منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30 - 11 - 2021, 08:11 PM   رقم المشاركة : ( 11 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,619

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب عندي سؤال (الجزء الثاني)


المَلَكَات والمواهب المتعددة المعطاة للإنسان:
وضع الله ذو العظمة والجلال في كل إنسان الكثير من المَلَكَات والمواهب الطبيعية، لتؤهله للنعيم الأبدي، وذلك بدرجات متفاوتة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. نذكر من تلك المَلَكَات والنعم على سبيل المثال لا الحصر: العقل والمنطق، والمشاعر الطبيعية التي تتأثر عند الألم، وتفرح وتسعد للخير. ومَن مِن البشر لم يَبكِ مطلقًا مهما كانت قساوته. لقد وهبنا الله طبيعة خيرة مثله، فنحن قد خلقنا على صورته ومثاله، ولذلك من المنطقي أن يجد البشر راحتهم في الله الرحوم صانع الخيرات. إن أبسط دليل يؤكد قولنا هو إجماع الناس في العالم كله على أهمية الخير والصلاح، ولذلك نجد أعتى الأشرار يتكلم بمنطق الواجب والحق وسط خاصته، ويستريح لمن يعمل معه معروفًا، ولكن الأشرار يقَّسون قلوبهم، فَيفَسِدوا مراحمهم كقول الكتاب عن قساوة شعب أدوم: "هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِ أَدُومَ الثَّلاَثَةِ وَالأَرْبَعَةِ لاَ أَرْجعُ، لأَنَّهُ تَبعَ بِالسَّيْفِ أَخَاهُ، وَأَفْسَدَ مَرَاحِمَهُ، وَغضَبُهُ إِلَى الدَّهْرِ يَفْتَرِسُ، وَسَخَطُهُ يَحْفَظُهُ إِلَى الأَبَدِ." (عا1: 11). وصايا الله: أعطى الله وصاياه لشعبه، وأعطى أيضًا من لم تصلهم وصاياه، كارزين وشهودًا أتقياء، يعيشون وسط العالم ليشهدوا له، وكأنهم إنجيل مقروء من كل من يراهم كقول معلمنا بولس الرسول: "ظَاهِرِينَ أَنَّكُمْ رِسَالَةُ الْمَسِيحِ، مَخْدُومَةً مِنَّا، مَكْتُوبَةً لاَ بِحِبْرٍ بَلْ بِرُوحِ اللهِ الْحَيِّ، لاَ فِي أَلْوَاحٍ حَجَرِيَّةٍ بَلْ فِي أَلْوَاحِ قَلْبٍ لَحْمِيَّةٍ." (2كو3: 3). إنه من المستحيل على الله خالق الكون العظيم ألا يشهد لنفسه، ثم يدين البشر. لقد أكد الكتاب ذلك قائلًا: "مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ نَفْسَهُ بِلاَ شَاهِدٍ، وَهُوَ يَفْعَلُ خَيْرًا: يُعْطِينَا مِنَ السَّمَاءِ أَمْطَارًا وَأَزْمِنَةً مُثْمِرَةً، وَيَمْلأُ قُلُوبَنَا طَعَامًا وَسُرُورًا».(أع 14: 17)؛ فالله إذًا يعلن معرفته باستمرار لسائر البشر حبًا فيهم. موهبة العقل: خلق الله الإنسان عاقلًا ناطقًا، ولذا يُمكِنه إدراك الكثير من الأمور بالاستنتاج. إن معرفة الله ظاهرة في الطبيعة تشهد لعظمة الخالق، ومن السهل على البشر إدراك ذلك، وهذا ما أكده الكتاب قائلًا:"لأَنَّ أُمُورَهُ غَيْرَ الْمَنْظُورَةِ تُرىَ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ، قُدْرَتَهُ السَّرْمَدِيَّةَ وَلاَهُوتَهُ،حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ" (رو1: 20). الضمير: هو صوت داخلي، وهو حَكَمٌ عادلٌ وخِصمٌ عنيد مستعد للمقاومة. هو رفيق للإنسان على الدوام. يصرخ الضمير ضد ما هو باطل، ولا يمكن للإنسان أن يُسْكِت ضميره بسهولة، هو قادر أن يُبَكِت ويؤلم صاحبه بشدة ليبعده عن الكثير من الشرور، ويقوده للصلاح. لقد علمنا الرب أن نُرضِي ضمائرنا لئلا نقع في الدينونة قائلًا: "كُنْ مُرَاضِيًا لِخَصْمِكَ سَرِيعًا مَا دُمْتَ مَعَهُ فِي الطَّرِيقِ، لِئَلاَّ يُسَلِّمَكَ الْخَصْمُ إِلَى الْقَاضِي، وَيُسَلِّمَكَ الْقَاضِي إِلَى الشُّرَطِيِّ، فَتُلْقَى فِي السِّجْنِ." (مت5: 25)، ولكن ضمير الإنسان يتأثر بشره أو بقداسته، ويحتاج لتدريب وتهذيب ليصير صالحًا نافعًا لصاحبه كقول الرسول بولس: "لِذلِكَ أَنَا أَيْضًا أُدَرِّبُ نَفْسِي لِيَكُونَ لِي دَائِمًا ضَمِيرٌ بِلاَ عَثْرَةٍ مِنْ نَحْوِ اللهِ وَالنَّاسِ." (أع24: 16). عمل روح الله القدوس وإعلاناته: يستحيل على البشر البسطاء والضعفاء معرفة الله القدير والعظيم جدًا، لذا كان لابد لروح الله أن يعلن لنا عن الرب يسوع كقول الكتاب: "لِذلِكَ أُعَرِّفُكُمْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِرُوحِ اللهِ يَقُولُ: «يَسُوعُ أَنَاثِيمَا». وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ:«يَسُوعُ رَبٌّ» إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. فَأَنْوَاعُ مَوَاهِبَ مَوْجُودَةٌ، وَلكِنَّ الرُّوحَ وَاحِدٌ." (1كو12: 3-4). يمكننا تلخيص عمل الروح القدس في الإعلان عن الله في النقاط التالية:

1. يسكن الروح القدس في أولاد الله ليقودهم في طريق الحياة الأبدية، ولكنه أيضًا يعمل في البشر جميعًا (مؤمنين أو غير مؤمنين) ليقودهم للتوبة، ومعرفة الله. إنه يعلن بطرق كثيرة عن وجود الله وصلاحه بحسب ما يناسب كل إنسان، وهذا ما أكده الوحي الإلهي على فم سليمان الحكيم قائلًا: "أَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ لاَ تُنَادِي؟ وَالْفَهْمَ أَلاَ يُعْطِي صَوْتَهُ؟ عِنْدَ رُؤُوسِ الشَّوَاهِقِ، عِنْدَ الطَّرِيقِ بَيْنَ الْمَسَالِكِ تَقِفُ. بِجَانِبِ الأَبْوَابِ، عِنْدَ ثَغْرِ الْمَدِينَةِ، عِنْدَ مَدْخَلِ الأَبْوَابِ تُصَرِّحُ: «لَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ أُنَادِي، وَصَوْتِي إِلَى بَنِي آدَمَ. أَيُّهَا الْحَمْقَى تَعَلَّمُوا ذَكَاءً، وَيَا جُهَّالُ تَعَلَّمُوا فَهْمًا" (أم8: 1- 5)

2. من يقبل إعلانات روح الله، القادرة أن تخلصه، ولو القليل منها يُزيدَه الله من معرفته أكثر فأكثر، حتى يتأصل في معرفة الرب يسوع المسيح كشهادة الكتاب: "فَإِنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى وَيُزَادُ، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ سَيُؤْخَذُ مِنْهُ." (مت 13: 12). ولذلك لن يوجد عذر لمن يَدّعِي الجهل بالله، لأنه هو الذي رفض معرفته وأراد لنفسه الجهل به كقول الكتاب:" لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلهٍ، بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ، وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ. وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلاَءَ،" (رو1: 21- 22).

3. يستخدم الروح القدس كل الإمكانيات الموهوبة للإنسان (كما ذكرنا العديد منها) لتكون لضميره بمثابة شهادة حية قوية من داخل نفسه تدفعه للتوبة والإيمان. لقد أوضح ذلك الرسول بولس قائلًا: "أَقُولُ الصِّدْقَ فِي الْمَسِيحِ، لاَ أَكْذِبُ، وَضَمِيرِي شَاهِدٌ لِي بِالرُّوحِ الْقُدُسِ" (رو9: 1)، ولكن ضمير الإنسان سَيَشهد عليه في يوم الدينونة، ولن يقدر أن يهرب من شهادته، أو يتناسى ما أخفاه سرًا من قساوة ومقاومة لضميره كقول معلمنا بولس الرسول: "الَّذِينَ يُظْهِرُونَ عَمَلَ النَّامُوسِ مَكْتُوبًا فِي قُلُوبِهِمْ، شَاهِدًا أَيْضًا ضَمِيرُهُمْ وَأَفْكَارُهُمْ فِيمَا بَيْنَهَا مُشْتَكِيَةً أَوْ مُحْتَجَّةً، فِي الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ يَدِينُ اللهُ سَرَائِرَ النَّاسِ حَسَبَ إِنْجِيلِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ." (رو2: 15- 16).

4. يجب علي كل من يشتاق لمعرفة الله أن يَجّدُ في الصلاة بلجاجة لطلب معرفة الله، وبالتأكيد سيتعامل الله مع المخلصين الجادين في طلب معرفته، ويعلن له عن ذاته بغض النظر عن ما يعتقدوه من معتقدات خاطئة. لقد علم القديس بولس الرسول بضرورة الصلاة، والطلبة ليعلن الله المزيد عن معرفته ومجده قائلًا: "ذَاكِرًا إِيَّاكُمْ فِي صَلَوَاتِي، كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الْمَجْدِ، رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ" (أف: 1: 16- 17).


أخيرًا:
يشهد تاريخ الكنيسة من خلال سيرة القديس العظيم موسى الأسود عن حب الله، وإعلانه عن ذاته لطالبيه. لقد كان هذا القديس وثنيًا يعبد الشمس، ولكنه احتار متخبطًا في جهله، ولذا كان يتساءل طالبًا من الإله الحقيقي أن يعلن له ذاته، وبالفعل جذبه الله إليه، وأعلن ذاته له حتى صار قديسًا عظيمًا، وراهبًا، وأبًا من آباء الكنيسة العظام. إن السمائيين والأرضيين، وكل خليقة ستشهد وتمجد الله لعدالته في اليوم الأخير قائلة: "وَهُمْ يُرَتِّلُونَ تَرْنِيمَةَ مُوسَى عَبْدِ اللهِ، وَتَرْنِيمَةَ الْخَرُوفِ قَائِلِينَ:«عَظِيمَةٌ وَعَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ! عَادِلَةٌ وَحَق هِيَ طُرُقُكَ يَا مَلِكَ الْقِدِّيسِينَ!" (رؤ15: 3).
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 11 - 2021, 08:12 PM   رقم المشاركة : ( 12 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,619

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب عندي سؤال (الجزء الثاني)

السؤال العاشر

هناك أناس لهم قلب طيب وأعمالهم صالحة مع أنهم لا علاقة لهم بالمسيح فهل أمثال هؤلاء يحرمهم الله من ملكوت السماء لأنهم لم يعتمدوا؟

الإجابة.

المعمودية هي الولادة من الماء والروح، وبها ننال التبني لله أما نوال الملكوت فهو على سبيل نظام الوراثة بحسب مفهوم الكتاب القائل: "فإن كنا أولادا فإننا ورثة أيضا، ورثة الله ووارثون مع المسيح. إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضًا معه، فإني أحسب أن آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا" (رو8: 17- 18). لقد تكررت كثيرًا كلمة الملكوت في الكتاب، لكن ما هو مفهوم الملكوت في الكتاب المقدس؟ إن الملكوت هو روحي وليس مادي، لذا لن يوافق البشر الأرضيين، ولذا لابد من التبني لله لننعم به، ولكننا سنشرح ذلك في النقاط التالية:



أولًا: نوال ملكوت الله والخلاص أمر روحي:


الملكوت روحي في طبيعته، ويُؤَهل له من هو روحي فقط:
إنه أمر روحي يفوق كل تصور بشري مادي، ولا يمكن أن يعادله كل أمور هذه الحياة المادية. وإن كان الملكوت روحي وسماوي، فكيف يرث الإنسان المادي الترابي والفاسد بالطبيعة الملكوت الروحاني ببعض أعمال مادية بسيطة؟! لقد أكد الرب يسوع لنقوديموس ضرورة الولادة الروحية من فوق بقوله: "الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ. اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ" (يو3: 5- 6). ولكن ردًا على تساؤل البعض عن جزاء أعمال غير المؤمنين الصالحة، مع أنهم لم يقبلوا معرفة الرب كفادٍ ومخلص نجيب: إنهم يجنون ثمار أعمالهم الصالحة على الأرض، ولكن هذا لا يعفيهم من عقاب أفعالهم السيئة بعدما رفضوا نعمة الله المقدمة لهم من الله. ملكوت الله لا يحقق سعادة الإنسان النفساني: يستحيل على الإنسان الجسداني النفساني أن يتذوق الأمور الروحية؛ لأن الأمور الجسدية عكس الأمور الروحية على طول الخط، فالإنسان الجسداني صعب عليه أن يسعد أو يستريح للعطاء، أو للبذل من أجل الآخرين؛ لأنه أناني، ولا يحب الآخرين، ولا يمكنه الاتضاع، أو احتمال الآخرين. هو متكبر يدور حول محور ذاته فقط، ولذلك يطلب كرامته. لا يريد الخضوع لأحد ولا لله ذاته. هو شهواني يريد التنعم واللذة، ولا يكف في طلب تلك الأمور وهكذا.. وبالطبع لا وجود لمثل هذه الأشياء في ملكوت السماوات. بالإجمال لا تتفق طبيعته وطبيعة الله الروحية المحبة الطاهرة. لقد أعلن لنا معلمنا بولس الرسول هذه الحقيقة قائلًا: "لأَنْ لَيْسَ مَلَكُوتُ اللهِ أَكْلًا وَشُرْبًا، بَلْ هُوَ بِرٌّ وَسَلاَمٌ وَفَرَحٌ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ." (رو14: 17). إننا كأناس روحيين قد وُهبنا طبيعة جديدة لها إمكانية الحياة في ملكوت السماوات.


ثانيًا: العلاقة بين الرب يسوع المسيح والملكوت:


إن معرفة الرب يسوع هي بعينها الملكوت:
الملكوت أساسًا، وقبل كل شيء، هو المعرفة العميقة لشخص الرب يسوع في كل مجده. إن الرب يسوع هو الأبرع جمالًا من بني البشر بحسب قول داود النبي: "أَنْتَ أَبْرَعُ جَمَالًا مِنْ بَنِي الْبَشَرِ. انْسَكَبَتِ النِّعْمَةُ عَلَى شَفَتَيْكَ، لِذلِكَ بَارَكَكَ اللهُ إِلَى الأَبَدِ." (مز45: 2). وإن كانت رؤية التلاميذ للرب -فوق جبل طابور- في مجده مبهرة، فكم وكم تكون عمق معرفته، أو الحياة معه على الدوام في ملكوت السماوات.

  رد مع اقتباس
قديم 30 - 11 - 2021, 08:13 PM   رقم المشاركة : ( 13 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,619

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب عندي سؤال (الجزء الثاني)

سعادة الملكوت المنتظرة أساسها عِشرة ومشاركة الرب يسوع:
من يحيا مع الرب تتحقق له سعادة لا مثيل لها، ومعها كل ما للإنسان يُحسب نفاية كقول معلمنا بولس الرسول: "بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ،" (في3: 8). إن الملكوت هو دوام سُكْنَى الرب يسوع المسيح، وحلوله وسط شعبه، وهو أيضًا التمتع بشخصه المبارك بكل ما فيه من قداسة وأبوة، وحب غير متناهٍ، واتضاع لا مثيل له،.. ، و..، و




الملكوت هو انعكاس مجد الرب علينا:
سكنى الرب يسوع المسيح فينا يعكس علينا مجده وصورته المبهرة فيسقط عنا كل ضعف. حينئذ سنتمتع أيضًا بفرح لا ينطق به ومجد لا يمكن وصفه. لقد عاين معلمنا بطرس الرسول لمحة من مجد الرب وهو مُتَجليًا فوق جبل طابور؛ فاشتهى أن يحيا هناك إلى الأبد متمتعًا بمجد الرب قائلًا: "فَجَعَلَ بُطْرُسُ يَقُولُ لِيَسُوعَ: «يَا رَبُّ، جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ ههُنَا! فَإِنْ شِئْتَ نَصْنَعْ هُنَا ثَلاَثَ مَظَالَّ: لَكَ وَاحِدَةٌ، وَلِمُوسَى وَاحِدَةٌ، وَلإِيلِيَّا وَاحِدَةٌ" (مت17: 4). الملكوت شركة مع الله: ملكوت السماوات يبدأ الآن بمعرفتنا للرب يسوع، وشركتنا مع الروح القدس الذي به يحل المسيح بالإيمان في قلوبنا، وينمو فينا إلى ملء قامة المسيح في الأبدية السعيدة. هو عُرسٌ وعريسه الرب يسوع: لقد شبه الكتاب الملكوت في مثل العذارى الحكيمات والجاهلات بِعُرسٍ، وشبه يوحنا المعمدان الرب بعريس يطلب ود عروسه، إن تشبيه الرب بعريس يتكرر كثيرًا في الكتاب المقدس. وقد اختتم الكتاب المقدس وحيه الإلهي بالشوق للعريس الرب يسوع، قائلًا: "وَالرُّوحُ وَالْعَرُوسُ يَقُولاَنِ:«تَعَالَ!». وَمَن يَسْمَعْ فَلْيَقُلْ:«تَعَالَ!». وَمَنْ يَعْطَشْ فَلْيَأْتِ. وَمَنْ يُرِدْ فَلْيَأْخُذْ مَاءَ حَيَاةٍ مَجَّانًا." (رؤ22: 17). فهل يوجد ملكوت أو عرس بدون العريس؟!
ثالثًا: افتراض نظري وغير واقعي:
افتراض أن البعض طيبي القلب هو افتراض نظري وغير واضح ما المقصود به، وذلك لما يأتي:



حكم نسبي وغير دقيق:
الحكم على أي إنسان أنه طيب هو حكم نسبي، وغير محدد، فهل معنى طيبة الإنسان أنه لا يخطئ أبدًا؟! بالطبع لا؛ لأن الوحي الإلهي يشهد بعكس ذلك قائلًا: "كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ:«أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ. لَيْسَ مَنْ يَفْهَمُ. لَيْسَ مَنْ يَطْلُبُ اللهَ. الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ. حَنْجَرَتُهُمْ قَبْرٌ مَفْتُوحٌ. بِأَلْسِنَتِهِمْ قَدْ مَكَرُوا. سِمُّ الأَصْلاَلِ تَحْتَ شِفَاهِهِمْ. وَفَمُهُمْ مَمْلُوءٌ لَعْنَةً وَمَرَارَةً. أَرْجُلُهُمْ سَرِيعَةٌ إِلَى سَفْكِ الدَّمِ. فِي طُرُقِهِمِ اغْتِصَابٌ وَسُحْقٌ. وَطَرِيقُ السَّلاَمِ لَمْ يَعْرِفُوهُ. لَيْسَ خَوْفُ اللهِ قُدَّامَ عُيُونِهِمْ».. لِكَيْ يَسْتَدَّ كُلُّ فَمٍ، وَيَصِيرَ كُلُّ الْعَالَمِ تَحْتَ قِصَاصٍ مِنَ اللهِ. " (رو3: 10- 19).



طيبة الإنسان في الميزان:
ما هو مقياس طيبة الإنسان التي على أساسها يصدر البعض مثل هذه الأحكام؟ هل هي التسامح؟ أم العطاء؟ أم هي... أم هي... أم هي كل الفضائل معًا؟ وهل هذا الحكم على التصرفات الخارجية؟ أم هي على ما يُضمِرَهُ الإنسان في قلبه؟ ومَن مِنا له المقياس الأمثل، حتى نتأكد من صحة حكمه؟ إنها أسئلة كثيرة تحتاج لإجابات منطقية قبل الحكم على أحد بأنه يستحق الملكوت لطيبة قلبه. أما ما هو معروف، وأكيد عن البشر فهو أنهم جميعًا ضعفاء وخطاة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. افتراض يخالف علم اللاهوت: افتراض خلاص البعض بسبب طيبتهم يهدم عقيدة الكفارة والفداء اللازمة لغفران خطايا البشر، وإيفاء عدالة الله، ويشكك أيضًا في صدق الله الذي جاء ليفدي البشر كخطاة، وهم أبرار. لقد رفض الوحي الإلهي هذا الافتراض الكاذب قائلًا: "إِنْ قُلْنَا: إِنَّنَا لَمْ نُخْطِئْ نَجْعَلْهُ كَاذِبًا، وَكَلِمَتُهُ لَيْسَتْ فِينَا." (1يو1: 10).

رابعًا: طبيعة الإنسان الخاطئة تمنعه من وراثة الملكوت، وأعماله لا تؤهله للملكوت:


الطبيعة الفاسدة لا ترث الملكوت:
طبيعة الإنسان فاسدة، وتمثل أمامه عائقًا يمنعه من وراثة الملكوت. إن الإنسان كثير الخطأ، ويحتاج للتكفير عن خطاياه لينال بر الله، لِيؤَهَل لوراثة الملكوت، وهذا ما شهد به الكتاب قائلًا: "بِهذَا أُظْهِرَتْ مَحَبَّةُ اللهِ فِينَا: أَنَّ اللهَ قَدْ أَرْسَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ إِلَى الْعَالَمِ لِكَيْ نَحْيَا بِهِ. فِي هذَا هِيَ الْمَحَبَّةُ: لَيْسَ أَنَّنَا نَحْنُ أَحْبَبْنَا اللهَ، بَلْ أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ابْنَهُ كَفَّارَةً لِخَطَايَانَا." (1يو4: 9- 10). إن الإيمان بالرب يسوع المسيح شرط للتمتع بتكفيره، وغفرانه لخطايانا؛ فماذا يفعل طيبو القلب الرافضين للفداء والتكفير عن خطاياهم؟ أعمالنا قاصرة ولا قيمة لها: أعمال الإنسان قاصرة، وليس لها قيمة في شأن خلاصه خارج نطاق حب الله. ولكن الأمر يختلف حينما يرانا الله من منظور أبوته الحانية لنا، وذلك كما أن أي أب قد يُقدّر أعمال طفله القاصر(لحبه له)، مع أن أعمال ذلك الطفل في حقيقتها تافهة، ولا قيمة لها. لقد قرر الكتاب هذه الحقيقة عن كل من يريد أن يتبرر بأعماله الذاتية خارج غنى حب الله بقوله: "لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ." (رو3: 20). أما إذا ادعى أحد أنه سينال الملكوت على سبيل استحقاق فهذا مستحيل؛ لأنه في هذه الحالة يرفض نواله على سبيل نعمة من أبوه السماوي، وعندئذ يكون في خطر أن يقف أمام الله خارج نطاق أبوته ونعمته. إنه سيدان حتمًا في هذه الحالة بثقل خطاياه كقول الكتاب: "أَمَّا الَّذِي يَعْمَلُ فَلاَ تُحْسَبُ لَهُ الأُجْرَةُ عَلَى سَبِيلِ نِعْمَةٍ، بَلْ عَلَى سَبِيلِ دَيْنٍ." (رو4: 4). إذًا لا سبيل لنوال الملكوت إلا على سبيل نعمة (كما أثبتا سابقًا)، وقد أكد معلمنا بولس الرسول هذه الحقيقة لأهل رومية قائلًا: "فَإِنْ كَانَ بِالنِّعْمَةِ فَلَيْسَ بَعْدُ بِالأَعْمَالِ، وَإِلاَّ فَلَيْسَتِ النِّعْمَةُ بَعْدُ نِعْمَةً. وَإِنْ كَانَ بِالأَعْمَالِ فَلَيْسَ بَعْدُ نِعْمَةً، وَإِلاَّ فَالْعَمَلُ لاَ يَكُونُ بَعْدُ عَمَلًا." (رو11: 6). إن المنطق البشري لا يوافقه أن يبرئ قاضٍ مجرمًا من جريمته المثبتة عليه؛ لأنه وعد أن يعمل أعمالًا صالحة مقابل التغاضي عن جرائمه. فهل بعض أعمال لا قيمة لها تَمحِي خطايا البشر الموجهة لله القدوس، وتؤهلهم للدخول للملكوت؟!!


أخيرًا:
نقول إن السماء ترحب بكل مَن يريد هذه الطبيعة الجديدة، ولكن هل يقبل الناس الحياة الجديدة؟، وذلك بالإيمان بالرب يسوع فاديًا ومخلصًا؛ لينالوا الملكوت. وهنا جاء دورنا لنسأل من يريد أن يفوز بالملكوت مع إنه يرفض قبول الرب يسوع فاديًا ومخلصًا قائلين: كيف تطلب ملكوتًا دون قبول رب الملكوت مخلصنا الرب يسوع المسيح؟!! لقد نسب معلمنا بولس الرسول الملكوت للمسيح ابن الله الكلمة قائلًا: "الَّذِي أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ، وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ابْنِ مَحَبَّتِهِ" (كو1: 13).
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 11 - 2021, 08:14 PM   رقم المشاركة : ( 14 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,619

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب عندي سؤال (الجزء الثاني)

11- هل يمكن أن يسمح الله كأب حنون بعذاب الجحيم القاسي للأشرار؟ وهل لا يتعارض ذلك مع أبوته الحانية؟


السؤال الحادي عشر

هل يمكن أن يسمح الله كأب حنون بعذاب الجحيم القاسي للأشرار؟ وهل لا يتعارض ذلك مع أبوته الحانية؟


الإجابة:

يرفض الأشرار حب الله وأبوته لهم. هم لا يعتبرون وجوده في حياتهم، فلا يخضعون لوصاياه، ولذلك يفصلون أنفسهم عنه وَيُصِرون على ذلك، وبالتالي يفقدون علاقتهم بالله تمامًا فلا يصيرون أبناء له، بل يعادونه ويقومون عليه، ولذلك هم يستحقون قضاء الله العادل. إنهم في ذلك يشبهون الغصن الذي انفصل عن الكرمة فَذَبُلَ ومات، ولا مفر من حرقه كقول الكتاب: "إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ خَارِجًا كَالْغُصْنِ، فَيَجِفُّ وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي النَّارِ، فَيَحْتَرِقُ". (يو15: 6).

لقد أختار هؤلاء الأشرار -بإرادتهم الحرة- على مدى سنوات عمرهم، وحتى النفس الأخير الخروج خارج دائرة حب الله ورعايته، وأحبوا الظلمة أكثر من النور؛ فتأهلوا لهذا العذاب القاسي بجدارة، وفيما يلي نشرح ذلك تفصيلًا:



أولا: الله هو الأب الحقيقي، ولكنه ليس أبًا للأشرار:
ليست البنوة علاقة نسب جسدية فقط ولكنها أسمى من هذا بكثير. وفيما يلي بعض لمحات عن هذه العلاقة العجيبة:



· هي علاقة ورباط ووحدة الأب بابنه:
يرى الأب نفسه في ابنه؛ لأنه هو ذريته، وامتداده الطبيعي، ولهذا فهو يقبله كنفسه، ويفرح به. إن أعظم حب يمكن أن يدركه البشر هو حب الأب لابنه (أو ابنته). لقد أعلن الأب في مثل الابن الضال لابنه الأكبر - المتذمر عليه - عن ذلك حينما نسب لابنه كل ما له قائلًا: "فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ أَنْتَ مَعِي فِي كُلِّ حِينٍ، وَكُلُّ مَا لِي فَهُوَ لَكَ." (لو15: 31).


· البنوة قبول، واعتراف:
إن معاملة البنين تختلف تمامًا عن معاملة العبيد، الذين يُقهرون، ويُذلون ليخضعوا لسادتهم صاغرين. أما معاملة الأبناء فتختلف تمامًا عن ذلك، فليس من الحب أن يقهر الأب ابنه، بل ينصحه ويبذل أقصى جهد ليبعده عن ضرر نفسه، لكنه في ذات الوقت يحترم حريته. أما الابن فيجب عليه قبول أبوة والده، والاعتزاز بانتمائه له، وأيضًا الخضوع له في حب. لقد حكى الرب لنا في مثل الابن الضال عن ابنٍ عاص ومعاند، ومع ذلك لم يقهره أبوه بل احترم حريته، لم يمنع الأب عطاياه عن ابنه في هذا المثل كقول الرب بفمه المبارك: "... إِنْسَانٌ كَانَ لَهُ ابْنَانِ. فَقَالَ أَصْغَرُهُمَا لأَبِيهِ: يَا أَبِي أَعْطِنِي الْقِسْمَ الَّذِي يُصِيبُنِي مِنَ الْمَالِ. فَقَسَمَ لَهُمَا مَعِيشَتَهُ. وَبَعْدَ أَيَّامٍ لَيْسَتْ بِكَثِيرَةٍ جَمَعَ الابْنُ الأَصْغَرُ كُلَّ شَيْءٍ وَسَافَرَ إِلَى كُورَةٍ بَعِيدَةٍ، وَهُنَاكَ بَذَّرَ مَالَهُ بِعَيْشٍ مُسْرِفٍ" (لو15: 11- 13).



· مخاطر تهدد كيان البنوة:
كلما قبل الابن طبيعة وشخصية أبيه وتوافق معه، واعتز به كلما اعتز الأب بابنه، وتقرب إليه وارتبطا ببعضهما البعض، والعكس صحيح كلما رفض الابن طبيعة وشخصية أبيه كلما تألم الأب، وأحس بتغرب ابنه عنه، وذلك كقول الرب عن عدم انتماء الأشرار من بني إسرائيل لإبراهيم أب الآباء "... لَوْ كُنْتُمْ أَوْلاَدَ إِبْرَاهِيمَ، لَكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ إِبْرَاهِيمَ! أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالًا لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَق..." (يو8: 39- 44).



· انفصال الابن عن أبيه هو موت من حياته:
يأتي وقت ينشق ويقوم فيه الابن على أبيه نتيجة لإصراره على المخالفة، والعصيان، فينفصل عنه، ويموت من حياته كما ينفصل العضو الميت من الجسد الحي فيبكي أبوه عليه بمرارة قلب، ولكنه لا يقدر أن يضم ذلك العضو الميت له كما وصف الأب حال ابنه بعد رجوعه في مثل الابن الضال قائلًا عنه: "لأَنَّ ابْنِي هذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالًا فَوُجِدَ..." (لو15: 24).



· استحالة قبول الابن الشرير:
إن اعتراف الأب بابنه وضمه إليه وهو مصرٌ على عصيانه وشره هو تنازل عن الحق، ومشاركة وقبول للفساد الذي يحيا فيه الابن، وهذا هو المستحيل بعينه بالنسبة للآباء الأبرار، وبالأحرى لله القدوس، الذي لا ولن يتخلى عن قداسته أبدًا كقول الكتاب: "... إِنْ كُنَّا نُنْكِرُهُ فَهُوَ أَيْضًا سَيُنْكِرُنَا. إِنْ كُنَّا غَيْرَ أُمَنَاءَ فَهُوَ يَبْقَى أَمِينًا، لَنْ يَقْدِرَ أَنْ يُنْكِرَ نَفْسَهُ." (2تي2: 12- 13).



· النتيجة الحتمية:
إن الابن الشرير يتغرب عن أبيه، ويموت عنه، فيلفظه أبوه ولا يعترف به كابن، وهذا ما سيسمعه الأشرار في اليوم الأخير من فم الرب القائل: "... أَقُولُ لَكُمْ: لاَ أَعْرِفُكُمْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمْ، تَبَاعَدُوا عَنِّي يَا جَمِيعَ فَاعِلِي الظُّلْمِ!" (لو13: 27).

إن هذا يشبه ما هو حادِث مع البشر في حياتهم المادية، فالآباء يحتملون أبناءهم كثيرًا، ولكن مع استمرارية رفض الأبناء الخضوع لآبائهم، وعصيانهم لهم باستمرار يأتي وقت يصرخ فيه الآباء في وجوه أبنائهم قائلين " لا أنت ابني ولا أعرفك". إنه ليس بأمر هين على الأب أن يفعل ذلك، ولكنه اختيار وقرار وإصرار الابن على الموت من حياة أبيه. إن مثال ذلك لفظ جهاز المناعة في الجسد البشري لعضو زرعه الأطباء، ولكنه لا يتوافق مع خلايا الجسد. إن لفظ الأشرار من بنوتهم لله أمرًا واقعًا لا يمكن تفاديه، ما داموا لا يقبلون أبوة آبائهم، وهذا ما قرره الله على فم معلمنا بولس بقوله لأهل كورنثوس: "لا تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ وَأَيُّ اتِّفَاق لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟ وَأَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟" (2كو6: 14- 15). فكيف يقبلهم الله ويضمهم إليه وهم أشرار؟!!!

  رد مع اقتباس
قديم 30 - 11 - 2021, 08:14 PM   رقم المشاركة : ( 15 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,619

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب عندي سؤال (الجزء الثاني)



ملاحظة:

لفظ الأشرار وانفصالهم عن الله مصدر الحياة هو عينه فقدانهم للملكوت وأيضًا هلاكهم الأبدي بعذابه القاسي (كما شرحنا ذلك في السؤال السابق نرجو الرجوع إليه).


ثانيًا: تطبيق عملي:
سجل لنا الكتاب المقدس في سفر صموئيل الثاني من الفصل الثالث عشر وحتى السابع عشر أحداث شر، وهلاك أبشالوم ابن الملك داود، والذي قام على أبيه، وأراد قتله. إنه من المفيد جدًا أن نستعرض هذه القصة المؤسفة، والتي من خلالها يتضح جليًا ما يلي:

· أضمر أبشالوم شرًا، وخطط بمكر لقتل أخيه أمنون: لقد استأذن أبشالوم الملك أباه في دعوة كل إخوته بما فيهم أمنون لوليمة قد أعدها، ثم أوصى عبيده بقتل أخيه أمنون، ثم هرب بعد ذلك خارج أرض إسرائيل.

· أبشالوم يسيء لصديقه يوآب قائد الجيش: فقد توسط يوآب لرجوع أبشالوم من غربته وللعفو عنه وبالفعل عفا عنه أبوه، ولكنه اشترط عليه ألا يأتي إلى القصر الملكي -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى- ولكن أبشالوم بعد فترة من الزمن بعث ليوآب لكي يتوسط له في عودته للقاء أبيه الملك، ولما تأخر يوآب في المجيء إليه كافئه عن معروفه له بحرق حقله. وبالفعل عاد يوآب وتوسط له في لقاءه أبيه ومسامحة أبيه له.

· أبشالوم يستخدم والمكر والالتواء أداة لشره: استخدم أبشالوم المكر لاستمالة الشعب له، وتأليب نفوسهم على أبيه الملك داود. لقد أحاط نفسه بمظاهر العظمة الخارجية لكي يبدو في أعين الشعب أعظم من أبيه الملك؛ فاتخذ لنفسه مركبة تجرها خيول وخمسون رجلًا يجرون أمامه. كان أبشالوم يقف كل يوم مستقبلًا رعايا الملك، الذين يأتون ليفصل لهم أبوه الملك في شكواهم وقضاياهم، فيٌظهر اهتمامه الكاذب بهم قائلًا لكل من له شكوى: "...انْظُرْ. أُمُورُكَ صَالِحَةٌ وَمُسْتَقِيمَةٌ، وَلكِنْ لَيْسَ مَنْ يَسْمَعُ لَكَ مِنْ قِبَلِ الْمَلِكِ». ثُمَّ يَقُولُ أَبْشَالُومُ: «مَنْ يَجْعَلُنِي قَاضِيًا فِي الأَرْضِ فَيَأْتِيَ إِلَيَّ كُلُّ إِنْسَانٍ لَهُ خُصُومَةٌ وَدَعْوَى فَأُنْصِفَهُ؟". (2صم15: 3-4).

· أبشالوم العاصي والمخالف: ظل أبشالوم يعلق قلوب الشعب به، وعندما أطمأن لاستمالة عدد كبير من الشعب أعلن العصيان على أبيه بل العداء له. لقد كون جيشًا وأعلن نفسه ملكًا مكان أبيه.

· أبشالوم الشرير يظهر شره ودنسه: اعتدى على زوجات (سراري) أبيه علانية ليؤكد عداءه الشديد لأبيه فتتشدد قلوب تابعيه معه ضد أبيه.

· أبشالوم القاتل يطلب القضاء على أبيه: قرر وشرع في قتل أبيه، وحاول أيضًا إبادة الشعب المخلص المرافق لأبيه، والذين كان قد تركوا مدينة أورشليم في سلام، تجنبًا لإراقة الدماء، وتفاديًا للشر الذي كان أبشالوم مصممًا عليه.



محبة داود لأبشالوم، والتي لم تسقط أبدًا:
لقد تمسك داود بمحبته لابنه أبشالوم إلى النهاية، وذلك يتضح مما يلي:

1. غفران داود لأبشالوم، وقبول رجوعه بعد قتله لأخيه، وهربه ثم قبول وساطة يوآب برفع الحظر عن مجيئه للملك.

2. ترك له أبوه حرية ليتصرف حسبما شاء، ولكنه استغلها بمكر لتأليب نفوس الرعية على أبيه.

3 هرب الملك وترك أورشليم مدينة الملك لابنه طالبًا سلامة ابنه أبشالوم، ومن معه.

4. عندما تتبع أبشالوم أباه طالبًا أذيته أوصى قواد جيشه، لكي لا يمد أحد يده بسوء لابنه قائلًا في تأثر شديد: "... تَرَفَّقُوا لِي بِالْفَتَى أَبْشَالُومَ». وَسَمِعَ جَمِيعُ الشَّعْبِ حِينَ أَوْصَى الْمَلِكُ جَمِيعَ الرُّؤَسَاءِ بِأَبْشَالُومَ." (2صم 18: 5).

5. بكى الملك بشدة في تأثر بالغ على ابنه الذي كان يطلب قتله عندما عرف خبر موته.



حتمية هلاك أبشالوم:
أخيرًا كان هلاك أبشالوم أمرًا حتميًا لا مفر منه، لأنه قام على الحق، وعلى أبيه، وعلى مملكة أبيه. أراد أبوه نجاته من الهلاك المحقق، لكن أوان النجاة كان قد مضى بإقامته من نفسه عدوًا للحق، الذي كان لا مفر من انتصاره. لقد كان لابد أن يتم أمر من اثنين وهما: إما انتصار الشر الذي أضمره الشرير أبشالوم، وذلك بإبادة المملكة البارة، وعلى رأسها هذا الملك البار، أو انتصار الحق بهلاك الشرير بشره، وبالطبع كان لابد أن تكون النصرة في جانب الحق؛ لأنه الأقوى، ولا وجه للمقارنة.

الخلاصة:
إن أبشالوم يمثل كل معاند شرير يقوم على الله أبيه معلنًا العداء له، ولكن الحق لابد أن ينتصر، وسيباد كل شرير من مملكة الله؛ لأنها مملكة الحق الذي لا شر فيه.

  رد مع اقتباس
قديم 30 - 11 - 2021, 08:15 PM   رقم المشاركة : ( 16 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,619

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب عندي سؤال (الجزء الثاني)

12- هل مجازاة الأشرار أبدية فيظل الأشرار يعاقبون دون شفقة إلى أبد الآبدين؟!! وهل لا يعتبر ذلك قسوة من الله الحنون؟


السؤال الثاني عشر

هل مجازاة الأشرار أبدية فيظل الأشرار يعاقبون دون شفقة إلى أبد الآبدين؟!! وهل لا يعتبر ذلك قسوة من الله الحنون؟



الإجابة:

إن دينونة الله تعبر عن عدالته. أما العدالة فهي لا تعرف رخاوة. هي حادة، وحازمة، ولابد أن تنفذ، وإلا تكون قد فقدت معناها. قد تتأخر عدالة الله تاركة فرصة لتوبة المخطئ، لعله يستفيد من رحمة الله، ولكن للرحمة والتوبة زمن. أما حينما ينتهي زمن التوبة أو الرحمة، فلا مفر من الدينونة، وإن كان الرب قد سبق فأعلن عن شدة العقاب الأبدي، فعلى من يدرك ذلك أن يتوب متمتعًا بغنى مراحم الله، ولكن دعونا نشرح ذلك تفصيلًا من خلال النقاط التالية:



أولًا: الأبدية هي الدوام والثبات:
إن حالة الإنسان الروحية واتجاهات قلبه وقت انتقاله من الحياة الدنيا تحدد وضعه في الأبدية، فإما أن يتمتع بالنعيم الدائم، أو يتألم معذبًا في هلاك أبدي دون خلاص. لقد أكد الحكيم في سفر الجامعة ذلك قائلًا: "... وَإِذَا وَقَعَتِ الشَّجَرَةُ نَحْوَ الْجَنُوبِ أَوْ نَحْوَ الشَّمَالِ، فَفِي الْمَوْضِعِ حَيْثُ تَقَعُ الشَّجَرَةُ هُنَاكَ تَكُونُ." (جا11: 3). سيُكلل الأبرار في الأبدية بإكليل البر أي: سيمنحهم الله طبيعة جديدة غير قابلة للسقوط في الخطية، وهذا قد أكده القديس بولس الرسول بقوله: "وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا." (2تي4: 8).

ثانيًا: الموت هو انتهاء الفرصة لنوال الخلاص:
الوجود في حالة الجسد هو الفرصة المعطاة للإنسان لاختيار وتحديد موقفه من الحياة، أو الموت (الخلاص). قد أكد الكتاب المقدس أنه لا يوجد في الأبدية فرصة أخرى للخلاص قائلًا: "اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ الْيَوْمَ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْخَيْرَ، وَالْمَوْتَ وَالشَّرَّ، " (تث 30: 15). وفيما يلي بعض من هذه التأكيدات:

· الخروج من الجسد المادي سماه الرب رقادًا، ومن الواضح أن الرب أراد تشبيه الموت بالليل؛ لأن الليل يأتي بانتهاء ساعات النهار، وينهي فترة عمل الإنسان، وفيه أيضًا يرقد الإنسان دون نشاط أو عمل. لقد أراد الرب بهذا التشبيه تأكيد حقيقة عدم إمكانية أي عمل روحي في الأبدية. ويمكننا أن نستنتج من ذلك عدم إمكانية تغيير اتجاهات قلب الإنسان من الشر للخير والعكس أيضًا صحيح، وذلك بحسب قول الرب عن فترة تجسده: "يَنْبَغِي أَنْ أَعْمَلَ أَعْمَالَ الَّذِي أَرْسَلَنِي مَا دَامَ نَهَارٌ. يَأْتِي لَيْلٌ حِين لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ." (يو9: 4).

· أكد الرب في مثل لعازر والغني عدم وجود فرصة بعد الموت لتغير موقف البشر من الخير أو من الشر بحسب قول أب الآباء إبراهيم: "وَفَوْقَ هذَا كُلِّهِ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ هُوَّةٌ عَظِيمَةٌ قَدْ أُثْبِتَتْ، حَتَّى إِنَّ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْعُبُورَ مِنْ ههُنَا إِلَيْكُمْ لاَ يَقْدِرُونَ، وَلاَ الَّذِينَ مِنْ هُنَاكَ يَجْتَازُونَ إِلَيْنَا." (لو16: 26). لقد شبه الكتاب استحالة تغيير وضع الإنسان من العذاب إلى النعيم بهوة عظيمة لا يمكن عبورها، ولتأكيد نفس المعنى وصفها بتعبير قد أثبتت أي يستحيل عبورها.

· يؤكد الكتاب في مثل العذارى الحكيمات والجاهلات -الذي يمثل يوم الدينونة- نفس المفهوم في عبارة قاطعة، وهي: "قد أُغِلقَ الباب"، والمقصود هو انتهاء فرصة الاستعداد للعذارى الجاهلات لحضور العرس، وذلك بالرغم من صراخهن طالبين فرصة أخرى للاستعداد قائلات: "...أَعْطِينَنَا مِنْ زَيْتِكُنَّ فَإِنَّ مَصَابِيحَنَا تَنْطَفِئُ."، ولكن أَجَابت الحكيمات قَائِلاتٍ: "لَعَلَّهُ لاَ يَكْفِي لَنَا وَلَكُنَّ، بَلِ اذْهَبْنَ إِلَى الْبَاعَةِ وَابْتَعْنَ لَكُنَّ."، ويخبرنا المثل عن انتهاء الفرصة تمامًا بقوله: "وَفِيمَا هُنَّ ذَاهِبَاتٌ لِيَبْتَعْنَ جَاءَ الْعَرِيسُ، وَالْمُسْتَعِدَّاتُ دَخَلْنَ مَعَهُ إِلَى الْعُرْسِ، وَأُغْلِقَ الْبَابُ. أَخِيرًا جَاءَتْ بَقِيَّةُ الْعَذَارَى أَيْضًا قَائِلاَتٍ: يَا سَيِّدُ، يَا سَيِّدُ، افْتَحْ لَنَا! فَأَجَابَ وَقَالَ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ: إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ." (مت25: 10- 12).

· إن زمن المسامحة والغفران هنا على الأرض فقط، لأن التوبة لها وقت، أو زمان، وهو نهار عمر الإنسان، لأنها تحتاج لإيمان ولعمل، ذلك العمل هو... رفض الشر... والندم على الخطية... وقبول نعمة الله، وعمل الروح القدس في الإنسان... وأيضًا الجهاد الروحي والتغصب، وكل هذا لا مجال لإتمامه إلا أثناء النهار أي: أثناء حياة الناس على الأرض. لقد أكد الوحي الإلهي هذا المفهوم لشعب إسرائيل على فم إشعياء النبي بقوله: "أَمَّا مِنْ جِهَةِ إِسْرَائِيلَ فَيَقُولُ: «طُولَ النَّهَارِ بَسَطْتُ يَدَيَّ إِلَى شَعْبٍ مُعَانِدٍ وَمُقَاوِمٍ». (رو 10: 21).
ن، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

ثالثًا: مجازاة الأشرار أمر لا مفر منه:
إن مجازاة الأشرار أمر حتمي يتعلق بمصداقية الله، وأمانته بل أيضًا واجب لأُلوهيته. في النقاط التالية نشرح ذلك بشيء من التفصيل:



· عدالة الله المطلقة:
عدالة الله تقتضي مجازاة الأشرار دون النظر لشخصية وانتماءات هؤلاء الأشرار، وهذا شيء منطقي، ولعلنا نتساءل هل قانون أي دولة أو مملكة يَستثني أبناء القضاة من تطبيق أحكام القانون عليهم في حالة مخالفتهم؟! إنها العدالة، التي لا تعرف مجاملة، أو مشاعر. لقد مُثلت العدالة بتمثال لامرأة (معروف عن المرأة قوة مشاعرها)، ولكنها معصوبة العينين بغطاء سميك (لا تريد أن تنساق وراء عواطفها فتضل عن الحق)، وفي إحدى يديها ميزان العدالة والحق، وفي اليد الأخرى سيف تقتص به للحق. إن الله هو القاضي العادل الذي ستمجده ملائكته لعدالته واستقامة قضائه في يوم الدينونة قائلين:"وَسَمِعْتُ مَلاَكَ الْمِيَاهِ يَقُولُ:«عَادِلٌ أَنْتَ أَيُّهَا الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَكُونُ، لأَنَّكَ حَكَمْتَ هكَذَا." (رؤ16: 5). لقد مجد الحكيم في سفر الأمثال عدالة قضاء ملوك الأرض بقوله: "فِي شَفَتَيِ الْمَلِكِ وَحْيٌ. فِي الْقَضَاءِ فَمُهُ لاَ يَخُونُ." (أم 16: 10).فكم تكون بالحري عدالة الله القدوس؟!



· مصداقية عدالة الله:
لا مفر من تطبيق العدالة، لأن المصداقية هي أهم صفة تميز العدالة، فإذا افترضنا أن هناك قاضٍ يتراجع عن أحكام سبق وأصدرها، بحجة التسامح والرقة، فهل يصلح أن يسمى قاضيًا؟! إن أقل ما يوصف به هو الخيانة للحق وللعدالة، والتي انعدمت على يديه. لقد ذكر لنا سفر دانيال أن أوامر ملك مادي وفارس لا تنسخ (أي لا تراجُع عنها) قائلًا: "فَثَبِّتِ الآنَ النَّهْيَ أَيُّهَا الْمَلِكُ، وَأَمْضِ الْكِتَابَةَ لِكَيْ لاَ تَتَغَيَّرَ كَشَرِيعَةِ مَادِي وَفَارِسَ الَّتِي لاَ تُنْسَخُ".(دا6: 8). فهل يتراجع الله ذو الجلال عن أحكامه؟!



· للتوبة والرحمة وقت:
لابد من وقت يغلق فيه باب التوبة ليأتي دور العدالة؛ لأنه لو ظل باب التوبة مفتوحًا على الدوام لن يكون هناك عدالة إطلاقًا. وهل من المعقول أن يطلب تلميذ من ممتحن أن يترك له ورقة الإجابة دون تحديد وقت لانتهاء الامتحان، أو حسبما شاء هو بحجة الرأفة به؟! إن الله يقبل التائبين، ولكن لابد من غلق باب التوبة أمام الأشرار في وقت ما يحدده الله، وهذا الوقت يأتي بانتهاء زمن حياتهم الأرضية، وأيضًا بانتهاء العالم (بالنسبة للبشرية جمعاء). لقد أكد الرب على مجيئه الأكيد للمجازاة، وانتهاء زمن التوبة قائلًا: "مَنْ يَظْلِمْ فَلْيَظْلِمْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ نَجِسٌ فَلْيَتَنَجَّسْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ بَارٌّ فَلْيَتَبَرَّرْ بَعْدُ. وَمَنْ هُوَ مُقَدَّسٌ فَلْيَتَقَدَّسْ بَعْدُ». «وَهَا أَنَا آتِي سَرِيعًا وَأُجْرَتِي مَعِي لأُجَازِيَ كُلَّ وَاحِدٍ كَمَا يَكُونُ عَمَلُهُ." (رؤ22: 11- 12).



· نكسة للحق:
قبول الأشرار في ملكوت السماوات في اليوم الأخير هو نكسة للحق وللخير، وكارثة وخيبة أمل للأبرار، الذين عانوا كثيرًا من شر الأشرار، بل قتلوا ظلمًا، وهم الآن منتظرون عدالة السماء في الفردوس كقول القديس يوحنا الحبيب: "وَصَرَخُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ:«حَتَّى مَتَى أَيُّهَا السَّيِّدُ الْقُدُّوسُ وَالْحَقُّ، لاَ تَقْضِي وَتَنْتَقِمُ لِدِمَائِنَا مِنَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ؟". (رؤ6: 10). فما هي مشاعرهم إذا جاءت ساعة العدالة، فَوَجَدوا ظالميهم أمام أعينهم، وقد أفلتوا من العدالة، ونالوا النعيم الأبدي معهم ألا يعتبر ذلك عذاب وتعاسة وخيبة أمل لنفوس هؤلاء الأبرار؟!!



· استحالة مسامحة الأشرار، أو تبريرهم:
لأن ذلك يترتب عليه قبولهم في شركة ومملكة الله المقدسة، والتي سيحيا أعضائها كجسد واحد في قداسة، ودون قابلية للخطية (لأننا سنلبس إكليل البر) بحسب قول معلمنا يوحنا الرائي: "وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا:«هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا، وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهًا لَهُمْ." (رؤ21: 3). فكيف يمكن أن يسمح الله بشركة للأشرار مع الأبرار داخل أورشليم السمائية مع أن الكتاب يستنكر حدوث ذلك على الأرض قائلًا: "لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟" (2كو6: 14).



· استحالة عيش الأشرار غير التائبين في الملكوت:
لقد علمنا الوحي الإلهي أن الشرير غير التائب حتى ولو رحمه الله سيظل كما هو في شره، بل أيضًا لن يستمتع بالوجود في حضرة الله. إن هذا هو المتوقع أن يحدث من الأشرار، حتى ولو افترضنا جدلًا أن الله رحمهم بعد انتهاء زمن إمكانية التوبة بحسب قول إشعياء النبي: "يُرْحَمُ الْمُنَافِقُ وَلاَ يَتَعَلَّمُ الْعَدْلَ. فِي أَرْضِ الاسْتِقَامَةِ يَصْنَعُ شَرًّا وَلاَ يَرَى جَلاَلَ الرَّبِّ." ( إش26: 10).


رابعًا: قسوة ما ينتظر الأشرار من عقاب أبدي:


· هي النتيجة الطبيعية لفقدانهم نعمة الله المتناهية الغنى:
مَن يفقد غِنى الله غير المتناهي لابد أن يعاني من فقر شديد جدًا، وذلك كمن سقط من طائرة على ارتفاع شاهق جدًا فهوى منحطًا إلى أسفل السافلين. لقد غابت عنه شمس الحياة فعمته ظلمة الموت.



· طبيعة الموت الأبدي:
إذا افترضنا جدلًا خروج الكرة الأرضية من مجال تأثير نجم الشمس عليها نهائيًا، عندئذ ستهبط درجة حرارتها بطريقة درامية ليعم الموت كل الأحياء. بعد أن أصبحت الأرض كرة مظلمة من الجليد. إن شدة أو قسوة عذاب الأشرار في الأبدية يرجع سببها لغياب شمس البر بنورها الحقيقي ودفء حياتها، وأيضًا عظمة النعيم الأبدي أيضًا يرجع لنفس السبب، وهو تَمَتُع الأبرار بسكناهم مع الله النور الحقيقي واهب الحياة. إن الفرق شاسع جدًا ولا يمكن المقارنة بين الحالتين. لقد وصف الكتاب الظلمة (الموت) بالخارجية ليشير إلى الحرمان من الوجود في حضرة الله والتمتع بنعمته قائلًا: "وَالْعَبْدُ الْبَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ." (مت25: 30). نعم أن ما سيحل بالأشرار من عذاب قاسٍ جدًا، وكيف لنا أن نجمل الموت الأبدي. بل إنه بالحقيقة أبشع من أي تصور.



· شدة جرم المخطئ تجلب عليه عقوبة أشد:
إن رفض الخلاص المقدم من الله يستحق عقابًا شديدًا لقد دفع الرب ثمنًا باهظًا ليخلصنا، ولذلك يستحق كل من رفض التوبة والنعمة المقدمة له بغفران خطاياه عقابًا شديدًا، لأنه ازدرى بدم ابن الله كقول الكتاب: "فَكَمْ عِقَابًا أَشَرَّ تَظُنُّونَ أَنَّهُ يُحْسَبُ مُسْتَحِقًّا مَنْ دَاسَ ابْنَ اللهِ، وَحَسِبَ دَمَ الْعَهْدِ الَّذِي قُدِّسَ بِهِ دَنِسًا، وَازْدَرَى بِرُوحِ النِّعْمَةِ؟" (عب 10: 29). ولكن يجب ملاحظة أن عقاب الله للأشرار يختلف بحسب عدالة الله التي ستجازي الأشرار بحسب رداءة شرهم، كل منهم بحسب فظاعة شره كقول الرب: "... إِنَّ صُورَ وَصَيْدَاءَ تَكُونُ لَهُمَا حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالًا يَوْمَ الدِّينِ مِمَّا لَكُمَا.". (مت11: 22). مع العلم بإن طبيعة عذاب النار غير معروفة لأن الأجساد في الأبدية ليست مادية.



· أنت بلا عذر أيها الإنسان:
يعترض البعض على شدة العقاب ولا يعترضون على سعادة، وهناءة النعيم الأبدي. إن ذلك قد يوحي لنا بأنهم قد اختاروا الهلاك الأبدي، ولذلك يريدون أن يخَففوه على أنفسهم. لماذا لا يختارون النعيم الأبدي بدلًا من الهلاك الذي يخافونه، وذلك بالتأكيد متاح لهم كوعد الرب: "لاَ تَخَفْ، أَيُّهَا الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ." ( لو12: 32). حينئذ لن يخافوا كنصيحة معلمنا بولس الرسول لمن يخالف سلطان ملوك الأرض:"فَإِنَّ الْحُكَّامَ لَيْسُوا خَوْفًا لِلأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بَلْ لِلشِّرِّيرَةِ. أَفَتُرِيدُ أَنْ لاَ تَخَافَ السُّلْطَانَ؟ افْعَلِ الصَّلاَحَ فَيَكُونَ لَكَ مَدْحٌ مِنْهُ" (رو13: 3).



· لابد أن يكون العقاب رادعًا:
إن لم يكن عقاب الشرير المصر على خطئه رادعًا فلا فائدة منه. إن المخافة شيء نافع للبشر كقول الرب "بَلْ أُرِيكُمْ مِمَّنْ تَخَافُونَ: خَافُوا مِنَ الَّذِي بَعْدَمَا يَقْتُلُ، لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يُلْقِيَ فِي جَهَنَّمَ. نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ: مِنْ هذَا خَافُوا!" (لو12: 5).



· لا حق للأشرار في الاعتراض:
إن مَنْ تعدى على شريعة الله ولم يعبأ بسلطانه لا حق له في الاعتراض، فالمنطق البشري يعلمنا أنه ليس من حق المتهم بجريمة ما، أن يتذمر أو يشتكي ذا السلطان، لأنه شرع عقوبة شديدة، لكن عليه بالأولى تبرير ذاته أمام المحكمة، (إن كان ذلك في مقدور محاميه). إذًا الأفضل والأنفع لنا نحن الخطاة أن نلتجئ إلى محامينا، والمدافع عنا الرب يسوع المسيح فادينا وشفيعنا، طالبين منه التبرير، واثقين في قدرته على ذلك كقول الكتاب: "مَنْ سَيَشْتَكِي عَلَى مُخْتَارِي اللهِ؟ اَللهُ هُوَ الَّذِي يُبَرِّرُ. مَنْ هُوَ الَّذِي يَدِينُ؟ اَلْمَسِيحُ هُوَ الَّذِي مَاتَ، بَلْ بِالْحَرِيِّ قَامَ أَيْضًا، الَّذِي هُوَ أَيْضًا عَنْ يَمِينِ اللهِ، الَّذِي أَيْضًا يَشْفَعُ فِينَا." (رو8: 33- 34).


· تحذير:
أخيرًا نحذر من ضرر إشاعة فكر عدم إمكانية تنفيذ الله لهذا العقاب القاسي بدعوى أبوته وحنانه؛ لأن وراء هذا الفكر الخدّاع طمأنينة كاذبة تؤدي للاستهتار بالخطية، والنتيجة المؤكدة هلاك أبدي؛ لأن كلام الله صادق وسيتم في حينه بحسب قول الوحي الإلهي: "اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ" (مت24: 35).
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 11 - 2021, 08:16 PM   رقم المشاركة : ( 17 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,619

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب عندي سؤال (الجزء الثاني)

13- هل من حكمة وراء ما تعانيه البشرية من أتعاب وأوجاع وآلام كثيرة؟


السؤال الثالث عشر

هل من حكمة وراء ما تعانيه البشرية من أتعاب وأوجاع وآلام كثيرة؟

الإجابة:

الألم والتعب شوكة في جسد البشرية لم يكن يريدها الله لنا، ولا نظن أن أحدًا من أبناء البشر يرحب بالألم، ولكن الخالق قد سمح به لحكمة ما، ولكي ندرك الحكمة من وراء الألم علينا أن نتخيل العالم بدون التعب أو الألم. في النقاط التالية نتأمل التأثير الإيجابي للألم في حياة البشر.



أولًا : الألم جرس ينذرُ بخطر مسبب له:
الألم الجسدي إمكانية وهبها الله للإنسان هدفها تلافي خطورة ما وراء هذا الألم، من خطر، ومعروف في علم الفسيولوجي (وظائف الأعضاء) أنه حينما يفاجئ شخص ما بوخزه بدبوس في يده أو رجله يحدث رد فعل، وذلك بإبعاده ليده أو لرجله عن المصدر المسبب للألم، وهذا ما يسمى رد الفعل الانعكاسي للألم (reflex arc). إذًا وراء الألم الجسدي حكمة وفائدة عظمى.

تطبيق عملي:
عندما يفقد الإنسان الإحساس بالألم في أجزاء من جسمه، في بعض الحالات المرضية (القدمين في بعض حالات مرض السكر) قد يتعرض المريض لجرح أو حرق في قدميه دون أن يشعر، وقد تسوء حالة هذا الجرح، والمريض لا يشعر لفقدانه الإحساس بالألم، ولذا يسعى أمثال هؤلاء المرضى في البحث عن علاج يحافظ لهم على سلامة إحساسهم بالألم. إن الآلام ضرورة للبشر الضعفاء ذوي الأجساد المادية وفي النقاط التالية نشرح تلك الضرورة:

· الألم يضمن للمتألم جدية البحث عن ما وراء ذلك الألم: يمكننا تطبيق نفس النمط السابق على الكثير من أنواع الآلام سواء جسدية أو نفسية أو معنوية أو روحية، وحينئذ سنتطلع للكثير من أنواع الألم، وكأنها نظام إنذار للتنبيه (منبه) عن خطر قائم بالفعل. إن استمرار الإحساس بالألم يضمن للمتألم جدية البحث عن ما وراء ذلك الألم من خلل، أو خطأ مسبب له ومعالجته، وعندئذ يتوقف الألم بعدما يكون قد أدى دوره العظيم.



مثال:

تألم الابن الضال بالجوع والوحدة، والخزي، وصار يشتهي طعام الخنازير، ولكن هذه الآلام كانت الدافع الأساسي في رجوعه إلى نفسه وتوبته بحسب قوله: "فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ وَقَالَ: كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعًا! أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِي، أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ " (لو: 15: 17- 18).



· البحث عن أسباب آلام الأسر والمجتمعات والشعوب ضرورة:
يصيب الألم الأفراد والجماعات، وكل خلل وراءه ألم، فالاضطرابات النفسية للأبناء قد يكون وراءها عدم محبة الوالدين لبعضهما البعض، وكثرة الفقراء والمشردين في الشوارع -في بلد ما- قد يكون وراءه جشع الأغنياء، وأنانية الناس، أو فساد المسئولين و... و... وهكذا. إن على الأسر والعائلات والمجتمعات والدول، بل وعلى العالم أجمع الاجتهاد لمعرفة مسببات ما يصيبهم من آلام لعلهم يتخلصون من الداء فتزول عنهم المعاناة.



· خبرة الألم تُعَلِم الحرص:
يختبر الإنسان الألم من طفولته، ويتعلم تلقائيًا الابتعاد عن أي مصدر للألم، لأن الألم له معاناته. لذلك يستغل الوالدان والمعلمون والمسئولون خبرة معاناة الألم في توظيفها للإنذار، وللتحذير من فعل الشر.


· الكتاب المقدس يوظف خبرة الألم للتحذير من الشرور:
إن الكتاب مليء بالكثير من أمثال هذه التحذيرات، والتي نذكر منها على سبيل المثال قوله:

1. "لأَنَّ شَفَتَيِ الْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ تَقْطُرَانِ عَسَلًا، وَحَنَكُهَا أَنْعَمُ مِنَ الزَّيْتِ، لكِنَّ عَاقِبَتَهَا مُرَّةٌ كَالأَفْسَنْتِينِ، حَادَّةٌ كَسَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ." (أم5: 3- 4).

2. وقوله عن أمة اليهود: "يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ... وَلَمْ تُرِيدُوا! هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا." (مت23: 37- 38).

3. وأيضًا قوله عن الأشرار، وما ينتظرهم من آلام، وعذاب، أو عقاب أبدي: "وَالْعَبْدُ الْبَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ." (مت 30:25).

فإذا تخيلنا فرضًا عدم خبرة البشر بالألم، فكيف كنا سنحذر، أو ننذر الناس من الشرور المؤلمة المهلكة؟! وهل كان ممكنًا أن يستجيب الناس للتحذير من خطورة الشر دون أن يدركوا ما سيعانونه من آلام منتظرة وراء شرورهم؟!



· يكف الناس عن شرورهم وخطاياهم أثناء معاناتهم:
يحتل الألم المرتبة الأولى من اهتمام المتألمين، ويتخلص كثيرون من المتألمين من الضعفات، والرذائل أثناء معاناتهم، وذلك بحسب قول الكتاب: "فَإِذْ قَدْ تَأَلَّمَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا بِالْجَسَدِ، تَسَلَّحُوا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهذِهِ النِّيَّةِ. فَإِنَّ مَنْ تَأَلَّمَ فِي الْجَسَدِ، كُفَّ عَنِ الْخَطِيَّةِ" (1بط4: 1).


ثانيًا: خبرة الألم تدفعنا للإحساس بمعاناة المتألمين، والتفاعل معهم بالحب:


· الشعور بالآخرين:
أعطى الله الإنسان مشاعر وأحاسيس الرحمة والرأفة تجاه إخوته من البشر، والتي تستمد فاعليتها من خلال خبرات ألم سابقة لتكون عونًا له على تقدير مشاعر الآخرين. إن خبرة الإنسان بالألم هي أعظم دافع للعطاء، وأيضًا لمشاركة المحتاجين للمعونة، وهذا ما أكده الكتاب عن الرب يسوع قائلًا: "لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّبًا يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ." (عب 2: 18).



· الخبرة العملية تشهد:
إن الرفاهية الكثيرة والتنعم يؤديان لنتائج سلبية سيئة، فإن افترضنا جدلًا انعدام هذه خبرة المشقة والتعب فالنتيجة الحتمية لذلك ستكون تزايد أنانية الإنسان، وعدم اكتراثه بالغير، وبالتالي تفكك الأسر والجماعات ومحبة الذات، وما سينتج عنه من انتشار الفساد لجسد البشرية.


ثالثاُ: احتمال الألم من أجل الآخرين فرصة عظيمة لإظهار الحب نحوهم:


· البذل ضرورة لإدراك حب المحبين:
يحتاج الإنسان للشعور بأنه محبوب، ومن المعروف للمتخصصين في علم النفس أن من لا يتمتع بالحب خصوصًا في طفولته لا يكون ذو نفس سوية، ولكن كيف يمكن للإنسان أن يدرك حب الآخرين له، دون أن يرى بذلهم واحتمالهم لأجله؟!



· الآلام من أجل الغير أعظم دليل على صدق حبنا لهم:
إن الحب يتأكد ويظهر جليًا في نفوس المحبوبين، عندما يتألم أحد بإرادته لأجل محبوبه. لقد أظهر الرب يسوع المسيح حبه العجيب لخليقته باحتماله الألم حتى الموت لأجلها كقول الكتاب: "لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ." (يو15: 13)، وأيضًا قوله: "وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا" (رو5: 8). فهل في غياب المشقات والأوجاع كان بإمكاننا التعبير عن حبنا لأحبائنا؟!



· الألم والوحدانية:
خلق الله الجسد من أعضاء كثيرة، ولكنه في وحدة واحدة، ولذلك عندما يتألم عضو ما في الجسد تتألم، وتتكاتف معه باقي الأعضاء كقول الكتاب: "فَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يَتَأَلَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَتَأَلَّمُ مَعَهُ. وَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يُكَرَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَفْرَحُ مَعَهُ ُ" (1كو12: 26). إن احتمالنا لأجل أحبائنا، ومشاركتنا لهم أتعابهم، وآلامهم تُوَحِدُنا معهم بالحب، فننصهر معهم في كيان واحد. وهذه هي الصفة الرئيسية للكنيسة، التي رأسها المسيح، الذي تألم لأجلها إلى المنتهى، وأفرادها هم أعضاء جسدها الذين يحملون آلام وأتعاب وأثقال بعضهم بعض بحسب قول الكتاب: "اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ، وَهكَذَا تَمِّمُوا نَامُوسَ الْمَسِيحِ" (غل6: 2).



· الآلام أعظم محرك للخير:
أعطى الله الإنسان إمكانيات كثيرة من عقل راجح خلاق مبدع يمكنه تذليل الكثير مما يعيق راحة وسلام أبناء البشر. لقد كانت آلام الناس دافع قوي على العمل المبدع الخلاق. وصار الألم، ومتاعب ومشقات الناس الشغل الشاغل للكثيرون من ذوي النفوس النبيلة، فاجتهدوا وبحثوا عن أسبابها ونجحوا في تأسيس مبادئ علوم الطب والأدوية والاجتماع و.. و.. وقدموا الشفاء لأتعاب وأوجاع إخوتهم المتألمين.


رابعًا: مدى احتمال الآلام للحفاظ على المبادئ، والمعتقدات يظهر قيمة، وأهمية هذه المعتقدات:


· قوة وفاعلية تأثير الألم:
يمس التعب والمشقة، والألم حياة الإنسان بطريقة مباشرة ومؤثرة، وذلك بعكس الأشياء المادية التي قد يخسرها، أو يتركها بني البشر طواعية فداءً عن أنفسهم كما قال الكتاب متعجبًا: "أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟" (مر8: 37).



· الاستهانة بالألم من أجل القيم:
حينما يبذل، أو يتألم الإنسان من أجل الله، أو من أجل أشخاص محبوبين، أو من أجل مبادئه، أو من أجل قيمه ، أو عقائده فهو في هذه الحالة يعطي ما تألم لأجله أولوية خاصة على نفسه، ويضع من تألم لأجله في أعظم مرتبة لديه. وهذا ما شهد به الكتاب المقدس عن آباء الإيمان الذين قيل عنهم: "... وَآخَرُونَ عُذِّبُوا وَلَمْ يَقْبَلُوا النَّجَاةَ لِكَيْ يَنَالُوا قِيَامَةً أَفْضَلَ." (عب11:35).



· الألم ثمن باهظ يعبر عن أعظم اختيار:
لقد وضع الله الحياة والموت أمام الإنسان، وطالبه باختيار الحياة الأبدية بحسب قوله: "أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ. قَدْ جَعَلْتُ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ. الْبَرَكَةَ وَاللَّعْنَةَ. فَاخْتَرِ الْحَيَاةَ لِكَيْ تَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُك" (تث 30: 19). إن احتمالنا المشقة والألم من أجل الله يؤكد اختيارنا للحياة الأبدية، بل ويُثَّبت ذلك الاختيار، وهذا ما طالبنا به معلمنا بطرس الرسول قائلًا:" لِذلِكَ بِالأَكْثَرِ اجْتَهِدُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْعَلُوا دَعْوَتَكُمْ وَاخْتِيَارَكُمْ ثَابِتَيْنِ. لأَنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذلِكَ، لَنْ تَزِلُّوا أَبَدًا" (2بط1: 10).



· الألم والتزكية:
أكد معلمنا بولس الرسول أهمية احتمال الألم والضيق في تزكية المؤمنين قائلًا: "وَلَيْسَ ذلِكَ فَقَطْ، بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضًا فِي الضِّيقَاتِ، عَالِمِينَ أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا، وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً" (رو5: 3- 4) وكلمة تزكية تعني الفوز بجدارة دون منافس. تعلمنا الحياة اليومية أن من يتعب للحصول على أمر ما يتمسك به أكثر منه إن لم يكن قد بذل لأجل ذلك الأمر.


خامسا: كثرة الآلام، وعموميتها من حولنا يجعل الإنسان يترجى الحياة الأبدية:
لقد شهد أب الآباء يعقوب عن كثرة أتعابه وآلامه أمام فرعون حين سأله عن سني حياته قائلا: "فَقَالَ يَعْقُوبُ لِفِرْعَوْنَ: «أَيَّامُ سِنِي غُرْبَتِي مِئَةٌ وَثَلاَثُونَ سَنَةً. قَلِيلَةً وَرَدِيَّةً كَانَتْ أَيَّامُ سِنِي حَيَاتِي، وَلَمْ تَبْلُغْ إِلَى أَيَّامِ سِنِي حَيَاةِ آبَائِي فِي أَيَّامِ غُرْبَتِهِمْ»(تك47: 9). لقد كان أبونا يعقوب يتطلع إلى وطن سماوي آخر، وهو يستحضر أيام حياته المملوءة بالشقاء، والتي وصفها بالغربة مؤملًا في الانتقال إلى وطن دائم، لا ألم ولا تعب فيه. وكثيرًا ما لوح لنا الكتاب المقدس بالأبدية السعيدة، التي لا تعب ولا ألم فيها، وما أعذب قول القديس يوحنا الرائي: "وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ" (رؤ21: 4).


سادسًا: تحدي الألم يعطي الفرصة لنوال الأمجاد:


· الرب يسوع سابق لنا في طريق الألم:
يمثل الألم أحيانًا تحديًا للإنسان، ومَن يغلبه يطلب المجد كسيده الرب يسوع الذي شهد الكتاب لكماله قائلًا: "وَلكِنَّ الَّذِي وُضِعَ قَلِيلًا عَنِ الْمَلاَئِكَةِ، يَسُوعَ، نَرَاهُ مُكَلَّلًا بِالْمَجْدِ وَالْكَرَامَةِ، مِنْ أَجْلِ أَلَمِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَذُوقَ بِنِعْمَةِ اللهِ الْمَوْتَ لأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ." (عب 2: 9).



· وسط الآلام يتلألأ القديسون:
تظهر فضائل القديسين بصورة بهية تجذب الكثيرين عند احتمالهم للآلام وذلك لأن كل الفضائل يظهر صدقها وحقيقتها عندما تصمد أمام الألم، ولهذا مدح الكتاب المتألمين قائلًا: "مَنْ هذِهِ الطَّالِعَةُ مِنَ الْبَرِّيَّةِ كَأَعْمِدَةٍ مِنْ دُخَانٍ، مُعَطَّرَةً بِالْمُرِّ وَاللُّبَانِ وَبِكُلِّ أَذِرَّةِ التَّاجِرِ؟" (نش3: 6). فالصبر لا وجود له بدون الأتعاب والمشقات، والمحبة ترتبط بالبذل، والاتضاع يدفع المتضعين للخدمة واحتمال مخدوميهم وهكذا..



· الألم والتحدي:
عندما تعترض المشقات والأتعاب طريق الإنسان يكون أمامه اختيارين، وهما: أما أن يثبت ويتمسك بكماله، أو يخشى الألم ويتراخى عن الحق فيهلك. لقد ضرب لنا الشهداء والمعترفون والقديسون أروع الأمثلة على الثبات، ولذلك حسب لهم تمسكهم وصبرهم بالوصايا الإلهية فضل كما قال الوحي الإلهي: "لأَنَّ هذَا فَضْلٌ، إِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ أَجْلِ ضَمِيرٍ نَحْوَ اللهِ، يَحْتَمِلُ أَحْزَانًا مُتَأَلِّمًا بِالظُّلْمِ. لأَنَّهُ أَيُّ مَجْدٍ هُوَ إِنْ كُنْتُمْ تُلْطَمُونَ مُخْطِئِينَ فَتَصْبِرُونَ؟ بَلْ إِنْ كُنْتُمْ تَتَأَلَّمُونَ عَامِلِينَ الْخَيْرَ فَتَصْبِرُونَ، فَهذَا فَضْلٌ عِنْدَ اللهِ" (1بط2: 19- 20). لقد أعلن أيوب الصديق قبوله تحدي الألم من أجل الله قائلًا : «حَيٌّ هُوَ اللهُ الَّذِي نَزَعَ حَقِّي، وَالْقَدِيرُ الَّذِي أَمَرَّ نَفْسِي، إِنَّهُ مَا دَامَتْ نَسَمَتِي فِيَّ، وَنَفْخَةُ اللهِ فِي أَنْفِي، لَنْ تَتَكَلَّمَ شَفَتَايَ إِثْمًا، وَلاَ يَلْفِظَ لِسَانِي بِغِشٍّ" (أي27: 1- 3).

سابعًا: المشقات والأتعاب والآلام مدرسة فضائل:


· مدرسة الألم والصبر:
فضيلة الصبر ضرورية لخلاص الإنسان، بل أيضًا لحياته اليومية. إنها الضامن لكمال أي عمل، ومن المستحيل تعلمَ هذه الفضيلة دون احتمال الأتعاب، وهذا ما أشار إليه الكتاب المقدس قائلًا: "اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ، عَالِمِينَ أَنَّ امْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْرًا. وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ." (يع1: 2-4).



· الاتضاع والآلام:
الاتضاع ثمرة أكيدة للأتعاب والآلام، لأنها تشعر الإنسان بمدى ضعفه أمام نفسه ولذلك ترنم داود النبي أثناء آلامه باتضاع قائلًا: "ارْحَمْنِي يَا رَبُّ لأَنِّي ضَعِيفٌ. اشْفِنِي يَا رَبُّ لأَنَّ عِظَامِي قَدْ رَجَفَتْ، وَنَفْسِي قَدِ ارْتَاعَتْ جِدًّا. وَأَنْتَ يَا رَبُّ، فَحَتَّى مَتَى؟" (مز6: 2- 3).



· الشكر في الضيقات:
الحرمان والتعب والألم يعلم الإنسان الشكر والعرفان، لأن غالبية الناس لا تقدر ما وهبه لهم الله من نعم، بل يتذمرون طالبين المزيد، ولكن التعب والمعاناة يساعدان الناس على إدراك نعم الله الموهوبة لهم فيمجدون الله ولذا كثيرًا ما يستغرب الأصحاء عندما يرون المتألمين يمجدون الله ويشكرونه. ومن أعظم الأمثلة التي تؤكد ذلك تمجيد نبوخذ نصر الملك لله بعدما أعاد له الله عقله وملكه قائلًا: "اَلآيَاتُ وَالْعَجَائِبُ الَّتِي صَنَعَهَا مَعِي اللهُ الْعَلِيُّ، حَسُنَ عِنْدِي أَنْ أُخْبِرَ بِهَا. آيَاتُهُ مَا أَعْظَمَهَا، وَعَجَائِبُهُ مَا أَقْوَاهَا! مَلَكُوتُهُ مَلَكُوتٌ أَبَدِيٌّ وَسُلْطَانُهُ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْر" (دا 4: 2- 3).


أخيرا:
أترك لك أيها القارئ العزيز تخيل انعدام الأتعاب، والمشقات في هذا العالم، فتُرى ماذا سيكون تأثير ذلك في حياة الناس؟ وفي تعاملات الناس مع بعضهم البعض؟ وهل سيكون ذلك لخير البشرية؟!
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 11 - 2021, 08:17 PM   رقم المشاركة : ( 18 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,619

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب عندي سؤال (الجزء الثاني)

14- هل الخطيئة حقًا هي السبب لآلام البشرية؟ ولماذا لم يتدخل الله لمنع أبوينا الأولين من السقوط فيها؟ وكيف تتسبب الخطية في الآلام؟


السؤال الرابع عشر

هل الخطيئة حقًا هي السبب لآلام البشرية؟ ولماذا لم يتدخل الله لمنع أبوينا الأولين من السقوط فيها؟ وكيف تتسبب الخطية في الآلام؟


الإجابة:

إن الألم عرضٌ ناتج عن معرفة الإنسان للشر، وهو أيضًا صناعة بشرية خالصة، ومقياس صادق لا يخطئ (ثرموميتر thermometer) لشرور البشر وأنانيتهم. وكلما زاد بُعدَ البشر عن الله طبيب البشرية الصالح زاد فسادهم وشرورهم، وقلّ صلاحهم، وبالتالي كثرت آلامهم، والعكس صحيح، وذلك كشهادة الكتاب القائل: "وَتَعْبُدُونَ الرَّبَّ إِلهَكُمْ، فَيُبَارِكُ خُبْزَكَ وَمَاءَكَ، وَأُزِيلُ الْمَرَضَ مِنْ بَيْنِكُمْ. لاَ تَكُونُ مُسْقِطَةٌ وَلاَ عَاقِرٌ فِي أَرْضِكَ، وَأُكَمِّلُ عَدَدَ أَيَّامِكَ" (خر23: 25- 26). يتضح من الشاهد السابق إن زوال البركة عن الأشرار هي سبب الكثير من الآلام، وأما بركة الله للإنسان فَتُرِيَحهُ وتُجَنِبَهُ الكثير من الأتعاب بحسب قول الحكيم:"بَرَكَةُ الرَّبِّ هِيَ تُغْنِي، وَلاَ يَزِيدُ مَعَهَا تَعَبًا" (أم 10: 22). والآن دعنا أيها السائل العزيز نبين ذلك من خلال ما جاء في السؤال بالتتابع من خلال النقاط التالية:



أولًا: الخطية وراء آلام البشرية:
● ارتباط الألم بالخطية وفساد وشر الإنسان: بدراسة سفر التكوين نجد أن بداية آلام البشرية بدأت بالتعدي على وصية الله، بالأكل من شجرة معرفة الخير والشر. لقد أحس أبونا آدم ولأول مرة بالاضطراب النفسي والخوف نتيجة لمخالفته لوصية الله، وهذا ما يؤكد ارتباط الخطية بالألم النفسي. لقد كانت إجابة أب البشرية على سؤال الله له : "أين أنت" هي: .. «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ، لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ».( تك: 3: 9- 10). وهذه الإجابة تشهد على آثار ونتائج خطيته. إن أعظم دليل على أن أبونا آدم كان يستمد سلامه النفسي وسعادته من ارتباطه بالله هو خوفه وفقدانه للسلام بمجرد معاداته، ومخالفته لله. لقد كان ما عاناه أب البشرية من اضطراب، وخوف هو مقدمة لما عاناه البشر من أوجاع وآلام فيما بعد.

ثانيًا: لم يمنع الله الإنسان من الخطأ حفاظًا على حريته:
أن الألم هو النتيجة الحتمية للخطية، والتي فعلها الإنسان بكامل حريته الممنوحة له من الله. أما إذا منعه الله من الخطأ فكان لابد أن يسلبه نعمة الحرية والإرادة، وهذا بالطبع ما لا يُرضي الله، ولا يُرضي الإنسان المخلوق على صورة الله في الحرية والإرادة. إن مشيئة الله للإنسان هي خيره وسلامه، ولكن الإنسان رفض طريق الحياة، واختار طريق الموت والألم. لقد أكد إشعياء النبي هذه الحقيقة قائلًا: "لَيْتَكَ أَصْغَيْتَ لِوَصَايَايَ، فَكَانَ كَنَهْرٍ سَلاَمُكَ وَبِرُّكَ كَلُجَجِ الْبَحْرِ. وَكَانَ كَالرَّمْلِ نَسْلُكَ، وَذُرِّيَّةُ أَحْشَائِكَ كَأَحْشَائِهِ. لاَ يَنْقَطِعُ وَلاَ يُبَادُ اسْمُهُ مِنْ أَمَامِي." (إش48: 18- 19).

ثالثًا: كيف تسببت الخطية في آلام البشرية؟:


● تأصل الخطية في البشر، أو فساد طبيعتهم:
صار لأبوينا الأولين خبرة في معرفة الخير والشر بعد أن صدقا الحية وأطاعاها. وقد أثرت هذه الخبرة السيئة سلبيًا على سلوكهما وحياتهما، وذلك لأن الإنسان حينما يقع تحت تأثير الخطية يعتاد عليها بسهولة، ثم تتحول فيه إلى طبع يتحكم فيه، فلا يقدر التوقف عنها، حتى لو كانت تسبب له ضررًا. وأبسط دليل على ذلك هو: أن الناس كثيرًا ما يذكرون عيوب بعضهم البعض، وكأنها طبيعة فيهم، وليس كأنها شيئًا عارضًا فيقولون مثلًا: فلان طبعه أناني، أو أنه مراوغ ومخادع، أو عنيف، أو شهواني، أو... ،أو...



● الخطية تُفقِدُ الإنسان سلامه:
بتحول الخطية إلى طبيعة في الإنسان وُجد الصراع في قلبه بين الخير الذي خُلِقَ عليه، والشر الذي أصبح واقعًا في حياته، ولكن الشر أكثر قبولًا للإنسان الطبيعي من الخير. كقول الكتاب: «الْمِيَاهُ الْمَسْرُوقَةُ حُلْوَةٌ، وَخُبْزُ الْخُفْيَةِ لَذِيذٌ». (أم9: 17). لقد تملك الشر على الإنسان، حتى أنه إذا أراد فعل الخير يجد الشر حاضرًا أمامه ويمنعه أيضًا عن صنع الخير. إن فعل الحق والبر للإنسان الطبيعي يحتاج منه لصراع وجهاد، وهذا بعكس صنع الشر الذي صار سهلًا وميسورًا، كقول الكتاب: "لأَنِّي لَسْتُ أَفْعَلُ الصَّالِحَ الَّذِي أُرِيدُهُ، بَلِ الشَّرَّ الَّذِي لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ. فَإِنْ كُنْتُ مَا لَسْتُ أُرِيدُهُ إِيَّاهُ أَفْعَلُ، فَلَسْتُ بَعْدُ أَفْعَلُهُ أَنَا، بَلِ الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ. إذًا أَجِدُ النَّامُوسَ لِي حِينَمَا أُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى أَنَّ الشَّرَّ حَاضِرٌ عِنْدِي." (رو7: 19- 21).



· البغضة والأنانية وراء الكثير من الآلام:
لقد صار الانسان مُستَعبدًا للخطية والشر، وبالتالي زادت آلام البشرية بازدياد شرور الناس، فُوجد الطمع والغيرة والحسد والشهوة التي أدت إلى العنف والإيذاء و....و...، وكلما زاد شر الإنسان زاد إبتعاده عن الله القدوس، وبالتالي صار يطلب شهوته ولذته ويبحث عن ذاته في كبرياء، ففقد النعمة الإلهية. لقد اتخذ من الشيطان مُلهِمًا وسيدًا له، بل صار الشيطان هو رئيس هذا العالم الذي يقود الناس في طريق الفساد وهكذا ملأ الغم والألم الناس.



● شر الناس وإيذاؤهم لبعضهم البعض مصدر أساسي للألم:
بتحكم الشر في البشرية اصطدم البشر بعضهم ببعض، ولم يراعِ الإنسان انسجامه، واتفاقه، ووحدانيته مع إخوته من البشر. لقد تمكنت الكراهية والبغضة من قلوب الكثيرين من أبناء البشر نحو إخوتهم، حتى تخلى الكثيرون عن محبتهم لإخوتهم، وصار لسان حالهم قول قايين لله بعد قتله لأخيه: «لاَ أَعْلَمُ! أَحَارِسٌ أَنَا لأَخِي؟»، ومع ازدياد شر الناس زادت العداوة والقتل بين البشر، وقامت الصراعات والحروب بين الأفراد، والعائلات، والقبائل، والشعوب، والدول، واخترع البشر الأسلحة الفتاكة المدمرة، والتي تركت آثارها على صحة البشر لأجيال متلاحقة، بل أكثر من هذا أثرت على الطبيعة نفسها كما هو الحال في استخدام الأسلحة النووية. إنها الذات وعدم المحبة علة الشقاء والألم.



● فساد الطبيعة والألم الجسدي:
بدأ الألم الجسدي يزحف إلى جسد أبوينا الأولين مع سريان الحكم الإلهي بالموت، وذلك بعدما كسرا وصية الله وأصبحا مستحقين للموت بحسب القول الإلهي: "وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ» (تك2: 17)، ومع أنهما لم يموتا في الحال، لكن الموت بدأ يعمل فيهما تدريجيًا من خلال الضعف والشيخوخة التي زحفت إلى كل خلية من خلايا جسديهما، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ومنذ ذلك الوقت أصبح الإنسان معرضًا لأنواع كثيرة من الأمراض، وبالتالي دخله الألم الجسدي كنتيجة للخطية، والذي لا نهاية له سوى بانفصال روح الإنسان من جسده، (أي بموته).



● الأمراض العضوية، والاضطرابات النفسية تسري في جسد البشرية:
إن الجينات الوراثية التي تحمل صفاتنا الجسمانية مصدرها واحد وهو أبوينا الأولين، ومع دخول الخطية وطمع الإنسان، وما سببه ذلك من اختراعات صناعية وحربية تأثرت البيئة الطبيعية المحيطة بنا بعوامل صناعية كثيرة، وهذا بدوره له تأثيره الضار على الجينات الوراثية للإنسان، وهكذا ظهرت أمراض عضوية كثيرة مستحدثة، توارثتها الأجيال المتعاقبة، وبالطبع صاحب الألم تلك الأمراض. إن عامل الوراثة يؤثر أيضًا في انتقال الأمراض النفسية من الآباء إلى الأبناء كما في انتقال الأمراض العضوية.



● الأرض الملعونة سبب لآلام وشقاء البشرية:
خُلق الإنسان ليكون سيدًا للخليقة كلها، لكنه بخطيته وشره أضر بالطبيعة التي أصبحت ملعونة بسببه بحسب قول الرب: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلًا: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِك. وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ». (تك 3: 17- 19). ومن ذلك الحين لم تعد الأرض تعطيه قوتها. لقد صارت الأرض الملعونة ضمن أسباب شقائه. أما الحيوانات والبهائم فقد كانت خاضعة لأبونا آدم الذي أعطاها أسماءها، ولكن ذلك لم يدم بعد الخطية، لأن الكثير منها أصبح مفترسًا للإنسان بحسب قول قايين القاتل: "... : «ذَنْبِي أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُحْتَمَل. إِنَّكَ قَدْ طَرَدْتَنِي الْيَوْمَ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ، وَمِنْ وَجْهِكَ أَخْتَفِي وَأَكُونُ تَائِهًا وَهَارِبًا فِي الأَرْضِ، فَيَكُونُ كُلُّ مَنْ وَجَدَنِي يَقْتُلُنِي" (تك 4: 13- 14).

رابعًا: هل نشترك مع الله الحنون في رفع آلام البشر ولا تكون سببًا في مضاعفتها؟:
أشفق الله على البشرية، وأعطاها إمكانيات كثيرة لتبرأ من آلامها، ولكن الكثير من الناس يتقاعسون، ولا يستخدمون تلك الإمكانيات لتخفيف آلام إخوتهم من البشر مضاعفين آلام أنفسهم بشرهم، وعدم محبتهم لبعضهم البعض وفيما يلي نذكر بعض هذه الإمكانات:



● المشاعر والأحاسيس الطبيعية والتي وضعها الله في قلوب البشر:
وضع الله هذه الأحاسيس النبيلة لتدفع الناس للإحساس بآلام المرضى، والمساكين، والفقراء، والمشردين، والمعاقين، والمنكوبين لنخدمهم ونهتم بهم. لقد أكد الرب في مثل السامري الصالح أهمية الإحساس بالآخرين ومسئوليتنا نحو إخوتنا المنكوبين. وفي هذا المثل فضح الرب خطية البشرية التي لا تشعر بآلام أفرادها في صورة الكاهن واللاوي، اللذين لم يكترثا بالرجل المجروح والمتألم بقوله: "فَعَرَضَ أَنَّ كَاهِنًا نَزَلَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ، فَرَآهُ وَجَازَ مُقَابِلَهُ. وَكَذلِكَ لاَوِيٌّ أَيْضًا، إِذْ صَارَ عِنْدَ الْمَكَانِ جَاءَ وَنَظَرَ وَجَازَ مُقَابِلَهُ" (لو 10: 31- 32). إن الرب يريدنا كلنا أن نشعر، ونتفاعل مع إخوتنا مثله، وذلك كقول الكتاب: "فَرَحًا مَعَ الْفَرِحِينَ وَبُكَاءً مَعَ الْبَاكِينَ. مُهْتَمِّينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ اهْتِمَامًا وَاحِدًا، غَيْرَ مُهْتَمِّينَ بِالأُمُورِ الْعَالِيَةِ بَلْ مُنْقَادِينَ إِلَى الْمُتَّضِعِينَ. لاَ تَكُونُوا حُكَمَاءَ عِنْدَ أَنْفُسِكُمْ" (رو 12: 15- 16).



● الإنسان وكيل الله على كل الإمكانيات والطاقات المعطاة لخدمة البشرية:
أعطى الله البشرية طاقات وإمكانيات جبارة لتحيا بها. لقد استأمن الله البشر على الكثير من الخيرات، سواء كانوا أفراد أو جماعات أو دول، وعندما استخدم البشر تلك الإمكانيات لحساب الخير عم السلام والفرح. لقد خفف النبلاء من البشر آلام إخوتهم بإقامتهم المستشفيات ودور الرعاية للاهتمام بالأيتام والمسنين والمشردين، وأيضًا بذهابهم في رحلات شاقة إلى بلاد لم يعرفوها بحثًا عن المتألمين والفقراء والمعذبين، وكم أيضًا صنعوا خيرًا باختراعاتهم واكتشافاتهم العلمية المفيدة و.. و.. و.. لقد اقتدوا بالرب يسوع الطبيب الشافي، وخادم البشرية الحنون والمتضع الذي قيل عنه: "وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ الْمُدُنَ كُلَّهَا وَالْقُرَى يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهَا، وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ فِي الشَّعْبِ. وَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعَ تَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ، إِذْ كَانُوا مُنْزَعِجِينَ وَمُنْطَرِحِينَ كَغَنَمٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا" (مت9: 35-36).


الخلاصة:
إن الألم صناعة بشرية خالصة، لأنه ثمرة شر الإنسان، ولكن الله كطبيب شفوق وضع بين أيدي البشر الكثير من الإمكانيات لتفادي آلام إخوتهم، أو على الأقل تخفيفها، ولكن على البشر أولًا أن يمتلئوا حبًا بعضهم نحو بعض وأن يستغلوا الإمكانيات الموهوبة لهم من الله في خدمة البشر إخوتهم بحسب وصية الله القائلة: "فَإِذًا حَسْبَمَا لَنَا فُرْصَةٌ فَلْنَعْمَلِ الْخَيْرَ لِلْجَمِيعِ، وَلاَ سِيَّمَا لأَهْلِ الإِيمَانِ." (غل 6: 10).

أما العكس فهو الشر بعينه من كبرياء البشر وأنانيتهم، وطمعهم الذي يتسبب في الحروب والإيذاء للآخرين، وعدم مد يد الحب للشعوب الفقيرة، وهذا بخلاف الحروب والعنف، وما ينتج عنها من قتل للآلاف بل للملايين من البشر، وما تتركه وراءها هذه الحروب من تشريد، وتجويع، وأمراض، بل تدمير وإفساد للطبيعة الجامدة.
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 11 - 2021, 08:19 PM   رقم المشاركة : ( 19 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,619

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب عندي سؤال (الجزء الثاني)

15- هل الله هو المؤدب للبشر، أم هو المعاقب الذي يترقب أخطاءهم لينزل عليهم عقوباته؟ وهل الأمراض والكوارث هي غضب إلهي؟


السؤال الخامس عشر

هل الله هو المؤدب للبشر، أم هو المعاقب الذي يترقب أخطاءهم لينزل عليهم عقوباته؟ وهل الأمراض والكوارث هي غضب إلهي؟


الإجابة:

للإجابة على هذا السؤال يلزمنا الغوص في كلمة الله وإعلاناته، وتحديد مفاهيم العقوبة والتأديب، وحب الله ومعاملاته مع البشر، إن المفاهيم المغلوطة عن الله هي السبب الرئيسي لبعض هذه الاتهامات الكاذبة التي تشكك في محبة الله، وهو ما سنعرض له من خلال النقاط التالية:



أولًا: مفهوم العقوبة:
العقوبة هي الجزاء لما ارتكبه الإنسان من خطأ، وهي تحقيق لمبدأ العدالة، وبدونها يتساوى الشرير مع البار. هي واجبة ولازمة لردع البشر من المخالفة. لقد أكد الكتاب أن عدالة الله تستوجب وجود عقاب للمخالفين، ومكافأة للأبرار والمظلومين قائلًا: "إِذْ هُوَ عَادِلٌ عِنْدَ اللهِ أَنَّ الَّذِينَ يُضَايِقُونَكُمْ يُجَازِيهِمْ ضِيقًا، وَإِيَّاكُمُ الَّذِينَ تَتَضَايَقُونَ رَاحَةً مَعَنَا، عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ الرَّبِّ يَسُوعَ مِنَ السَّمَاءِ مَعَ مَلاَئِكَةِ قُوَّتِهِ، فِي نَارِ لَهِيبٍ، مُعْطِيًا نَقْمَةً لِلَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ اللهَ، وَالَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ،" (2 تس 1: 6- 8).


ثانيًا : مفهوم التأديب:
التأديب هوعمل بناء لصقل الأشخاص - خصوصًا الصغار- والرقي بهم. إنه عمل شاق يستغرق الكثير من الزمن، وأدواته هي: التعليم... والتدريب... والترغيب فيما هو جيد...والتشجيع وشحذ الهمم، وضمن أدواته أيضًا التنفير مما هو سيء... وذلك بالتوبيخ... والتخويف. وقد يستخدم المربي أحيانًا الثواب والعقاب للوصول إلى هدفه.


ثالثًا : بين العقاب والتأديب:


· الله الكامل:
الله كامل في صفاته، فهو محب، لأنه أب حقيقي، بل ومصدر كل أبوة، وهو أيضًا عادل لأنه أعظم قاضٍ، وهو مصدر العدالة، ولا تناقض بين حبه وعدالته. فالحب نصيب كل من يقبله أبًا فيتمتع بفدائه وغفرانه، والعدالة للأشرار المصريين على شرهم الرافضين لقبول غفرانه، (فدائه لهم)، ولكنه أيضًا كأب صالح يؤدب ويعلم أبناءه ليخلصوا. إننا نحن المؤمنين بالمسيح يصدق فينا قول معلمنا بولس الرسول: "إِذًا لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ." (رو8: 1).



· التأديب وسيلة:
تأديب الأبناء وسيلة هدفها الإصلاح ودافعها الحب، ولا تأتي بثمارها إلا بقبولهم لها خاضعين واثقين في آبائهم. أما العقوبة فهي أدآة في يد القضاء والعدالة لحساب الحق، وتقع على المخطئ، ولا نجاة منها متى صدر الحكم بها كقول الوحي الإلهي: "أَفَتَظُنُّ هذَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ الَّذِي تَدِينُ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هذه، وَأَنْتَ تَفْعَلُهَا، أَنَّكَ تَنْجُو مِنْ دَيْنُونَةِ اللهِ؟" (رو2: -3).




· التربية عمل شاق:
إن التأديب، أو التربية عملية معقدة تحتاج لصبر، وطول آناة المربي، وتحتاج أيضًا لحكمة المربي. أما العقاب فيحتاج لقانون، وقضاء عادل يحكم بالحق: "وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ دَيْنُونَةَ اللهِ هِيَ حَسَبُ الْحَقِّ عَلَى الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هذِهِ." (رو2: 2).



· العقاب الحقيقي:
العقاب الحقيقي الذي يجب أن يخشاه الإنسان هو الهلاك الأبدي. أما غير ذلك من ضيقات وكوارث، وأمراض -مهما كانت شدتها- لا تُقَارن بالعقاب، أو بالهلاك الأبدي. إن الإنسان له رجاء مادام يحيا في هذه الأرض كقول الكتاب: "... لِكُلِّ الأَحْيَاءِ يُوجَدُ رَجَاءٌ، فَإِنَّ الْكَلْبَ الْحَيَّ خَيْرٌ مِنَ الأَسَدِ الْمَيْتِ." (جا9: 4).

بناء على ماسبق تعتبر أمثال هذه الأوجاع (مهما بلغت شدتها) تأديب محبة من الله، لأنها تأتي بنتائج إيجابية عندما يقبلها الإنسان من يد الله، بشكر كقول معلمنا بولس الرسول: "وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ." (رو8: 28).



· التأديب عمل محبة:
التأديب بكل أنواعه عمل محبة الله الدائم نحو جهل البشر وضعفهم، وإلا سَيَهلك الجميع لأن عدالة الله تقتضي عقاب الخاطئ بموته. ومن الواجب على أي أب محب أن يؤدب ابنه كقول الحكيم: "مَنْ يَمْنَعُ عَصَاهُ يَمْقُتِ ابْنَهُ، وَمَنْ أَحَبَّهُ يَطْلُبُ لَهُ التَّأْدِيبَ." (أم13: 24).

رابعًا : الله الأب الحنون والمؤدب الشافي:


· الله محبة:
عرف الكتاب المقدس الله بأنه محبة قائلًا: "وَمَنْ لاَ يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ، لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ." (1يو4: 8). لقد أحبنا الله، ومن كثرة وعظمة حبه أنعم على كل من قبله بالبنوة. كقول معلمنا يوحنا الرسول: "وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ." (يو1: 12). إذًا كل مولود من الله هو ابن محبوب له.



· الحب سر قبول الأبناء لتأديب آبائهم:
إن حب الأب لابنه هو أعظم حب يمكن أن يوصف، ولا مثيل له في عالم البشر. وعظمة هذا الحب هو السر وراء قبول الأطفال لتأديب آباءهم، ودليل ذلك أن ما يقبله ولد من أبيه كعقاب من المستحيل أن يقبله من إنسان غريب عنه، والسر لقبوله هو بلا شك ثقة الابن في حب أبيه وإيمانه بحكمته. إن كثرة حب وعطاء الآباء لأبنائهم يَمُلك قلوبهم، وهو أيضًا أعظم سلاح يُبعِد عنهم أي تذمر، أو تمرد بسبب أي تأديب. إن أعظم برهان على عدم انتماء الأشرار لله، وإنكارهم لأبوة لله هو عدم قبولهم لتأديب محبته كقول الكتاب: "إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ التَّأْدِيبَ يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِينَ. فَأَيُّ ابْنٍ لاَ يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟ وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِلاَ تَأْدِيبٍ، قَدْ صَارَ الْجَمِيعُ شُرَكَاءَ فِيهِ، فَأَنْتُمْ نُغُولٌ لاَ بَنُونَ. ثُمَّ قَدْ كَانَ لَنَا آبَاءُ أَجْسَادِنَا مُؤَدِّبِينَ، وَكُنَّا نَهَابُهُمْ. أَفَلاَ نَخْضَعُ بِالأَوْلَى جِدًّا لأَبِي الأَرْوَاحِ، فَنَحْيَا؟" (عب 12: 7- 9).



· ملامح تأديب الله من خلال سفر العبرانيين:
لقد صور لنا معلمنا بولس الرسول ملامح تأديب الله كأب محب لأبنائه المؤمنين به في رسالته إلى العبرانيين. وفيما يلي نوجز تلك الملامح مؤيدة بالشواهد الكتابية:

1. تأديب الله للمؤمنين هو أحد مظاهر رعايته، وهو أيضًا واجب الأب نحو أبنائه.

الشاهد: "وَقَدْ نَسِيتُمُ الْوَعْظَ الَّذِي يُخَاطِبُكُمْ كَبَنِينَ:«يَا ابْنِي لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ، وَلاَ تَخُرْ إِذَا وَبَّخَكَ. لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ»" (عب12: 5- 6).

2. هي تدريبات ثمرها أكيد، وهو بر يؤدي بنا للدخول إلى حياة الفرح، والسلام مع ملك السلام.

الشاهد:"وَأَمَّا أَخِيرًا فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرّ لِلسَّلاَم" (عب12: 11)

3. تأديب الله لأولاده غرضه الأوحد هو المنفعة والقداسة، حتى نصلح للتمتع بملكوته الأبدي.

الشاهد: "لأَنَّ أُولئِكَ أَدَّبُونَا أَيَّامًا قَلِيلَةً حَسَبَ اسْتِحْسَانِهِمْ، وَأَمَّا هذَا فَلأَجْلِ الْمَنْفَعَةِ، لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ. " (عب12: 10).

4. تأديب الله قد يتسبب في بعض المعاناة، ويحتاج إلى الاحتمال، ولكنه بالتأكيد سيؤول إلى لفرح أخيرًا.

الشاهد: "وَلكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ." (عب12: 11).



· تأديب الله يشترك فيه الجميع لخيرهم:
لقد صمَّم الله حياتنا بحكمته لتكون خليطًا بين الضيق والسعة، وبين الفرح والحزن، وبين الصحة والمرض، وبين .. و..و بين.. و.. أو بين الخير والشر بحسب مفهوم البشر، الذين يعتبرون ما لا يَسُرَهم شرًا، ولكن الحكيم كشف أن ذلك وراءه حكمة إلهية، ونصح بالاستفادة من كل أمور حياتنا، لأن ذلك يؤول إلى خلاصنا قائلًا: "فِي يَوْمِ الْخَيْرِ كُنْ بِخَيْرٍ، وَفِي يَوْمِ الشَّرِّ اعْتَبِرْ. إِنَّ اللهَ جَعَلَ هذَا مَعَ ذَاكَ، لِكَيْلاَ يَجِدَ الإِنْسَانُ شَيْئًا بَعْدَهُ." (جا7: 14).



· شاركنا ابن الله يسوع المسيح اللحم والدم، ووقع عليه استحقاق تأديبنا لننعم نحن بسلامه:
إن اشتراك بني آدم جميعهم في اللحم والدم (الجسد المادي) يجعلنا معرضين لآلام كثيرة بالطبيعة، وهذا نافع لخلاصنا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وقد شاركنا الرب هذه الطبيعة حبًا منه فينا كقول الكتاب: "فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ.. لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّبًا يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ.". (عب 2: 14- 18). فلماذا ننظر للأوجاع كعقوبات ولا نلتفت لحكمته وحبه وعطائه الذي جعله يشاركنا آلامنا؟!
خامسًا : الله القاضي العادل:
فيما يلي نعرض لملامح دينونة الله العادلة:



● الله لا يتغاضى عن الشر لأنه قاضٍ عادل:
الله قاضٍ عادل لا يمكنه أن يتغاضى عن الشر، لأن ذلك ضد طبيعته، وقد أعلن الوحي الإلهي ذلك في سفر ناحوم قائلًا: "اَلرَّبُّ إِلهٌ غَيُورٌ وَمُنْتَقِمٌ. الرّبُّ مُنْتَقِمٌ وَذُو سَخَطٍ. الرّبُّ مُنْتَقِمٌ مِن مُبْغِضِيهِ وَحَافِظٌ غَضَبَهُ علَى أَعْدَائِهِ." (نا1: 2).



● الله المتأني في عقابه:
يتأنى الله في عقابه كثيرًا كقول الكتاب: "الرَّبُّ بَطِيءُ الْغَضَبِ وَعَظِيمُ الْقُدْرَةِ، وَلكِنَّهُ لاَ يُبَرِّئُ الْبَتَّةَ. الرَّبُّ فِي الزَّوْبَعَةِ، وَفِي الْعَاصِفِ طَرِيقُهُ، وَالسَّحَابُ غُبَارُ رِجْلَيْهِ." (نا1: 3). وأيضًا قوله: "أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ، غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ؟" (رو 2: 4).



● الله الغفور الذي يريد خلاص الجميع:
الله المحب الغفور يعرف ضعف طبيعة الإنسان، ولذلك من المستحيل أن يطارد الله المحب الإنسان ليل نهار ليعاقبه عن كل خطأ (كما يعتقد البعض). وهذا ما شهد به المرنم في المزمور قائلًا: "إِنْ كُنْتَ تُرَاقِبُ الآثَامَ يَا رَبُّ، يَا سَيِّدُ، فَمَنْ يَقِفُ؟ لأَنَّ عِنْدَكَ الْمَغْفِرَةَ. لِكَيْ يُخَافَ مِنْكَ." (مز130: 3- 4). لذلك فلابد أن يغفر الله للبشر، وإلا سيهلك البشر جميعهم.



· العقوبة نافعة للإصلاح:
العقوبة نافعة لإصلاح المخطئ، ورجوعه عن خطئه، وفي هذه الحالة تُعتَبرُ تأديبًا، وقد تخيف غيره، فلا يقدم عليها كقول الكتاب: "وَخَلِّصُوا الْبَعْضَ بِالْخَوْفِ، مُخْتَطِفِينَ مِنَ النَّارِ، مُبْغِضِينَ حَتَّى الثَّوْبَ الْمُدَنَّسَ مِنَ الْجَسَدِ." (يه1: 22).



· ما يزرعه الإنسان إياه يحصد:
كثيرًا مما يعتبره الناس عقوبات إلهية هي ثمرة طبيعية لخطاياهم، وكمثال لذلك بعض الأمراض الفتاكة (مثل الإيدز) والتي تنتقل بالعدوى هي نتيجة للعلاقات الخاطئة خارج سر الزيجة. قد يتأثر بالمرض المخطئ ذاته، أو نسله، وهناك أيضًا الكثير من الأمثلة لأمراض ترجع أسبابها لمخالفة وصايا الله. فمثلًا قد تُزِيُد الانفعالات العصبية من نسبة حدوث أمراض القلب، وهكذا.. حقًا صدق الكتاب في قوله: "لاَ تَضِلُّوا! اَللهُ لاَ يُشْمَخُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا. لأَنَّ مَنْ يَزْرَعُ لِجَسَدِهِ فَمِنَ الْجَسَدِ يَحْصُدُ فَسَادًا، وَمَنْ يَزْرَعُ لِلرُّوحِ فَمِنَ الرُّوحِ يَحْصُدُ حَيَاةً أَبَدِيَّةً." (غل 6: 7- 8).



· العقوبة لا تُسر قلب الله:
الله لا يسر بالعقاب، لأنه لا يشاء موت الخاطئ مثلما يرجع ويحيا كقوله: "هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ؟ يَقُولُ السَّيِّدُ الرب" ( حز18: 23). وأيضًا قوله: "فَإِنَّهُ وَلَوْ أَحْزَنَ يَرْحَمُ حَسَبَ كَثْرَةِ مَرَاحِمِهِ. لأَنَّهُ لاَ يُذِلُّ مِنْ قَلْبِهِ، وَلاَ يُحْزِنُ بَنِي الإِنْسَانِ." (مرا 3: 32- 33).


سادسًا : الأمراض والكوارث ليست بالضرورة غضب إلهي:


· افتراض بشري خاطئ:
ليس من الضروري أن كل مرض أو ضيقة ناتجة عن خطيئة معينة، وخير مثال لذلك ما حدث لأيوب الصديق الذي قال الرب عنه للشيطان: "... "هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ، يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ" (أي1: 8).



· أمر غير حقيقي:
إن افتراض غضب الله وراء كل ضيق أمر غير حقيقي، أو واقعي، وافتخار الله بأيوب أعظم مثال لذلك. ولكن ذلك الافتراض ينم عن شعور الكثيرين بضعفهم، وكثرة خطاياهم، ولهذا يشعرون بالذنب وقت آلامهم. إن ذلك يعود بنا بالذاكرة إلى قايين، الذي خاف أن يقتله كل من وجده، بعدما قتل هو أخيه. إنه الشعور بالذنب الذي يؤدي بالإنسان إلى ترقب، وانتظار وقوع المصائب، واعتبار كل ما يأتي عليه عقوبة وغضب إلهي. وللأسف تعطي هذه المشاعر السلبية صورة سيئة ومغلوطة عن الله الصالح والأب الحنون الذي قال عن نفسه: "فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ!" (مت7: 11). إننا نثق ونؤمن أن الله كامل في صلاحه وشفقته (كما أوضحنا من قبل)، وهو لا يشاء هلاك أحد بحسب قوله الصادق: "فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ، وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ. بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ." ( إش63: 9).
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 11 - 2021, 08:22 PM   رقم المشاركة : ( 20 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,619

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب عندي سؤال (الجزء الثاني)

16- إن كانت الخطية وراء آلام البشر، فلماذا يتألم الأبرار الذين لم يخطئوا؟


السؤال السادس عشر

إن كانت الخطية وراء آلام البشر، فلماذا يتألم الأبرار الذين لم يخطئوا؟



الإجابة:

الألم صفة ملازمة لبني البشر جميعًا، ولا يوجد في جنس البشر من لم يذق الألم يومًا ما. لقد عَرَفَ الوحي الإلهي البشر بأنهم تحت الآلام قائلًا عن إيليا النبي أعظم أنبياء العهد القديم: "كَانَ إِيلِيَّا إِنْسَانًا تَحْتَ الآلاَمِ مِثْلَنَا، وَصَلَّى صَلاَةً أَنْ لاَ تُمْطِرَ، فَلَمْ تُمْطِرْ عَلَى الأَرْضِ ثَلاَثَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ" (يع5: 17). في النقاط التالية نعرض لمنطقية الألم وشموليته لجنس البشر:



أولاُ: انعدام البر بين بني البشر:
أكد معلمنا القديس يوحنا الرسول أننا لسنا بلا خطية مؤكدًا أن ذلك حق، وما هو غير ذلك كذب قائلًا : "إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ لَيْسَ لَنَا خَطِيَّةٌ نُضِلُّ أَنْفُسَنَا وَلَيْسَ الْحَقُّ فِينَا.. إِنْ قُلْنَا: إِنَّنَا لَمْ نُخْطِئْ نَجْعَلْهُ كَاذِبًا، وَكَلِمَتُهُ لَيْسَتْ فِينَا" (1يو1: 8- 10). وأيضًا معلمنا بولس الرسول أكد ذلك بقوله: "الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ." (رو3: 12). أما الرب يسوع القدوس فهو الوحيد الذي لم يعرف شر؛ لأنه القدوس الذي حبل به بالروح القدس، لذا قيل عنه: "الَّذِي لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلاَ وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ" (1بط2: 22).

ثانيًا: الوراثة نظام وقانون الحياة:
· الوراثة قانون طبيعي لجميع الأحياء:
كل إنسان هو ابن لآدم، وذاك واقع لا اختيار لبشر فيه، ولهذا ورثت البشرية من أبيها آدم الطبيعة الفاسدة التي تخطئ كثيرًا، والتي هي المسبب لكل ألم، وهذا ليس بغريب؛ فلا غرابة في مشابهة الابن لأبيه، بل ما يستحق العجب هو أن يوجد أبناء أبرار لأب البشرية آدم، فالأطفال تولد ومعهم الأنانية، وحب التملك، والغيرة من بعضهم البعض. لقد أنجب أبونا آدم ابناه قايين وهابيل بنفس طبيعته الفاسدة ، ولهذا قتل قايين أخاه هابيل بسبب غيرته وحسده له.



· الميراث التراكمي، ومسئولية الآباء نحو أبنائهم:
يرحب الإنسان بما يرثه من أبيه من ثروة، ويعتبر ذلك حقه الذي لا يمكنه التنازل عنه، ويتأثر الابن أيضًا بأخلاق أبيه، التي تؤثر في تربيته، وفي صفاته الشخصية، وأيضًا في نفسيته بطريقة مباشرة، بل قد يتأثر الابن بعلم وأخلاق أبيه. وأيضًا بصيته وسمعته الطيبة، أو الرديئة. إن هذه الحقيقة تنطبق كذلك على المجتمعات والبلاد؛ فثمرة اجتهاد أفرادها وحضارتها تورثه لأجيالها المتعاقبة.

أما المجتمعات المتخلفة فتورث أجيالها اللاحقة التخلف والفقر. إذًا هي مسئولية الآباء التي تقتضي، وتحتم عليهم السلوك بالصلاح، والقداسة خوفًا على فلذات أكبادهم (الأجيال القادمة). ولهذا حذر الرسول من نتائج الشر قائلًا: "مُلاَحِظِينَ لِئَلاَّ يَخِيبَ أَحَدٌ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ. لِئَلاَّ يَطْلُعَ أَصْلُ مَرَارَةٍ وَيَصْنَعَ انْزِعَاجًا، فَيَتَنَجَّسَ بِهِ كَثِيرُونَ" (عب12: 15).


ثالثاُ: قانون الوحدانية والشركة:


· البشرية وحدة واحدة تتأثر ببعضها البعض:
إن مَن يدعي أنه لم يخطئ يتناسى أن كل إنسان يرتبط بأب البشرية آدم، كما ترتبط كل أغصان الشجرة بجذعها، حتى وإن بعدت المسافة بين هذا الغصن وجزع الشجرة، وإن أي عطب في ساق أو جذع الشجرة يؤثر على أغصانها وثمارها.إن ما نراه تحت الميكروسوب من عينة لمادة حية، سواء من الجذع أومن الغصن يتطابق مع بعضه البعض من حيث إصابتها بأمراض النباتات أو سلامتها. لقد أوضح معلمنا بولس الرسول ما تسببه له هذه الطبيعة الفاسدة من أوجاع، وشقاء قائلًا: "وَلكِنِّي أَرَى نَامُوسًا آخَرَ فِي أَعْضَائِي يُحَارِبُ نَامُوسَ ذِهْنِي، وَيَسْبِينِي إِلَى نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ الْكَائِنِ فِي أَعْضَائِي. وَيْحِي أَنَا الإِنْسَانُ الشَّقِيُّ! مَنْ يُنْقِذُنِي مِنْ جَسَدِ هذَا الْمَوْتِ؟" (رو7: 23- 24). البشرية إذًا جسد واحد تأثر بمرض واحد (الخطية) ولهذا يتألم جميع أفراد هذا الجسد.



· علم الاجتماع يشهد بمسئولية الفرد نحو من حوله:
الألم ليس مسئولية الإنسان الشخصية فقط، ولكن المخطئ يضر بمَن حوله. ويشهد علم الاجتماع بأن تزايد الأشرار، والفاسدين في مجتمع ما يسبب آلامًا كثيرة لأفراد ذلك المجتمع، والعكس صحيح. وعلى هذا إذًا لا غرابة أن يتألم البعض لشر وخطيئة غيرهم. ولهذا حذر سليمان الحكيم من مرارة وآلام الخطية قائلًا: "اَلْحِكْمَةُ خَيْرٌ مِنْ أَدَوَاتِ الْحَرْبِ. أَمَّا خَاطِئٌ وَاحِدٌ فَيُفْسِدُ خَيْرًا جَزِيلًا." (جا9: 18).

رابعًا: المشقة طبيعة أرضنا المادية:
· أرض المشقة:
العالم الحاضر أرض مشقة، وليس أرض راحة. لقد أكد الكتاب ذلك قائلًا: "وَلكِنَّ الإِنْسَانَ مَوْلُودٌ لِلْمَشَقَّةِ كَمَا أَنَّ الْجَوَارِحَ لارْتِفَاعِ الْجَنَاحِ." (أي 5: 7). وأكد أيضًا على ضرورة احتمال المشقات بصبر في هذا العالم قائلًا: "خُذُوا يَا إِخْوَتِي مِثَالًا لاحْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ وَالأَنَاةِ: الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا بِاسْمِ الرَّبِّ. هَا نَحْنُ نُطَوِّبُ الصَّابِرِينَ. قَدْ سَمِعْتُمْ بِصَبْرِ أَيُّوبَ وَرَأَيْتُمْ عَاقِبَةَ الرَّبِّ. لأَنَّ الرَّبَّ كَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَرَؤُوفٌ." (يع5: 10- 11).



· الأبدية موضع الراحة والأفراح:
وعد الرب شعبه، وخائفيه بحياة أبدية جديدة مفرحة خالية من الأوجاع والآلام يسكن فيها البر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. واصفًا تلك الحياة قائلًا: "مِنْ أَجْلِ ذلِكَ هُمْ أَمَامَ عَرْشِ اللهِ، وَيَخْدِمُونَهُ نَهَارًا وَلَيْلًا فِي هَيْكَلِهِ، وَالْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ يَحِلُّ فَوْقَهُمْ. لَنْ يَجُوعُوا بَعْدُ، وَلَنْ يَعْطَشُوا بَعْدُ، وَلاَ تَقَعُ عَلَيْهِمِ الشَّمْسُ وَلاَ شَيْءٌ مِنَ الْحَرِّ، لأَنَّ الْخَرُوفَ الَّذِي فِي وَسَطِ الْعَرْشِ يَرْعَاهُمْ، وَيَقْتَادُهُمْ إِلَى يَنَابِيعِ مَاءٍ حَيَّةٍ، وَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ». (رؤ7: 15- 17). إننا الآن نجاهد بطهارة، وصبر في أرض المشقة شاكرين لكي ننال المكافأة في الأبدية بحسب قول الكتاب: "فَلْنَجْتَهِدْ أَنْ نَدْخُلَ تِلْكَ الرَّاحَةَ، لِئَلاَّ يَسْقُطَ أَحَدٌ فِي عِبْرَةِ الْعِصْيَانِ هذِهِ عَيْنِهَا." (عب4: 11).



· ألم المخاض:
ليس بالضرورة أن يتألم الإنسان بسبب شره، ولكن هذا الكون يتسم بصفة الألم لصعوبة الحياة ومشقتها، أو قد تكون الآلام بسبب مقاومة الأشرار للأبرار لمنعهم من صنع الخير، وعن هذا النوع من الألم قال معلمنا بطرس الرسول: "وَلكِنْ وَإِنْ تَأَلَّمْتُمْ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، فَطُوبَاكُمْ. وَأَمَّا خَوْفَهُمْ فَلاَ تَخَافُوهُ وَلاَ تَضْطَرِبُوا،" (1بط3: 14). لقد أكد الرب يسوع أن مثل هذه الآلام، وما يصاحبها من حزن ستتحول إلى أفراح قائلًا: "اَلْمَرْأَةُ وَهِيَ تَلِدُ تَحْزَنُ لأَنَّ سَاعَتَهَا قَدْ جَاءَتْ، وَلكِنْ مَتَى وَلَدَتِ الطِّفْلَ لاَ تَعُودُ تَذْكُرُ الشِّدَّةَ لِسَبَبِ الْفَرَحِ، لأَنَّهُ قَدْ وُلِدَ إِنْسَانٌ فِي الْعَالَمِ" (يو16: 21).
ت

خامساُ: من هو الله، ومن هو الإنسان؟:
· حكمة الله غير المدركة:
إنها عظمة الله التي لا نستطيع إدراكها. ومن منا بمقدوره أن يخبر طفله الصغير كل ما يدركه من حقائق هذه الحياة،؟! وهل إن فعل ذلك سيدرك طفله ما يدركه هو من حقائق؟! إنه لمن المنطقي أن يعترف الإنسان بقصوره وضعفه، وأن يثق في الله، ولا يخاصمه بحسبما علمنا الوحي الإلهي القائل: "... لأَنَّ اللهَ أَعْظَمُ مِنَ الإِنْسَانِ. لِمَاذَا تُخَاصِمُهُ؟ لأَنَّ كُلَّ أُمُورِهِ لاَ يُجَاوِبُ عَنْهَا" (أي33: 12- 13).



· ثق في الله، وتمتع بإعلاناته:
لا يسعنا غير أن نقول إنها إرادة وحكمة الخالق، التي ليس بمقدورنا أن نلم بها تمامًا، فنحن كبشر ليس لنا أن نتجرأ لنطالب الله بإعطائه لنا حسابًا، أو تبريرًا عما لا ندركه، لأن طبيعتنا قاصرة، ولا تستوعب المعرفة الكاملة. لقد سبق معلمنا بولس الرسول وأجاب على مثل هذه التساؤلات قائلًا: "بَلْ مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الَّذِي تُجَاوِبُ اللهَ؟ أَلَعَلَّ الْجِبْلَةَ تَقُولُ لِجَابِلِهَا: «لِمَاذَا صَنَعْتَنِي هكَذَا؟»" (رو9: 20). إن الله كأب حنون بحكمته قد يعلن للإنسان ما هو مناسب لفائدته، ويحجب عنه أيضًا ما هو ليس لفائدته، وقد شهد بذلك موسى النبي قائلًا: "السَّرَائِرُ لِلرَّبِّ إِلهِنَا، وَالْمُعْلَنَاتُ لَنَا وَلِبَنِينَا إِلَى الأَبَدِ، لِنَعْمَلَ بِجَمِيعِ كَلِمَاتِ هذِهِ الشَّرِيعَةِ." (تث29: 29).
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
أنت تسأل والبابا يجيب| قداسة البابا شنودة الثالث | سؤال وجواب الجزء الثانى 2022
كتاب عندي سؤال
الجزء الثاني من الرد على شبهات كتاب الأسطورة والتراث اتهم بها اسم ايل والسيرافيم ويوسف
كتاب تاريخ البطاركه الجزء الثاني
كتاب الخدمة الروحية و الخادم الروحي، الجزء الثاني


الساعة الآن 12:37 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024