![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لماذا كانت ظُلمة؟ "من الساعة السادسة كانت ظُلمة على كل الأرض إلى الساعة التاسعة" (مت27: 45). وقبلها كان السيد المسيح قد قال لليهود ساعة القبض عليه: "هذه ساعتكم وسلطان الظلمة" (لو22: 53). إن النور يشير إلى الله وملكوته وحياة القداسة والبر.. أما الظلمة فتشير إلى الشيطان وحياة الشر والفساد. لذلك قال السيد المسيح: "سراج الجسد هو العين، فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيّرًا، وإن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مُظلمًا فإن كان النور الذي فيك ظلامًا، فالظلام كم يكون؟" (مت6: 22، 23). وقيل عن الله "الذي وحده له عدم الموت، ساكنًا في نور لا يُدنى منه" (1تى6: 16). وقال السيد المسيح عن مصير العبد البطّال في استبعاده من ملكوت الله: "والعبد البطّال اطرحوه إلى الظلمة الخارجية، هناك يكون البكاء وصرير الأسنان" (مت25: 30). وقيل عن الملائكة الذين سقطوا أنهم في الظلام "والملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم، بل تركوا مسكنهم حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلام" (يه6). وأيضًا "في سلاسل الظلام طرحهم في جهنم، وسلّمهم محروسين للقضاء" (2بط2: 4). وعن الناس الأشرار قيل إنهم مثل "نجوم تائهة محفوظ لها قتام الظلام إلى الأبد" (يه13). ![]() وعن الإيمان بالمسيح قال معلمنا بطرس الرسول للمؤمنين: "لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب" (1بط2: 9). وقال عن الثبات في المسيح "وعندنا الكلمة النبوية، وهى أثبت، التي تفعلون حسنًا إن انتبهتم إليها، كما إلى سراج منير في موضع مُظلم، إلى أن ينفجر النهار، ويطلع كوكب الصبح في قلوبكم" (2بط1: 19). وعن الله والحياة معه قال معلمنا يوحنا الرسول: "إن الله نور وليس فيه ظلمة البتة. إن قلنا إن لنا شركة معه وسلكنا في الظلمة، نكذب ولسنا نعمل الحق. ولكن إن سلكنا في النور كما هو في النور، فلنا شركة بعضنا مع بعض" (1يو1: 5-7). ![]() قال السيد المسيح لبولس الرسول عن إرساليته عندما دعاه في الطريق إلى دمشق: "قم وقف على رجليك لأني لهذا ظهرت لك، لأنتخبك خادمًا وشاهدًا بما رأيت وبما سأظهر لك به، منقذًا إياك من الشعب ومن الأمم الذين أنا الآن أرسلك إليهم، لتفتح عيونهم كى يرجعوا من ظلمات إلى نور، ومن سلطان الشيطان إلى الله، حتى ينالوا بالإيمان بي غفران الخطايا ونصيبًا مع المقدسين" (أع26: 16-18). كان اليهود والأمم في ظلمة عدم الإيمان بالمسيح وتحت سلطان الشيطان. لذلك فعند صلب السيد المسيح كانت ظلمة على كل الأرض لمدة ثلاث ساعات لأن خطايا البشر هي ظُلمة ملأت العالم كله. وقد أظلم عقل اليهود والرومان الذين قاموا بصلب السيد المسيح، وهو البار القدوس الذي بلا خطية وحده. لقد وضع الآب كل خطايا البشرية على ابنه الوحيد المتجسد، وفيما هو "يدوس معصرة خمر سخط وغضب الله القادر على كل شيء" (رؤ19: 15) أعلنت الطبيعة أن المخلّص يجتاز في ظلال الموت كنائب عن البشرية لكي يوفى الدين عن الخطاة،وحينما أوفى الدين أبرق بنور لاهوته في ظلمات الجحيم لينقل الراقدين من الظلمة إلى النور، كما أن الشمس قد عادت لتنير على العالم. وعن ذلك تنبأ إشعياء النبي: "الشعب السالك في الظلمة أبصر نورًا عظيمًا، الجالسون في أرض ظلال الموت أشرق عليهم نور" (إش9: 2). ![]() قال عنها معلمنا بولس الرسول: "الذين استنيروا مرة، وذاقوا الموهبة السماوية وصاروا شركاء الروح القدس، وذاقوا كلمة الله الصالحة وقوات الدهر الآتي" (عب6: 4، 5). وقال السيد المسيح عنها لنيقوديموس: "الحق الحق أقول لك: إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله.. إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يو3: 3، 5). إن المعمودية تخلق في الإنسان عينين روحيتين يمكن بهما أن يعاين مجد الله في ملكوته الأبدي. عن ذلك قال معلمنا بولس الرسول: "مستنيرة عيون أذهانكم، لتعلموا ما هو رجاء دعوته، وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين" (أف1: 18). وقال "وأنير الجميع في ما هو شركة السر المكتوم منذ الدهور في الله خالق الجميع بيسوع المسيح" (أف3: 9). |
![]() |
رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() فوق الصليب فوق الصليب كان الذبيح معلقًا رافعًا ذراعيه نحو السماء. لأنه هو الكاهن الأعظم، وقد صعد إلى المذبح ليصلى، وهو يقدِّم ذبيحة نفسه المقبولة أمام الله الآب عن حياة العالم. كان هو الكاهن والذبيحة في آنٍ واحد. كان قائمًا وهو مذبوح كما رآه يوحنا في سفر الرؤيا في وسط العرش (انظر رؤ5: 6). لم يُذبح السيد المسيح ويُلقى على الأرض، بل كان معلقًا بين الأرض والسماء.. لأنه هو الطريق المؤدّى إلى الآب.. إلى الحياة الأبدية. وهو الشفيع بين الله والناس، بين السماء والأرض. كل من ينظر إليه بإيمان يستطيع أن يعرف الطريق المؤدى إلى ملكوت الله. فوق الصليب فتح السيد المسيح كِلتا ذراعيه لكي يُعلن دعوته للأمم كما لليهود، لكي يأتوا إلى أحضان الله ويتمتعوا بالخلاص والراحة الأبدية. ولهذا كان عنوان علته مكتوبًا فوق رأسه بأحرف يونانية ولاتينية (رومانية) وعبرية. فالخلاص هو لجميع الشعوب. وقد اشترك الرومان مع اليهود في صلب السيد المسيح، لأنه مات لسبب خطايا الأمم وخطايا اليهود معًا، ليحرر البشر جميعًا من سلطان الخطية.. كل من يؤمن ويتوب ويعتمد. فوق الصليب حمل السيد المسيح لعنة الخطية، لأنه مكتوب "المعلّق ملعون من الله" (تث21: 23)، وبهذا "جعل الذي لم يعرف خطية، خطية لأجلنا، لنصير نحن بر الله فيه" (2كو5:21). ![]() واحتمل السيد المسيح كل تعييرات الشيطان على فم المعيرين لأنه مكتوب "تعييرات معيّريك وقعت علىَّ" (مز69: 9). ولكن القيامة من الأموات محت كل آثار التعيير، كما أنها أثبتت أن اللعنة قد مُحيت وزالت لأن الكفارة قد قُبِلت، واستوفى العدل الإلهي حقه بالكامل. لهذا رأى يوحنا الإنجيليالسيد المسيح بثوب مغموس بالدم، وهو بالعدل يحكم ويحارب، ويُدعى اسمه كلمة الله "وهو يدوس معصرة خمر سخط وغضب الله القادر على كل شيء" (رؤ19: 15). وسبق أن قال السيد المسيح بفم نبيه إشعياء: "قد دست المعصرة وحدي ومن الشعوب لم يكن معي أحد" (إش63: 3). فوق الصليب صعد السيد المسيح إلى عرشه المجيد.. ولهذا تتغنى له الكنيسة بألحان المزمور في يوم الجمعة العظيمة "كرسيك يا الله إلى دهر الدهور، قضيب الاستقامة هو قضيب ملكك" (مز44: 6). وهكذا نرى كيف أن الرب قد ملك على خشبة. اختفى الشيطان في الحية القديمة وخدع البشرية لتعصى الوصية المقدسة، وتأكل من شجرة معرفة الخير والشر، إذ نظرت الثمرة شهية للنظر وجيدة للأكل. وهكذا أخفى السيد المسيح لاهوته عن الشيطان، وإذ وُجد في الهيئة كإنسان وضع ذاته وأطاع الآب حتى الموت، وكان معلقًا على الشجرة. ورأى الشيطان أن الثمرة المعلقة على الشجرة هي شهية للنظر وجيدة للأكل.. فتجاسر الموت أن يلتهم الحياة.. وبهذا ابتلع ما هو ضده وما هو أقوى منه، فانهزم الموت وأبتُلع الموت من الحياة مثلما تبتلع الظلمة نورًا فإن النور هو الذي يبتلع الظلمة ويبددها،ولم يستطع الجحيم أن يبتلع من له الحياة الإلهية القاهرة للموت.. بل إن الجحيم نفسه قد تحطمت متاريسه بقوة المصلوب.. لهذا كتب القديس يوحنا ذهبي الفم"عندما انحدرت إلى الموت، أيها الحياة الذي لا يموت: حينئذ أمتّ الجحيم ببرق لاهوتك. وعندما أقمت الأموات من تحت الثرى، صرخ نحوك جميع القوات السمائيين: أيها المسيح الإله معطى الحياة المجد لك". ![]() كانت دقات المسامير في يديّ وقدميّ السيد المسيح مثل معاول تهدم في مملكة إبليس.. لأن اليد التي سُمرّت هي تلك اليد المتحدة باللاهوت.. هي يد الله التي قدّمت الخير، كل الخير للخليقة، وهى اليد التي جبلت آدم وحواء كقول المزمور "يداك صنعتاني وجبلتاني" (مز118: 73). كانت طرقات المطرقة تدوي فوق الجلجثة أثناء تسمير السيد المسيح فوق الصليب، وكانت أيضًا معاول هدم حصون إبليس تدوي في أسماع الملائكة الذين وقفوا مبهورين من محبة الله الباذلة إلى المنتهى. لقد ارتبكت الخليقة، واضطربت الأرض، وكأنها قد اقشعرت من القساوة التي عومل بها الله الكلمة المتجسد. ولهذا فقد تزلزلت الأرض والجبال وتشققت الصخور لأن دقات المسامير أفزعتها. وغضبت الطبيعة مما فعله الخطاة بخالق الطبيعة ومبدعها. وحينما تعرّى الابن الوحيد من ثيابه: أخفت الشمس أشعتها وكأنها تشعر بالخجل من تعرية خالقها الذي ألبس المسكونة جمالًا وبهاءً، حتى زنابق الحقل ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها. لقد سمح الرب للخليقة غير العاقلة أن تبدو في اضطراب ليبكّت قساوة الإنسان. فالصخور بدت وكأنها كانت أكثر إحساسًا وشعورًا من تلك القلوب القاسية التي صارت أقسى من الصخر لسبب الخطايا والشرور التي أعمت بصيرتها. وهكذا أرعدت الطبيعة لكي يستفيق قلب الإنسان ويدرك مقدار من هو ذبيح فوق الصليب.. إنه الله الكلمة نفسه الذي تجسد وافتدانا من اللعنة والموت. فما أعجب محبتك غير الموصوفة يا ربنا القدوس..؟!! |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() لماذا اختار الرب الصليب؟ الصليب له جاذبية خاصة في الحديث عنه. فقد اختار السيد المسيح أن يعمل في النجارة لارتباط هذا الأمر بالصليب. وهو مصنوع من خشب الشجر لكي يوضّح الرب أن إبليس إذ استخدم الشجرة لخداع البشرية وسقوط الإنسان في الفردوس، فإنه هو أيضًا قد استخدم الشجرة لخلاص البشرية ورجوع الإنسان إلى الفردوس، فكل أنواع الخليقة ينبغي أن تستخدم لتمجيد الله. وعلى الشجرة قال للص اليمين: "اليوم تكون معي في الفردوس". لقد اختار السيد المسيح مهنة النجارة في حياته قبل الصليب.. وهكذا صنع ابن النجار صليبًا من خشب الشجر ليخلِّص به العالم. كما قال القديس مار أفرام السرياني (مبارك هو ذلك النجار الذي صنع بصليبه قنطرة لعبور المفديين) ويقصد بذلك أن الصليب قد صار واسطة عبورنا من الهلاك إلى الحياة الأبدية، وعبور الذين رقدوا على الرجاء من الجحيم إلى الفردوس. يتساءل البعض: لماذا دبر الرب في خطة الخلاص أن يتم الفداء بذبيحة الصليب، وليس بموت السيد المسيح بطريقة أخرى؟ ونجيب على ذلك بأن هناك أسبابًا كثيرة يصعب حصرها ونذكر منها على سبيل المثال: أولًا: لكي يكون هو الطريق المؤدى إلى السماءفتعليق السيد المسيح على الصليب ما بين السماء والأرض يذكرنا بسلم يعقوب الذي رآه منصوبًا على الأرض ورأسه يمس السماء والرب واقف عليه والملائكة صاعدة ونازلة عليه. وقد قال الرب عن نفسه "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو14: 6). ![]() ![]() لأن السيد المسيح كان فاتحًا ذراعيه على الصليب رافعًا إياهما إلى أعلى. وفي نفس الوقت كان مجروحًا ينزف دمه كذبيحة مقبولة عن خلاص جنسنا. وكما قال أحدهم [هو الكاهن الأعظم صعد إلى المذبح ليصلى، وفيما هو يقدّم نفسه ذبيحة؛ دافع عن البشرية الخاطئة (أي تشفع من أجل الخطاة لينالوا الغفران بالتوبة والمعمودية المقدسة)]. ![]() رآه يوحنا في سفر الرؤيا في وسط العرش حملًا قائمًا كأنه مذبوح ولا يمكن أن تكون الذبيحة واقفة وليست منطرحة على الأرض إلا في وضع الصليب. ![]() لأنه "بدون سفك دم لا تحصل مغفرة" (عب9: 22) فلو مات السيد المسيح مخنوقًا أو غريقًا أو بالحرق بالنار لما أمكن أن يقال عنه "لأن فصحنا أيضًا المسيح قد ذبح لأجلنا" (1كو5: 7). والسيد المسيح لم تكسر ساقيه على الصليب مثل اللصين اللذين اختنقا عندما تدليا من ذراعيهما. بل سلّم السيد المسيح الروح نتيجة النزيف الحاد من الجراحات الخارجية كالمسامير وإكليل الشوك والجلد، والجراحات الداخلية التي نشأت عن جَلد القفص الصدري بأعصاب البقر المدلاة في أطرافها قطع من المعدن أو العظام التي تمزق الشرايين المحيطة بالقفص الصدري داخليًا تحت الجلد بجوار الضلوع عندما يلتف الكرباج حول الصدر أثناء الجلد على الظهر. لذلك حينما طعن الجندي السيد المسيح بعد ذلك بالحربة في جنبه كان صدره ممتلئًا من الدماء والماء،الدم أولًا حيث يترسب الهيموجلوبين، والماء بعد ذلك حيث البلازما، والمياه الناشئة عن الارتشاح (الأوديما). ![]() قال المزمور "الرب قد ملك على خشبة" (مز95: 10) والخشبة هي خشبة الصليب. ويقول المزمور أيضًا "كرسيك يا الله إلى دهر الدهور، قضيب الاستقامة هو قضيب ملكك" (مز44: 6) إن قضيب ملكه هو أيضًا خشبة الصليب. والسيد المسيح قد قال: "متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أنى أنا هو" (يو8: 28)، وقال أيضًا: "أنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلىّ الجميع" (يو12: 32). الصليبله أربعة أذرع مثل العرش الإلهي الذي تحيط به الأحياء الأربعة غير المتجسدين؛ شبه الإنسان ويرمز إلى التجسد، وشبه العجل ويرمز إلى الذبيحة (الصلب)، وشبه الأسد ويرمز إلى القيامة، وشبه النسر ويرمز إلى الصعود. كما أنها ترمز إلى الأناجيل الأربعة: متى ولوقا ومرقس ويوحنا بنفس الترتيب المذكور عن الأحياء غير المتجسدين. في الصليب نرى بوضوح الذبيحة ولكننا نرى بعين التأمل التجسد والقيامة والصعود. فالمصلوب هو الرب المتجسد، وهو الرب المذبوح، وهو الرب القائم (لأنه مذبوح وقائم على الصليب)، وهو الرب الصاعد (لأنه معلق بين السماء والأرض). القيامة والصعود لم يكونا قد حدثا بعد ولكننا نراهما في الصليب بعين التأمل، كما أننا نؤمن بقلوبنا أن المصلوب قد قام وصعد إلى أعلى السماوات. إن الصليب ذا الأذرع الأربع يشير إلى الخلاص الذي امتد من مشارق الشمس إلى مغاربها ومن الشمال إلى الجنوب. لذلك نقول في صلاة الساعة السادسة (صنعت خلاصًا في وسط الأرض كلها أيها المسيح إلهنا عندما بسطت يديك الطاهرتين على عود الصليب، فلهذا كل الأمم تصرخ قائلة: المجد لك يا رب). إن الصليب هو ينبوع للتأمل، وعليه حمل الرب لعنة خطايانا ومحاها بالصليب إذ أوفى الدين الذي علينا وقدّم نفسه عوضًا عن الجميع. فما أجمل أن نضع الصليب أمام أعيننا على الدوام لأنه يذكرنا بحب الله الآب الذي بذل ابنه الوحيد لأجل خلاصنا. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الذبيحة المقبولة قدّم السيد المسيح نفسه على الصليب ذبيحة مقبولة لله أبيه، نسيم رائحة طيبة "لأنه إن كان دم ثيران وتيوس ورماد عِجلَةٍ مرشوشٌ على المنجسين يقدّس إلى طهارة الجسد. فكم بالحري يكون دم المسيح الذي بروح أزلي قدّم نفسه لله بلا عيب يطهّر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي" (عب9: 13، 14). عن هذه الذبيحة المقبولة قال السيد المسيح لنيقوديموس قبل صلبه بمدة طويلة: "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد الجنس لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية" (يو3: 16). وقال السيد المسيح أيضًا عن نفسه مشيرًا إلى رسالته الخلاصية التي سوف يبذل فيها نفسه عن شعبه: "أنا هو الراعي الصالح. والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف.. لهذا يحبني الآب لأني أضع نفسي لآخذها أيضًا. ليس أحد يأخذها منى، بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها، ولى سلطان أن آخذها أيضًا. هذه الوصية قبلتها من أبى" (يو10: 11، 17، 18). والشيء العجيب أن إيلين هوايت نبية السبتيين الأدفنتست المزعومة تدّعى أن السيد المسيح لم يكن واثقًا من قبول الآب لذبيحته على الصليب، وحتى بعد القيامة، وعند صعوده ودخوله إلى السماوات. ففي كتابها المشهور بعنوان "مشتهى الأجيال"وعلى صفحة 714، صفحة 715 في الطبعة الثالثة للترجمة العربية والتي طبعت في مصر، في الفصل الثامن والسبعين بعنوان "موت على قمة جبل" عن صلب السيد المسيح، كتبت تقول [اعتصر الشيطان بتجاربه القاسية قلب يسوع. ولم يستطع المخلّص أن يخترق ببصره أبواب القبر. ولم يصوّر له الرجاء أنه سيخرج من القبر ظافرًا، ولا أخبره عن قبول الآب لذبيحته. وكان يخشى أن تكون الخطية كريهة جدًا في نظر الله بحيث يكون انفصال أحدهما عن الآخر أبديًا.. ذُهل الملائكة وهم يرون عذابات المخلص ويأسه. وحجب الأجناد السماويون وجوههم حتى لا يروا ذلك المنظر المخيف]. ![]() وفى حديثها عن قيامة السيد المسيح صفحة 748 [رفض يسوع قبول الولاء من أتباعه حتى أيقن أن الآب قد قبل ذبيحته]. وفي حديثها عن صعود السيد المسيح واشتياق الملائكة للاحتفاء بنصرته وتمجيد مليكهم صفحة 788 [غير أنه يشير عليهم بالتنحي جانبًا. لم يأت الوقت بعد. إنه لا يستطيع أن يلبس إكليل المجد أو ثوب الملك]. إن القديس بولس الرسول يتحدث عن وعد الله بإتمام الفداء بأنه أمر لا يمكن تغييره. وأن الرب قد أقسم بنفسه. وأن الله لا يكذب. وأن الرجاء هو كمرساة للنفس مؤتمنة وثابتة. كتب إلى العبرانيين يقول: "فإنه لما وعد الله إبراهيم إذ لم يكن له أعظم يقسم به أقسم بنفسه.. فلذلك إذ أراد الله أن يظهر أكثر كثيرًا لورثة الموعد عدم تغيّر قضائه توسَّط بقسم. حتى بأمرين عديمي التغير لا يمكن أن الله يكذب فيهما تكون لنا تعزية قوية نحن الذين التجأنا لنمسك بالرجاء الموضوع أمامنا؛ الذي هو لنا كمرساة للنفس مؤتمنة وثابتة تدخل إلى ما داخل الحجاب، حيث دخل يسوع كسابق لأجلنا صائرًا على رتبة ملكي صادق رئيس كهنة إلى الأبد" (عب6: 13، 17-20). كيف تدّعى إيلين هوايت أن الرجاء لم يخبر يسوع عن قبول الآب لذبيحته وهو معلق على الصليب..؟!! إذا كان الله قد أقسم بنفسه على إتمام الفداء فكيف يقال أن السيد المسيح لم يكن واثقًا من هذا الأمر..؟!! وإذا كان الرجاء هو مرساة للنفس للمؤمن العادي فكيف يقال أن رب المجد يسوع المسيح لم يخبره الرجاء عن قبول الآب لذبيحته..؟!! إن الهدف الواضح من وراء هذه العبارات البشعة هو تحطيم صورة السيد المسيح باعتبار أنه هو "الله الظاهر في الجسد"، وأنه هو "رجاء الأمم". ويستطرد معلمنا بولس الرسول مؤكدًا ارتباط الرجاء بالقَسَم الإلهي فيقول: "فإنه يصير إبطال الوصية السابقة من أجل ضعفها وعدم نفعها،إذ الناموس لم يكمل شيئًا. ولكن يصير إدخال رجاء أفضل به نقترب إلى الله. وعلى قدر ما إنه ليس بدون قسم. لأن أولئك بدون قسم قد صاروا كهنة، وأما هذا فبقسم من القائل له أقسم الرب ولن يندم أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق. على قدر ذلك قد صار يسوع ضامنًا لعهدٍ أفضل" (عب7: 18-22). ![]() إن النبوات التي ذكرت في ناموس موسى والأنبياء والمزامير، كانت تحمل كثير من البراهين على قبول الآب لذبيحة ابنه الوحيد. بل تكلم المزمور (مز 39) (حسب الترجمة القبطية) على لسان السيد المسيح مؤكدًا أن هذا هو مكتوب عنه في نفس نص النبوة وليس عند أو بعد إتمامها. فعبارة "مكتوب عنى" وردت في المزمور نفسه. وقد اقتبس القديس بولس الرسول نص المزمور من الترجمة السبعينية فقال عن السيد المسيح: "لذلك عند دخوله إلى العالم يقول: ذبيحة وقربانًا لم ترد ولكن هيّأت لي جسدًا. بمحرقات وذبائح للخطية لم تسر. ثم قلت هأنذا أجيء في درج الكتاب مكتوب عنى لأفعل مشيئتك يا الله.. ينزع الأول لكي يثبت الثاني. فبهذه المشيئة نحن مقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة" (عب10: 5-7، 9، 10). فإذا كان السيد المسيح قد أنبأ في المزمور أنه بذبيحة جسده سوف يبطل الذبائح الحيوانية التي للعهد القديم لأن الآب لم يسر بهذه الذبائح، بل هيأ له جسدًا، فكيف يقال أنه لم يكن واثقًا من قبول الآب لذبيحته..؟!! ألم يقل إشعياء النبي "كشاة تساق إلى الذبح.. جعل نفسه ذبيحة إثم.. ومسرة الرب بيده تنجح.. من أجل أنه سكب للموت نفسه" (إش53: 7، 10، 12). |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() عهد جديد بالصليب قال معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين عن السيد المسيح: "ولكنه الآن قد حصل على خدمة أفضل بمقدار ما هو وسيط أيضًا لعهد أعظم قد تثبّت على مواعيد أفضل" (عب8: 6). والمقصود بالعهد الأعظم هو العهد الجديد لهذا يقول: "فإنه لو كان ذلك الأول بلا عيب لما طلب موضع لثانٍ. لأنه يقول لهم لائمًا: هوذا أيام تأتى يقول الرب حين أكمّل مع بيت إسرائيل ومع بيت يهوذا عهدًا جديدًا" (عب8: 7، 8). إذن فقد ذكر الرب في أسفار العهد القديم في نبوة إرميا النبي (انظر أر31: 31) العهد الجديد الذي سوف يصنعه الرب مع شعبه ويختلف عن العهد القديم في طبيعته وفي مداه ونتائجه. العهد القديم قام على أساس الرمز فقط بالذبائح الحيوانية. أما العهد الجديد فقد تأسس على ذبيحة المسيح الفائقة القيمة. العهد القديم تم بدم الذبائح الحيوانية أما العهد الجديد فهو بدم المسيح. لذلك أكمل معلمنا بولس الرسول كلامه عن السيد المسيح كرئيس كهنة: "ليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبديًا" (عب 9: 12). ويشير أيضًا إلى أهمية الدم في التطهير سواء في العهد القديم على سبيل الرمز أو في العهد الجديد على سبيل المرموز إليه والذي به يتم مفعول الرمز على أساس الوعد، فيقول "فمن ثم الأول أيضًا (أى العهد الأول) لم يكرس بلا دم. لأن موسى بعدما كلّم جميع الشعب بكل وصية بحسب الناموس، أخذ دم العجول والتيوس مع ماء وصوفًا قرمزيًا وزوفا ورش الكتاب نفسه وجميع الشعب. قائلًا هذا هو دم العهد الذي أوصاكم الله به. والمسكن أيضًا وجميع آنية الخدمة رشها كذلك بالدم. وكل شيء تقريبًا يتطهّر حسب الناموس بالدم. وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة" (عب9: 18-22). فكيف رسم السيد المسيح العهد الجديد، وكيف أسسه وأعطاه لكنيسته المحبوبة؟ بالطبع لقد تأسس العهد الجديد على ذبيحة السيد المسيح التي قدّمها على صليب الجلجثة وعلى دمه الذي سفك على الصليب من أجل مغفرة خطايا الكثيرين. ![]() وقد أوضح القديس بولس الرسول ذلك بقوله للعبرانيين: "لأنه إن كان دم ثيران وتيوس ورماد عجلة مرشوش على المنجسين يقدّس إلى طهارة الجسد. فكم بالحرى دم المسيح، الذي بروح أزلي قدّم نفسه لله بلا عيب يطهّر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحى" (عب9: 13، 14). ![]() وقد ارتبط العشاء الرباني بذبيحة الصليب ارتباطًا وثيقًا، لأنه هو امتداد لذبيحة الصليب في ليلة الآلام وما بعد قيامة الرب من الأموات. قال السيد المسيح لتلاميذه عن الكأس وقت تأسيس سر الشكر (الإفخارستيا): "هذه الكأس هي العهد الجديد بدمى الذي يسفك عنكم" (لو22: 20). وهكذا نرى بوضوح ارتباط العهد الجديد بدم المسيح الذي سفك على الصليب. ولكننا ينبغي أن نلاحظ أيضًا كيف ربط السيد المسيح بين كأس الإفخارستيا (سر الشكر) وبين دمه والعهد الجديد إذ قال: "هذه الكأس هي العهد الجديد بدمى" (لو22: 20، 1كو11: 25)،إذن فإن استمرارية العهد الجديد تتوقف على استمرارية كأس الإفخارستيا بدم المسيح الحقيقي في الكنيسة. لأن السيد قال: "هذه الكأس هي العهد الجديد بدمى" ولم يقل فقط "العهد الجديد بدمى". فالكنيسة التي لا يوجد فيها دم المسيح الحقيقي الذي سفك على الصليب، لا يصح أن تدّعى أنها تحيا العهد الجديد وتتمتع بفاعليته ونتائجه. لهذا أمر السيد المسيح تلاميذه قائلًا: "اصنعوا هذا كلما شربتم لذكرى" (1كو11: 25). وهو أمر تكليف للآباء الرسل ولجميع كهنة العهد الجديد أن يصنعوا ويقيموا تذكار موت الرب وقيامته في الإفخارستيا. وقال معلمنا بولس الرسول: "فإنكم كلّما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" (1كو11: 26). إننا في القداس الإلهي لا نتذكر فقط موت الرب المحيى على الصليب، بل نتذكر أيضًا قيامته المقدسة وصعوده إلى السماوات ومجيئه الثاني في اليوم الأخير (نصنع ذكرى آلامه المقدسة وقيامته من الأموات وصعوده إلى السماوات وجلوسه عن يمينك أيها الآب وظهوره الثاني الآتي من السماوات المخوف المملوء مجدًا) (القداس الباسيلي). لهذا قال "تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء "وعبارة "يجيء" تشير إلى من قام وصعد حيًا وسوف يجيء في مجده الذي هو أيضًا مجد أبيه. ![]() إن الوعد الإلهي بالنبوة عن كهنوت السيد المسيح هو: "أقسم الرب ولن يندم؛ أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق" (عب7: 21). فكيف يكون كهنوته على رتبة ملكي صادق إلا إذا كانت ذبيحة الإفخارستيا هي نفسها ذبيحة الصليب ومنها تستمد وجودها وفاعليتها. أي هي امتداد واستعلان سرائري لذبيحة الصليب التي تم بها الفداء. إن تقدمة ملكي صادق كانت خبزًا وخمرًا وكما قال قداسة البابا شنودة الثالث -أطال الرب حياته- إن كهنوت السيد المسيح لا يمكن أن يكون على طقس وترتيب ملكي صادق إلا إذا كان مرتبطًا بتقدمة الخبز والخمر في سر الافخارستيا. وهو أيضًا رئيس كهنة لأن كهنة العهد الجديد يخدمون تقدمة الإفخارستيا في سر القربان المقدس في القداس الإلهي. وإلا كيف يكون هو رئيس كهنة بدون كهنة للعهد الجديد؟ |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() هل يحتاج إلى ذبيحة عن نفسه؟! أبرز القديس بولس الرسول الفرق الشاسع بين كهنوت السيد المسيح والكهنوت اللاوي أي كهنوت رؤساء كهنة اليهود من نسل هارون. فمن جهة أوضح أن ذبائح العهد القديم الحيوانية لا تستطيع أن تخلّص الإنسان من الهلاك الأبدي. أما ذبيحة السيد المسيح الذي بروح أزلي قدّم نفسه لله بلا عيب فهي القادرة أن تكفّر عن خطايا البشر. ومن جهة أخرى أوضح أن كهنوت السيد المسيح هو بقسم من الآب وإلى الأبد. أما الكهنوت الهاروني فهو بدون قسم وليس إلى الأبد. كما أوضح أن رؤساء الكهنة من نسل هارون كانوا "كثيرين من أجل منعهم بالموت عن البقاء" (عب7: 23)، أما السيد المسيح باعتباره رئيس الكهنة الأعظم فهو حي إلى الأبد ولا يحتاج إلى بديل ليحل محله. وأوضح أيضًا أن رؤساء كهنة العهد القديم كانوا يقدّمون ذبائح أولًا عن أنفسهم ثم عن خطايا الشعب، أما السيد المسيح فلم يقدّم ذبيحة أولًا عن نفسه ثم ذبائح عن خطايا الشعب، بل قدّم نفسه مرة واحدة ليغفر خطايا شعبه. لأنه هو نفسه لم يكن محتاجًا إلى ذبيحة عن نفسه. ولذلك كتب القديس بولس الرسول يقول في رسالته إلى العبرانيين عن السيد المسيح: "الذي ليس له اضطرار كل يوم مثل رؤساء الكهنة أن يقدم ذبائح أولًا عن خطايا نفسه ثم عن خطايا الشعب، لأنه فعل هذا مرة واحدة، إذ قدّم نفسه" (عب7: 27). واستطرد قائلًا: "فإن الناموس يقيم أناسًا بهم ضعف رؤساء كهنة. وأما كلمة القسم التي بعد الناموس فتقيم ابنًا مكملًا إلى الأبد" (عب7: 28). إذن لم يكن السيد المسيح محتاجًا أن يقدم ذبيحة عن نفسه لأنه هو "قدوس القدوسين" (دا 9: 24) الذي بلا خطية وحده. فهو بالطبع لم يرث خطية آدم، ولم يكن لديه أي ميل للخطية، ولم تكن إمكانية الخطية مفتوحة بالنسبة له على الإطلاق. بل بارك طبيعتنا فيه حينما أخذ ناسوتًا بشريًا من العذراء القديسة مريم بفعل الروح القدس وجعله واحدًا مع لاهوته منذ اللحظة الأولى للتجسد الإلهي. وقال لها الملاك: "الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك، فلذلك أيضًا القدوس المولود منك يدعى ابن الله" (لو1: 35). ![]() لقد شابهنا السيد المسيح في كل شيء ما خلا الخطية وحدها. وكانت طاعته الكاملة للآب في الجانب الإيجابي أي في أنه حمل خطايا غيره ودفع ثمن عقوبتها وهو برئ "لأنه فيما هو قد تألم مجربًا يقدر أن يعين المجربين" (عب2: 18). لهذا قال معلمنا بولس الرسول: "فإن الناموس يقيم أُناسًا بهم ضعف رؤساء كهنة. وأما كلمة القسم التي بعد الناموس فتُقيم ابنًا مكملًا إلى الأبد" (عب7: 28). أي أن رؤساء كهنة العهد القديم في الكهنوت الهاروني كان بهم ضعف بسبب وراثتهم الخطية الأصلية من أبوينا الأولينآدم وحواء. ولذلك كان على رئيس الكهنة الهاروني "أن يقدّم ذبائح أولًا عن خطايا نفسه ثم عن خطايا الشعب" (عب7: 27). أما السيد المسيح فلأنه كان خاليًا تمامًا من ضعفات الخطية فلم يقدم ذبائح عن نفسه أولًا ثم عن خطايا الشعب، بل قدّم نفسه ذبيحة واحدة كاملة عن خطايا الشعب تكفى للتكفير عن خطايا العالم كله لكل من يؤمن وينال العماد المقدس،لهذا قال عن السيد المسيح: "لأنه فعل هذا مرة واحدة. إذ قدّم نفسه" (عب7: 27). ![]() إن هذه المنظومة الجميلة المتناظرة التي قدّمها بولس الرسول صارت كما يلي: * المسيح ليس فيه ضعف وقدّم نفسه مرة واحدة، أما رؤساء كهنة اليهود فبهم ضعف فيقدمون ذبائح عديدة. * المسيح "حى" (عب7: 25) لذلك فهو رئيس الكهنة الأعظم الدائم إلى الأبد، أما رؤساء كهنة اليهود "قد صاروا كهنة كثيرين من أجل منعهم بالموت عن البقاء" (عب7: 23). * المسيح أخذ كهنوته بقسم على رتبة ملكي صادق، أما رؤساء كهنة اليهود فبدون قسم على رتبة هارون. * المسيح قدّم ذبيحة كاملة "بروح أزلي قدّم نفسه لله بلا عيب" (عب9: 14)، أما رؤساء كهنة اليهود فكانوا يقدمون قرابين وذبائح حيوانية "لا يمكن من جهة الضمير أن تكمل الذي يخدم" (عب9:9). * المسيح دخل إلى الأقداس السماوية، أما رؤساء كهنة اليهود فكانوا يخدمون شبه السماويات في الخيمة أو في هيكل سليمان. لهذا قال: "فلو كان بالكهنوت اللاوي كمال -إذ الشعب أخذ الناموس عليه- ماذا كانت الحاجة بعد إلى أن يقوم كاهن آخر على رتبة ملكي صادق، ولا يقال على رتبة هارون" (عب7: 11). هذا هو كهنوت السيد المسيح، كهنوت العهد الجديد الذي يخدم ذبيحة الإفخارستيا بالخبز والخمر على طقس ملكي صادق؛ الذي قدّم خبزًا وخمرًا في زمانه كما قدّم السيد المسيح جسده ودمه لتلاميذه في ليلة آلامه وقال لهم: "هذا هو جسدي.. هذا هو دمى الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين" (مر14: 22، 24)، "اصنعوا هذا لذكرى" (1كو11: 24، لو22: 19). وبهذا الكهنوت في سر القربان المقدس يكون السيد المسيح هو رئيس الكهنة الأعظم، أما الكهنة في رتبهم المتنوعة فهم خدام سر الافخارستيا. وعمومًا هم وكلاء أسرار الله. فالسيد المسيح هو رأس الكنيسة الجامعة، أما الآباء البطاركة فهم رؤساء الكنائس المحلية حسب كراسيهم الرسولية. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() يسوع شمس البر الشافية قال السيد المسيح: "أنا قد جئت نورًا إلى العالم حتى كل من يؤمن بي لا يمكث في الظلمة" (يو12: 46) وقال أيضًا: "أنا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشى في الظلمة بل يكون له نور الحياة" (يو8: 12). استطاع السيد المسيح أن يغيِّر حياة الكثيرين ويجعلهم يتركون حياة الشر والخطية ويحوّلهم إلى قديسين. وهكذا تغيّرت صورة البشرية من صورة مهلهلة وممزقة وضائعة يسيطر عليها الموت، إلى صورة تنهض لكي تسترد كرامتها مرة أخرى. فيقول الكتاب "أما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله" (يو1: 12). مثلما قال إشعياء لأورشليم: "قومي استنيري لأنه قد جاء نورك ومجد الرب أشرق عليكِ" (إش60: 1). وقال ملاخي النبي: "ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر والشفاء في أجنحتها" (مل4: 2). ما هي الشمس التي لها أجنحة شافية؟! ![]() ربنا يسوع المسيح الذي كان معلقًا على الصليب وذراعاه ممدودتان كان هو شمس البر المجنحة لليمين ولليسار وهو ينادى قائلًا: "تعالوا إلىَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم" (مت11: 28). فقد كان -على الصليب- يمثل أحضان الله المفتوحة، كما يمثل النور الذي أشرق على عالم مظلم سيطرت عليه الخطية فجاء هو نورًا للعالم وأضاء للخطاة لكي يتوبوا ويبدأوا حياة جديدة مع الله. ![]() كثير من الخطاة الذين كانت عليهم أرواح شريرة تحرروا من سلطان الشيطان على يدي السيد المسيح. فقد أخرج من مريم المجدلية مثلًا سبعة شياطين.. والمجنون الأعمى والأخرس أخرج منه ستة آلاف شيطان. لأن الشيطان قال: "اسمى لجئون لأننا كثيرون" (مر5: 9). ولجئون معناها كتيبة قوامها ستة آلاف جندي. ولذلك لما خرج هذا اللجئون من الإنسان ودخل في قطيع الخنازير الضخم، اندفع القطيع من الجرف إلى البحر. وكان نحو ألفين. فاختنق ومات (انظر مر5: 12، 13). كان هذا لكي نعرف كيف كان للشيطان سلطان على الإنسان المسكين، ذلك الذي جاء السيد المسيح ليحرره. "وكانت شياطين أيضًا تخرج من كثيرين وهى تصرخ وتقول: أنت المسيح ابن الله" (لو4: 41) وكانت تصرخ أيضًا قائلة: "مالنا ولك يا يسوع ابن الله. أجئت إلى هنا قبل الوقت لتعذبنا" (مت8: 29). فكانت جحافل الظلمة تهرب من أمام وجهه. ولهذا قال لهم: "إن كنت لست أعمل أعمال أبى فلا تؤمنوا بى" (يو10: 37). ![]() هو نور، وقد أشرق فعلًا فلا يستطيع أي شيطان أن يقف في طريقه.. وكان هذا النور يزحف وفي زحفه تهرب الظلمة وتنهزم أمامه. ففي كل مكان كان يذهب إليه السيد المسيح كانت مملكة الشيطان تهتز. ولذلك قال اليهود: "ما هو هذا التعليم الجديد لأنه بسلطان يأمر حتى الأرواح النجسة فتطيعه" (مر1: 27). ![]() بهتت الجموع من إخراج الشياطين لأنه لم يقدر أي نبي قبل السيد المسيح أن يخرج شيطانًا من إنسان. لهذا قال السيد المسيح لليهود: "إن كنت أنا بروح الله أخرج الشياطين فقد أقبل عليكم ملكوت الله" (مت12: 28). وقد تاب كثير من الخطاة على يدي السيد المسيح مثل: المرأة الخاطئة التي غسلت رجليه بدموعها ومسحتهما بشعر رأسها (انظر لو7: 36-50)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وزكا العشار الظالم المحب للمال (انظر لو19: 1-10). ولاوى الذي كان جالسًا عند مكان الجباية "فقال له اتبعنى" (مر2: 14) فقام وتبعه تاركًا كل شيء. والمرأة الزانية التي "أُمسكت وهى تزني في ذات الفعل.. فقال لها يسوع ولا أنا أدينك اذهبي ولا تخطئي أيضًا" (يو8: 4، 11). إن ما حدث كان عبارة عن حالة زحف عجيب جدًا..!! حياة تسرى على وجه الكرة الأرضية مثل نور الصباح إذا أشرقت الشمس، أو مثل النار إذا اشتعلت في حقل تبن فلا يستطيع أحد أن يطفئها. ولذلك شعر الشيطان إن مملكته أصبحت في خطر.. فلم يكن أمامه إلا حل واحد فقط وهو أن يتآمر على قتل السيد المسيح. ![]() لم يستطع الشيطان أن يقف صامتًا وهو يرى حصونه المنيعة تدك الواحدة تلو الأخرى. فقد كانت حصونه تنهار وتتساقط، وصورته هو وجنوده الشياطين تهتز في نظر الجميع، لأنه عجز عن الدفاع عن مملكته. فلم يجد أمامه وقتئذ، إلا حلًا واحدًا وهو أن يتآمر على قتل السيد المسيح.. وبالرغم من خوفه هو شخصيًا من قتل السيد المسيح لأن النبوات قد أشارت إلى أنه بقتل السيد المسيح يتم الخلاص والفداء إلا أنه لم يجد أمامه حلًا آخر. ![]() كان الشيطان كمن هو قائم بين نارين: نار النبوات التي تقول "الرب وضع عليه إثم جميعنا" (إش53: 6) و"جعل نفسه ذبيحة إثم" (إش53: 10) و"مجروح لأجل معاصينا" (إش53: 5)، ونار الهزيمة التي كان ينهزم بها أمام السيد المسيح. أما السيد المسيح فقد كان يخفى ألوهيته في بعض المواقف، ويظهر شيئًا من الضعف البشرى لكي يجعل الشيطان يفقد حذره. فكان يتعب من المشي مثلًا، أو يجوع ويعطش. فحينما كان الشيطان يرى منه ذلك كان يطمئن ويظن أن في إمكانه التخلّص من السيد المسيح. وإذ رآه يبكى عند قبر لعازر تشجّع أن يكمل المؤامرة التي بدأها. ![]() لماذا يحب الشرير أن يغامر في مؤامراته؟.. يغامر الشرير لأن قوة الحقد التي في داخله أقوى من قوة الحذر المحيطة به. فهو يشعر أنه يخاطر، لكنه لا يستطيع ألا يدخل في المخاطرة. لأن الغيظ والحقد والكراهية تعمى بصره عن أن يحذر فيما هو مزمع أن يفعله..!! وهذا ما حدث فعلًا: فقد هيّج الشيطان اليهود وكثير من الأشرار. ووضع في قلب يهوذا الإسخريوطي أن يسلِّم سيده وتمم المؤامرة وتم الصلب، حيث تم الفداء. فعلى الصليب سحق السيد المسيح كل مملكة الشيطان، وهزمه في عقر داره. وهناك في الجحيم حطّم المتاريس وأطلق المسبيين وأصعدهم إلى السماء الثالثة أو الفردوس. ثم عاد من الفردوس ليقوم من الأموات في اليوم الثالث وظهر لتلاميذه مؤكدًا أن قوة الحياة التي فيه هي أقوى من الموت الذي لنا. وقال لتلاميذه إنه سوف يمضى لكي يعد لهم ملكوتًا أبديًا سوف يستعلن في مجيئه الثاني، حينما يأتي ليدين العالم كله. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() لماذا أخفى السيد المسيح لاهوته عن الشيطان؟ ![]() يقول القديس بولس الرسول: "لأن لو عرفوا لَما صلبوا رب المجد" (1كو2: 8).. لو تأكد الشيطان أن يسوع هو الله الظاهر في الجسد لَما تجاسر أن يصلبه.. لو ظهر السيد المسيح بملء مجده الإلهي لَما احتمل البشر أن يبصروه. لأنه قال لموسى النبي حينما أراد أن يرى ملء مجده: "لا تقدر أن ترى وجهي، لأن الإنسان لا يراني ويعيش" (خر33: 20). لذلك التحف السيد المسيح بالناسوتية ليخفى مجده حينما تجسد ووُجد في الهيئة كإنسان. لقد احتار الشيطان في فهم سر التجسد بدءًا من إخلاء الله الكلمة لنفسه ليأخذ صورة عبد. ومرورًا بكل ما ظهر به السيد المسيح من التواضع في ميلاده، وهروبه إلى مصر، وحياته البسيطة البعيدة عن مظاهر العظمة، وفي صومه على الجبل، وفي حزنه، وصلاته، وفي أن ينسب لنفسه عدم المعرفة بشأن اليوم الأخير (بحسب إنسانيته) وهو العالِم بكل شيء (بحسب لاهوته). لقد أصيب الشيطان بالارتباك فكلما شعر أن السيد المسيح هو ابن الله أو قدوس الله يعود فيحتار من تواضعه العجيب خاصة في مسألة المعرفة. لهذا فقد تجاسر بحماقته وغامر في إتمام مؤامرة صلب السيد المسيح وابتلعت السمكة الطُعم المخفي فيه صنارة قوية أنهت جميع أحلامها وتمت المقاصد الإلهية في فداء وتحرير البشر من سلطان الشيطان. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() كيف أخفى السيد المسيح لاهوته عن الشيطان؟ هذا الأمر كان في كل مراحل حياة السيد المسيح من ميلاده إلى موته على الصليب.. كان الشيطان في حيرة وارتباك عظيمين منذ ميلاد السيد المسيح وما صاحب هذا الميلاد من مظاهر الاتضاع والعظمة في آنٍ واحد. فميلاده من عذراء بسيطة متواضعة في حظيرة للخراف كطفل مقمّط مضطجع في مزود؛ كان في تقديره لا يتناسب مع عظمة الإله الكلمة المتجسد. مجرد ميلاده كطفل محتاج للرعاية كان ضد فكر العظمة لدى الشيطان. ولكن تسابيح جماهير الملائكة في السماء بعد ظهور الملاك للرعاة الساهرين، هذه التسابيح قد أربكت الشيطان وشعر أن المولود ليس إنسانًا عاديًا. وعمومًا فإن فكرة أن يُخلى الابن الوحيد نفسه من مجده الإلهي لكي يتجسد من عذراء، ويأخذ صورة عبد "الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب مساواته لله اختلاسًا لكنه أخلى نفسه آخذًا صورة عبد صائرًا في شبه الناس وإذ وُجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب" (فى2: 6-8).. فكرة إخلاء الذات في حد ذاتها كانت بعيدة جدًا عن حسابات الشيطان الممتلئ غرورًا وكبرياءً. وحقيقة أن السيد المسيح يخفى مجده المنظور عندما تجسد آخذًا صورة عبد؛ كانت فوق تصوُّر الشيطان. لهذا ارتبك الشيطان عند ميلاد السيد المسيح ولم يقدر أن يحدد طبيعة المولود الحقيقية. ![]() جاء المجوس للسجود للسيد المسيح بإرشاد النجم المعجزي الذي قادهم إلى البيت حيث كان الصبي فسجدوا له وقدّموا هداياهم ذهبًا ولبانًا ومُرًّا. كان لتلك الأحداث وقع سيئ على الشيطان الذي بدأ يشعر بخطورة المولود "ملك اليهود" (مت 2: 2). ![]() ولكنه عندما وجد القديس يوسف يأخذ الصبي وأمه ويهرب إلى مصر من وجه هيرودس الملك شعر أن المولود لا يمكن أن يكون هو ملك الملوك ورب الأرباب. لأنه بحسب فكره: كيف يهرب العظيم من أحد عبيده مثل هيرودس الملك؟ هل يمكن أن يهرب الرب الذي الكل خاضع بعنق العبودية تحت خضوع قضيب ملكه؟ هذا الأمر حيّر الشيطان جدًا، إذ لم يفهم أن هروب السيد المسيح إلى مصر كان ضمن خطته الإلهية في مباركة أرض مصر وشعبها وزعزعة مملكة الشيطان هناك، ولم يفهم أن الهروب إلى مصر كان مرتبطًا بمذبحة أطفال بيت لحم وما قيل عنها من نبوات وما تحمله من رموز، وإن الهروب إلى مصر كان لسبب أن الصليب هو طريق المسيح المولود إلى إتمام الفداء بعد عماده في نهر الأردن، وبعدما يختار تلاميذه ويعلّمهم ويعلّم الجموع، ويكرز بالإنجيل، ويصنع المعجزات، ويعمل كل ما عمله لتأسيس الكنيسة. فكيف يمكن لطفل مولود أن يفعل كل ذلك ويكون معلّمًا وقائدًا روحيًا، أو أن يحمل الصليب في الطريق إلى الجلجثة، ولماذا؟ إذن كان من الطبيعي أن يؤجّل السيد المسيح مسألة ذبحه إلى أن يكبر في السن -بحسب إنسانيته- ويصنع كل ما صنع متممًا نبوات الأنبياء. ![]() كان الشيطان في ارتباك -كما قلنا- في كل مراحل حياة وخدمة السيد المسيح. وظهر ذلك الارتباك أيضًا حينما سمح له السيد المسيح أن يجرّبه بعد صومه الطويل على الجبل فقال له الشيطان: "إن كنت ابن الله فقل أن تصير هذه الحجارة خبزًا" (مت4: 3). وقال أيضًا: "إن كنت ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل" (مت4: 6). ظل هذا السؤال "إن كنت ابن الله؟" يتردد في روع الشيطان إما يردده هو، أو يدفع الآخرين لترديده؛ مثلما قال قداسة البابا شنودة الثالث -أطال الرب حياة قداسته- عن هذا السؤال: (ويُرفع المسيح على الصليب والشيطان ما يزال معذبًا في شكوكه، وإذ أخفى الرب عنه قوته ما يزال يسأل سؤاله القديم: "إن كنت ابن الله فانزل عن الصليب" (مت 27: 40)). وبالرغم من أن الشيطان حينما رأى معجزات السيد المسيح قد صرخ قائلًا: "أنا أعرفك من أنت: قدوس الله" (مر1: 24)، إلا أنه عاد فشك في ذلك حينما كان السيد المسيح يتصرف بطريقة إنسانية طبيعية مثل أنه يصلى إلى الآب، أو أن يحتمل قول اليهود عنه أنه ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين، أو أن يتكلم عن آلامه وصلبه وموته بواسطة الأشرار. مثلما كتب قداسة البابا عن شك الشيطان في لاهوت السيد المسيح بعد أن ادّعى أنه قد عرفه من هو (ولكنه يسمع الرب بعد ذلك مباشرةً يُظهر لتلاميذه أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم "ويتألم كثيرًا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم" (مت16: 21) فيتعجب كيف يكون هو ابن الله ويتألم ويُقتل؟!). وقد شرح قداسة البابا شنودة الثالث سبب إخفاء السيد المسيح قوة لاهوته عن الشيطان فقال: (في الواقع إنه من أبرز الأسباب التي تجعل البعض يظن أن السيد المسيح كان ضعيفًا هو أن الرب كان باستمرار يخفى قوته،كان يخفيها من باب الاتضاع، وكان أيضًا يخفيها عن الشيطان لدرجة أن الشيطان كان يقف متحيرًا أمام حقيقة المسيح يسأل نفسه أهو حقًا المسيح أم أنه ليس هو؟ "يا ترى هو واللا مش هو؟". ولم يكن من الصالح أن يعرف الشيطان حقيقة المسيح لئلا يبذل جهده لعرقلة عمل الفداء لأن الشيطان لا يحب خلاص العالم وكان يتمنى أن ذلك لا يتم). ثم استطرد قداسة البابا شنودة الثالث -أطال الرب حياة قداسته- وعرض كثير من الأمثلة لهذا الشك الذي وقع فيه الشيطان نتيجة لإخفاء الرب قوته الإلهية عنه وأورد ذلك كله في كتاب "مجموعة تأملات في أسبوع الآلام" في الصفحات من 67 إلى 75 وهى نفسها التي أوردها في الكتاب الثاني من هذه الكتب بعنوان "لك القوة والمجد"في الصفحات من 37 إلى 49. وسوف نجد في هذه الأمثلة الكثير والكثير مما نستفيد منه في فهم هذا الموضوع العقائدي المهم. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() كيف انتحر الموت؟ لقد سمعنا كثيرًا عن انتحار الأحياء.. ولكن هل من الممكن أن ينتحر الموت..؟! نعم. لقد انتحر الموت عندما ابتلع الحياة. لأنه ابتلع ما هو ضده.. ابتلع ما هو أقوى منه.. لم يستطع أن يمسكه.. وكان أضعف من أن يحتويه أو أن يحتمله. ![]() ابتلع الموت الحياة، فابتُلع الموت من الحياة.. وانهزم الموت، وضاعت هيبته، وانكسرت شوكته، وضاع سلطانه وانحسرت سطوته، وانقلب كيانه، وتبددت قوته، وغابت غلبته، وافتضحت أكاذيبه، وجردت أجناده وسلاطينه.. قال القديس غريغوريوس عن موت السيد المسيح المحيى على الصليب [ذبح الموت الحياة العادية، ولكن الحياة فوق العادية ذبحته]. أي ذبح الموت حياة السيد المسيح الإنسانية، ولكن حياة الرب الإلهية ذبحته.. وبهذا انتحر الموت. لماذا يا موت ابتلعت رب الحياة الذي أخفى لاهوته في الناسوتية التي اتحد بها ليحطمك؟ لماذا تجاسرت أن تقترب ممن له مفاتيح الهاوية والموت، ومن بيده مصائر الخلائق؟ لماذا انحمقت ومثل السمكة المغرورة ابتلعت الطُعم وبداخله السلاح الأقوى منك الذي اصطادك؟ وفى قداس القديس يوحنا ذهبي الفم يُقال للسيد المسيح اللحن التالي (عندما انحدرت إلى الموت أيها الحياة الذي لا يموت، حينئذ أمتّ الجحيم ببرق لاهوتك. وعندما أقمت الأموات من تحت الثرى صرخ نحوك جميع القوات السماويين: أيها المسيح الإله معطى الحياة المجد لك). من هذه العبارات نفهم أن السيد المسيح قد أبرق بنوره في الجحيم فتبددت جحافل قوات الظلمة. وأنه قد نزل إلى الجحيم عن طريق الصليب. بمعنى أنه بقبوله الموت جسديًا على الصليب قد دخل بروحه الإنساني المتحد باللاهوت إلى العالم الآخر. لقد صار الصليب والحال هكذا مثل منصة الإطلاق التي ينطلق منها صاروخ متعدد الإمكانيات يستطيع أن يخرج خارج نطاق جاذبية الأرض ويصل إلى ما يريد من الكواكب حيث يؤدى مأمورية غير مسبوقة،أو يشبه منصة الإطلاق التي ينطلق من فوقها صاروخٌ يدمّر مركز قيادة العدو فتهرب جيوشه الجرارة مثل الجرذان المرتعدة تلوذ بالفرار ولا تلوى على شيء. إن يوم الصليب هو يوم هزيمة الشيطان لأن الحق لا ينهزم أبدًا والحب أقوى من الموت لأن فيه كانت الحياة. لهذا يقول سفر نشيد الأناشيد "المحبة قوية كالموت، الغيرة قاسية كالهاوية، لهيبها لهيب نار لظى الرب. مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة والسيول لا تغمرها" (نش8: 6، 7). ![]() الصليب هو فخرنا.. الصليب هو عوننا.. الصليب هو نصرنا.. الصليب هو رجاؤنا.. الصليب هو عزاؤنا.. الصليب هو مجدنا.. الصليب هو دربنا.. الصليب هو برنا.. الصليب هو صخرنا.. الصليب هو سلاحنا الذي به نغلب. |
||||
![]() |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
من كتاب مشتهى الأجيال: صعود المسيح |
من كتاب مشتهى الأجيال: من القدس إلى قدس الأقداس |
من كتاب مشتهى الأجيال: التجربة على الجبل |
من كتاب مشتهى الأجيال: مصير العالم يتأرجح |
من كتاب مشتهى الأجيال: يأس المخلص |