منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13 - 03 - 2014, 04:27 PM   رقم المشاركة : ( 151 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

تشجيع الرب لتلاميذه

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
بالرغم من كل ما حدث، فإن محبة الرب قد أحاطت ببطرس في وقت التجربة. وقال له "سمعان سمعان هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة. ولكنى طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك. وأنت متى رجعت ثبت إخوتك" (لو22: 31، 32).
فكما أنبأ الرب بطرس بما سوف يصدر عنه من ضعف، فإنه أيضًا قد شجعه بهذه الكلمات "طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك"و"متى رجعت"..
في كل ما قاله السيد المسيح كان يقصد أن يخبر بطرس بما سوف يكون حتى لا ييأس: أخبره بضعفاته.. وأخبره أيضًا بقبوله لعودته ورجوعه وتقويته.. كل ذلك قاله السيد المسيح قبل أن يكون..
ما أجمل هذه الكلمات "طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك" (لو22: 32)،وهل يوجد مجال للشك في أن تُستجاب طلبة السيد المسيح لأجل بطرس؟! هكذا جاءت كلمات السيد الرب لتشجيعه، حتى في وقت ضعفه وكلامه غير المقبول..
أما عن قول السيد المسيح: "وأنت متى رجعت فثبت إخوتك" فالمقصود بها أنه متى تاب ورجع، فإن الرب سيعيده إلى رتبته الرسولية، وسيستخدمه في خلاص الخطاة والبعيدين، لأنه يكون قد اختبر مرارة الخطية وحلاوة الرجوع إلى أحضان الرب الحنان.
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 03 - 2014, 04:31 PM   رقم المشاركة : ( 152 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

في بستان جثسيماني

" جثا على ركبتيه وصلى" (لو22: 41)

في وقت الشدة والحزن المرير، أوصى السيد المسيح تلاميذه قائلًا: "صلوا لكي لا تدخلوا في تجربة" (لو22: 40).
وكما أوصاهم هكذا فعل، مقدّمًا نفسه مثالًا لكل إنسان، ونائبًا عن البشرية في أوجاعها وأحزانها التي استحقتها لسبب الخطية..
في اتضاع عجيب جثا السيد المسيح على ركبتيه وصلى، بكل الانسحاق، وبنفس منسكبة، وفي ضراعة عميقة، وصراخ من القلب.. "وإذ كان في جهادٍ كان يصلى بأشد لجاجةٍ. وصار عرقه كقطرات دمٍ نازلةٍ على الأرض" (لو22: 44).
هذه الصلاة الحارة العميقة قد اجتذبت انتباه السمائيين "وظهر له ملاك من السماء يقويه" (لو22: 43). ربما كان الملاك يردد ذلك النغم الخالد (لك القوة والمجد والبركة والعزة).. أو كان يردد تسبحة الثلاثة التقديسات (قدوس الله قدوس القوى قدوس الحي الذي لا يموت).. أو ليعلن إعجاب السمائيين بذلك الحب العجيب الذي احتمل الأحزان لأنه "إذ كان قد أحب خاصته الذين في العالم، أحبهم إلى المنتهى" (يو13: 1)..
في كل الأحوال فإن ظهور الملاك قد أكد مشاركة الجند السمائيين في وقت التجربة والحزن والألم.
وقد وصف معلمنا بولس الرسول تلك الصلوات الحارة والمنسحقة التي قدمها السيد المسيح أثناء آلامه وأحزانه فقال: "الذي في أيام جسده إذ قدّم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت. وسُمع له من أجل تقواه. مع كونه ابنًا تعلم الطاعة مما تألم به. وإذ كمل صار لجميع الذين يطيعونه سبب خلاص أبدى" (عب5: 7-9).
كل ما قيل عن تضرعات السيد المسيح أمام الآب في وقت الآلام والأحزان، ينبغي أن ننظر إليه في ضوء أن الابن الوحيد قد أخلى ذاته آخذًا صورة عبد (انظر فى2: 7). ولكنه مع هذا بقى هو هو نفسه كلمة الله القادر على كل شيء. ولكن من حيث إنه قد تجسد، وصار نائبًا عن البشرية "إذ وُجد في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت؛ موت الصليب" (فى2: 8).
ولذلك يقول: "مع كونه ابنًا تعلم الطاعة مما تألم به" (عب5: 8). أي أنه مع كونه ابن الله الذي له نفس جوهر الآب وقدراته وإرادته، فإنه كنائب عن البشرية قد أظهر الطاعة في قبوله للآلام والأحزان، مُرضيًا لقلب الآب السماوي.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
وهو في صلاته وتضرعه، كان يطلب من أجل خلاص البشرية من براثن الموت وقبضته. وقد أقامه الآب من الأموات، بنفس القدرة الإلهية التي أقام بها هو نفسه، والتي أقامه بها الروح القدس. لأن قدرة الثالوث هي قدرة إلهية واحدة. ولكنه مع كونه ابنًا قد تضرع إلى الآب من أجل القيامة من الأموات لأنه في هذا قد ناب عن البشرية في استرضاء قلب الآب السماوي، وفي إيفاء العدل الإلهي حقه بالكامل.
يقول الكتاب "وسُمع له من أجل تقواه" (عب5: 7). فلم يكن الأمر تنازلًا عن حق العدل الإلهي الذي لا يمكن أن يتغير.. بل بالفعل أوفى الإنسان يسوع المسيح حق العدل الإلهي، واستجاب الآب لما طلبه ابن الإنسان البار القدوس الذي بلا خطية، حينما قدّم نفسه ذبيحة إثم إذ حمل خطايا كثيرين وشفع في المذنبين.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
مجد الاتضاع

هذا الذي أخلى ذاته في الجسد على الأرض من مجده الإلهي المنظور، حينما قَبِلَ أن يوجد في صورة عبد ولم يحسب مساواته لله اختلاسًا بل صار في شبه الناس (انظر فى2: 6). "وإذ وجد في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت؛ موت الصليب" (فى2: 8).
يتكلّم معلمنا بولس الرسول عن مجد اتضاعه فيقول: "ولكن الذي وضع قليلًا عن الملائكة، يسوع نراه مكللًا بالمجد والكرامة، من أجل ألم الموت. لكي يذوق بنعمة الله الموت لأجل كل واحد" (عب2: 9).
إن المحبة تتألق حينما تتألم.. وهى تبرهن على نفسها حين تبذل وتعطى..
مجد المحبة هي أن تحب. كما أن مجد الينبوع هو أن يروى ويسقى ويغسل.. فمبارك هو ذاك الذي أخلى ذاته من المجد بالتجسد.. وبذل ذاته متجسدًا بالصليب..
وهكذا "كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا، ويدخل إلى مجده" (لو24: 26). "لذلك رفَّعه الله أيضًا، وأعطاه اسمًا فوق كل اسم. لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض. ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب" (فى2: 9-11).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
"جعل نفسه ذبيحة إثم" (إش53: 10)

وردت هذه النبوة عن السيد المسيح في سفر إشعياء (انظر إش53: 10) لتوضيح أن ذبيحة الصليب هي لخلاص الأثمة والخطاة،لأنه يقول أيضًا "بمعرفته يبرر كثيرين وآثامهم هو يحملها" (إش53: 11).
اتحد اللاهوت بالناسوت في السيد المسيح اتحادًا تامًا كاملًا منذ اللحظة الأولى للتجسد الإلهي. وهذا الإتحاد هو الذي عبّر عنه القديس كيرلس الكبير بعبارة [طبيعة واحدة متجسدة لله الكلمة].
وبسبب هذا الاتحاد الذي يفوق العقل والإدراك، صار لذبيحة الصليب فاعلية غير محدودة في خلاص الخطاة. لأن الآب وضع عليه خطايا كثيرين ليبررهم. "أما الرب فسر بأن يسحقه بالحزن، إن جعل نفسه ذبيحة إثم.. يبرر كثيرين وآثامهم هو يحملها.. هو حمل خطية كثيرين، وشفع في المذنبين" (إش53: 10-12).
هذا الفداء العجيب الذي دبّره الآب السماوي، في وحدة المشيئة مع الابن والروح القدس، قد اشترك فيه الأقانيم الثلاث. فالآب بذل ابنه الوحيد، والابن بذل ذاته، والروح القدس لم يكن غريبًا عن الكلمة حينما كان معلقًا على الصليب "المسيح الذي بروح أزلي قدّم نفسه لله بلا عيب" (عب9: 14).
لو كانت ذبيحة الصليب هي ذبيحة إنسانية مجردة، لما كان لها القدرة أن تكفر عن خطايا كثيرين -أي ما لا يعد من الملايين- ولما كان لها القدرة أن تسحق الشيطان وتحطم سلطانه وقوته. ولكن لأن الناسوت هو ناسوت كلمة الله، ولأن هذا الناسوت كان متحدًا باللاهوت بلا انفصال، فقد أمكن أن تكون هذه الذبيحة هي ذبيحة إلهية مخلّصة ومانحة للحياة. لهذا قال السيد المسيح: "أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي ولو مات فسيحيا" (يو11: 25).
فكل ما فعله ابن الله المتجسد من أجل خلاصنا، فقد فعله بأقنومه المتجسد الواحد والذي لم يفترق إلى طبيعتين من بعد الاتحاد.
لكل هذه الأسباب، أرسل الله ابنه الوحيد المولود من الآب قبل الدهور، ليتجسد من العذراء مريم في ملء الزمان، وليحرر البشر من الخطية ومن الموت الأبدي، وليعلن حب الله غير المحدود.. حب الله الأبدي غير الموصوف.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
"سر بأن يسحقه بالحزن" (إش53: 10)

لماذا سر الآب بأن يسحق الابن المتجسد بالحزن؟
كانت مسرة قلب الآب أن يصالح العالم لنفسه في المسيح. هذه المسرة ملؤها التضحية ودافعها المحبة.
لم يكن الخصام بين الله والإنسان شيئًا يسر قلب الله. ولم يكن ممكنًا أن تتم المصالحة بدون سفك دم، وبدون كفارة حقيقية تستعلن فيها قداسة الله كرافض للشر والخطية في حياة الإنسان.
وفى كل ذلك احتمل السيد المسيح في طاعة كاملة لأبيه السماوي، وفي اتضاع عجيب؛ احتمل كل الأحزان التي تفوق الوصف. وقال بفم إشعياء النبي: "السيد الرب فتح لي أذنًا، وأنا لم أعاند، إلى الوراء لم أرتد. بذلت ظهري للضاربين وخدّىَّ للناتفين. وجهي لم أستر عن العار والبصق" (إش50: 5، 6).
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 03 - 2014, 04:32 PM   رقم المشاركة : ( 153 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

القبض على يسوع

" من تطلبون؟" (يو18: 4)

بعد جهاد الصلاة في بستان جثسيماني، وبعد وصول جنود الهيكل وخدام رئيس الكهنة "خرج يسوع وهو عالم بكل ما يأتي عليه وقال لهم: من تطلبون؟" (يو18: 4).
لم يكن سبب السؤال أنه لم يكن يعلم، بل كان عالمًا بكل ما يأتي عليه. ولكنه في اتضاع ينزل في بساطة إلى مستوى بنى البشر لكي يخاطبهم، ويبدأ الحوار وكأنه لا يعلم، مع أنه عالِم بكل شيء.
وقد أجابوه قائلين: "يسوع الناصري" فقال لهم يسوع: "أنا هو" (يو18: 5).
ونظرًا لأن عبارة "أنا هو =I am he " تعنى "يهوه"(VEgw, eivmi إيجو إيمى) باللغة اليونانية، فقد ظهرت قوتها وتأثيرها حينما خرجت من فم الله الكلمة. تمامًا مثلما خاطب موسى في صورة لهيب النار في العليقة، وقال له: "أهيه الذي أهيه" (خر3: 14). وقال الله لموسى: "هكذا تقول لبنى إسرائيل أهيه أرسلني إليكم" (خر3: 14). في ذلك الوقت "غطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله" (خر3: 6).
"فلما قال لهم: إني أنا هو رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض" (يو18: 6). لم يحتملوا مجد لاهوته، حينما أعلن بكلامه شيئًا عن هذا المجد، حتى ولو لم يفهموا لقساوة قلوبهم.
عجيب هو سرّك أيها الكلمة الأزلي، يا من ظهرت في الجسد لأجل خلاصنا..!!
عجيب أنت في اتضاعك.. إذ وأنت الإله السرمدي، سلّمت للموت نفسك بإرادتك وسلطانك وحدك..!!
من يقدر أن يصف سر تجسدك الفائق للوصف والإدراك؟.. ومن يقدر أن يفهم اتضاعك وإخلائك لذاتك، وأنت تسير في طريق الموت بحسب الجسد، حاملًا صليب العار، بل صليب المجد مُظهرًا مقدار محبتك للبشر.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
كنت يا سيدي تنظر في عطف ورثاء إلى أولئك الذين جاءوا في جهل وغباوة للقبض عليك، مدفوعين في شقاوتهم بإيحاء من إبليس اللعين الذي لم يحتمل ظهورك في الجسد.. لم يحتمل تواضعك وإخلاءك لذاتك، فاندفع في حماقته يكيل ضدك ضربات الكراهية والحقد والحسد.. وأنت مثل حمل وديع، احتملت ظلم الأشرار، مظهرًا مجد طاعتك الكاملة لأبيك السماوي.
هكذا استطاعت المحبة الفائقة أن تحتمل.. أن تحتمل كل شيء.. حتى تهزم الكراهية، وتحرر البشرية من سلطان إبليس.. وتوبخ قساوة البشر حتى يخجلوا من كل ما عملوه.
بعد ذلك أعاد السيد المسيح نفس السؤال: "من تطلبون" (يو18: 7). وكرروا نفس الإجابة: "يسوع الناصري. أجاب يسوع: قد قلت لكم إني أنا هو" (يو18: 7، 8). وقول السيد المسيح في هذه المرة " أنا هو"قاله بالمعنى البسيط؛ أي أنا الذي تبحثون عنه وتطلبونه لتقبضوا عليه كأنه مذنب. لم يقلها بحسب إعلانه هو شخصيًا عن طبيعته الإلهية، بل حسب مقصدهم هم الخالي من المعرفة "لأن لو عرفوا لما صلبوا رب المجد" (1كو2: 8).
لهذا لم يقعوا على الأرض في المرة الثانية، بل تجاسروا وتقدموا للقبض عليه.. وقد سمح هو بذلك وسلم نفسه لهم مخفيًا مجد لاهوته ليتم الفداء.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
"دعوا هؤلاء يذهبون" (يو18: 8)

جاء السيد المسيح لكي يبذل نفسه فدية عن كثيرين،وقد تحقق هذا أيضًا في لحظة القبض عليه لأن الفداء في حياته كان منهجًا، وليس حدثًا عارضًا. فكما افتدى البشرية بموته على الصليب، هكذا افتدى تلاميذه في لحظة القبض عليه. وقال لأجناد اليهود: "فإن كنتم تطلبونني فدعوا هؤلاء يذهبون" (يو18: 8).
اعتاد الجنود في الحروب أن يقدموا أنفسهم فدية عن ملوكهم. فالملك يحاط بعناية خاصته. وقد حدث فعلًا أن طلب المحيطون بالملك داود أن لا يطفئ سراج إسرائيل (انظر 2صم21: 17). وأن لا ينزل بنفسه إلى معارك الحروب، فيترك الجيش ليحارب، ويبقى هو في القصر في أمان.
وقد قبِل الملك داود منهم هذه النصيحة، بعد أن خاض حروب كثيرة. وابتدأ يمتنع عن النزول إلى الحرب وبقى في القصر.. وأدى ذلك إلى متاعب كثيرة في حياته فيما بعد.
أما الملك يسوع، فلم يقبل أن يُقبض على أحد سواه في ليلة آلامه، واختار أن يساق وحيدًا إلى الموت بعد انصراف التلاميذ ليتم القول الذي قاله: "إن الذين أعطيتني لم أهلك منهم أحدًا" (يو18: 9).
كان قلبه منشغلًا بالآخرين وبسلامتهم ونجاتهم.. فتقدم كقائد شجاع، ليدفع الثمن وحده.. ليخلص المسبيين، ويحرر المأسورين، ويدك حصون الشياطين.
أليس هو الذي قال بفم حزقيال النبي: "أنا أرعى غنمي وأربضها.. وأطلب الضال، وأسترد المطرود، وأجبر الكسير، وأعصب الجريح، وأبيد السمين والقوى وأرعاها بعدل" (حز34: 15، 16).
الملك الحقيقي هو من يحقق لرعيته حياة الكرامة والحرية.. وهذا ما فعله السيد المسيح.
والملك الحقيقي هو من يمنح الحياة الأفضل.. وهذا ما منحه السيد المسيح.
والملك الحقيقي هو من يحرر رعيته من الخوف، ويصد هجمات الأعداء في بأس وقوة.
والملك الحقيقي هو من يملك على قلوب رعيته بالمحبة.
فليس المُلك هو أن يملك الملك على الشعب ليذلهم وليخدموه، بل المُلك هو أن يملك على القلوب ويمجدهم فيحبوه حتى أنه لا يملك في وسطهم، بل يملك في داخلهم.
هكذا ملك السيد المسيح على خشبة الصليب. وبدلًا من أن يملك الموت على البشر، ملكت الحياة التي في السيد المسيح.
لهذا نادى معلمنا بولس "لي الحياة هي المسيح" (فى1: 21) وقال: "متى أظهر المسيح حياتنا" (كو3: 4). وقيل في إنجيل يوحنا "فيه كانت الحياة" (يو1: 4). وقال السيد المسيح عن نفسه: "أنا هو خبز الحياة" (يو6: 35). "أنا هو.. الحياة" (يو11: 25). وكراعٍ صالح يبذل نفسه عن الخراف قال: "أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل" (يو10: 10).
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 03 - 2014, 04:33 PM   رقم المشاركة : ( 154 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

أبقبلة تسلم ابن الإنسان؟!

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
"أبقبلة تسلم ابن الإنسان؟!" (لو22: 48)

ظل السيد المسيح وديعًا ومتواضعًا وأمينًا إلى النهاية.. وحينما وصل يهوذا لينفذ الخيانة التي وضعها في قلبه.. لم يصدّه السيد المسيح عن أن يُقبِّله.. مع أن تلك القُبلة كانت هي العلامة التي أعطاها يهوذا لجنود وخدام رؤساء كهنة اليهود ليمسكوا يسوع.
عاتب السيد المسيح يهوذا بقوله "يا صاحب، لماذا جئت؟" (مت26: 50). كقول المزمور "ليس مبغضي تعظم علىّ فأختبئ منه. بل أنت إنسان عديلي إلفي وصديقي. الذي معه كانت تحلو لنا العشرة" (مز55: 12-14).
وعاتبه أيضًا بقوله "يا يهوذا أبقبلة تُسلِّم ابن الإنسان" (لو22: 48) هل يتصور أحد أن علامة المحبة والصداقة والألفة، تصير هي نفسها علامة الغدر والخيانة..؟!
سار السيد المسيح على الدرب نحو الصليب، وطُعن في جنبه بالحربة فوق الجلجثة. ولكن طعنة يهوذا في قلبه كانت أقسى بكثير.. لهذا كتب عنه في نبوة إشعياء: "محتقر ومخذول من الناس، رجل أوجاع ومختبر الحزن.. أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها.. مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا" (إش53: 3-5).
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 03 - 2014, 04:36 PM   رقم المشاركة : ( 155 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

قبضوا على يسوع وأوثقوه

" قبضوا على يسوع وأوثقوه" (يو18: 12)
"ثم إن الجند والقائد وخدام اليهود قبضوا على يسوع وأوثقوه، ومضوا به إلى حنان أولًا لأنه كان حما قيافا الذي كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة. وكان قيافا هو الذي أشار على اليهود أنه خير أن يموت إنسان واحد عن الشعب" (يو18: 12-14).
كيف يتم تقييد السيد المسيح بهذه الصورة العجيبة؟! وهل هو مستحق لذلك؟!
من الذي يستحق الربط والوثاق؟
أليس إبليس هو الذي يستحق أن يوثق ليستريح العالم من شروره..؟!
أليس الإنسان الخاطئ هو الذي يستحق أن يوثق، إذ سلّم نفسه إلى رباطات الخطية والموت..؟!
لذلك كُتب عن الشيطان: "والملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم، بل تركوا مسكنهم، حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلام" (يه 6).
وكُتب عن الشيطان أيضًا أن السيد المسيح بعد أن أتم الفداء "قبض على التنين الحية القديمة الذي هو إبليس والشيطان، وقيده ألف سنة" (رؤ20: 2). إلى أن يحل الشيطان من سجنه زمانًا يسيرًا في نهاية العالم، قبل إلقائه بصفة نهائية في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت.
وقال بطرس الرسوللسيمون الساحر الذي طلب أن يقتنى موهبة الرسولية بدراهم "فتب من شرك هذا، وأطلب إلى الله عسى أن يغفر لك فكر قلبك. لأني أراك في مرارة المر ورباط الظلم" (أع8: 22، 23).
فالشيطان يربط الإنسان ويوثقه برباطات الخطية، والسيد المسيح يريد أن يحل الإنسان من هذه الرباطات.
كذلك كان الشيطان قبل مجيء المخلّص يربط الناس في أجسادهم. إذ كان له سلطان على البشر بعد سقوط الإنسان. لهذا قال السيد المسيح عن المرأة المنحنية التي شفاها من مرضها: "وهذه وهي ابنة إبراهيم قد ربطها الشيطان ثماني عشرة سنة. أما كان ينبغي أن تحل من هذا الرباط" (لو13: 16).
جاء السيد المسيح وقال: "روح الرب علّى، لأنه مسحني.. لأنادى للمأسورين بالإطلاق.. وأرسل المنسحقين في الحرية" (لو4: 18). فجاء لكي يحرر البشر من وثاق الظلمة ولكي يخرج "من الحبس المأسورين من بيت السجن، الجالسين في الظلمة" (إش42: 7).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
لماذا أوثقوا يسوع؟!!

·هل خوفًا من أن يهرب؟ أليس هو الذي سلّم نفسه لهم بإرادته..؟!
·هل خوفًا من أن يبطش بهم؟.. أليس هو الذي أبرأ ملخس عبد رئيس الكهنة..؟
·أم إظهارًا لسطوتهم وقدرتهم في القبض عليه؟.. أليسوا هم الذين سقطوا على الأرض عندما قال لهم: "أنا هو" وقت القبض عليه..؟!
·هل أوثقوه لكي لا يصنع المزيد من المعجزات بيديه، والتي بسببها آمن الكثيرون؟ أليس هو الذي أبرأ الكثيرين بكلمة من فمه المبارك، وليس بيديه فقط.. وأظهر سلطانه على الطبيعة وعلى كل شيء. ولم يصنع المعجزات وهو حر فقط، بل وهو مسمَّر على الصليب، حينما أخفت الشمس شعاعها في عز النهار، وتحوّل النهار إلى ليل لمدة ثلاث ساعات متصلة، وماجت الأرض مرتعدة. وأكثر من ذلك كله صنع معجزة القيامة وهو ميت بحسب الجسد، ومدفون في القبر لمدة ثلاثة أيام، والأختام موضوعة على القبر الذي كان يحرسه عساكر الرومان.
ربما كانت هذه كلها هي دوافعهم في أن يوثقوا الرب يسوع، بل وأكثر منها.. ولكن الرب سمح بذلك كله لكي يصير تقييده ووثاقه عوضًا عن الإنسان الخاطئ الذي أوثقته الخطية وجعلته مقيدًا وفقد حريته الحقيقية.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
لقد قبِل السيد المسيح أن يفقد حريته -بحسب الجسد- في وقت الآلام والصلب، لكي يحرر الإنسان من رباطات الخطية مظهرًا أن الحرية الحقيقية هي الحرية من الشر. ولهذا قال لليهود: "إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارًا" (يو8: 36).
تكلّم المفكر الفرنسي الوجودي (جان بول سارتر) عن حرية الإنسان.. ونادى بتحرير الإنسان من سيطرة الله عليه -حسب زعمه- والتي مظهرها الوصايا الإلهية.
ولكن الوصية في حقيقتها، ليست قيدًا على الإنسان.. بل هي المحرر له من سلطان الشر والخطية.
وكان ينبغي على سارتر أن يتأمل كيف اختار الله الكلمة المتجسد أن يفقد حريته من أجل تحرير الإنسان.
فليس الله هو ذلك الإله الذي يسلب حرية الإنسان بعد أن خلقه حرًا.. بل هو ذلك الإله الذي دفع حريته وحياته -بالصليب- ثمنًا لتحرير الإنسان بالكامل "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد الجنس لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو3: 16).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
شمشون والمسيح

إن كان اليهود قد قبضوا على السيد المسيح، وأوثقوه.. فقد حدث نفس الأمر في حياة شمشون نذير الرب وقاضى إسرائيل.. وذلك حينما حضر إليه شيوخ إسرائيل وقالوا له إن الوثنيين يهاجمون أرضهم، ويتلفون ممتلكاتهم، ويقتلون بنيهم أو يأخذونهم كأسرى بسبب ما فعله هو بالوثنيين.
وحينما سألهم شمشون عما يقترحونه أو يطلبونه.. أجابوه بأن الحل في نظرهم هو أن يقبضوا عليه، ويسلموه موثقًا إلى الوثنيين، لأن هذا هو الشرط الذي طلبوه ليمتنعوا عن إيقاع الأذى بهم..
وقد وافق شمشون في شجاعة نادرة على طلبهم. ليريحهم من جهة، وليظهر لهم قدرة الرب من جهة أخرى.
ومع ذلك أحضر شعبه حبالًا جديدة متينة وأوثقوه بها. وقبل هو أن يتم تسليمه للأعداء فداءً عن شعبه.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
وحينما وصل شمشون موثقًا بالحبال إلى محلة الوثنيين، فرحوا جدًا وهتفوا وشعروا أن غريمهم القوى قد وقع أسيرًا في أيديهم في النهاية. ولكن فرحتهم لم تتم، إذ حل روح الرب على شمشون، فانحلّت وثاقاته المتينة، وصارت الحبال القوية كأنها خيط رفيع أمام قوته العجيبة،وإذ كان الجند قد تجمهروا من حوله.. أبصر أمامه على الأرض فك حمار، فالتقطه وضرب به ألف جندي من الوثنيين وانتصر عليهم. وحرر المأسورين من شعبه، وصنع الرب خلاصًا عظيمًا على يديه في ذلك اليوم.
كان شمشون في كل ذلك رمزًا للسيد المسيح الذي أظهر بالضعف ما هو أقوى من القوة.
فقد سمح لليهود أن يقبضوا عليه ويوثقوه، ويسلّموه إلى قضاء الموت بيد الحاكم الوثني الروماني. وتقبل كل ما وجه إليه من إهانات في اتضاع وتسليم من أجل خلاصنا.
وقد تخيل الشيطان في حماقته أن السيد المسيح قد وقع أسيرًا بين يديه.. ولكن السيد المسيح إذ انتصر على الصليب حطّم مملكة الشيطان وحرر المأسورين.
ففي ضعفه الظاهري كان قويًا منتصرًا على مملكة الظلمة. كما أنه انتصر على الموت، وحطّم شوكته، وقام منتصرًا من الأموات. تحرر بسهولة من الموت إذ لم يكن ممكنًا أن يُمسك منه.
كان "فك الحمار"الذي انتصر به شمشون على أعدائه رمزًا إلى "الموت" الذي حطّم به السيد المسيح الموت. وقد دخل السيد المسيح إلى أورشليم في بداية أسبوع الصلب راكبًا على أتان. دخل من باب الضأن في أورشليم ليكون تحت الحفظ مثل خروف الفصح، لأنه هو حمل الله الذي يحمل خطية العالم كله. وبدخول السيد المسيح إلى أورشليم بهذه الصورة قَبِلَ الموت بإرادته. وقَبِلَ أن يدخل إلى صراع الموت ليحطّمه ويبيد سلطانه "إذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم، اشترك هو أيضًا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس، ويعتق أولئك الذين خوفًا من الموت كانوا جميعًا كل حياتهم تحت العبودية" (عب2: 14، 15).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
سقوط المعبد

وقد تكرر موقف مشابه في حياة شمشون. حينما أرادوا أن يسخروا منه في عيد الإله داجون، وأتوا به إلى المعبد لإذلاله هناك. ولكنه وقف بين عموديّ المعبد الأساسيين، ورفع يديه على مثال الصليب ودفع العمودين بقوة فانهار معبد الوثنيين على من فيه وكان عدد الذين قتلهم في موته أكثر من الذين قتلهم في حياته.
وكان في هذا يرمز إلى السيد المسيح الذي في موته على الصليب هدم مملكة إبليس وحرر البشر من سلطانه وفتح الجحيم وأخرج أرواح الذين رقدوا على الرجاء وأدخلهم إلى الفردوس ورد آدم إلى مرتبته مرة أخرى..
كان موت المسيح هو أعظم انتصار على الشيطان، بالرغم مما بدا فيه من ضعف ظاهري.
فعلى الصليب انتصرت المحبة، وانتصر البر، وأخذ العدل مجراه فانتصرت العدالة، وانتصرت الحياة على الموت لأن الحياة في المسيح، كانت أقوى من الموت الذي لنا.
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 03 - 2014, 04:39 PM   رقم المشاركة : ( 156 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

هذه ساعتكم

"هذه ساعتكم" (لو22: 53)

في وقت القبض على السيد المسيح، قال لرؤساء كهنة اليهود ولقواد جند الهيكل والشيوخ المقبلين عليه: "كأنه على لص خرجتم بسيوف وعصى. إذ كنت معكم كل يوم في الهيكل لم تمدوا علىّ الأيادي. ولكن هذه ساعتكم وسلطان الظلمة" (لو22: 52، 53).
حدث التآمر ضد السيد المسيح لأنه جاء نورًا للعالم، وأحب الذين قاوموه الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة.
لم يحتمل الذين سلكوا في الظلمة ما نادى به السيد المسيح من تعاليم تحرر الإنسان من قيود الخطية وظلمتها.
ولم يحتملوا إنذاراته للجميع بالتوبة "إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" (لو13: 3).
ولم يحتملوا إصغاء الناس له والتفافهم من حوله وقالوا بعضهم لبعض: "انظروا إنكم لا تنفعون شيئًا. هوذا العالم قد ذهب وراءه" (يو12: 19). وامتلأوا حسدًا..
لم يحتملوا العجائب والمعجزات التي صنعها، وظهر بها مجده فآمن به تلاميذه (انظر يو2: 11).
ولم يحتملوا أنه كان يقاوم أساليبهم التي تعثر الشعب وتبعدهم عن معرفة الله؛ مثل تعشير الشبث والنعنع والكمون، وفي نفس الوقت ظلم الأرامل والأيتام. أو إطالة الصلوات تظاهرًا بالتقوى بلا صلة حقيقية بالله أو طلبًا للمنفعة (انظر مت23).

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
كانوا قد حوّلوا الهيكل الذي هو مكان العبادة والصلاة وتقديم الذبائح طلبًا للغفران، إلى موضع للتجارة. فكان الهيكل مكتظًا بباعة الحيوانات والطيور وبموائد الصيارفة.. وأخذت العبادة وضعًا شكليًا، وكأن الرب تهمه ذبائح الكباش والتيوس فقط، ولا تهمه ذبائح شفاه معترفة باسمه، أو قلوب منسحقة أمامه، مع أن "الذبيحة لله روح منسحق" (مز50: 17)
وكما هو مكتوب "غيرة بيتك أكلتني" (يو2: 17)، فقد تحرّك السيد المسيح بغيرة مقدسة لتطهير الهيكل من كل مظاهر محبة العالم قائلًا لهم: "بيتي بيت الصلاة يدعى وأنتم جعلتموه مغارة لصوص" (مت21: 13).
اصطدم السيد المسيح بمصالح الكهنة والفريسيين من أجل تطهير هيكله المقدس من كل مظاهر الانحراف المعلنة متحاشيًا الكشف عن خطاياهم الخفية وغير المعلنة، مع أنه كان يعرفها وكتب لهم بعضًا بإصبعه على الأرض في وقت سابق، وكانوا يعلمون أنه يعرف خطاياهم.. ووقتها لم يستطع أحد منهم أن يقف قبالته بل انصرفوا مبتدئين من الكبار (انظر يو8: 6، 9).
ولكنهم كانوا يشعرون بخطورة بقاء شخص مثل هذا يعرف خطاياهم، وفي نفس الوقت يقاوم إعثارهم للشعب، ولا يرغب في بقائهم في مواقفهم القيادية، حينما لم يستمعوا إلى إنذاراته وتعاليمه ومناداته لهم بالتوبة عن خطاياهم، قائلًا لهم: "إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره" (مت21: 43).. وحينما فهموا أنه قال مثل الكرامين الأردياء عليهم، وحينما تكلم عنهم كقادة عميان يجوبون البحر والبر ليكسبوا دخيلًا واحدًا يصيرونه ابنًا لجهنم أكثر منهم مضاعفًا.
لهذه الأسباب وكثير غيرها.. ولأن نقاوة السيد المسيح قد كشفت خبثهم ورياءهم، فإنهم قد تآمروا عليه، وذهبوا لإلقاء القبض عليه، وتسليمه إلى أيدي الأمم، بعد تجهيز كثير من التهم الباطلة والافتراءات التي أعلنوها أمام الحاكم الروماني، الذي علم من أسلوبهم المفضوح أنهم قد أسلموه حسدًا أو خوفًا على مصالحهم ورغباتهم المنحرفة.
وهنا قال السيد المسيح لهم: "هذه ساعتكم وسلطان الظلمة" (لو22: 53).
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 03 - 2014, 04:40 PM   رقم المشاركة : ( 157 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

اجعل سيفك في الغمد

" اجعل سيفك في الغمد" (يو18: 11)

أراد بطرس أن يدافع عن السيد المسيح بالسيف في وقت القبض عليه في البستان. وبالفعل "كان معه سيف، فاستله وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه اليمنى. وكان اسم العبد ملخس. فقال يسوع لبطرس: اجعل سيفك في الغمد. الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها" (يو18: 10، 11).

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
لم يرغب السيد المسيح في استخدام العنف في الدفاع عن نفسه، أو في مقابل الكراهية المصوبة نحوه. بل أراد أن يعالج الكراهية بالمحبة، وأن يعالج العنف بالوداعة. أليس هو الذي علّم قائلًا: "لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن فحوّل له الآخر أيضًا" (مت5: 39).
أعاد السيد المسيح لعبد رئيس الكهنة أذنه وأبرأها فعادت صحيحة. ولم يقبل أن يتم بسببه أذية إنسان.. وبالرغم من محبته الواضحة فقد قبضوا عليه وأوثقوه.
لم يعتز السيد المسيح بسحق أعدائه بالقوة.. بل أظهر -في آلامه- بالضعف ما هو أقوى من القوة. أظهر قوة الاحتمال النابع عن المحبة، إذ "ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يو15: 13).
كان الآب قد أرسل السيد المسيح لخلاص العالم. وكان ينبغي أن يشرب من كأس الألم ليتم الفداء. وأراد بطرس أن يدافع عن السيد المسيح ولكنه بهذا كان يعطل عمل الفداء بالصليب. لهذا قال له السيد المسيح: "الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها" (يو18: 11).
ما أجمل التسليم لإرادة الآب السماوي، حينما يقبل الإنسان كأس الآلام من يد الآب نفسه، واثقًا أن النصرة هي من عند الرب (انظر أم 21: 31)،وأن الآب يعتني به ويحميه.. وإن سمح له أن يشترك أو يتشبه "بالآلام التي للمسيح، والأمجاد التي بعدها" (1بط1: 11). والمقصود بالأمجاد هنا أمجاد القيامة والصعود..
فالقيامة هي سر رجاء المسيحي وفرحه في وسط الآلام. لأنه كما يشترك في آلام المسيح هكذا سيشترك في قيامته.
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 03 - 2014, 04:45 PM   رقم المشاركة : ( 158 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

سلطان الظلمة

" سلطان الظلمة" (لو22: 53)

كان لابد للظلمة أن تأخذ فرصتها، وأن تصل إلى أبعد المدى في غيّها.
وهذه طبيعة الظلمة، أنها لابد أن تأخذ فرصتها كاملة، لكي يظهر النور ويشعر الناس بقيمته وتأثيره، كقول الشاعر (بضدّها تتمايز الأشياء)..
ونعود بأفكارنا إلى بداية الخليقة، حينما "كانت الأرض خربة.. وفصل الله بين النور والظلمة. ودعا الله النور نهارًا والظلمة دعاها ليلًا" (تك1: 2-5).
لماذا فصل الله بين النور والظلمة؟ لأنه "أية شركة للنور مع الظلمة؟" (2كو6: 14).
لا يمكن أن تقوم شركة بين الخير والشر، بين البر والخطية، بين أولاد الله وأولاد إبليس، بين الحق والباطل، بين المحبة والكراهية، بين الاستقامة والاعوجاج أو النفاق..

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
فمنذ البداية أظهر الله أنه يحب النور، لأنه هو نور وساكن في النور، وملائكة نور تخدمه.
لهذا نرنم ونقول: "قوموا يا بنى النور لنسبح رب القوات" (تسبحة نصف الليل). ويقول المرنم "بنورك نرى نورًا" (مز36: 9). وقيل عن الرب "اللابس النور كثوب" (مز104: 2).
ويقول الكتاب "كل ما أظهر فهو نور" (أف5: 13). ويقول السيد المسيح: "سيروا (في النور) مادام لكم النور لئلا يدرككم الظلام" (يو12: 35). وقال: "أنا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشى في الظلمة، بل يكون له نور الحياة" (يو8: 12). ويقول معلمنا بطرس الرسول: "لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب" (1بط2: 9). وقال أيضًا: "عندنا الكلمة النبوية وهى أثبت التي تفعلون حسنًا إن انتبهتم إليها كما إلى سراج منير في موضع مظلم إلى أن ينفجر النهار ويطلع كوكب الصبح في قلوبكم" (2بط1: 19)،وقيل عن السيد المسيح "كان النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آتيًا إلى العالم" (يو1: 9).
أما الشيطان فهو رئيس مملكة الظلمة، ومن يتبعه يمشى في الظلمة، هو وملائكته الأشرار مكتوب عنهم: "في سلاسل الظلام طرحهم في جهنم، وسلمهم محروسين للقضاء" (2بط2: 4).
لهذا فالمقصود بسلطان الظلمة، أي الأوقات التي يمارس فيها الشيطان رغباته الشريرة، ويتركه الله إلى حين ليكشف خداعه، حتى ينفجر النهار ويطلع كوكب الصبح المنير مبددًا كل ظلمات الخطية ومظالمها.
ولكن الشيطان يستطيع أن "يغير شكله إلى شبه ملاك نور" (2كو11: 14). ولهذا ربما ينسب إلى نفسه أنه هو الذي يحمل الحق أو يدافع عنه، ولكن الحق يكشفه في قلب كل من يحب الحق ويسعى في طلبه، وقد حذّر الكتاب من الذين يقلبون الحقائق وقال "ويل للقائلين للشر خيرًا، وللخير شرًا، الجاعلين الظلام نورًا والنور ظلامًا، الجاعلين المر حلوًا والحلو مرًا" (إش5: 20).
وقد احتمل السيد المسيح ظلم الأشرار وساعتهم وسلطان الظلمة، في صبر واتضاع عجيبين. فهو "الذي إذ شُتم لم يكن يشتم عوضًا، وإذ تألم لم يكن يهدد بل كان يسلم لمن يقضى بعدل. الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر، الذي بجلدته شفيتم. لأنكم كنتم كخرافٍ ضالة لكنكم رجعتم الآن إلى راعي نفوسكم وأسقفها" (1بط2: 23-25).
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 03 - 2014, 04:49 PM   رقم المشاركة : ( 159 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

محاكمة السيد المسيح وجلده

"أرسله موثقًا إلى قيافا" (يو18: 24)

بعد أن قبض الجند والقائد وخدام اليهود على الرب يسوع وأوثقوه، مضوا به إلى حنان أولًا، لأنه كان حما قيافا الذي كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة. وكان قيافا هو الذي أشار على اليهود "أنه خيرًا لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب، ولا تهلك الأمة كلها" (يو11: 50، انظر يو 18: 14).
وحنّان "أرسله موثقًا إلى قيافا رئيس الكهنة" (يو18: 24).
كان قيافا رئيس الكهنة قد وضع في قلبه أن يقتل السيد المسيح، وذلك منذ أن أقام لعازر من الأموات. وبدأ كثير من اليهود يؤمنون بيسوع، بسبب هذه المعجزة العظيمة.
وقد استند في رغبته هذه إلى أن موت السيد المسيح سيكون عوضًا عن الشعب.. أي لكي لا تهلك الأمة كلها.
كان الكهنة والفريسيون قد اجتمعوا وقالوا: "ماذا نصنع؟ فإن هذا الإنسان يعمل آيات كثيرة. إن تركناه هكذا يؤمن الجميع به، فيأتي الرومانيون ويأخذون موضعنا وأمتنا" (يو11: 47، 48).
لم تعجبهم تعاليم السيد المسيح عن محبة الأعداء وعدم مقاومة الشر، وعن الاتضاع والتسامح. وشعروا أنه لو آمن به الجميع، لما صارت هناك قوة لمقاومة الرومان وتحرير الأمة اليهودية..
لم يفكروا في الحرية الحقيقية.. بالتحرر من الشر والخطية وعبوديتها.. لم يفكروا في طرد المستعمر الحقيقي لحياتهم وهو الشيطان.. لم يفكروا في التحرر من الموت الأبدي، الذي استحقه البشر نتيجة دخول الخطية إلى العالم..
كانت أفكارهم جسدانية.. أرضية.. وقد سيطرت شهوة محبة العالم على قلوبهم، وأعمت بصيرتهم.. فقالوا عن النور إنه ظلمة، وعن الظلمة إنها نور. وقلبوا الموازين، وجعلوا من الباطل حقًا.. أما الحق فلم يدركوه.. وطريق السلام لم يعرفوه.. وصارت أرجلهم سريعة في سفك الدم البريء.
اجتمع الأشرار وتساءلوا: ماذا نصنع؟ "فقال لهم واحد منهم وهو قيافا، كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة: أنتم لستم تعرفون شيئًا، ولا تفكرون أنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها. ولم يقل هذا من نفسه. بل إذ كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة تنبأ أن يسوع مزمع أن يموت عن الأمة. وليس عن الأمة فقط، بل ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد" (يو11: 49-52).

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
بالرغم من أن كلام قيافا كان قد صدر من قلب خال من المحبة نحو السيد المسيح، إلا أنه قد نطق بكلام النبوة العجيب كرئيس للكهنة في تلك السنة،اختار هو القصد حسب قلبه، ولكن الروح القدس هو الذي أوحى بالكلمات وصاغها، دون أن يلغى حرية إرادة قيافا في مقاصده الشخصية.. مثلما حدث مع بلعام بن بعور النبي الذي كان شريرًا في قلبه وفي مسعاه، ولكنه حينما فتح فاه تنبأ نبوات عظيمة عن السيد المسيح.
قال يوحنا الإنجيلي عن كلام قيافا: "لم يقل هذا من نفسه. بل إذ كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة تنبأ أن يسوع مزمع أن يموت عن الأمة" (يو11: 51).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
"يموت عن الأمة" (يو11: 51)

كان موت السيد المسيح هو فداءً أو عوضًا عن الأمة.. عن الشعب.. عن كل من يؤمن به وبفدائه العجيب، ويتحد به في موته وقيامته (انظر رو6: 3 -8).
مات السيد المسيح على الصليب عوضًا عن الخطاة وقد "جعل نفسه ذبيحة إثم" (إش53: 10). "وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين" (إش53: 12).
حقًا لقد مات السيد المسيح، واحتمل الآلام بدلًا عن الخطاة. وقيل عنه إنه "بمعرفته يبرر كثيرين، وآثامهم هو يحملها" (إش53: 11).
لو لم يكن السيد المسيح قد مات بدلًا عن الخطاة فكيف يقال "جعل نفسه ذبيحة إثم.. وآثامهم هو يحملها".
وقيل أيضًا "وفى جيله من كان يظن أنه قُطع من أرض الأحياء، أنه ضُرب من أجل ذنب شعبي" (إش53: 8).
أي أنه ضُرب ومات، لكي يوفى دين شعبه. وقُطع من أرض الأحياء لهذا السبب.
وقد حزن السيد المسيح كثيرًا من أجل خطايا البشر. وهكذا حزنت البشرية المفدية على أخطائها في شخصه القدوس. واعتذرت عن تعدياتها أمام الآب بواسطته "أما الرب فسر بأن يسحقه بالحزن" (إش53: 10).
تقدّم السيد المسيح في انسحاق وحزن كبيرين أمام الآب، ليعتذر عن خطايا البشرية. وكان يجتاز معصرة سخط وغضب الله.. وقال: "قد دست المعصرة وحدي ومن الشعوب لم يكن معي أحد" (إش63: 3).
كان دور الابن هو التجسد والصلب، وكان دور الآب هو قبول ذبيحة الابن الوحيد رائحة رضى وسرور، تلك التي قدّمها بالروح القدس الناري "الذي بروح أزلي قدّم نفسه لله بلا عيب" (عب9: 14).
ولكن بالرغم من تمايز الأدوار، فإن الأقانيم الثلاثة تشترك في العمل الواحد وهو خلاص البشرية.
ولهذا فإن العدل الإلهي قد استوفى حقه بصفة عامة.. فصفات الجوهر هي نفسها للأقانيم الثلاثة. وعدل الآب هو نفسه عدل الابن، وهو نفسه عدل الروح القدس.
وهكذا إذ أخلى الكلمة ذاته بالتجسد، وسلك في طريق الطاعة والاتضاع، نائبًا عن البشرية.. استطاع أن يوفى العدل الإلهي حقه.. وهكذا كان الآب مصالحًا العالم لنفسه في المسيح.
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 03 - 2014, 04:50 PM   رقم المشاركة : ( 160 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

لطم يسوعَ واحدٌ من الخدام

"لطم يسوعَ واحدٌ من الخدام" (يو18: 22)

بعد القبض على السيد المسيح، مضوا به إلى حنان أولًا لأنه كان حما قيافا الذي كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة، ثم أرسله حنان موثقًا إلى قيافا رئيس الكهنة (انظر يو18: 14، 24).
"فسأل رئيس الكهنة يسوع عن تلاميذه وعن تعليمه. أجابه يسوع أنا كلمت العالم علانية. أنا علمت كل حين في المجمع، وفي الهيكل حيث يجتمع اليهود دائماً. وفي الخفاء لم أتكلم بشيء. لماذا تسألني أنا. اسأل الذين قد سمعوا ماذا كلمتهم. هوذا هؤلاء يعرفون ماذا قلت أنا. ولما قال هذا لطم يسوعَ واحد من الخدام كان واقفاً قائلًا: أهكذا تجاوب رئيس الكهنة. أجابه يسوع إن كنت قد تكلّمت رديًا فاشهد على الردى وإن حسنا فلماذا تضربني؟" (يو18: 19-23).
كانت تعاليم السيد المسيح قد حوَّلت الكثيرين من حياة الخطية إلى حياة التوبة. والذين آمنوا به قد شعروا بتأثير ذلك في حياتهم كما هو مكتوب "كما أهان الزمان الأول أرض زبولون وأرض نفتالي، يكرم الأخير طريق البحر عبر الأردن جليل الأمم. الشعب السالك في الظلمة أبصر نوراً عظيمًا. الجالسون في أرض ظلال الموت أشرق عليهم نور" (إش9: 1، 2).
لذلك قال السيد المسيح لقيافا: "اسأل الذين قد سمعوا ماذا كلمتهم" لأن حياتهم بعد التغيير هي خير شاهد على سمو تعاليم السيد المسيح، وعلى قوة تأثيرها. وقد بهتت الجموع من تعليمه "لأنه كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة" (مت7: 29). ليتم ما هو مكتوب "انسكبت النعمة على شفتيك" (مز44: 2).
جاء السيد المسيح لخلاص البشرية، وأراد أن يصنع الخير للجميع، وكان يشتهى خلاص الجميع بما في ذلك الذين وقفوا ضده وناصبوه العداء. ومن ضمن هؤلاء أيضًا قيافا رئيس الكهنة الذي أصدر ضده الحكم بالموت ظلمًا.
لم يقصد السيد المسيح أن يهين قيافا حينما أجابه على سؤاله. بل أراد أن يلفت نظره إلى الحق الذي أعمى الشيطان قلبه لكي لا يراه.
وهنا تدخل واحد من خدام الهيكل ولطم السيد المسيح قائلًا: أهكذا تجاوب رئيس الكهنة. وكأنه يغار للرب ولكرامة رئيس كهنته، معتبرًا أن السيد المسيح قد أهان قيافا بإجابته هذه.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
لم يعلم ذلك المسكين أنه قد لطم رئيس الكهنة الحقيقي يسوع المسيح الذي قيل عنه "أقسم الرب ولن يندم أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق" (عب7: 21، مز 110: 4). بل أكثر من ذلك أنه قد لطم السيد المسيح ابن الله الحي الذي تجسد من أجل خلاص جنس البشر. وهو الخالق والديان والمولود من الآب قبل كل الدهور.
إن كان ذلك الخادم قد غار لكرامة رئيس الكهنة الذي على رتبة هارون، والذي كان كهنوته رمزًا لكهنوت السيد المسيح. فكيف يتجاسر أن يلطم من له كهنوت لا يزول إلى الأبد، ومن هو مساوي للآب السماوي في المجد الإلهي. ولكن هذه هي جهالة البشر الذين أبصروا السيد المسيح حينما أخلى ذاته آخذًا صورة عبد. وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع الآب السماوي حتى الموت؛ موت الصليب.
أشفق السيد المسيح على ذلك الخادم. إذ رآه يتصرف بجهالة ويغار غيرة ليست حسب المعرفة. وأشفق عليه من عواقب فعلته الشنعاء حينما لطم السيد المسيح على وجهه. وأراد أن يصحح له موقفه فقال له: "إن كنت قد تكلّمت رديًا فاشهد على الردى. وإن حسناً فلماذا تضربني؟" (يو18: 23).
أراد السيد المسيح أن يقتاد ذلك الخادم المسكين إلى التوبة وإلى التبصر فيما يفعله. فقال له هذه الكلمات المفعمة بالحب والنصائح الثمينة.
لم ينفعل السيد المسيح -بالطبع- لسبب الإهانة التي وجهت إليه من أحد خدامه وعبيده،بل تكلّم معه بموضوعية ليقنعه بالصواب. وهكذا قدّم نفسه كخادم للخلاص، محتملًا أخطاء الآخرين في صبر عجيب. وفي نفس الوقت أكّد بإجابته أنه لم يقصد إهانة رئيس كهنة اليهود، بل أراد أن يلفت نظره إلى ما فيه خيره هو وغيره ممن تآمروا لقتل السيد المسيح.
لقد لطم الكثيرون السيد المسيح على وجهه في تلك الليلة وكان هو قد ترك لهم خديه ليلطمونهما، لأن هذا ما استحقته البشرية لسبب شرودها وخطاياها، وهو أراد أن يدفع ثمن الخطية التي للإنسان. ولكن اللطمة الوحيدة التي أجاب عنها بمثل هذه الكلمات، كانت هذه اللطمة التي أشفق على ضاربها من عواقب فعلتها التي ظن هو أنه يفعلها بغيرة مقدسة من أجل كرامة الكهنوت. ولم يكن يعلم ماذا يفعل.
قد يتساءل البعض لماذا لم يعط السيد المسيح خده الآخر لذلك الخادم حسبما أوصانا في العظة على الجبل؟ ونقول إن الخد الآخر قد أعطى لكثيرين. وكان في هذه المرة هو الحب الذي قابل به السيد المسيح تصرف ذلك الخادم والنصيحة الثمينة التي وجهها إليه في وقت آلامه.
أما عن الخد الآخر فهو مستعد دائمًا كما هو مكتوب "والرجال الذين كانوا ضابطين يسوع كانوا يستهزئون به وهم يجلدونه. وغطوه وكانوا يضربون وجهه ويسألونه قائلين تنبأ من هو الذي ضربك. وأشياء أخر كثيرة كانوا يقولون عليه مُجدِّفين" (لو22: 63-65). أما هو فلم يمنعهم بل تركهم يفعلون به كل ما أرادوا.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
من كتاب مشتهى الأجيال: صعود المسيح
من كتاب مشتهى الأجيال: من القدس إلى قدس الأقداس
من كتاب مشتهى الأجيال: التجربة على الجبل
من كتاب مشتهى الأجيال: مصير العالم يتأرجح
من كتاب مشتهى الأجيال: يأس المخلص


الساعة الآن 09:23 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024