منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28 - 04 - 2017, 08:42 AM   رقم المشاركة : ( 11 )
Rena Jesus Female
..::| الاشراف العام |::..

الصورة الرمزية Rena Jesus

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1424
تـاريخ التسجيـل : Sep 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 73,660

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Rena Jesus غير متواجد حالياً

افتراضي رد: لا تشاكلوا أبناء هذا الدهر (الحريه بمفهوم مسيحى)

الإلحاد إنعتاق خاطئ للحريَّة
إنَّ الإلحاد الحديث يظهر غالباً بشكلٍ مذهبي يدفع بميل الإنسان إلى السيادة إلى حدٍّ يصعب فيه الارتباط بالله، فتقوم الحريَّة بما يلي: الإنسان هو غاية في ذاته، هو الذي يصنع تاريخه ويُنظِّمه بذاته (فرح ورجاء/20). يصبح ذلك بياناً، عندما يعتبر الإنسان الخاطئ أنَّه لا يستطيع إثبات حريَّته الذاتية إلاّ إذا نفى الله نفياً قاطعاً، وإنَّ تبعية المخلوق للخالق أو تبعية الضمير الأخلاقي للشريعة الإلهية، عبودية لا تُطاق. ويرى في الإلحاد الشكل الحقيقي لإنعتاق الإنسان وَتَحرُّره، فيرفض في آنٍ واحد فكرة الله وفكرة الخطيئة.
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 04 - 2017, 08:43 AM   رقم المشاركة : ( 12 )
Rena Jesus Female
..::| الاشراف العام |::..

الصورة الرمزية Rena Jesus

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1424
تـاريخ التسجيـل : Sep 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 73,660

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Rena Jesus غير متواجد حالياً

افتراضي رد: لا تشاكلوا أبناء هذا الدهر (الحريه بمفهوم مسيحى)

الإنجيل رسالة حريَّة وَتحرُّر
''غير أنَّ الحريَّة الإنسانية التي جرحتها الخطيئة لا تستطيع أن تسير نحو الله كلياً وبطريقة فعلية إلاّ بمعونة النعمة الإلهية'' (فرح ورجاء/17). لو كان الله تَخلَّى عن خليقته، لأفضى بنا التاريخ البشري، المطبوع بتجربة الخطيئة، إلى اليأس، لكن الوعود الإلهية بالتحرير والوفاء بها المظفّر، في موت المسيح وقيامته، كانت أساس ''الرجاء المفرح'' الذي منه إستمدَّت الجماعة المسيحية قوّة العمل الجادّ والفاعل في خدمة المحبَّة والعدل والسلام. الإنجيل رسالة حريَّة وقوّة تحرير يُحقِّق رجاء شعب الله. هذا الرجاء تُجسِّده مريم العذراء، وتعلن بفرح الزمن المسيحاني، مُهلِّلة للربِّ في ''نشيد التعظيم'' فتشيد لسرِّ الخلاص.
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 04 - 2017, 08:43 AM   رقم المشاركة : ( 13 )
Rena Jesus Female
..::| الاشراف العام |::..

الصورة الرمزية Rena Jesus

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1424
تـاريخ التسجيـل : Sep 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 73,660

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Rena Jesus غير متواجد حالياً

افتراضي رد: لا تشاكلوا أبناء هذا الدهر (الحريه بمفهوم مسيحى)

حريَّة أبناء الله
''ما من شريعة إنسانية تستطيع أن تحافظ على كرامة شخصية الإنسان وحريَّته، مثلما يحافظ عليهما إنجيل المسيح الذي سُلِّمَ إلى الكنيسة، فهذا الإنجيل يُبشِّر بحريَّة أبناء الله ويعلنها ويرفض كلَّ إستعباد، لأنَّ الإستعباد، بعد البحث والتدقيق يأتي من الخطيئة (فرح ورجاء/41). فالمسيح قد حَرَّرَنا لنكون أحراراً (غلاطية 1/5)،
وهو الذي يقيم فعلاً عهد الحريَّة الكاملة والنهائية لكلِّ من إتَّحد به بالإيمان والمحبَّة، سواء أكان يهودياً أم وثنياً. ما من أحد يَتحرَّر تَحرُّراً كاملاً من ضعفه أو عزلته أو إستعباده، بل جميعهم بحاجة إلى المسيح المثال والمُعلِّم والمُحرِّر والمُخلِّص والمُحييّ، فالإنجيل كان حقاً في تاريخ البشرية حتى الزمني منه، خمير حريَّة وتقدُّم، كما أنَّه لا يزال دوماً بذاته خمير أخوّة ووحدة وسلام، ولذا فالمسيح لا يُحتفى به بدون داع ''كانتظار الشعوب ومخلصهم'' (نشاط الكنيسة الارسالي/78).
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 04 - 2017, 08:44 AM   رقم المشاركة : ( 14 )
Rena Jesus Female
..::| الاشراف العام |::..

الصورة الرمزية Rena Jesus

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1424
تـاريخ التسجيـل : Sep 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 73,660

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Rena Jesus غير متواجد حالياً

افتراضي رد: لا تشاكلوا أبناء هذا الدهر (الحريه بمفهوم مسيحى)

طبيعة الحريَّة المسيحية
''لأنَّ الربَّ هو الروح، وحيث يكون روح الربّ تكون الحريَّة'' (2قورنثس 17/3). إنَّ الحريَّة المسيحية لها إنعكاساتها على المستوى الاجتماعي، إلاّ أنَّها تقوم في ما هو أسمى من ذلك، فهي سهلة المنال للعبيد والأحرار، لأنَّها لا تفترض تغيير الحال الذي كان عليه المرء ''فإن كنت عبداً حين دُعيت فلا تُبال، ولو كان بوسعك أن تصير حرّاً، فالأولى بك أن تستفيد من حالك، لأنَّه مَنْ دُعي في الربِّ وهو عبد كان عتيق الربِّ (1قورنثس 21/7)، ففي العالم الروماني - اليوناني، الذي كان يرى في الحريَّة المدنية الأساس الأول للكرامة الشخصية، كانت هذه الحريَّة المسيحية أمراً متناقضاً مع العقل، لكن بهذه الطريقة، ظهرت بوضوح أكبر قيمة التحرير الجذري الذي يُقدِّمه لنا المسيح.

فالحريَّة المسيحية، التي هي أبعد من أن تكون ثمرة عقيدة ذهنية مُجرَّدة عن الزمن، هي بالأحرى نتيجة حدث تاريخي هو موت المسيح الظافر، وإتِّصال مباشر هو الإتِّحاد بالمسيح في المعمودية، والمؤمن الحرّ يعيش منذ الآن وإلى الأبد في صلة حميمة مع الأب، دون أن تُعرقله قيود الخطيئة والموت والشريعة.
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 04 - 2017, 08:45 AM   رقم المشاركة : ( 15 )
Rena Jesus Female
..::| الاشراف العام |::..

الصورة الرمزية Rena Jesus

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1424
تـاريخ التسجيـل : Sep 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 73,660

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Rena Jesus غير متواجد حالياً

افتراضي رد: لا تشاكلوا أبناء هذا الدهر (الحريه بمفهوم مسيحى)

التحرّر المسيحي
1- من الخطيئة:
''لقد نجّانا الله من سلطان الظلمات، ونقلنا إلى ملكوت إبنه الحبيب، فكان به الفداء وغفران الخطايا'' (كولسي1/ 13-14).
الخطيئة هي القوة الغاشمة التي ينتزعنا يسوع المسيح من نيرها، والحريَّة التي أَعدَّها المسيح في الروح القدس أعادت إلينا المقدرة التي حرمتنا منها الخطيئة، على أن نُحبَّ الله فوق كلّ شيء ونبقى على إتّصال معه. لقد تَحرّرنا من محبَّة ذاتنا العشوائية، مصدر إزدرائنا القريب، ومن علاقات الهيمنة بين الناس، على الرغم من إستمرار الظلم في العالم، إلى يوم يعود بالمجد ذلك القائم من الموت، يُنبِّه القديس بولس إلى أنَّ ''المسيح قد حَرَّرَنا لنكون أحراراً'' (غلاطية 1/5). لذلك ينبغي لنا أن نصمد ونناضل لئلا نسقط من جديد تحت نير العبودية ''تعرفون الحقَّ والحقّ يُحرِّركم… مَنْ يرتكب الخطيئة يكون عبداً، والعبد لا يقيم في البيت للأبد، بل الإبن يقيم للأبد، فإذا حَرَّركم الإبن صرتم أحراراً حقاً''. ( يوحنا 8 /32-36).

2- من الموت:
فليس بعد الآن من هلاك للذين هم في يسوع المسيح لأنَّ شريعة الروح الذي يهب الحياة في يسوع المسيح قد حرّرتني من شريعة الخطيئة والموت'' (رومية8 /1-2). قد تمَّ الإنتصار على الموت الرفيق الملازم للخطيئة (تكوين17/2)، لقد فقد شوكته (1كورنثس 56/15)، ولم يعد المسيحيون عبيداً لمخافة الموت، أجل لن يتمّ هذا التحرّر الكامل إلاّ عند القيامة المجيدة ونحن ما زلنا ننتظر إفتداء أجسادنا (رومية23/8)، لكنَّ الأزمنة الأخيرة قد بدأت بنوع ما، وإنتقلنا من الموت إلى الحياة على قدر ما نحيا في الإيمان والمحبَّة (1يوحنا 14/3).

3- من الشريعة:
''فلا يكوننَّ للخطيئة من سلطان عليكم من بعد. فلستم في حكم الشريعة ولكنَّكم في حكم النعمة'' (رومية14/6). أعلن القديس بولس هبة شريعة الروح الجديدة، خلافا لشريعة الجسد والطمع التي تنزع بالإنسان إلى الشرِّ وتعيقه عن إختيار الخير. وبما أنَّنا متنا - سريّاً - مع المسيح عمّا كان يعتقلنا، فقد حلَّلنا من الشريعة وأصبحنا نعمل في نظام الروح الجديد، لا في نظام الحرف القديم (رومية 6/7)، ولا نقدر أن نجد مبدأ خلاصنا بتتميم شريعة خارجية، فنحن الآن نعيش في عهد جديد، نجد فيه قاعدة سلوكنا في الإنقياد للروح القدس المنسكب في قلوبنا ''فإذا كان الروح يقودكم فلستم في حكم الشريعة'' (غلاطية18/5). حقاً، لا يزال القديس يتكلَّم عن ''شريعة المسيح'' (غلاطية 2/6)، والشريعة تحتفظ بقيمتها بالنسبة للإنسان وللمسيحي لأنَّها مُقدَّسة والوصية مُقدَّسة عادلة صالحة (رومية 12/7)، إلاّ أنَّ هذه الشريعة تتلَخَّص في المحبَّة وبالإنقياد للروح القدس، نحن نُتمِّمها تلقائياً، لأنَّه ''حيث يكون روح الربِّ، تكون الحريَّة'' (2 كوررنثس 17/3). مؤكِّداً بذلك على الوصايا العشر وبنفس الوقت مقارناً بينها وبين المحبَّة التي هي ملؤها الحقيقي.

4- من سائر العبوديات:

عند تحرّره يمتلئ المؤمن شجاعة وثقة وفخراً، يَتحرَّر بقول كلِّ شيء ''كلُّ شيءٍ يحلّ لي'' (1قورنثس12/6)، فأتَّخَذَ من ذلك شعاراً له، ولكنَّه شوّه معناها (الحريَّة)، فلا يجب أن ينسى المؤمن أنَّه منتمٍ إلى الربِّ، وإنَّه مدّعو إلى القيامة من بين الأموات. ''إنَّكم، أيُّها الأخوة، قد دُعيتم إلى الحريَّة، على أن لا تجعلوا هذه الحريَّة سبيلاً لإرضاء الجسد'' (غلاطية 13/5)، ولا نجعل من الحريَّة ستاراً للخبث، بل نبتعد عن أدناس الدنيا، ولا نعود إلى ''تلك الأركان الضعيفة الحقيرة وتريدون أن تعودوا عبيداً لما كنتم قبلا؟'' (غلاطية 9/4). خاصَّة وأنَّ الفداء قد تمّ بدمٍ ثمين، وقد علمتم أنَّكم لم تُعتقوا بالفاني من الفضة أو الذهب من سيرتكم الباطلة التي ورثتموها عن آبائكم، بل بدمٍ كريم، دم الحمل الذي لا عيب فيه ولا دنس، أي دم المسيح'' (1بطرس 1/ 18-19).
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 04 - 2017, 08:46 AM   رقم المشاركة : ( 16 )
Rena Jesus Female
..::| الاشراف العام |::..

الصورة الرمزية Rena Jesus

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1424
تـاريخ التسجيـل : Sep 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 73,660

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Rena Jesus غير متواجد حالياً

افتراضي رد: لا تشاكلوا أبناء هذا الدهر (الحريه بمفهوم مسيحى)

ممارسة الحريَّة المسيحية
''وليقودوا حسب طبيعتهم إلى تقدّم عامّ في الحريَّة الإنسانية والمسيحية، وهكذا عبر أعضاء الكنيسة، ينير المسيح بنوره الخلاصي المجتمع الإنساني بأسره أكثر فأكثر'' (نور الأمم/36).

''كلُّ شيء حلال، ولكن ليس كلّ شيء يبني'' (1كورنثس 23/10)،
قد يطلب منا ضميرنا أن نتنازل عن حقوقنا في سبيل مصلحة الأخوة، إنَّ هذا لا يعتبر بلا شكّ حداً لحريَّتنا، بل طريقاً لممارستها بنوع أسمى. والمؤمنون إذا ما تَحرَّروا من عبوديتهم السابقة ليخدموا الله ''عليهم أن يصيروا بالمحبَّة عبيدَ بعضهم البعض'' (غلاطية 13/5)، كما يوجِّههم الروح القدس، وإذ جعل بولس نفسه خادماً، أو بمعنى آخر -عبداً لأخوته- (1كورنثس 19/9)، لم يفقد حريَّته لكنَّه كان مقتدياً بالمسيح وهو الابن الذي جاء لِيَخْدُمْ. ويقول القديس بولس أنَّ المحبَّة هي كمال الشريعة (رومية 13/ 8-10). ولا تعرف محبَّة القريب حدوداً، بل تَتَّسع للأعداء والمضطهدين ويتمثّل الكمال، على صورة كمال الله، بالرحمة التي يتوجب على تلميذ المسيح أن يكون مشدوداً إليها. تستمد المحبّة المسيحية، المجانية والشاملة، طبيعتها من محبَّة المسيح الذي وهبنا حياته: ''فليحبَّ بعضكم بعضاً كما أنا أحببتكم'' (يوحنا 13/ 34-35)، هذه هي الوصية الأولى الموّجهة للتلاميذ. ويؤكِّد القديس يوحنا أنَّ من يتصرَّف بثروات هذا العالم، ويغلق قلبه بوجه قريبه المحتاج، لا يستطيع أن يحظى بمحبَّة الله المقيمة في داخله. إنَّ محبَّة الأخ هي محكّ محبَّة الله ''لأنَّ الذي لا يحبّ أخاه وهو يراه، لا يستطيع أن يحبَّ الله وهو لا يراه'' (1يوحنا 20/4) .


هذه المحبَّة الإنجيلية والدعوة إلى النبوّة الإلهية الموجَّهة إلى جميع الناس، تفرضان فرضاً مباشراً وجازماً إحترام حقوق الكائن البشري بالحياة والكرامة. لا فارق بين محبَّة القريب وإرادة العدل، التعارض بينهما تشويه للمحبَّة والعدل معاً، لا بل يُكمِّل معنى الرحمة معنى العدالة، بالحؤول دون إنغلاقها في دائرة الثأر.
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 04 - 2017, 08:46 AM   رقم المشاركة : ( 17 )
Rena Jesus Female
..::| الاشراف العام |::..

الصورة الرمزية Rena Jesus

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1424
تـاريخ التسجيـل : Sep 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 73,660

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Rena Jesus غير متواجد حالياً

افتراضي رد: لا تشاكلوا أبناء هذا الدهر (الحريه بمفهوم مسيحى)

نحو ملء الحريَّة
1- الكنيسة والرجاء الأواخري والالتزام بالتحرُّر الزمني:
''هكذا إذ تقوم الكنيسة برسالتها الخاصّة تساهم بذلك أيضاً بعمل التَمدُّن وتدفع إليه، إنَّ عملها، حتى الطقسي، يساعد على صوغ حريَّة الإنسان الداخلية'' (فرح ورجاء/85). إنَّ الكنيسة، في طواعيتها للروح، تَتقدَّم بإخلاص على سبل التَحرُّر الأصيل، فهي شعب إله الميثاق الجديد، وشريعة المحبَّة وصيَّتها، يسكن الروح في قلب أعضائها، كما في هيكل. أنَّها نواة وبداية ملكوت الله على الأرض. لذلك يقود الله شعبه نحو ملء الحريَّة، بعد أن منحه عربون روحه. وأورشليم الجديدة المنتظرة بشوق تدعى بحقٍّ مدينة الحريَّة، عندئذ ''يُكفكف [الله] كلَّ دمعة تسيل من عيونهم. لم يبق للموت وجود ولا للبكاء ولا للصراخ ولا للألم، لأنَّ العالم القديم قد زال'' (رؤيا 4/21)، إنَّ الرجاء هو الانتظار الثابت ''لسماوات جديدة وأرض جديدة تقيم فيها العدالة'' (2بطرس 13/3).
والإقدام لأنَّه ''حيث روح الربّ فهناك الحريَّة'' (2كورنثس 17/3). ورجاء الآخرة هذا لا يضعف الإلتزام في سبيل تقدّم المدينة الأرضية، بل يمنحه معنى وقوة. فالكنيسة المستنيرة بالروح القدس تُميِّز بين علامات الأزمنة الواعدة بالتحرير وبين تلك الخادعة والوهميّة، داعية الإنسان والمجتمعات إلى العمل على إيجاد الظروف الملائمة للحريَّة الصحيحة. وعياً منها بأنَّ كلَّ هذه القيم: الكرامة الإنسانية والاتِّحاد الأخوي والحريَّة، التي تُمثِّل ثمرة الجهود المنسجمة مع مشيئة الله، نجدها ''منضحة من كلِّ وصمة، ومضيئة ومتجليَّة عندما يُسلِّم المسيح الآب الملكوت الأبدي الشامل'' (فرح ورجاء، 3/39)، الذي هو ملكوت الحريَّة.

2- اللقاء النهائي مع المسيح:
'فتَكلَّموا واعمَلوا مثل الذين سيُدانون بشريعة الحرية'' (يعقوب 13/2). إنَّ تجلّي الكنيسة بواسطة المسيح القائم من الموت، في ختام مطافها لا يلغي مطلقاً المصير الشخصي لكلِّ فرد في ختام حياته الخاصّة. فكلُّ مَنْ ظهر فاضلاً أمام منبر المسيح، بعد أن يكون قد أحسن التصرُّف، بنعمة الله، في إختياره الحرّ، يحظى بالسعادة التي تجعله على مثال الله لأنَّه حينئذ يراه وجهاً لوجه. إنَّ هبة السعادة التي يمنّ الله بها على الإنسان هي الإشادة بأسمى حريَّة يمكن أن يَتصوَّرها عقل. إنَّ الحقيقة الإنجيلية، وفقاً لأمرِ المسيح يجب أن يُدعى إليها جميع الناس، الذين من حقِّهم أن تُعرَض عليهم. إنَّ الروح القدس يرشد الكنيسة وتلامذة يسوع المسيح ''إلى الحقِّ كلِّه'' (يوحنا 13/16)، وهو الحاضر في ضمير ينضج لمزيد من إحترام كرامة الشخص البشري، الروح القدس ينبوع الشجاعة والبطولة والإقدام لانه "حيث روح الرب فهناك الحرية" (2كورنش 3/17).
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 04 - 2017, 08:47 AM   رقم المشاركة : ( 18 )
Rena Jesus Female
..::| الاشراف العام |::..

الصورة الرمزية Rena Jesus

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1424
تـاريخ التسجيـل : Sep 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 73,660

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Rena Jesus غير متواجد حالياً

افتراضي رد: لا تشاكلوا أبناء هذا الدهر (الحريه بمفهوم مسيحى)

الحرية في الفكر المسيحي

"وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ» ...
إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ... فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا"...

(غلا5: 13- 15)
"فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا دُعِيتُمْ لِلْحُرِّيَّةِ أَيُّهَا الإِخْوَةُ. غَيْرَ أَنَّهُ لاَ تُصَيِّرُوا الْحُرِّيَّةَ فُرْصَةً لِلْجَسَدِ، بَلْ بِالْمَحَبَّةِ اخْدِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا."


يؤكد الفكر المسيحي على مبدأ حرية الإنسان، فهذه حقيقة ساطعة كالشمس على صفحات الوحي المقدس.
والإنسان بطبيعته يبتغي دواماً أن يكون حراً طليقاً، ويكره بشدة أن يكون سجيناً ويردد مع الشاعر قول الطائر المحبوس في قفص من ذهب :


الحبس ليس مذهبي وليـس فيـه طـربــي
ولست أرَضى قفصاً وإن يكــن من ذهب


ولما كانت الحرية مطلباً للإنسانية لذا كانت الحرية هي جوهر رسالة المسيح التي نادى بها، في مستهل خدمته بندائه:
" رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَالْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ، وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ"
(لو4: 18).


ولنا في هذا الموضوع الأفكار الآتية :-


أولاً: الحرية إحتياج إنساني :
نعم! الإنسان يحتاج إلى مساحة من الحرية تعاونه لتكون له الشخصية الناضجة المتزنة المستقلة،
وتساعده ليشق طريقه في الحياة بما يتفق مع مواهبه وإمكانياته وقدراته، وفي نفس الوقت يحتاج إلى ضوابط ليسلك في الطريق الصحيح السليم.


والدارس لكلمة الله يجد أن الإنسان في حاجة ماسة إلى الحرية من أمور كثيرة أذكر منها الآتي:

1. الحرية من عبودية الخطية والشهوات:

قال الرب يسوع " كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ... "
(يو8: 34).

إن الإنسان تحت سيادة الخطية لا يعرف مذاق الحرية على الإطلاق، لأنه يسيء إستخدام الحرية لهذا ترسم لنا ريشة الوحي المقدس المرأة السامريه تذهب إلى البئر يومياً لتأخذ من ميائه دون أن ترتوي ولم تعرف معنى الإرتواء ولم تختبر الحرية الحقيقية إلا بعد قبولها الرب فمَنْ يَشْرَبُ من مياه العالم يَعْطَشُ أَيْضًا فمياه العالم مالحة شاربها يزداد عطشا هكذا مَنْ يعيش في الخطيةإنه يتصرف في إطارها، ويخضع لسلطانها.

عندما قال الرب يسوع:
" أَنَا هُوَ الْبَابُ. إِنْ دَخَلَبِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى"
(يو10: 9)

فسر كثيرون أن هذا الباب هو "باب الحرية"
ذلك لأن الرب يسوع قال:
" إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ "يَدْخُلُ وَيَخْرُجُ"
أي يكون حراً في دخوله وخروجه وهذا صحيح، ولكن يسبق الحرية الخلاص فمكتوب :
" إِنْ دَخَلَبِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ" ثم بعد ذلك يختبر قيمة الحرية.

نعم! إن المؤمن وقد تحرر من سيادة الخطية لهذا فهو يعيش الحرية بمعنى الكلمة كما هو مكتوب :"فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا." (يو8: 36).

إن الإنسان تحت سيادة نعمة الله قد صارت له الحرية للتصرف والاختيار، وإتخاذ القرار، ولا شك أن ميوله هي لطاعة الله وعمل رضاه ، ولكنه إن أخطأ، فالخطأ هنا نتيجة حريته،
ولعل هذا هو السبب في أن المؤمن يصارع دائماً مغريات الخطية والشر ويحاول أن ينتصر عليها لأن له من الروح القدس ما يرشده، وله من شعوره بالبنوة ما يجعله يشعر بالإلتزام والمسئولية ، وله من كلمة الله ما يجعله يسلك في ضوء تعاليمه ومبادئه.
ولهذا يقول الرسول بولس
" فَاثْبُتُوا إِذًا فِي الْحُرِّيَّةِالَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا"
(غلا5: 1).


2. الحرية من الأوهام والخرافات :

يوجد البعض من الناس البسطاء يعيشون تحت عبودية الأوهام والخيالات والخرافات الشائعة، لذلك نجدهم يلجأون إلى أعمال السحر والشعوذة، والأحجبة، والتعاويذ، وقراءة الكف، وقراءة الفنجان، وفتح الكتاب، وهناك البعض مقيد بقيود الخوف من الحسد والسحر.
هذا وهناك مَنْ هو أسير لأمور يتفائل بها، وأمور يتشائم منها إلى غير ذلك من أعمال يعتمد فيها الإنسان الخاطئ على القوى الغيبية في تحقيق بعض إحتياجاته دون إستخدام العقل والفكر الذي أعطاه الله أياه.

إن مَنْ يؤمن بالخرافات يدلل على ضعف ثقته بالله، ومَنْ يخاف من المجهول يبرهن على عدم إيمانه بالله، إن السر في معظم المخاوف هي في العقول التي أصبحت تتعلق بالخرافات والأوهام أكثر من تعلقها بالله .

إن الرب لا يسمح لشعبه بمثل هذه الأفعال فيقول لهم في (تث18: 10- 14)
" لاَ يُوجَدْ فِيكَ ... مَنْ يَعْرُفُ عِرَافَةً، وَلاَعَائِفٌ وَلاَ مُتَفَائِلٌ وَلاَ سَاحِرٌ،وَلاَمَنْ يَرْقِي رُقْيَةً، وَلاَ مَنْ يَسْأَلُ جَانًّا أَوْ تَابِعَةً، وَلاَ مَنْيَسْتَشِيرُ الْمَوْتَى. لأَنَّ كُلَّمَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الرَّبِّ."


إن التاريخ يحكي لنا عن شعوب كثيرة تم إستعبادها بسبب جهلها،
وما أكثر الناس الذين بسبب جهلهم يستعبدون أنفسهم للغير ويخضعون لسلطانهم ...

كيف لا! أليس مكتوب سُبِيَ شَعْبِي لِعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ،
(أش5: 13 )
و " قَدْ هَلَكَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ."
(هو4: 6)
إلى كل هؤلاء يقول الرب يسوع "وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ"
(يو8: 32).

وهنا نجد الرب يسوع يدعونا إلى الحرية عن طريق إمتلاء قلوبنا وعقولنا وإرادتنا بشخصه وكلامه، وأن نكون حقاً تلاميذه، وأن نعرفه معرفة إختباريه حقيقية
"لأنه هُوَالطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ "
(يو14: 6).


3. الحرية من التقاليد والعادات :

يقول الرسول بولس في (رو12: 2)
" وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ،بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَاهِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ"

وهذه الكلمات معناها القريب هو أننا لا يجب أن نشابه أهل العالم، أما المعنى الآخر هو أننا لا يجب أن نجعل العالم يشكلنا أو يضعنا في قوالب معينة.

على سبيل المثال في العادات السلبية الخاصة بطقوس مناسبات الأحزان والأفراح ،
و الأساليب الرجعية التي تنتهك حقوق المرأة بصفة عامة بحجة العادات والتقاليد إلى غير ذلك.

كم من أناس تستعبدهم تقاليد مألوفة، وعادات موروثة، ولا يستطيعون الفكاك والفرار منها،
وتضع العادات الإنسان في سجن يتعود عليه للدرجة التي تفقده الإحساس بحاجته إلى التغيير، وتجعله يشعر بأنه (ليس في الإمكان أفضل مما كان)،
والمسيحية تفتح الطريق أمام الناس للتحرر من مثل هذه العادات البالية.

فيقول الرسول بولس في (1كو2: 15)
"وَأَمَّاالرُّوحِيُّ فَيَحْكُمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ لاَيُحْكَمُ فِيهِ مِنْ أَحَد"ٍ.
وفي (1كو4: 4) يقول
" الَّذِي يَحْكُمُ فِيَّ هُوَ الرَّبُّ".
وفي (كو2: 16، 17، 20)
"فَلاَ يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ فِيأَكْل أَوْ شُرْبٍ، أَوْ مِنْ جِهَةِ عِيدٍ أَوْ هِلاَل أَوْ سَبْتٍ،الَّتِي هِيَ ظِلُّ الأُمُورِالْعَتِيدَةِ، وَأَمَّا الْجَسَدُ فَلِلْمَسِيحِ.... إِذًا إِنْ كُنْتُمْ قَدْ مُتُّمْ مَعَالْمَسِيحِ عَنْ أَرْكَانِ الْعَالَمِ، فَلِمَاذَا كَأَنَّكُمْ عَائِشُونَ فِيالْعَالَمِ؟ تُفْرَضُ عَلَيْكُمْ فَرَائِضُ".
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 04 - 2017, 08:47 AM   رقم المشاركة : ( 19 )
Rena Jesus Female
..::| الاشراف العام |::..

الصورة الرمزية Rena Jesus

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1424
تـاريخ التسجيـل : Sep 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 73,660

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Rena Jesus غير متواجد حالياً

افتراضي رد: لا تشاكلوا أبناء هذا الدهر (الحريه بمفهوم مسيحى)

ثانياً: حدود أو قيود الحرية المسيحية:

يخطئ مَنْ يظن أن الحرية المسيحية بلا ضوابط وبلا قيود، فلا توجد على سطح الأرض حرية (مطلقة) بلا قيود وبلا سقف والجدير بالذكر أن البعض يشبّه الحرية المسيحية :


إنها كالقضبان بالنسبة لقطار السكة الحديد، لا يتحرك القطار إلا في حدود القضبان.

أو إنها كالماء بالنسبة للسمك... له أن يسبح كيفما يشاء حتى ولو ضد التيار، لكن المهم لا يخرج من الماء وإلا يتعرض للموت.

إن حدود الحرية المسيحية هي بمثابة النور الذي يكشف للإنسان مواقع الخطر ليتجنبها، ومواطن الخير ليسلك فيها.


حقاً! للحرية المسيحية بعض القيود أو الحدود أو الضوابط أذكر منها الآتي:

1. الحرية وقيد المسئولية:

ولأن الإنسان حر فهو مدعو للتفكير العقلاني المنطقي، ويختار بكل حرية ما يقوده إليه تفكيره ، متحملاً في ذلك مسئولية إختياره،
وتبلغ حرية الإنسان مداها في قبوله أو رفضه للإيمان بالله وطاعته وعبادته، فالله يوجه الدعوة للإنسان، والإنسان من حقه أن يقبل أو يرفض، ولكن عليه أن يتحمل مسئولية قراراته التي يتخذها بحرية كاملة في تقرير مصيره فالله يعرض ولا يفرض فيقول في
(تث11: 26- 28)
"أَنَا وَاضِعٌ أَمَامَكُمُ الْيَوْمَ بَرَكَةً وَلَعْنَةً: الْبَرَكَةُ إِذَا سَمِعْتُمْ لِوَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا الْيَوْمَ. وَاللَّعْنَةُ إِذَا لَمْ تَسْمَعُوا لِوَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمْ، وَزُغْتُمْ عَنِ الطَّرِيقِ الَّتِيأَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا الْيَوْمَ لِتَذْهَبُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لَمْ تَعْرِفُوهَا "
ويقول في (تث30: 15و 19)
"اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ الْيَوْمَقُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْخَيْرَ، وَالْمَوْتَ وَالشَّرَّ،… قَدْ جَعَلْتُ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ. الْبَرَكَةَ وَاللَّعْنَةَ. فَاخْتَرِ الْحَيَاةَ لِكَيْ تَحْيَا أَنْتَوَنَسْلُكَ،".
ويقول في (أش1: 19- 20)
" إِنْ شِئْتُمْ وَسَمِعْتُمْ تَأْكُلُونَ خَيْرَ الأَرْضِ. وَإِنْ أَبَيْتُمْ وَتَمَرَّدْتُمْ تُؤْكَلُونَ بِالسَّيْفِ». لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ تَكَلَّمَ".


وقديماً وقف يشوع وقال للشعب
" فَاخْتَارُوا لأَنْفُسِكُمُ الْيَوْمَ مَنْ تَعْبُدُونَ:
(يش24: 15).


ويقول الرب يسوع لمَنْ يريد إتباعه:
" إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي، فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ كُلَّ يَوْمٍ، وَيَتْبَعْنِي".
(لو9: 23)

وتصور ريشة الوحي المقدس صورة بديعة الجمال لإحترام الله لإرادة الإنسان فيما سجله يوحنا في سفر الرؤيا عندما قال:
" هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي".
(رؤ3: 20).


إن الله أعطى الإرادة الحرة للإنسان حتى وإن إستخدم الإنسان هذه الحرية في رفض الله أو الإيمان به ... لكنها حرية مسئولة.

2.الحرية وقيد التعايش مع الآخر:

الحرية تعني الإقرار بوجود آخر يختلف عني ومعي، وله الحق في أن يعيش الحرية مثلي تماماً، ولابد أن ندرك أن الإختلاف لا يجب أن يصنع خلافاً ونزاعاً مع الآخر،
وإنما الإختلاف بركة وثراء، فباقة الورود المتعددة الألوان في تناسق وتناغم أجمل بما لا يقارن من باقة الورود ذات اللون الواحد، والسيمفونية التي يقدمها مجموعة من العازفين على آلات موسيقية متنوعة أرق وأرقي بما لا يقاس من السيمفونية التي تقدمها فرقة بآلة موسيقية واحدة.

لقد كان التلاميذ خليطاً عجيباً من البشر فبطرس وأندراوس طبيعتهما عكس بعضهما، ويوحنا الواثق على النقيض من توما الشكاك، ومتى العشار الذي باع نفسه للرومان يختلف عن سمعان القانوي أو الغيور المتعصب لدينه وقوميته وهكذا،
إنهم مجموعة متباينة رأي يسوع في اختلافهم غنى، لأن كل واحد منهم يستطيع أن يقدم خدمة مختلفة، عن الآخر ولكنهم في النهاية يكملون ويجملون بعضهم البعض، يعيشون الجهاد والضعف، ويخطئون ويصيبون وهذا هو حال الكنيسة في كل زمان ومكان .

الحرية تعني حق الإختلاف مع الآخر في فكره ورأيه، فالحرية تعطيني الحق في إعتناق ما أشاء من أفكار ومعتقدات، والحرية تعطيني الحق في التعبير عن آرائي،
لكن الحرية لا تعطيني الحق أبداً في أن أسخر أو أزدري أو أستخف أو أقلل من معتقد ومن رأي الآخر .

كان الرب يسوع يتمتع بقلب محب كبير بلا جدران يتسع لكل إنسان مهما كان فكره أو دينه أو جنسه، فيحكي لنا البشير لوقا في
(9: 51- 56)
عندما رفض أهل السامره قبول يسوع فطلب يعقوب ويوحنا أن تنزل نار من السماء فتفنيهم
"عندئذ انْتَهَرَهُمَا وَقَالَ لها :
«لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مِنْ أَيِّ رُوحٍ أَنْتُمَا!"
(لو9: 55).


لقد كان التلميذان أشد تعصباً من السامرين، فالمتعصب يحاول إبادة كل مَنْ يختلف معه في الفكر أو الدين، لكن الرب يسوع رفض قتل المختلفين عنهم دينياً وفكرياً إيماناً منه بحق أي إنسان أن يعتنق ما يشاء، وإعتقاداً منه بأن حق الإختلاف هو شيء طبيعي حيثما وُجد البشر. وأيضاً وضع الرب يسوع قاعدة ذهبية في المعاملات الإنسانية فقال:
" فَكُلُّ مَاتُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًابِهِمْ، لأَنَّ هذَا هُوَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ"
(مت7: 12).


وترسم ريشة الوحي المقدس صورة بديعة الجمال للتسامح في مثل الزارع الذي زرع حنطة في حقله ثم جاء العدو والناس نيام وزرع زواناً في وسط الحنطة، ولما كان من الصعب إجتثاث الزوان لأن الزرع كله يكون معرضاً للخطر ...
وعندما سئل صاحب الحقل عن الحل أجاب قائلاً:
"دَعُوهُمَا يَنْمِيَانِ كِلاَهُمَا مَعًا إِلَى الْحَصَادِ، وَفِي وَقْتِ الْحَصَادِ أَقُولُ لِلْحَصَّادِينَ: اجْمَعُوا أَوَّلاً الزَّوَانَ وَاحْزِمُوهُ حُزَمًا لِيُحْرَقَ، وَأَمَّا الْحِنْطَةَ فَاجْمَعُوهَا إِلَى مَخْزَني".
(مت13: 30).


من المؤسف والمخجل أن هناك مَنْ يؤصلون لرفض الآخر ويؤكدون على كراهيته ويظنون أنهم بهذا الأسلوب إنما يتقربون إلى الله بل ويقدمون خدمة لله وكأن الله يحب مَنْ يكره أخيه في الإنسانية.

نحتاج أن يكون لنا قلب المسيح الكبير الذي يحب الجميع ويحتمل ويتسع للكل.

هذا والحرية لا تعطينا الحق في الإنفراد بإتخاذ القرار بل تدربنا على العمل بروح الفريق الواحد، وإعطاء الآخر الفرصة للمشاركة في صناعة وصياغة القرار، وهذا ما يجب أن نمارسه أولاً في محيط الأسرة وفي كل موقع نتواجد فيه.

3. الحرية وقيد الثمن والضريبة:

إن الذي يحصل على جنسية دولة معينة له أن يتمتع بإمتيازاتها مثل الأمن والحرية والمساواة والعدالة الإجتماعية والديمقراطية التعليم و التأمين الصحي ... الخ
ولكن عليه أن يقوم بأداء واجباته مثل أداء الخدمة العسكرية ودفع الضرائب والخضوع للسلطات والإلتزام بتنفيذ القوانين.
هكذا مَنْ يريد أن يعيش الحرية المسيحية عليه أن يلتزم بدفع ضريبة الحياة المسيحية التي ينتمي إليها ويرتبط بها .

جاء أحدهم إلى الرب يسوع وقال له:
" أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي". فقال له:" لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ، وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّاابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ".
(لو9: 57، 58).

ولم يكن يسوع يقصد بالتعبير " لَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ" الفقر أو الإحتياج وإنما كان يعني أنه لم يكن له أن يهدأ أو يستريح قبل تكميل رسالته فلقد كانت أمام يسوع رؤيا عليه أن يتممها.

هكذا علينا أن ندرك أن حريتنا المسيحية مقترنة بصليب، فللحرية ثمن ولإيماننا المسيحي ضريبة فمكتوب :
" وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ"
(في1: 29)


4. الحرية وقيد الفكر والذوق المسيحي :

يحدثنا الرسول بولس في (1كو6: 12) قائلاً :
" كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، لكِنْلَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تُوافِقُ. «كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، لكِنْ لاَيَتَسَلَّطُ عَلَيَّ شَيْءٌ."
وفي (1كو10: 23) يقول :

«كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، وَلكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تَبْنِي."

من هذا النص نتعلم أن الحرية المسيحية تدربنا أن تكون إختياراتنا وقراراتنا من منطلق فكر وذوق مسيحي، فالحرية المسيحية لا تدفع المسيحي لكي يخطئ لإحساسه بالحرية بل ليكون ذلك الشخص الذي قد صار بنعمة الله حراً لكي لا يخطئ.

ويقول الرسول بولس في (رو6: 13، 16، 18- 20)
"أَنْتُمْ عَبِيدٌ لِلَّذِي تُطِيعُونَهُ: إِمَّا لِلْخَطِيَّةِ لِلْمَوْتِ أَوْ لِلطَّاعَةِ لِلْبِرِّ؟...وَإِذْأُعْتِقْتُمْ مِنَ الْخَطِيَّةِ صِرْتُمْ عَبِيدًا لِلْبِرِّ.... لأَنَّهُ كَمَا قَدَّمْتُمْ أَعْضَاءَكُمْ عَبِيدًا لِلنَّجَاسَةِ وَالإِثْمِ لِلإِثْمِ، هكَذَا الآنَ قَدِّمُوا أَعضَاءَكُمْ عَبِيدًا لِلْبِرِّ لِلْقَدَاسَةِ. لأَنَّكُمْ لَمَّا كُنْتُمْ عَبِيدَ الْخَطِيَّةِ، كُنْتُمْ أَحْرَارًا مِنَ الْبِرِّ."

المسيحية ليست ديانة ناموسية أي ليست مجموعة من الأوامر والنواهي (أفعل هذا ولا تفعل ذاك) ولا يوجد بها قائمة بالحلال وقائمة بالحرام،
بل هي ديانة العلاقة مع الله والسلوك بإرشاد روح الله القدوس
"لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ. "
(رو8: 14)

وفي ضوء هذه العلاقة نتخذ مبادئنا وتصرفاتنا ... لا يفرضها علينا إنسان ولكننا نختارها بأنفسنا.


5. الحرية وقيد المحبة الغير مشروطة :

يسطر الرسول بولس في (1كو9: 19) قائلاً :
" فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرًّا مِنَ الْجَمِيعِ، اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِين".
وفي (غلا5: 13- 15)

يقول :" فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا دُعِيتُمْ لِلْحُرِّيَّةِ أَيُّهَا الإِخْوَةُ ... بَلْ بِالْمَحَبَّةِ اخْدِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. لأَنَّ كُلَّ النَّامُوسِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يُكْمَلُ:«تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ".


وهنا يؤكد الرسول بولس على التزامنا من نحو إخوتنا في البشرية،
أي نعم! نحن أحرار إلا أن حريتنا هي تلك التي تحب للقريب ما تحب لنفسها،
والمسيحي هو الذي يعيش فكر المسيح فيتحرر من الذات والأنا حتى يحب قريبه كنفسه ذاك الذي سجل عنه الوحي أنه عندما جاء أحدهم وسأله عن طريق الحياة
"َنَظَرَ إِلَيْهِ وَأَحَبَّهُ"
(مر10: 21).


إن الإنسان المسيحي الذي مات مع المسيح وقام لا يعرف إلا أن يعيش حياة البذل والتضحية،
وقد تصل التضحية إلى درجة الموت فمَنْ الذي دفع الشهداء في العصور المسيحية الأولى للإستشهاد سوى قناعتهم بإيمانهم المسيحي، وقبلوا أن يضحوا بحياتهم.

إن الحرية المسيحية تجعلنا نمارس المحبة الغير المشروطة في علاقتنا مع الآخرين كما أحبنا الرب يسوع ... لقد أحبنا ونحن خطاة ... أحبنا ولم يكن فينا شيء يُحب.

6. الحرية وقيد ضبط النفس :

هناك مَنْ يقول" أنا حر أعمل ما أحب وما أريد" بينما في الحقيقة هو منغمس في عادة أو شهوة أصبح عبداً وأسيراً في قبضتها،
لهذا يقول الرسول بولس في (غلا5: 13)
" لاَ تُصَيِّرُوا الْحُرِّيَّةَ فُرْصَةً لِلْجَسَدِ،".
ويقول الحكيم في (أم16: 32)
" اَلْبَطِيءُ الْغَضَبِ خَيْرٌ مِنَالْجَبَّارِ، وَمَالِكُ رُوحِهِ خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ مَدِينَةً".


شتان الفرق بين الحرية والفوضي، ومن أسف فهناك مَنْ يخلط بينهما فتجده يأتي بأعمال منافية للمبادئ والقيم والأخلاق.

نعم ! الإنسان حر في أن يعبر عن غضبه لكن دون أن يخطئ، عليه أن يضبط نفسه فالكتاب يعلمنا قائلاً :
"إغْضَبُوا وَلاَ تُخْطِئُوا...لاَتَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ"
(أف4: 26، 29).


ويقول الرسول يعقوب (يع1: 19)
"إِذًا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ،لِيَكُنْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُسْرِعًا فِي الاسْتِمَاعِ، مُبْطِئًا فِيالتَّكَلُّمِ، مُبْطِئًا فِي الْغَضَبِ".


نحن مدعوون لحياة الحرية الملتزمة بضبط النفس.

7. الحرية وقيد القدوة والمصداقية :

نعم! الإنسان حر لكنه مقيد بقيد القدوة والمصداقية فالأب أمام الأبناء، والمعلم أمام التلاميذ، والقائد أمام جنوده، الراعي أمام شعبه، والرئيس أمام مرؤوسيه كل واحد له مطلق الحرية أن يفعل ما يشاء ولكن يجب أن يكون قدوة حتى لا يصبح حجر عثرة في طريق غيره،
قال أحدهم:
" إن الحق يُنقل بالتقليد أكثر مما يُنقل بالتعليم فأعمال المعلم تؤثر في تلاميذه أكثر من أقواله."

لقد قيل عن الرب يسوع في (مت7: 28، 29)
"بُهِتَتِ الْجُمُوعُ مِنْ تَعْلِيمِهِ، لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ".

وذلك لأن الكتبة كانوا يستمدون سلطانهم من مركزهم المعترف به بإعتبارهم المفسرين لناموس موسى
" أي أنه سلطان الوظيفة التي منحوا إياها أما عن تصرفاتهم فيقول يسوع
" عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ، فَكُلُّمَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَاحْفَظُوهُ وَافْعَلُوهُ، وَلكِنْ حَسَبَأَعْمَالِهِمْ لاَ تَعْمَلُوا، لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلاَ يَفْعَلُونَ".
(مت23: 2و3).

أما يسوع فكان يستمد سلطانه من الحق الذي يقدمه ولقد جسد الحق في حياته.

الحرية المسيحية تهتم بالجوهر أكثر من المظهر، إن الدارس المدقق لحديث الرب يسوع في الموعظة على الجبل عن الصلاة والصدقة والصوم (مت6)
يلاحظ أن الرب يسوع لم يقصد أن يقدم معلومات عن هذه الممارسات لأنها كانت معروفة في وقتها، وإنما أراد أن يعالج.

مَنْ يصنعون الصدقة قدام الناس (مت6: 1).
ومَنْ يصلون قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع (مت6: 5) .
ومَنْ يصومون عابسين ليظهروا صائمين (مت6: 16).

لقد كان إهتمام الكتبة والفريسين بالمظاهر أكثر من الأعماق، وكانوا يعملون كل أعمالهم لكي يراهم الناس (مت23: 5).

نعم ! في المسيح نتمتع بحرية مجد أولاد الله ، وهي حرية مسئولة وملتزمة ومنضبطة لأنها تراعي القيم والمبادئ المسيحية .

أدعوك أن تختبر حياة الحرية الحقيقية في المسيح.
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 04 - 2017, 08:48 AM   رقم المشاركة : ( 20 )
Rena Jesus Female
..::| الاشراف العام |::..

الصورة الرمزية Rena Jesus

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1424
تـاريخ التسجيـل : Sep 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 73,660

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Rena Jesus غير متواجد حالياً

افتراضي رد: لا تشاكلوا أبناء هذا الدهر (الحريه بمفهوم مسيحى)

وضوع الحرية مهم جدا للإنسان وللحياة ككل والعالم كله، ف
هو واحد من شيئان يميزان الإنسان ككائن مخلوق عن باقي الكائنات.
أي ليس هناك أعلى وأسمى من هذان الموضوعان: العقل ـ الحرية.

ولأهمية الموضوع علينا ان نكون عارفين تماما لمعناه وكل ما يخصه من جوانب، لأننا نعيشه يوميا وكل لحظة،
لهذا علينا ان نعرفه بشكله الصحيح لنعيشه بشكله الصحيح.

سوف نتكلم عن الحرية بشكل عام لكن طبعا منطلقين من مفهومنا الإيماني لأنه بالتأكيد المفهوم الأصح والأكثر تعبيرا عن جوهر الحرية.
"ان المسيح قد حررنا لنكون أحرارا، فاثبتوا اذا ولا تعودوا الى نير العبودية .... انكم ايها الإخوة قد دعيتم الى الحرية، على ان لا تجعلوا هذه الحرية سبيلا لإرضاء الجسد، بل عليكم ان يصير بالمحبة بعضكم عبيدا لبعض، لان تمام الشريعة كلها في هذه الوصية (احبب قريبك حبك لنفسك)"
غلا 5: 1، 13 ـ 14.

في العصر الحالي أصبحنا نسمع ونرى زيادة عدد الذين يطالبون بان يكون لهم الحرية،
وأصبحنا نرى ونسمع العالم كله تقريبا يقاتل من اجل حريته بمختلف انواع القتال.
فمن ابسط إنسان الى اكبر المؤسسات الدولية نراهم يلحون كثيرا على ان يتمتعوا بحقهم في العيش والعمل حسبما يريدون دون ضغط او اكره.

لكن السؤال المهم: كم من هؤلاء الناس او المؤسسات يطالبون بحرية صحيحة جوهرية؟
أي ما هي الحرية التي يطالبون بها؟

الحـــــرية
تعني الحرية ان يعيش الإنسان ويعمل دون ضغط او جبر سواء جاء من الله نفسه او الأفراد او السلطات البشرية، او العوامل الحياتية الأخرى في حياة الإنسان.
أي بمعنى ان يتمتع الإنسان بحرية القرار والمسؤولية ويتمكن من العمل بها دون اكراه.

الحرية تعني الإنسان، فالإنسان بدون الحرية ليس إنسانا.
الإنسان الذي يعيش إنسانيته،
أي يعيش كل المبادئ والقيم والمقومات التي تجعله يصبح إنسانا، عندما يعيش كل هذه وسط وضعه وعصره وعالمه والذي يتعرض فيه الإنسان الى مختلف انواع الضغوطات والاخطار التي تهدد حرية قراره الشخصي،
اذا عاش وسط هذه كلها مبادئه وقيمه ومقومات انسانيته فانه انسان حر.

الحرية هي الوعي بالإنسانية،
الوعي التام لما يبني الإنسان ولما يهدم الإنسان، واختيار الشيء البنّاء.
فليست الحرية هي التصرف كيفما نريد بل هي معرفة ما نريد، هي اختيار ما نريد لنا كأناس، هي البحث عن ما يعطي معنى لما نعيشه ومعرفة كيف نعيش، أي البحث ومعرفة الحق، الحقيقة.
يقول يسوع "ان الحق يحرركم" يو 8: 32، لكن لماذا الحق يحررنا وكيف؟

الحقيقة او الحق هو علامة مميزة لصورة الله في الإنسان، أي ان الإنسان يحقق صورة الله فيه بالحق،
الحق المعاش هو تصوير او تجسيد للإنسان في قمة معناه كانسان، الإنسان يحقق ذاته بالحق،
أي يصبح إنسانا بالحق لان من صميم تكوينه ان يعيش الحق ليصبح ما هو مصمم له.

الشر هو نقيض الحق، وبالتالي نقيض الإنسان،
فالإنسان بشره يهدم حياته لانه لا يتمكن من ان يعيش في العالم او ضمن عالم وأناس ومجتمع مملوء من القيم والمبادئ السيئة.
لهذا لا يتمكن من ان يتمتع بظروف حياتية وإنسانية سليمة، فيكون هذا نتيجة قاسية له كانسان تُنقص من كرامته ومكانته في الحياة.

اذاً عمل الشر هو ضد الإنسان، ضد الحق. فعمل الشر بحرية هو نقيض الحرية بل على العكس هو عبودية،
لانه يجعل الإنسان لا انسان "كل من يرتكب الخطيئة يكون عبدا للخطيئة" يو 8: 33.
عادة ما يكون الشر جذابا وفيه متعة، لكن متعته تكون وقتية، فالإنسان عندما يعمل الشر يبحث عن أسهل الطرق وأمتعها، والشر يحقق له ذلك،
لكن الحرية الحقيقية تكون بمعاداة الشر حتى لو كان فيه متعة لانه يجب البحث عن الشيء الدائم والثابت الذي لا يزول فيه المعنى والقيمة.


المسيحي يجب ان يكون اكثر الناس حرية لانه يعرف معنى حياته وموته،
ولان المسيحية هي الحقيقة النهائية حول الإنسان، أي ليس هناك شيء أكثر حقيقة من المسيحية بالنسبة للإنسان. لهذا يجب ان نكون اكثر أحرارا.


الحرية تعني اعمال الإنسان التي يتوجه بها بإرادته نحو هدف حياته الصالح والصحيح. وهي تعني ايضا الانفتاح نحو الخارج وليس الانكماش على النفس.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
( رومية 12: 1 ، 2) ولا تشاكلوا هذا الدهر
لا تشاكلوا هذا الدهر
لا تشاكلوا هذا الدهر
ولا تشاكلوا هذا الدهر
ولا تشاكلوا هذا الدهر .


الساعة الآن 08:03 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024