويجمعهم وهم يُزهِّرون ويحملون بِذارًا روحية، لأنَّ الكلِمة لا يُحِب أي شيء من أشياء الجسد، لأنه ليس من هذه الطبيعة لكي يُسَرْ بأيٍ من الأشياء الفاسِدة الجِسدانية الفانية، مثل الأيدي أو الوجه أو الأقدام، ولكنه ينظُر إلى الداخِل ويُسَرْ بالجمال الروحي الغير مادي.
ويُعلِّق القديس ميثوديوس الأوليمبي قائِلًا أنه من الواضِح للجميع أنه توجد قُوَّتان للنظر، واحدة للنَّفْس وأخرى للجسد، ولكن الكلِمة اختار تلك التي للفهم فقط قائِلًا: ”قد سبيتِ قلبي بإحدى عينيكِ بقلادةٍ واحدةٍ من عُنقِكِ“ (نش 4: 9)، وهذا يعني: أنَّ نظر ورؤية عقلِك الجميلة، قد جعلت قلبي يُحِبِك، فجمال العِفة المجيد البهي يُشرِق من داخِلِك... (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى).

كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج
فقلائِد العُنُق تتكوَّن من أحجار كريمة مُتنوعة، والنَّفْس التي تهتم بالجسد تضع حول عُنُقها الخارجي الجسدي هذه الزينة المنظورة لتخدع هؤلاء الناظرين إليها، أمَّا هؤلاء الذين يحيون في عِفة وبتولية فيُزينون أنفسهم في الداخل بزينة مُكونة حقًا من أحجار كريمة مُتعدِّدة الأنواع أي الحُرية والحِكمة والمحبة و.... ولا يهتمون بالزينة الوقتية التي، مثل أوراق الشجر التي تزهر وتينع لمُدة ساعة، تجِف بحدوث تغيُّرات الجسد، لأنَّ في الإنسان جمالين، لكن الرب لا يقبل إلاَّ الجمال الأبدي الذي في الداخِل، يقبله قائِلًا: ”قد سبيتِ قلبي بقلادةٍ واحدةٍ من عُنقِكِ“ وهو يُريد بهذا أن يقول أنَّ ما يجعله يُحِب الإنسان هو بهاؤه الداخلي الذي أشرق في مجده، كما يقول المزمور ”كلّ مجد ابنة الملِك من الداخِل“ (مز 45: 13).
وخوفًا من أن يظُن البعض من كلامه أنَّ العذارى وحدهُنْ سيخلُصنَ ويتبرَّرنَ، أوضح القديس ميثوديوس أنه يجب أن لا يظُن أحد أنَّ باقي جماعة المُؤمنين ستُدان، وأنَّ العذارى وحدهُنْ سينِلنَ المواعيد الإلهية، لأنه سيكون هناك أُمم وقبائِل وألسِنة بمقدار إيمان كلٍّ منهم ، ويقول القديس بولس الرَّسول: ”مجد الشمس شيء ومجد القمر آخر ومجد النجوم آخر. لأنَّ نِجمًا يمتازُ عن نجمٍ في المجد، هكذا أيضًا قيامة الأموات“ ( 1كو 15: 41-42) والرب نفسه لم يعِد بأنه سيُعطي نفس المجد والكرامة للجميع، بل وَعَدْ البعض أنهم سيُحصَونَ في ملكوت السموات، وآخرين بأنهم سيرِثون الأرض وآخرين بأنهم سوف يرونَ الآب: ”وهنا أيضًا يُعلِن أنَّ خورس العذارى المُقدس سيدخُل أولًا في مَعِيته هو إلى الحياة العتيدة في الملكوت، كما إلى حُجرة العُرْس، لأنهُنْ كُنَّ شهيدات ليس باحتمال ألامات الجسد لفترة قصيرة وجيزة بل باحتمالها طُوال حياتِهِنْ، لم يتمزقن من المُصارعة في السَّاحات والمُجتلِدات أملًا في الفوز بجائزة العِفة، بل قاومنَ عذابات الشهوات والمخاوِف والأحزان الشرِسة، لذا يأخُذنَ مُكافأتهِنْ أوِّل الكلّ ويجلسنَ في المكانة الأولى التي لهؤلاء الذين ينالون الوعد“ وهذه بلا شك هي النِفوس التي دعاها الكلِمة عروسه وأُخته، ولكن عن باقي السَّراري والعذارى كتب: ”هُنَّ سِتُّونَ مَلِكَةً وثمانون سُرِّيَّةً وعذارى بلا عددٍ. واحدة هي حمامتي كامِلتي. الوحيدة لأُمِّها هي. عقيلةُ والِدتها هي. رأتها البناتُ فطَّوبنها. المَلِكَاتُ والسَّراري فمدحنها“ (نش 6: 8 – 9) ”لأنه من الواضِح أنَّ هناك بنات كثيرات للكنيسة، ومِنهُنْ كُلَّهُنْ واحدة فقط هي المُختارة، الأعظم في عينيها من الكلّ، أعني جماعة وخورس العذارى“.
  رد مع اقتباس
قديم 22 - 05 - 2014, 05:02 PM   رقم المشاركة : ( 27 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,823

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج

البتولية والكنيسة



كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج
ثم يشرح القديس أنَّ الكنيسة هي العروس الوحيدة الكامِلة للمسيح، فلا الملكوت ولا السَّراري ولا العذارى اللائي بلا عدد يُقارنَّ بالكنيسة، لأنها هي الكامِلة المُختارة، العروس التي تفوق الجميع في جمال الشباب والبتولية، لذلك يُطوِبها ويمدحها الجميع، لأنها رأت وسمعت ما أراد هؤلاء أن يروه، ولو لفترة وجيزة، ولم يروه، وما أرادوا أن يسمعوه ولم يسمعوا، كما قال الرب لتلاميذه: ”ولكن طُوبى لعيونِكُم لأنها تُبصِر ولآذانِكُم لأنها تسمع. فإني الحق أقولُ لكم إنَّ أنبياء وأبرارًا كثيرين اشتهوا أن يروا ما أنتُم ترونَ ولم يروا. وأن يسمعوا ما أنتُم تسمعون ولم يسمعوا“ (مت 13: 16-17)، لذا يعتبرها الأنبياء مُباركة ومُطوبة ويمدحونها، لأنَّ الكنيسة استحقت أن تُشارِك في هذه الأشياء التي لم يستطيعوا أن يروها أو يسمعوها لأنه بينما هُناك ”سِتُّونَ مَلِكَةً وثمانون سُرِّيَّةً وعذارى بلا عددٍ“ إلاَّ أنه ”واحدة هي حمامتي كامِلتي“.
ويُعلِّق القديس ميثوديوس ”أيستطيع أحد أن يقول الآن شيئًا آخر غير أنَّ العروس هي جسد الرب التي من أجلِها أخلى نفسه ونزل إلى الأرض وتجسَّد وسكن فيها؟“ ويرى أنه لذلك دعاها ”حمامة Dove“ لأنها مخلوق وديع وأليف وهي وحدها التي وُجِدَت بلا عيب ولا غَضَنْ، مُتفوقة على الجميع في المجد وجمال البِّر، لذلك استحقت أن تشترِك في ملكوت الابن الوحيد، لأنها خُطِبَت له واتحدت به، وفي المزمور (45) نجد أنَّ الملِكة تقِف عن يمين الملِك، مُرتدية زينة الفضيلة الذهبية، فهي التي اشتهى الملِك حُسنها، حَمَلْها الكلِمة نفسه إلى السماء وجعلها عن يمين الله، لأنَّ ثيابها منسوجة ومُطرزة بفضائِل عِدَّة: العِفة، الاحتمال، الإيمان، المحبة، الصبر، وفضائِل كثيرة صالِحة تُغطي وتُخفي جسد هذا الموت وتُزيِّن الإنسان بزينة من ذهب.
  رد مع اقتباس
قديم 22 - 05 - 2014, 05:24 PM   رقم المشاركة : ( 28 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,823

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج

مجد البتولية


ويستكمِل القديس ميثوديوس تأمُّله في المزمور، ويشرح قوله ”في إثرِها عذارى صاحِباتُها. مُقدَّماتٍ إليكَ يُحضَرْنَ بفرحٍ وابتهاجٍ“ (مز 45: 14-15)، فيرى القديس أنَّ الروح هنا يمدح البتولية بوضوح كعروس للرب، فقد وعد العذارى أن يقتربن في المكان الثَّاني بعد العروس من الكُلِّي القُدرة بفرح وابتهاج، تحرسهُنَّ وتحميهُنَّ الملائكة، ”لأنه عظيم جدًا ومُشتهى حقًا هو مجد البتولية، فبعد الملِكة التي يرفعها الرب ويُقدِّمها في مجد طاهِر بلا خطية إلى الآب، يأتي خورس العذارى ويجلِس في مكان تالٍ لذلك الذي للعروس (الكنيسة)“.

كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج
ثم يتساءل القديس عن أصل كلِمة بتولية، ولماذا دُعِيَت هذه الفضيلة الفائِقة العظيمة ”بتولية Παρθενια“ ويرى أنه من أصلها يُمكننا أن نعرِف ما تهدِف إليه، وما هي قُوَّتها، وما هو ثمرها ونتائِجها، ”إذ أنَّ البتولية إلهية Divine بتغيير حرف واحد“ فبحذف حرف أل ”ν“ الموجود في كلِمة ”بتولية Παρθενια“ تصير الكلِمة هكذا ”Παρθεια“ التي تعني ”إلهية Divine“ لأنَّ هذه الفضيلة وحدها تجعل ذلك الذي يقتنيها والذي يُمارِس طقوسها شبيه بالله، ”وبدونِها يستحيل اقتناء الصَّلاح العظيم، لأنها بعيدة تمامًا عن السرور والحُزن، بأجنحة النَّفْس تصير أقوى وأخف، وتعتاد على الانطلاق والطيران دومًا بعيدًا عن الأهواء البشرية“.
ويقول القديس أنَّ هؤلاء الذين صعدوا على جِناح خفيف إلى الحياة السمائية، يرونَ في عُلوِهِمْ وبُعدِهِمْ ما لا يراه الآخرون، وينظرون نباتات الأبدية تحمِل زهورًا لا يُمكن تخيُّل جمالها ولا يُوصف، ولهذا السبب يرونَ أنَّ كلّ هذه الأشياء التي نظُن هنا في العالم أنها نبيلة وعظيمة، مثل الغِنَى والمجد والميلاد والزواج، كلّها صغيرة وضئيلة، ولا يعودون يُفكِّرون فيها، وإذا كان على أحدهم أن يختار أن يترُك جسده للوحوش الضارية أو للنيران أو أن يُعاقب، نجدهم مُستعدين لا يُبالون بالآلام ولا يهابونها، لذلك مع أنهم في العالم إلاَّ أنهم ليسوا من العالم، بل ارتقوا بفكرِهِم ورغبِة نِفوسِهِمْ، إلى جماعة الذينَ في السماء.
وجِناح البتولية يُحلِّق عاليًا نحو السماء، مُنطلِقًا إلى وفي المناخ النقي الطاهِر، وإلى الحياة المُماثِلة للملائِكة، وهؤلاء الذينَ استمروا بتوليين أنقياء للسيِّد المسيح سيحملون جائزة النُّصرة وسيُكلِّلهُم السيِّد المسيح بزهور الأبدية Flowers of Immortality، لأنه ما أن تترُك نِفوسهم الجسد، حتّى تُقابلهم الملائكة بفرح عظيم وتقودهم إلى المراعي التي نسمع عنها هنا، والتي إليها كان اشتياقِهِمْ، وكانوا يتأمَّلون فيها في خيالهم لأمد طويل.
وعندما يذهبون إلى هناك سيرونَ الأشياء الجميلة العجيبة المجيدة المُباركة التي لا يُمكن الحديث عنها للبشر ولا يُعبَّر عنها، فهناك يرونَ البِّر نفسه، والتعقُّل والمحبة نفسها، والحق والاعتدال والاحتمال، وكلّ زهور ونباتات الحِكمة الأخرى، وكلّها مُشرِقة وساطعة إشراقًا لا نرى منه هنا على الأرض إلاَّ ظِلالًا وخيالات كما في حلم، لأنه لم يرَ أحد قط بعينيهِ عِظَم أو جمال أو شكل البِّر نفسه أو الفهم نفسه أو السلام نفسه، ولكن فيه هو الذي اسمه ”أنا الكائِن I AM“ (أهيه) يُرى كلّ هذا كامِلًا وواضحًا، وهناك شجرة للاحتمال نفسه وأخرى للمحبة وأخرى للفهم، وهناك أيضًا نباتات تنبُت وتُجمع ثِمارِها ولا تذبُل ولا تفسد أو تموت بل هؤلاء الذينَ يجمعونها ينمون إلى الأبدية وشِبْه الله، تمامًا مثلما كان آدم، عندما كان في الفِردوس قبل أن يسقُط في الخطية وتُعمى عينيه.
فقد عيَّن الله الإنسان لكي يُهذِّب ويعتني بنباتات الحِكمة، لأنَّ عمل آدم الأوَّل كان أن يهتم بثمارِها، وقد رأى إرميا النبي أنَّ هذه الأشياء توجد في مكان مُعيَّن بعيدًا جدًا عن عالمنا، وفي إشفاقه على هؤلاء الذينَ سقطوا من الصلاح، يقول ”تعلَّم أين الفِطنة ( الحِكمة) وأين القُوَّة وأين التعقُّل لكي تعلم أيضًا طُول الأيام والحياة وأين نور العيون والسَّلام. مَنْ وَجَدَ موضِعها ومَنْ بَلَغَ إلى كِنوزِها “ (با 3: 14-15)، والعذارى اللاتي دخلن إلى كِنوز الأشياء الصَّالِحة يجمعنَ الثِمار العاقِلة التي للفضائِل الصَّالِحة، وهذه الثِمار مُشرِقة بأنوار مُتعدِّدة ومُتنوعة، عندئذٍ تُسبِّح العذارى بهارمونية وتناغُم، مُعطِيات المجد لله.
  رد مع اقتباس
قديم 22 - 05 - 2014, 05:53 PM   رقم المشاركة : ( 29 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,823

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج

اقتناء البتولية بالجهاد الروحي


ويحِث القديس ميثوديوس العذارى على الجِهاد الروحي قائِلًا: ”أيتها العذارى، لِنُجاهِد من أجل الحياة الطوباوية ومن أجل ملكوت السموات، ولتتحدنَ بهؤلاء الذينَ لهم اشتياق حار لمجد العِفة، ولا يهتمون بأمور هذه الحياة“..
ويشرح لهُنَّ أنَّ العِفة لا تُضيف إلى السعادة قليلًا، فهي ترفع الجسد عاليًا وتُجفِّف طراوته ونداوته وثِقَلُه الشبيه بالطين، ويُحذرنا القديس من أن ندع الحُزن يُغيِّر فرحنا، بل يجب أن نترُك الأحزان التي تأتينا ولا نُدنِس عِقولنا بالمراثي أو النِواح، وليغلِب الإيمان والرجاء كلّ هذا ويُبدِّد بنوره كلّ خيالات الشر التي تتجمَّع حول قُلوبِنا، ” لأنه كما أنَّ القمر يُضِئ ببهاء مالِئًا السماء من نوره، ويُصبِح الجو كلّه صافيًا واضحًا، ثم فجأة تندفِع سُحُب الغرب بحسد وتُغطي وتُخفي نوره لفترة وجيزة، ولكنها لا تُدمره أو تُزيله لأنها تُزال من مكانها بهبَّة من الريح، هكذا أنتم أيضًا، عندما تجعلون نور العِفة يسطُع في العالم، ورغم أنه يجد مُقاومة من الضيقات والأعمال والمشغوليات، لكن لا تيأسوا ولا تترُكوا رجائكم، لأنَّ السُّحُب التي يُرسِلها العدو الشِّرِّير يُزيلها روح الله القدوس“.

كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج
يتحدَّث القديس بعد ذلك عن امرأة سِفْر الرؤيا (رؤ 12: 1)، ويستخدِم المنهج الرمزي كعادته ويشرح أنَّ هذه المرأة المُلتحِفة بالشمس وعلى رأسها اثنى عشر نِجمًا والقمر تحت قدميها، وتحمِل طِفلًا، هي بالحقيقة ”أُمِنا أيتها العذارى“، التي دعاها الأنبياء أحيانًا أورشليم، وأحيانًا العروس، وأحيانًا جبل صهيون، وأحيانًا الهيكل، وأحيانًا خيمة الله، لأنها هي القُوَّة التي تُعطي النور للأنبياء، لذا يصرُخ الروح ويقول لها:
”قُومي استنيري لأنه قد جاءَ نُورُكِ ومجدُ الرب أشرقَ عليكِ. لأنه ها هي الظُّلمةُ تُغطي الأرض والظَّلام الدَّامِس الأُمم. أمَّا عليكِ فيُشرِق الرب ومجدهُ عليكِ يُرى. فتسيرُ الأُممُ في نورِكِ والمُلُوكُ في ضِياء إشراقِكِ. اِرفعي عينيكِ حواليكِ وانظُري. قد اجتمعوا كلُّهم. جاءوا إليكِ. يأتي بنُوكِ من بعيدٍ وتُحملُ بناتُكِ على الأيدي“ (إش 60: 1-4).
”إنها الكنيسة التي سيأتي إليها أطفالها من كلّ الأرجاء، وهي تتهلَّل وتفرح بِنَوَال النور الذي لا يخبو، وتلتحِف ببهاء الكلِمة كثوب، لأنه أي شيء آخر أعظم كرامة أو مجد يليق بالمَلِكة أن تتزيَّن به لكي تتقدَّم كعروس للرب، بعد أن نالت ثوب النور.
لِننظُر إلى هذه المرأة العجيبة كما ننظُر لعذارى مُستعِدات للزواج، نقيات طاهِرات كامِلات مُشرِقات بجمال دائِم، لا ينقُصهُنَّ شيء من بهاء النور، وعِوَضًا عن الثوب تلتحِف بالنور نفسه، وعِوَضًا عن الأحجار الكريمة تتزيَّن رأسها بالنجوم المُتلألأة، وبدلًا من الثِياب التي نملُكها، تقتني ثوب النور، وبدلًا من الذهب والجواهِر البرَّاقة، تقتني النجوم، ولكن نجومًا ليست كهذه التي نراها في السماء المنظورة بل نِجومًا أفضل وأكثر تألُقًا ولمعانًا، فهذه النِجوم المنظورة ما هي إلاَّ صورة وشِبْه لتلكَ النجوم الأعظم والأفضل“. ويستمِر القديس ميثوديوس في شرحه الإنجيلي ويتحدَّث عن البِّريَّة التي هربت إليها المرأة والتي سيعولها فيها الله ألفًا ومئتين وستينَ يومًا، ويمدح هذه البِّريَّة قائِلًا أنها بحق عقيمة من الشر ولا مكان له فيها، وبلا فساد ويصعُب الوصول إليها أو الانتقال منها للناس الكثيرين الذينَ في العالم، ولكنها مُثمِرة مليئة بالنباتات ومُزهرَّة وسهلة الوصول بالنسبة للقديسين، ومُمتلِئة من الحِكمة ومُعطية للحياة، فهي المسكن الجميل المُعد بإتقان لأريتي Arete أي الفضيلة، وفيها تستيقِظ الرِياح الجنوبية وتهُب الرِياح الغربية، وتقطُر كلّ أنواع أطيابِها (نش 4: 16)، وتمتلِئ كلّ الأشياء من الندى المُنعِش وتُكلَّل بالنباتات التي لا تذبُل التي للحياة الأبدية... فيها نجمع الزهور وننسِج بأصابِع مُقدسة ثوب الأُرجوان وإكليل البتولية المجيد البهي من أجل الملِكة، ”لأنَّ عروس الكلِمة تتزيَّن بثِمار الفضيلة“.
إذًا، الكنيسة التي تذهب إلى البِّريَّة -وهي مكان خالِ من الشهوة- تتغذَّى وتتقوَّى ”وتطير نحو السماء على أجنِحة البتولية Winges of Virginity“ التي دعاها الكلِمة ”أجنحة نسر عظيم“ (حز 17: 3) بعد أن غلبت الكنيسة الحيَّة القديمة وأزالت من أمام قمرها الكامِل كلّ السُّحُب الشِتوية، لذا يجب علينا أن نقتدي ونتمثَّل بأُمنا وبحسب قُدرِتنا يجب أن لا ننزعِج بسبب آلام أو تغيُّرات أو ضيقات الحياة، كي ندخُل معها في فرح وابتهاج إلى العُرس، مُمسكين بمصابيحنا، لذلك ينصحنا القديس ميثوديوس بأن لا نفقِد شجاعتنا بسبب هيئة التنين، بل بشجاعة نستعِد للمعركة ونتسلَّح بخوذة الخلاص وبِدرع الصدر وبِدرع القدمين، ”لأنكم ستُوقِعونَ فيه رُعبًا هائِلًا عندما تُهاجِمونه بقُوَّة وشجاعة عظيمة، ومتى رأى مُقاوميه مُتسلحين ومُعضدين بالواحد الأقوى، لن يُقاتِل ولن يُقاوِم“.
وينصحنا مثيوديوس بأن نُقاوِم التنين الضخم بدِرعنا، ولا نستسلِم ولا ننزعِج من عُنفه وغضبه، لأنَّ مجدًا عظيمًا سيكون لنا متى هزمناه وأخذنا السبعة أكاليل التي على رأسه والتي من أجلها يجب أن نُجاهِد ونُصارِع، لأنَّ مَنْ يهزِم الشيطان ويُحطِم رُؤوسه السبعة سينال سبعة أكاليل الفضيلة، بعد أن يكون قد اجتاز جِهادات وصِراعات العِفة السبعة العظيمة، لأنَّ الترف وعدم ضبط النَّفْس هُما أحد رُؤوس التنين، من يُحطمها ينال إكليل الاعتدال، الجُبْن والضعف رأس آخر، مَنْ يُحطمه ينال إكليل الشِهادة، وهكذا...
ومِنْ سِفْر الرؤيا ينتقِل القديس إلى سِفْر اللاويين ليتحدَّث عن عيد المظال، وكيف أنَّ الله عندما وضع لإسرائيل الحقيقي الطقوس القانونية لهذا العيد، أوضح لهم، في سِفْر اللاويين، كيف يحفظون العيد ويُكرِّمونه، قائِلًا لهم أنه يجب على كلّ أحد، قبل وفوق كلّ شيء، أن يُزيِّن خيمته بالعِفة... ”وسأذكُر كلِمات الكِتاب المُقدس نفسه لكي يتضِح منها كم مرضية لله ومقبولة عنده هي البتولية“:
”أمَّا اليومُ الخامِس عشر من الشهر السَّابِع ففيهِ عندما تجمعون غلَّة الأرض تُعيِّدون عيدًا للرب سبعة أيامٍ. في اليوم الأوَّل عُطلة وفي اليوم الثَّامِن عُطلة. وتأخذون لأنفُسِكُم في اليوم الأوَّل ثمر أشجارٍ بهجةٍ وسعف النخل وأغصان أشجار غبياء وصفصاف الوادي و« شجرة العِفة» (لم تَرِدْ في نص الكِتاب المُقدس لكن القديس ميثوديوس هو الذي أضافها). وتفرحون أمام الرب إلهكُم سبعة أيامٍ. تُعيِّدونهُ عيدًا للرب سبعة أيامٍ في السنة فريضةً دهريةً في أجيالكُم. في الشهر السَّابِع تُعيِّدونهُ. في مظال تسكُنُون سبعة أيامٍ. كُلُّ الوطنيين في إسرائيل يسكُنُون في المظال. لكي تعلم أجيالُكُم أني في مظال أسكنتُ بني إسرائيل لمَّا أخرجتُهُم من أرضِ مصر. أنا الرب إلهُكُمْ “ (لا 23: 39-43).
فكلّ مَنْ يشتاق إلى حُضور عيد المظال لِيُحصى مع القديسين، عليه أولًا أن يُجاهِد ويحصُل على ثِمار الإيمان الصَّالِحة المُبهِجة ثم سعف النخل الذي هو التأمُّل الصَّاحي الواعي في الكِتاب المُقدس ودِراسته، وبعد ذلك أغصان المحبة المُنتشرة الكثيفة الأوراق التي يأمُرنا الله أن نأخُذها بعد أغصان النخيل، مُشبِهًا المحبة بأغصان كثيفة لأنها ملآنة كلّها وقريبة ومُثمِرة جدًا وليس فيها شيء عارِ أو فارِغ بل كلّها ملآن: الأغصان والجِذع، وبالمِثل لا يوجد في المحبة أي شيء فارِغ أو عقيم لأنه ”إن كانت لي نُبُوَّة وأعلمُ جميع الأسرار وكُلَّ عِلْمٍ وإن كان لي كُلُّ الإيمان حتَّى أنقُل الجِبال ولكن ليس لي محبَّة فلستُ شيئًا. وإن أطعمتُ كُلَّ أموالي وإن سلَّمتُ جسدي حتَّى أحترق ولكن ليس لي محبَّة فلا أنتفِعُ شيئًا“ (1كو 13: 2-3) لذا المحبة هي أكبر الأشجار وأكثرها ثمرًا.
  رد مع اقتباس
قديم 22 - 05 - 2014, 05:55 PM   رقم المشاركة : ( 30 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,823

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج

الجهاد والبتولية

ويتساءل القديس: ”ما الذي يُريدنا أن نفعله بعد هذا؟“ ويُجيب بأنه يُريد أغصان الصفصاف التي يرمُز بها إلى البِّر لأنَّ النبي يقول عن البَّار ”ينبُت مِثل الصَّفصاف على مجاري المياه“ (إش 44 : 4). وأخيرًا لِيُتوج الكُلّ، أوصى بأن يُحضِر غصن من شجرة الـAgnos (لم تَرِدْ في نص الكِتاب المُقدس لكن القديس ميثوديوس هو الذي أضافها) لِتُزين الخيمة لأنها هي شجرة العِفة...
”ليذهب العابِثون الآن الذين، بسبب حُبُّهم للشهوات والملذات، رفضوا العِفة، كيف سيدخلون إلى العيد، هؤلاء الذين لم يُزيِنوا خيمتهم بأغصان العِفة، تلك الشجرة المُباركة التي صنعها الله؟“، ويدعو ميثوديوس العذارى قائِلًا: ”تعالوا أيتها العذارى لنتأمَّل في الكِتاب المُقدس ووصاياه، لِنرى كيف أنَّ الكلِمة الإلهي جعل العِفة تاج هذه الفضائِل التي ذكرناها، ونعلم كم هي لائِقة ومرغوبة من أجل القيامة، وكيف أنه بدونها لا يستطيع أحد أن ينال المواعيد، وكما نقتني نحن الذين نذرنا بتوليتنا هذه العِفة، كذلك يقتنيها أيضًا هؤلاء الذين يعيشون مع زوجاتِهِمْ“.

كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج
وينصح القديس هؤلاء الذين يحبون الجِهاد، الأقوياء الذِهن، أن يُكرِّموا العِفة كشيء مجيد جدًا، كثير الفائِدة والنفع، لأنَّ كلّ من يوجد في الحياة الأبدية غير مُتزيِن بأغصان العِفة لن ينال الراحة لأنه لم يَطِع وصية الله بحسب الناموس ولم يدخُل أرض الموعِد، لأنه لم يحتفِل مُسبقًا بعيد المظال، إذ لن يدخُل الأرض المُقدسة إلاَّ الذين احتفلوا بعيد المظال.
بعد أن نصح القديس هؤلاء الذين يحبون الجِهاد بأن يكرِموا العِفة، يبدأ هو نفسه في مدحها، لأنه لا شيء يُعين الإنسان في طريق الكمال مثل العِفة، لأنها وحدها تجعل النَّفْس محكومة مضبوطة وتحفظها حُرَّة نقية من العالم، لذا عندما علَّمنا السيِّد المسيح أن نقتنيها وأظهر لنا جمالها الفائِق، دُمِرت مملكة العدو الشِّرِّير، الذي قبل الزمان أسَرْ واستعبِِد كلّ جِنْس الإنسان، لذلك لم يُرضي القُدماء الله، لأنَّ الناموس وحده لم يكُن كافيًا لتحرير الجِنْس البشري من الفساد، حتّى أشرقت البتولية بعد الناموس وحُكِمت البشرية بوصايا الله، وما كان البشر الأوَّلون لِيُقاتِلوا، لأنَّ الناموس لم يكُن كافيًا لخلاصِهِمْ، ولكن منذ أن تجسَّد المسيح وتزيَّن جسده بالبتولية، تحطَّم الطاغية الهمجي الذي هو سيِّد الخطية، فَسَادَ السلام والإيمان والغلبة.
يرى القديس ميثوديوس أنَّ شجرة العُلِّيقة تمدح البتولية والعِفة، لأنَّ العُلِّيقة وشجرة أل Agnos هما نفس الشجرة، لكن البعض يُسمونها عُلِّيقة والبعض الآخر Agnos وربما كان ذلك لأنَّ كليهِما مُرتبِط بالبتولية التي دُعِيَت عُلِّيقة وAgnos:
عُلِّيق: بسبب قُوَّتها وثباتها أمام الشهوات.
Agnos: بسبب عِفتها الدائِمة.
لذلك يذكُر الكِتاب المُقدس أنَّ إيليا النبي وهو يهرب من وجه المرأة إيزابِل (1مل 19: 4) أتى أولًا تحت شجرة العُلِّيق، وهناك أُعطِيَ قُوَّة وطعامًا، وهذا يرمُز إلى أنَّ ذاك الذي يهرب من الشهوات، من امرأة، تكون له شجرة العِفة ملجأ وظِلْ.
ويرى القديس أنَّ التدريب الذي يُعِد النَّفْس منذ الطفولة للمجد البهيج جدًا والمجيد، ويزرع في النَّفْس رجاءً كبيرًا، هو العِفة التي تهِب الأبدية لأجسادنا، وتجعل البشر يُفضِلونها بإرادتهم ويمدحونها فوق كلّ الأشياء الأخرى... والبعض عن طريقها يُخطبون للكلمة ويحيون في بتولية.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
أحد المخلع القمص أثناسيوس فهمي جورج
كتاب البابا شنودة المعلم - القمص أثناسيوس فهمي جورج
كتاب الأمانة في التعليم - القمص أثناسيوس فهمي جورج
كتاب التربية عند آباء البرية | آباء الكنيسة كمربين القمص أثناسيوس فهمي جورج
ترانيم القمص أثناسيوس فهمى جورج


الساعة الآن 08:54 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024