18 - 10 - 2017, 10:05 AM | رقم المشاركة : ( 91 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
إياك أن تترك جسدَك في حالةٍ لا تليق بسبب قذارتِه لئلا يسرقك المجدُ الباطل. ولكن إذا كنتَ شاباً فاترك جسدَك ليظهر بكلِّ سماجةٍ. لا تلبس ثوباً جيداً حتى تبلغ الكبر وتدخل في سن الشيخوخة. إذا سرتَ مع أخٍ أكبر منك سناً فلا تتقدمه البتة. وإذا تكلم من هو أكبر منك مع آخرين فإياك أن تحتقره وتجلس، ولكن قف حتى يسمح لك. إذا ذهبت إلى مدينةٍ أو قريةٍ فلتكن عينُك ناظرةً للأرضِ لئلا تسبب لك محاربات في قلايتك. إياك أن تبيت في قريةٍ وتنام في بيتٍ تخشى أن تخطئ فيه بقلبك. إذا دُعيت لتأكل عند إنسانٍ وعلمتَ أن هناك امرأةً جالسةً ستأكل معك فارفض ولا تأكل هناك البتة، لأنه خيرٌ لك أن تُحزن ذاك الذي دعاك من أن تزني بفكرك في الخفاء. حتى وإن رقدت فلا تبصر ثيابَ النساءِ بعينيك. وإن كنتَ في طريقٍ ولقيتك امرأة فجاوبها بفمِك فقط. وإذا ذهبت في طريقٍ وكان معك شيخٌ فلا تدعه يحمل أحمالَه البتة بل احملها أنت عنه. وإن كنتم سائرين في طريقٍ وكان معكم إنسانٌ ضعيف فليكن هو المتقدم وذلك لكي يمكنه أن يجلسَ إذا أراد الجلوس. إن كنتم شباباً واجتمعتم عند إنسانٍ وأراد أن يغسل أرجلَكم وسألكم أن تباركوا على المائدة فاسبقوا أولاً واعرفوا منزلةَ كلِّ واحدٍ منكم حتى إذا حان وقتُ الأكلِ لا ترتبكون ولا تتزاحمون. وليكن جلوسُكم بترتيبٍ: الأول فالثاني فالثالث وهكذا.
|
||||
18 - 10 - 2017, 10:05 AM | رقم المشاركة : ( 92 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
وقال أيضاً: إن سألك شيخٌ عن أفكارِك فاكشفها له بصراحةٍ متى تأكدتَ أن له أمانةً ويحفظُ كلامَك. ولا تنظر إلى كبر السن بل اعتمد على من له علمٌ وعملٌ وتجربةٌ ومعرفةٌ روحانية، لئلا يُزيدك سِقماً بدلاً من أن يهبك شفاءً. إذا تحدث أناسٌ بأفكارٍ لم تبلغها بعد ولم تُحارَب بها فامتنع من سماعِ كلامِهم هذا لئلا تجلب على نفسِك ذلك القتال. ألزِم نفسَك كلَّ يومٍ بأن تصلي في نصفِ الليل صلواتٍ كثيرةً لأن الصلاةَ هي ضوءُ النفس. راجع نفسَك كلَّ يومٍ عما صنعته فيه من الخطايا وصلِّ إلى الله من أجلِها فيغفرها لك. إن سمعتَ أخاً يدين آخر فلا تستحِ منه أو توافقه لئلا يغضب الله. بل قل باتضاعٍ: «اغفر لي يا أخي فإني شقيٌ وهذه الأمور التي تذكرها أنا منغمسٌ فيها ولستُ أحتمل ذكرها». إن أساء إليك أخٌ وجاء آخر وعاب فيه عندك فاحفظ قلبَك لئلا يتجدد فيه ذكرُ الشرِ الذي أساء به إليك ذلك الإنسان. إذا مضيْت إلى ضيعةٍ مع إخوةٍ لا تعرفهم فأعطهم التقدم في كل شيءٍ ولو كانوا أصغر منك. وإن نزلتَ عند صديقٍ لك فليكونوا هم المتقدمين عليك في كلِّ شيء على المائدة وغيرها. لا تظن في نفسِك أنه بسببِك يكرمهم صديقُك، بل قل لهم: «إنه بسببِكم يصنع بي الرحمةَ». إن مررتَ في طريقٍ مع أخٍ وحدث أن قابلتَ صديقاً لك وأردتَ أن تسأله في أمرٍ ما واستأذنت الأخَ قائلاً: «استرح قليلاً حتى آتي إليك»؛ فإن دعاك صديقُك أن تدخلَ لتأكلَ عنده، فإياك أن تلبي دعوتَه دون أن تُشرك الأخَ الذي معك. إذا دخلتَ قلايةَ أخٍ ليس لك به سابق معرفة فحيثما أجلسك اجلس ولا تتحرك من الموضع الذي أجلسك فيه إلا بدعوةٍ منه. إن كنتَ ساكناً في قلايةٍ فإياك أن يكون لديك إناءٌ يمنعك من حفظ وصيةِ ربك، وإن سألك أخٌ أن تعيره إناءَك فأعطه إياه، رغم حاجتك إليه ورغم عدم وجود غيره عندك، وإياك أن تجلس بعد ذلك متضايقاً مرتبكاً، فخير لك أن يهلك أحدُ أعضائِك من أن يذهب جسُدك كلُّه إلى جهنم. الذين فارقتَهم حباً في الله لا تُكثر ذكرَهم في قلبك لئلا ينشغل عقلُك بهم، بل اذكر الموتَ والدينونة وكيف أنه لا يستطيع أحدٌ منهم أن يعينك في ذلك اليوم. إذا كنتَ في قلايتك وتذكرتَ أن إنساناً أساء إليك وأحزنك، فقم في الحال وصلِّ من أجلهِ من كلِّ قلبِك أن يغفرَ الله له، وبذلك تنطفئ عنك محبة مكافأة الشرِّ بالشرِّ. إذا أنت ذهبتَ لتتناول جسدَ المسيح ودمَه الأقدسين فإياك أن يكون في قلبك حقدٌ أو غيظٌ على إنسانٍ، فإن علمتَ أن في قلب إنسانٍ عليك شيئاً فاذهب واستغفر منه أولاً لئلا تأخذ دينونةً لنفسِك وهلاكاً. إن قوتلت بزنى في أحلامِ الليل، فاحفظ فكرَك من تذكُّرها بالنهار ولا تذكر أيضاً تلك الأجساد التي أبصرتَها في أثناء نومِك لئلا تتدنس بلذتِها وتجلب على نفسِك حزناً، ولكن ألقِ ضعفك أمام الله وهو يعينك لأنه رحومٌ يرثي لضعف الإنسان. فإذا ألزمت نفسَك بصومٍ كثيرٍ وصلاة مستمرة فلا تثق بأنك ستخلص بعد ذلك، ولكن قل في فكرِك: «إني أرجو من الله بصلاة قديسيه أن يصنع مع ضعفي رحمةً من أجل الشقاء الذي شقي به جسدي». إن شتمك إنسانٌ فلا تُجبه حتى يسكت. وفتش نفسَك بخوف الله فإنك سوف تجد أن ما قد سمعتَه كائنٌ فيك وأن العلةَ هي منك. فاصنع له مطانية مثل إنسانٍ يعرفُ بالحقيقةِ أنه هو الذي أخطأ. |
||||
18 - 10 - 2017, 10:06 AM | رقم المشاركة : ( 93 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
إن كنتَ ماضٍ مع إخوةٍ في طريقٍ وكانت بينك وبين أحدٍ محبةٌ فلا تكن لك دالةٌ معه أمامهم لئلا يكون فيهم أحدٌ ضعيف فيموت من الغيرة منكما. وتكون الخطية عليك لأنك سبَّبت له عثرةً. إن أردتَ الذهاب إلى أناسٍ فلا تضع في قلبك أنهم سوف يفرحون جداً بلقائك. فإن قبلوك اشكر الله على قبولهم لك. إذا أصابك مرضٌ وأنت ساكنٌ في قلايتك فلا تصغر نفسُك بل اشكر الله على ذلك. إن مضيتَ إلى إخوةٍ وقال لك أحدهم: «إني لا أستطيع النجاح ما دمتُ مع هؤلاء وأودُ أن أسكن معك»؛ فإياك أن تبادر بموافقتِه على ذلك لئلا تصير عثرةً له ولكثيرين غيره. فإن أباح لك بأفكارٍ مكبوتةٍ فيه وعلمتَ إزاءها أنه سيهلك بوجوده في وسطهم فعرِّفه بأن يهرب إلى مكانٍ آخر وارفض سكناه معك. إذا كنت ساكناً في قلاية فاجعل لطعامِك مقداراً معيناً، ووقتاً معروفاً لا تتعداه. وأعطِ جسدَك حاجته بالقدر الذي به تستطيع أن تخدم الله في صلاتك. ارفض محبةَ الخروجِ والجولان فيما لا ينفعك. وإن عرض لك أمرٌ هام كافتقاد أخٍ أو الذهاب إلى ديرٍ وقدموا لك طعاماً لذيذاً، فلا تشبع منه، وأسرع في العودةِ إلى قلايتك.
|
||||
18 - 10 - 2017, 10:06 AM | رقم المشاركة : ( 94 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
وقال أيضاً: «إن أشغل الشياطينُ قلبَك بأتعابٍ تفوق طاقتك، فلا تُطعهم لأنهم يشغلونقلبَ الإنسان بأمورٍ لا يقوى عليها حتى إذا ضعف وقع في أيديهم، فيضحكون عليه لأن كلَّأمورِ العدو هي بلا نظام وبلا حدود. ولكن كُلْ مرةً واحدةً في النهار، وأعطِ جسدَك حاجتهبقدرٍ بحيث تكف عن الطعام وأنت لا زلت تشتهيه. كذلك سهرك يكون بقدرٍ، اسهر نصفَ الليلِ في الصلاةِ والنصف الآخر لراحة جسدِك. ومن قبل أن تنام اسهر ساعتين مصلياً ومزمراً، وإذا اقتنيتَ طولَ الروح فاصنع قانونك بحرصٍ واجتهاد، وإن أبصرتَ جسدَك قد كسل فقُلله: «أتريد أن تستريح في هذا الزمان اليسير وتذهب إلى الظلمةِ الخارجية، أليس من الأفضل لك أن تتعب زماناً يسيراً لتتنيَّح مع القديسين إلى الأبد». وبهذا الكلام يذهب الكسلُ وتأتيك المعونةُ. |
||||
18 - 10 - 2017, 10:06 AM | رقم المشاركة : ( 95 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
إن أنت بعت شغلَ يديك فلا تتشدَّد في الثمن كالعلمانيين. كذلك إذا أردتَ أن تشتري شيئاً فزِد على ثمنهِ قليلاً وخذه، وإن لم يكن معك ما يساوي قيمته فاتركه بسكوت. إن أودع أخٌ عندك إناءً واحتجت إليه احتياجاً شديداً فاحذر أن تمسَّه بأذيةٍ. إن ذهبتَ إلى قريةٍ وأوصاك أخٌ أن تشتري له شيئاً فاشتَرِهِ له كما لو كنتَ تشتريه لنفسِك. وإن كان معك إخوةٌ وقتئذ فأشركهم في هذا الأمر. إن اتفق لك قضاء مصلحةٍ هامة في بلدِك فاحفظ نفسَك من أهلك وأقربائك ولا يكن لك معهم دالةٌ ولا خلطة في كلامٍ أو في غيرهِ. إن استعرتَ من أخيك فأساً أو غيره فلا تتوانَ في أن تردَّه إليه عند قضاءِ حاجتك ولا تتركه حتى يطلبه منك، فإن انكسر فجدِّده له. إن أنت أقرضت إنساناً مسكيناً شيئاً وعرفت أنه ليس له ما يوفيك، فلا تُحزنه ولا تضيِّق عليه في شيءٍ مما أعطيته سواء كان ثياباً أم وزنات أم غير ذلك. إن أقمتَ في مكانٍ وبنيتَ لك فيه قلايةً وأنفقت في بنائها نفقةً ما، ثم بدا لك بعد حين أن تخرج منها، وأقام فيها أخٌ آخر، وأردتَ الرجوع إليها مرة أخرى، فاحذر من أن تُخرج ذلك الأخ منها، ولكن ابحث لنفسِك عن قلايةٍ أخرى، وإن كنتَ وقت خروجِك منها أولاً قد تركتَ فيها متاعاً ووجدت أن الأخ قد أحرقه فلا تطالبه بشيءٍ منها، وإن أردت أن تنتقلَ من قلايةٍ إلى أخرى فاحذر من أن تأخذ معك شيئاً من متاعِها، بل اتركه للأخ الذي سيسكن فيها والله يرزقك أنت حيثما كنت. كلُّ فكرٍ يحاربك اكشفه ولا تستحِ أن تقول به لمن هو أكبر منك بالروحانية، فيخفَّ ذلك الفكرُ عنك ويذهب، واعلم أنه لا يوجد شيءٌ يَفرح له الشياطين مثل إنسانٍ يُخفي أفكارَه، رديئةً كانت أم جيدةً. وإذا طغى أخوك بجهلهِ بسبب الهراطقة، ثم رجع إلى الإيمان القويم فلا تحتقره واحفظ نفسَك من مجادلةِ المخالفين بحجة أنك تريد الدفاع عن الإيمان، لئلا يؤثِّر كلامُهم فيك فتهلك. وإن وجدت كتاباً من كتبهم فلا تقرأ فيه لئلا يمتلئ قلبُك بسمِ الموتِ، بل تمسَّك بأمانتك كما أضاءت لك المعمودية، كن على حذرٍ من تعليم الكذاب المضاد».
|
||||
18 - 10 - 2017, 10:07 AM | رقم المشاركة : ( 96 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
وقال أيضاً: «إن سمعتَ أخبارَ القديسين وأعمالَهم الشريفة فلا تطمع في اقتنائها بلا تعبٍ. إن لم تشفِ نفسَك أولاً وتتأهل لها، حتى إذا أقدمتَ على عملِها جاءتك من تلقاء نفسِها. احفظ نفسَك من الملل فإنه يُتلف ثمرةَ الراهبِ. إن كنت مقهوراً من وجعٍ وأنت تجاهده فلا تمل، بل ألقِ نفسك قدام الله وقل: «أعني يا ربُّ أنا الشقي فإني لا أقوى على هذا الوجع»؛ فيُعينك سريعاً إن كانت طِلبتُك بقلبٍ مستقيمٍ. إن كنتَ في شيءٍ من تعبِ الرهبانية ورأيتَ الشياطين قد انهزموا منك وغُلبوا في القتالِ، فلا تطمئن، بل كن على حذرٍ منهم. واعلم أنهم يهيئون لك قتالاً أشرَّ من الأول، ويكمُنون لك به من وراء، فإن أنت ناصبتهم تظاهروا بأنهم طُردوا بمكرٍ منهم، وذلك ليستكبر قلبُك وتثق بقوتِك، فإذا أبصروك قد خرجت هكذا عن فضيلة الاتضاع، قام الكمينُ عليك من ورائك وهاجمك الآخر من قدامك وأحاطوا بنفسك التي لم يكن لها ملجأ وقتئذ. فلا تمل إذاً من الصلاةِ إلى الله بأن يخلِّصك ويدفع عنك كلَّ بليةٍ تأتيك، فإن لم يسمع منك سريعاً فلا تمل من التضرع إليه لأنه يعرف ما فيه خيرك أكثر منك. وإذا صليتَ إلى الله فلا تقل له: «ارفع عني هذا وهبني ذاك». بل قل: «يا ربي يسوع أنت عوني ورجائي وأنا في يديك، وأنت تعرف ما هو صالحٌ لي، فأعني ولا تتركني أخطئ إليك أو أتبع هواي، ولا ترفضني فإني ضعيفٌ ولا تسلِّمني لأعدائي، فإني لجأتُ إليك فخلصني بتحننك، ليخزَ كلُّ الذين يقومون عليَّ لأنك أنت القادر على كل شيءٍ، ولك المجد إلى الأبد، آمين». |
||||
18 - 10 - 2017, 10:07 AM | رقم المشاركة : ( 97 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
وقال أيضاً: إن الإنسانَ لا يستطيعُ أن يتحفَّظ من الخطيةِ إن لم يحفظ نفسَه مما يلدها. وهذه هي الأشياء التي تلد الخطيةَ: صغرُ النفس، الملل، إتمام الهوى، حبُّ الاتساع، طلب الرئاسة، حديث العالم، التماس ما لا ينبغي، عدم الحذر من الناس، سماع الوقيعة، نقل الكلام من أناس إلى أناس، الذي يحبُّ أن يُعلِّم دون أن يسأل، الذي يدين القريب، فهذه الأمور وغيرها لَمِّما تلدُ الخطيةَ. فمن أراد أن ينجحَ ويتقدم في الأعمالِ الصالحة، فليحفظ نفسَه من كلِّ شيء يلد الخطيةَ، فإن الخطيةَ منها وبها. فمن حرص فهو يجد خيراً في الأعمال الصالحة، ومن تهاون وتغافل فهو يعدُّ نفسَه للعذاب، لأنه واجبٌ على كلِّ معتمدٍ أن ينقي نفسه من كلِّ الشرور، فإن أنت قطعتَ هواك بمعرفةٍ اقتنيتَ لنفسِك التواضع، أما الذي يريد أن يتمِّم هواه فذاك يُعدم الصلاحَ كلَّه. فلنهرُب من اللجاجةِ (أي من العنادِ والمجادلة) فإنها تهدمُ كلَّ بنيان الفضيلة وتصيِّر النفسَ مظلمةً لا تبصر شيئاً من الصلاحِ. فتحفَّظ من هذا الوجع الرديء الذي إذا اكتنف أيَّ صلاحٍ أعدمه، لأن ربنا ما أن طلع على الصليب حتى طوَّح يوداس من وسطِ تلاميذه. فإن لم يقطع الإنسانُ هذا الوجع الرديء (أي اللجاجة) فلن يستطيعَ أن يدركَ شيئاً من أمورِ الله، لأن كلَّ شرٍ في الدنيا يلحقُ صاحبَ هذا الوجع. وهذا الوجع هو نتيجة الكبرياء، لأن المتكبر لا يقدر أن يتحمَّل شيئاً من الموعظةِ وهو محبٌّ لمجدِ الناس والغلبة، ويسكن في نفسِه كلُّ أمرٍ يبغضه الله، لأن المستكبرَ لا يقدر أن يكونَ بغير عثرةٍ، وهو يسلِّمُ نفسَه بنفسِه إلى أيدي أعدائه. وحينئذ يصنعون بها شروراً كثيرة، فلنهرب من المجدِ الباطل ولنذكر في كل حين مجدَ العالم العتيد ولنقطع أهويةَ قلوبنا ولنلتمسَ مشيئة الله ونتممها. |
||||
18 - 10 - 2017, 10:07 AM | رقم المشاركة : ( 98 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
فالنفس التي تريدُ أن تقفَ أمام الله بغير ذنبٍ فلتحرص كالتاجر الذي يطلب الأرباحَ ويفرُ من الخسائرِ، أما خسائر تجار المسيح فهي: طلب مجد الناس، الكبرياء، تزكية الذات، التكلم بما يغضب السامعين، محبة الأخذ والعطاء؛ هذه كلها خسائر ولا يستطيع أحدٌ أن يُرضي الله وهذه كلُّها في خزانةِ قلبه. فمن أراد أن يجيء إلى نياح الرهبنة فليتباعد من الناس في كلِّ الأمور، ولا يمدح إنساناً، كما لا يزدري به ولا يدينه ولا يزكيه، ولا يترك في قلبه هماً من ناحيةِ إنسانٍ، وليرفض من كلِّ قلبه مقابلة شر إنسان بشرِهِ لئلا تكون خدمتهُ باطلةً، لأن الذي لا يهتم بأحدٍ ويدين نفسَه وحدَه ويلومها فحياته تكون هادئةً مستريحةً. لأن النقي يحبُّ أن يكونَ كلُّ الناسِ أنقياء، أما الذي في قلبه وجعٌ، فلا يرى أحداً نقياً بل كنحو أوجاعِه يفكر في قلبه عن كلِّ أحدٍ، وإن سمع مديحاً في إنسانٍ يحسده. وهذا أقوله لكي تتحفظ فلا تزدري بإنسانٍ وأبطل معرفتك واقطع هواك. فإنَّ من وثق بمعرفتِه وتمسك بهواه لا يستطيع أن يفلتَ من أيدي الشياطين ولن يبصرَ نقائِصَه ولن يجد راحةً، أما إذا خرج من هوى الجسد فبتعبٍ يجدُ رحمةً، ومجمل هذا كله أن تراقب اللهَ من كلِّ قلبك ومن كلِّ قوتك وتترحم على كلِّ الخليقة وتطلب من الله العونَ والرحمةَ في كلِّ ساعة.
|
||||
18 - 10 - 2017, 10:07 AM | رقم المشاركة : ( 99 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
وقال أيضاً: «السكوت هو أن تَرضى بكلِّ شيءٍ ولا ينبغي أن تشغل قلبَك بأمرٍ لا يعنيك. النقاوة هي عقلٌ متيقظ وحسٌ ملتصق بالله. أحبَّ السكوتَ أكثرَ من الكلامِ، لأن السكوتَ يجمعُ، والكلامَ يبدِّدُ. الراهب لا يستطيع أن يحفظَ جهادَه إلا بالسكوتِ وبالهدوء، وأن لا يحسبَ نفسَه شيئاً في أمرٍ ما. من هو في السكوتِ فهو محتاجٌ إلى هذه الثلاث خصال: خوفُ الله، صلاةٌ دائمة، أن لا يدع قلبَه يُسبى بأمر ما. من هو في السكوتِ ينبغي له أن يجعلَ خوفَ ملاقاة الله متقدماً كلّ نَفَسٍ من أنفاسِه. ما دام القلبُ يخضعُ للخطيةِ فما صار خوفُ الله فيه بعد، وهو لا زال بعيداً عن الرحمةِ. ذلك الإنسان الذي يتكلم بكلام العالم أو يسمعه مراراً كثيرة، لا يقدر أن يكونَ له في قلبهِ دالةٌ قدام الله في صلاتهِ. أبغض كلَّ ما في العالم من نياح الجسد لأن ذلك يُصيِّرك عدواً لله. فقاتل الجسدَ كمن يقاتل عدواً لدوداً جداً. الذي يطلب الربَّ بوجع قلبٍ يسمع منه إن هو سأله باهتمامٍ ومعرفةٍ وهو غيرُ مرتبطٍ بشيءٍ من العالم إلا بنفسِه فقط، وذلك لكي يوقفها قدام الرب بلا عيبٍ كنحو قوتِهِ
|
||||
18 - 10 - 2017, 10:08 AM | رقم المشاركة : ( 100 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب بستان الرهبان
وقال أيضاً: «ثلاثُ فضائل يحتاج إليها العقلُ دائماً: تركُ الغضب، عدم التهاون، الشجاعة. وثلاث فضائل أخرى إذا ازدان بها العقلُ يثق بأنه قد بلغ الحياةَ وهي: إفراز الجيد من الرديء، التبصُّر في الأمورِ قبل الإقدام عليها، عدم الخضوع لأمرٍ غريب. وثلاث فضائل كذلك تبعث في العقل ضوءاً مستديماً وهي: أن لا يعرف شرَّ إنسانٍ، أن يصنعَ الخيرَ مع الذي يصنعُ به الشرَّ، أن يتقبل ما يجلبه العدو عليه بلا ضيق صدرٍ. فالذي لا يعرف شرَّ إنسانٍ فقد أدرك المحبةَ، والذي يفعل الخيرَ مع من يفعل به الشرَ فقد أدرك السلامةَ، والذي يقبل ما يأتيه من العدو بلا ضيقِ صدرٍ فقد اقتنى الوداعةَ. كذلك أربع فضائل تزكي النفسَ: السكون، حفظ الوصايا، الانفراد، الاتضاع. الصيام يُذل الجسدَ والسهرُ ينقي العقلَ والسكوتُ يجلب النوحَ، والنوحُ يغسل الإنسانَ ويصيِّره بلا خطية. طوبى لمن اهتم من أجل جراحاتهِ لتُشفى، وعرف خطاياه وطلب من أجلِها الغفران. إن أراد العقلُ أن يرتفعَ على الصليبِ فإنه يحتاج إلى طلبةٍ كثيرة ودموعٍ غزيرة وخضوعٍ في كلِّ ساعةٍ قدام الربِّ، ويسأل من طيبته المعونةَ حتى يقيمه غيرَ مقهورٍ متجدداً بالروح القدس. لأن شدائدَ كثيرةً عند ساعة الصليب، وهو محتاجٌ إلى صلاةٍ وإيمانٍ صحيح وقلبٍ شجيع ورجاءٍ بالله إلى آخر نفس. الذي له المجد إلى الأبد، آمين. |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
بستان الرهبان كامل مسموع |
زهور من بستان - كتاب بستان الرهبان |
تحميل كتاب بستان الرهبان كامل مسموع |
كتاب بستان الرهبان لبيلاديوس |
كتاب بستان الرهبان |