منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05 - 09 - 2014, 04:43 PM   رقم المشاركة : ( 21 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: آلام المسيح وصلبه



20.
يتبع الحقيقة اللاهوتية السابقة أن جسد المسيح الذي بقي في القبر منفصلاً عن النفس لكن غير منفصل عن الألوهة، لم يصبه أيّ فساد. ننشد في إحدى طروباريات قانون السبت العظيم: “لأن جسدك لم يرَ فساداً أيها السيد ونفسك بحالة غريبة لم تُترَك في الجحيم” (الطروبارية الثانية من الأودية الخامسة).
بطريقة غريبة عن الافتراضات البشرية لم يخضع الجسد للفساد ولا تُرِكَت النفس وحيدة في الفردوس، لأن في كِلَي الجسد والنفس كانت الألوهة الفريدة لابن الله وكلمته، بقوة الاتحاد الأقنومي للطبيعتين في المسيح.
في تفسيره لهذه الحقيقة، يقول القديس يوحنا الدمشقي أنّ هناك فرق عظيم بين كلمتي ” phthora” و “diaphthora” اللتين نعطيهما معاً معنى الفساد. تعني كلمة ” phthora” الأهواء غير المُعابة، أي الجوع والعطش والألم، والموت كانفصال للنفس عن الجسد. هذه كانت عند المسيح، لأنّه طوعياً اتّخذ جسداً طاهراً وبسيطاً، لكنه قابل للموت والتجربة، بنيّة التألّم والموت، ذلك لكي يمحو قوة الشيطان. قبل الصليب والقيامة كان الفساد في المسيح. من الإثم القول بأنّ جسد المسيح قبل القيامة كان غير قابل للفساد في هذا المعنى، إذ عندها لن يكون مثل جسدنا، وسوف تكون أسرار التدبير الإلهي، الآلام والصلب، خديعة وتمثيلاً، وبالحقيقة لن يكون خلاصنا ممكناً. من ناحية ثانية، بعد قيامته، نبذ المسيح الفساد أيضاً، ويمكننا الكلام عن جسد غير قابل للفساد، لأنه لم يعد يعطش ولا يجوع… إذاً جسد المسيح كان قابلاً للفساد قبل القيامة وغير فاسد بعدها.
تحمل كلمة “diaphthora” معنى الفساد أي انحلال الجسد، بعد رحيل النفس، وتحوّله إلى العناصر التي منها يتكوّن. فالجسد البشري يتكوّن من عدّة عناصر: الماء، الهواء، التراب والنار. عندما تنفصل النفس عن الجسد، يتحوّل الأخير إلى العناصر التي تكوّنه. هذا ما يسمّى الفساد ويظهر من التحلّل والرائحة الكريهة. لكن هذا لم يجرِ لجسد المسيح عند رحيل نفسه. “لم يختبر جسد السيّد هذا الأمر”. لم يفسد جسد المسيح ولم ينحلّ لأنّه كان متّحداً بالألوهة. ما يشبه ذلك يحدث أيضاً مع أجساد القديسين. عندما تترك النفس الجسد، تبقى نعمة الله في الرفات، وبالتالي يبقى الكثير منها غير منفسد وفيضاً للطيب (القديس غريغوروس بالاماس). هذا يتمّ في بعض البشر بالنعمة والمشاركة، بينما في المسيح فلأن جسده كان مصدراً للنعمة غير المخلوقة.

  رد مع اقتباس
قديم 05 - 09 - 2014, 04:43 PM   رقم المشاركة : ( 22 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: آلام المسيح وصلبه



21.
الإنجيلي يوحنّا الذي كان حاضراً أثناء الآلام على الجلجثة، يحفظ لنا حدث طعن جنب المسيح. اليهود الذين تلقّوا الأمر من بيلاطس بإعدام المصلوبين، بكسر أرجلهم، لكي يُدفَنوا لأن السبت العظيم كام قريباً، عند مجيئهم إلى يسوع وجدوا أنّه كان ميتاً. لهذا لم يكسروا رجليه “لكِنَّ وَاحِدًا مِنَ الْعَسْكَرِ طَعَنَ جَنْبَهُ بِحَرْبَةٍ، وَلِلْوَقْتِ خَرَجَ دَمٌ وَمَاءٌ” (يوحنا 31:19-34). للآباء في تفسيرهم لهذا الحدث ملاحظات مهمّة.
بحسب القديس يوحنا الذهبي الفم، عند تلك اللحظة، لحظة خروج الدم والماء “تمّ سرٌّ فائق الوصف”. يكمن السرّ من جهة في أن دمّ الآخَرَين لم يخرج، لأنّه تجمّد في اللحظة، ومن جهة أخرى أن الدم والماء بالرغم من خروجهما من نفس المكان فقد افترقا لكي يُميّزا. لا يمكن شرح هذا الأمر إلا بأنّ “الذي طُعِن هو إنسان فائق” وأنّ تدبير الله لهذين السرّين الأساسيين في الكنيسة، المعمودية (الماء) والإفخارستيا (الدم)، هو إظهارهما. إن فِعل التنازل المطلَق والتدبير يظهِر أيضاً أن الكنيسة قد تأسّست عند ذلك الحين مرتكزة على هذين السرين. يقبل الآباء القديسون توازياً بين خلق حواء من جنب آدم وخلق الكنيسة من جنب المسيح آدم الجديد. كما أنّ الله أخذ الضلع من آدم وصنع المرأة، كذلك المسيح صنع الكنيسة من جنبه. وكما أنّ حواء خُلقَت فيما آدم كان نائماً، كذلك الكنيسة خُلقَت من جنب المسيح عندما مات (القديس يوحنا الذهبي الفم).
هناك أيضاً تعليم تفسيري آخر عند الآباء القديسين. حوا، التي خرجت من آدم وصُنعَت من جنبه، جلبَت الموت والفساد إليه وإلى الجنس البشري. هذه الخديعة شُفيَت بجنب آدم الجديد، أي المسيح لأنّه صار فداء وتطهير الجنب القديم. يشير الدم إلى الافتداء والماء إلى التطهير (القديس أثناسيوس الكبير). إذاً، فيما سال الفساد من جنب آدم، سالت الحياة من جنب آدم الجديد (القديس يوحنا الذهبي الفم). بمعزل عن الأمور الأخرى، فإن الجنب المطعون يشير إلى أن الخلاص ممنوح ليس فقط للرجال بل أيضاً للنساء لأن المرأة خُلِقَت من جنب الرجل (القديس ثيوذوروس الستوديتي).
الكنيسة هي جسد المسيح المجيد وليس مؤسسة دينية. في الكنيسة هذان السرّان المعبَّر عنهما بالدم والماء، أي المعمودية والإفخارستيا. تتطهّر طبيعة الإنسان وتُغسَل الصورة بالمعمودية، ويبلغ الشركة الإلهية بالإفخارستيا. بهذا الضوء، الصليب هو حياة وقيامة. إذاً، المسيح لم يستجِب لتحدي نظرة يهود ذلك الزمان العالمية. لقد كان ينبغي به أن ينزل عن الصليب لكي يؤمنوا بأنه إله حقيقي، لأنّه وجد أنّه بالصليب يبيد قوة الشيطان وبالصليب والقيامة يخلق الكنيسة، من خلال الأسرار المنيرة. عقلية البشر الدنيوية والنظرة الدنيوية صغيرتان جداً. بقي المسيح على الصليب وفشل بحسب معايير العالم، لكن النجاح العظيم كان هناك.

  رد مع اقتباس
قديم 05 - 09 - 2014, 04:43 PM   رقم المشاركة : ( 23 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: آلام المسيح وصلبه

22.
أيضاً يصف الإنجيلي يوحنا الأمور المتعلقة بإنزال المسيح عن الصليب ودفنه. يوسف الرامي ونيقوديموس كانا تلميذين بالسرّ. الأول كان “تلميذاً ليسوع لكن بالسرّ خوفاً من اليهود”، والثاني كان الذي أتى لعند المسيح ليلاً. هذان الإثنان عملا معاً لدفنه. يوسف الرامي طلب الإذن للدفن من بيلاطس وقام به مع نيقوديموس. قريباً من الجلجثة كان بستان “وَفِي الْبُسْتَانِ قَبْرٌ جَدِيدٌ لَمْ يُوضَعْ فِيهِ أَحَدٌ قَطُّ” (يوحنا 38:19-41).
ينشد المرنّم الإلهي: “لقد أظهرت إشارات وعلامات دفنك برؤى كثيرة”. في تفسير هذه الطروبارية، يكتب القديس نيقوديموس الأثوسي أنّ ما يُقال هنا هو أنّ من خلال رؤى أنبيا العهد القديم الكثيرة، أظهر المسيح العلامات، أي شكل قبره. هناك الكثير من الأحداث في العهد القديم التي تصوّر مسبقاً الدفن المجيد للمسيح. ويشير القديس إلى الأكثر خصوصية بينها، كمثل دخول يونان في بطن الحوت لثلاثة أيام، كلمات إشعياء: “وَلَيْسَ مَنْ يَفْطَنُ بِأَنَّهُ مِنْ وَجْهِ الشَّرِّ يُضَمُّ الصِّدِّيقُ. يَدْخُلُ السَّلاَمَ. يَسْتَرِيحُ فِي مَضجِعِهِ” (إشعيا 1:57-2)، قيامة الموتى التي جرت عند دفن النبي إيليا، النبي دانيال الذي خرج سالماً من جبّ الأسود حيث رموه، ورؤيا النبي حزقيال الذي نظر قيامة العظام الميتة ونبوءته التي نقرؤها بعد زياح الدفن.
هنا أيضاً علينا أن نشدد على أن المسيح، كونه إلهاً أيضاً وذا سلطان على الموت وكل الخليقة، فقد قبِل بإرادته أن يُوضَع في قبر. ننشد في إحدى طروبريات قانون السبت العظيم: “لأن الساكن في العلاء قد خُتِم عليه تحت الأرض بإرادته” (الطروبارية الثالثة من الأودية الثامنة)، وفي طروبارية أخرى: “هوذا الساكن في العلاء قد حُسِب بين الأموات ويضيف في قبر حقير” (أرموس الأودية الثامنة). يقوم المسيح بكل الأمور البشرية بطريقة تليق بالله.
ولكن حتى في القبر، فجسد المسيح كان مرهِباً كونه متحداً بالألوهة. فكلمات البطريرك يعقوب التي يشير فيها إلى المسيح معروفة جداً: “جَثَا وَرَبَضَ كَأَسَدٍ وَكَلَبْوَةٍ. مَنْ يُنْهِضُهُ؟” (تكوين 9:49). في تفسير هذه النبوءة، يقول القديس يوحنا الذهبي الفم أن الأسد مرهِب، ليس فقط عندما يستيقظ، بل أيضاً في نومه. الأمر نفسه مع المسيح، الذي كان مرهِباً ليس فقط قبل الصلب بل أيضاً خلاله وبعد موته. وقد فُسِّرت بهذه الطريقة لأن في اللحظة التي مات فيها المسيح، جرت كل تلك الأمور المخيفة، الظلام على الأرض، الزلزال، انشقاق الصخور وحجاب الهيكل، قيامة القديسين المائتين ودخولهم أورشليم. إن صورة الأسد تشير إلى ألوهة المسيح.
لقد أظهر قبر المسيح أنّه “كنز إلهي للحياة”، لأنّه احتوى الحياة نفسها. القديس أبيفانيوس القبرصي في عظته عن الموضوع يعبّر عن دهشته من كيف تذوقت الحياة الموت، كيف الذي لا يُدرَك يُحتوى في قبر، كيف يقطن في القبر مَن لم يترك حضن أبيه، كيف الذي فتح أبوب الفردوس وكسر أبواب الجحيم يدخل في مغارة، فيما في الوقت نفسه لم يفسد أبواب العذراء… يسمّي القديس أثناسيوس الكبير القبرَ “موضع القيامة”، “مشغل القيامة”، “إبادة القبور”، “قبر فيه تتنفّس الحياة بلا نهاية”. كان ينبغي أن يكون هذا القبر جديداً لأسباب كثيرة، لكن السبب الأساسي هو لكي لا يكون هناك أي تشوش ولا يُفتَكَر بأن قيامة المسيح كانت بسبب حضور أي شخص آخر مدفون هناك، ولا أن الذي قام هو شخص آخر غير المسيح.
وينشد المرنّم، مفتكراً بالقبر “إن القبر لَسعيد لأنه ظهر إلهياً لما اقتبل ضمنه كنز الحياة الخالق كنائم لخلاصنا نحن المرتلين مبارك أنت أيها الإله المنقذ” (الطروبارية الثانية من الأودية السابعة).
  رد مع اقتباس
قديم 05 - 09 - 2014, 04:43 PM   رقم المشاركة : ( 24 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: آلام المسيح وصلبه



23.
بتجسده وتضحيته على الصليب، أظهر المسيح محبّة الله العظيمة للجنس البشري. لهذا هو يوصف “ختن (عريس) الكنيسة”. خدم الأيام الأولى من الأسبوع العظيم هي خدم الخَتَن. حتى عندما يُحمَل المصلوب في الزياح، يهتف الكاهن “ختن البيعة سُمِّر بالمسامير”. يقول القديس مكسيموس المعترف بأن الله هو محبة ومحبوب، وبأنّه يحرّك ويشدّ إلى نفسه مَن يتقبّل المحبة. القديس إغناطيوس المتوشّح بالله يناديه بالحبيب قائلاً: “حبيبي مصلوب”.
من المثير للاهتمام عند هذه النقطة التوقف عند فكرة القديس نيكولا كاباسيلاس حول محبة المسيح العظيمة للإنسان. كما أن المحبة تحمل المحبوبين إلى الوجد، كذلك محبة الله للبشر حملته إلى مواضعة نفسه إي إلى أن يصبح إنساناً. لم يكتفِ بدعوة الذين يحبهم بل هو ينزل وحيداً ويأتي إلى آلامه ويسعى إلى الاستجابة. كيف يُشرَح إفراغ الذات (kenosis) هذا من قبَل المسيح؟
هناك صفتان تميّزان المحب الحقيقي بالنسبة لمَن يحب. الأولى هي أنّه يريد أن يصنع حسناً للمحبوب، والثانية هي أنّه يريد أن يتألّم عنه. الصفة الثانية أكثر رفعة من الأولى بشكل واضح. لكن كون الله غير مجرَّب ولا يمكن أن يتألّم من أجل الإنسان فقد “ابتكر إفراغ الذات”، فتألّم بجسده ليظهر عظم محبته للبشر. لكن المسيح صنع أكثر من ذلك، بعد قيامته بجسده الروحي، فقد ترك عليه جراح الصليب، تباهى بها، اعتبرها زينة وعَرَضها على الملائكة فرحاً بأنّه تألّم من أجل البشر. إذاً، هو لم ينبذ الجراح التي من الصليب، بل يحتفظ بآثار السفك على جسده. ما من أحد عنده هذه المحبة الجنونية مثل المسيح، فهو ليس فقط يحتمل الضرب، وليس فقط يخلّص العاقّ، بل هو يثمّن جراحه. وبهذه الجراح يجلس على العرش الملوكي ويستدعي الكلّ إلى تاجه. وهو لا يثمّن جراحه وحسب بل ويقدّم ذاته لأنّ أعضاءنا من خلال حياة الكنيسة الأسرارية هي أعضاء المسيح.
من ناحية ثانية، محبة المسيح، جوهر المحبة الحقيقية، يحسّ بها الذين يحبون المسيح كثيراً وهم متطهرون داخلياً. هذه المحبة ليست حالة عاطفية، ولا هي محبة انفعالية من غير جلال، بل هي ثمرة اللاهوى. من المميز أنّ كلمات القديس أغناطيوس الأنطاكي التي ذكرناها سابقاً مرتبطة باللاهوى. لهذا هو يكتب إلى أهل روما: “حبيبي مصلوب وليس في داخلي نار محبة الأمور المادية”. إنه يريد أن يموت كشهيد للمسيح الذي يحب، ويسميه حبيبه، وروح الشهادة هذه ترتبط بحقيقة أن ليس فيه محبة لمادة العالم. ويتابع القديس إغناطوس: “الماء الحي المتكلّم فيّ الناطق من داخلي: تعالى إلى الآب. أنا لا أستمتع بمأكل الفساد، ولا بلذات هذه الحياة”. إذاً كل الذين صُلِبوا داخلياً وكل السائرين على درب الشهادة والصليب، الذين ينزعون إلى الاستشهاد، يمكنهم أن يحسّوا بمحبة الله للبشر.
إلى هذا، يكرّر القديس نيكولا كاباسيلاس، أنّ المحبة مرتبطة بالمعرفة بشدة. الإنسان يحب الآخر بقدر ما يعرفه. وكما أن إحدى درجات المعرفة تأتي من السماع والأخرى من النظر، كذلك أيضاً هناك درجات في الشعور والمحبة. القديسون يحسّون بمحبة الله ويحبّونه فعلياً.
  رد مع اقتباس
قديم 05 - 09 - 2014, 04:44 PM   رقم المشاركة : ( 25 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: آلام المسيح وصلبه

24.
لقد عُبِّر عن سرّ الصليب في موت المسيح على الجلجثة، كسرّ لمحبة الله الأبدية للجنس البشري. لكن علينا أن لا نبقى فقط في هذا الوجه الخارجي والتاريخي للموضوع. علينا أن نتابع إلى المشاركة في سرّ الصليب من خلال الحياة الأسرارية والنسكية. بالمعمودية، على ما يقول الرسول بولس، نعتمد بموت المسيح، لكي نخرج من الجرن لنُقام ونشترك بقيامة المسيح. لهذا السبب، كانت تُبنى أجران المعمودية الأولى على شكل صليب. في كل الأسرار تُعطى البركة برسم الصليب. لكن الأسرار تفترض مُسبَقاً جو الحياة النسكية وتتمّ فيه.
يقول القديس مكسيموس المعترف بأنّه ينبغي صلب كل المظاهر، أي ينبغي الامتناع عن الخطيئة في الممارسة والعمل، كما خرج المصريون من مصر وعبروا إلى الجانب الآخر عبر البحر الأحمر. لكن ينبغي أيضاً دفن الإدراك الحسي، أي علينا أن ننتبه إلى الحركات الشهوانية لأفكارنا وأهوائنا. هذا يتمّ من خلال الحياة النسكية الهدوئية. عندها فقط يقوم كلمة الله فينا. يأخذ القديس مكسيموس المعترف مثالاً من يوسف الرامي ونيقوديموس اللذين دفنا المسيح، فيقول بأن قبر المسيح هو إمّا العالم أو قلب كلٍ من المؤمنين. على كلّ الذين يدفنون السيّد بإجلال أن يلفّوه بالكتان الذي هو كلمات الفضيلة وأعمالها، لكن عليهم أيضاً أن يضعوا الأقمشة المصنوعة باليد في مكانها، وهي معرفة اللاهوت الثابتة. وحدهم الذين يعيشون بالممارسة وبمعاينة الله، كما يظهر من الفضائل ومعرفة اللاهوت، يمكنهم أن يروا المسيح القائم، فيما المسيح غير منظور لكل الباقين الذين لا يحيون على هذا المنوال.
لهذا السبب قلنا سابقاً أن المصالحة التي تمّت بحدث الصلب التاريخي ليست نفس الأمر كما الاشتراك في سر المصالحة الذي يجري ضمن الحياة الأسرارية والنسكية للكنيسة. آلام المسيح وصليبه لا يقدّمان لأفكار عاطفية إنسانية المركز، بل لرحلة من إعادة الولادة والتجدد والتمجيد والتألّه. هناك حاجة لمقاربة وجودية شخصية لهذه الأحداث السيدية العظيمة. يقول القديس مكسيموس المعترف بأنّ عندنا إمكانيتان: إمّا أن نصلب المسيح مجدداً، بخطيئتنا في أجسادنا التي صارت أعضاء المسيح بالمعمودية، أو أن نُصلَب مع المسيح. جوهرياً، إنها مسألة الإمكانيتين اللتين كانتا للصَّين المصلوبَين مع المسيح على الجلجثة. الأوّل تحوّل إلى لاهوتي عظيم، بينما الآخر إلى مجدّف. لا أحد ينجح في أن يكون أخاً في الإنسانية للمسيح المصلوب، بل يمكن للإنسان أن يُصلَب مع المسيح، بخلعه “الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ مَعَ أَعْمَالِهِ”، وبلبسه “الْجَدِيدَ الَّذِي يَتَجَدَّدُ لِلْمَعْرِفَةِ حَسَبَ صُورَةِ خَالِقِهِ” (كولوسي 9:3-10). __________________
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
الفداء من آلام الرب وصلبه وقيامته
موت المسيح وصلبه في القرآن
نبوات عن آلام السيد المسيح وصلبه
آلام المسيح وصلبه وقيامته: جوهر البشارة
آلام السيد المسيح وصلبه - دراسة بين التاريخ والعلم والطب -


الساعة الآن 06:34 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024