27 - 09 - 2016, 06:03 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الكتاب المقدَّس وعيشه في الليتورجيا
مما سبق نجد أن الكتاب المقدَّس، من ناحية، هو مصدر الليتورجيا في كثير من الطقوس والممارسات والعادات والأعراف والأعياد، كما أنه، من ناحية أخرى، قد كتب في الكنيسة التي كانت تعيش بالروح القدس في الليتورجيا سر المسيح يسوع. فعندما دوِّن الكتاب المقدَّس أتى من هذه الحياة الكنسية، التي تقوم بشكل أساسي على الليتورجيا، في الإفخارستيا (كسر الخبز) والصلاة والصوم وما إلى ذلك. فجاء الكتاب المقدَّس بإلهام الروح القدس من هذه الحياة ومن هذا التعايش، فالليتورجيا والكتاب متداخلين مع بعضهما. ثالثاً: وهنا نؤكد أن الكتاب المقدَّس محتوى في الليتورجيا. فإذا تأملنا في كتبنا الليتورجية مثل السواعي، والتريودي الذي نستعمله في فترة الصوم، والبنديكستاري الذي نستعمله في الفترة الواقعة بين الفصح والعنصرة، وكتاب المعزي الذي نستعمله من بعد العنصرة وحتى الدخول في الصوم من جديد، وكتاب الميناون الذي يحوي أعياد القديسين، فإننا نراها تحتوي مادة كتابية غنية تحتل حجماً لا يستهان به من مجمل الكتاب. |
||||
27 - 09 - 2016, 06:04 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الكتاب المقدَّس وعيشه في الليتورجيا
وبافتراض ضياع النص الكامل للعهد الجديد، يمكننا عن طريق الكتب الليتورجية إعادة تجميع المادة المكوِّنة للنص الأصلي للعهد الجديد، فهو محتوى وموَّزع كتلاوات متتالية في كل عيد ومناسبة وفي صلوات السحر والغروب. فالمزامير، مث ً لا، تتلى بكاملها خلال كل اسبوع. كما نلاحظ أنَّه في فترة الصوم الكبير وفي كتاب التريودي يضاف على الخدم الالهية (علاوة على ما هو معتاد خلال السنة) مقاطع كتابية جديدة، ففي صلاة الساعة السادسة يقرأ من سفر أشعياء النبي، وفي صلاة الغروب يقرأ من سفر التكوين وسفر الأمثال، بحيث أنَّه عندما تنتهي فترة الصوم نكون قد قرأنا، في الخدم المذكورة، سفر أشعيا وسفر التكوين وسفر الأمثال في الكنيسة من كتاب التريودي. إن تلاوة مقاطع من الكتاب المقدَّس وتفسيرها كانت ولا تزال عنصراً أساسياً في الليتورجيا وهذا ما نراه في كل الخدم الالهية، ففي خدمة الاكليل تتلى رسالة وانجيل وكذلك في خدمة الجناز والمعمودية والقداس الإلهي وفي خدم أعياد القديسين وصلوات السحر والغروب... رابعاً: إن الليتورجيا منظومة بروح الكتاب المقدَّس، والآباء القديسين الذين كتبوا النصوص الليتورجية كانوا يعرفون الكتاب المقدَّس عن ظهر قلب، فعندما نظموا هذه التسابيح جاءت مشبعة ومسبوكة بروح الكتاب المقدَّس، وأعطي بعض الأمثلة. نقرأ في الاسبوع الأول من الصوم الأربعيني في خدمة صلاة النوم الكبرى قانون القديس اندراوس أسقف كريت ويسمى «القانون الكبير» وهو عبارة عن مجموعة كبيرة من الترانيم. |
||||
27 - 09 - 2016, 06:04 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الكتاب المقدَّس وعيشه في الليتورجيا
فإذا قرأنا هذا القانون نلاحظ أن القديس متشرب الكتاب المقدَّس بعهديه القديم والجديد وإنه قد سبك بخبرة هائلة هذا النص التسبيحي الخشوعي، الذي فيه يصرخ صرخة الاسترحام: «ارحمي يا الله ارحمني» (وهو الاستيخن الذي يردد على قطع القانون) بكل خشوع ووقار وتوبة وانسحاق، وكيف عبَّر عن هذا الشعور بترانيم متعددة تش ّ كل قصيدة شعرية من 256 بيت أتى فيها بصور متعددة وبشخصيات كثيرة من الكتاب المقدَّس وألبسها للنفس البشرية التائبة، إما بالابتعاد عن قبائح بعض الشخصيات الوارد ذكرها في الكتاب المقدَّس أو لاكتساب فضائل بعضها الآخر. وعلى سبيل المثال نذكر مثلاً من المقطع الذي يستعمل فيه خلفية هي قصة لوط عندما يقول: «يا نفس!! اهزي مثل لوط من طريق الخطيئة. فرّي من سدوم وعمورة، اهربي من لهيب كل شهوة بهيمية» (الجزء الثاني، الأودية الثالثة). «يا نفس!! لا تصيري عمود ملح بالتفاتك إلى الوراء. فليرهبك نموذج الصادوميين» (الجزء الرابع، الأودية الثالثة). |
||||
27 - 09 - 2016, 06:04 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الكتاب المقدَّس وعيشه في الليتورجيا
نلاحظ أنَّه استخدم أشخاص وحوادث من الكتاب المقدَّس وأسقطها على النفس البشرية، ونقرأ في الأودية التاسعة فيه: «يا نفس!! لقد أوردت لك من موسى تكوين العالم ومنه كل كتاب قانوني يؤرخ لك المقسطين والظالمين. فلم تشابهي الأولين منهم، لكنك ضارعت الثانين إذا خطئت إلى الله «حيث نراه يورد للنفس البشرية نماذج من الكتاب المقدَّس فيقول» «يا نفس!! لقد أحضرت لك نماذج الكتاب الجديد لتقودك للتخشع. فغاري إذن من الصديقين، واجنحي عن الخطأة واستعطفي المسيح بالصلوات والأصوام والطهارة والوقار»، «المسيح تأنس ودعا اللصوص والزواني إلى التوبة. فتوبي يا نفس. لأن ها قد فتح لك باب الملك، وسيتقدم فيخطفه الفريسيون والعشارون والزناة إذا عادوا راجعين» المسيح خلص المجوس واستدعى الرعاة وأوضح محفل الأطفال شهداء، وشرَّف سمعان والعجوز الأرملة، الذين لم تغاري منهم يا نفس، لا في أفعالهم ولا في سيرتهم. لكن ويحٌ لك إذا حوكمت». «إن الرب إذ صام في القفر أربعين يوماً جاع أخيراً مظهراً بذلك الطبع البشري. فلا تسترخي يا نفس وإن غار عليك العدو بل صادميه بالصلاة والصوم فيندفع عنك بالكلية». |
||||
27 - 09 - 2016, 06:05 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الكتاب المقدَّس وعيشه في الليتورجيا
ويجدر بنا هنا أن نذكر أن كتاب التريودي، الذي نستعمله في فترة الصوم الكبير، يفتتح صلواته في أحد الفريسي والعشار بالترنيمة: «لا نصّلين يا إخوة فريسياً، لأن من يرفع نفسه سيتضع، بل فلنتذلل أمام الله متضعين، ولنهتف بواسطة الصيام بصوت العشار قائلين: «اللهم اغفر لنا نحن الخطأة» المنظومة على خلفية قصة الفريسي والعشار الواردة في الإنجيل (لوقا: 9-14). نذكر مثالاً آخر جميلاً جداً: تقام خدمة البراكليسي في فترة صيام السيِّدة العذراء في شهر آب و»براكليسي» كلمة يونانية معناها الابتهال أو التضرع المقدم لوالدة الاله... البراكليسي هو قانون مؤلف من مجموعة من الترانيم تش ّ كل تسعة مقاطع. وكل مقطع نسميه تسبحة، والقطعةال الأولى من كل أودية تكون هي الوزن والمقياس شعري للطروباريات أو للقطع التي تليها. وبالمقابل هناك في الكتاب المقدَّس، مجموعة من التسابيح نسميها التسابيح الكتابية ونستخدمها في العبادة في صلوات السحر في فترة الصوم: تسبحة موسى، تسبحة النبي حبقوق، تسبحة دانيال تسبحة الفتية الذين طرحوا من أتون النار دون أن يؤذهم لهيب النار... وغيرها، فإذا أخذنا القطعة الأولى من كل أودية من قانون البراكليسي وقارنا مضمونهما مع التسابيح نلاحظ ما يلي: توجد تسعة تسابيح كتابية مستخدمة في الليتورجيا وهناك تسعة تسابيح في البراكليسي تتطابق كل تسبحة مع التسبحة الكتابية المقابلة لها: (أي القطعة الأولى من الأودية الأولى مع التسبحة الأولى، والثالثة مع الثالثة... والتاسعة مع التاسعة) إذاً فالنص الليتورجي الذي هو تسبحة للعذراء مريم مأخوذة من الكتاب المقدَّس ومنظوم بروح الكتاب المقدس. ونذكر مثالاً على ذلك: |
||||
27 - 09 - 2016, 06:05 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الكتاب المقدَّس وعيشه في الليتورجيا
«إن الشعب الاسرائيلي قد جاز على الرطوبة كأنه على اليابسة هارباً من الشقاء المصري فهتف صارخاً لمنقذنا وإلهنا نسبح» (البراكليسي، الأودية الأولى) فالترنيمة تتكلم عن خروج الشعب الاسرائيلي من مصر وعبوره البحر الأحمر على اليابسة... والتسبحة الأولى من الكتاب المقدَّس (سفر الخروج، الاصحاح 15 ) تتكلم عن الموضوع نفسه عندما وقف موسى وسبّح الرب بعد خروجه من مصر. أما الأودية السادسة من البراكليسي فتقول: «أسكب أمام الرب تضرعي وأحزاني قدامه أخبر، لأن نفسي قد امتلأت من الشرور، وحياتي دنت من الجحيم فإليك أتضرع مثل يونان هاتفاً، أصعدني من الفساد يا إلهي». وهو موضوع التسبحة السادسة الكتابية (سفر يونان النبي، الاصحاح 2) التي قالها يونان النبي عندما كان في جوف الحوت... وكذلك التسبحة الكتابية التاسعة «تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي لأنه نظر إلى تواضع أمته...» وهي مقطع من الإنجيل (لوقا 1:6 ) أدخلت إلى الليتورجيا مع ترنيمة «يا من هي أكرم من الشيروبيم» التي تعاد بمثابة لازمة بعد كل آية من آيات التسبحة... إذاً هناك تداخل وتطابق وعيش واختبار حقيقي وفعلي للكتاب المقدَّس الذي هو كلمة الرب. وقد سبكت هذه الخبرة لسر التقوى العظيم، الذي هو الرب يسوع، في نصوص، إن كانت نصوص كتابية (التي هي العهد الجديد) أم نصوص ليتورجية (التسابيح المستخدمة في العبادة). |
||||
27 - 09 - 2016, 06:05 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الكتاب المقدَّس وعيشه في الليتورجيا
نذكر أخيراً أن الكتاب المقدَّس يفسّر أيضاً بعد الصلاة والسجود والحياة في الكنيسة وهنا أعطي مثالين: الأول ... نحن نتلو في كل قداس إلهي، بعد الرسالة وقبل الإنجيل، صلاة أو إفشيناً يطلب فيه الكاهن أن نطأ الشهوات الجسدية حتَّى نسمع الكلمة المحيية، التي هي الانجيل، أي أننا نؤكد في الكنيسة على أن الكتاب المقدَّس هو كلمة الله. وكلمة الله لا تقرأ ولا تفسَّر كأي كتاب آخر. كلمة الله تقرأ وتفسر لكي تدرك أنت، كي تصل أنت عبر هذه الكلمات إلى ما يريده الله منك، لأن كلمة الله لك والكتاب ليس كتاباً تاريخياً وليس قصة، لهذا لا يقرأ ككل كتاب ولا يفسر ككل كتاب... فمثلاً نقول في أعمال الرسل «الذين أراهم نفسه حياً براهين كثيرة بعدما تألم وهو يظهر لهم أربعين يوماً ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله» (أعمال 1:3) ولكننا لا نجد في النص بماذا كلمهم... فهل من المعقول أن ما قاله الرب خلال هذه الأربعين يوماً لم يكن له قيمة ولهذا لم يدوّنه الرسل!! هذا هو التسليم الذي تكلم عنه الرسول بولس... ولهذا نحن نؤكد على أن الكتاب المقدَّس ليس كأي كتاب عادي... |
||||
27 - 09 - 2016, 06:06 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الكتاب المقدَّس وعيشه في الليتورجيا
وأذكر مثالاً آخر: توجد في انجيل لوقا (الاصحاح 24 ) حادثة تلميذي عمواس: ظهر الرب يسوع لتلميذي عمواس وهما ذاهبان لقريتهما وسار معهما وحادثهما ولم يعرفا أنَّه السيِّد مع أنهما كانا اثنين من تلاميذه. وعندما مال النهار دخل ليتعشى معهما... ولما جلسوا للطعام «أخذ يسوع خبزاً وشكر وكسر وناولهما فانفتحت عيونهما وعرفاه...» بقي ماشياً معهما كل النهار وهو السيِّد ولم يعرفاه، حتَّى أنهما قالا له: «أأنت وحدك غريب عن أورشلم...» ولكن عندما جلس معهما وكسر الخبز (أي قام بفعل ليتورجي) عرفاه وانفتحت أعينهما. وهنا نتسائل أنَّه إذا كان تلميذي عمواس سائرين مع السيِّد ولم يعرفاه، فكم بالحري ألا يعرفه كثيرون يمسكون بالكتاب المقدَّس ويقرؤونه. إن التلميذين لم يعرفاه إلا عندما بارك وكسر وناول فانفتحت أعينهما وعرفاه... عرفاه عند كسر الخبز... وهذه هي الليتورجيا التي تقدم لنا المسيح يسوع، كما أن نص الكتاب المقدَّس هو كلمة الله، الذي هو سر التقوى العظيم، سر التقوى هو الرب يسوع الذي أتى وقبلته الكنيسة وعاشته وحافظت عليه ونقلته بالليتورجيا وبنص مكتوب وبتسليم شفهي. |
||||
27 - 09 - 2016, 06:06 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الكتاب المقدَّس وعيشه في الليتورجيا
إن الليتورجيا تقدم لنا المسيح يسوع، كما أن نص الكتاب المقدَّس هو كلمة الله الذي هو سر التقوى العظيم، سر التقوى العظيم هو الرب يسوع الذي أتى وقبلته الكنيسة وعاشته وحافظت عليه ونقلته بالليتورجيا وبنص مكتوب وبتسليم شفهي. فالحقيقة هي الرب يسوع وقابل هذه الحقيقة وناقلها ومفسرها هو الكنيسة. فالرب الإله يعطينا بنعمته الالهية بشفاعة العذراء مريم والدته الكلية الطهر والقداسة وكل رهط الآباء القديسين والأبرار، يعطينا هذه القوة لتنفتح عيوننا نحن على هذا السر العظيم الذي هو شخص الرب يسوع المسيح حتَّى نعيش معه فنتطهر ونتقدس ونكتشف إن الحقيقة واحدة ألا وهي الرب يسوع، وان الكتاب المقدَّس هو كلمة الله، أي الرب يسوع، وأن الليتورجيا تقدم لنا أمراً واحداً هو الرب يسوع، وأن الألف والياء في حياتنا هو الرب يسوع، وأن الرب يسوع هو الذي يقدّس كل انسان آتياً إلى العالم لنكون مع سائر الذين أرضوه في مجده إلى الأبد آمين. |
||||
27 - 09 - 2016, 06:14 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: الكتاب المقدَّس وعيشه في الليتورجيا
ميرسى يا مرموره
موضوع رائع ربنا يبارك تعب محبتك |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
من الكتاب المقدس إلى الليتورجيا |
مفهوم الخطية في الكتاب المقدَّس |
مفهوم الخطية في الكتاب المقدَّس |
ترجمات الكتاب المقدَّس |
كيف قاوم المُلحدون الكتاب المقدَّس، وكيف تصدى الكتاب المقدَّس للإلحاد؟ |