رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إنَّ الحُب هو ذلك النجم اللامع، الذي يُضيء الطريق أمام كل زورق تائه في الحياة! هو لؤلؤة فريدة ما أن تسطع بين سائر الانفعالات البشرية المُظلمة فسرعان ما تُبددهـا! الحُب شمس منيرة ما أن تُرسل إشعاعاتها الذهبية حتى تَعُم الخليقة بنورها ودفئها! والحق إنَّ كلمة الحُب من الكلمات السامية التي شغلت قلب وفكر الإنسان منذ أن وجد، وستبقى هكذا تشغله إلى أن يتوقف عن الإحساس! وليست مبالغة إن قلت: إنَّ الحُب هو الشيء الوحيد الذي سيُرافق الإنسان بعد الموت فالعالم سيزول وشهواته تمضي معه، أمَّا الحُب فسيبقى لأنَّ " اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَداًً " (1كو13: 8). ولهذا أراد الله أن نعرف الحُب على الأرض، لنتذوق رشفة من ماء الحياة الممزوج برحيق السماء، فنشتاق إلى الشراب النقي الذي لا تشوبه مرارة، وربَّما كان هذا هو السر في تلك المِسحة الإلهية، التي نراها على جبين المُحِبين وكأنَّهم صعـدوا على أجنحة حُبّهـم الطاهر إلى السماء، فمُسحوا على جبينهم ثمَّ عادوا إلى الأرض ليحيوا لا كبشر بل كنجوم لامعة تُضيء في ظلام الحياة! ألم يقل فيكتور هوجو شاعر فرنسا العظيم : " التقيت في الطريق بشاب فقير جداً يُحِب، كانت قُبَّعته رثّة، ومعطفه مُمزقاً، والماء يتسلل من حذائه، ولكنَّ النجوم كانت تطل من خلال روحه، والنور يُشرق من سماء وجهه " ! لقد خلق الله الإنسان من تراب الأرض، ثمَّ نفخ فيه أنفاس الحُب، فالله محبة وكل ما يصدر منه هو حُب ويدعو إلى الحُب، ولو تأملنا الخليقة لرأينا أنَّ الكون بكل حركاتـه إنَّما يشير إلى الحُب، فرياح الصباح تهُب لكي توقظ الأوراق النائمة على أشجار الحُب، والليل يأتي بظلامه لا ليُخيفنا، بل ليدعو الناس إلى الصلاة في أعظم مخدع ألا وهو: مخدع الحُب! إنَّ قصة تكويـن الجنس البشريّ كلها، مكتوبة بأعظم لغة ألا وهى: لغة الحُب! الحُب في معناه الساميّ حل، ولكنَّ البشر هم الذين صنعوا منه مشكلة عندما لوّثوا وجه الحُب بمفاهيمهم الخاطئة، فغلّفوا الحُب الطاهر البسيط ، بغلاف الشهوة الدنسة الماكرة والنفعية المُدمِرة، فصار الحُب مشكلة ذلك الإنسان المسكين الذي عرف أنَّ الله محبة، ولكنَّه عاجز حتى اليوم عن حُبِه أو حُب غيره محبة صادقة! إنَّ الحُب في نظر المسيحية لم يعد مجرد هوى عنيف، يتّخذ من الآخر واسطة لزيادة إحساسه بالحياة، أو تحقيق أمله في السعادة، أو إشباع عواطفه المضطربة! |
|