06 - 09 - 2014, 01:19 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: قيامة المسيح و قيامتنا
فنحن نجد أن أغلب الناس هم من صغار النفوس واهنين وضعفاء، وعلى الرغم من أنهم مؤمنون بالقيامة فإنهم يفقدون رجاءهم بسبب طول الزمن الحاضر، ولذلك يتشتت ذهنهم فيتراجعون عن ثقتهم في القيامة. لهؤلاء يعطى الرسول بولس أجر ومكافأة أخرى ما هى؟ " إن كان إنساننا الخارج يفنى فالداخل يتجدد يومًا فيومًا " إنسان الخارج يُسمى الجسد وإنسان الداخل يُسمى النفس. وهذا يعنى إنه من الآن وقبل القيامة وقبل التمتع بخيرات الدهر الآتي، فإن مكافأة هذه الأتعاب ليست بالمتع القليلة حيث تتجدد النفس في وسط الضيق وتكتسب صبرًا أكثر وتصير أكثر قوة وأكثر إشراقًا .
إن من يحققون أرقامًا قياسية في الرياضة الجسدية نجد أنهم قبل التتويج وقبل الجوائز يحصلون على رضا وقناعة داخلية، وبهذا تكون أجسادهم بواسطة التريض والمنافسة أكثر صحة وأكثر قوة ومتجنبين كل مرض. هكذا أيضًا في الجهادات من أجل الفضيلة فقبل أن تنفتح السماء وقبل أن يُستعلن ابن الله وقبل أن ننال الأكاليل، ستكون المكافأة من الآن كبيرة بأن تصير نفوسنا أكثر يقظة وأكثر حكمة . وهؤلاء الذين يشقون البحار مرات كثيرة ويواجهون أمواجًا عاتية ووحوش ضارية ويعانون مرات كثيرة من سوء الأحوال المناخية، فإنهم وحتى قبل الفوز المادي يحصلون على متعة تلك الرحلة البعيدة والتي هي ليست بقليلة . أى أنهم لا يبالون بالأمواج دون أى خوف بل بسعادة غامرة يشقون عرض البحر ذاهبين لي أقصى حد لتحقيق مقصدهم. هكذا يحدث أيضًا في هذه الحياة الحاضرة أن كل من عانى ضيقات كثيرة من أجل المسيح، كل من لاقى عذابات متنوعة سينال مكافأة كبيرة حتى قبل التمتع بخيرات الدهر الآتي. |
||||
06 - 09 - 2014, 01:19 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: قيامة المسيح و قيامتنا
لأنه اكتسب من الآن دالة أمام الله وجعل نفسه ترتفع لي أعلا وتتحدى المشقات. ولكي يكون ما أقوله أكثر وضوحًا فإني أجعله جليًا من خلال المثل الآتي؛ القديس بولس نفسه عانى آلامًا كثيرة جدًا وأخذ مكافآت عديدة وهو في الجسد مستهزئًا بالمشقات مواجهًا بثبات هوس الرعاع مستهينًا بكل آلام، أمام وحوش وسلاسل وأمواج وأحزان وهجمات وسهام في كل هذه المتاعب، لم يكن يخاف من أى شيء. من يستطيع أن يتساوى معه ؟
إن الإنسان غير المدرب الذي لم يتعرض لمصاعب، من الطبيعى أن يرتبك من قِبَل الصعوبات العادية ليس فقط مما هو حادث، لكن أيضًا لما هو متوقع أو كما يُقال: " إنه يخاف من ظله ". لكن كل من دخل في أعمال صعبة وفى منافسات وتعرض لمتاعب فإنه من الطبيعي أن يرتفع فوق كل الصعوبات ويسخر من كل ما يهدده مثل طائر يطير ويصيح صيحة النصرة. ولأنه يجاهد للحصول على هذا الإكليل العظيم لذلك فإن أى ألم يتعرض له أثناء جهاده لن يكون عبئًا عليه لهذا فإن هذا الألم لا يستطيع أن يحزنه. هذه الأمور عندما تحدث للآخرين فهي تزعجهم، أما بالنسبة له فهي لا تعنى شيئًا . وإن كانت هذه الآلام سبب توتر وارتباك لهم، فهي له موضع استهانة واستهزاء. فهو يرتفع بنفسه بقوة الصبر الكثير لي تلك الرؤية المستنيرة التي للقوات الملائكية. فلو أننا نطوب الجسد الذي يتحمل بلا تذمر البرد والحر الشديدين والجوع والعوز ومشقة الطريق ومتاعب أخرى، فبالأولى كثيرًا يجب أن نطوب النفس التي تستطيع بصبر واحتمال وأمانة أن تواجه كل المشقات والمتاعب . |
||||
06 - 09 - 2014, 01:19 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: قيامة المسيح و قيامتنا
ومن خلال هذا تستطيع هذه النفس أن تحفظ فكرها حرًا نقيًا . ومن يفعل هذا هو ملك أكثر من الملوك أنفسهم. لأنه بالنسبة للملك يمكن أن يُصاب بضرر سواء من الحرس الخاص أو من الأصدقاء أو من الأعداء سرًا كان أم علانًا. أما من يملك نفسًا حرة ونقية، فلا ملك ولا حرس خاص ولا خادم ولا صديق ولا عدو ولا حتى الشيطان نفسه يستطيع أن يصنع به شرًا. كيف لا يكون في مأمن من كل الضربات وهو الذي اعتاد ألاّ يبالى بشيء من المصاعب التي اعتاد غيره أن يعدها أسوأ البلايا واشدها هولاً؟.
كان المُطوب بولس من هذا النوع من الناس ولهذا قال: " من سيفصلنا عن محبة المسيح أشدة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عرى أم خطر أم سيف كما هو مكتوب إننا من أجلك نُمات كل النهار قد حسبنا مثل غنم للذبح ولأننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا " (رو35:8ـ37). وهذا ما يعنيه هنا بالضبط " إن كان إنساننا الخارج يفنى فالداخل يتجدد يومًا فيومًا". أما الجسد فضعيف وأما الروح فقوى وأكثر قوة وأكثر حرية. فالجندي المُصاب بمرض ثقيل جدًا حتى ولو كان جسورًا وقادرًا في الحرب لا يمثل لأعدائه أى انزعاج لأن ثقل المرض سيشكل عائق في حرية حركته. هكذا فكل من يجعل جسده أكثر خفة بالأصوام والصلوات والصبر الكثير على الضيقات، يكون مثل طائر يحلق من أعلى وباندفاعة قوية يسقط على صفوف الشياطين وينتصر بسهولة على كل القوات المضادة ويخضعها. نفس الأمر حدث لبولس تلقى ضربات كثيرة أُلقى في السجن رُبط في آلة من خشب[‡]، جسده كان ضعيفًا جدًا مُنهكًا من المتاعب الكثيرة، لكن نفسه كانت قوية ومُشرقة. |
||||
06 - 09 - 2014, 01:19 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: قيامة المسيح و قيامتنا
هذا المُقيد كان قويًا جدًا وبصوته فقط كان يزعزع أساسات السجن، ويُحضر أمام قدميه حارس السجن المرتعب والأبواب المغلقة تُفتح. إذن فالرسول بولس يعطينا بهذا تعزية غير قليلة قبل القيامة، إننا نستطيع أن نصير أفضل وبفكر أكثر استنارة حتى داخل التجارب
ولهذا يقول : " الضيق ينشئ صبرًا والصبر تزكية والتزكية رجاء والرجاء لا يخزى" )رو4:5ـ5)، ويقول قديس آخر: { إنسان لم يمر بتجربة هو غير مختبر وغير المختبر غير مستحق أبدًا للكلمة} فمن الضيقة نثمر الكثير ويكون لدينا نفسًا مختبرة وأكثر حكمة وأعمق فهمًا، وبهذا نتخلص من كل حيرة. لهذا يقول : " إن كان إنساننا الخارج يفنى فالداخل يتجدد يومًا فيومًا" أخبرنى كيف يتجدد؟ يُطرح الخوف خارجًا، تُخمد الشهوة الرديئة وتتلاشى محبة المال والمجد الباطل وكل الأفكار الأخرى الفاسدة. أما النفس التي لا تثمر ولا تعمل، فتسيطر عليها الشهوات بسهولة. هكذا فإن النفس التي تنشغل بالجهاد من أجل الفضيلة بلا انقطاع ليس لديها وقت للتفكير في هذه الشهوات ، حيث إن الاهتمام بالجهادات المستمرة يُبعد النفس عن كل هذه الشهوات. ولهذا قال " تتجدد يومًا فيومًا". ثم بعد ذلك يعزى أيضًا النفوس التي تتألم بسبب المتاعب المنتظرة ولا تعرف أن تتقبل هذه المتاعب بحكمة، فهو يوجه نظرهم للرجاء نحو الأبدية قائلاً : " لأن خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبدى ونحن ناظرين للأشياء التي لا تُرى ، لأن الأشياء التي تُرى وقتية وأما التي لا تُرى فأبدية" (2كو17:4ـ18). وحديثه هذا يحمل المعنى الآتي: أن الضيقة تفيد أنفسنا جدًا وتجعلها أكثر حكمة وأشد وعيًا ثم تكون سببًا لنصيب عظيم من الصلاح في الدهر التي ليس كمقابل للأتعاب، لكن بالأكثر كمكافأة للجهاد الروحي الكثير والذي من كل القلب . |
||||
06 - 09 - 2014, 01:19 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: قيامة المسيح و قيامتنا
إن هذين الأمرين يظهرهما بولس ويُقارن بين كثرة الأخطار وبين امتياز المكافأة . ويقابل بين الوقتي والأبدي ، بين الهين والثقيل، بين الضيقة والمجد. لأنه كما يقول من ناحية، هناك الضيقة وهى وقتية وخفيفة، ومن ناحية أخرى هناك المجد وهو أكبر بكثير من مجرد الراحة بل هو أبدى ومستمر وعظيم. وهو لا يعنى بالثقل هنا شيء يثقل حمله ولكن يعنى شيئًا عظيمًا وعالي القيمة جدًا .
ووفق عادة الكثيرين فإنهم يدعون كل ما هو ثقيل بالشيء القيم الفخم. إذن بقول ثقل مجد فهو يعنى مجد فائق . هكذا يقول لا تحتسب لهذا فقط ، أنك تُضطهد وتُجلد، لكن أنظر لي الأكاليل والمكافآت لأنها أفضل بكثير وأكثر إشراقًا من الأمور الحاضرة، فأمور الدهر التي ليس لها نهاية. لكن ربما تقول إن أمور العالم الحاضر نراها، وأمور الدهر التي نترجاها، وأن أمور العالم الحاضر هي واضحة وأما أمور الدهر التي هي غير ظاهرة. لكن على الرغم من أنها غير ظاهرة فهي أكثر وضوحًا من الأمور الظاهرة، ماذا أعنى بقولي أكثر وضوحًا؟ أمور الدهر التي نستطيع أن نراها أكثر من أمور هذا العالم ، لأن أمور هذا العالم هي وقتية أما أمور الدهر التي فهي أبدية. " ونحن ناظرين لي الأشياء التي لا تُرى، لأن التي تُرى وقتية أما التي لا تُرى فأبدية " . لو قلت كيف أستطيع أن أرى الأشياء التي لا تُرى؟ سأحاول أن أتى بك لي هذا الإيمان بواسطة أمور هذه الحياة. لأنه ولا حتى أمور هذا العالم الفاني يستطيع الإنسان أن يتلامس معها بسهولة إن لم يستطع أن يرى غير المنظور قبل أن يرى المنظور. على سبيل المثال فإن قبطان السفينة يتحمل عواصف كثيرة وأمواج تأتى عليه ومصاعب أخرى كثيرة جدًا ، لكن عندما يصل لي الميناء ويتصرف في هذه الأحمال ويبيعها، فإنه يتمتع بالربح المادي. الأمر الواضح كانت العواصف والأمر غير الواضح كان الربح المادي. فإن لم ينظر أولاً لي ما هو غير واضح والذي ينتظره بالرجاء، لم يكن يستطيع أن يتمتع بهذا الربح، لو لم يحتمل هذه الأمور الحاضرة والظاهرة. |
||||
06 - 09 - 2014, 01:19 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: قيامة المسيح و قيامتنا
هكذا أيضًا فإن الفلاح يشقى ويحرث الأرض ويقلبها ويلقى البذور وينفق كل ما يملك ويصبر على البرد والصقيع والأمطار وعلى متاعب أخرى كثيرة، لكن بعد كل هذا التعب ينتظر أن يرى ظهور السنابل وأن يملأ أجرانه بالقمح. أرأيت إذن كيف يكون التعب أولاً ثم بعد ذلك المكافأة؟ من ناحية، فإن المكافأة هي أمر غير واضح ، بينما التعب هو أمر واضح، المكافأة توجد داخل الرجاء (في المستقبل) بينما التعب يوجد في الحاضر.
هكذا فإن الفلاح إن لم يتطلع لي الأمور غير المنظورة، فإنه ليس فقط سيترك حرث الأرض وإلقاء البذور بل إنه لن يغادر منزله بالمرة لكى يعمل هذه الأمور. كيف لا يكون إذن أمر غير معقول، أنه بينما في أمور هذه الحياة يستطيع الإنسان أن ينظر لي الأمور المحتجبة قبل أن يرى الأمور الظاهرة. فإنه يصبر على المتاعب ويتحمل كل المصاعب السابقة، ثم ينتظر الخيرات ويتلامس مع الأمور الظاهرة ناظرًا بالرجاء للأمور غير الظاهرة. بينما فيما يتعلق بالأمور المختصة بالله يتردد ويشك ويطلب المكافأة قبل أن يتعب ويظهر صغير النفس ويتضح أنه أقل من البحارة والفلاحين؟! ليس في هذا فقط، لكن في أمر آخر ستظهر أنك أسوأ من أولئك الذين يحزنون لأجل المستقبل. ما هو؟ إن أولئك الذين ليس لديهم إيمان يقيني بالآخرة لا يقبلون على التعب . أما أنت الذي لديك ضمان أكيد للأكاليل فكيف لا تتمثل بصبر هؤلاء البحارة والفلاحين واحتمالهم؟! فعلى الرغم من أنه في مرات كثيرة عندما يبذر الفلاح أرضه ويزرعها وهو ينتظر أن يرى سنابل وفيرة يحدث العكس، بأن تصيب حقله مثلاً أمطار ثلجية أو يتعرض لجراد ويخسر كل شيء وبعد كل هذا الجهد يعود لبيته بأيدي فارغة . أيضًا القبطان عندما يشق البحار بسفينة مُحملة عن آخرها ، يحدث مرات كثيرة أن تهاجمه الرياح في مدخل الميناء ويرى السفينة تصطدم بصخرة وتنكسر ويُنقذ هو وحده مجردًا من كل شيء. |
||||
06 - 09 - 2014, 01:20 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: قيامة المسيح و قيامتنا
بشكل عام في أمور هذه الحياة، فمن المعتاد أن تحدث كوارث ويتعطل الهدف. لكن في الجهاد الروحي ليس الأمر هكذا لأن من جاهد وبذر التقوى وجاز متاعب كثيرة سينجح في هدفه مهما يكن الأمر. لأن الله لا يعلق مكافآته على تقلبات المناخ وضربات الرياح، لأن هذه المكافآت تنتظرنا في أماكن الخيرات العتيدة التي لا تضمحل.
لذلك فإن الرسول بولس يقول: " الضيق ينشئ صبرًا والصبر تزكية والتزكية رجاء والرجاء لا يُخزى ". إذن لا تقل إن أمور الدهر التي غير ظاهرة لأنك لو قصدت أن تنظرها فهي أكثر وضوحًا من الأمور الملموسة باليد. وهذا بالضبط ما يوضحه لنا الرسول بولس، فهناك أمور يسميها أبدية، وأخرى يسميها وقتية، ويعنى بالوقتية الأمور الباطلة لأن هذه الأمور غير ثابتة وتحولاتها فجائية واكتسابها أمرٌ غير مؤكد . ونعنى بها الغنى والمجد والسلطة الأرضية والجمال الجسدي والقوة المادية، وبشكل عام كل أمور الحياة التي نظن أن لها قيمة. ولهذا فإن عاموس النبى يسخر من الذين يعيشون في المتع ويشتهون الأموال وكل بريق عالمي آخر إذ يقول : " إنهم يحسبون لبقائهم ولا يحسبون لرحيلهم " (عا5:6س). وكما أنك لا تستطيع أن تتحكم في الظل هكذا أمور الحياة الحاضرة. وهذه الأمور تُفقد بالموت وتُفقد أيضًا قبل الموت، وتذهب بسرعة أكثر من سرعة تيار جارف. بينما في أمور الأبدية ليس الأمر هكذا، لأن الأمور الأبدية لا تعرف تغيرًا ولا تتعرض لفقدان ولا لشيخوخة ولا تفسد لكن تظل دائمًا في ازدهار وإشراق وسمو. |
||||
06 - 09 - 2014, 01:20 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: قيامة المسيح و قيامتنا
فإن كان من الواجب أن نتحدث عن بعض الأمور غير الواضحة وغير المؤكدة فإننا نعنى بها الأمور الحاضرة التي لا تبقى على حالها، لكنها تتغير من حين لي آخر وتنتقل كل يوم من شخص لي شخص. هذه الأمور أوضحها لنا الرسول بولس ولهذا، فأمور العالم الحاضر سماها بالوقتية وأمور الدهر التي بالأبدية .
ويتكلم عن قيامة الأموات فيقول: " لأننا نعلم إنه إن نُقض بيت خيمتنا الأرضي فلنا في السموات بناءً من الله بيت غير مصنوع بيدٍ، أبدى " (2كو1:5). ولاحظ كيفية استخدامه للكلمات بدقة وكشفه لقوة معانيها. لأنه لا يكتفي بأن يدعو الجسد بالخيمة، لكنه أوضح لنا أن الحياة الحاضرة هي حياة وقتية ثم بعد ذلك تأتى الحياة الأفضل. فكأنه يقول : لماذا تبكى وتئن أيها المحبوب، لأنك ضُربت واضطهدت وأُلقيت في السجن؟ لماذا تتوجع بسبب بعض الإساءات بينما من الواجب أن تقبل انحلال الجسد؟ أو بالأحرى تلاشى الفساد الموجود في الجسد. وهو يبين لنا أن هذه الإساءات البسيطة هي أبعد من أن تحزننا، بل على العكس يجب أن تفرحنا، وأن الانحلال الكامل والأخير هو غاية أملنا. ويقول: " فإننا في هذه أيضًا نئن مشتاقين لي أن نلبس فوقها مسكننا الذي من السماء" (2كو2:5). وقبل كلامه هذا، عندما كان يتكلم عن الجسد قال : " إن نُقض بيت خيمتنا الأرضي ". بيت خيمتنا أى البيوت التي نسكن فيها والمدن التي نعيش بها أى شكل الحياة الحاضرة. وهو لم يقل فقط: لأنني أعلم، ولكن " لأننا نعلم"، لأنه يشعر بوحدته مع كل المؤمنين. وكأنه يقول لا أتكلم عن الأمور المشكوك فيها ولا عن أمور مجهولة ولكن عن الأمور التي تعلمتموها وآمنتم بها، إذ آمنتم بقيامة الرب. لذلك يسمى أجساد الذين ماتوا خيمة. |
||||
06 - 09 - 2014, 01:20 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: قيامة المسيح و قيامتنا
لاحظوا مقدار الدقة في استخدام الكلمة، لم يقل قُتل أو أُهلك ولكن نُقض، مبينًا أنه نُقض لكى يقوم بفرح أكثر وإشراق أكثر، كما قارن فيما بعد بين المتاعب والمكافآت، لاحظ الزمان والكيفية والمكان. فالجسد الذي ينحل يسميه خيمة والجسد الذي يقوم يسميه مسكن، ليس فقط مسكن بل أبدى، وليس فقط أبدى بل سماوي، مبينًا امتياز الجسد من جهة الزمن ومن جهة المكان في القيامة. الواحد أرضى والآخر سماوي، الواحد وقتي والآخر أبدى. نحن الآن نحتاج لي جسد وبيوت بسبب الضعف الجسمي، أما في الأبدية سيكون نفس الشيء الجسد والمسكن لكن بدون احتياج لي بيت ولا حتى لي أغطية، حيث الخلود يغطى كل شيء.
ثم بعد ذلك يبين الخيرات العتيدة التي تنتظرنا فيقول: " فإننا في هذه نئن مشتاقين لي أن نلبس فوقها مسكننا"، ولم يقل: أئن، لكنه جعل الموقف مشتركًا لأنه يريد بذلك أن يجذبهم لي فكره المستنير وأن يجعلهم شركاء في رؤيته. لم يقل فقط: نلبس، ولكن: نلبس فوقها، وينتهي لي " إن كنا لابسين لا نوجد عراة ". ربما يبدو أن ما قاله فيه شيء من عدم الوضوح، لكنه صار أكثر وضوحًا فيما بعد عندما أضاف " فإننا نحن الذين في الخيمة نئن مثقلين إذ لسنا نريد أن نخلعها بل أن نلبس فوقها لكى يُبتلع المائت من الحياة " (2كو4:5). |
||||
06 - 09 - 2014, 01:20 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: قيامة المسيح و قيامتنا
أرأيت كيف انه لا يسمى هذا الجسد مسكن بل خيمة؟ ولا يقول نلبس مرة أخرى بل نلبس فوقها. وهنا استطاع أن يوجه ضربة قاضية لأولئك الذين يتكلمون بالسوء على الجسد، فقد قال " نئن لي أن نلبس فوقها "، لكى لا يعتقد أحد أنه ينظر للجسد كشيء سيئ. أو أنه يعتبر الجسد شيء شائن أو عدو صريح. اسمع كيف يصحح هذه الشكوك. فهو يفعل ذلك أولاً بعبارة " نئن مشتاقين أن نلبس فوقها مسكننا الذي من السماء". وبالحقيقة من يكسو شيئًا فإنه يضع فوقه شيئًا آخر، لذلك يضيف " نئن مثقلين إذ لسنا نريد أن نخلعها بل أن نلبس فوقها".
وهو بذلك يريد أن يقول إننا لا نرفض الجسد بل نرفض الفساد الذي فيه، لا نرفض الجسد بل نرفض الموت. الجسد شيء والموت شيء آخر، الجسد شيء والفساد شيء آخر. فلا الجسد هو فساد ولا الفساد هو جسد. ومن المؤكد أن الجسد فانٍ، لكن الفناء ليس هو الجسد، ومن المؤكد أيضًا فإن الجسد مائت، لكن الموت ليس هو الجسد. الجسد خلقه الله، أما الموت والفساد ليسا من الله بل دخلا بسبب الخطية. إذن فهو يريد أن يقول: إني أخلع ما هو غريب عنى، والغريب ليس هو الجسد ولكن الفساد، ولهذا يقول: لسنا نريد أن نخلعها (أى خيمة الجسد) ولكن أن نلبس فوقها أى نلبس عدم الفساد. إذن نخلع الفساد ونلبس عدم الفساد. فهو يريد أن ينبذ ما جاء نتيجة للخطية، وفى الوقت نفسه يكتسب كل ما أعطته النعمة الإلهية. ولكي نعلم أن الخلع لا يقوله من جهة الجسد بل يقوله من جهة الفساد والموت. |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
قيامتنا مع المسيح إن قيامتنا للمجد والسعادة |
إِنَّ قيامة المسيح هي قيامتنا نحن من قبر الخطيئة |
المسيح قيامتنا كلنا |
قيامة المسيح قيامتنا كلنا |
قيامتنا على صورة قيامة المسيح |