منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17 - 12 - 2022, 12:18 PM   رقم المشاركة : ( 11 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,298,862

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق

كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق

تكريس العذراء القديسة




إن طاعة وصايا الله، والخضوع له تُّمَثًّل بذبيحة المحرقة التي تظل النيران تشتعل فيها، حتى تلتهمها إلى التمام. لقد أشارت ذبيحة المحرقة لطاعة الرب يسوع المسيح الكاملة لله، كقول الكتاب: "وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ" (في2: 8).
تكرست العذراء القديسة منذ طفولتها لخدمة الله في الهيكل. فعاشت عابدة له على الدوام. تسمع وتفهم وتدرس الناموس والوصايا الإلهية، تخدم في خضوع وتكريس كلي، فهي تطيع ما تؤمر به بفرح، كأَمَةً (عبدة) لأنها تحب الله، وتثق في حبه لها. تعودت العذراء أن تطيع من القلب، وليس كالعبيد الذين يطيعون، ويخدمون عندما تلاحظهم أعين أسيادهم، لكنهم لا يطيعونهم متى تحرروا من رقابتهم لهم. لكن أبناء الله يقدمون الحب للجميع ببساطة قلب، كعبيد لله مع فارق كبير، وهو حبهم لله أبيهم، كقوله: "أَيُّهَا الْعَبِيدُ، أَطِيعُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ سَادَتَكُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ، لاَ بِخِدْمَةِ الْعَيْنِ كَمَنْ يُرْضِي النَّاسَ، بَلْ بِبَسَاطَةِ الْقَلْبِ، خَائِفِينَ الرَّبَّ" (كو3: 22).
عندما ذهبت العذراء لعرس قانا الجليل مع الرب يسوع المسيح، لم يكن هدفها تقديم مجاملة شكلية لأهل العروسين (كما يفعل من يخدمون لكي تنظرهم عيون الإخرين)، ثم تنصرف بعدها، لكنها كانت تنوي تقديم حبها لهم، بحسب الوصية: "فَرَحًا مَعَ الْفَرِحِينَ وَبُكَاءً مَعَ الْبَاكِينَ" (رو12: 15). وبالفعل قدمت لهم حبًا حقيقيًا عاملًا. لم يسألها أحد عن تدبير خمرًا بديلًا للذي نَفَذَ، ولم يكن يتوقع أحد منها المساعدة، لكنها تقدمت لمد يد العون. حثها قلبها على الخدمة والتفاني، وإنقاذ أهل العرس من الحرج. فقد ذهبت للرب لتخبره بالمشكلة، حبًا في الناس، وهي على يقين باستجابته لها.
القارئ العزيز... إن قلب العذراء المملوء حبًا لله كان دائمًا هو المحرك القوي لطاعتها لوصاياه بدقة. لقد ملك الله على قلبها، لأنها أعطته قلبها بالكامل، حسب الوصية: "يَا ابْنِي أَعْطِنِي قَلْبَكَ، وَلْتُلاَحِظْ عَيْنَاكَ طُرُقِي" (أم23: 26). وهذا هو المعنى الحقيقي للتكريس لله.
فاحرص يا أخي الحبيب على تنقية قلبك من أي محبة غريبة. كرس قلبك له، وكن مستعدًا لإطاعة وصايا الله من قلبك، كقوله: "اِفْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ بِلاَ دَمْدَمَةٍ وَلاَ مُجَادَلَةٍ، لِكَيْ تَكُونُوا بِلاَ لَوْمٍ، وَبُسَطَاءَ، أَوْلاَدًا ِللهِ بِلاَ عَيْبٍ..." (في2: 14- 15).



  رد مع اقتباس
قديم 17 - 12 - 2022, 12:19 PM   رقم المشاركة : ( 12 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,298,862

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق

كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق

فخر العذراء القديسة




دخل الملاك جبرائيل إلى العذراء مريم وحياها، بقوله: "... سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ" (لو 1: 28) ثم بشرها بتجسد ابن الله منها، فأعلنت العذراء العفيفة قبولها البشرى الإلهية، بقولها: "... هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ..." (لو1: 38). انصرف الملاك من عندها، بعدما بشرها بالحبل الإلهي (بدون زرع بشر)، دون أن تطلب منه كشف السرَّ ليوسف النجار خطيبها. تركت الأمر لله، فقد كانت تعلم أن الله قادر أن يدبر الأمر بالطريقة المناسبة، وفي الوقت المناسب.
لقد آمنت العذراء القديسة في قدرة الله أكثر من حكمة البشر، التي تشير بوجوب كشف السرَّ ليوسف النجار لتجنب وقوعه في الشك، ولم تُخبر العذراء يوسف بالأمر، حتى كشفه الله له في حلم.
يعتز الكثيرون، ويفتخرون بإمكانياتهم المادية، أو بمركزهم الاجتماعي، أو بمواهبهم، أو،... أو،... ولكن الخطر الشديد الذي يهدد أمثال هؤلاء هو اتكالهم على ما لهم من ذكاء أو قدرة، بدلًا من الاتكال على الرب، كقوله : "هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: مَلْعُونٌ الرَّجُلُ الَّذِي يَتَّكِلُ عَلَى الإِنْسَانِ، وَيَجْعَلُ الْبَشَرَ ذِرَاعَهُ، وَعَنِ الرَّبِّ يَحِيدُ قَلْبُهُ... مُبَارَكٌ الرَّجُلُ الَّذِي يَتَّكِلُ عَلَى الرَّبِّ، وَكَانَ الرَّبُّ مُتَّكَلَهُ" (إر17: 5-7). إن الإنسان الحكيم هو الذي يفتخر بالله، ولا يثق في قدراته، ولا يتكل على ذاته، لأن قدراته لا تقدر أن تخلصه وقت الشدة. لقد تعلمت العذراء العفيفة أن تتكل، وتفتخر بالله بحسب وصية إرميا النبي، القائل: "هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: لاَ يَفْتَخِرَنَّ الْحَكِيمُ بِحِكْمَتِهِ، وَلاَ يَفْتَخِرِ الْجَبَّارُ بِجَبَرُوتِهِ، وَلاَ يَفْتَخِرِ الْغَنِيُّ بِغِنَاهُ. بَلْ بِهذَا لِيَفْتَخِرَنَّ الْمُفْتَخِرُ: بِأَنَّهُ يَفْهَمُ وَيَعْرِفُنِي أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الصَّانِعُ رَحْمَةً وَقَضَاءً وَعَدْلًا فِي الأَرْضِ، لأَنِّي بِهذِهِ أُسَرُّ، يَقُولُ الرَّبُّ" (إر9: 23- 24).

‏عرفت العذراء عظمة الله ورحمته، واتكلت عليه باعتزاز وفخر، لذلك أجابت على مديح أليصابات لها بإعلان افتخارها بالله، قائلة: "... تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ..." (لو1: 46- 48).
‏القارئ العزيز... اطلب باجتهاد أن يكشف الله عن عينيك، فيظهر لك عظمة قوته وشدة محبته لك، ومقدار رحمته الفائقة نحوك، حينئذ ستفتخر به على الدوام، كما افتخرت به العذراء القديسة، وكما افتخر به أيضًا الرسول بولس، الذي قال باعتزاز: "اَللهُ الَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ، مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِهِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا، وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ *بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ" (أف2: 4- 5).


  رد مع اقتباس
قديم 17 - 12 - 2022, 12:22 PM   رقم المشاركة : ( 13 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,298,862

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق

كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق

العذراء القديسة أم كل الأحياء


دعى أبونا آدم امرأته حواء أم كل الأحياء، ولكنها عندما أخطأت جلبت لنفسها ولجنسها الموت بعصيانها، فصارت أمًا للأموات. أما العذراء مريم فهي التي قيل عنها: "... مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ!" (لو1: 42). إن ثمرة بطن العذراء هي ابن الله الظاهر في الجسد، الذي فيه كانت الحياة، والذي يضيء لكل إنسان آت للعالم. لقد قدمت العذراء - حواء الثانية - للبشر أجمعين المسيح الرب، حياة كل أحد، فصارت بالحقيقة أمُ الأحياء، بدلًا من حواء التي جلبت الموت لأولادها.
إن العذراء القديسة مريم أمٌ للبشر الذين سينالون الخلاص أجمعين، لأنها أم المسيح، الذي قيل عنه: "لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ" (رو8: 29). وإن كان الرَّب يسوع الذي به الخلاص قد صار في شركة إخوة معنا بسبب اشتراكه معنا في اللحم والدم، فلا بد أن تكون أمه أمًا لنا.
لقد سلَّمَ الرَّبُّ يسوع للبشرية على عود الصليب أعظم أم حين قال للعذراء وليوحنا الرسول: "فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ: "يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ". ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: "هُوَذَا أُمُّكَ". وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذَهَا التِّلْمِيذُ إِلَى خَاصَّتِهِ" (يو19: 26- 27).

لقد كشف الرب بهذه الكلمات الرائعة أن العذراء أم حنون مسئولة عن تقديم شفاعتها حبًا في أبنائها البشر أجمعين.
فالعذراء مريم أم لكل الأحياء من البشر، ولهذا يطوبها البشر في كل الأجيال من مشارق الشمس إلى مغاربها، كقولها: "لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي" (لو 1: 48).
لقد تجلت العذراء على قباب كنيستها بضاحية الزيتون بالقاهرة عام 1968م، فاجتمعت الجموع من بلدان العالم أجمع، ومن كل الأديان والأطياف والأجناس، لتكرم العذراء الأم تحقيقًا لنبوتها. وقد ظهرت أم النور وهي تستدير لتنظر وتبارك الجموع المحتشدة حول الكنيسة من كل جهة في صمت، كما لو كانت تريد أن تقول لهم: "أنا أم لجميعكم".
صنعت المعجزات مع الجميع سواسية دون محاباة لأحد على أحد، واجتذبت الجميع لابنها، وقربت الجميع إلى أعتاب الكنيسة فُلك النجاة.
القارئ العزيز... أخذ يوحنا الحبيب العذراء بيته لتحيا معه كأم له، كقول الكتاب: "... هُوَذَا أُمُّكَ. وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذَهَا التِّلْمِيذُ إِلَى خَاصَّتِهِ" (يو 19: 27). لقد قبلها أمًا له، لتباركه. فيا ليتك تقبل العذراء أمًا لك في بيتك، أي تدعوها لتبارك حياتك بشفاعتها القوية والمقبولة. اطلبها في أمور حياتك، ولا تنس أنها أم حنون عظيمة... هي العذراء القديسة مريم أم جميعنا.


  رد مع اقتباس
قديم 17 - 12 - 2022, 12:23 PM   رقم المشاركة : ( 14 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,298,862

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق

كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق

مريم أم النور، هي أعظم الأمهات



يصف الكتاب المقدس الأمهات بالحنائن (جمع كلمة حنون)، ويخصهنَ بأنهن لا ينسين رعاية أبنائهنَ الرضع، مع أنهن في بعض الحالات الاستثنائية قد ينسين اولادهن، كقوله: "هَلْ تَنْسَى الْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرْحَمَ ابْنَ بَطْنِهَا؟ حَتَّى هؤُلاَءِ يَنْسَيْنَ، وَأَنَا لاَ أَنْسَاكِ" (إش49: 15). ويشبه الله مقدرته العظيمة في تخفيف وإزالة آلام أولاده بالأم القادرة أن تُفرج عن ابنها كربه، قائلًا: "كَإِنْسَانٍ تُعَزِّيهِ أُمُّهُ هكَذَا أُعَزِّيكُمْ أَنَا... " (إش66: 13).

إن الأمومة في قلب المرأة نعمة إلهية فطرية، ولكن روح الله القدوس الغني قادر أن يهب البشر من النساء والرجال نعمة الرحمة والحنان والحب العظيم، الذي يفوق ما وُهِبَ للأمهات بالفطرة، لأنه كنز الصالحات ومعطي الحياة. لقد شبه معلمنا بولس الرسول اهتمامه ورعايته لمخدوميه باهتمام المرضعة الحنون، التي تربي أطفالها، قائلًا: "بَلْ كُنَّا مُتَرَفِّقِينَ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا تُرَبِّي الْمُرْضِعَةُ أَوْلاَدَهَا، هكَذَا إِذْ كُنَّا حَانِّينَ إِلَيْكُمْ، كُنَّا نَرْضَى أَنْ نُعْطِيَكُمْ، لاَ إِنْجِيلَ اللهِ فَقَطْ بَلْ أَنْفُسَنَا أَيْضًا، لأَنَّكُمْ صِرْتُمْ مَحْبُوبِينَ إِلَيْنَا" (1تس2: 7- 8).
لقد امتلأ قلب العذراء بأمومة فطرية طبيعية كباقي الأمهات. أما ما هو أهم من ذلك فهو المحبة الإلهية، التي سكبها الروح القدس في قلبها، لتصير أمًا لأعداد لا حصر لها من المؤمنين.

لقد طوبها الملاك وأعطاها السلام، ولقبها الممتلئة نعمة بحسب الترجمة القبطية، وقد وصفت في أغلب الترجمات الإنجليزية، بالقول: "Hail, O highly favored one" وذلك لتوضيح أن أحدًا لم ينل ما نالته العذراء مريم من نعَمِ.
فقد ظلل الله العذراء بقوة العلي، وانسكب روح الله القدوس عليها بفيض، لكي يؤهلها لأمومة لا مثيل لها، كقوله: "فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ" (لو1: 35).
القارئ العزيز... اتسع قلب العذراء، ليحتوي بالاهتمام والحب والاحتمال أبناءها البشر جميعهم، مهما كان ضعفهم. هي أم لا تنس أولادها، بل تشفع فيهم أمام ابنها طالبة الرحمة لجميعيهم، لأنها أم الرحمة الحنون. لقد سجل مشهد تجليها في الزيتون عام 1968م صورة رائعة لأمومتها، وهي تنحني، وتبارك جميع الحاضرين.
إن كل إنسان تمتع بهذا الظهور كان يشعر بأنها تتعامل معه شخصيًا بالرغم من الزحام الشديد. لقد كنت ترى كل أحد يتكلم معها، وكأنه يهمس في أذنها، وهي تسمعه. وقد أظهرتها السماء في صورة أعظم أم. فيا ليتك يا أخي الحبيب تحافظ على دالة الحب التي تربطك بهذه الأم الحنون العظيمة.


  رد مع اقتباس
قديم 17 - 12 - 2022, 12:24 PM   رقم المشاركة : ( 15 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,298,862

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق

كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق

السحابة السريعة القادمة إلى مصر



ارتبط حضور الرَّبِّ في الكتاب المقدس بالسحاب، وقد أخبرنا إشعياء النبي عن قدوم الرب إلى أرض مصر على سحابة سريعة، قائلًا: "... هُوَذَا الرَّبُّ رَاكِبٌ عَلَى سَحَابَةٍ سَرِيعَةٍ وَقَادِمٌ إِلَى مِصْرَ، فَتَرْتَجِفُ أَوْثَانُ مِصْرَ مِنْ وَجْهِهِ..." (إش 19: 1).

وقد شبه الوحي الإلهي القديسين والملائكة الأبرار بسُحبِ السماء، التي تحمل الرَّبَّ، لأنهم يعطونه المجد والكرامة، بينما هو حال وسطهم ليباركهم، كقوله: "كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَإِذَا مَعَ سُحُبِ السَّمَاءِ مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى الْقَدِيمِ الأَيَّامِ، فَقَرَّبُوهُ قُدَّامَهُ" (دا 7: 13). هم سحابة عالية شاهدة للرب، لأن قداستهم ظاهرة للناس، كقوله: "لِذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا إِذْ لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ مِقْدَارُ هذِهِ مُحِيطَةٌ بِنَا، لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْل، وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ..." (عب12: 1).
العذراء هي هذه السحابة التي أتى الرب محمولًا على ذراعيها مع يوسف النجار هربًا من هيرودس الشرير، ولكن الوحي الإلهي يخص مجيئه بالسرعة، لأنه مشتاق أن يخلص مصر من أوثانها وخطاياها سريعًا.
إن العذراء مريم هي السحابة السريعة أيضًا، لأنها مطيعة كخدامه من الملائكة الغَيُورين، الذين قيل عنهم: "... الْفَاعِلِينَ أَمْرَهُ عِنْدَ سَمَاعِ صَوْتِ كَلاَمِهِ" (103: 20). لقد ذهبت العذراء السحابة السريعة لتخدم أليصابات بهمة وحب عظيمين، كقول الكتاب: "فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا" (لو1: 39).
عندما أتت العذراء مرة أخرى إلى مصر متجلية بمجد عظيم فوق قباب كنيستها بالزيتون في 2 أبريل 1968م، أتمت مهمتها في تخليص الكثيرين من شكوكهم وفتورهم وقلة إيمانهم، وهكذا حطمت الأوثان التي في القلوب، ليملك ابنها وربها على قلوب المصريين، وقد صاحب هذا التجلي ظهور سحاب يُذَكِرُ بما قاله إشعياء سابقًا عن السحابة السريعة.
إن العذراء التي ظهرت فوق قباب كنيستها بالزيتون ينبطق عليها وصف السحابة السريعة؛ لأنها أتمت مهمتها في إنعاش الإيمان في الزيتون بسرعة، وذلك بسبب حب الناس لها كأم وديعة وحنون، تخفف آلام الضعفاء والمرضى، وتشيع البهجة والسلام في قلوب الكثيرين.
إن وصف "السحابة" "بالسريعة" يخصّ العذراء القديسة بالذات، فلو افترضنا ظهور أي قديس آخر فوق قباب كنيسة الزيتون ما كنت أظن أنه كان ممكنًا أن يلهب الإيمان، ويرد النفوس بنفس هذه القوة والسرعة التي تأثرت بها مصر في عام 1968م نتيجةً لظهور العذراء أم النور.
القارئ العزيز... درب نفسك لتقتني هذه الغيرة التي للعذراء في محبتك لله وللناس. أما التباطؤ والتراخي في خدمة الله ومحبة الناس فهو صفة لا تليق بالقديسين.


  رد مع اقتباس
قديم 17 - 12 - 2022, 12:35 PM   رقم المشاركة : ( 16 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,298,862

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق

كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق

أم الوداعة


ذَهبَ الرَّب يسوع مع أمه ويوسف النجار إلى أورشليم، للاحتفال بعيد الفصح كعادة اليهود، وفي طريق الرجوع ظناه بين الرفقة فذهبا مسيرة يوم في الطريق إلى الناصرة، وكانا يطلبانه بين الأقرباء والمعارف الذين يتقابلون معهم في الطريق، ولما لم يجداه رجعا إلى أورشليم فوجداه في الهيكل جالسًا وسط المعلمين فاندهشا، كقول الكتاب: "فَلَمَّا أَبْصَرَاهُ انْدَهَشَا. وَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: يَا بُنَيَّ، لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!" (لو 2: 48).
تُظهر هذه الحادثة وداعة العذراء القديسة التي لم تفقد هدوءها بالرغم من كونها معذبة ثلاثة أيام في البحث عن ابنها الحبيب، وعندما وجدته جالسًا وسط المعلمين، جلست تسمعه أولًا، ولم تسبب له حرجًا بلومه أو تعنيفه... لم تسأله الوديعة عن سبب عدم رجوعه معهم للناصرة، إلا بعد أن انتهى من حديثه مع المعلمين. لقد أشار الكتاب لذلك بذكره عن اندهاشهما، وهذا يعني أنهما سمعا أولًا حديثه مع المعلمين.
عاتبت العذراء ابنها يسوع بلطفٍ شديد، عندما نادته بالقول: " يَا بُنَيَّ، لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هكَذَا؟..."... لقد أظهرت مشاعرها بلطف دون صياح أو صراخ في وجهه، وعَبَرّتْ أيضًا عن معاناتها بأقل الكلمات، بقولها: "كنا نطلبك معذبين".
ويظهر اتضاع العذراء من تقديمها يوسف النجار على نفسها، بقولها: "أبوك وأنا".
إن الوداعة فضيلة من ثمر الروح القدس، والإنسان الوديع يتميز بالهدوء والسلام الداخلي بسبب إيمانه بالله وتقواه، ولذلك فهو قليل الكلام، وهو لا يخاصم ولا يصيح، لأنه غير منشغل بذاته، بل يشغله الفوز برضا الله عليه، كما قيل عن الرب يسوع المسيح: "لاَ يُخَاصِمُ وَلاَ يَصِيحُ، وَلاَ يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ" (مت12: 19). وهو أيضًا ينظر للآخرين بتقدير، ويحتمل الجميع، ويغفر للمسيئين، ويتعامل بلطف دون أن يجرح مشاعر أحد، ولا يحتقر أحد، لأنه متضع ومحب.
القارئ العزيز... لقد أطلق الناس على العذراء لقب أم الوداعة، وقد أكدت العذراء في تجليها بكنيستها بالزيتون في 2 أبريل 1968م هذه الحقيقة. فشُهِدَ لها باللطف وهي تتحرك برزانة وهدوء لتحيِّ وتبارك الجموع المحتشدة، وأيضًا في اهتمامها بالمجموعات المختلفة؛ إذ كانت العذراء تلتفت وتتطلع، وتبارك الجميع كما لو كانت تسجيب لكل فرد يناديها وسط الجموع على حدة.
حكت إحدى شهود العيان [8]أنها تأففت من صياح الباعة الجائلين الموجودين بالمكان، ومن بعض التصرفات غير اللائقة لبعض الحاضرين، ولذلك استبعدت الشاهدة إمكانية ظهور العذراء هناك بسبب تلك التصرفات، لكنها فوجئت بالعذراء تظهر محتملة ضعف الناس وتباركهم، وتتعامل معهم بلطف شديد كأحباء لها، وهم يقولون لها بحماس: "أنتِ جميلة يا أم الله". لقد تشبهت بابنها القدوس، الذي كان يحتمل الخطاة والعشارين. فيا ليتنا يا أخي نتشفع بالعذراء أم الوداعة طالبين اقتناء تلك الفضيلة العظيمة.


  رد مع اقتباس
قديم 17 - 12 - 2022, 12:39 PM   رقم المشاركة : ( 17 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,298,862

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق

كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق

العذراء الأَمَةُ والخادمةُ




كثيرون يظهرون استعدادهم للخدمة، بقولهم لغيرهم: "مُرني أنا خدَّامك"، ولكنهم في غالب الظن قد لا يقصدون ما يقولون، لأن مثل هذه التعبيرات قد يرددونها على سبيل المجاملة.
أما العذراء فقد أجابت الملاك جبرائيل الذي أتاها بالبشارة المباركة، قائلة: "...هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ.." (لو1: 38). لقد عبرت العذراء عن منهج الحياة الذي تحيا به، وهو الاستعداد الدائم لطاعة الله كخادمة، أو كعبدة.
كانت أليصابات الحبلى في شيخوختها في حاجة ماسة لمحبتها، فقامت سريعًا لتضع نفسها كخادمة مطيعة بين يديها، كقول الكتاب: "فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا" (لو 1: 39). إن قول الكتاب: "ذهبت بسرعة" يؤكد استعدادها للخدمة، لأن مَن يخدم على سبيل أداء الواجب دون أن تدفعه المحبة، لا يوجد ما يجبره على الاستعجال، أو الشوق لتقديم الخدمة، فالمهم عنده أن يتمم العمل شكلًا.
في عرس قانا الجليل عَلِمت العذراء القديسة أن الخمر فرغ، وهذا يؤكد أنها لم تكن تجلس كزائرة أو ضيفة، لكنها كانت تخدم بالداخل مع أهل العروسين، ذهبت القديسة تشفع في أهل العرس أمام الرب، دون أن يطلب منها أحد ذلك؛ فأعطاها الرب اشتياق قلبها، وحَوّلَ الماء إلى خمر.
لقد رفض الرب المفهوم العالمي القائل: أنَّ العظيمَ هو الذي يُخْدَم، وأنَّ مَن يَخَدِم هو الأقل كرامة، بقوله: "أَنْتُمْ تَدْعُونَنِي مُعَلِّمًا وَسَيِّدًا، وَحَسَنًا تَقُولُونَ، لأَنِّي أَنَا كَذلِكَ. فَإِنْ كُنْتُ وَأَنَا السَّيِّدُ وَالْمُعَلِّمُ قَدْ غَسَلْتُ أَرْجُلَكُمْ، فَأَنْتُمْ يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ يَغْسِلَ بَعْضُكُمْ أَرْجُلَ بَعْضٍ، لأَنِّي أَعْطَيْتُكُمْ مِثَالًا، حَتَّى كَمَا صَنَعْتُ أَنَا بِكُمْ تَصْنَعُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا" (يو 13: 13- 15). إن الخدمة عمل عظيم لأن فيها بناء لنفوس الآخرين، إنها أصدق تعبير عن المحبة، التي قال عنها الكتاب: "... الْعِلْمُ يَنْفُخُ، وَلكِنَّ الْمَحَبَّةَ تَبْنِي" (1كو 8: 1). وإن كان الله محبة فهو قد جاء إذًا ليَخدم.
القارئ العزيز... العذراء الخادمة هي أم ملك الملوك ورب الأرباب، التي عَلت عن الأرضيين والسمائيين، لأنها حفظت أمر الرَّبِّ، القائل: "وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ أَوَّلًا فَلْيَكُنْ لَكُمْ عَبْدًا، كَمَا أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ" (مت 20: 27، 28). ولكن لا تنس أنه لا توجد خدمة بدون تعب واتضاع وبذل، وهكذا من خلال خدمة الآخرين يمكنك أن تجذب الكثيرين لله كأمك العذراء خادمة سر التجسد الإلهي، التي جاز في نفسها سيف الآلام من أجل ابنها الحبيب، الذي قدم نفسه فدية عن الكثيرين.


  رد مع اقتباس
قديم 17 - 12 - 2022, 12:41 PM   رقم المشاركة : ( 18 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,298,862

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق

كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق

نظر لاِتضاع أَمَته




أثار مديح أليصابات وتعظيمها لمريم العذراء مشاعر العرفان بالجميل والشكر لله، ففاض قلبها بتسبيح الله على عظم صنيعه معها، قائلة : "... تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي" (لو1: 46- 47). كانت العذراء تدرك أن الله يهب عطاياه بحسب غناه، وليس بحسب استحقاق الإنسان، كقوله: "فَإِذًا لَيْسَ لِمَنْ يَشَاءُ وَلاَ لِمَنْ يَسْعَى، بَلْ ِللهِ الَّذِي يَرْحَمُ" (رو9: 16).
إن نعم الله تُعطى للمتضعين العارفين ضعفهم، لأنه يهتم بالمتضعين، ويعتبرهم الأولى باستحقاق عطاياه، كقوله: "مَنْ مِثْلُ الرَّبِّ إِلهِنَا السَّاكِنِ فِي الأَعَالِي؟ النَّاظِرِ الأَسَافِلَ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ، الْمُقِيمِ الْمَسْكِينَ مِنَ التُّرَابِ، الرَّافِعِ الْبَائِسَ مِنَ الْمَزْبَلَةِ" (مز113: 5- 7).
اعتبرت العذراء القديسة فضائلها الكثيرة وممارستها الروحية العميقة من صلاة وتأمل وخدمة و... و... لا شيء، مع أنها فاقت في قداستها كل من حولها. لقد أرجعت العذراء الفضل في تَشرُفِها بمنزلة والدة الإله لله العظيم الرحيم المتواضع، الذي يهتم بالمساكين أي المزدرى بهم، أو الأسافل بحسب ما جاء في المزمور السابق: "النَّاظِرِ الأَسَافِلَ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ...".
لقد نظرت العذراء لضعف طبيعتها البشرية كإنسانة، وهذا ما أكده القديس بولس الرسول عن البشر أثناء حياتهم على الأرض، بقوله: "يُزْرَعُ فِي هَوَانٍ وَيُقَامُ فِي مَجْدٍ. يُزْرَعُ فِي ضَعْفٍ وَيُقَامُ فِي قُوَّةٍ" (1كو 15: 43).

إن قول العذراء القديسة "نظر لاتضاع أمته" جاء في الترجمة المشتركة "وضاعة عبدته" وفي الترجمة الإنجليزية:
"For He Has regarded the low estate of His handmaiden"
أي الحالة الوضيعة (الضعيفة والبسيطة) لعبدته، فلم تكن العذراء تعتبر فضائلها، لكنها اعتبرت أن ما صنعه الله معها فضل عظيم جدًا، لا تستحقه، كقولها: "لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ، وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ. صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ" (لو1: 49- 51).
‏القارئ العزيز... ليتنا نتعلم من القديسة والدة الإله العذراء، التي نظرت لضعف طبيعتها، ولم تعتبر فضائلها، لأنها أرجعت سبب كل نعمة وفضيلة لله العظيم الحنون، لأنه هو المستحق لكل مجد وكرامة.


  رد مع اقتباس
قديم 17 - 12 - 2022, 12:42 PM   رقم المشاركة : ( 19 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,298,862

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق

كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق

العذراء وحياة التسليم



تعلمت العذراء أنَّ الله القدير والصالح يدبر حياتها بحسب صلاحه، فسَلَّمت حياتها بين يدي الله، لم تعترض العذراء القديسة على ظروف حياتها الصعبة، بل قبلت كل الأمور في رضا...

لقد فقدت مريم العذراء والديها في سن صغير، وعاشت طفولتها في الهيكل في حياة خشنة شاقة، لم تنعم خلالها باستقرار ودفء المنزل الهادي. عاشت في الهيكل، وهي تعلم أنها لا بد أن تغادره يومًا من الأيام، لتحيا في بيت آخر لا تعرفه، وعندما سلموها ليوسف النجار لم يسألها أحد عن رأيها في الذهاب معه، لكن الكهنة ألقوا قرعة فوقعت على رجل مسن من أقاربها هو يوسف النجار، فأخذها لبيته لتخدمه.

وبالرغم أن ظروف حياة العذراء فُرِضَت عليها، لكن ملاك الرَّب أتى هذه المرة خصيصًا، ليخبرها بأمر حبلها بالرب يسوع المسيح، وهي أجابته بالتسليم والخضوع التام لمشيئة الله المقدسة، قائلةً: "... هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ..." (لوقا 1: 38). قبلت العذراء البشرى السماوية، وما تبعها من أحداث... مثل ذهابها لبيت لحم، لتلد هناك ابنها الحبيب في مكان بسيط، وولادتها له في مزود بقر، وهروبها مع يوسف خطيبها والطفل يسوع لأرض مصر، وكل ما أتى عليها من آلامٍ نفسية بسبب ارتباطها وحبها لابنها الرب يسوع، الذي اضطهده اليهود وصلبوه، هكذا ظلت العذراء تعاني كل أيام غربتها، كقول سمعان الشيخ: "وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ..." (لو 2: 35).



يريد الناس توجيه أمور حياتهم للأفضل ولكن ذلك بحسب ما يرون، مع أنهم لا يدرون ما هو الأنفع أو الأفضل لهم، ولهذا يتذمرون كثيرًا معترضين على ظروف حياتهم، ولهذا يحزنون أيضًا كثيرًا بسبب تذمرهم الدائم.

إن الإيمان بوجود الله ذو السلطان وبقدرته العظمية، التي توجه كل الأمور في هذا الكون وفق مشيئته الصالحة، يحتاج للاتضاع والاعتراف بسلطانه كقوله: "... الَّذِي سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ، وَمَلَكُوتُهُ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ" (دا 4: 34).

القارئ العزيز... التسليم هو قبول الظروف والأحداث التي تطرأ على حياة الإنسان دون تذمر، والثقة في حكمة ومحبة الله، (الذي يسمح بهذه الأحداث) أنه قادر ان يجعلها تعمل لخيرك حسب صلاحه.

أما الإيمان بأبوة الله كخالق أمين فهو الدافع الوحيد لتسليم الحياة بين يديه في رضا، كقوله: "فَإِذًا، الَّذِينَ يَتَأَلَّمُونَ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ، فَلْيَسْتَوْدِعُوا أَنْفُسَهُمْ، كَمَا لِخَالِق أَمِينٍ، فِي عَمَلِ الْخَيْرِ" (1بط 4: 19)..

إن أبناء الله يثقون في حب الله لهم، ويسلمون حياتهم له، ولهذا يقودهم الله في طريق الحياة، كقول الكتاب: "لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ" (رو8: 14).

القارئ العزيز... ليتك تسلم أمورك بين يدي الله، وتتخذ من قول أمك العذراء القديسة: "... لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ..." شعارًا تحيا به، وهكذا سيتمم الله مقاصده الصالحة في حياتك.


  رد مع اقتباس
قديم 17 - 12 - 2022, 12:43 PM   رقم المشاركة : ( 20 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,298,862

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق

كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق

العذراء القديسة الوفية





عندما عاتبت العذراء الرب يسوع بسبب بقائه في أوروشليم، لإنشغاله في مناقشة المعلمين هناك، قالت له: "... يَا بُنَيَّ، لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!" (لو 2: 48).

نلاحظ في حديثها، أنها قدمت القديس يوسف النجار في الكرامة على نفسها، وأنها لقبته أبوك، مع أنه لم يكن أب للرب يسوع بالجسد، لأنه حُبل به بالروح القدس، كقول الملاك: "... اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ" (لو 1: 35).

ولكن العذراء أعطته كرامة، الأب كما كان ظاهرًا أمام الناس. لم تحرمه العذراء من هذا اللقب احترامًا، وعرفانًا بفضله في حماية ورعاية العائلة المقدسة. إن إعطاء الكرامة لمن له الكرامة واجب، كقول الكتاب: "فَأَعْطُوا الْجَمِيعَ حُقُوقَهُمُ: الْجِزْيَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِزْيَةُ. الْجِبَايَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِبَايَةُ. وَالْخَوْفَ لِمَنْ لَهُ الْخَوْفُ. وَالإِكْرَامَ لِمَنْ لَهُ الإِكْرَامُ" (رو13: 7).

إنَّ تسمية العذراء ليوسف النجار بكلمة "أبوك" فيها إشارة أيضًا لمناداة الرب يسوع ليوسف النجار بالقول: "يا أبي" إنه الوفاء الذي ملأ قلبها... وبالطبع كانت العذراء تعطي يوسف النجار كرامة واحترام. لقد أكدت السماء أحقية يوسف النجار في تلقي الكرامة من العذراء كعائل لها (مع أنه لم يكن زوجًا لها) حين قال له الملاك في الحلم: "... يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (مت 1: 20).



وقد أكدت السماء أيضًا دور يوسف النجار كأب في رعاية عائلته حين أمره الملاك، قائلًا: "... قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ، وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ" (مت 2: 13). لذلك استحق يوسف النجار أن يخضع له الرب يسوع كابن، كقوله: "ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمَا وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ وَكَانَ خَاضِعًا لَهُمَا..." (لو2: 51).

القارئ العزيز... لقد أوفت العذراء بتعهدها بإكرام يوسف النجار خطيبها أو رجلها. لم تتنصل من اعتباره رجل البيت وعائله، لأنه لم يكن بالحقيقة زوجًا لها. لقد قبلت أن تخطب له، وأن تذهب إلى بيته فلماذا تنكث بعهدها؟!

إن الإنسان الروحي لا بد أن يوفي بتعهداته، ولا يتنصل منها لأي سبب من الأسباب، لأن وفاء الإنسان بتعهداته يشهد لأمانته.

ولقد أكد الرَّب ضرورة حفظ الأمانة والعهد حتى مع غير الأمناء، كقوله: "فَمَاذَا إِنْ كَانَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ؟ أَفَلَعَلَّ عَدَمَ أَمَانَتِهِمْ يُبْطِلُ أَمَانَةَ اللهِ؟" (رو3: 3). فإياك يا أخي أن تفكر يومًا في التنصل من الوفاء بتعهداتك نحو أب أو أم، أو زوجة أو زوج، أو أخ أو أخت، أو ابن أو ابنة، أو صديق... أو... أو... لأن تعهداتك نحو الآخرين هي بالأحرى تعهدات نحو الله، فاحفظ الأمانة.



  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
احبوا أعدائكم باركوا لاعنيكم أحسنوا-القس بيشوي فايق-عظة قداس الاحد
كتاب صانع الخيرات 100 رسالة تعزية للمتضايقين - القس بيشوي فايق
البطريرك الـ116 ظهورات السيدة العذراء مريم على قباب كنيسة الزيتون
عذراء الزيتون شرفتى بلادنا يا امى (عيد تجلى العذراء مريم على قباب كنيستها بالزيتون)
ربى يسوع المسيح أعنا-معجزة باهرة يرويها القس(يوحنا يسى) كاهن كنيسة عذراء الزيتون


الساعة الآن 07:24 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025