18 - 10 - 2017, 11:05 AM | رقم المشاركة : ( 241 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
وحدث أيضاً أن هذا الأخَ حَزِنَ، فسأل الشيخَ بأن يصلي عليه، فأجابه قائلاً: «يا ولدي، إن الربَّ قد صبر إلى الصلبِ والموتِ، أما تفرح أنت بالأحزانِ؟ لأنه بضيقاتٍ كثيرةٍ ينبغي لنا أن ندخلَ ملكوتَ السموات، فلا تطلب يا ولدي النياح، إن لم يعطِك إياه الربُّ، لأن كلَّ نياحٍ جسدي هو مكروه عندَ اللهِ، والربُّ قال: في العالمِ يكون لكم ضيقٌ، ولكن تقووا، أنا قد غلبتُ العالمَ، والربُّ يعينُك وإياي آمين». سؤال: «أخبرني يا أبي كيف أفتقدُ الأخَ»؟ الجواب: «افتقادُ الأخِ جيدٌ، والكلامُ البطَّالُ رديءٌ، وهذا الأمرُ يأتي بك إلى التجربةِ، فافتقد إذن أخاك، وتحفَّظ من الكلامِ البطَّالِ، وليكن حديثُكما في أخبارِ الآباءِ السالفين، وفيما كانوا يعملونه. وتقول له: كيف أنت؟ وكيف حالك يا أخي ويا أبي؟ ولا تلتمس منه سوى كلامِ الحياةِ فقط. وقل له: صلِّ عليَّ، فإن لي خطايا كثيرةً، وما شاكل ذلك، واعمل للحين مطانيةً وانصرف من عندهِ بسلامٍ». سؤال: «أسألك يا أبي أن تبينَ لي ما هي المشيئةُ الجيدةُ، وما هي المشيئةُ الرديئةُ»؟ الجواب: «قلتُ لك إن كلَّ نياحٍ جسدي مرذولٌ عند إلهنِا، لأنه قال إن الطريقَ المؤديةَ إلى الحياةِ حزينةٌ وضيقةٌ، فمن يختارها لنفسِه فهي المشيئةُ الجيدةُ، ومن أرادها فإنه يُلقي بنفسِه في كلِّ أمرٍ حزينٍ بهواه، وبقدر استطاعته. اسمع ما قاله الرسولُ: إني أُضْمِرُ (أي أقمعُ) جسدي واستعبده. فافهم أن الجسدَ لا يريد ذلك، بل بمشيئتِه كان يَقْسِرُه، فالذي يريد الخلاصَ يجب أن تكونَ مشيئتُه هكذا، ومن كان كذلك، فكلُّ أمورِه يختلط فيها الحزنُ. لا تستعمل فراشاً ليناً، وتذكَّر أن كثيرين ينامون على الأرضِ وبين الشوكِ، وإن صادفتَ طعاماً لذيذاً فاتركه، وكُلْ من الدون، كي ما يحرك على جسمِك حزناً، واذكر الذين لا يذوقون خبزاً البتة، واذكر كذلك الألمَ الذي قَبله سيدُك من أجلِك، وأعطِ لنفسِك الويلَ. هذه هي المشيئةُ الجيدةُ، أما المشيئةُ الرديئةُ فهي نياحُ الجسدِ في كلِّ ما يطلبه منك، ولا سيما إذا اتفق لك طعامٌ غيرُ جيدٍ، وقلتَ: لا آكل، فهذه هي المشيئةُ الرديئة، فاقطعها عنك وأنت تخلص». سؤال: «أخبرني يا أبتاه ماذا أعملُ، لأن الأفكارَ قد اضطربت فيَّ جداً»؟ الجواب: «يا ولدي، إن كان الإنسانُ بطَّالاً، فإنه يتفرغ لقبولِ الأفكار التي تأتيه، وإذا كان له عملٌ يعمله، فلا يتفرغ لقبولها، قم وقت السحرِ وأمسك الطاحونَ واطحن قمحَكَ، فتعمل منه خبزاً لغذائِك، وذلك قبل أن يسبقَك العدو ويجعل عليها رملاً، وأسرع فاكتب لوحَك، واحفظ الوجه الآخر، لأن ربنا يقول للرسلِ، أنتم ملحُ الأرض. فالأرضُ يا ابني هي جسدُك، فكن أنت ملحاً تملِّحه، وجفف (نماسيه) ودودَه، أعني أفكارَك الرديئةَ». |
||||
18 - 10 - 2017, 11:05 AM | رقم المشاركة : ( 242 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
من قولِ القديس سمعان العمودي: «مثلُ إنسانٍ يتكلمُ عن غنىً ليس له، ويحسبُ مالَ قومٍ آخرين، وهو نفسه ليس له شيءٌ، بل تجده عرياناً معوزاً فقيراً، كذلك الذي لم يقتنِ لنفسِه شيئاً من غنى المسيح، وهو مرافقٌ لأناسٍ قديسين، فتجده عرياناً مِن مشاركةِ الروح، لا يربح شيئاً من غنى القديسين، لأنه مشاركٌ لهم بالسكنى، وليس بمشاركٍ لهم في الفضيلةِ».
|
||||
18 - 10 - 2017, 11:05 AM | رقم المشاركة : ( 243 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
للقديس يوحنا ذهبي الفم عن الكلمةِ المكتوبةِ: أصلِّي بروحي وأصلِّي بضميري، وأرتِّل بروحي وأرتِّل بضميري: «يريد الرسولُ ألا يكونَ الإنسانُ مصلِّياً بلسانِه فقط تاركاً عقلَه يتوه في شتى الأمورِ، فيصيرَ بلا ثمرٍ، بل ليكن جهادٌ واحدُ لاثنيهما، اللسانُ ينطقُ بكلامِ الصلاةِ، والعقلُ يميزُ المعنى الخفي غير المنظور، والفكرُ يتبعُ يسوعَ إلى فوق، مثل النَفَسِ الصاعدِ مع الكلامِ، فيكون مثلَ إنسانٍ يشتكي إلى الملكِ ووجههُ ناظرٌ إليه ولسانُه يتكلم بغير انشغالٍ». قال شيخٌ: «إن الله يطيل روحَه على خطيةِ العالمِ، ولا يطيل روحَه على خطية البريةِ». |
||||
18 - 10 - 2017, 11:05 AM | رقم المشاركة : ( 244 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
قال الأب نستاريون: «يجب على الراهبِ أن يحاسبَ ذاتَه كلَّ مساءٍ وكلَّ صباحٍ، ماذا صنعنا مما يشاءُ الله، وماذا عملنا مما لا يشاءُ الله، لأنه هكذا عاش الأب أرسانيوس وهكذا نفتقدُ ذواتَنا كلَّ أيامِ حياتِنا. احرص كلَّ يومٍ على أن تقفَ قدامَ اللهِ بلا خطيةٍ، وهكذا صلِّ لله كأنك مشاهدٌ له، لأنه بالحقيقةِ حاضرٌ. لا تحسِّن لذاتِك أن تدينَ أحداً، لأن الدينونةَ، الكذبَ، اللعنَ، الشرَ، الشتمَ، الضحكَ، كلَّ هذه غريبةٌ عن الراهبِ، وأما الذي يُكرَّم أكثر مما يستحق فإنه يخسرُ كثيراً». وسأله أخٌ قائلاً: «إن وجدتُ وقتاً ما، وأكلت ثلاثَ خبزاتٍ، فهل هذا كثيرٌ»؟ فقال له: «هل أنت في البيدر يا أخي»؟ قال له أيضاً: «وإن أنا شربتُ ثلاثةَ أقداحِ خمرٍ، فهل هذا كثيرٌ»؟ أجابه وقال: «إن لم يكن هناك شيطانٌ فإنها ليست كثيرةً، أما إن كان، فهي كثيرةٌ، لأن الخمرَ مضرٌ جداً للرهبانِ لا سيما الشباب فيهم». وقال أيضاً: «إن اللصَّ كان على الصليبِ وبكلمةٍ واحدةٍ تزكَّى، ويوداس كان من جملةِ الرسلِ، وفي ليلةٍ واحدةٍ ضيَّع كلَّ شيءٍ، من أجل ذلك، لا يفتخر أحدٌ من صانعي الحسناتِ، لأن كلَّ الذين وثقوا بذواتِهم سقطوا». |
||||
18 - 10 - 2017, 11:05 AM | رقم المشاركة : ( 245 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
قال القديس اكليميكوس: «من يستطيع أن يُميت نفسَه من كلِّ شيءٍ، فذاك يستطيع أن يتفرَّغ لنفسِه بذكرِ الموت، ومن يحب مخالطةَ الناسِ فلن يستطيعَ أن يتفرَّغ لنفسِه، وهو عاهةٌ لنفسِه». وقال أيضاً: «لا يستطيع إنسانٌ أن يجتازَ يوماً كما ينبغي، إن لم يحسبه آخِرَ يومٍ من حياتِه في الدنيا». |
||||
18 - 10 - 2017, 11:05 AM | رقم المشاركة : ( 246 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
سأل أخٌ الأب روفس: «ما هو السكوت»؟ فأجابه الشيخُ قائلاً: «هو الجلوسُ في القلايةِ بمعرفةٍ ومخافةِ اللهِ، والامتناعُ من ذِكرِ كلِّ شرٍّ. والمداومةُ على حفظِ ذلك يلدُ التواضعَ، ويحفظُ الرهبانَ من العدوِ». وعند نياحته اجتمع إليه تلاميذُه قائلين: «كيف يجب أن نتدبَّرَ من بعدِك»؟ فأجابهم الشيخُ: «لستُ أعلمُ أني قلتُ لأحدٍ منكم قط أن يصنعَ شيئاً، قبل أن أُصلِحَ الفكرَ أولاً، ولم أسخط إذا هو لم يصنع بحسبِ ما قلتُه له، وهكذا قضينا كلَّ زماننا بهدوءٍ». رجلٌ موسرٌ، تصدَّق بمالٍ، وأمسك بعضَه لقلةِ إيمانِه، وأتى إلى الأب أنطونيوس وسجد له قائلاً: «علِّمني كيف أخلص». قال له الشيخُ: «إن أردتَ أن تخلصَ فاصنع ما أقوله لك أولاً. امضِ إلى القريةِ واشترِ لحماً وانزع ثيابَك وعلقه في رقبتِك وتعالَ». فأطاع الشيخُ، واشترى اللحمَ، وخلع ثيابَه، وحمله على رقبتهِ، فلم يبقَ طيرٌ ولا كلبٌ في تلك القريةِ إلا واجتمعوا عليه، فنهشه الطيرُ وجرح جسمَه. فلما بلغ القديسَ على هذه الحال، قال له: «مرحباً يا ابن الطاعةِ، اعلم يا ابني إني قلتُ لك أن تصنعَ هذا،كي أعطيك مثالاً، فإن كثيرين من الناسِ، إذا سمعوا الوصايا لا يحفظونها، وآخرون ينسونها لقلة الحسِّ، ولذلك أمرتُك بهذا ليكون كلامي فيك ذا أثرٍ، لأجل ألم الوجع، فإن أصحابَ قلةِ الحسِّ لا تنفع فيهم الموهبة شيئاً، فلهذا المعنى يا ابني أسَّستُ فيكَ آثاراً لوصيتي، فإذ قد تنقَّى حقلُك من شوكِ الغفلةِ، فلنبذر فيك الزرعَ المقدس، أرأيتَ يا ابني كيف نهشت الطيورُ والكلابُ جسمَكَ وجرحته، كذلك تنهش الشياطيُن أصحابَ القنيَةِ، فافهم الآن هذا الكلام في عقلِك وتفكَّر به كلَّ أيامِ حياتِك، وإياك يا ابني أن تجعلَ لك اتكالاً على المالِ، بل اتكل على المسيح، فاذهب الآن وفرِّق جميعَ ما أبقيتَ لك من المالِ، حتى تكون، يا حبيبي، رهبانيتُك صافيةً من الغشِ، لأنه ضارٌ بالراهبِ أن يُبقي في قلايته ديناراً وشيطاناً»، وبعد أن دعَّمه بالكلامِ أخذ قليلاً من الزيتِ وصلى عليه ودهنه، وللوقت شُفيَ كأنه لم تُصبّه جراحٌ ولا ألمٌ قط، وذهب وهو مسرورٌ يسبح اللهَ». |
||||
18 - 10 - 2017, 11:06 AM | رقم المشاركة : ( 247 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
حدث مرةً أن أتى القديسُ بولس البسيط تلميذ الأب أنطونيوس إلى الإسقيط، لافتقادِ الإخوةِ كعادتِه، ولما دخلوا الكنيسةَ ليكملوا القداسَ، كان يتأمل كلَّ واحدٍ من الداخلين، ويعرف الحالَ التي عليها نفسُه، وكان يرى مناظِرَهم بهجةً، وملائكتهم يتبعونهم مسرورين، وعاين أحدَهم أَسودَ كلَّه، وشياطينٌ سمجةٌ تحيط به يجرُّونه، وملاكُه يتبعه من بعيدٍ عابساً، فلما رأى ذلك بكى وقرع صدرَه مراتٍ، وخرج من الكنيسةِ باكياً، فخرج الإخوةُ إليه قائلين: «لماذا تبكي يا أبانا»؟ وطلبوا إليه أن يدخلَ معهم للقداسِ، فامتنع وجلس على بابِ الكنيسةِ منتحباً جداً. ولما كَملت الصلاةُ وخرجوا، كان يتأمل إليهم أيضاً، مؤثراً أن يعرفَ خروجَهم، فرأى ذلك الأخَ الذي كان قد دخل على تلك الحالِ السمجةِ، قد خرج بهيَّ الوجهِ، أبيضَ الجسمِ، وملاكُه ملاصقٌ به مسروراً، والشياطين يتبعونه وهم مكمَّدين. وإن القديسَ بولس صفَّق بيديه مسروراً ووثب بفرحٍ عظيمٍ مباركاً الله أبا الصلاحِ، بصوتٍ عالٍ قائلاً: «هلموا أبصروا أعمالَ اللهِ المرهوبةَ المستحقةَ كلَّ ذهولٍ وعجبٍ، هلموا أبصروا أعمالَ إلهِنا الصالح، الذي يشاء خلاصَ كلّ الناسِ، ومحبته للبشر التي لا يُلفظ بها، هلموا نسجد ونخرُّ قائلين: أنت وحدُك يا إلهنا قادرٌ أن تنزعَ كلَّ خطيةٍ». فحضر الكلُّ لسماعِ أقواله، فأخبرهم بما ظهر له، وسأل ذلك الأخَ أن يُعرِّفه السببَ الذي من أجلهِ وهب الله له تبديلَ تلك الحالِ نقيةً. فقال بمحضرٍ من الكلِّ: «إني منذ زمانٍ طويلٍ عائشٌ في النجاسةِ إلى أبعدِ غايةٍ، فلما رأيتُ الأب باكياً جداً، ابتدأ قلبي فيَّ أن يتخذَ إحساساً، فأنصتُّ إلى القراءات، فسمعتُ إشعياءَ يقول: اغتسلوا، صيروا أنقياءَ ، أزيلوا شرورَكم من أمامَ عيني، تعلَّموا أن تصنعوا حسناً، وتعالوا نتناظر يقول الربُّ، إن كانت خطاياكم كالبرفير تبيضّ كالثلجِ وإن احمرت كالبقم (كالدودي)، أجعلها كالصوفِ النقي. فلما سمعتُ أنا الخاطئ هذا الكلام، ضعف قلبي وقلتُ أمام الله: أنت الإله المتحنن الذي أتيتَ لخلاصِ الخطاةِ، يا من قلتَ إنه يكون فرحٌ في السماءِ قدام ملائكةِ الله بخاطئ واحدٍ يتوب، والآن يا ربي، ما وعدتَ به بفمِ نبيك تممه فيَّ أنا الخاطئ، واقبلني إليك تائباً، وها أنا منذ الآن لا أصنعُ شيئاً مما كنتُ أصنعه من الآثامِ، وسوف أخدمك بكلِّ طهارةٍ إلى آخرِ نسمةٍ من حياتي. وعلى هذا خرجتُ من الكنيسةِ». فلما سمع الآباءُ ذلك صرخوا بصوتٍ واحدٍ قائلين: «لقد عَظُمت أعمالك يا ربُّ، كلَّها بحكمةٍ صنعتَ». ومن ذلك الوقتِ عاش ذلك الأخُ بكل نقاوةٍ وأرضى الله بسيرةٍ فاضلةٍ، فعلينا ألا نقطعَ رجاءَنا من مراحمِ إلهِنا، لأننا إذا أتينا إليه، لا يطالبنا بسالفِ أعمالِنا، لأنه كوعدِه الصادقِ يغسل الراجعين إليه بكلِّ قلوبهم ويبيِّضهم كالثلجِ. له المجد دائماً.
|
||||
18 - 10 - 2017, 11:06 AM | رقم المشاركة : ( 248 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
كان قسيسُ القلالي قد أُعطيَّ نعمةً من اللهِ أن ينظرَ الأرواحَ النجسةَ عياناً، وذات يومٍ، بينما كان ذاهباً إلى الكنيسةِ ليكمل الصلاةَ الجامعة، وإذا به ينظرُ جماعةً من الشياطين خارج قلايةِ أخٍ، ووجد بعضَهم في شكلِ نساءٍ وهم يغنون ويقولون ما لا يجب سماعه، ووجد البعضَ منهم في شكلِ صغارٍ يرقصون، والبعضَ الآخرَ مقبلين على أعمالٍ رديئةٍ، فتنهد الشيخُ قائلاً: «بلا شكٍ إنه يوجد في داخلِ القلايةِ راهبٌ يعيش في التواني، من أجل هذا تحيطُ الأرواحُ النجسةُ بقلايته هكذا بعدم أدب»، فلما أكمل القسُ الصلاةَ الجامعة، عاد ودخل قلاية ذلك الأخِ، وقال له: «يا أخي، أنا في ضيقةٍ، ولي فيك إيمانٌ أنك إذا صليتَ عليَّ تَخفُّ الشدةُ المحيطة بي». فضرب الأخ مطانية قائلاً: «إني غير مستحق أن أصلي عليك يا أبي»، وكان الشيخُ يداوم الطلبةَ إليه قائلاً: «لستُ أمضي حتى تعاهدني أنك تصلِّي عني صلاةً في كلِّ ليلةٍ»، فأطاع الأخُ أمرَ الشيخ، وإنما فعل الشيخُ هذا حتى يعطيه سبباً ليصلي في الليل. فلما قام الأخُ في الليل ليصلي على الشيخ، صار في تحسُّرٍ وقال في نفسه: «يا شقي، إن كنتَ تصلي على شيخٍ قديس كهذا، فلِمَ لا تصلِّي على نفسِك وحدك». وإنه صنع صلاةً على الشيخِ، وصلاةً أخرى على نفسهِ، وهكذا أكمل الأسبوعَ كلَّ ليلةٍ يعمل صلاتين، واحدةً عن الشيخ، والأخرى عن نفسهِ. وفي يوم السبتِ التالي، انطلق القسُ إلى الكنيسةِ ، فأبصر الشياطيَن قياماً على بابِ قلاية الأخِ وهم سكوتٌ، فعلم الشيخُ أنه من أجلِ أن الأخَ صلَّى سكتوا، ففرح، ولما أكمل الصلاةَ، عاد ودخل قلاية الأخ، وقال له: «اصنع معي رحمةً يا أخي من أجلِ محبة السيد المسيح، وزدني صلاةً أخرى في كلِّ ليلةٍ، فإنني قد وجدتُ راحةً قليلةً». فلما صلَّى عن الشيخِ صلاتين، صار أيضاً في ندمٍ قائلاً: «يا شقي، زد أيضاً صلاةً أخرى على ذاتك». فصنع هكذا الأسبوع جميعه، يكمل كلَّ ليلة أربع صلوات. ولما جاء القسيس يوم السبت إلى الكنيسةِ، نظر الشياطين سكوتاً معبَّسين، فشكر اللهَ، ثم أنه دخل إلى الأخِ، وسأله أن يزيده صلاةً أخرى، فزاد له ولنفسهِ أيضاً. وهكذا صار الشيخُ يجيء إليه ويجعله أن يزيد قليلاً قليلاً حتى رجع إلى طقسِهِ الأول. فحنق الشياطينُ على الشيخِ لأجلِ الخلاص الذي صار للأخِ وانصرفوا عنه وهم حزانى، وصار الأخُ يصلي بغير فتورٍ واقتنى الغَلَبةَ بنعمة ربنا يسوع المسيح، الذي له المجد إلى الأبد آمين.
|
||||
18 - 10 - 2017, 11:06 AM | رقم المشاركة : ( 249 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
سأل أخٌ أنبا تادرس: «بأيِّ طريقٍ يمكن للإنسانِ أن يُخرجَ الشياطينَ من ذاتِه»؟ فقال له القديسُ: «إذا قبل إنسانٌ ضيفاً وأكرمه، فإن كان لا يقدر أن يطردَه اليومَ، ففي الغدِ لا يقدرُ أن يطردَه، ذلك إذا كان متاعُه داخلَ البيتِ، أما إذا أعطاه متاعَه وجميعَ ما كان داخل بيتِهِ، فحينئذ لو أراد أن يطردَه، أغلقَ البابَ في وجههِ. وهكذا الحالُ مع الشيطانِ، إذا لم تطرح متاعَه خارجاً عنك، الذي هو الزنى والنجاسةُ والكذبُ وجميعُ آلاتهِ، فلا تقدر أن تطردَه».
|
||||
18 - 10 - 2017, 11:06 AM | رقم المشاركة : ( 250 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
سأل أخٌ أنبا أمونا مرةً قائلاً: «يا أبي ثلاثةُ أفكارٍ تضايقني. الأول، أن أسكنَ في البراري بغيرِ همٍّ، والثاني، أن أمضي إلى الغربةِ حيث لا يعرفني أحدٌ، والثالث، أن أحبسَ نفسي في القلايةِ، ولا أجتمع بأحدٍ، وأصوم يومين يومين». قال له الشيخُ: «ولا واحد من هذه الأفكار تستطيع أن تمارسَه كما ينبغي، بل الأفضل أن تجلسَ في قلايتك، وكُلْ في كلِّ يومٍ قليلاً، واجعل كلمةَ العشارِ في فمِك دائماً قائلاً: يا الله اغفر لي فإني خاطئ، وأنت تتنيح».
|
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
بستان الرهبان كامل مسموع |
زهور من بستان - كتاب بستان الرهبان |
تحميل كتاب بستان الرهبان كامل مسموع |
كتاب بستان الرهبان لبيلاديوس |
كتاب بستان الرهبان |