![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لكن نجنا من الشرير ![]() هناك أناس لا يتصورون أن هناك حربًا من الشيطان ضد أولاد الله. ولكن كلمات السيد المسيح التي علمنا إياها في الصلاة الربانية تظهر خطورة الموقف ووطأة الحروب الشيطانية فقال الرب متى صليتم فقولوا هكذا.. "ولا تدخلنا في تجربة، لكن نجنا من الشرير" (مت6: 13). إن الصلاة الربانية تحوى أهم الطلبات وأخطرها بالنسبة لخلاص الإنسان. لذلك علينا أن ندرك أهمية ترديد هذه الطلبة "لا تدخلنا في تجربة، لكن نجنا من الشرير" نطلبها بحرارة.. ومن عمق القلب.. بصراخ.. بلجاجة.. بدموع.. إنها صرخة غريق يطلب من الرب النجاة. كما ذكر قداسة البابا شنودة الثالث-أطال الرب حياة قداسته- قول الشاعر: صوتي عِلى مثل صرخة غريق بيصرخ بيصرخ بيصرخ بيصرخ بكل قواه للحياة إن أهمية هذه الطلبة تؤكدها كلمات معلمنا بطرس الرسول: "اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه هو. فقاوموه راسخين في الإيمان" (1بط5: 8، 9). إننا نحتاج من الناحية الروحية أن يحارب الرب عنا.. وأن يدفع جحافل قوات الظلمة (أي الشياطين) بقوته الإلهية.. لهذا ينبغي أن نطلب معونته باستمرار.. وبدون هذه المعونة وهذه القوة.. فلن يمكننا أن نغلب،ولكننا حينما نتسلح بقوة الرب مجاهدين، حينئذ تكون الغلبة ونترنم قائلين: "الرب قوتي ونشيدي. وقد صار خلاصي. هذا إلهي فأمجده. إله أبى فأرفعه. الرب رجل الحرب. الرب اسمه.. يمينك يا رب معتزة بالقدرة. يمينك يا رب تحطم العدو" (خر15: 2، 3، 6). |
![]() |
رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() بالمسيح يسوع ربنا لم ترد هذه العبارة في الصلاة الربانية كما نطق بها السيد المسيح في وقتها، وكما سجلتها الأناجيل على فمه المبارك. لأنه من ناحية هو الذي علّمها لتلاميذه، فلا يمكن -والحال هكذا- أن يقول هو عن نفسه "بالمسيح يسوع ربنا". ومن الجانب الآخر فإن صياغة صلوات الكنيسة التي سيترتب عليها إتمام الفداء قد ارتبط بأحداث الفداء. وفي ليلة آلامه بدأ السيد المسيح يوضح لتلاميذه كيف ينبغي تقديم الصلوات للآب السماوي بعد إتمام الفداء على أساس أنها ينبغي أن تقدم باسمه "فأنتم كذلك عندكم الآن حزن. ولكنى سأراكم أيضًا فتفرح قلوبكم، ولا ينزع أحد فرحكم منكم. وفي ذلك اليوم لا تسألوننى شيئًا. الحق الحق أقول لكم: إن كل ما طلبتم من الآب باسمي يعطيكم. إلى الآن لم تطلبوا شيئًا باسمي. اطلبوا تأخذوا، ليكون فرحكم كاملًا.. في ذلك اليوم تطلبون باسمي" (يو16: 22-24، 26) وقد أوضح السيد المسيح بذلك أنهم لم يكونوا بعد قد صلّوا الصلاة الربانية باسمه فقال لهم: "إلى الآن لم تطلبوا شيئًا باسمي. اطلبوا تأخذوا، ليكون فرحكم كاملًا.. في ذلك اليوم تطلبون باسمي". فمن غير اللائق إطلاقًا تقديم الطلبات للآب السماوي بعد إتمام الفداء دون أن تكون باسم الرب يسوع المسيح. فكل صلاة نصليها تسبقها الصلاة الربانية ونردد فيها هذه العبارة الخالدة "بالمسيح يسوع ربنا". لقد شجع السيد المسيح تلاميذه أن يوجهوا الصلاة الربانية إلى الآب مباشرة. ولكن من يستطيع أن يصلى إلى الآب بدالة البنوة إن لم يطلب باسم الابن الوحيد الفادي والمخلص يسوع المسيح؟! لذلك قال معلمنا بولس الرسول: "إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضًا للخوف، بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب (أي أيها الآب أبانا)" (رو8: 15). إن المصالحة التي صنعها السيد المسيح قد أعطتنا دالة البنوة. لهذا وضعت الكنيسة عبارة "بالمسيح يسوع ربنا" كما تسلّمت ذلك من الآباء الرسل في الصلاة الربانية. ومما يؤكد أيضًا هذه الحقيقة أن الآباء الرسل كانوا يستخدمون اسم الرب يسوع المسيح في صنع المعجزات، وفي الكرازة بالإنجيل، وفي التعميد، وفي طلب المعجزات من الله الآب، وفي كتابة رسائلهم إلى الكنائس والمؤمنين -كما في كتابة الأناجيل بطبيعة الحال- وصارت قاعدة لا يمكن التغاضي عنها أن هذا الاسم قد صار هو عنوان كل شيء في المسيحية، تردده الكنيسة في الصلاة الربانية، وعند قراءة الإنجيل، وفي كل صلواتها الليتورجية وتسابيحها، ويردده القديسون بلا فتور، ويهزمون به كل قوة العدو. فما أجمل ترديد صلاة (يا ربى يسوع المسيح خلصني). ![]() ولكى نوضح أهمية اسم الرب يسوع المسيح في حياة الكنيسة في عصر الرسل نقدم الأمثلة التالية على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر: أولًا: في معجزة شفاء الأعرج من بطن أمه قال بطرس الرسول: "ليس لي فضة ولا ذهب ولكن الذي لي فإياه أعطيك باسم يسوع المسيح الناصرى قم وامشِ" (أع3: 6). ثم قال للشعب: "إن إله إبراهيم وإسحق ويعقوب، إله آبائنا مَجَّد فتاه يسوع، الذي أسلمتموه أنتم وأنكرتموه أمام وجه بيلاطس، وهو حاكم بإطلاقه.. الذي أقامه الله من الأموات، ونحن شهود لذلك. وبالإيمان باسمه شدّد اسمه هذا الذي تنظرونه وتعرفونه، والإيمان الذي بواسطته أعطاه هذه الصحة أمام جميعكم" (أع3: 13، 15، 16). ![]() ويلاحظ أنه باسم يسوع المسيح قد تم الشفاء بحسب نطق بطرس الرسول، وأيضًا بالإيمان بهذا الاسم. أي بالنطق والإيمان بالاسم القدوس معًا. ثانيًا: في معمودية يوم الخمسين بعد عظة بطرس الرسول للجموع المحتشدة، إذ "نخسوا في قلوبهم، وقالوا لبطرس ولسائر الرسل: ماذا نصنع أيها الرجال الأخوة؟ فقال لهم بطرس: توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا، فتقبلوا عطية الروح القدس. لأن الموعد هو لكم ولأولادكم ولكل الذين على بُعد، كل من يدعوه الرب إلهنا" (أع2: 37-39). ومن الواضح هنا أن المعمودية تتم حسب وصية الرب يسوع المسيح على اسم الآب والابن والروح القدس. والابن الذي على اسمه تتم المعمودية مع الآب والروح القدس هو الرب يسوع المسيح. فالمعمودية على اسم المسيح هي معمودية العهد الجديد على اسم الثالوث القدوس، بالإيمان بيسوع المسيح أنه هو ابن الله مخلّص العالم. ثالثًا: في كرازة الرسل كان اسم يسوع هو محور كرازتهم فقال بطرسلرؤساء الكهنة وعشيرتهم وكتبتهم في أورشليم بعد شفاء الأعرج: "فليكن معلومًا عند جميعكم وجميع شعب إسرائيل، أنه باسم يسوع المسيح الناصرى، الذي صلبتموه أنتم، الذي أقامه الله من الأموات، بذاك وقف هذا أمامكم صحيحًا.. وليس بأحد غيره الخلاص لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس، به ينبغي أن نخلص" (أع4: 10، 12). وكان اليهود ورؤساؤهم يفزعون كثيرًا من اسم الرب يسوع وقال رئيس الكهنة للآباء الرسل: "أما أوصيناكم وصية أن لا تعلِّموا بهذا الاسم؟ وها أنتم قد ملأتم أورشليم بتعليمكم.. فأجاب بطرس والرسل وقالوا: ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس" (أع5: 28، 29). وبعد ذلك جلدوا الآباء الرسل "وأوصوهم أن لا يتكلموا باسم يسوع، ثم أطلقوهم. وأما هم فذهبوا فرحين من أمام المجمع، لأنهم حُسبوا مستأهلين أن يهانوا من أجل اسمه. وكانوا لا يزالون كل يوم في الهيكل وفي البيوت معلمين ومبشرين بيسوع المسيح" (أع5: 40-42). وهكذا كان قد حدث أيضًا مع بطرس ويوحنا بعد شفاء الأعرج باسم الرب يسوع المسيح "بينما هما يخاطبان الشعب، أقبل عليهما الكهنة وقائد جند الهيكل والصدوقيون، متضجرين من تعليمهما الشعب، وندائهما في يسوع بالقيامة من الأموات.. جعلوا يسألونهما بأية قوة وبأى اسم صنعتما أنتما هذا" (أع4: 1، 2، 7) وقرروا أن يهددوهما "أن لا يكلما أحدًا من الناس فيما بعد بهذا الاسم فدعوهما وأوصوهما أن لا ينطقا البتة، ولا يعلما باسم يسوع" (أع4: 17، 18). رابعًا: حينما صلى الآباء الرسل ورفعوا صوتًا بنفس واحدة إلى الله طالبين أن يؤيد خدمتهم الكرازية بالمعجزات؛ قالوا: "ولتجر آيات وعجائب باسم فتاك القدوس يسوع. ولما صلوا تزعزع المكان الذي كانوا مجتمعين فيه، وامتلأ الجميع من الروح القدس، وكانوا يتكلمون بكلام الله بمجاهرة" (أع4: 30، 31). فمن الواضح أهمية إتمام المعجزات باسم الرب يسوع المسيح حينما نطلبها من الآب السماوي. خامسًا: حينما وعد السيد المسيح تلاميذه قبيل صعوده بأن ترافق المعجزات عملهم الكرازي قال لهم: "وهذه الآيات تتبع المؤمنين: يخرجون الشياطين باسمي" (مر16: 17). وليس هذا فقط بل إن الرسل قد اختبروا قوة الاسم الحسن القدوس أي اسم الرب يسوع المسيح أثناء وجوده معهم على الأرض بالجسد كما سجّل معلمنا لوقا الإنجيلي "فرجع السبعون بفرح قائلين: يا رب، حتى الشياطين تخضع لنا باسمك" (لو10: 17)،شعر الرسل بقوة هذا الاسم وفاعليته واختبروها عمليًا. وحدث بينما كان بولس الرسول وسيلا ولوقا الإنجيلي وبعض المؤمنين ذاهبين إلى الصلاة في فيلبى أن جارية بها روح عرافة استقبلتهم وكانت تكسب مواليها مكسبًا كثيرًا بعرافتها. هذه اتبعت بولس ومن معه و"صرخت قائلة: هؤلاء الناس هم عبيد الله العلى، الذين ينادون لكم بطريق الخلاص. وكانت تفعل هذا أيامًا كثيرة. فضجر بولس والتفت إلى الروح وقال: أنا آمرك باسم يسوع المسيح أن تخرج منها. فخرج في تلك الساعة" (أع16: 17، 18). سادسًا: في الإيمان بكرازة الرسل كان اسم يسوع هو المحور الرئيسي للإيمان. مثلما حدث مع وزير كنداكة ملكة الحبشة حينما آمن وطلب العماد وقال له فيلبس: "إن كنت تؤمن من كل قلبك يجوز. فأجاب وقال: أنا أُومِنُ أن يسوع المسيح هو ابن الله.. فنزلا كلاهما إلى الماء.. فعمده" (أع8: 37، 38). وحينما بشر فيلبس هذا الرجل من سفر إشعياء؛ يقول سفر الأعمال "ففتح فيلبس فاه وابتدأ من هذا الكتاب فبشره بيسوع" (أع8: 35). فالإيمان بيسوع أنه هو ابن الله قد بنى على كرازة المبشرين بهذا الاسم. بل إن السيد المسيح نفسه بعد صعوده إلى السماء قد أعلن اسمه لشاول الطرسوسي حينما ظهر له بمجد عظيم في الطريق إلى دمشق وقال شاول: "من أنت يا سيد؟ فقال الرب: أنا يسوع الذي أنت تضطهده، صعب عليك أن ترفس مناخس" (أع9: 5). وكتب بولس الرسول "إن اعترفت بفمك بالرب يسوع، وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصتَ. لأن القلب يؤمن به للبر والفم يعترف به للخلاص" (رو10: 9، 10). (you will be saved - N.King James V.) أي أن الإيمان بأن يسوع هو المسيح ابن الله الحي يقودنا إلى الخلاص بالمعمودية وتنفيذ باقي وصايا الرب التي للعهد الجديد. عن هذا أيضًا كتب يوحنا الرسول في إنجيله "لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه" (يو20: 31). سابعًا: في كتابات الآباء الرسل كان اسم يسوع يتصدر رسائلهم بصورة واضحة ففي رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية يقول: "بولس رسول لا من الناس ولا بإنسان، بل بيسوع المسيح والله الآب الذي أقامه من الأموات" (غل1: 1). وفى رسالته إلى أهل أفسس يقول: "بولس، رسول يسوع المسيح بمشيئة الله، إلى القديسين الذين في أفسس، والمؤمنين في المسيح يسوع نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح" (أف1: 1، 2). ففي فاتحة الرسالة ذكر اسم يسوع ثلاث مرات. وهكذا كتب يعقوب الرسول: "يعقوبعبد الله والرب يسوع المسيح يهدى السلام إلى الاثنى عشر سبطًا الذين في الشتات" (يع1: 1). وبطرس الرسول: "بطرس، رسول يسوع المسيح، إلى المتغربين من شتات بنتس وغلاطية وكبدوكية وأسيا وبيثينية. المختارين بمقتضى علم الله الآب السابق، في تقديس الروح للطاعة ورش دم يسوع المسيح لتكثر لكم النعمة والسلام" (1بط1، 2). ويوحنا الرسول: "الذي كان من البدء، الذي سمعناه، الذي رأيناه بعيوننا، الذي شاهدناه ولمسته أيدينا، من جهة كلمة الحياة.. الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به، لكي يكون لكم أيضًا شركة معنا. وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح" (1يو1: 1، 3). ويهوذا الرسول: "يهوذا عبد يسوع المسيح، وأخو يعقوب، إلى المدعوين المقدسين في الله الآب، والمحفوظين ليسوع المسيح، لتكثر لكم الرحمة والسلام والمحبة" (يه1، 2). وفى الأناجيل: "كتاب ميلاد يسوع المسيح" (مت1: 1)، "بدء إنجيل يسوع المسيح" (مر1: 1)، وبالنسبة لإنجيل لوقا وإنجيل يوحنا فقد تكلما عن يسوع المسيح في فاتحة إنجيليهما بلقب "الكلمة" أي كلمة الله (اللوغوس) ثم أوردا اسم الرب يسوع المسيح مرارًا عديدة في الإنجيل نفسه. ![]() قال الملاك ليوسف عن خطيبته العذراء مريم: "فستلد ابنًا وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم" (مت1: 21). اسم "يسوع" باللغة العبرية هو "يهوشع" بمعنى "يهوه خلّص" كما هو مكتوب في سفر إشعياء: "هوذا الله خلاصي فأطمئن ولا أرتعب لأن "ياه" يهوه قوتي وترنيمتي وقد صار لي خلاصًا" (إش12: 2). وحينما ظهر الابن الكلمة في صورة نار مشتعلة في عليقة وهى لا تحترق في برية سيناء لموسى النبي، وسأله موسى النبي ما اسمك؟ قال له: "هكذا تقول لبنى إسرائيل يهوه إله آبائكم، إله إبراهيم وإله إسحق، وإله يعقوب أرسلني إليكم هذا اسمي إلى الأبد وهذا ذكرى إلى دور فدور" (خر3: 15). لذلك قال السيد المسيح لتلاميذه: "تكونون لي شهودًا" (أع1: 8). كما قال الرب في العهد القديم: "أنا أنا الرب وليس غيري مخلص.. وأنتم شهودي يقول الرب، وأنا الله" (إش43: 11، 12). فمن يشهد ليسوع؛ يشهد ليهوه المخلص. أما شهود يهوه الذين "ينكرون الرب الذي اشتراهم، يجلبون على أنفسهم هلاكًا سريعًا" (2بط:2: 1)، إنهم ينتحلون لأنفسهم هذا الاسم "شهود يهوه" بينما هم "منكرو يهوه" لأنهم ينكرون أنه هو المخلِّص. ما أجمل أن ننادى بهذا الاسم الحسن مثلما نقول في التسبحة (يوم السبت): (اسمك حلو ومبارك في أفواه قديسيك؛ يا ربى يسوع المسيح مخلصي الصالح). لهذا وضعت الكنيسة عبارة "بالمسيح يسوع ربنا"في الصلاة الربانية لكي تكون مقبولة أمام الله الآب.. وبعد ذلك نكمل الصلاة الربانية للآب قائلين: (لأن لك الملك والقوة والمجد إلى الأبد آمين). |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() لأن لك المُلك في نهاية الصلاة الربانية، وردت هذه العبارة "لأن لك الملك والقوة والمجد إلى الأبد آمين" (مت6: 13). عندما رفض شعب إسرائيل أن يملك الله عليهم، تضايق صموئيل النبي لأنهم طلبوا ملكًا يملك عليهم مثل باقي الشعوب. وصلّى صموئيل إلى الرب "فقال الرب لصموئيل: اسمع لصوت الشعب في كل ما يقولون لك. لأنهم لم يرفضوك أنت، بل إياي رفضوا حتى لا أملك عليهم" (1صم8: 7). عبارة "لأن لك المُلك" التي نقولها للرب في الصلاة الربانية؛ نعترف بمُلكه الحقيقي، وبأننا في ملكيته؛ لأنه هو خالق كل الأشياء وحافظها بقدرته الإلهية، كما أنه قد خلّصنا من خطايانا ومن الهلاك الأبدي بذبيحة ابنه الوحيد يسوع المسيح الذي اشترانا لأبيه. عبارة "لك المُلك"فيها اعتراف بالحقيقة التي كثيرًا ما يتجاهلها البشر. ولذلك قال صموئيل النبي لكل إسرائيل بعد أن أقام عليهم شاول بن قيس ملكًا: "هأنذا قد سمعت لصوتكم في كل ما قلتم لي وملّكت عليكم ملكًا.. أما هو حصاد الحنطة اليوم؟ فإنى أدعو الرب فيعطى رعودًا ومطرًا فتعلمون وترون أنه عظيم شرّكم الذي عملتموه في عيني الرب بطلبكم لأنفسكم ملكًا. فدعا صموئيل الرب فأعطى رعودًا ومطرًا في ذلك اليوم. وخاف جميع الشعب الرب وصموئيل جدًا. وقال جميع الشعب لصموئيل: صلّ عن عبيدك إلى الرب إلهك حتى لا نموت. لأننا قد أضفنا إلى جميع خطايانا شرًا بطلبنا لأنفسنا ملكًا. فقال صموئيل للشعب: لا تخافوا.. لا يترك الرب شعبه من أجل اسمه العظيم.. وإن فعلتم شرًا فإنكم تهلكون أنتم وملككم جميعًا" (1صم12: 1، 17-20، 22، 25). ثم بعد أن بدأ شاول الملك بداية حسنة، استكبر قلبه وتعالى على الرب، فرفضه وأقام داود الملك عوضًا عنه.. ومن نسل داود حسب الجسد جاء السيد المسيح ابن الله الوحيد لخلاص العالم. ![]() وقال الملاك جبرائيل للعذراء مريم عن ابنها الرب يسوع المسيح: "ابن العلى يُدعى. ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه. ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد. ولا يكون لملكه نهاية" (لو1: 32، 33). ها قد طلب الشعب ملكًا أرضيًا، رافضين أن يملك الله عليهم، وقد أخطأوا في ذلك. ولكن الرب حوَّل مسار المُلك الأرضي مرةً أخرى إلى المُلك السمائي؛ فاستبدل شاول بداود، ثم جاء المسيح ليجلس على عرش داود وهو في نفس الوقت الرب المالك في السماء. وقال السيد المسيح: "مملكتي ليست من هذا العالم" (يو18: 36). أما العرش المقصود الذي ملك عليه فكان هو خشبة الصليب؛ لأنه قال قبل صلبه: "وأنا إن ارتفعت عن الأرض، أجذب إلىّ الجميع. قال هذا مشيرًا إلى أية ميتةٍ كان مزمعًا أن يموت" (يو12: 32، 33)؛ أي مشيرًا إلى ارتفاعه عن الأرض بتسمير جسده المحيى على خشبة الصليب المقدسة. وقال أيضًا لليهود: "متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذٍ تفهمون أنى أنا هو" (يو8: 28). أي أن العالم سوف يكتشف أن المصلوب هو يهوه المخلص.. هو ملك اليهود.. هو ملك إسرائيل.. هو الملك المرفوض من الأشرار، ولكنه هو الملك الحقيقي الذي يملك على قلوب الأبرار. حقًا إن الرب قد ملك على خشبة وكان عنوان علته مكتوبًا فوق رأسه باللغات العبرانية واليونانية واللاتينية "يسوع الناصري ملك اليهود" (انظر مت27: 37، مر15: 26، لو23: 38، يو19:19). إن السيد المسيح ليس هو فقط ملك اليهود بل إن "له على ثوبه وعلى فخذه اسم مكتوب ملك الملوك ورب الأرباب" (رؤ19: 16)، تمامًا مثل أبيه الصالح "المبارك العزيز الوحيد ملك الملوك ورب الأرباب، الذي وحده له عدم الموت، ساكنًا في نور لا يُدنى منه. الذي لم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه. الذي له الكرامة والقدرة الأبدية آمين" (1تى6: 15، 16). ![]() إن مُلك الآب هو مُلكٌ للابن، وملكوت الآب هو ملكوت الابن ولهذا دُعي ملكوت الله "ملكوت ابن محبته" (كو1: 13). كذلك فإن مجد الآب هو مجد الابن، لأن الابن هو "بهاء مجده" (عب1: 3)، وجوهر الآب غير المنقسم هو نفسه جوهر الابن، ولا يوجد اختلاف في صفات الجوهر الإلهي بين الآب والابن والروح القدس، بل هم متساوون في المجد والربوبية والكرامة، مع كون الآب والد وباثق، والابن مولود من الآب، والروح القدس منبثق من الآب. ولسبب أن مجد الآب هو نفسه مجد الابن، لهذا قال السيد المسيح: "إن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته" (مت16: 27). وقال أيضًا عن مجيئه الثاني: "متى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذٍ يجلس على كرسي مجده" (مت25: 31). ولا فرق أن يقول "في مجده"أو "في مجد أبيه"لأن المجد الإلهي مجد واحد.. فمجد الابن هو مجد الآب، وتمجيد الابن هو تمجيد للآب، ولذلك فالذوكصا أي "التمجيد" في ليتورجية الكنيسة الأرثوذكسية توجّه بصورة متواترة في الصلوات إلى الثالوث القدوس الواحد المساوي: الآب، والابن، والروح القدس؛ بقولنا: Do[a Patri ke Uiw ke `Agi`w Pna?ti (ذوكصا باترى كى إيو كى أجيو بنيفماتى) أي (المجد للآب والابن والروح القدس). إن أفواهنا تتقدس بتمجيد الثالوث القدوس، وفي شهر كيهك نردد بكل تبجيل (قلبى ولسانى للثالوث يُسبحان: أيها الثالوث المقدس ارحمنا). |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() لك القوة تحدثنا عن عبارة "لك المُلك" التي وردت في نهاية الصلاة الربية، ونأتي الآن إلى عبارة "والقوة".. شيء جميل أن نعترف بقوة الله، فنقول: "لك القوة". فهو القوى ومصدر كل قوة في الوجود. هو القادر على كل شيء (Almighty). وهو أقوى الأقوياء، ولا شيء في الوجود يتفوق على قوته. الله قوى في قدرته.. قوى في حكمته.. قوى في محبته.. قوى في غضبه ضد الشر والخطية.. قوى في مقاومة مملكة الظلمة الروحية.. قوى في خلاصه.. قوى في نعمته.. قوى في حفظه وعنايته.. قوى في تدبيره وفطنته.. لذلك يقول المزمور "صوت الرب على المياه. إله المجد أرعد. الرب على المياه الكثيرة. صوت الرب بقوة. صوت الرب بجلال عظيم. صوت الرب يحطم الأرز. الرب يكسر أرز لبنان ويسحقها مثل عجل لبنان. والمحبوب مثل ابن وحيد القرن. صوت الرب يقطع لهيب النار. صوت الرب يزلزل القفر. الرب يزلزل برية قادش" (مز28: 3-8). ويقول في مزمور آخر "تقلد سيفك على فخدك أيها القوى بجلالك وجمالك. استله وانجح وأملك. من أجل الحق والدعة والعدل. وتهديك بالعجب يمينك. نبلك مسنونة في قلب أعداء الملك أيها الجبار. الشعوب تحتك يسقطون. كرسيك يا الله إلى دهر الدهور. قضيب الاستقامة هو قضيب ملكك" (مز44: 3-6). الذي يؤمن ويعترف بقوة الله، لا يخاف من أي قوة أخرى ظالمة أو غاشمة في الوجود. لا يخاف ولا حتى من الموت، لأن الله قد سحق سلطان الموت بقوة عجيبة في تجسد ابنه الوحيد الجنس لأجل خلاصنا. ![]() لهذا تسبّح الكنيسة الابن الواحد من الثالوث القدوس في تسبحة الثلاثة تقديسات (Trisagion) وتقول: (قدوس الله قدوس القوى قدوس الحي الذي لا يموت الذي صلب عنا ارحمنا). وفى يوم الجمعة العظيمة من البصخة المقدسة تسبح الكنيسة الابن الوحيد الجنس الذي تجسّد لأجل خلاصنا، وتضيف إلى تسبحة (لك القوة والمجد والبركة والعزة..) عبارة (قوتي وتسبحتي هو الرب وصار لي خلاصًا مقدسًا). وهى مقتبسة من نبوة إشعياء النبي: "هوذا الله خلاصي فأطمئن ولا أرتعب لأن ياه يهوه قوتي وترنيمتي وقد صار لي خلاصًا" (إش12: 2). إننا ننسب القوة للثالوث القدوس: ننسبها إلى الآب في الصلاة الربانية ونقول: "لأن لك الملك والقوة..". وننسبها إلى الابن في تسابيح البصخة المقدسة ونقول: "لك القوة والمجد..". وننسبها إلى الروح القدس ونسمّيه "روح القوة" (2تى1: 7، انظر إش11: 2)، وورد في سفر ميخا النبي "لكنني أنا ملآن قوة روح الرب وحقًا وبأسًا لأخبر يعقوب بذنبه وإسرائيل بخطيته" (مى3: 8). كذلك قال السيد المسيح لتلاميذه: "لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم" (أع1: 8). وقيل عن السيد المسيح: "أما يسوع فرجع من الأردن ممتلئًا من الروح القدس، وكان يقتاد بالروح في البرية أربعين يومًا.. ورجع يسوع بقوة الروح إلى الجليل" (لو4: 1، 2، 14)،وتحققت فيه نبوة إشعياء النبي: "ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من أصوله. ويحل عليه روح الرب، روح الحكمة والفهم، روح المشورة والقوة، روح المعرفة ومخافة الرب" (إش11: 1، 2). حينما أخلى الابن الكلمة نفسه آخذًا صورة عبد وإذ وجد في الهيئة كإنسان فقد قبل مسحة الروح القدس -إنسانيًا- ليستعلن أنه هو المسيا المنتظر الذي يحمل خطايا العالم لإتمام الفداء. إن القوة التي تصدر من الثالوث القدوس هي نفسها قوة الآب وقوة الابن وقوة الروح القدس. لها أصلها في الآب وتتحقق بواسطة الابن في الروح القدس، لأن للأقانيم الثلاثة قدرة إلهية واحدة وقوة واحدة هي قوة الجوهر الإلهي الواحد للثالوث القدوس المساوى. إننا حينما نعترف للرب في الصلاة الربانية بأن له "القوة" فإننا نتقوى بالروح. لأن الرب يمنحنا القوة بنعمته. الرب هو قوى وهو يعمل بقوة بواسطتنا. إن أدركنا سر القوة، كما أدركه بولس الرسول وقال: "حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوى" (2كو12: 10) "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقوينى" (فى4: 13). إن إلهنا القوى لا يحرمنا من القوة إذا تركناه ليملك على قلوبنا. لذلك قال السيد المسيح: "الحق أقول لكم إن من القيام ههنا قومًا لا يذوقون الموت حتى يروا ملكوت الله قد أتى بقوة" (مر9: 1). هذه القوة التي يمنحها لنا السيد المسيح هي قوة الروح القدس. وملكوت الله الذي أتى بقوة هو سكنى الروح القدس في المؤمنين بالمسيح حسب وعده ووعد الآب "ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم" (أع1: 8). وقد أوصى معلمنا بولس الرسول كثيرًا بأهمية أن يتسلح الإنسان بقوة الله في حياته الداخلية لكي ينتصر على الشيطان فقال: "متقوين بكل قوة، بحسب قدرة مجده لكل صبر وطول أناة بفرح" (كو1: 11)، "لكي يعطيكم بحسب غنى مجده أن تتأيدوا بالقوة بروحه في الإنسان الباطن" (أف3: 16)، "أخيرًا يا إخوتي تقووا في الرب وفي شدة قوته. البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس" (أف6: 10، 11). حينما يدرك الإنسان مقدار ضعف إمكانياته الشخصية وشدة احتياجه إلى قوة الله، فإن الله يعمل فيه بقوة. حينما يتضع أمام الله.. حينما يحتمل الضيقات من أجل الله.. حينما لا يحسب نفسه شيئًا.. حينئذ تكون القوة. وهذا ما شرحه بولس الرسول عن معنى الضعف الشخصي ومعنى قوة المسيح العاملة فيه إذ قال: "ولئلا أرتفع بفرط الإعلانات أعطيت شوكة في الجسد. ملاك الشيطان ليلطمني لئلا أرتفع. من جهة هذا تضرعت إلى الرب ثلاث مرات أن يفارقني فقال لي: تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل. فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحل علىّ قوة المسيح. لذلك أُسر بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح. لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوى" (2كو12: 7-10). فهو يقصد أنه حينما يكون ضعيفًا بالجسد لسبب المرض أو الاضطهادات فحينئذ يكون قويًا بالروح القدس الذي يعمل فيه. وحينما لا يتكل على إمكانياته البشرية فحينئذ يرى عمل الله الفائق. ولكنه في ذلك يقدّم نفسه في طاعة وخضوع لمشيئة الله الذي يعمل فيه بقوة شديدة. ما أجمل لحن التوزيع في الكنيسة في نهاية القداس الإلهي الذي هو المزمور المائة والخمسين "سبحوا الله في جميع قديسيه.. في جلد قوته.. على مقدرته.. ككثرة عظمته.." (مز150: 1، 2). إن الكنيسة تشدو بقوة الرب، وتتقوى في الرب وفي شدة قوته، لأنه هو "الرب العزيز القدير، الرب القوى في الحروب" (مز23: 8). |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() لك المجد نأتي الآن إلى ختام الصلاة الربانية في إطار تعليم السيد المسيح في الموعظة على الجبل، الجملة الأخيرة تحتوى ثلاث كلمات وهى: الملك والقوة والمجد، فكما نخاطب الآب السماوي قائلين "لك الملك".. نقول أيضًا "والقوة" ثم نختم قائلين "والمجد"وكل ذلك "إلى الأبد آمين". حينما ننسب إليه المُلك؛ معناها أننا نعترف بملكه على حياتنا وعلى كل الخليقة، ولهذا نسلّم حياتنا له. وحينما ننسب إليه القوة؛ معناها أننا نثق في قدرته على نصرتنا وخلاصنا طالما أننا قد سلّمنا حياتنا له داخلين إلى معرفة قوته الإلهية. وحينما ننسب إليه المجد فإننا في اختبارنا لقوته وفاعليتها نمجده ونسبحه. إن تمجيد اسم الله هو عمل الملائكة والقديسين الدائم غير المنقطع. بل إن وجود الخليقة هو لمجد الله. كذلك فإن خلاص البشرية هو لمدح مجد نعمته أو لمدح مجده، كما قال معلمنا بولس الرسول: "لنكون لمدح مجده" (أف1: 12) أنظر أيضًا (أف1: 6، أف1: 14، أف1: 18). وفى الرؤيا السماوية قال القديس يوحنا: "وحينما تعطى الأحياء (الأربعة) مجدًا وكرامةً وشكرًا للجالس على العرش الحي إلى أبد الآبدين. يخر الأربعة والعشرون قسيسًا قدام الجالس على العرش ويسجدون للحى إلى أبد الآبدين، ويطرحون أكاليلهم أمام العرش قائلين: أنت مستحق أيها الرب أن تأخذ المجد والكرامة والقدرة لأنك أنت خلقت كل الأشياء وهى بإرادتك كائنة وخلقت" (رؤ4: 9-11). ![]() بعد ذلك سمعهم القديس يوحنا يترنمون ترنيمة جديدة عن خلاص الرب، ثم قال: "ونظرت وسمعت صوت ملائكة كثيرين حول العرش والأحياء (الأربعة) والقسوس، وكان عددهم ربواتِ ربواتٍ (أي مئات الملايين)، وألوفَ ألوفٍ (أي ملايين). قائلين بصوت عظيم: مستحق هو الخروف المذبوح أن يأخذ القدرة، والغنى، والحكمة، والقوة، والكرامة، والمجد، والبركة. وكل خليقة مما في السماء وعلى الأرض وتحت الأرض وما على البحر، كل ما فيها سمعتها قائلة: للجالس على العرش وللخروف البركة والكرامة والمجد والسلطان إلى أبد الآبدين. وكانت الأحياء الأربعة تقول آمين، والقسوس الأربعة والعشرون خروا وسجدوا للحى إلى أبد الآبدين" (رؤ5: 11-14). فالترنيمة الأولى كانت لأن الرب قد خلق جميع الأشياء فسمعهم يقولون: "أنت مستحق أيها الرب أن تأخذ المجد". والترنيمة الجديدة هي لأن الرب قد خلّص البشر بابنه الوحيد فسمع يوحنا السمائيين يقولون: "مستحق هو الخروف المذبوح أن يأخذ المجد". وانضمت إليهم كل الخليقة قائلة: "للجالس على العرش وللخروف البركة والكرامة والمجد والسلطان إلى أبد الآبدين". لهذا فالكنيسة تهتم دائمًا بترديد التمجيد للثالوث القدوس في كل صلاة حيث أن تمجيد الله هو عمل أساسي للقديسين سواء في حياتهم أو تسابيحهم وصلواتهم. بعد كل أول قطعة من صلوات الأجبية (الساعات) نردد: (Do[a Patri ke Uiw ke `Agi`w Pna?ti ذوكصا باترى كى إيو كى أجيو بنيفماتى)أي (المجد للآب والابن والروح القدس) وبعد القطعة الثانية أو الثالثة نقول (Ke nun ke `a`` i ke ictouc `e`wnac twn `e`wnwn `amhn كى نين كى أي كى يستوس إأوناس تون إأونون آمين) أي (الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين آمين). كذلك بعد الرشومات الثلاثة الأولى التي تقال جهرًا عند تقديم الحمل باسم الآب والابن والروح القدس، يرد الشعب باللحن "المجد للآب والابن والروح القدس الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين آمين". وفى تسبحة الثلاث تقديسات (Trisagion) حينما نردد: (قدوس الله قدوس القوى قدوس الحي الذي لا يموت..) ثلاث مرات نختمها بالقول: (المجد للآب والابن والروح القدس الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين آمين). ويُقال هذا اللحن بالطريقة العادية وبالطريقة الحزايني في مناسبات الحزن. وفى لحن القيامة المجيدة: (المسيح قام من الأموات، بالموت داس الموت ووهب الحياة للذين في القبور. المجد للآب والابن والروح القدس الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين آمين). وفى تسبحة صلاة باكر نقول: (فلنسبح مع الملائكة قائلين: المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة). وهى العبارة التي رددتها الملائكة في السماء عند ميلاد السيد المسيح ويقولها الكاهن في القداس الباسيلي أثناء صلاة الصلح. وفى القداس الغريغوري عند بداية الأنافورا anavora يصلى الكاهن: (مستحق ومستوجب، مستحق ومستوجب، مستحق ومستوجب؛ مستحق بالحقيقة وعادل أن نسبحك ونباركك ونخدمك ونسجد لك ونمجدك.. أنت الذي السلاطين تنطق بمجدك..) في هذا القداس توجه الصلوات إلى الابن الوحيد مخلص العالم ولكننا نفهم أن تمجيد أحد الأقانيم الثلاثة هو تمجيد الله الواحد المثلث الأقانيم. ما أجمل أن نمجد الله في صلواتنا وأن تتلذذ أفواهنا بتمجيده،إننا حينما نمجده تتقدس أفواهنا وتبتهج قلوبنا بمشاركة السمائيين في إرسال تماجيد البركة إلى فوق إليه. وبهذا يتحقق الهدف من وجودنا وهو تمجيد اسم الله. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() إلى الأبد أمين نحن دائمًا نربط الذوكصا (التمجيد) للثالوث وبين عبارة [الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين، آمين]. أي أننا نلتزم بتمجيده الآن وإلى الأبد. لا نتوقف عن تسبيحه وتمجيده إلى أبد الدهور. نذكّر أنفسنا بأن التمجيد سيستمر في الأبدية وهو عمل القديسين في الأبدية، يسبحون الرب من أجل محبته ويمجدونه لأجل رحمته غير الموصوفة مثلما نردد في تسابيح الثلاث فتية في شهر كيهك: (سبحوه مجدوه زيدوه علوًا إلى الأبد رحمته. فهو المسبّح والممجد والمتعالي على الأدهار وإلى الأبد رحمته). إذا كان ملك الله الآب وقوته ومجده هو إلى الأبد، فلماذا يبحث الإنسان عن أي مصدر آخر للوجود أو السعادة أو الخلود غير الله. إن خلود الإنسان في الحياة الأبدية يتوقف على ارتباطه بهذا الإله الذي مُلكه وقوته ومجده إلى الأبد. لهذا قال السيد المسيح للآب: "وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يو17: 3). إن تبعية أي إله آخر غير حقيقي لاشك أنها ستحرم الإنسان من الحياة الأبدية. فهناك الآلهة الوثنية وعبادتها التي هي عبادة الشياطين. وهناك الطمع ومحبة المال الذي هو عبادة الأوثان المحرّمة. وهناك عبادة الذات التي تحرم الإنسان من التمتع بحياة الشركة مع الله وملائكته ومع غيره من البشر. ![]() إن الإله الحقيقي وحده في وسط الآلهة الأخرى الغريبة هو إله إبراهيم الذي أعلن عن نفسه لمختاريه ودخل معهم في عهد وميثاق. أي هو إله الإعلان وإله العهد والوعد بالخلاص. هو الإله الذي هكذا أحب العالم "حتى بذل ابنه الوحيد الجنس لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو3: 16). إن معرفة الإله الحقيقي يجب أن ترتبط برفض الآلهة الأخرى الغريبة، كما يجب أن ترتبط بالإيمان بابنه الوحيد الجنس يسوع المسيح الذي أرسله من أجل خلاص العالم. لهذا قال معلمنا بولس الرسول: "فمن جهة أكل ما ذبح للأوثان، نعلم أن ليس وثنٌ في العالم، وأن ليس إلهٌ آخر إلاّ واحدًا. لأنه وإن وُجد ما يسمى آلهة، سواء كان في السماء أو على الأرض، كما يوجد آلهة كثيرون وأرباب كثيرون. لكن لنا إلهٌ واحدٌ: الآب الذي منه جميع الأشياء، ونحن له. وربٌ واحدٌ: يسوع المسيح، الذي به جميع الأشياء، ونحن به" (1كو8: 4-6). فالآب هو الإله الواحد مع ابنه الوحيد الجنس والروح القدس، بين الآلهة الوثنية،والابن يسوع المسيح هو الرب الواحد مع أبيه الصالح والروح القدس، بين الأرباب الوثنية. وقد قيل في سفر التثنية "اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا ربٌ واحدٌ" (تث6: 4). فإذا قيل "لنا.. ربٌ واحدٌ يسوع المسيح" فهذا معناه أن هذا الرب هو ما قيل عنه لإسرائيل "الرب إلهنا ربٌ واحدٌ" وهو الإله الحقيقي الذي أمر الرب موسى بعبادته وحده. إن معرفة هذه الحقائق أي أن الآب القدوس مع ابنه الوحيد الجنس والروح القدس هو الإله الحقيقي، وأن الله قد بذل ابنه الوحيد الجنس على الصليب عن حياة العالم.. هذه هي الحياة الأبدية التي يتمتع بها كل من يؤمن ويسلك في وصايا السيد المسيح ومحبته على الدوام. الحياة الأبدية كانت عند الآب وأظهرت لنا "بظهور مخلصنا يسوع المسيح الذي أبطل الموت وأنار الحياة والخلود" (2تى1: 10). هذه الحياة الأبدية نذكِّر أنفسنا بها كلما ذكرنا في الصلاة الربانية هذه العبارة "لأن لك الملك والقوة والمجد إلى الأبد آمين". ليتنا نتمسك برجاء الحياة الأبدية.. ونسعى دائمًا لتمجيد المالك إلى الأبد آمين. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() متى صمتم بعد أن علّم تلاميذه الصلاة، قال السيد المسيح في الموعظة على الجبل: "ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين. فإنهم يغيّرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين. الحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتى صمت، فادهن رأسك واغسل وجهك. لكي لا تظهر للناس صائمًا بل لأبيك الذي في الخفاء. فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية." (مت6: 16-18). الصوم هو أحد وسائل العبادة وتنشيط الحياة الروحية وضبط الجسد. هو ذبيحة حب لله إذا اقترن بالصلاة والعبادة بالروح والحق. هو فرصة لتغذية الروح، كما أن الأكل هو وسيلة لتغذية الجسد. عن هذا قال السيد المسيح: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (مت4: 4). فالروح تحتاج إلى غذاء روحي وإلى تغذية تمامًا مثلما يحتاج الجسد إلى الخبز وسائر أنواع الطعام الجسدي. لو اهتم الإنسان بتغذية جسده فقط، فسوف تبقى الروح بلا غذاء، إلى أن يتمرد الجسد عليها، فلا تستطيع الروح أن تضبطه أو تسيطر عليه. ![]() كما أن الصوم هو فرصة للتذلل أمام الله بمشاعر التوبة والحزن على الخطية.. هو فرصة لمحاسبة النفس ومراجعتها في حضرة الله في الصلاة، وفي ممارسة سر التوبة والاعتراف مع أب الاعتراف الذي هو وكيل لأسرار الله. لهذا ينبغي أن يقترن الصوم بمشاعر الاتضاع. الأمر الذي يستدعى عدم التباهي بالصوم.. لهذا حذَّر السيد المسيح من تعبيس الوجه بهدف إظهار الصوم للآخرين. الإنسان ينبغي أن يحتفظ بمشاعر الانسحاق الداخلى في سرية بينه وبين الله، وأمام أب الاعتراف. أما في مواجهة الناس فينبغي أن يكون بشوشًا لا معبسًا. وينبغي أن يخفى صومه على قدر الإمكان ويتحاشى أي مشاعر للتباهي في داخل نفسه. الصائم يقدِّم صومه لله لا للناس. فإن قدَّمه للناس يكون قد استوفى أجره من الناس. أما إذا قدَّمه إلى الله مقترنًا بمشاعر الانسحاق فحينئذ يكون مقبولًا. ![]() الصوم أيضًا فرصة لمشاركة المحتاجين والمعوزين. لهذا قال السيد الرب: "أليس هذا صومًا أختاره؟! حل قيود الشر. فك عقد النير وإطلاق المسحوقين أحرارًا وقطع كل نير. أليس أن تكسر للجائع خبزك. وأن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك. إذا رأيت عريانًا أن تكسوه وأن لا تتغاضى عن لحمك" (إش58: 6، 7). المفروض في الصوم أنه يساعد في تحرير الإنسان من الاهتمام بجسده،وكنتيجة طبيعية لذلك، في اهتمام الروح، وفي تطلعه للأبدية؛ فإنه ينطلق خارج الأنا نحو الآخر بالحب. فيتعلّم العطاء. الصوم كذبيحة حب يأخذ دليلًا على شرعيته حينما يقترن بالرحمة بالمساكين. إن الإنسان يتوقف بإرادته عن التنعم بأمور العالم الحاضرة، لكي يدخل إلى شركة المعاناة مع المساكين والمعوزين.. فيقدم لهم الخبز والكساء وسائر احتياجاتهم. إننا نرى كيف افتقر السيد المسيح وهو غنى لكي يمنحنا الغنى وميراث الحياة الأبدية. لهذا تتغنى الكنيسة في تسابيحها وتقول عن المخلص (هو أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له) (تسبحة نصف الليل - ثيئوطوكية يوم الجمعة qeotokia). وفى الصوم فرصة للتشبه به، حينما يعطى الإنسان من خبزه للجوعان أثناء اختباره لجوع الصائم، وحينما يعطى من ملبسه للعريان أثناء اختباره لمذلة لابسى المسوح، إذا أُتيحت له فرصة لبس المسوح في الخفاء. ![]() الذي يشعر بثقل الصوم يكون قد اكتفى بالصوم وحده، ولكن هناك لذة روحية في الصوم تفوق لذة التنعم بالطعام الجسدي. في تذوق هذه اللذة الروحية في الصلاة: في السجود بانسحاق (الميطانيات).. في مشاعر التوبة.. في الارتفاع بالروح نحو السمائيات.. في القراءات الروحية في الخلوة وإحساس الوجود مع الله.. في ضبط الجسد.. في التحرر من محاربات الشياطين.. في قوة الروح وحرارة العبادة.. في كل ذلك يشعر الإنسان بلذة تعوضه عن تعب الجسد، وتعوضه عن خسارة التلذذ بالأطعمة الشهية. هذه اللذة الروحية بدونها لن ينتفع الإنسان من صومه شيئًا ويكون كمن يلاكم الهواء. أراد السيد المسيح بقوله عن الصوم في الخفاء بعيدًا عن مشاعر التباهي بالصوم؛ أن يلفت نظرنا إلى أن الآب السماوي الذي يرى في الخفاء هو يجازى الإنسان ويكافئه. وما أجملها مكافأة حينما يتلذذ الإنسان بالحياة مع الله كعربون للأبدية، حيث لا أكل ولا شرب جسداني، بل غذاء الروح لكل من الروح والجسد الروحاني الذي يستطيع أن يحيا في ملكوت السماوات. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض واصل السيد المسيح تعاليمه السامية، فتحدث عن علاقة قلب الإنسان بالكنز الخاص به، فكلما كنز على الأرض ارتبط بالأرض، وكلما كنز في السماء ارتبط بالسماء. لذلك قال: "لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ وحيث ينقب السارقون ويسرقون. بل اكنزوا لكم كنوزًا في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدأ وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون. لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضًا" (مت6: 19-21). الإنسان الحكيم هو الذي يجعل كنزه في السماء لأن هذا سوف يساعده على الاشتياق للسماء، ويجعل ارتباطه بالأرض ضعيفًا. فلا يخشى الموت، بل يفرح بانطلاقه من هذا العالم، ويضحى بما يملكه هنا على الأرض، من أجل محبته للمسيح، مقدمًا الحب للجميع.. أي أنه يعطى بسخاء للمحتاجين ولا يبخل عليهم.. ولا يكترث بزيادة ممتلكاته، بل على العكس يفرح بأن يبيع ممتلكاته ويعطى صدقة كما أوصى السيد المسيح: "لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت. بيعوا ما لكم وأعطوا صدقة. اعملوا لكم أكياسًا لا تفنى وكنزًا لا يفندُ في السماوات" (لو12: 32، 33). إن أفضل وسيلة لتحويل الأموال إلى السماء هو توزيعها على المحتاجين لأن من يقرض المسكين يقرض الرب. كذلك قال السيد المسيح لبطرس حينما قال له: "ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك" (مت19: 27، مر10: 28) "ليس أحد ترك بيتًا أو إخوة أو أخوات أو أبًا أو أمًا أو امرأة أو أولادًا أو حقولًا لأجلى ولأجل الإنجيل، إلا ويأخذ مئة ضعف الآن في هذا الزمان.. وفي الدهر الآتي الحياة الأبدية" (مر10: 29، 30). بمعنى أن الترك لا يتعلق فقط بالأموال والممتلكات، ولكنه يتعلق أيضًا بالارتباط العائلي وكل ما يشغل الإنسان عن الحياة مع السيد المسيح وتبعيته وخدمته، خاصة فيما يتعلق بالكرازة بالإنجيل والسعي من أجل خلاص الآخرين. لهذا كان معلمنا بولس الرسول يتذكر كنزه في السماء، من خلال محبته لمخدوميه الذين ولدهم في المسيح فيقول: "ألستم أنتم عملي في الرب" (1كو9: 1).. "يا سروري وإكليلي" (فى4: 1). ![]() بمعنى أن الذين قام بخدمتهم سيكونون هم أنفسهم أكاليل له في المجد السمائي، ولن ينسى له الرب تعبه وعمله من أجل انتشار الإنجيل. ومن أجل رعايته للمخدومين. لهذا قال أيضًا: "لأن من هو رجاؤنا وفرحنا وإكليل افتخارنا. أم لستم أنتم أيضًا أمام ربنا يسوع المسيح في مجيئه. لأنكم أنتم مجدنا وفرحنا" (1تس2: 19، 20). وفى تحذيره لنا من أن نكنز كنوزًا على الأرض، أوضح السيد المسيح أن الكنوز الأرضية تتعرض للسوس والصدأ أو تتعرض للنقب والسرقة. ومن الممكن أن تضيع. كما أنها تصير عبئًا على حياة مالكها وتسبب له الكثير من الأحزان في حال فقدانه لها. لهذا فإن أفضل طريقة للمحافظة على أموال الإنسان، أن يضعها بين يدي الرب.. أن ينقلها إلى السماء.. أن ينقذها من الضياع.. أن يتاجر ويربح بها لحساب الملكوت السمائي.. أن لا يدفنها في الأرض. ومهما حاول الإنسان أن يحافظ على أمواله، فلن يقدر أن يأخذها معه بعد الوفاة، مثلما قال قداسة البابا شنودة الثالث أطال الرب حياته في قصيدته المشهورة: وسأهدم في المخازن ثم أبنى وأجمع فضتي وأضم تبرى وأغرس لي فراديسًا كبارًا بأطياب وأطيار وزهر وماذا بعد هذا ليت شعري؟! سأترك كل أموالى لغيري وأفنى مثلما يفنى فقير وأرقد مثله في شبر أرض وقد أكّد السيد المسيح على أهمية إعداد الإنسان نفسه لميراث ملكوت السماوات مضحيًا بكل غالٍ وثمين "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه، أو ماذا يعطى الإنسان فداءً عن نفسه" (مت16: 26). المسألة تحتاج من الإنسان أن يتبصر في مصيره الأبدي.. وما يمكن أن تشكله الكنوز الأرضية من معوقات لخلاص نفسه.. وفي نفس الوقت ما يمثله الميراث الأبدي والحياة السمائية من سعادة حقيقية غير زائلة. يحتاج الأمر إلى تذوق حلاوة الحياة مع الله والشركة مع ملائكته وقديسيه.. يحتاج إلى ممارسة الصلاة والتسبيح كوسيلة لتذوق الحياة السمائية، إلى اختبار حياة الإيمان والاتكال على الله، والغنى الكبير لمن يسلك بالإيمان.. كيف تتدفق الخيرات بين يديه وهو لا يملك شيئًا. مثلما قال معلمنا بولس الرسول: "كفقراء ونحن نغنى كثيرين. كأن لا شيء لنا ونحن نملك كل شيء" (2كو6: 10). أولاد الله يتركون كل شيء، وهم يملكون كل شيء لأن "للرب الأرض وملؤها، المسكونة وجميع الساكنين فيها" (مز23: 1). يتركون كل شيء لأن كنوزهم هي في السماء، ويملكون كل شيء لأنهم يحيون بالإيمان، وكل شيء مستطاع للمؤمن. فلا يعسر عليه شيء.. مثلما عاش القديس الأنبا ابرآم أسقف الفيوم بخزانة خاوية وكانت الأموال تجرى بين يديه. وأكثر من هذا كانت المواهب والمعجزات الفائقة للطبيعة تجرى على يديه نفعنا الرب ببركة صلواته آمين. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() سراج الجسد هو العين أكمل السيد المسيح تعاليمه السامية فقال: "سراج الجسد هو العين، فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرًا. وإن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلمًا. فإن كان النور الذي فيك ظلامًا، فالظلام كم يكون؟!" (مت6: 22، 23). ![]() وقد أورد السيد المسيح هذا التعليم بعد كلامه مباشرة عن أهمية عدم تكوين كنوز على الأرض بل في السماء، ثم أضاف بعد الكلام عن العين البسيطة كلامه عن عدم الارتباك في خدمة سيدين وهما الله والمال، لأنه لا يقدر أحد أن يخدم سيدين. وبهذا نفهم أن السيد المسيح قد ربط بين العين البسيطة وبين عدم الطمع، والبعد عن محبة العالم الناتجة عن شهوة العين. وهذا ما تؤكده كلمات القديس يوحنا الرسول في رسالته الأولى: "لا تحبوا العالم، ولا الأشياء التي في العالم. إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب. لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة ليس من الآب بل من العالم. والعالم يمضى وشهوته وأما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد" (1يو2: 15-17). إن العين مثل باقي الحواس الخمس هي منفذ للأفكار التي تتولد منها الرغبات والشهوات. وبساطة النظرة معناها التعفف في النظر بالبعد عن الاشتهاء. ![]() بساطة النظر هي أن يرى الإنسان ما يشير إلى الله في كل ما يراه، ولا يرى شيئًا سواه. فالبساطة هي عدم التركيب. وحينما تتداخل محبة العالم مع محبة الله؛ تفقد النظرة بساطتها لأنها تكون مركبة وليست بسيطة. وكيف يرى الإنسان الله في كل ما يراه؟ إن هذا يتحقق حينما تملأ محبة الله قلب الإنسان أي حينما يحب الله من كل قلبه ومن كل فكره. ومن المعلوم أن "محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا" (رو5: 5). هناك معونة إلهية من الروح القدس تمنحنا إمكانية النمو في محبة الله باستمرار. فالذي يؤمن بالمسيح كمخلّص، وينال الولادة الجديدة بالمعمودية ويتأهل لانسكاب وسكنى الروح القدس في داخله، يصير قادرًا بمعونة الروح القدس على الانطلاق في محبة الله نحو الكمال، لكي يصل إلى المحبة الكاملة التي تحدّث عنها القديس يوحنا الرسول بقوله: "لا خوف في المحبة، بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج. لأن الخوف له عذاب، وأما من خاف فلم يتكمل في المحبة. نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولًا" (1يو4: 18، 19). وقد أوضح الرسول أن هذه المحبة تنشأ من عمل الروح القدس فينا بسبب إيماننا بالمسيح فقال: "بهذا نعرف أننا نثبت فيه وهو فينا، أنه قد أعطانا من روحه. ونحن قد نظرنا ونشهد أن الآب قد أرسل الابن مخلّصًا للعالم،من اعترف أن يسوع هو ابن الله؛ فالله يثبت فيه وهو في الله. ونحن قد عرفنا وصدقنا المحبة التي لله فينا. الله محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه" (1يو4: 13-16). الإنسان الذي يحب الله يستطيع أن يدرك قدرة الله في كل أعماله: يراه بعيني قلبه في جمال وإتقان الخليقة، ويراه في بذله ومحبته على الصليب، ويراه في تدبير العالم وحفظه. حينما يرى الذهب لا تتحول نظرته إلى شهوة اقتناء المادة، بل يرى فيه ما يشير إلى صفات الله الذي لا يتغير وتكون هذه هي النظرة البسيطة. وحينما يرى امرأة لا يتأمل في مفاتن جسدها، بل يرى عطية الله لآدم إذ خلق له معينًا نظيره، وبالمرأة أمكن أن يأتي المسيح من نسلها لخلاص العالم. فيرى في المرأة العذراء مريم في طهارتها، في عفتها، في أمومتها وهى قد صارت سماء ثانية حينما حملت الله الكلمة في أحشائها، وبهذا يستطيع أن يرى المسيح بعيني قلبه مولودًا من امرأة في ميلاد طاهر عذراوي. وهكذا يستطيع الإنسان بنظرته البسيطة أن يدرك الله في كل ما يراه. ويتحقق فيه قول السيد المسيح: "طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله" (مت5: 8). ومثل هذا الإنسان يتأهّل لرؤية السيد المسيح في مجد ملكوته الأبدي. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() جسدك كله يكون نيرًا ![]() العين البسيطة تحرر الإنسان من محبة العالم وشهوته، وبهذا لا تتحرك في الإنسان عوامل الظلمة الروحية. بمعنى أن المشاعر الدنسة والأطماع لا تجد طريقها إلى قلب الإنسان ولا تحرك غرائزه الجسدية. فيحتفظ الإنسان بالمشاعر الروحية النورانية التي تسرى وتملأ كيانه حتى يرتفع نحو السمائيات وينعم بشركة الحياة الروحية مع الله وقديسيه. وكما أن الشهوات العالمية تقترن بملذات الجسد، هكذا فإن الرغبات الروحية تقترن بلذة الروح التي تتمتع بالله ويصير هو مصدر شبعها وفرحها وسرورها. إن خبرة الحياة الروحية هي مسألة لا يمكن التعبير عنها بالكلمات العادية، بل هي عطية لا ينطق بها يختبرها أناس الله القديسون، ولسان حالهم يقول "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب" (مز33: 8). الإنسان الذي يريد أن يتذوق الحياة مع الله عليه أن يحرص على حفظ حواسه ومشاعره.. يطلب معونة الروح القدس بلجاجة وينمو في محبة الله، ويجاهد في طريق الحياة الروحية: بالصوم.. بالسهر في الصلاة.. بالتسبيح.. بالبعد عن مغريات العالم.. بإنكار الذات.. باحتمال المشقات.. بحرارة الروح في العبادة،وكلما زادت محبته، كلما زادت مذاقته.. وكلما زادت مذاقته، كلما زادت محبته. وهكذا "من مجد إلى مجد كما من الرب الروح" (2كو3: 18). |
||||
![]() |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
من كتاب مشتهى الأجيال: صعود المسيح |
من كتاب مشتهى الأجيال: من القدس إلى قدس الأقداس |
من كتاب مشتهى الأجيال: التجربة على الجبل |
من كتاب مشتهى الأجيال: مصير العالم يتأرجح |
من كتاب مشتهى الأجيال: يأس المخلص |