![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأب سيصوي الذي من جبل أنطونيوس: أغلقَ على نفسِهِ دفعةً في قلايتهِ، ومنع خادمَه من القدومِ إليه عشرةَ شهورٍ، لم يبصر فيها إنساناً، وفيما هو يمشي في الجبلِ ذات يومٍ، إذا به يجدُ إنساناً إعرابياً يتصيَّد وحوشاً بريةً، فقال له الشيخُ: «من أين جئتَ، وكم لك من الزمان ههنا»؟ فقال له الرجلُ: «صدقني يا راهب، إن لي في هذا الجبلِ أحدَ عشرَ شهراً لم أرَ أحداً غيرَك». فلما سمع الشيخُ ذلك، دخل قلايتهِ وصار يضربُ صدرَه ويقول: «يا سيصوي، لا تظن أنك صنعتَ شيئاً، لأنك لم تصنع بعد مثلَ ما صنعه هذا الإعرابي». وسأله أخٌ: «أتُرى، هل كان الشيطانُ يضطهدُ القدماءَ هكذا»؟ أجابه الشيخُ: «بل اليومَ يضطهدُ أكثرَ لأنَّ زمانَه قد قرب، فهو لذلك قلقٌ». |
![]() |
رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ومرةً زاره أنبا أدلفيوس أسقف نيلوبوليس في جبلِ أنطونيوس، ولما عزم على الانصراف جعله يتغذى باكراً قبل انصرافِه وكان صومٌ، فلما وُضعت المائدةُ، إذا قومٌ يقرعون البابَ، فقال لتلميذِه: «قدِّم لهم قليلاً من الطبيخِ». فقال الأسقفُ: «دعهم الآن لئلا يقولوا إن أنبا سيصوي يأكل باكراً». فتأمله الشيخُ وقال للأخ: «امضِ أعطِهم». فلما أبصروا الطبيخَ، قالوا للأخِ: «يا تُرى هل عندكم ضيوفٌ والشيخُ يأكل معهم»؟ قال: «نعم». فحزنوا قائلين: «لماذا تركتم الشيخَ يأكل في مثلِ هذا الوقتِ؟ أما تعملون أن الشيخَ يُعذِّب ذاتَه أياماً كثيرةً، بسببِ هذه الأكلةِ»؟ فلما سمع الأسقفُ هذا الكلامَ، صنع مطانيةً قائلاً: «اغفر لي يا أبي لأني تفكرتُ فكراً بشرياً، أما أنت فقد صنعتَ أوامرَ اللهِ». فقال الشيخُ: «إن لم يمجد اللهُ الإنسانَ، فمجدُ الناسِ ليس شيئاً».
|
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() وحدث مرةً أيضاً أن زاره أنبا قاسيانوس، والقديس جرمانوس، شيخان من فلسطين، فاحتفل بضيافتِهم. فسألوه لأيِّ سببٍ لا تحفظوا رسومَ صومِكم في وقتِ ضيافتِكم الإخوةِ الغرباءِ على ما قد عرفناه في بلدنا فلسطين؟ فأجابهم قائلاً: «إن الصومَ معي دائماً، وأما أنت فلستَ معي دائماً، والصومُ شيءٌ نافعٌ لازمٌ، وهو من نيتنا ومن إرادتنا، وأما إكمالُ المحبةِ فيطالبنا به ناموسُ اللهِ بلازم الاضطرار، فَبِكُم أَقبلُ المسيحَ، ويوجب عليَّ ديناً لازماً بأن أخدمَه بكلِّ حرصٍ، فإذا شيعتُكم أمكنني استعادة صومي، وذلك أن أبناءَ العُرسِ لا يستطيعون أن يصوموا ما دام العريسُ معهم، فمتى رُفع الختن فحينئذ يصومون بسلطانٍ».
|
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() وحدث مرةً أن سألَ أنبا يوسف الأب سيصوي قائلاً: «كم من الزمانِ يحتاجُ الإنسانُ لقطعِ الآلام»؟ أجابه الشيخُ: «في أيِّة ساعةٍ تتحرك الآلام، ففي الحالِ اقطعها». وأيضاً سأله أخٌ عن تدبيرٍ ما، فأجابه الشيخُ قائلاً: «إن دانيال النبي قال: خبزَ شهوةٍ ما أكلتُ». وسأله أخٌ آخر قائلاً: «إذا مشينا في طريقٍ، وضلَّ مهدينا فهل ينبغي أن ننبهَه»؟ فقال له الشيخُ: «لا». قال الأخ: «هل نتركه إذن يُضلُّنا»؟ فأجابه الشيخُ: «وماذا نعمل إذن، أنأخذ عصاً ونضربه؟ إني أعرفُ إخوةً كانوا سائرين بالليلِ، فضلَّ مرشدُهم وكانوا اثني عشر أخاً، وعلموا كلُّهم أنهم قد ضلوا، فجاهد كلُّ واحدٍ منهم ألا يتكلم، فلما أضاء النهارُ، علم مرشدُهم بأنه قد ضلَّ الطريقَ، فقال: اغفروا لي قد ضللتُ الطريقَ. فقالوا له كلُّهم: لقد علمنا، ولكننا سكتنا. فلما سمع ذلك تعجَّب، وقال: إن إخوتنا تمسَّكوا حتى الموتِ على ألا يتكلموا، وسبَّح اللهَ. وقد كانت مسافةُ الطريقِ التي مشوها اثني عشرَ ميلاً». |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() أنبا سيصويص الصعيدي: قيل عنه إنه كان ساكناً في غَيْضَةٍ، وشيخٌ آخر كان مريضاً في السيق، فلما سمع حزن، لأنه كان يصوم يومين يومين، وكان ذلك اليوم من الأيامِ التي لا يأكل فيها. فقال: «ماذا أصنعُ؟ إن مضيْتُ ربما ألزمني الإخوةُ بأن آكلَ، وإن صبرتُ إلى الغدِ، فربما يتنيح الشيخُ، لكني هكذا أصنعُ، أمضي ولا آكل». وفعلاً مضى وأتمَّ وصيةَ اللهِ، ولم يحل قانونَه. وقد أَخبر عنه أيضاً بعضُ الآباءِ، إنه أراد وقتاً ما أن يغلبَ النومَ، فعلَّق ذاتَه في صخرةٍ، فجاء ملاكُ اللهِ وأوصاه ألا يصنعَ مثل هذا، ولا يجعل ذلك عادةً لآخرين. وكذلك سأله أخٌ قائلاً: «إذا كنتُ جالساً في البريةِ وأَقدَمَ بربريٌ وأراد قتلي، وقويتُ عليه، أفأقتله»؟ فأجابه الشيخُ: «لا، لكن سلِّم الأمرَ للهِ، لأن أيَّ محنةٍ تأتي على الإنسانِ، فليس له إلا أن يقولَ إنها من أجلِ خطاياي». وسأله أخٌ آخر قائلاً: «قل لي كلمةً». فقال: «أيُّ شيءٍ لي لأقولُه لك؟ إني أقرأُ في العتيقةِ ثم أرجع إلى الحديثةِ». وقال أيضاً: «صِرّ مهاناً واطرح مشيئتك وراءك، وصِرّ بلا همٍّ تجدُ نياحاً». كذلك سأله آخر قائلاً: «قل لي كلمةً». فأجابه: «لماذا تطلب كلاماً؟ اصنع مثلما ترى». اعتلَََّّّ أنبا سيصويص وكان الآباءُ جلوساً حوله، فسمعوه يخاطب قوماً، فقالوا له: «ماذا تعاين أيها الأب»؟ فقال: «ها أنذا أعاينُ قوماً قد جاءوا لأخذِ نفسي، وأنا أتضرعُ إليهم أن يُمهلوني قليلاً حتى أتوبَ». فقال له أحدُ الشيوخِ: «وإن هم أمهلوك، هل تقدر الآن أن تنجحَ في التوبةِ وأنت في هذا السنِّ»؟ فقال: «وإن كنتُ لا أقدرُ أن أعملَ عملاً فإني أتنهدُ وأبكي». فقال له الشيوخُ: «إن توبتَك قد كملت أيها الأب». فقال لهم: «صدقوني إني لستُ أعرفُ من ذاتي إذا كنتُ بدأتُ إلى الآن»؟ ولما قال هذا، أشرق وجهُه كالشمسِ، ففزع الذين كانوا حولَه. فقال: «انظروا، إن الربَّ قال: ائتوني بتائبِ البريةِ». ولوقته أسلم الروحَ وامتلأ المنزلُ من رائحةٍ ذكيةٍ. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الأبَ سلوانس: حدث مرةً أن أضافه إخوةٌ بديرٍ ومعه تلميذه زكريا، وجعلوهما يتغذيان قبل انصرافهما. وفي ذهابهما عطش التلميذُ، فلما وجد في الطريقِ ماءً ليشربَ، منعه الشيخُ قائلاً: «لم يأتِ وقتُ الإفطارِ بعد». فقال له التلميذُ: «ألم نأكل قبل انصرافنا يا أبي»؟ فقال له الشيخُ: «إنه لأجلِ المحبةِ أكلنا، والآن لا نحلُّ قانونَنا». وكان هذا الأبُ جالساً مرةً مع إخوةٍ، وفجأةً أُخذ مبهوتاً وسقط على وجههِ، ومن بعد حينٍ قام باكياً، فقال له الإخوةُ: «ما الذي أبكاك يا أبانا»؟ فسكت باكياً، فلما أكرهوه على الكلامِ قال: «إني اختُطفتُ إلى موضعِ الدينونةِ، ورأيتُ كثيرين من جنسنا يُساقون إلى العذابِ، وكثيرين من العلمانيين منطلقين إلى الملكوتِ». وناح الشيخُ ولم يشأ أن يخرجَ من القلايةِ، وإذا أُكره على الخروجِ، فإنه كان يستر وجههَ ببُرنس قائلاً: «لماذا أرى هذا الضوءَ»؟ ولما كان الأب سلوانس بطور سينا، أرسل تلميذَه في خدمةٍ وقال الشيخُ في نفسِه: «أقومُ الآن وأسقي البستان». فخرج وكان وجهُه مُغطى، وما كان ينظر سوى أثرِ قدميه فقط، وفي ذلك الوقتِ أتى إليه أخٌ، زائراً له، وكان يتأمل ماذا يصنع، في حين أن الشيخَ لم يكن يبصره. فلما جاء إليه الأخُ، قال له: «لماذا غطيتَ وجهَك يا أبي، وأنت تسقي البستانَ»؟ فقال له: «قلتُ لئلا تبصرَ عيني الشجرَ، فينشغل عقلي عن شغلِه». كذلك سأله الإخوةُ عند موتِه قائلين: «أيَّة سيرةٍ صنعتَها أيها الأب، حتى اقتنيتَ هذا الحكمَ»؟ فأجاب: «لم أترك قط في قلبي ذِكراً يُسخط الله». |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الأب سيمون: في بعضِ الأوقاتِ، سَمع عنه أرخنٌ، فقَدُم ليبصرَه، فلما سمع به الشيخُ، تناول سلبةً ومضى إلى نخلةٍ ليسقيها. فلما جاءوا صاحوا بالشيخِ: «أين المتوحد»؟ فأجابهم: «المتوحد انصرف من ههنا». فلما سمعوا انصرفوا. وحدث مرةً أن أتى إليه إنسانٌ رئيسٌ لينظرَه، فسبق إليه قومٌ من أصحابِ الكنيسةِ وأخبروه قائلين: «استعد فإن فلان الأرخن قد سمع بك، وها هو حاضرٌ لينظرَك ويتبارك منك». فأجابهم الشيخُ قائلاً: «نعم، إني سأهيئ نفسي جيداً». فقام ولبس المرقَّعةَ التي له، وأخذ خبزاً وجبناً، وركب الحائطَ مفروق الرجلين كما يُركب الحصانُ، وجعل يأكل ويهز رجليه. فلما قَدُمَ الأرخن مع حشمهِ، وأبصره هكذا، شتمه قائلاً: «أهذا هو المتوحد الذي سمعنا عنه؟ ليس ههنا متوحد». وهذا هو نفس الكلام الذي توقع أن يسمعه الشيخُ. كما أخبروا أيضاً عن الشيخِ أنه كان جالساً وحدَه، وكان إنسانٌ علماني يخدمه دهره كله، وحدث أن مَرِضَ ابنُ ذلك العلماني، فطلب إلى الشيخِ قائلاً: «ادخل وصلِّ على ابني». فلما أكثر عليه الطلبَ، خرج الشيخُ وذهب معه، فتقدمه الرجلُ ودخل قبله القريةَ وقال لأهلِ القريةِ: «اخرجوا للقاء القديسِ فقد جاء». فلما رآهم الشيخُ من بعيدٍ مقبلين نحوه بالشموعِ والقراءةِ، نزع لوقتهِ ثيابَه وألقاها في النهرِ ووقف عرياناً يغسلها برجليه. فلما رآه ذلك الإنسانُ الذي كان يخدمه هكذا، حزن ورجع يطلبُ إلى أهلِ القريةِ قائلاً لهم: «يا إخوةُ، ارجعوا إلى بيوتِكم، لأن الشيخَ قد تاه ولا يدري ما هو فيه». فلما رجع الناسُ إلى بلدتهم، تقدم الرجلُ إليه وقال له: «يا أبي، ما هذا الذي فعلتَه؟ لأن الناسَ قالوا إن ذلك الشيخَ مجنونٌ لا يدري ما هو فيه». فقال له الشيخ: «هذا ما أردتُ أن أسمعه». |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الأم سارة: قيل عن الأم سارة إنها مكثت ثلاث عشرة سنة وهي مقاتَلة قتالاً شديداً من شيطانِ الزنى، وكان يصنع لها مغريات العالم، ولم تكن تحيد قط عن مخافةِ الله والنسكِ. فصعدت مرةً إلى السطحِ لتصلي، فرأت روحَ الزنى متجسِّماً وقال: «لقد غلبتِني يا سارة». فأجابته: «إني لم أغلبك، ولكن سيدي يسوع المسيح». فانصرف عنها القتالُ من ذلك الوقتِ. وقيل أيضاً عن هذه القديسةِ، إنها كانت ساكنةً فوق النهرِ ستين سنةً لم تطلع البتة لتنظرَه. وقد قالت أيضاً: «إنني أضعُ رجلي على السُّلَّمِ لأصعدَ فأتصوَّر الموتَ قدامي قبل أن أنقلَ الرِجل الثانيةَ». زار مرةً رهبانٌ من الإسقيط الأم سارة، فقدمت لهم طعاماً، فتركوا الجيدَ وأكلوا من الدونِ. فقالت: «بالحقيقةِ إنكم إسقيطيون». وقالت: «جيدٌ هو أن يصنعَ الإنسانُ رحمةً ولو من أجلِ الناسِ، فيأتي فيما بعد إلى أن يرضي الله». |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() القديسةُ سينكليتيكي: قالت: «إن كثيرين يسكنون الجبالَ، ويعملونَ عملَ أشرارِ الناسِ ويُهلكون أنفسَهم». وقالت أيضاً: «قد يمكن أن يكونَ الإنسانُ مع كثيرين وهو منفردٌ بالضميرِ والهمةِ والنيةِ، وقد يكون الإنسانُ وحدَه وهو متصرِّفٌ بالذهنِ مع الكثيرين». كما قالت: «جهادٌ عظيمٌ وتعبٌ يَلقاه المتقدمون إلى اللهِ في البدايةِ، وبعد ذلك فرحٌ لا يُلفظُ به، كمثلِ الذين يلتمسون أن يوقدوا ناراً، ففي أولها تُدخِّن فتدمع عيونُهم، وفيما بعد ينالون المطلوبَ، ولأنه قد قيل إن إلهَنا نارٌ آكلةٌ، فلنسكب دهنَ العبراتِ لتشتعل النارُ الإلهية داخلنا». وقالت كذلك: «كما أنَّ الوحوشَ النافثةَ للسُّمِ يطردها حادُّ الأدويةِ، هكذا الأفكارُ الخبيثةُ يطردها الصومُ مع الصلاةِ». وقالت أيضاً: «لا يخدعنَّك تَنعُّم العلمانيين الأغنياء، كأن فيه شيئاً نافعاً من أجلِ اللّذةِ، لأن أولئك يُكرِّمون صناعة الطباخين لا غير، فجُز أنت بالصومِ فوق التلذذ بالأطعمةِ، لأنه قد قيل: إن نفساً مترفهةً، إذا انتُهرت من أربابها ألاَّ تشبع خبزاً، فلن تطلب خمراً». وسُئلت هذه المغبوطة مرةً إن كان عدم القنية صلاحاً كاملاً، فأجابت بأن ذلك هو حدُّ الصلاحِ لمن أمكنهم ذلك، لأن الذين يصبرون على عدم القنية يكون لهم حزنٌ بالجسمِ، ونياحٌ بالروحِ، وهدوءٌ في أنفسِهم، كمثلِ الثيابِ الجلدِ التي تُداس بشدةٍ وتُقلَّب وتُغسل فتنظَّف، هكذا أيضاً النفسُ الشديدةُ بالفقر، فإنها تتشدد وتنظف. وقالت أيضاً: «إذا كنتَ في ديرٍ فلا تستبدله بآخر غيرهِ، ولا آخر بآخر لئلا تستكمل زمانَك بدونِ ثمرةٍ، مثل الطائر الذي يقوم عن البيضِ فيفسد ويصير عديمَ التوليد. كذلك الراهب الكثير التنقل، تبرد حرارةُ الرهبنةِ وتموت من قلبهِ». وقالت كذلك: إنَّ حيلَ المحتالِ كثيرةٌ، فإذا لم يذلِّل النفسَ بالفقرِ، فإنه يقدم لها الخديعةَ بالغنى، وإذا لم يقدر على إضرارها بالشتائمِ والتعييرات، فإنه يقدم لها المديحَ والسُبحَ الباطلَ، وإن لم يغلب بالصحةِ، فإنه يجلب على الجسمِ أمراضاً، وإن لم يقدر أن يَخدعَ بالَّلذاتِ، فإنه يجرب أن يُحزن بالأوجاعِ، فإن كنتَ خاطئاً وحلَّ بك هذا، فتذكَّر العذابَ العتيدَ، والنارَ الدائمةَ، فلا تملّ من الحاضرات، بل افرح بالحري إذا افتقدك الله، وليكن على لسانِك أبداً الفصلَ القائلَ: «أدباً أدبني الربُّ، وإلى الموتِ لم يسلِّمني». وإن كنتَ باراً، فاشكر الله واذكر المكتوبَ: «إننا بتألمنا معه نتمجد أيضاً معه». وقالت: «إذا صمتَ فلا تحتج بمرضٍ، لأن الذين يصومون قد يسقطون في مثلِ هذه الأمراضِ، وإذا بدأت بالخيرِ فلا تتعوَّق بقطعِ الشيطانِ إياك، فإنه سيَبْطل بصبرِك». وقالت أيضاً: «إذا أخطأنا إلى ملوكِ العالمِ، ألسنا بغير إرادتنا نُلقى في السجونِ ونُعاقَب؟ فسبيلُنا من أجلِ خطايانا أن نحبسَ أنفسَنا، ونعاقبها بالأتعابِ، لكي نطردَ الذِكرَ الطوعي بالعذابِ العتيدِ». كما قالت: «كما أن الكنزَ إذا ظهر سُلب، كذلك الفضيلةَ إذا اشتهرت وعُرفت تضمحل، وكما ينحلُّ الشمعُ قدامَ النارِ كذلك نفسُ الإنسانِ قدام المديح تنحلُّ قوتُها». وقالت: «كما أنه من غير الممكنِ أن يُصلَح مركبٌ بغير مسامير، كذلك لا يمكن أن يوجد خلاصٌ بغير تواضعٍ». وقالت أيضاً: «إذا كنا في الكنوبيون فإننا نختارُ الطاعةَ على النسكِ، لأن ذلك يُعلِّم التعاظمَ، وتلك تُعلِّم التواضع، فيجب علينا ألا نطلبَ ما هو لنا ولا نتعبد لمشيئتنا الخاصةِ، بل علينا أن نطيعَ ما يأمرنا به الأب الذي بالأمانةِ نستودعه سِرَّنا فيما يأمرنا». وقالت أيضاً: «إن الذين يجمعون غنى العالم من العناءِ في البحارِ والأسفارِ الشديدةِ، فكلما ربحوا وجمعوا، ازدادوا في ذلك اشتغالاً، وما في أيديهم فلا يلتفتون إليه، وما ليس في أيديهم من الغنى، فإنهم يشتهونه، ويطلبونه، ويحرصون على جَمعهِ، وأما نحن فقد صرنا في سيرتنا الرهبانيةِ بخلافِ ذلك، لأن الأمرَ الذي خرجنا لنطلُبَه وليس في أيدينا شيءٌ منه، لا نريد أن نقتنيه من أجلِ خوفِ الله». وقالت كذلك: «إن الحزنَ على وجهين: فالوجهُ الأول منه نافعٌ جداً، وأما الآخر فهو مُهلكٌ، فعلامات الحزنِ الروحي هي أن يذكرَ الإنسانُ خطاياه فيحزن عليها، وأن يحزنَ أيضاً لخسارةِ أخيه، وأن يحزن كذلك إذا فاته ممارسة ما قد نوى فعله من عمل الخيرِ. أما خصال أحزان العدو التي تُهلك، فهي أن يأتي على الإنسانِ منه حزنٌ بهيمي، وهو ذاك الذي يسميه بعضُ الناسِ ضجراً، إذ يأتي منه قطعُ الرجاءِ واليأس. من أجلِ ذلك ينبغي لنا أن نطردَ هذا الحزنَ عنا بالصلاةِ والترتيل وبحسنِ الرجاءِ باللهِ». |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الأب تيثوي: قيل عنه إنه كان يبسطُ يديه بسرعةٍ عند الصلاةِ، فكان عقلُه يُخطف إلى فوق، فإذا اتفق أن صلَّى معه أخوه، فإنه كان يحرص على ألا يرفعَ يديه لئلا يُخطف عقلُه. وحدث مرةً أن سأله أخٌ قائلاً: «كيف أحفظُ قلبي»؟ فقال له: «إنه لا يمكنك أن تحفظَ قلبَك، ما دام فمُك وبطنُك مفتوحين». الأب إيراسيس قال: «كما أن الأسدَ مرهوبٌ لدى الحميرِ الوحشيةِ، هكذا الراهبُ المهذَّبُ مرهوبٌ لدى أفكارِ الشهوةِ». كما قال: «من لا يقدر أن يضبطَ لسانَه وقتَ الغضبِ، فلن يقدرَ أن يغلبَ حتى ولا صغيرةً من صغارِ الآلامِ». وقال أيضاً: «إنه جيدٌ أن يأكلَ الإنسانُ لحماً ويشربَ خمراً، ولا يأكلَ لحومَ الإخوةِ ويشربَ دماءَهم بالوقيعةِ فيهم». وقال كذلك: «كما أنَّ الحيةَ لما ساررت حواءَ أخرجتها من الجنةِ، كذلك بها يتشبَّه ذاك الذي يقعُ بقريبهِ، في أنه يُهلكَ نفسَ سامعيه، ونفسُه كذلك لن تفلتَ، كما لم تفلت الحيةُ من اللعنةِ». كذلك قال: «إن الطاعةَ فخرُ الراهبِ، فمن اقتناها يسمعُ اللهُ صوتَه، ويقفُ أمامَ المصلوبِ ربِّ المجدِ بدالةٍ، لأن إلهَنا من أجلِ طاعتهِ لأبيه صُلب عنا». |
||||
![]() |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
بستان الرهبان كامل مسموع |
زهور من بستان - كتاب بستان الرهبان |
تحميل كتاب بستان الرهبان كامل مسموع |
كتاب بستان الرهبان لبيلاديوس |
كتاب بستان الرهبان |