25 - 05 - 2019, 05:42 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أمنا البارة في القديسات مريم المصرية
وفيما أخذ زوسيما في البكاء تابعت المرأة الكلام:
"ضحك ذاك الشاب لسماعه كلماتي الوقحة وانصرف. أما أنا فألقيت بآله الغزل جانباً وهرولت إلى البحر، في الاتجاه الذي بدا أن كل واحد كان يسير فيه. وإذ وقع نظري على بعض الشبّان الواقفين على الشاطئ حوالي العشرة أو أكثر، وهم مفعمون بالحيوية، يقظون في حركاتهم، قررت أنهم يحققون مرامي. ويبدو أن بعضهم كان ينتظر مزيداً من المسافرين فيما شطّط البعض الآخر لتوّه. ومن دون حياء، كالعادة اختلطتُ بالجمهور وأنا أقول لهم "خذوني إلى حيث أنتم ذاهبون ولن تجدوني غير نافعة لكم. كما أضفت بضع كلمات أثارت ضحك الجميع. وإذ رأوا استعدادي لأن أكون وقحة أخذوني معهم بطيبة خاطر. وبعدما حضر مَِن كان متوقعاً وصولهم أقلعنا. |
||||
25 - 05 - 2019, 05:42 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أمنا البارة في القديسات مريم المصرية
وماذا أقول عما حدث بعد ذلك؟ أي لسان وأية آذان تطيق سماع أخبار ما حدث خلال الرحلة! إلى كل ذلك كنت، كثيراً، ما أفرض نفسي على أولئك الفتيه الأشقياء فرضاً. ليست هناك قبيحة يسوغ أو لا يسوغ ذكرها إلى اقترفتها. علّمتهم من الفجور فنوناً. إني لأعجب، أيها الأب، كيف كانت للبحر طاقة على احتمال فجورنا! كيف لم تفتح الأرض شدقيها ويبتلعني الجحيم حيّة وقد أوقعت في شباكي، نفوسناً هذا عددها. لكني أظن أن الله كان يطلب توبتي لأنه لا يشاء موت الخاطئ إلى أن يرجع ويحيا. أخيراً بلغنا أورشليم. قضيت الأيام التي سبقت الاحتفال في المدينة أتابع فجوري، وعلى أسوأ من ذي قبل. لم أكتفي بالشبان الذين أغويتهم في البحر والذين ساعدوني لآتي إلى أورشليم، بل اقتنصت العديد من سكان المدينة والغباء أيضا.
|
||||
25 - 05 - 2019, 05:43 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أمنا البارة في القديسات مريم المصرية
ممنوعة من الدخول
وحل اليوم المقدس لرفع الصليب فيما كنت أنا ناشطة في اصطياد الشباب. عند حلول الفجر لاحظت الجميع يسارعون إلى الكنيسة فانضممت إليهم. فلما دنت ساعة رفع الصليب المقدس حاولت أن أشق طريقي عبر أبواب الكنيسة إلى الداخل كبقية الناس. وبصعوبة كبيرة تمكنت من حشر نفسي بينهم حتى كدت أبلغ مدخل الكنيسة من حيث كان عود الصليب المحيي يُستبان للعيون. ولكن ما أن وطئت عتبة الباب حتى شعرتني بقوة حالت دون دخولي إلى الداخل. كلّ كان يدخل إلاي. في تلك الأثناء تمكن الحشد مني فأزاحني جانباً، فإذا بي أجد نفسي في الرواق وحيدة. ظننت أن هذا حدث لضعفي الأنثوي فحاولت، من جديد، ولكن عبثاً حاولت. كان الجميع يدخلون بلا صعوبة. وحدي بدوت غير مرغوب فيها. كان كأن هناك مفرزة من العسكر تقف لتمنعني من الدخول. مرة أخرى وجدتني مفروزة أقف في الرواق. |
||||
25 - 05 - 2019, 05:43 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أمنا البارة في القديسات مريم المصرية
وعرفت خطيئتها
وبعدما أعدت الكرة ثلاث أو أربع مرات شعرت أخيراً بإرهاق ولم تعد فيّ قوة لأتدافع والناس، فانتحيت جانباً. وقفت في إحدى زوايا الرواق فقط، إذ ذاك، وبصعوبة بالغة، فطنت إلى السبب الذي حال دون السماح لي برؤية الصليب المحيي. فإن كلمة الخلاص لمست، برفق، عيني قلبي وكشفت لي أن حياتي الدنسة هي التي منعتني من الدخول. أخذت أبكي وأنتحب وأضرب صدري وأتنهد من أعماق قلبي. وإذ رفعت رأسي قليلاً، وأنا على هذه الحال، وقع نظري على أيقونة والدة الإله الكلية القداسة، فتحولت إليها بكليتي قائلة: |
||||
25 - 05 - 2019, 05:43 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أمنا البارة في القديسات مريم المصرية
وتابت إلى ربّها
"أيتها السيدة، والدة الإله، يا من ولدت بالجسد الإله الكلمة، أنا أعرف، وأعرف جيداً، انه ليس يشرّفك أن يرفع إنسان دنس فاسد، نظيري، عينيه إلى أيقونتك، يا دائمة البتولية، يا من حفظت جسدها ونفسها نقيين. إني لعن حق أبعث على القرف بإزاء نقاوتك العذراوية. لكني سمعت أن الله الذي وُلد منك إنما تجسد ليدعو الخطاة إلى التوبة. فساعديني، إذاً، لأنه ليس لي معين سواك. مُري أن ينفتح مدخل الكنيسة أمامي. اسمحي لي أن أعاين العود الكريم الذي عليه تألم بالجسد من وُلد منك وبذل دمه المقدس لافتداء الخطاة وإياي أنا غير المستحقة. اشهدي عليّ أني لن أنجس جسدي، بعد اليوم، بدنس الدعارة، بل حالما أسجد لعود الصليب سأنبذ العالم وتجارب العالم وأتوجه إلى حيثما تقودينني". |
||||
25 - 05 - 2019, 05:43 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أمنا البارة في القديسات مريم المصرية
هكذا تكلمتُ. وإذ حظيت ببعض الرجاء بإيمان راسخ وشعور ببعض اليقين برحمة والدة الإله، تحركت، من جديد، واختلطت بالناس الذين كانوا يتدافعون إلى داخل الهيكل. لم يبدُ كأن أحداً يعيقني ولا حال دون دخولي الكنيسة. فملكتني الرعدة وبتّ في شبه هذيان. وإذ تقدمت إلى الأبواب التي لم أتمكن من بلوغها قبل ذلك دخلتُ دونما صعوبة ووجدتني داخل المكان المقدس. هكذا عاينت العود المحيي. عاينت أيضا أسرار الله وكيف يقبل توبة التائبين. وإذ ألقيت بنفسي على الأرض سجدت وقبّلتها برعدة. ثم خرجت من الكنيسة وذهبت إليها، إلى مَن وعدتني بأن تكون أمامي، إلى المكان الذي ختمت فيه نذري. هناك أحنيت ركبتيّ لوالدة الإله العذراء وخاطبتها بكلمات كالتالية:
"أيتها السيدة الودودة، لقد أظهرت لي محبتك العظيمة. فالمجد لله الذي يقبل بك توبة الخطاة. أي شيء أكثر أتفوه بع، أنا المغرقة في الخطيئة؟ لقد حان الوقت لي، يا سيدتي، أن أتمم نذري كما شهدت. والآن قوديني بيدك على درب التوبة!" على الأثر سمعت صوتاً من السماء يقول لي: "إذا عبرت الأردن تجدين راحة مجيدة". فلما سمعتُ الصوت وآمنت أنه من اجلي كان هتفتُ بوالدة الإله: "أيتها السيدة، يا سيدة، لا تتخلي عني!" |
||||
25 - 05 - 2019, 05:43 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أمنا البارة في القديسات مريم المصرية
إلى برية الأردن
بعد ذلك تركت رواق الكنيسة وانطلقت في رحلتي. وفيما كنت أغادر التفتَ إليّ إنسان غريب وأعطاني ثلاث قطع نقدية. أخذت المال وابتعت ثلاث خبزات أخذتها معي في رحلتي بمثابة هدية مباركة. استدليت على الطريق وسرت وأنا أبكي. مشيت بقية النهار وعند المغيب بلغت كنيسة القديس يوحنا المعمدان التي على الأردن. وبعدما أدّيت الصلاة في الكنيسة نزلت إلى النهر وغسلت وجهي ويديّ في مياهه المقدسة. ثم ساهمت القدسات المحيية في كنيسة السابق وأكلت نصف رغيف. وبعد أن شربت من مياه الأردن استلقيت وقضيت الليل على الأرض. في الصباح وجدت مركباً صغيراً فعبرت إلى الضفة المقابلة. من جديد صليت لسيدتنا أن ترشدني إلى حيثما شاءتني أن أذهب، فوجدتني في هذه البرية. مذ ذاك وإلى هذا اليوم، وأنا متغربة، بعيدة عن الناس، أفر من الجميع، وأحيا ملتصقة بإلهي الذي ينجي كل من يتحولون إليه خائرين تكدّهم العواصف". سألها زوسيما: "كم لك من السنين في هذه البرية"؟ فأجابت: "سبع وأربعون سنة مرت، على ما أظن، منذ أن غادرت المدينة المقدسة". سأل زوسيما: "ولكن أي مأكل تجدين؟" فأجابت: "كان معي رغيفان ونصف حين عبرت الأردن. ولم يطل الوقت حتى يبسا وأضحيا أقسى من الصخر. وإذ كنت أتناول القليل استهلكتها بعد بضع سنوات". |
||||
25 - 05 - 2019, 05:44 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أمنا البارة في القديسات مريم المصرية
حرب ضروس
سأل زوسيما: "أيمكن أن تكوني قد عشت طوال هذه السنين، على هذا النحو، ولم تعاني، بشكل من الأشكال، من جراء تغيير هذا مقداره؟" فأجابت: "إنك تذكّرني، أيها الأب زوسيما، بما لا اجسر على الكلام عنه. لأني حين أستعيد كل المخاطر التي قهرتها وكل الأفكار العنيفة التي بلبلتني، أشعر بالخوف من جديد منا لو كانت هذه المخاطر والأفكار على وشك أن تستأثر بي مرة أخرى. "صدقني، يا أبانا، سبعة عشر عاماً مرت في هذه البرية وأنا أحارب الضواري-الرغبات المسعورة والأهواء. كلما عزمت على تناول طعامي اشتهيت اللحم والسمك في مصر. أسفت أيضا للخمر الذي طالما أحببته لأني كنت، في سابق عهدي، أحتسي منه الكثير فيما لا أجد هنا حتى ولا الماء. وكثيراً ما شعرتني أحترق وأترنح من العطش. والرغبة الجامحة في الأغاني المتهتكة كانت تجتاحني وتبلبلني. ولكن حين كانت مثل هذه الرغبات تتسلل إلى نفسي كنت أقرع صدري وأذكر نفسي بالنذر الذي قطعته على نفسي منذ أن دخلت البرية. كنت أعود، في أفكاري، إلى أيقونة والدة الإله التي اقتبلتني وأصلي إليها بصراخ. أبتهل إليها أن تصرف عني الأفكار التي أنوء تحتها. وبعد أن ابكي طويلاً وأضرب صدري كنت أرى أخيراً، نوراً يسطع عليّ من كل ناحية. بعد كل عاصفة هوجاء كان هدوء عميق ينزل عليّ. |
||||
25 - 05 - 2019, 05:44 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أمنا البارة في القديسات مريم المصرية
وطيف أُطلعك على الأفكار التي كانت تحثني على الفجور؟! كيف بإمكاني أن أعبّر لك عنها؟! كانت نار تتقد في قلبي الشقي فتشغلني بكليتي وتوقظ فيّ الشوق الجارف إلى العناق. وحالما تأتيني الرغبة ملحاحة كنت أطرح نفسي على الأرض وأبللها بدموعي، كما لو كان شاهدي واقفاً بإزائي، في عصياني، يهدد بمعاقبتي على أفعالي ولم أكن أنهض عن الأرض (أحياناً كنت أبقى ساجدة على هذا النحو يوماً كاملاً) إلى أن ينزل علىّ نور هادئ عذب يضيء ظلمتي ويصرف عني الأفكار التي استحوذت عليّ. غير أني دائماً ما كنت أحوّل بصيرة ذهني باتجاه حافظتي أسألها أن تمد بعونها من تغرق سرياً في أمواج البرية. هي كانت تؤازرني وتقتبل توبتي. هكذا مرّت علي سبع عشرة سنة وأنا مقيمة وسط مخاطر متواترة. مذ ذاك ووالدة الإله تعينني في كل شيء تقودني وكأنها ممسكة بيدي.
|
||||
25 - 05 - 2019, 05:44 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أمنا البارة في القديسات مريم المصرية
الطعام واللباس
وسأل زوسيما: "ألم تكوني خلال تلك الفترة بحاجة إلى طعام ولباس؟" فأجابت: "بعد أن استهلكت الأرغفة التي كانت في حوزتي اغتذيت بالبقول وقلما وجدته في البرية. أما ثيابي التي سترتني لما عبرت الأردن فتخرّقت وتمزّقت. وقد عانيت من جراء ذلك كثيراً، عانيت البرد القارص والحرّ اللاهب. كانت الشمس تحرقني وأرتجف من الصقيع. وكثيراً ما كنت أسقط على الأرض وأنطرح بلا نَفَس ولا حراك. واجهت صعوبات عدّة وتجارب رهيبة. ولكن، مذ ذاك صانتني عناية الله بطرق كثيرة. صانت نفسي الآثمة وجسدي الوضيع. بمجرد أن أذكر كل الأسواء التي نجّاني الرب منها أجدني أنعم بطعام لا يبلى لرجاء الخلاص فإن كلمة الله القوية، وهو رب الجميع، هي التي كانت تعولني وتُلبسني. ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان. وأولئك الذين تعرّوا من التي أسمال الخطيئة لا ملاذ لهم، يتوارون في نقور الصخور". |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
فمريم هي أمنا لا الطبيعية بل هي أمنا بالحب |
مريم المصرية |
أمنا البارة مطرونة الحمصي |
أمنا البارة حنة (القرن9م) |
أمنا البارة بيلاجية (+461م) |