نحن قدوة لأبنائنا
الدرس الثالث في حياة مار مرقس
نحن قدوة لأبنائنا
† من أين أتى مار مرقس بإيمانه؟ هذه الثقة الجبارة في كلام الله، من أين أتى بها مار مرقس؟! الإجابة أنه أخذها عن والدته. أخذها من البيت الذي تربى فيه.
كما قال معلمنا بولس لتيموثاوس تلميذه:
"إنك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكمك للخلاص".
وكما قال له:
"أتذكر الإيمان العديم الرياء الذي فيك، الذي سكن أولًا في جدتك لوئيس وأمك أفنيكي".
† معلمنا مارمرقس أيضًا رضع الإيمان من أمه. البيئة التي نشأ فيها مارمرقس هي التي أعدت مار مرقس ليكون كاروز الديار.
† مارمرقس نشأ في بيت وجد أم تحب الله فأحب الله. رأى أمه تصلي فأحب الصلاه، وجدها تفتح بيتها للمسيح وتلاميذه الاثنى عشر وسلمت العلية للرب يسوع وتلاميذه، فتعلم مار مرقس العطاء. الفصح الذي أعد للرب كان في بيت مار مرقس. مريم أم مار مرقس كانت إمرأة سخية فنشأ مار مرقس إنسان محب للعطاء؟ فكما أعطت مريم أم مار مارقس للمسيح، هكذا أيضًا أعطى إبنها مار مرقص شبابه وعمره للمسيح.
† كان مارمرقس يجيد اليونانية واللاتينية والعبرية أي كان شاب متعلم ومثقف. ما الذي أجبره أن يترك بلاده ويبيع كل شيء ويأتي بلد غريب؟! حبه للعطاء هو الذي جعله يفعل هذا. فقد أعطى عمره ووقته وشبابه وحياته، كل هذا من أمه ومن البيت الذي تربى فيه.
† علماء النفس يقولون أن السنين الأولى للطفل تؤثر عليه حتى بلوغه وشيخوخته. وهذه النظرية خطيرة جدًا. فمن تشتكي من أبنائها أنهم لا يطيعونها، يجب أن تعرف أن هذه مسئوليتها وخطئها منذ كان هؤلاء الأبناء صغارًا وعجينة طرية في يدها يسهل تشكيلها. فالأم هي إشبينة لأبنائها، وإشبينة أي مسئولة عن حياتهم الروحية. فهل علمت هذه الأم أولادها الصلاة؟ هل رآها أولادها وهي تصلي؟ تعليم الصلاة ليس بالكلام. فأبنائنا يتصرفون كما نفعل نحن.
هل عندما يواجه ابنك مشكلة تقول له لنقف أمام الله ونصلي من أجل هذه المشكلة؟ من يفعل هذا؟ قليل جدًا الذين يفعلون هذا.
لو استمرينا بنفس اسلوبنا البعيد عن الله ستكون الأجيال القادمة أسوأ من الحالية.
† تاريخ الكنيسة يحكي لنا عن الإسكندرية عندما قبلت الإيمان كان الشعب يبيع مقتنياته ويصومون للغروب وكان في كل بيت ركن مخصص للصلاة. أين نحن من هذا اليوم؟! أين رب الأسرة الذي يجمع أولاده وبيته للصلاة؟! النتيجة الطبيعية لفتورنا الروحي هذا أن نشتكي من أولادنا، أولادنا لم يروا علاقتنا بالله، لم يرونا نتجه للصلاة ولله لحل المشاكل والضيقات. قد يسمع الأولاد عظات ولكنه يرى سلوكنا مختلف تمامًا عما يسمعه في العظة. لذلك أصبح أولادنا في صراع، كيف يسير في الحياة؟ هل بما يسمعه أم بما يراه من تصرفات من حوله؟! وهناك قصص كثيرة عن ذلك. هناك من يقول: "أنا أقول لابني اذهب للكنيسة". إذا لم يراك ابنك تذهب إلى الكنيسة فلن يذهب مهما قلت له اذهب للكنيسة. عش أنت في مخافة الله وسترى أن أولادك سيكونون مثلك.
† والمثال أمامنا مارمرقس. فكما عاشت أمه في مخافة الله هكذا نشأ مار مرقس. ومثال آخر صموئيل النبي كانت أمه تقية وهكذا أصبح صموئيل الذي مسح أعظم ملوك إسرائيل. كل القديسين الجبابرة أعمدة الكنيسة نشأوا في بيت صلاة وبيت عبادة.
† لا أنكر أن نعمة الله غنية ونعمة الله قادرة أن تغير حتى موسى الأسود. لكن دورنا مهم، فنحن مسئولين عن أبنائنا. لابد أن يرى أولادنا فينا صورة المسيح، ولا بد أن يجدوا فينا وصايا المسيح معاشه وإلا ستكون نصائحنا لهم مجرد كلام.
† أتذكر أحد الشبان كان متعب، وظل أبونا يتكلم معه عن يسوع المسيح والوصايا فرد عليه قائلًا "ماما تقول مثل هذا الكلام كثيرًا" أي أصبح يستخف بكلمة الله لأنه يسمعها كثيرًا من فم والدته التي لا تعيش الوصية.
† احد الشبان كان متغرب هنا في الإسكندرية، وهذا الشاب عندما جاء إلى الإسكندرية عاش في الخطيئة والفساد نتيجة عدم وجود رقابة عليه. وكثيرًا ما افتقده الخدام في الكنيسة دون فائدة. وفي أحد الأيام جاء ليعترف ببكاء ودموع، فسأله الأب الكاهن كيف تأثر هكذا وما سبب هذه الدموع؟ فقال له بالأمس كنت جالسًا لا أستطيع النوم فسرحت وتذكرت منظر أبي عندما كان يمسك الإبصلمودية ويتلو التسبحة باكيًا كل يوم بالليل فبكيت (كان والده قد تنيح في ذلك الوقت)، قلت لنفسي هل من المعقول أن أكون أنا ابن هذا الرجل الطيب؟!
† المحبة لا تسقط أبدًا. هذا الأب زرع في ابنه خوف الله، فلا يمكن أن يهلك بن هذه الدموع.
† ليس هناك علاج لأولادنا إلا أن نكون نحن قدوة لهم. ليس لهم علاج إلا الركب المنحنية والأيدي المرفوعة إلى الله. "حولي عني عيناك فقد غلبتانى".