منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18 - 10 - 2017, 10:29 AM   رقم المشاركة : ( 141 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

لأن أصلَ الشرورِ كلِّها محبة الفضة، وبمقدار ما بين السماء والأرض من البُعد، هكذا بين الراهب المحبِ للفضةِ وبين مجدِ الله. نعم لا توجد رذيلةٌ أشرُ من رذيلةِ الراهب المحب للفضةِ. إن الراهبَ الذي يجالس العلمانيين يحتاج صلوات قديسين كثيرين. أما سمعتَ قول الرسول يوحنا: لا تحبوا العالم ولا شيئاً مما في العالم، فمن أحبَّ العالم، فليست فيه محبةُ الله. كذلك الرسول يعقوب يقول أيضاً: من أراد أن يكون خليلاً للعالم فقد صار عدواً لله. فلنَفِرَّ نحن أيها الإخوة من العالم كما نَفِرُّ من الحيةِ، لأن الحيةَ إذا نهشت فبالكاد تبرأ عضتُها، كذلك نحن أيضاً إن شئنا أن نكون رهباناً فلنهرب من العالم، لأن الأوفق لنا أيها الإخوة أن تكون لنا حربٌ واحدةٌ بدلا من قتالاتٍ كثيرة. قولوا لي يا إخوتي ويا آبائي: في أي موضعٍ اقتنى آباؤنا الفضائل، أفي العالم أم في البراري؟ إذن، كيف نقتني الفضائل ونحن في العالم؟ لن نستطيع ذلك ما لم نجُع وما لم نعطش وما لم نساكن الوحوش ونموت بالجسد، كيف نريد أن نرث ملكوت الله ونحن بين العالم؟ لننظر إلى ممالك الأرض فإنه ما لم يحارب الجندي ويغلب فلن ينالَ الرتبةَ، فكم وكم أحرى بنا أن نفعل ذلك. فلا نظن أننا نرثُ ملكوتَ السماوات ونحن بين العالم. فلا يُوَسوِسُ لنا الشيطانُ أفكاراً رديئةً هكذا قائلاً: اجمع حتى تستطيع أن تعمل صدقةً. لنعلم أن من لم يشأ أن يصنع رحمةً من فلسٍ واحدٍ فلن يعملَ رحمةً من ألفِ دينار. لا يليق بنا أن نفعل ذلك يا إخوتي، لأن هذه الأمور هي من عمل العلمانيين. إن الله لا يريدُنا نحن الرهبان أن نقتني ذهباً أو فضةً أو ملابس أو أموراً هيولانية، لأن الربَّ أوصى قائلاً: انظروا إلى طيورِ السماء، فإنها لا تزرع ولا تحصد ولا تخزِّن في الأهراء، وأبوكم السماوي يقوتها. إن الراهب المقتني ذهباً وفضةً لا يثق بأن الله قادرٌ على أن يعوله. وإن كان لا يعوله فلن يعطيه مُلكه.
إن الراهبَ الذي عنده حاجته وينتظر من يُحضر له، فهو شريك ليوداس الذي ترك النعمةَ وسعى طالباً محبة الفضة، وبولس الرسول إذ عرف ذلك، لم يَدْعُ محبةَ الفضةِ أصلَ كلِّ الشرورِ فحسب، بل وسماها أيضاً عبادة أوثان. فالراهب المحبُّ للفضةِ هو عابدٌ للأوثان، إن الراهب المحبُّ للفضةِ بعيدٌ من محبةِ المسيح، الراهبُ الذي له في قلايته فضة فإنه يعبد ويسجد للأصنام المنقوشة، أعني الدنانير، وكلُّ يومٍ يذبح لها عجولاً وكباشاً، بإخضاع نيته وإرادته لمحبة الفضة الرديئة، تلك التي تفصل الراهبَ عن طغماتِ الملائكة. فيا لمحبة الفضة المُرة، أصل كلِّ الشرور، الفاصلة الراهب من مُلك السماوات، والباعثة إياه إلى التعلق بسلاطين الأرض. يا لمحبة الفضةِ سبب كلِّ الرذائل، الساحبة للسان الراهب إلى كل شتيمةٍ وخصومة ونميمة، والجارة له إلى المحاكمات شبيهاً بالعلمانيين، ويح ذلك الراهب المحب للفضة، لأنه قد تخلى عن الوصية القائلة: لا تكنزوا لكم ذهباً ولا فضة. وقد يزعم ذلك الراهبُ المسكين قائلاً: إن الاقتناء لا يضرُّني. وهو لا يعلم أنه حيث الذهب والفضة والهيولانيات، فهناك دالةُ الشياطين وهلاكُ النفوس، والويلُ المؤبَّد.
  رد مع اقتباس
قديم 18 - 10 - 2017, 10:30 AM   رقم المشاركة : ( 142 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

كيف يدخلُ الخشوعُ في نفسِ إنسانٍ مقتنٍ للفضة، وقد حاد عن مصدر دعوتهِ إلى الحياة الدهرية، خالقه ورازقه، وصار بذلك متعبداً وساجداً لمنحوتات غير متحركة، أعني الدنانير. كيف يقتني الخشوعَ مَن هذه صفته؟ يا إخوتي ويا أحبائي، كيف يكون لنا نحن الرهبان ذهبٌ وفضة وملابس، ولا نكف كذلك عن الجمع، مع أن البائسَ، لا بل المسيح، جائعٌ وعطشان وعريان، ولا نفكر فيه؟ ماذا يكون جوابُنا أمام السيد المسيح، وقد هجرنا العالم، وها نحن نعاودُ الطوافَ فيه؟ إن طقسَنا ملائكيٌ لكننا جعلناه علمانياً. لا يكون هذا منا يا إخوتي. إيانا أن نعمله بل لنهرب من العالم، لأنه إن كان بالكاد نخلص في البريةِ، فكيف يكون حالُنا بين العلمانيين؟ فلن يكون لنا خلاصٌ، لا سيما والربُّ يقول: من لا يهجر العالم وكل ما فيه وينكر نفسَه ويأخذ الصليبَ ويتبعني فلن يستحقني. وأيضاً يقول: اخرجوا من بينهم وافترقوا عنهم وأنا أقبلكم وأجعلكم لي بنين وبنات. أرأيتم عِظم المنفعةِ من الهربِ من العالم؟ لأنه نافعٌ لنا جداً وموافقٌ، لأن مجالسَ العلمانيين ليس فيها شيءٌ سوى البيع والشراء وما يتعلق بالنساء والأولاد والزرع والدواب، فهذه المخالطة تفصل الراهبَ عن الله، فمشاركتهم في الأكلِ والشربِ تجلبُ الكثيرَ من الضررِ. ولسنا نعني بهذا أن العلمانيين أنجاسٌ، معاذ الله، لكنهم يسلكون في الخلاصِ طريقاً آخر غير طريقِنا. فهروبُنا هو هروبٌ من مخالطتهم. فلنطلب سبَّهم فينا أكثر من مديحهم لنا، لأن سبَّهم لن يفقدنا شيئاً أما مديحُهم فهو سببُ عقوبتنا. فما منفعتي إذا أنا أرضيْتُ الناسَ وأغضبتُ ربي وإلهي، لأنه يقول: لو كنتُ أرضي الناس فلستُ بعد عبداً للمسيح. إذن فلنبتهل أمامَ ربنا قائلين: يا يسوع إلهنا نجنا وأنقذنا من مخالطتهم».
من كلام مار إسحق قال: «ابتعد عن العالم، وحينئذ تحس بنتانتهِ، لأنك إن لم تبتعد عنه، فلن تحسَّ برائحتهِ الكريهة». فسُئل مرةً: «ما هو العالم؟ وكيف نعرفه؟ وما هو مقدار مَعزَّتهِ لمحبيه»؟ فأجاب وقال: «إن العالم هو تلك الزانية التي بشهوةِ حسنِها تجذبُ الناظرين إليها إلى حبِّها. والمقتَنص بعشقهِ والمتشبث به لا يقدر أن يتخلَّص منه حتى تفنى حياته، فإذا ما عرَّاه من كلِّ شيءٍ وأخرجه من منزلهِ يوم موتهِ، حينئذ يعرف الإنسانُ في ذلك اليوم أنه خداعٌ وسرابٌ مضل، حتى إذا ما جدَّ الإنسانُ في الخروج من هذا العالم المظلم، فإنه لن يستطيعَ الخلاصَ من حبائِلهِ ما دام هو منغمساً فيه».
  رد مع اقتباس
قديم 18 - 10 - 2017, 10:30 AM   رقم المشاركة : ( 143 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

جاء أحدُ الإخوةٍ إلى شيخٍ من الرهبان وشكا أخاه إليه قائلاً: «ماذا أصنعُ يا أبي فإن أخي يحزنني لأنه دوَّار»؟ قال الشيخ: «احتمله يا حبيبي، فإن الله قادرٌ أن يردَّه إذا ما رأى تعبَك وصبرَك، وأخذك له بالرفقِ واللين. وإياك والقساوة، فإن الشيطانَ لا يطردُ شيطاناً. وبرفقِك وصبرِك يرجع، لأن الله إنما يردُّ الإنسانَ بطولِ روحهِ وطيبِ قلبهِ واحتمالهِ».
أخبروا عن أنبا تاؤدورس: إنه لما كان شاباً وهو يسكنُ في البريةِ، قام ذات يومٍ يخبز لنفسِه خبزاً، فوجد أخاً ليس له من يعمل له خبزاً إذ لم يكن يجيد صناعةَ الخبز. فترك أنبا تاؤدورس خبزَه وعمل خبزَ ذلك الأخ، وجاء أيضاً أخٌ آخر فخبز له خبزَه، وبعد أن أراحهم حينئذ عمل خبزَه أيضاً».
جاء خبرٌ عن أخوين قوتل أحدُها بالزنى، فقال لأخيه: «يا أخي، إني منطلقٌ إلى العالم»، فبدأ أخوه يبكي ويقول: «لا أتركك تذهب إلى العالم لئلا تُتلف تعبَ رهبانيتك وبتوليتك». فأبى أن يقبلَ منه وقال له: «إما أن تتركني أمضي وحدي، وإما أن تجيء معي». فذهب أخوه، وحدَّث أحدَ الشيوخ بحالِه، فقال له الشيخ: «اذهب معه، فإن الله من أجلِ تعبك لا يتركه يقعُ في الزنى». فلما بلغا القريةَ، رفع الله عنه قتالَ الزنى من أجلِ تعب أخيه وعنائِه معه. وإذ به يخاطبُ أخاه قائلاً: «هَب أني وقعتُ في دنسِ الخطيةِ، فأي ربح لي من ذلك»؟ ثم أنهما رجعا إلى قلايتهما وحمدا الله على خلاصهِ وحسن صنيعه معهما.
أخبروا عن أخٍ حريصٍ على خلاصهِ، جاء من غربةٍ فأقام في قلايةٍ لطيفةٍ بطور سينا. فلما جلس في اليوم الأول، وجد على خشبةٍ صغيرة كتابةً قد كتبها الأخُ الذي كان فيما مضى ساكناً فيها وهو يقول فيها: «أنا موسى بن تادرس قد حضرتُ وأقمت ههنا». وكان الأخ يضع تلك الخشبةَ قدامه طول النهار يومياً. ويسأل: «من كتب هذه الكتابةَ»؟ ثم يُردف قائلاً: «أيها الإنسان، ليت شعري، أين أنت الآن؟ لأنك قلتَ: قد حضرتُ وأقمتُ. فإلى من كتبتَ هذا يا تُرى؟ تُرى في أي عالمٍ أنت في هذه الساعةِ»؟ فكان يداوم هكذا على هذا العمل طول النهار متذكراً الموت، ثابتاً في النحيبِ والبكاء. وكانت صناعتُه الخطَ المليح. فتناول من الإخوةِ ورقاً ليكتبَ لهم شيئاً كتذكارٍ منه لهم. لكنه لم يكتب لأحدٍ شيئاً سوى صيغةٍ واحدة، كتبها في ورقِ كلِّ واحدٍ منهم وذكر فيها: «اغفروا لي أيها الإخوة سادتي، فإنه كان لي عملٌ مع ذاك القادر على خلاصي، لذلك لم أفرغ منه حتى أكتبَ لكم».
  رد مع اقتباس
قديم 18 - 10 - 2017, 10:30 AM   رقم المشاركة : ( 144 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

أخبروا أيضاً: أنه كان يسكنُ بقرب هذا الأخِ أخٌ آخر كان بُستانياً، وقصد مرةً المضي إلى ديرٍ في يومٍ من الأيام، فقال لذلك الأخ الكاتب: «اعمل محبةً يا أخي واهتم بالبستان حتى أرجع». فقال له الأخ: «صدقني أنه على قدر استطاعتي لن أتوانى في الاهتمامِ به».
وبعد انصراف الأخ البستاني قال الأخ الكاتب في نفسِه: «يا مسكين، لقد وجدتَ خَلوةً فاهتم بالبستانِ». ثم أنه انتصب في قانونهِ من المساءِ إلى الصباح، لم يفتر، مترنماً بدموعٍ، مصلِّياً، ومكث على هذه الحال طول النهار كذلك إذ كان يوم الأحد المقدس. فلما جاء الأخ البستاني عند المساءِ، وجد البستانَ قد أفسدته القنافذ، فقال له: «غفر الله لك يا أخي،لأنك لم تهتم بالبستانِ». فقال له ذاك: «يا معلم، عَلِم الله، إني قد بذلتُ كلَّ قوتي وحفظتُه إلا أن اللهَ قادرٌ أن يعطينا ثمراً من البستانِ الصغير». فقال له الأخ: «صدقني يا أخي لقد تلف كلُّه». فقال له الكاتب: «لقد علمتُ بذلك إلا أني واثقٌ بالله، أنه قد أزهر أيضاً». فقال البستاني: «هلم بنا لنسقي». فقال الأخُ: «انطلق أنت اسقِ في النهار وأنا أسقي في الليلِ». فلما صار القحطُ والجدبُ، اغتمَّ البستاني وقال لذلك الكاتب جارِهِ: «صدقني يا أخي، إذا لم يُعِن الله، فليس لنا في هذا العام ماءٌ». فقال له الكاتبُ: «الويل لنا يا أخي إن جفَّت ينابيعُ البستانِ، بالحقيقة لن يكون لنا خلاصٌ أيضاً». وكان يقول هذا قاصداً ينابيعَ الدموعِ. فلما جاءت الوفاةُ للمجاهد القديس، سأل البستاني جارَه قائلاً: «اصنع محبةً ولا تقل لأحدٍ إني مريضٌ، لكن امكث عندي ها هنا اليومَ، وإذا انصرفتُ إلى الربِّ فاحمل أنت جسدي، واطرحه عارياً لتأكله الوحوش والطيور لأنه أخطأ قدام الله كثيراً، ولن يستحقَ أن يُدفن». فقال له البستاني: «صدقني يا معلم إن هذا الطلبَ صعبٌ عليَّ إتمامه». فأجابه قائلاً: «لا تخالفني في هذا الطلب، وإني أُعطيك عهداً، إن سمعتَ مني وعملتَ بي كما سألتُك، واستطعتُ أنا القيام بما ينفعك لنفعتك». ثم أنه بعد وفاتهِ، عمل به كما أمره في ذلك اليوم، فطرح جسمَه في البرية عارياً، لأنهما كانا مقيميْن في مكانٍ يبعدُ عن الحصنِ عشرين ميلاً يقال له ( ) وفي اليومِ الثالث ظهر له الأخُ المنصرف للربِّ في الرؤيا وقال له: «يا أخي، يرحمُك الله كما رحمني، صدقني إن رحمتَه عظيمةٌ جداً، فلقد رحمني الله بسببِ بقاء جسمي غير مدفون، وقال لي: لأجل تواضعك الكثير، قد أمرتُ أن تكونَ مع أنطونيوس، وقد طلبتُ إليه من أجلِك أيضاً، لكن اذهب واترك البستانَ، واهتم بالبستانِ الآخر، لأني في الساعةِ التي خرجتْ فيها نفسي كنت أبصرُ دموعَ عينيَّ وقد أطفأت النارَ التي كنتُ مشرفاً على المضي إليها».
  رد مع اقتباس
قديم 18 - 10 - 2017, 10:31 AM   رقم المشاركة : ( 145 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

كان أخٌ فاضلٌ حريصاً، وإذا صلَّى مع أخيه قانونَه تغلبه دموعُه، فيفوته من المزمور استيخن أو أكثر، وفي أحد الأيام سأله أخوه أن يخبرَه بما ينتابه أثناء قراءة قانونه حتى يبكي ذلك البكاء المر، فقال: «اغفر لي يا أخي، فإني أثناء قراءة القانون، أبصر القاضي دائماً، وأرى ذاتي واقفاً قدامه وقوفَ المجرمِ، وهو يفحصُ أحوالي، وأسمعه قائلاً لي: لِمَ أخطأتَ؟ وإذ ليس لي جوابٌ أحتجُّ به إليه يستدُّ فمي، وعلى هذا الوجه يفوتني الاستيخن من المزمور، فاغفر لي لأني أغمُّك. وإن كنتَ تجد راحةً في أن يصلي كلُّ واحدٍ منا قانونَه منفرداً، فافعل». فقال له أخوه: «لا يا أخي، لأني وإن كنتُ أنا لا أبكي، إلا أني في الواقع إذا رأيتُك تبكي، أعطي الويلَ لنفسي وأعتبرها شقيةً». فلما أبصرَ الله تواضعه، وَهَبَ له اتضاعَ أخيه.
قيل عن أخٍ من الرهبان إنه زار شيخاً متعَباً في عملِ الخير، كان ساكناً في المغاير التي تقع فوق المكان الملقب بإسرائيل، وكان الشيخُ ذا عقلٍ متيقظٍ لدرجةِ أنه كان حيثما توجَّه، يتوقف عن السيرِ ويستعرض فكرَه ويسأله: «كيف حالُك يا أخي؟ أين نحن»؟ فإذا وجد عقلَه يترنَّم بالمزامير ومتضرعاً، حمده واستدامه، وإن وجد ذاته متفكراً في أيِّ شيءٍ من الأشياء، شتم ذاته في الحال قائلاً: «هلم من هناك، قف عند حدك، والزم عملك». وكان الشيخُ يخاطب نفسَه بهذا الكلام دائماً: «يا أخي، يلوح لي أن الانصرافَ قريبٌ، ولستُ أرى مجالاً للنومِ أو التهاون بعد». فهذا الفاضل ظهر له الشيطانُ في وقتٍ من الأوقات، وقال له: «لماذا تتعب، إنك لن تخلص». فقال له الشيخ: «وماذا يهمك إن كنتُ لا أخلص؟ لكني سوف أوجد في العذابِ فوق رأسك، وتحت كل من فيه». هذا قال أيضاً: «سبيلُ الراهبِ إذا وقف مع إخوةٍ رهبان، أن يطرقَ برأسهِ دائماً إلى أسفل ولا ينظر بالجملةِ إلى وجه إنسانٍ، وخاصة وجه شاب. وإذا كان منفرداً ينبغي له أن ينظرَ إلى العلو دائماً. ذلك لأن الشيطانَ من شأنِه أن يغتمَّ ويرتاع إذا نظر إلى العلو نحو ربنا».
  رد مع اقتباس
قديم 18 - 10 - 2017, 10:31 AM   رقم المشاركة : ( 146 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

ربنا».
أُخبر عن أحد الرهبان أنه لم يكن له عملٌ سوى الصلاةِ بلا فتور. وكان كلّ عشيةٍ يجدُ في قلايته خبزاً يأكله. فزاره أحدُ الرهبان مرة ومعه ليف، فأخذه منه وصار يعمل في الليف. فلما حان وقتُ المساءِ طلب خبزاً كعادته ليأكل، فلم يجد. فبقي حزيناً، فأتاه صوتٌ قائلاً: «لما كنتَ تعمل معي كنتُ أعولك، فلما بدأت ممارسة عملٍ آخر، فاطلب طعامك مما تعمله بيدك».
قيل عن أحد الرهبان إنه كان بليغاً جداً في الإفرازِ والتمييز، وأراد السكنى في القلالي فلم يجد قلايةً منفردة، وأنه خرج تائهاً في البريةِ إلى أن لقيه أحدُ الشيوخ فأخبره بحالهِ، فأجابه الشيخ: «إن لي قلايتين، فاجلس في واحدةٍ منهما إلى حين يسهِّل المسيحُ لك قلايةً. فحَمَدَ أفضالَه. ولما سكن في القلاية قصده قومٌ من الرهبان لينتفعوا منه لكونهِ من أهلِ الفضل، وكانوا يحملون إليه ما سهل عليهم حمله. فلما نظر الشيخ صاحب القلاية ذلك، بدأ يحسده بإيعازٍ من الشيطان وقال لتلميذِه: «كم من السنين ونحن مقيمون في هذا المكان، ولم يقصدنا حتى ولا واحد من هؤلاء الرهبان. وهذا المحتال في أيامٍ قلائل استمال إليه الكلَّ. امضِ اطرده من القلاية». فمضى التلميذُ وقال له: «إن المعلمَ يسلِّم عليك ويسأل عن صحتِك ونجاح أحوالك واعتدال مزاجك، ويسألك أن تصلي من أجلهِ لأنه مريضٌ. ويقول لك: إن كان لك احتياجٌ إلى شيءٍ أقوم بتأديته لك». فقام الراهبُ وسجد للتلميذ وقال له: «بلِّغه سلامي عني، وقل له إني بخيرٍ ببركة صلواتك وليس لي احتياجٌ لشيء». فرجع التلميذ إلى الشيخ وقال له: «إن الراهبَ يُقبِّل يديك ويسألك أن تصلِّي من أجلِه وتمهله أياماً قلائل حتى يجدَ لنفسهِ قلايةً، ويرتحل عن قلايتك بسلام». فصبر ثلاثة أيام. وبعد ذلك أقلقه الحسدُ، فقال لتلميذهِ:« اذهب وقل له لقد صبرتُ أكثر من اللازم، فاخرج من قلايتي». فأخذ التلميذُ بركةً مما كان يوجد في القلاية، ثم جاء إلى الراهبِ وسجد بين يديه وقال له: «إن المعلمَ يسلِّم عليك ويسألك أن تَقبل منه هذه البركة لأجلِ السيد المسيح وتصلي من أجلهِ لأنه متعبٌ جداً، ولولا توجعه لكان قد حضر إليك». فلما سمع الراهبُ ذلك أدمعت عيناه وقال: «كنتُ أشتهي أن أذهبَ وأبصره». قال له التلميذ: «لا يا أبتاه، فإنه لا يحتمل أباً مثلك يرافقني إليه، لئلا يلحقني من ذلك شرٌ، ابقَ أنت ههنا وأنا أبلِّغه سلامَك ورسالتك». ثم ودَّعه وخرج وأتى إلى الشيخِ وقال له: «يا أبتاه إن الراهب يقول لك: لا يصعُب عليك الأمرُ، ولا تغضب، ففي يوم الأحد سوف أخرج من قلايتك». فمازال الشيخُ يترقب سواعي الليل حتى يوم الأحد، فلما لم يخرج الراهبُ، قام الشيخُ وأخذ عصا وهو مسبي العقل طائر الفكر، وقال لتلميذهِ: «تعالَ معي إلى هذا الراهب المحتال، فإنه إذا لم يخرج باختيارِه فسوف أطردُه بهذه العصا مثل الكلبِ». فلما رآه التلميذُ هائجاً، وقد سلب العدو فكرَه، قال له: «أسألُك يا أبتاه أن تستمعَ إلى مشورتي بأن تجلسَ ههنا وأنا أسبقك إليه وأُبصر إن كان عنده رهبان، لئلا إذا أبصروك على هذه الحال يطردونك عنه فلا تنال بُغيتك، أما إذا وجدتُه وحده أعلمتُك لتمضي إليه وتطرده». فاستصوب الشيخُ كلامَ التلميذ، وجلس وهو يصرُّ بأسنانهِ، ومضى التلميذُ إلى الراهب، وسجد له كعادتهِ وقال: «إن المعلم يسلِّم عليك، ولما أعلمتُه أن جسمَك ضعيفٌ احترق قلبُه ولم يستطع صبراً، وقد جاء ليبصرَك، وإنه بسبب ضعفهِ ما أمكنه المجيء إليك». فلما سمع الراهبُ ذلك الكلام خرج لوقتهِ للقائه بلا كساءٍ ولا قلنسوة على رأسهِ ولا عصا بيده. فسبقه التلميذُ إلى معلمهِ وقال له: «هوذا الراهبُ قد ترك قلايتك وها هو حاضرٌ ليودِّعك ويأخذ بركة صلاتك قبل ذهابهِ وانصرافهِ بسلامٍ». فلما سمع الشيخُ هذا الكلامَ تذكَّر كلامَه ومراسلاته له، وانكشفت عنه غمامةُ الحسدِ وبقى حائراً في نفسِه ماذا يعمل، وخجل من لقائِه، ولشده الحياءِ لم يقدر أن يرفعَ عينيه نحوه، فأخذ يولي الأدبار، فلما رآه التلميذُ على هذه الحال سجد له وقال: «يا أبتاه، التقِ بأخيك دون خجلٍ فإن جميعَ الكلامِ الذي قلتَه لي لم يصل إلى مسامعِه قط». فلما سمع الشيخُ بهذا الكلام فرح جداً، والتقى بالراهب بفرحٍ وقلبٍ نقي، ورجع معه إلى قلايته. فقال له الراهب: «اغفر لي يا أبتاه، لأنه كان الواجب عليَّ أنا أن آتي إليك، لأنك تعبتَ في المجيء إليَّ». فلما رجع الشيخُ إلى قلايته سجد بين يدي تلميذهِ وقال له: «إنك من الآن أنت الأب وأنا لا أستحق أن أكونَ لك تلميذاً، لأنك بعقلِك وسلامة ضميرك وحسن إفرازك خلَّصت نفسي من الفضيحةِ».
  رد مع اقتباس
قديم 18 - 10 - 2017, 10:31 AM   رقم المشاركة : ( 147 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

قيل أيضاً: «إنه كان يوجد شيخٌ له تلميذٌ جيد. ومن المللِ كان الشيخُ يخرجه خارج الباب ويزدري به، فكان التلميذُ يمكث جالساً خارجاً، ولما فتح الشيخُ البابَ في اليوم الثالث، وجده جالساً، فأدى له الشيخُ مطانية وقال له: «يا ولدي إن تواضعك وطول أناتك قد غلبا شرِّي وصغر نفسي، فهلم الآن إلى داخل، ومنذ الآن، كن أنت الشيخَ وأنا التلميذ».
قال الأب أوراسيوس: «إن عجينةَ فطيرٍ تُطرح في أساسٍ بقرب نهرٍ، لا تثبت ولا يوماً واحداً، وأما المطبوخة بالنارِ فتثبت كالحجرِ. هكذا كلُّ إنسان ذي عقل بشري، إذا صار رئيساً فإنه ينحلّ من التجارب إن لم يُطبخ بخوفِ الله مثل يوسف، فالأفضل للإنسان أن يعرفَ ضعفَه ويهرب من نير الرئاسةِ».
قيل عن أخٍ راهب كان يسكن القلالي، هذا أقام عشرين سنةً مواظباً على القراءة ليلاً ونهاراً، وذات يومٍ نهض وباع الكتبَ والمصاحفَ التي كان قد اقتناها، وأخذ وشاحَه وذهب إلى البريةِ الجوانية. فالتقاه أنبا إسحق وقال له: «إلى أين تمضي يا ولدي»؟ فأجابه الأخُ قائلاً: «يا أبي، إن لي عشرين سنةً وأنا أسمع أقاويلَ الكتبِ فقط، والآن أريدُ أن أبدأَ في الابتعادِ عملاً بما سمعتُه من الكتبِ»، فقدَّم الشيخُ صلاةً من أجلهِ ثم أطلقه.
  رد مع اقتباس
قديم 18 - 10 - 2017, 10:32 AM   رقم المشاركة : ( 148 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

قال أنبا أفرآم: إن أحدَ الإخوةِ سأل أخاً له قائلاً: «إن الأب أمرني بالمضي إلى المخبز لنخبز خبزاً برسم الإخوةِ، ولما كان عُمالُ المخبزِ علمانيين يتكلمون بما لا يليق، فلستُ أنتفعُ من سماعِ ما يقولونه، فماذا أصنعُ»؟ فأجابه قائلاً: «أما رأيتَ في المكتبِ صِبياناً كثيرين، وكيف أن كلَّ واحدٍ منهم يقرأُ ما لا يقرأه رفيقُه لعلمهِ أن معلمَه يطالبه فقط بإتقان ما يختص به ولا يطالبه بإتقان ما يختص بغيره، فإن كنتَ أنت تنهزمُ للآلام بمجرد سماعِك فظيع الكلام، فاستمع لقول القائل: امتحنوا سائرَ الأشياءِ وتمسكوا بأحسنِها».
وقال أيضاً: «وما لنا وللعالم، وما لنا بمعاملاته؟ نحن قد مُتنا عن العالم، كلٌّ منا بأكلةٍ يسدُّ جوعَه، وأيدينا تساعدنا على خدمةِ جسدِنا بمعونةِ الله لنا، لأنه قال: لا يوجد متجندٌ يقوم بنفقةِ نفسه بانشغاله في أمورِ الحياة، إذ كيف يستطيع وهو مشغولٌ أن يُرضي قائدَ الجيش ومليكه».
قال أنبا إشعياء: «إن مضيْتَ إلى رؤساءِ العالم مريداً مصادقتهم فليس فيك مخافةُ الله».
وقال أيضاً: «إياك أن تقتني لك أصدقاءً من بين رؤساءِ الدنيا لكي لا يبعد اللهُ عنك».
وقال أيضاً: «إن شئتَ أن تكونَ معروفاً عند الله، فلا تُعرِّف الناسَ بنفسِك، لأن المرتبطَ بأمورِ العالم إذا سمعَ الحقَّ يُرذلُ قائلَه».
قال أنبا أبوللو: «لتكن عندكم هذه علامةً عظيمةً للنجاحِ متى اقتنيتم عدمَ الشهوةِ لشيءٍ ما من أمورِ العالم، لأن هذا هو فاتحة جميع مواهب الله».
تأهل أحدُ الشيوخ لمواهب الله، وذاع صيتُ فَضلِهِ فاستدعاه الملكُ لينال بركةَ صلاتِهِ، فلما تناقش معه وانتفع منه، أحضر له مالاً، فقبله الشيخ وعاد به إلى قلايتِهِ، وبدأ في تنظيفها وتعميرها، فجاءه مجنونٌ (بروحٍ نجس) فقال له حسب عادتهِ: «اخرج من خليقةِ الله». فقال له الشيطانُ: «لن أطيعَك». فقال الشيخُ: «ولِمَ»؟ فأجابه: «لأنكَ صرتَ واحداً من خدامِنا إذ تركتَ عنك الاهتمامَ بالله، وأشغلتَ ذاتَك بالاهتمام بالأرضيات».
وراهبٌ آخر كان فاضلاً جداً لدرجةِ أنه كان يُخرج الشياطين بصلاتِهِ، وكانت له أمٌ عجوز مسكينةٌ، فحدثت مجاعةٌ عظيمةٌ، فأخذ الراهبُ خبزاً ومضى ليفتقد والدته، وبعد أن رجع إلى قلايتهِ أُحضر أمامه مجنونٌ فقام ليصلي عليه كعادتهِ، فأخذ الشيطانُ يهزأ به قائلاً: «ماما، ماما».
قيل عن الأب مقاريوس الصعيدي: إن إنساناً (دوقس) حضر من القسطنطينية ومعه صدقة للزيارة، فزار قلالي الإخوة طالباً من يقبل منه شيئاً، فلم يجد أحداً يأخذ منه لا كثيراً ولا قليلاً. وكان إذا قابل أحدَهم أجابه بأن لديه ما يكفيه، وأنه مصلِّ من أجلِهِ كمثل من أخذ منه تماماً، فصار ذلك الدوقس متعجباً، ثم أنه أحضر ذلك المال إلى القديس مقاريوس وسجد بين يديه قائلاً: «لأجلِ محبةِ المسيح اقبل مني هذا القليل من المال برسم الآباءِ». فقال له القديس: «نحن من نعمِةِ الله مكتفين، وليس لنا احتياجٌ إلى هذا، لأن كلاًّ من الإخوة يعملُ بأكثرِ من حاجتِهِ». فحزن ذلك المحتشم جداً وقال: «يا أبتاه من جهةِ الله لا تُخيِّب تعبي واقبل مني هذا القليل الذي أحضرتُهُ». فقال له الشيخُ: «امضِ يا ولدي وأعطه للإخوةِ». فقال له: «لقد طفتُ به عليهم جميعاً، فلم يأخذوا منه شيئاً، كما أن بعضَهم لم ينظر إليه البتةَ». فلما سمع الشيخُ فرح وقال له: «ارجع يا ابني بمالِك إلى العالم وأهلِهِ، لأننا نحن أناسٌ أموات». فلم يقبل المحتشمُ ذلك. فقال له القديس: «اصبر قليلاً». وأنه أخذ المالَ وأفرغه على بابِ الدير وأمر بأن يُضرب الناقوس، فحضر سائرُ الإخوةِ وكان عددُهم ألفين وأربعمائة، ثم وقف الأب وقال: «يا إخوةُ، من أجلِ محبة السيد المسيح، إن كان أحدُكم محتاجاً إلى شيءٍ فليأخذ بمحبةٍ من هذا المال». فعبر جميعُهم ولم يأخذ واحدٌ منه شيئاً. فلما رأى الدوقس منه ذلك صار باهتاً متعجِّباً متفكِّراً، ثم ألقى بنفسِهِ بين يدي الأب وقال: «من أجلِ اللهِ رهبني». فقال له القديس: «إنك إنسانٌ كبيرٌ ذو نعمةِ وجاهِ ومركز، وشقاءُ الرهبنةِ كثيرٌ، وتعبُها مريرٌ، فجرِّب ذاتَك ثم أخبرني». فقال: «وبماذا تأمرني أن أفعلَه من جهةِ هذا المالِ»؟ فقال له: «عمِّر به موضعاً بالأديرةِ». ففعل، وبعد قليلٍ ترهب، صلاته تكون معنا، آمين.
  رد مع اقتباس
قديم 18 - 10 - 2017, 10:32 AM   رقم المشاركة : ( 149 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

قيل عن القديس مقاريوس الوسطاني إن إنساناً أتاه بعنقودٍ مبكرٍ. فلما رآه سبَّح الله وأمر أن يُرسلوه إلى أخٍ كان عليلاً، فلما رآه الأخُ فرح، وهمَّ أن يأخذَ منه حبةً واحدةً ليأكلها، لكنه قمع شهوَتَه، ولم يأخذ منه شيئاً وقال: «خذوه لفلان الأخ لأنه مريضٌ أكثر مني». فلما أخذوا العنقودَ إليه رآه وفرح، لكنه قَمَعَ شهوتَه، ولم يأخذ منه شيئاً. وهكذا طافوا به على جماعةِ الإخوةِ فكان كلُّ من أخذوه إليه يعتقدُ أن غيرَه لم يره بعد، وهكذا لم يأخذوا منه شيئاً. وبعد أن انتهوا من مطافِهِم على إخوةٍ كثيرين أنفذوه إلى الأب. فلما وجد أنه لم تضع منه حبةٌ واحدةٌ، سبَّح الله من أجل قناعةِ الإخوةِ وزهدِهم. وكان القديسُ يقول: «كما أن بستاناً واحداً يستقي من ينبوعٍ واحدٍ، تنمو فيه أثمارٌ مختلفٌ مذاقُها وألوانُها، كذلك الرهبان فإنهم يشربون من عينٍ واحدةٍ، وروحٌ واحدٌ ساكنٌ فيهم، لكن ثمرَهم مختلفٌ، فكلُّ واحدٍ منهم يأتي بثمرةٍ على قدرِ الفيض المُعطى له من الله».
قال أحد الرهبان: «لا تتعرَّف بالرئيسِ ولا تتملَّقه، لئلا يحصلَ لك من ذلك دالةٌ فتشتاقَ للرئاسِةِ».
قال شيخ: «يا حنجراني، يا من تطلب أن تملأ جوفَك، الأجودَ لك أن تُلقي فيه جمرَ نارٍ من أن تتناول أطعمةَ الرؤساءِ».
قال أنبا أفرآم: «اهرب من المشارب، ولا تدخل المجالسَ لئلا تصير زانياً خِلواً من امرأةٍ تساكنك».
قال شيخ: «المنصرف إلى العالمِ بعد رفضهِ إياه، إما أن يسقطَ في فخاخِه ويتدنس قلبُه بأفكارِه، وإما أنه لا يتدنس لكنه يدين المتدنسين فيتدنس هو أيضاً».
قال القديس باسيليوس: لا تتجول في سائرِ العالم حيث لا تنتفع، ولا تحب الأسفارَ أو الطوافَ في القرى والبيوت، بل اهرب منها لأنها فخاخُ الأنفسِ. فإن ألحَّ عليك أحدُهم كي تدخل بيتَه معتقداً فيك العفةَ، فليتعلَّم ذلك الإنسان كيف يتبع إيمان قائد المائة الذي قال للسيد: «إني غيرُ أهلٍ لأن تدخلَ تحت سقف بيتي». وبذلك يقوم إيمانُهُ هذا مقامَ كلِّ شيءٍ له.
قال أنبا أفراطس: «إن شاء اللهُ حياتي فهو يعلم كيف يسوس أمري، وإن لم يشأ فما لي وللحياةِ». وكان يأبى أن يأخذَ من أحدٍ شيئاً، وإذ كان مُقعداً مُلقىً علي سريرٍ، فقد كان يقول: «إن أخذتُ من أحدٍ شيئاً، فليس لي ما أكافئه به».
  رد مع اقتباس
قديم 18 - 10 - 2017, 10:32 AM   رقم المشاركة : ( 150 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

وقال أيضاً: «يليق بالمتقدمين إلى الله أن ينظروا إليه وحده. ويلتجئوا إليه بوَرَعٍ هكذا، حتى لا يُعِيروا الشتيمةَ التفاتاً، حتى ولو كانوا مظلومين ربواتٍ من المرات».
قال شيخٌ: «المرائي بالمسكنةِ ويخدع بها الرحومين ليأخذَ منهم شيئاً في خفيةٍ، فهو خاطفٌ وظالم. لأنه أخذ بالرياءِ بغيرِ وجه حقٍّ، وما كان وقفاً على المساكين أخذه هو».
قال الأب زينون: «إن الراهبَ الذي يأخذُ صدقةً، سوف يعطي حساباً عنها».
قيل: حدث يوماً أن جاء إلى الإسقيط إنسانٌ غني عاد من غربةٍ وأعطى لكلِّ راهبٍ ديناراً صدقةً. وأنفذ كذلك بركةً لبعض الملازمين قلاليهم، فرأى أحدُهم في تلك الليلةِ حقلاً مملوءاً أشواكاً، وإنسانٌ يقول له: «اخرج ونظِّف حقلَ من أعطاك الأجرةَ»، فلما قام باكراً، أرسل الدينارَ لصاحبهِ قائلاً له: «خذ دينارَك، لأنه ليست لي قوةٌ على اقتلاعِ أشواكِ غيري، يا ليتني أستطيعُ اقتلاعَ أشواكَ حقلي فحسب».
قال أحدُ الآباء: «لا يكن لك في قلايتِك ثوبٌ زائدٌ عن حاجتِك ولستَ في احتياجٍ إليه، لأن هذا هو موتُك، لأن هناك قوماً آخرين غيرَك يؤلمهم البردُ، وهم أبرُّ منك وأحقُّ. وأنت الأثيم عندك ما يفضل عنك. لا تقتنِ إناءً يزيدُ عن حاجتِك حتى ولا سُكرُجة واحدة (أي طبقٌ واحد)، وإلا فعليك أن تجيبَ عما فضل عنك. لا تقتنِ ذهباً في كلِّ حياتِك وإلا فما يهتم الله بك. وإن أتاك أحدٌ بذهبٍ، وكنتَ محتاجاً، فأنفقه في قُوتِك، وإن لم تكن محتاجاً، فلا يبيت عندك. إن شئتَ أن تمتلك النوحَ، فاجتهد أن تكونَ أوانيك وكلُّ أمتعتك مسكينةً فقيرةً، مثل الإخوة الشحاذين. إذا اقتنيتَ مصحفاً (أي إنجيلاً) فلا تتنمَّق في تجليدِه ولا تُزيِّنه. ثوباً جديداً لا تلبس، لأن جميعَ هذه تمنع من النوحِ. وبالإجمال، ليكن جميعُ ما هو لك مما لا تتألم على فقدانِه. ثيابُك وحذاؤك وكلُّ أوانيك لتكن هكذا حتى لو جاء قومٌ ليسرقوها لا يرضون بها ولا يعجبهم شيءٌ منها».
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
بستان الرهبان كامل مسموع
زهور من بستان - كتاب بستان الرهبان
تحميل كتاب بستان الرهبان كامل مسموع
كتاب بستان الرهبان لبيلاديوس
كتاب بستان الرهبان


الساعة الآن 09:26 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024