حقاً إنَّ الشهوانيّ يعتقد في صميم ذاته أنَّه يُحِب، لكنَّه في الحقيقة يُحِب ذاته لا الآخرين، وهل يمكن لإنسان منتفخ بأنانيته، متّخم بأطعمة العشق الذاتيّ أن يُحِب؟! دعنا نتساءل: كيف يُحِب الشهوانيّ وهو الذي يُطلق حواسه تجول بغير ضابط هنا وهناك؟! كيف يُحِب من لا يهتم إلاَّ بالتوافه والتفاصيل المخزية.. ويبرع في الكشف عن نقائص الآخرين وإظهار ضعفاتهم.. ويتفنن في حشد الأخبار السيئة دون أن يهتم مُطلقاً بمصير القريب الذي يتعقب أخباره..؟! أيّ حُب هذا الذي يجعل الإنسان يُحطّم البشر، لكي يحصل على لذة تافهة، أو شهوة عابرة ... ومتى نالها يتركهم حطاماً؟!
والحق إنَّ الشهوة أنانية، والأنانية هى انحلال وتفكك تام للشخصية، والشخص الأنانيّ هو إنسان لا يعرف معنى الحياة ولا يعرف كيف يعيشها، ومثل هذا إن تزوج فلن ينجح! لأنَّ حُبه شهوانيّ، مرتبط بالجسد، وحُب مثل هذا يقتل الروح، ويقلق النفس، ويضعف الجسد، إنَّه حُب مميت!
ولو أردنا أن نصف الأنانيّ لقلنا، إنَّه يُشبه حفرة لا قعر لها يُرهق نفسه محاولاً أن يملأها ولكن دون جدوى! ولهذا يعيش في قلق دائم وتوتر مستمر.. ويعاني شعوراً حاسداً حارقاً، لرؤية إنسان آخر يتمتع بأكثر مما يملك، ولأنَّه منشغل دائماً بذاته فهو لذلك لا يعرف الاستقرار أو الهدوء، بل يستمر في حالة من الاضطراب، خوفاً من أن يُحرم من شيء أو يفوته شيء، فهل مثل هذا النوع من البشر يُحِب ذاته محبة حقيقية؟! أعتقد أنَّه يكرهها ويضرها بسمومه!
وربَّما كان أتعس البشر هو ذلك الشخص الذاتيّ المُتَوتّر، الذي يحيا في عزلة تامة عن البشر يُراقب دوافعه ويدرس غيره، بحثاً عن منفعة أو لذة يُشبع بها نفسه الحائرة، إنَّه لا ينعم بالحياة الطبيعية التلقائية، لأنَّه يُفكّر في الحياة بطريقة خاطئة بدلاً من أن يعيشها! ومن ثَمَّ فإنَّ حياته لابد من أن تكون حافلة بالتكلف والتصنع وشتّى مظاهر التناقض..