القديسة تاييس
التوبة تجعل الزناة بتوليون، تدخـل مخادع الزانيـات وتجتذب الزناة وتلدهم من حضنـها بتوليين للمسيح، تجتذب من الطرقات الى الملكوت هي تقلع الشجرة التى اثمارها سم الموت الشيخ الروحاني
نشأتها:
في مدينة الأسكندرية وفي القرن الثالث كان مولدها كانت مسيحية ولكنها كانت يتيمة الأب، ولم تكن والدتها تسير باستقامة قلب أمام الله فأستغلت جمال ابنتها البارع فألحقتها بعمل في السوق العام لتكسب الكثير، خاصة وأن الفتاة كانت ذلقة اللسان لبقة الحديث. تعرفت على أغنياء المدينة الذين قدموا لها الكثير عند قدميها من أجل شهواتهم الدنسة، وهكذا اشتهرت تاييس كإحدى الساقطات، تفتح بيتها للأغنياء الأشرار.
مع القديس بيصاريون:
إذ سمع عنها القديس بيصاريون أحد شيوخ برية شيهيت الكبار، وكيف صارت تاييس علة سقوط الكثيرين اشتاقت نفسه إلى خلاصها، فقدم صلوات كثيرة بدموعٍ ومطانياتٍ مع أصوامٍ من أجلها لكي ينتشلها الله من هذه الهوة. تخفى القديس بيصاريون وطلب مقابلتها، وإذ دخل حجرتها دار بينهما الحديث التالي:
+ ألا يوجد مكان أكثر عزلة أستطيع أن أحدثك فيه بحرية؟
+ فسخرت منه وقالت له:” إن كنت تخشى أن يرانا الناس فأطمئن لأنه لن يرانا أحد، أما إن كنت تخشى أن يرانا الله فالله موجود في كل مكان “.
+ فلما سمع القديس منها ذلك الكلام عرف المدخل إلى قلبها وبادرها بصوت حزين قائلاً:” هل تؤمنين حقًا يا ابنتي أن الله موجود، وأنه توجد مكافأة للفضيلة ومجازاة عن الخطية؟ فإن كنتِ تعرفين انه يوجد حكم ودينونة، كيف تتسببين في هلاك كل هذه النفوس؟ لأنه من أجل هذه النفوس الكثيرة سيكون عقابك أكثر “.
إذ شعرت تاييس بجدية الحديث، وتلامست مع نعمة الله الغنية، امتلأت خجلاً، ثم سقطت على الأرض لتنفجر في البكاء بلا توقف، وهي تقول: ” يا أبي، السماء هي التي أرسلتك. إني أعلم أنه توجد توبة للذين يخطئون. أريد أن أترك الحياة النجسة التي سلكت فيها منذ زمنٍ بعيد. أرجوك أن تساعدني على خلاص نفسي، وسأطيع أوامرك بكل دقة، ومهما قلت من أمرٍ سأفعله “.
صدق توبتها:
تهللت نفس القديس بيصاريون جدًا إذ رآها صادقة في توبتها، واتفق معها على موضع يلتقيان فيه. انصرف الأنبا بيصاريون ومسحت تاييس دموعها، وأخذت تجمع ملابسها وكل أمتعتها، وجاءت بها إلى السوق في وسط المدينة وأشعلت فيها النيران، وهي تقول: “تعالوا يا جميع رفاق السوء وانظروا، إني أحرق أمام أعينكم كل هداياكم وتذكاراتكم وكل ما جمعته في حياتي الشريرة…”.
انطلقت إلى القديس بيصاريون ليرشدها، فأتى بها إلى بيت للعذارى حيث أخذت قلاية صغيرة كانت تتعبد فيها ليلاً ونهارًا بنسكٍ شديدٍ.
ذهاب القديس بيصاريون إلى الأنبا أنطونيوس:
بعد ثلاث سنوات التقى القديس بيصاريون بالقديس أنبا أنطونيوس الكبير، وروى له قصة تاييس التائبة، وسأله إن كان الله قبل توبتها أم لا. طلب القديس أنبا أنطونيوس من بعض تلاميذه أن يصلوا لكي يكشف لهم الرب أمرها. وبالفعل رأى القديس بولس البسيط كأن كرسيًا مجيدًا لم يجلس عليه أحد بين كراسي القديسين، أمامه ثلاثة ملائكة يمسك كل منهما سراجًا وإكليلاً بهيًا ينزل عليه.
إذ رأى القديس بولس ذلك ظن أن هذا الكرسي لأبيه القديس أنطونيوس فقيل له:
” هذا العرش لتاييس “.
في الصباح انطلق القديس بولس يروى للقديس أنبا أنطونيوس رؤياه، وإذ سمعها الأنبا بيصاريون فرح جدًا واستأذن منصرفًا، ومضى إلى بيت العذارى ليخرج تاييس من قلايتها الصغيرة الحبيسة فيها، أما هي فبانسحاق ترجته أن يتركها فيها حتى يوم انتقالها.
لم تبقَ في القلاية سوى حوالي أسبوعين، حيث مرضت وأسلمت روحها في يديْ الله، وقد تركت لنا مثلاً حيًا لعمل الله الفائق في حياة الإنسان مهما كانت شروره ونجاساته!
وتحتفل بها كنيستنا القبطية الأرثوذكسية فى اليوم الثاني من شهر مسرى، بركة صلواتها تكون معنا جميعًا آمين.