![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() إنَّ مدح الفضيلة بالنسبة إلى القديس باسيليوس يجب أن يترافق مع عيش الفضيلة، فهو يُشبِّه من يمدح الفضائل ولا يعمل بها بالمُمثِّل الذي يلعب دور الملك لكنه ليس ملكاً. فعلى الإنسان الذي يمدح الفضيلة أن يتجنَّب الانقسام الداخلي وذلك بأن يعيش الفضيلة أيضاً فلا يكون بذلك تناقضٌ أو انقسامٌ بين أقواله وأفعاله، هذا يماثل الموسيقي الذي يرفض أن يكون لديه في آلته الوترية أوتار غير منسجمة، أو يشبه قائد الجوقة الذي يرفض وجود أصوات غير منسجمة.
يقول القديس:" الإنسان الذي يقول مع افريبيذس (اللسان أقسم فعلاً لكن القلب ما عرف قسماً) إنسان كهذا يطلب مظهر الفضيلة أكثر من جوهرها، أن يظهر جيداً بينما هو ليس كذلك، هو، إذا احترمنا رأي أفلاطون، أعلى ذروة للظلم ". نبدأ مع القديس باسيليوس في ذكر بعض الفضائل التي يجب على الشاب أن يمتلكها: |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() 1- الانتصار على الغضب:
يورد القديس حادثة جرت مع بركليس (سياسي من أثينا 495-429) عندما صار أحد الرعاع يشتمه واستمر بشتمه طوال النهار ولم يكن بركليس يجيبه أو يردّ عليه، وعندما حل المساء أضاء بركليس المصباح ورافق هذا الرجل إلى منزله ليضيء له الطريق. وكان بركليس يريد من هذا أن يتمرن دائماً على الفضيلة وأن لا يخسرها. وثمّة حادثة أخرى جرت مع الفيلسوف اقليدس من ميغارا (435-369) إذ ثار عليه إنسان وأراد قتله وأقسم على فعل ذلك بينما أقسم اقليدس أن يخلصه ويوقف غضب هذا الرجل. ويروي القديس قصة من حياة سقراط إذ ضربه شخص على وجهه بدون شفقة إلى درجة تورم فيها وجهه فما كان من سقراط إلا أن كتب على جبينه " فلان فعل هذا ". كان هذا فقط انتقام سقراط. يعلّق القديس على موضوع الغضب بقوله: كم يفيدنا أن نضع هذه القصص في ذهننا عندما يأتي الغضب وهنا يرفض القديس استشهاداً من إحدى المسرحيات يقول:" يجب أن نتسلح بالغضب فقط ضد الأعداء " ويُشدِّد قائلاً:" مِنَ الأفضل ألا نعطي طريقاً للغضب على الإطلاق، ولكن إذا كان هذا الكبح صعباً فعلى الأقل علينا أن نلجُم غضبنا بالتفكير لكي لا نُطلِق له العَنان ". إنَّ هذه القصص برأي القديس تتوافق مع نظرة الإنجيل إلى الغضب، إذ يقول الرب من ضربك على خدك الأيمن حوِّل له الآخر، ومن خاصمك ليسخّرك ميلاً فامشِ معه إثنين، ومن خاصمك ليأخذ رداءك فأعطه ثوبك، وأيضاً أحبّوا أعداءكم وأحسنوا إلى مبغضيكم. لذلك يقول القديس عن هذه القصص" يجدر بشباب مثلكم التشبه بها ". أخيراً إذا تدرب الشباب منذ صغرهم على سماع قصص مثل هذه فإنهم لن يرون كلام الإنجيل حول الغضب أمراً مستحيلاً، أو أقوالاً يصعب تطبيقها. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() 2- العفة:
يؤكّد القديس أهمية قول الكتاب المقدس حول العفة بأن من نظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه، وذلك لأنَّ من ينظر نظرة الشهوة، وإن لم يتمِّم فعل الزنى، إلاّ أنّه بحسب قول القديس:" ليس حراً من الذنب طالما أنّه قَبِلَ الأفكار غير الطاهرة ". حول موضوع العفّة يورد القديس قصة من حياة الاسكندر الذي عندما أسرَ ابنتيْ داريوس وكانتا بغاية الجمال رفض أن يُغلَب بالنظر إليهما، واعتبر أنَّه من العار على من غَلَب الرجال أن يُغلَب من النساء. وفي حديثه عن الاهتمام بالجسد، يورد القديس نصائح بشأن العفة فيقول:" الآن يصعُب على الإنسان الذي ليس قلبه نقياً أن ينال المعرفة أكثر مما يصعب على الأعمى أن يرى الشمس". لذلك ينصح، من أجل أن يعرف الإنسان نفسه، أن يُنقّي ذاته فيحفظ عينه من نظرات الشهوة ومن رمي سهام النظرات على الأجساد. كما يتناول في مفهومه حول العفة موضوع الموسيقى فيشدد قائلاً: " لا يجب أن تمُلأ النفوس بالأنغام الفاسدة أي الأغاني التي تولِّد الأهواء التي تستعبد النفس وتهينها، بل علينا أن نغني نفوسنا بموسيقى أخرى أسمى ترفع النفس إلى الأعالي. هذه الموسيقى هي التي استعملها داود ". يرى القديس أن للموسيقى أثراً كبيراً على النفس، ويذكر أن فيثاغوروس كان يبُدِّد سكر الرجال بتبديل الأنغام، فكان الرجال يتوقفون عن الشرب ويغادرون إلى منازلهم. لذلك علينا من أجل العفة أن نسمع الموسيقى الجميلة مبتعدين عن الأنغام التي تبث في داخلنا نار الشهوة. أيضاً حول العفة يتطرق القديس إلى موضوع العطور التي تختلط بالهواء وتثير لذّة الشم، وبحسب تعبيره يقول:" إنَّ مجرد تفكيري أن أطلب منكم الامتناع عنها يُصيبني بخجل شديد" |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() 3- عدم الحلفان:
إنَّ الرب يسوع يمنعنا من الحلفان بأيّ شيء، لا بالسماء ولا بالأرض ولا بالرأس، وهذا ما يرد في حياة كلينيوس تلميذ فيثاغوروس الذي كان بإمكانه أن يتخلص من دفع غرامة لو أقسم اليمين إلا انه رفض أن يحلف رغم أنه كان محقاً. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() 4- العمل:
يوصي القديس برفض اللامبالاة والرفاهية، لأنه من الواجب على الإنسان أن يعمل وان يجاهد لكي يبلغ ما يريد تحقيقه، وهنا يوصي أن نشابه الرياضيين الذين لا يحتاجون إلى تعلم الموسيقى بل إلى التمارين الرياضية؛ إنهم يحتاجون إلى ما يساعدهم على تحقيق الفوز. وكذلك حال الموسيقي فإنّه لا يترك الموسيقى ليمارس التمارين الرياضية. ويُقدّم لنا مثل الموسيقي تيموثاوس، الذي لو ترك موسيقاه ليلهو في أمور أخرى لما استطاع أن يصبح من ألمع الموسيقيين في عصره إلى درجة كان قادراً أن يُغيّر المشاعر البشرية بموسيقاه، فقد عزف مرة أمام الاسكندر وجعله يترك المائدة ويحمل سلاحه، ثم غيَّر عزفه فجعله يترك سلاحه ويعود إلى المائدة. لا يمكن للإنسان بحسب رأي القديس باسيليوس أن يبلغ القوة الحقيقية إلا بالتدريب المستمر والجهاد، وهنا يقول عن الرياضيين:" إنَّ حياتهم قبل السباق ما هي إلا استعداد دائم للسباق "، وهم عندما يدخلون ميدان السباق يجاهدون ويتحمّلون المعاناة والمشاق لكي ينالوا الإكليل ويذكرنا القديس ملمحاً إلى قول الرسول بولس:" ألستم تعلمون أنَّ الذين يركضون في الميدان جميعهم يركضون ولكن واحدًا يأخذ الجُعالة.هكذا اركضوا لكي تنالوا. وكل من يجاهد يضبط نفسه في كل شيء. أما أولئك فلكي يأخذوا إكليلاً يفنى وأما نحن فإكليلاً لا يفنى"(1كور24:9-25). لا يمكننا أن نحصل على الحياة الأبدية ونحن نُرفِّه أنفسنا ونتنعَّم؛ كما أنَّه لا يمكننا أن نتساهل في تجاوز الفضائل ونحيا حياة التراخي خاصة أننا صرنا نعرف الخير والشر؛ وهنا يقول القديس:" من أخطأ دون إرادته قد يجد مغفرة من الله أما الذي يخطئ عن قصد ويختار الشرّ بملء إرادته فلا عذر له ". |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() 5- الاهتمام بالنفس لا بالجسد:
يُشدّد القديس أنه لا يجب علينا كمسيحيين أن نُستَعْبَد للجسد، علينا أن نهتم بتغذية الروح وتزويدها بكل ما ينفعها بينما علينا أن نهتم بالجسد فقط بما يسد حاجاته الضرورية؛ لا يجب أن نعطي للجسد أهمية على حساب النفس. علينا كما يقول:" أن نقدّم للمعدة ما هو ضروري وليس اللذيذ "، فمن يهتم بجسده ويعمل فقط لأجل جسده إنما يشبه من يدفع ضريبة إلى سيد ظالم فهو يتعذب وليس من نهاية لعذابه وليس من فائدة منه. ويستشهد القديس بقول للفيلسوف ديوجين:" ما هو الفرق في نظر الإنسان العاقل سواء كان يلبس ثوباً بسيطاً أم كان يرتدي ملابس ثمينة طالما أنه محمي من البرد والحر؟". إنَّ الإنسان الذي يهتم فقط بجسده لا يعرف حقيقة نفسه ولا يعرف الحكمة التي تقول:" ليس ما يرى هو الإنسان لأنّه يتطلَّب من كل واحد منا،كائناً مَنْ كان، ملكات عقلية عالية لكي يعرف نفسه. إنَّ جهادنا لأجل العفة يتطلب منا أن نتجنب ما يثير الشهوات،" وكلّ من يريد أن لا يقع تحت سلطان الشهوات ويغرق في أوحالها عليه أن يحتقر الجسد "، وعليه أن يعتبره وسيلة مساعدة على فلسفة الحياة؛ وهنا يشبه القديس تعليم أفلاطون بأقوال بولس الرسول: " لنسلك بلياقة كما في النهار لا بالبطر والسُكر لا بالمضاجع والعُهر، لا بالخصام والحسد. بل البسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيرا للجسد لاجل الشهوات "(رو 13:13-14). وهنا يعطي القديس تشبيها جميلاً حول من يهتم بالجسد مهملاً الروح بالذين يعطون للآلات الموسيقية قيمة بحد ذاتها فيهتمون بالآلات ويتركون الأنغام. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() 6- المال والغنى:
إذا سار الإنسان المسيحي بحسب وصية القديس ورفض الاهتمام بالجسد واحتقر الشهوات فإنه سينتصر على تجربة الغنى وحب الفضة إذ يقول القديس:" ماذا يفيدنا المال الوفير إذا احتقرنا الشهوات البشرية؟ أنا لا أرى من المال أي نفع سوى لذة السهر على كنوزنا كما يفعل تنانين الأساطير ". لا يليق بنا كمسيحيين، يقول القديس، أن نشتهي الغنى، كما لا يليق أن نتكبر لامتلاكنا الغنى إن كنا أغنياء. هذا يُذكِّرنا بقول الرسول بولس:" أوص الأغنياء في الدهر الحاضر أن لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقين بالغنى بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع "(1تيم 6 : 17). إنَّ الإنسان الذي يُفاخر بغناه بحسب قول سقراط لا يستطيع أن يفاخر إلا إذا عرف كيف يستعمله. إنَّ المتدرب على التحرر من المادة لا يمكنه أن يختار يوماً ما أي شيء غير مناسب؛ وبقدر ما يضبط ذاته وحاجاته يصل بسهولة إلى الغنى. وفي هذا يورد القديس قولاً لديوجين بأنه أغنى البشر لا بل أغنى من الملك لأن احتياجه أقل من احتياجات الملك بكثير. أخيراً حول الغنى يورد القديس قولين أحدهما لصولون:" لدى البشر ليس هناك نهاية أو حدود لحب المال والثروة "، والقول الآخر لثيوجنس:" إني لا أشتهي الغنى ولا أتمناه..حبذا لو عشت بالقليل غير فاعل الشر". هكذا تكون الفضيلة أفضل من الغنى. وعلينا أن نذكر قول سفر الأمثال:" لا ينفع الغنى في يوم السخط. أما البِرّ فيُنجي من الموت "(4:11). |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() رابعاً - الخاتمة
لا أعتقد أن هذه الرسالة تنطبق فقط على عصر القديس باسيليوس، بل هي سارية المفعول في عصرنا الحالي أيضاً، فكم نحن بحاجة إلى الجهاد من أجل الفضيلة، نحن اليوم لسنا بعيدين عن تجربة الغنى السريع بالطرق الرخيصة، ولسنا في أمان من النار التي تثيرها الموسيقى والعطور وحب الجمال؛ إننا نسير كل يوم فوق جمر الشهوات ونتعذب ونتألم من أمراض الكآبة واليأس. رسالة القديس إلى الشباب هي قبل كل شيء رسالة ونصيحة إلى الأهل، فإذا أرادوا تربية أولادهم تربية مسيحية عليهم أن يمهِّدوا لهم فهم الإنجيل عن طريق تقديم الكتب والقصص والألعاب والأفلام التي يمكن أن تنمي الفكر على معرفة الحقيقة وعلى فهم الكتاب المقدس. ليكن كل شيء في حياتنا نافعاً ومدروساً وهادفاً لكي يقودنا الفكر الصحيح، كما يقول القديس في نهاية رسالته، حتى لا نهرب من معركة الفضيلة. رسالة القديس باسيليوس للشباب المسيحي هي أن يدرسوا الكتاب المقدس وأن يفهموه لكي يقودنا إلى حياة الفضيلة، وهي الحياة الأفضل لأنها وحدها تبقى بعد الموت لا بل تقود إلى الحياة الأبدية __________________ |
||||
![]() |
![]() |
|