11 - 01 - 2014, 04:51 PM | رقم المشاركة : ( 21 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة الشكر - البابا شنوده الثالث
الرغبة الداخلية وتقييم الأمور (10) من الأمور المهمة في شعور الإنسان بالخير وبالشر، وما يترتب على ذلك من شكر أو تذمر، رغباتنا الداخلية ونوع تقييمنا للأمور. كتب القديس يوحنا ذهبي الفم مقالا جميلا عنوانه (لا يستطيع أحد أن يضر إنسانا، ما لم يضر هذا الإنسان نفسه) وفي الواقع بدون فهم هذا الموضوع لا نستطيع التخلص من تأثير مضايقات الآخرين لنا، التي تفقدنا حياة الشكر، وتوقعنا في التعب النفسي.. حقا، ما الذي يستطيع إنسان -أو حتى شيطان- أن يضرك به؟ انك لو كنت إنسانا بارا قديسا تحب الله، فلن يكون لك سوى هدف واحد فقط هو الالتصاق بالله. وهذا لا يستطيع إنسان أن يضرك فيه.. وكما قال الرسول (من سيفصلنا عن محبة المسيح: أشدة أم ضيق أم اضطهاد، أم جوع أم عرى، أم خطر أم سيف؟ فإني متيقن أنه لا موت ولا حيوة، ولا ملائكة ورؤساء ولا قوات، ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة، ولا علو ولا عمق، ولا خليقة أخرى، تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع) (رو 8: 35-39) إذن إن جعلت هدفك في الحياة هو محبة الله، فلن يفصلك عن هذا الهدف شيء، وتعيش سعيدًا. أما إذا جعلت لنفسك أهدافا ورغبات أخرى أضفتها إلى الله.. فهذه هي التي تضرك. قلبك من الداخل -المحب لهذه الرغبات- هو الذي يضرك وليس الناس.. قد يستطيع أحد أن يأخذ منك مالا. فإذا كنت لا تحب المال ولا تهتم به في كثرته أو قلته، فلن يصيبك ضرر. قد يستطيع أحد أن يزج بك في السجن. فان كنت لا تهتم إلا بالحرية ضميرك وفكرك وروحك في علاقتك مع الله، ولا تهتم بالمكان الذي تعيش فيه ولا بحالتك الأرضية، فعند ذلك سوف لا تشعر بضرر. فبولس الرسول كان في أعماق السجن وكان يرتل بفرح.. ماذا يصنع بك الناس؟ أيقتلونك؟ وهل هذا يضرك في شيء، إن كان هدفك هو الحياة مع المسيح،إن بولس الرسول يقول (لي الحياة هي المسيح، والموت هو ربح.. لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح، فذاك أفضل جدًا) (فى 1: 21، 23) إن الشهداء قد عذبوا وقتلوا. ولم يشعروا أنهم أصيبوا بضرر، بل على العكس نالوا الأكاليل. وكانوا يشكرون له في عذاباتهم، لأنها توصلهم إلى الله والى المجد.. إن الضرر الوحيد الذي يحزنك هو الانفصال عن الله. وليس الضيقات ولا المتاعب، التي قد تسبب لك أكاليل، إن احتملتها بشكر. ولهذا قال الرسول القديس (لذلك أسر بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح) (2كو 12: 10). |
||||
|
|||||
11 - 01 - 2014, 04:52 PM | رقم المشاركة : ( 22 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة الشكر - البابا شنوده الثالث
التمسك بالتفكير الخاص أكثر من التدبير الإلهي (11) من مشاكلك الكبرى في حياة الشكر، تمسك بتفكيرك الخاص أكثر من التدبير الإلهي. إننا نريد أن ندبر أمورنا بفهمنا البشرى، بعقليتنا وطريقتنا الخاصة. وقد يكون لله تدبير آخر، لا نفهمه، فنتضايق ولا نشكر! فمثلا إذا لم ننل طلباتنا قد نغضب. وأحيانا نرتفع درجة، فلا نغضب. ولكننا في نفس الوقت لا نشكر. لأن هناك فرقا بين إنسان شاكر، وإنسان آخر ساكت ومحتمل. احتمالنا معناه أن هذا ضيق، ولكننا لا نتذمر عليه، وإنما نحتمله في صبر. أما شكرنا فمعناه ثقتنا أن هذا الحادث هو خير، نشكر الله عليه. وهنا نكون قد انتقلنا من العيان إلى الإيمان.. وأصبحنا بالإيمان نرى الخير في كل ما يعمله الله معنا، غير معتمدين على الأحكام البشرية التي تحكم من الظاهر.. وإذا كان الوحي الإلهي يقول (من يعرف أن يعمل حسنا ولا يفعل، فذلك خطية له) (يع 4: 17) فبالحري يعمل الله الخير، إذ باستطاعته أن يعمله. وبالضرورة لابد أن أؤمن بأن الله يصنع خيرًا معي، لأنه بطبيعته صانع للخيرات. وهو فعلا يصنع ذلك. إن كانت حالتي سيئة، فكان ممكنا أن تكون أسوأ، لولا أن نعمة الله تخلت عنى. ولكن شكرا لله لأنه لم يتخل. وسوء حالتي غالبًا ما يرجع إلى أخطائي. فيجب أن ألوم نفسي، أما الله فإنني أشكره لأنه لم يغضب على بسبب هذه الأخطاء، ولابد سيعينني على الخروج منها. الله إذن يصنع معي خيرًا. ولكنني أنا الذي لا أصنع خيرًا مع نفسي. يجب إذن أن أثق بحكمة الله وتدبيره، ولا أعتمد على تفكيري البشرى وفهمي القاصر،وفي كل ما يحدث لي، ينبغي أن أقول: لابد أنه وراء هذا الأمر حكمة إلهية ستظهر لنا في حينها. وسواء كشف لنا الله حكمته أم لم يكشفها، فحكمته موجودة نشكره عليها. وطوبى لمن آمن دون أن يرى (يو 20: 29). هذا الإيمان بحكمة الله، يقودنا إلى حياة التسليم. وحياة التسليم تتفق تماما مع حياة الشكر.. وفى هذه الحياة أقول للرب: أنا أشكرك يا رب، لأنك لو كنت ترى لي وضعا أفضل مما أنا فيه، لكنت قد نقلتني إليه. أو لو كنت أنا استحق أكثر من هذا، لكنت أعطيتني. ويقينا أنك تعطيني دوما فوق ما أستحق. يكفيني أنني أثق بحكمتك وبمحبتك في تدبيرك لحياتي وهذا يستحق الشكر. |
||||
11 - 01 - 2014, 04:53 PM | رقم المشاركة : ( 23 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة الشكر - البابا شنوده الثالث
نسيان جزاء الخطايا | بركة الألم وأمجاده | التسليم بالخير (12) أحيانا نحن لا نشكر، لأننا ننسى خطايانا، وما تستحقه من جزاء. ولو ذكرنا خطايانا، لكنا نشكر لأن الله (لم يصنع معنا حسب خطايانا، ولم يجازنا بحسب آثامنا) (مز 103) بل حتى لو نلنا جزاء، لكان يجب أن نشكر أننا نتألم هنا على الأرض، بدلا من أن ننال العذاب الأبدي في العالم الآخر (متى 25: 46) مثل لعازر المسكين الذي استوفى بلاياه على الأرض (لو 16: 19). ولو أدركنا ثقل خطايانا، لكنا نشكر حتى في الآلام المريرة، شاعرين أنها أقل بكثير مما نستحق. وأنها -أي الآلام- قد سمح الله بها لتقودنا إلى التوبة.. (13) ونحن قد لا نشكر -وبخاصة في الألم- لأننا لم ندرك بعد بركة الألم وأمجاده.. إن الألم هبة تستحق الشكر. ولهذا قال الرسول (قد وهب لكم لأجل المسيح، لا أن تؤمنوا به فقط، بل أيضا أن تتألموا لأجله) (فى 1: 29) هو إذن هبة، وأيضا معه مجد. ولذلك قال الرسول (ان كنا نتألم معه، فلكي نتمجد أيضا معه) (رو 8: 17) ومادام الألم طريقا للمجد، فهو للمجد، فهو يستحق الشكر إذن.. لذلك لم يمنع الله الألم عن أحبائه: إن بولس الرسول تعب أكثر من جميع الرسل في الكرازة والتعليم (1كو 15: 10). ومع ذلك لاقى اضطهادات وآلاما أكثر من الكل، شرحها في (2 كو 11) وقال ضمن ذلك (في الأتعاب أكثر، في الضربات أوفر، في السجون أكثر، في الميتات مرارا كثيرة) (2كو11: 23) والرب لم يمنع عنه كل هذه الآلام، بل فال عندما أختاره لخدمة الرسولية (سأريه كم ينبغي أن يتألم لأجل اسمي) (أع 9: 16). وما نقوله عن بولس الرسول، نقوله أيضا عن القديس أثناسيوس بطل الإيمان. الذي نفى عن كرسيه أربع مرات، ودبرت ضده تهم ومؤامرات، قيل له: (العالم كله ضدك يا أثناسيوس) وسمح الله له بكل هذا، لأن في الألم مجدًا، وله أكاليل وهو تعبير عن الحب. العذراء نفسها تحملت آلاما كثيرة، وهى أقدس إنسانة في الوجود. فان تحملت ألما من أجل الله، أشكره من أعماقك. لأنه قد حسبك أهلا أن تهان لأجل اسمه (أع 5: 41) أشكره لأنه أرشدك إلى الباب الضيق الذي يؤدى إلى الملكوت والى الحياة (متى 7: 14). (14) أقول أخيرًا إننا أحيانًا لا نشكر، لأننا نحسب الخير الذي نحن فيه أمرا عاديا لا يحتاج إلى شكر! خيرات كثيرة أنت فيها ولا تشكر عليها، كالصحة والستر، لأنك تحسبها أمورا عادية،ولكن المحرومين منها يشعرون بقيمتها. وان حصلوا عليها يشكرون من العمق وأقول لكم كمثال: ربما أنت لا تشكرون الآن على النور أثناء محاضرتنا. ولكن إن أنقطع النور لأي سبب، حينئذ تدركون أنكم كنتم في نعمة لا تشعرون بها، ولذلك لم تشكروا عليها، إذ حسبتموها شيئًا عاديًا. ما أكثر الأمور العادية في حياتنا التي تحتاج إلى شكر. |
||||
|